رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع عشر
كانت كلماته مثل الصاعقة الكهربائية عليها، حدقت به بصدمة وشعرت ان هذه مجرد تهيئات ليس إلا، خبطت على اذنيها بأطراف اصابعها برفق علها تفيق من هذا الحلم وتسمع جيداً ولكن دون جدوى، كان عمر يتابعها بنظره وهو متوقع ذلك، نطقت بصعوبة وهي فاغرة شفتيها بصدمة.. هآآآه ي يعني ايية! رفع حاجبيه ثم اعاد كلماته عليها مرة اخرى بهدوء شديد.. قولت تتجوزيني يا شهد، يعني تكوني مراتي على سنة الله ورسوله.
كانت قلبها في قفصها الصدرى يكاد يقفز من السعادة ولكن، ولكنه لا يحبها، كان قلبها يدق بسرعة وشعرت ان حلقها جف، نظرت له وحاولت ان تظهر الجمود، فأردفت بصوت قاسي قائلة.. اسفة، لا طلبك مرفوض يا استاذ عمر كان بالنسبة له هذا الرد متوقع، هز رأسه ولم يتخلي عن هدوئه للحظة، مسح طرف انفه بأصبعه ثم تابع برزانة.. للأسف معنديش اجابة فِي قاموسي أسمها لا يا انسة شهد عضت شهد شفتاها السفلية ثم استطردت بغيظ مكبوت..
وانا مش موافقة ابقي وريني هانتجوز ازاى يا استاذ عمر نهض عمر من مجلسه ثم تقدم بأتجاهها وجلس بجانبها لا يفرق بينهم سوى بعض السنتيمترات، زاد توتر شهد واصبحت تفرك في اصابعها، مد عمر يده واخذ يتحسس وجنتاها برفق وامسك وجهها بين كفيه ثم اقترب اكثر وقبلها بشغف وبعد ثواني ابتعد ليجدها تغمض عيونها، نجح فيما اراده ورأى تأثير فعلته عليها.. قال بصوت جاد: بكرة هأجيب المأذون.
لم تنطق هي، اصبحت مثل المغيبة، ابتسم بخبث ثم نهض ليتجه لغرفته في الأعلي تاركاً اياها تفكر في مصيرها معه.
في منزل رضوى، في البلكون كانت رضوى تجلس على كرسي على الطرف وعبدالرحمن على الطرف الاخر كانت تنظر للأسفل بملل بينما هو ينظر لها بتدقيق وهو متعجب من كل شيئ يحدث، هل هذا الزواج رغماً عنها، هل هي مجبرة ان تبقي معي باقي العمر، هكذا حدث نفسه قبل ان يهتف بصوت اجش قائلاً.. احم ازيك يا انسة رضوى رفعت رضوى ناظريها ونظرت له لأول مرة ثم اجابته بهدوء.. الحمدلله، وانت؟
ابتسم عبدالرحمن ابتسامة بسيطة لانها بدأت ان تتجاوب معه ثم تابع بحماس قائلاً.. الحمدلله بخير، ممكن اعرف رأيك فيا رفعت رضوى شفتيها السفلية بتهكم ثم اردفت بسخرية واضحة.. وهايفرق في اية رأيي اذ كان الفاتحة اتقرأت وخلاص زمانهم بيحددوا كل حاجة جوة شعر بالإهانة من كونها مجبرة على الزواج منه، حاول لملمة ما تبقي له من كرامة كرجل شرقي فقال بجدية.. خلاص لو مش موافقة ممكن اخرج اقولهم كل شيئ قسمة ونصيب.
تذكرت نظرات والدتها وكلامها الحاد ومعاملة مها معها فقررت الموافقة ف على الأقل سترتاح من كل هذه المشاكل، زفرت بضيق ثم استطردت بتوضيح.. آآ لأ ماكنش قصدى كدة، انا بس اتضايقت عشان عملوا كل حاجة من غير ما يسألوني اتسعت ابتسامته ثم اردف بتساؤل يشوبه بعض القلق.. يعني افهم من كدة انك موافقة ايوة موافقة هتفت بتلك الجملة وهي تنظر للسماء بحزن دفين ثم زفرت بضيق ظهر على وجهها...
