رواية لمن يهوى القلب الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع عشر( رواية بونسوار سابقا )-أنت مالكش حكم عليا ومتعالمنيش بالهمجية دي !كانت جملتها القاسية تلك مُوجهة لـ شقيقها حـازم الذي برقت عينيه بوهج شرس غاضب، ليهوى بصفعة عنيفة فوق وجنتها تليها صفعة أخرى مع قوله الحاد:-إومال مين له حكم عليكِ؟ , أنتِ خلاص عيارك فلت بس أنا هعلمك الأدب يا رغدة أوعي تكوني فاكرة إني ممكن أسيبك تمشي على كيفك!بكِت رغـدة بقلة حيلها وجراء تألمها من صفعتيه القويتين، لتقول من بين دموعها:-بابا الله يرحمه بس اللي كان من حقه يعمل كدا،لكن أنت لأ،احكم مراتك متحكمنيش ..فقال حازم ساخرا:-سيبك من كل الكلام الفارغ دا اللي مش جايب همه، كأني مش سامعه أصلا،خروج من البيت مافيش جامعة مافيش،مافيش أي حاجة، ولو جدعة إبقي خطي برجلك برا عتبة الباب وإن مقطعتهاش قولي على أخوكي مش راجل يا رغدة ..أنهى كلامه وانصرف في عصبية تامة، بينما واصلت رغـدة بكاؤها العنيف ..في حين كانت والدتها السيدة فوزية تجلس مُتفرجة فقط ..لم تتدخل حتى بكلمة واحدة لأنها ترى ابنتها على خطأ... هذا أفضل لها حتى وإن كان يُمزق قلبها الآن .. فـ غدًا ستفهم جيدًا ..-"بنــچور" ..كانت هذه كلمة تمــارا التي انضمت إلى مائدة الإفطار التي أعدتها السيدة چيهان كعادة كل صبـاح، بينما قالت السيدة چيهان بهدوء:-صباح الخير يا تمارا ..ولم تتكلم ملك التي كانت تجلس على كرسيها،في حين وضعت تمارا كف يدها على بطنها ومسحت عليها برفقٍ مع قولها:-طول الليل يا طنط چيهان والبيبي بيلعب بجد مش عرفت أنام كويس!چيهان مجيبة عليها بجدية:-آه ما أنتِ بقى دخلتي في الشهر الخامس، لازم تستعدي لأنه هيتحرك كتير ..ضحكت تمارا متابعة بمزاح:-شكله هيكون شقي أوي.أتى أدهم في هذا الحين ليشاركهن طعام الإفطار وهو يقول بنبرة هادئة:-صباح الخير ..فردت ملك على الفور تبادله:-صباح النور ..منحها ابتسامة عابرة وبدأ تناول طعامه، بينما هي لا تصدق أنه يبتسم لها من جديد، فيما تشتعل نيران الغضب داخل تمـارا التي ضاقت عينيها بوميض شرس، لكنها حاولت أن تبدو طبيعية وهي تقول برقة:-أدهم حبيبي النهاردة لازم نروح للدكتور عشان أنا حاسة بارهاق.أومأ أدهم برأسه قائلا:-تمام، بس أنا النهاردة بصراحة مش فاضي يا تمارا، ممكن تروحي مع ماما أو مامتك أنتِ براحتك بقى ..كشرت تمارا عن جبينها, بينما تقول والدته چيهان بجدية:-بصراحة أنا كمان مش فاضية النهاردة يا أدهم أنا راحة لـ ميرال، دي وحشتني موت، مش هقدر يا تمارا سوري حبيبتي ..زفرت تمارا بحنق وراحت تخبره بضيق:-بس أنا عاوزة أروح معاك أنت يا أدهم فضي نفسك no problem يعني، دا ابنك وأهم من الشغل ولا الشغل أهم ..نهض أدهم عن كرسيه بعد أن أنهى طعامه بينما يخبرها بحزم:-إبني أهم طبعا، بس برضوه مش فاضي النهاردة،تقدري تنستني لما أفضى لو وجودي هيريحك أوي كدا تمام؟! ..سلام!انصرف ونهضت هي تاركة الطعام بغضب، فضحكت السيدة چيهان مع قولها::-ربنا يهديها، بقولك إيه يا ملوكة إيه رأيك تيجي معايا عند ميرال؟!ملك بنفي:-لا معلش أعفيني أنا يا طنط، حاسة بارهاق كدا وهطلع أريح شوية..-على راحتك حبيبتي ...تخجل الأنثى دائماً أن تبوح بمشاعرها الخاصة لأحد، ربما تشعر بما يؤرقها لكنها تخجل أن يعلم أحد ..ماذا تقول خاصةً وإن كانت المشاعر التي تؤرقها تلك تخُص أمر "الزواج"!بماذا تنطق ومن سيتفهم تلك المشاعر ..؟أتريد رجل؟!أهذا فقط حُلمها ؟! ..سيقولون ويتساءلون ويُئنبون!ستسمع ما لا يُحصى عدّه من الكلمات .."الزواج نقمة" وحالك أفضل ..الزواج حِملا ثقيلا يقسم الظهر ويشطر القلب إلى نصفين...فماذا عن كلام الله!"ومن ءاياته أن خلق لكم من انفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون"هذا يعني أن الزوج سكن لزوجته والزوجة سكن لزوجها سكن تغشاه المودة والرحمة ...فتنبت جذور الايمان في هذا السكن وينمو بشكلٍ يرضي الله ..لمَ أخشى أن أبوح بأنني أريد الزواج ؟ ..فلا هي معصية ولا هي فاحشة!فلمَ قال عليه البعض أنه نقمة وقد وصفه البعض الآخر بأنه لعنة ...؟!-كانت تلك كلمات خرجت للتو من صميم قلبها على الأوراق الخاصة بها والتي لا يعلم عنها أحد غيرها، فشعرت "چنا" بعد هذا البوح أنها تتنفس هواءً جديدًا أراح نفسها ..لتقوم وتخبئ أوراقها أسفل ثيابها في دولابها الخاص، وعادت إلى النافذة تتابع الشارع بعينيها المليئتين بكل ما تحمل داخل قلبها ..طُرق الباب فجأة فالتفتت متجهة إليه وفتحته بهدوء، ليدخل "علي" بطلته المُشرقة قائلا بمراوغة:-ممكن ادخل يا آنسة چنا ؟أومأت برأسها وقد افترت شفتيها عن ابتسامة هادئة، حاوط علـي كتفيها بذراعه في حنان أخوي،وجلس بها على سريرها ليقول هادئا:-ها الجميل أخباره إيه؟-تمام ..هكذا قالت بتنهيدة طويلة، فقال مشاكسا مرة أخرى:-الأفضل نقول الحمدلله،. هفضل أعلم فيكي لحد امتى؟ضحكت رغما عنها مع قولها:-الحمدلله يا سيدي، حلو كدا؟هز رأسه معجبا وقال:-حلو جداً، ممكن أعرف بقى يا ست چنا إيه اللي مضايقك كدا على طول؟! ليه شايف الحزن في عينيكي دايما؟ارتبكت في قولها:-مافيش ..عادي ..-مافيش وعادي؟!لا يا چنا فيه ومش عادي، بصي يا چنا اوعي تفتكري إني مش حاسس بيكي أو مطنشك ..بالعكس خالص، أنا بس سايبك على راحتك ..عارف إنك خجولة جواكي كتير،عصبيتك اللي بتطلعيها مع ميرال أو معايا أو ماما حتى دي بسبب حاجات كتير ..اولها وفاة بابا مظبوط كدا؟ ..هزت رأسها وقد نظرت إلى الأرض ولألأت عينيها بالعبرات ...ليُكمل علي بابتسامة:-كمان فيه أسباب تانية زي الروتين اليومي الممل ..زي إن الكل بيتحرك من حواليكي وأنتِ واقفة مكانك ... زي إن صحباتك كلهم اتخطبوا واتجوزا وخلفوا وأنتِ لسة مظبوط؟!نظرت له بصدمة تشوبها الخجل الشديد، ابتلعت ريقها بصمت ..ليقول علي:-أنا أخوكي يا چنا ..متربيين مع بعض على الحلوة والمُرة زي ما بيقولوا فطبيعي أحس بيكي وبمشاعرك حتى لو مشاعرك دي هتخليكي تتكسفي مني، صدقيني أنا حاسس من غير ما تتكلمي ..بس يا حبيبتي كله مقدر ومكتوب فوق عند ربنا ...