بينما تنهد عبدالرحمن بأرتياح فأخيراً هو الاخر سيحقق رغبة والداه في الزواج مم فتاة محترمة جميلة.. حاول فتح اى مجال للحديث فتابع قائلاً.. اية المواصفات إلى عايزاها تكون ف زوجك المستقبلي فهمت رضوى مقصده فأبتسمت ابتسامة صفراء ونظرت له وردت ب.. اولاً طبعا يتقي ربنا فيا ويكون حافظ القرءان او على الأقل بيحفظه ويكون شاريني وآآ، وبيحبني ويكون طبعا محترم ويعاملني كويس هز رأسه بهدوء ثم قال برضا..
تمام جداً، الحمدلله انا فيا الصفات دى وربنا يقدرني واكون حسن زوج ليكي شعرت بالراحة قليلاً من الحديث معه ثم اومأت برأسه بأبتسامة بسيطة.. تنحنح هو ثم سألها بهدوء.. حابة تعرفي حاجة معينة عني؟! هزت رأسها نافية فأبتسم هو ثم نهض وهو يقول.. يلا نطلع ونبلغهم الموافقة اومأت برأسها ايضاً دون ان تتحدث فأستدار هو واتجه للداخل ولحقته هي بهدوء للخارج..
في الفندق ( غرفة مصطفي )، كان مصطفي مسطح على الفراش يفكر في شهد، يتخيلها زوجة له وله ابناء منها يعيشون حياة سعيدة، ولكن ما ان تذكر نفورها منه حتى ظهر الغضب على معالم وجهه، زفر بضيق شديد ثم امسك بالهاتف الخاص به واتصل برقم ما ثم وضعه على اذنه منتظراً الرد، اتاه صوت الشخص بعد ثواني قائلاً بترحيب.. الوو مصطفي باشا ايوة يا عبدالله كيفك؟ بخير الحمدلله وانت اية اخبارك يا باشا.
تمام، كنت عايز خدمة تاني منك اؤمرني يا برنس عايز كام راجل من رجالتك امممم تمام بس فين يجوا القاهرة تمام بس كله بحسابه يا باشا اكييد ماتقلقش تمام ممكن العنوان بقا فندق (، ) وهبعتلك العنوان ف رسالة في الانتظار، سلام سلام.
اغلق مصطفي ثم ارسل عنوان الفندق بالتحديد لعبدالله، ليتنهد عبدالله ويأمر رجاله ان يسافروا القاهرة سريعاً ويعيطيهم ذاك العنوان، فينطلق بعض الرجال ذو العضلات البارزة والجسد الممشوق، ركبوا السيارات ثم انطلقوا إلى القاهرة... اخذ مصطفي يحدث نفسه وهو يتوعد لشهد ويحمس نفسه بأنها ستكون له حتماً وان ما قالته ليس إلا كذب ليتركها، همس بأصرار وجمود قائلاً..
مضطر اخطفك بجا يا بت عمي ومش بعيد اجتل إلى بتجولي عليه دة...!
اخبر عبدالرحمن الاهل بالموافقة وتهللت اساريرهم خاصة والدة ادرضوى التي كانت تعتقد ان رضوى لن تجعل هذه الزيجة تتم، اتفقوا على ميعاد الخطبة وتقريباً كل شيئ خاص بالزواج ورضوى لم تنطق بكلمة ابداً كانت مثل ضيف الشرف وليست العروس، شعرت والدة عبدالرحمن انها مجبورة ولكنها تجاهلت احساسها وقالت لنفسها بفتور اكيد دة خجل بس ، انتهت المقابلة بسلام وخرج اهل عبدالرحمن وغادروا المنزل، كانت سعادة مها لا توصف كأنها هي من ستتزوج ولكن ليس من حبها لأختها بل لأن كل شيئ سيكون لها حتماً ولكن، بعد وفاة والدتهم فقط..!
في منزل عمر، لم تنام شهد طول الليل ظلت تفكر كيف صممت هكذا، كان يجب ان تنهره وترفض ولكن، نجح فيما اراده ورأى تأثير فعلته عليها، ظلت تفكر طول الليل وعزمت على تنفيذ ما قررته ثم غطت في نوم عميق..