وربنا مبينساش حد رزقك وهديتك الحلوة على صبرك هتجيلك صدقيني ..طال صمتها ولم تقدر على النطق بكلمة واحدة خجلا من شقيقها.. فراح يحتضن وجهها بين كفيه قائلا بابتسامة:-تعرفي؟،أنا فخور بيكي جدا .. عارفة ليه؟, عشان صونتي نفسك رغم كل حاجة ..مفكرتيش في حاجة غلط ..صبرتي عارف إن الصبر دا حاجة مش اي حد يقدر يتميز بيه ..لكن أنتِ كنتِ قدها ..صامدة كدا وقوية وكل يوم بتكبري في نظري رغم تصرفاتك الأخيرة اللي خلتني أزعقلك أو أعاملك بحزم ..ابتسمت چنا وقالت بلا تردد:-شكرا يا علي ...أنا والله ماليش غيرك أنت وماما متزعلش مني على أي حاجة عملتها ..-مش زعلان منك طبعا يا عبيطة، المهم إنك تفرفشي وتنسي أي حاجة وترمي ورا ضهرك أوك ؟!أومأت برأسها موافقة فيما تقول برفق:-حاضر ...خرجت ملك من غرفتها واتجهت إلى درجات السلم، بينما لحقت بها تمــارا التي نادت عليها بشراسة مستغلة أنها بمفردها معها، سيكون الحديث أفضل في عدم وجود السيدة چيهان التي خرجت لتوها من القصر، راقبتها ملك بعينين حادتين وهي تتجه نحوها بتمهل ..لتقول باستهجان:-شيفاكي لسة عندك أمل إن حياتك مع أدهم ترجع تاني، ومتمسكة وعنيدة ..- أنتِ مالك ؟!، يخصك في إيه؟!؛ضحكت تمارا بتهكم شديد:-يخصني في إيه؟! دا جوزي يا حبيبتي ..وأنتِ مجرد فترة في حياته وهتنتهي .. أنا الأصل وهفضل طول عمري الأصل .بادلتها ملك سخريتها تلك بسخرية مماثلة، لتخبرها ..بل تُذكرها:-أنتِ الأصل؟!, أنتِ؟! ...لا أنا الأولى في حياته وأنتِ الدخيلة ..عارفة يعني إيه دخيلة؟ يعني بالبلدي كدا وبمستوايا أنا مش مستواكِ أنتِ ... "رميّة" معندكيش كرامة ..وفضلتي معاه بالغصب ..ووقعتي بينا عشان بس تفوزي ..أتمنى تكوني مرتاحة كدا ومبسوطة من تفكيرك الشيطاني اللي زيك ..اشتعلت عينيها بوهج غاضب للغاية، لتهتف بكبرياء::-آه ما أنتِ تربية حواري كدا زي ما بتقولوا أنتوا بمستواكي ..دا إن كنتي اتربيتي أصلا .. أنتِ مجرد واحدة ملكيش تمن..لم تتحمل ملك حينها تلك الإهانة فـدفعتها ملك بعنف جراء كلماتها اللاذعة فقد نفد صبرها، لكنها لم تدرك أن الدرج خلفها، وأنها ستسقط من أعلاه إلى أسفله بهذه الطريقة وستفقد وعيها تماماً...دخل "علي" إلى المطبخ فجأة لتتسع عينيه بصدمة،حيث شهقت "ميرال" وقامت بخفي شيء ما خلف ظهرها، وقد علم ما تخفيه هي "شوكولاتة" تلك لعنة حياتها ...لتجعله يثور عليها صائحا:-أنتِ بتهزري يا ميرال؟،لا أنتِ كدا مبتفهميش ..عاوزة توصلي لأيه؟ عاوزة تموتي ؟ معقول أنتِ بتفرطي في صحتك بالشكل دا؟نظرت إلى الأرض بصمت وحزن ولا تجد من الكلام ما تتفوه به الآن، لتنتفض صارخة حيث أطاح علي بالأطباق الموضوعة على رخام المطبخ في عصبية تامة ...التصقت في الحائط خوفا منه وارتجفت بشدة، لتأتي والدته من خلفه وچنا يحاولان تهدئته ...لكنه تابع بحزم:-أنا مش هتعامل معاكي تاني، عشان أنتِ مستهترة ومهملة ..ومش فاهمة أي حاجة في أي حاجة ..لسانك ميجيش على لساني أنتِ فاهمة ولا لأ .. ؟انهمرت عبرات ساخنة من عينيها المتعبتين.. ولم تجرؤ على قول شئ أيضا ..بينما هو تركها متجها إلى خارج المطبخ ..فأسرعت والدته تضمها إليها وتربت على ظهرها برفق مع قولها الحاني:-علي خايف عليكِ يا ميرال يابنتي أنتِ عارفة كويس إيه اللي هيحصلك بسبب السكريات يا حبيبتي أنتِ بتضري نفسك كدا !لم تجد منها رد ..فقط شهقات خافتة كانت تخرج منها، ماذا تفعل عندما تشتهي اكل ما تحب ..؟, لقد سئمت مرضها الذي حرمها من أبسط الأشياء ..وجعلها مهددة بين الثانية والأخرى...بعد مرور ساعة ...انطلقت سيارة الإسعاف تحمل تمارا إلى أقرب مستشفى، وقد أخبرت ملك زوجها أدهم والسيدة چيهان أيضا التي عادت من منتصف الطريق في قلق بالغ..وهناك بعد أن وصلوا إلى المستشفى جميعا قد أخبرهم الطبيب أنها في حالة خطر جراء هذه الوقعة العنيفة ..وأن الطفل الذي يسكن أحشائها في خطر شديد أيضاً.. ربما تفقده ...جن جنون أدهم فهو يشتاق لأن يرى مولوده وليس بغنى عنه مهما كلفه الأمر !ليقول بتوسل:-أرجوك إعمل اللي تقدر عليه أرجوكليقول الطبيب بمهنية:-حاضر يا فندم خير إن شاء الله..ربتت چيهان على كتفه بمواساه ..بينما هو التفت إلى ملك التي كانت تناظره بريبة شديدة وتزدرد ريقها فها هي الأمور تزداد سوءا..لتقول بخوف شديد:-مـ مكنش قصدي ..والله ما كان قصدي ..تراجعت للخلف عندما وجدته يقترب وظنت للحظة أنه سيضربها ..سيحطمها ..سيعلمها كيف يكون عقابه بعد أن كادت تقتل إبنه ...لكنه خالف كل توقعاتها ..بل أطاح بها أرضا ..حين صرخ بوجهها وألقى قنبلته بلا رحمة:-أنتِ طالـــق...!-أدهـــم !هتفت والدته بغير تصديق به ..أما هو فقد أدمعت عيناه وكأنه طعن نفسه وقلبه !وعنها هي !هذه الكلمة -لها- كانت الطعنة ...الناهية ..هل هذه الكلمة كانت موجهه لها هي ليس غيرها؟طلقها أدهم ؟حركت رأسها بعنف شديد وركضت ببكاء شديد كما لم تبك من قبل ..سارت تركض في الطريق بغير هدى والدموع تسيل من عينيها المكسورتين بعد أن تلقت منه تلك الكلمة التي كانت بمثابة صفعة على قلبها, وكأنه شطر قلبها إلى نصفين وقضى على أملها الضعيف في رجوعه لها ..لقد خسرت أدهـم إلى الأبد ...كيف ستواصل حياتها الآن؟كيف ستعيش ..؟وإلى أين تذهب؟ ..حطّم حياتها أدهم ..أخرجها من حياته لأجل تمارا .. إذًا فازت تمارا به ..وهي !هي خسرت كل شيء...وعليها الآن الرحيل بلا عودة ...
رواية لمن يهوى القلب الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الخامس عشر( رواية بونسوار سابقا )"اسبوعين ..قد مرّا"مرّا على أدهم كعامين ..عامين من الحزن كما لم يحزن من قبل ..ما الذي يحدث من حوله؟أي لعنة حلت عليه وتركته حُطام هكذا ؟ ..لمَ انقلبت حياته رأساً على عقب في غمضة عين ؟!وبات مهددا محطما لا يقوى على العيش مجدداً!هل بالفعل طلق زوجته "ملك" ؟! بهذه السهولة استطاع الاستغناء ..!لم يعرف عنها شيئا من ذلك اليوم ..أسبوعان كاملان..لا يعرف إلى أين ذهبت ..وما حالُها الآن ..كيف تعيش ..ماذا تفعل؟!لم يستطع حتى الاتصال بها ..هي قتلته مرتان ..لم تنجب منه بكامل إرادتها...وكادت تقتل ابنه عمداً ..