بينما في الصباح استيقظ عمر بنشاط ودلف إلى المرحاض واغتسل وبدل ملابسه وارتدى بنطال من اللون الاسود وتيشرت من اللون الاحمر وجفف شعره ووضع العطر الخاص به ثم اخذ هاتفه وامواله ثم اغلق النور والباب وهبط للأسفل ببطئ ليجد شهد مازالت نائمة، اقتربت منها واخذ يتفرس ملامحها كانت مثل الملاك الهادئ، ملامحها جميلة للغاية، لأول مرة يقترب منها إلى هذا الحد، كانت هناك خصلة مش شعراتها هاربة إلى وجهها، مد يده بتردد وابعد الخصلة عن عيناها ثم تحسس وجنتاها برفق، فجأة ابعد يده بسرعة عندما تذكرها وكان يلوم نفسه وبشدة على فعلته هذه نهض ثم هتف بهدوء قائلاً..
شهد، شهد قومي لم تستجيب له فأقترب قليلاً ثم وكزها في ذراعها بخفة لتفيق ولكن فجأة وجدها تتشنج وتصبب عرقاً، تعجب بشدة فوكزها مرة اخرى لتستيقظ هي بصياح يشوبه الخوف قائلة.. لااااا ابعد عني لااااا عممممر اقترب عمر بسرعة وظل يهزهت برفق وهو يقول بهدوء.. شهد فوقي اهدى مفيش حاجة ظلت تتنفس بسىرعة وهي تضع يدها على صدرها بخوف، ظل ينظر لها بهدوء، حاولت ان تجمع شتات نفسها، اردفت بصوت اشبه للبكاء.. كان حلم وحش اووى.
سألها عمر بفضول: حلم اية دة؟ تذكرت محاولة الاعتداء التي تعرضت لها ثم انهارت امامه وظلت تبكي بصوت حاد وهي تتذكر نظراتهم ومحاولة ذاك الرجل، نظرت لعمر بغضب ثم تابعت وسط دموعها.. انت السبب انت إلى سبتني هناك، كنت هضيع بسببك انت ظلت تهذى بالكلمات هكذا وهي تبكي واحياناً تسب عمر وهو صامت حتى تهدأ ولكنه شعر انها لن تهدأ، ظهر الغضب على وجهه فزمجر وهو يحدقها بنظرات نارية قائلاً..
اهدى بقااا، انت سبتك هناك لمصلحتك، ومكنتش اعرف ان في حد ممكن يروح هناك ولو كنتي فضلتي هنا كان هايحصل لك حاجة اسوء من كدة صمتت شهد بصدمة ومسحت دموعها بيدها بسرعة وهي تقول بتساؤل.. يعني اية فهمني!؟ نهض عمر وهو ينظر للفراغ ثم اخذ يتذكر ما حدث جعله يفعل ذلك ولكنه استطرد حديثه بنبرات قاسية قائلاً..
مش هاينفع تعرفي اى حاجة دلوقتي، كل حاجة هاتعرفيها في وقتها احسن، وماتفكريش انى هتجوزك لجمال عيونك لأ خالص انتي من النوع إلى يعجبني شعرت بغصة في حلقها بسبب كلمته التي جرحت كرامتها كأنثي، اغمضت عيونها بألم محاولة ان تتغاضي عن كلمته ثم تابعت بحزن واضح.. امال اييية فهمني، انت كل حاجة غامض فيها، من حقي اعرف لية بتساعدني ومن حقي اعرف لية ودتني هناك ومن حقي اعرف ليية انقذتني ولية عايز تتجوزني...!
لم يرد عمر فعزمت على تنفيذ شيئ ما ثم هتفت بصرامة وجدية قائلة.. لو ماقولتليش كل حاجة يبقي انا لازم امشي يا عمر زفر عمر بضيق واخذ يفكر قليلاً ثم استدار ونظر لها بهدوء كأنه هدوء ما قبل العاصفة، صمت لثواني ثم قال بكل هدوء يشوبه بعض البرود.. مأقدرش اقولك غير إني بشتغل قاتل يا شهد...!