هكذا ظن!شعر بنفسه يضيق عليه أكثر ..إنها الحسرة ..هو يشعر بالحسرة..الخسارة ..ولا شيء بعد ذلك!دخلت والدته السيدة چيهان ..وهي في حالة حزن وضيق من أمر إبنها الأكبر ..هو قارب على الضياع ..كلا هو بالفعل ضائع!عيناه حمراوان بلون الدماء ..وملامحه مجهدة وبقوة ..لا يتكلم ..لا يأكل جيدا ...لا يعمل ..لا ينظر حتى إلا للفراغ ..الفراغ؟! وأي فراغ تركته ملك ...فراغ أشبه بالجحيم ..-أدهم؟نادته والدته بخفوت ..ربتت على كتفه وتابعت قائلة:-ما هو كدا مش هينفع ..أمسك نفسك هو اللي أنت فيه دا هيعمل لك إيه؟, متبقاش سلبي متعودتش عليك كدا!لم تتلق منه رد أيضا ..فقط صمت ..لكنه أغمض عينيه هاربا من أي نظرة عتاب منها أو لوم ..فيسمعها تستكمل:-طب على الأقل شوف تمارا اللي خرجت ولا عملت حساب لصحتها واللي في بطنها!لا رد أيضًا...فخرجت بيأس من الغرفة وتركته مجددًا في عتمته ...-بشويش عليها يا حازم ..مش كدا!أردفت ساندرا وهي تجاور زوجها حازم في جلسته ..بينما يتنهد بضيق ويُخبرها:-دي بتقولي مالكش حكم عليا! ..إزاي بتكلمني بالطريقة دي؟ساندرا متفهمة وضعه وبهدوء أضافت:-ما هو أنت برضوه ضربتها جامد يا حازم ...وبدون ما تتناقش معاها الاول، كان لازم تفهمها بهدوء غلطها وهي كانت هتتقبل ..هتف بعدم اقتناع:-هدوء إيه؟, دي قليلة الرباية..لازم أربيها ..-يا حازم التربية مش ضرب ..يا أخي متبقاش عنيف كدا اسمعها وحس بيها ..حازم بلهجة تهكمية:-ياما سمعتها ..مافيش فايدة ..كل لما بتكلم معاها بلاقي عندها طمع رهيب ...دايما طلباتها مبتخلصش ...عاوزة كل حاجة ...مش راضية باللي ربنا قسمه!ربتت ساندرا على يده وقالت:-جرب تتكلم معاها دايما متيأسش يا حازم ..في الأول والأخر أنت المسؤول عنها والعصبية اللي أنت فيها دي هتتعبك وتتعبها ..معلش خليها عليك أنت برضوه أخوها الكبير في مقام باباها الله يرحمه ..تنهد بثقل وراح يهز رأسه موافقا على كلامها ..ثم أغمض عينيه متعبا ...لتقول ساندرا بهدوء:-طب أنا هروح اتكلم معاها ..جلست في غرفتها تتصفح تطبيق "الفيسبوك" عبر هاتفها الخاص, تتابع أخبار أصدقائها عليه بابتسامة وشغف, حيث أعلنت احداهن عن موعد عقد قرانها ,ابتسمت بهدوء وشعرت بالحنين ..مشاعر كثيرة تسربت إلى قلبها ..ودعت أن يمنح صديقتها تلك السعادة ..أغلقت "چنا" الهاتف ونهضت خارجة من الغرفة, توجهت إلى صالة المنزل حيث توجد والدتها ...جلست قبالتها وهي تقول برجاء:-ماما ممكن أخرج؟والدتها باستغراب:-تخرجي تروحي فين يا چنا؟-أي حتة النادي الحديقة اتمشى حتى أي حاجة يا ماما بجد اتخنقت من قعدة البيت ..-يا حبيبتي طب هتخرجي لوحدك إزاي ...چنا بتنهيدة طويلة:-يا ماما ما أنا معنديش صحاب خالص، عشان خاطري..تابعت السيدة سميرة برفق:-طب إيه رأيك تخرجي مع ميرال؟-ميرال من يوم ما علــي سافر وهي مش بتخرج من أوضتها ومش بتتكلم أصلا معانا ..وزعلانة عشان علـي مشي وهو مخاصمها ..تنهدت الأم بصوت عالي وقالت:-طب خلاص انزلي وخلي بالك من نفسك بس عرفيني هتروحي فين؟-هروح النادي يعني ساعة ساعتين كدا مش هتأخر يا ماما ..-ماشي يا حبيبتي،يلا قومي ..نهضت چنا وهي تبتسم باتساع لوالدتها ثم قبّلتها بامتنان واندفعت إلى غرفتها كي تبدل ثيابها...وفي غرفة "ميـرال" ..كانت تجلس في شرفتها وهي ترتدي حجابها الذي باتت تعشقه منذ أن تزوجت ..وبعينيها لمعة من الحزن ..حيث أن "علي" يُحادثها دائماً باقتضاب ...يسألها عن موعد علاجها... ونظامها الغذائي فقط ..لا يغازلها كعادته ولا يمرح معها ..لا يُدللها كطفلته كما يفعل دوماً..ابتسمت ميرال ..رغم كل شيء يهتم بها ..حتى في غضبه منها !..لقد اشتاقت حقا له وللغاية ..لذا التقطت هاتفها وحاولت الاتصال به ..مرة ...وفي الثانية وصلها صوته الحبيب ..وهو يردد كعادته مؤخراً باقتضاب:-نعم؟فقالت بتنهيدة عميقة حملت اشتياقها له:-كفاية بقى يا علي ..بجد أنا مش عارفة أرضيك إزاي ..-أنا مسافر في شغل ..مش بتفسح يا ميرال يعني مش هعرف أكلمك تمام ..-لا مش تمام ..يولع الشغل يا علي !صرخت بنفاد صبر وهي تخبره بذلك, ليتنهد قائلا بهدوء صارم:-أنتِ بتزعقيلي يا ميرال؟تراجعت وخفضت صوتها متابعة:-مش بزعقلك ..أنت وحشتني أوي ..أنت هتيجي إمتى طيب؟رد بجدية:-كمان إسبوع ..-إيــــه! أنت بتتكلم جد؟-ميرال بجد مشغول اقفلي ...سمع صوت آناتها الخافتة ما أن أنهى جملته، وقد علم أنها تبكي الآن ..فقال برفق:-بطلي عياط ..هكلمك والله بعد ساعة ..أخلص بس عشان دلوقتي مش هينفع .. تمام؟مسحت دموعها وقالت هادئة:-هستناك ..بس أنا محتاجة أطلب طلب ممكن؟أجاب بجدية:-ممكن ..-عاوزة أروح القصر ..عاوزة أتكلم مع أدهم عشان ماما قالتلي إنه حالته صعبة أوي ..-ماشي بس خلي بالك من نفسك ومتتأخريش وإلبسي حاجة واسعة يا ميرال ومش ملفتة تمام؟ابتسمت بحب قائلة:-حاضر ..أي أوامر تانية؟ابتسم هو الآخر قائلا:-كلميني لما توصلي وبعد ما ترجعي ..ومتاكليش أي حاجة هناك عشان لو كلتي هعرف ..-حاضر ..إيه تاني؟-اقفلي بقى عشان كدا خطر!أغلقت الهاتف وهي تضحك بعفوية، ثم نهضت ترتدي ملابسها بحماس...بونســـوار ...قالتها ما إن دخلت إلى القصر الآن، وكانت في حالة هيستيرية شديدة، تترنح يمنى ويسرى وبيدها لفافة تبغ تدخنها بلا مبالاة وكأنها لا تحمل بداخلها جنين!لم تنتبه إليه وهو واقفاً على بُعد عدة خطوات منها ..ينظر لها بصمت مريب ..عيناه جامدتان للغاية ..دندنت بخفوت وهي تتجه نحو الدرج،فاصطدمت به ونظرت إليه ...اشتبكت عينيه بعينيها وتبادلا النظرات ..ابتسمت تمارا آنذاك وهي تقول بلا اكتراث:-أنت هنا يا بيبي؟ ..حبيبي وحشتني ..اقتربت أكثر تعانقه باحتياج... احتياج له .. للمسة منه ..لعودته ..لكنه لم يبادلها ..بل أبعدها عنه مشمئزا..:-ابعدي عني ...،،، ثم صاح بها بشراسة شديدة:-أنتي إزااااي تتجرأي وتعملي كدا ؟ بتسكري وتشربي سجاير وأنتي حامل في ابني ؟ أنا طلقت ملك ...ملك مراتي عشان خاطر إبني فما بالك أنتي بقى هعمل فيكي ايه لو اللي في بطنك جراله حاجة ؟نظرت له بسخرية تامة ..أكملت تدخين لفافة التبغ إلى أن انتهت منها ..ألقتها على الأرض ودهست عليها بقدمها ..لتتابع بنفس السخرية:-للدرجة دي بعدها دمرك؟! .لسة بتحبها هي وبايعني أنا ! رغم كل اللي عملته عشانك!رد عليها بسخرية مماثلة:-إيه اللي عملتيه عشاني؟زاغت عينيها هنا وهناك ولا تعلم الرد!ما الذي فعلته تمارا لأجل أدهم؟!-إبني ..ها هي ترد عليه، متابعة بعصبية شديدة:-إبنيييييي هو دا بقى اللي أنا عملته عشانك يا أدهم يا جزار!ضحك بسخرية والتف موليها ظهره قائلا:-يعني عليه هيطلع يلاقي أمه إيه ؟ بتشرب خمرا ؟, سجاير؟ ..بتروح أماكن زي الزفت على دماغها زي الديسكو ؟ ..ونعم الأم بصراحة..كانت صامته ..صدرها يعلو ويهبط بفعل انفعالها ...صوت أنفاسها يعبر عن مدى غضبها الآن ..بينما يستطرد أدهم بشراسة قاسية:دا هيكون آخر كلام بينا ..لو رجعتي بالمنظر دا تاني هتطلقك ..وبالتلاتة ..أنا أصلا مش باقي عليكي وعمري ما حبيتك أنتِ واحدة دخلتي حياتي بارادتك أنتِ وغصب عني أنا ..فرضتي نفسك عليا وأنتِ واثقة إنك بالنسبة لي ولا أي حاجة .. أنا بقولهالك أهو أنا صابر عليكي عشان اللي في بطنك ولو حصله حاجة مش هكتفي بطلاقك وبس لأ صدقيني هعمل حاجات مش هتتخيليها ..!لقد اوجعها كلامه.. أهانها ..هو محق ..في كل كلمة وهذا ما يوجعها...-أنت بتهددني؟ ..بتجرحني بالكلام ؟ ..للدرجة دي يا أدهم أنا رخيصة عندك؟ ماليش أي مميزات؟ أنا فيا عيوب بس؟-أنا خارج الجنينة أشم الهوا عشان وجودي معاكي أكتر من كدا بيخنقني ..خرج بالفعل وتركها في حالة يُرثى لها ..سار في الحديقة كبركان قارب على الانفجار ..كعاصفة خامدة ..يشعر بالقهر ...وكأنه وقع بين نارين ...نار تمارا التي يخشى أن تكون ظُلمت معه رغم كل شيء..ونار ملك التي لن تنطفئ أبدا .. نار لن يستطيع أحد اخمادها ..ستظل تشتعل وتشتعل واما ان تقضي عليه فتجعله مجرد رماد ..أو تنطفئ بعودتها إلى أحضانه مجددا ..شعر بشئ خلفه ..التفت فإذا بشقيقته ميـرال تقبل عليه وتعانقه بحنان أخوي ..تربت على ظهره بمواساة ..وهو استسلم لعناقها باحتياج شديد ..بادلها العناق بصمت وخرجت منه تنهيدة معبرة ..ليقول بخفوت:-ميرال ..-حبيبي يا أدهم طمني عليك ..ابتعد عنها قائلا بتهكم:-زي ما أنتِ شايفة ..جذبته ميرال من يده وسارت به إلى أقرب مقعد قابلها مع قولها:-تعالى بس يا عم الحزين أنت ..أقعد كدا عشان نعرف نتكلم.. قولي بقى ليه عامل في نفسك كدا؟ ..الدنيا مش هتقف وأنت قد الصدمات يا أدهم ..اتعودت عليك قوي وقد كل حاجة ..مسح أدهم على وجهه براحة يده، بينما يخبرها بشبح ابتسامة مريرة:-أنا طلقت ملك يا ميرال .. طلقتها!تنهدت ميرال وقالت بجمود:-هو أنت زعلان وأنت اللي طلقتها بكامل إرادتك ...أنت حتى ماسمعتش منها إيه اللي حصل بالظبط ..مش يمكن تكون تمارا كذابة؟ ..وملك أصلا مزقتهاش يا أدهم!أغمض عينيه بلا حديث... محاولا الهروب من هذه الكلمات ..لكنها واصلت:-أنت عارف طلقت ملك ليه يا أدهم؟, عشان مجروح منها بسبب اللي حصل منها وحبوب منع الحمل ..لكن السبب مش عشان وقعت تمارا خالص... فمن صدمتك تصرفت بالطريقة دي..ازدرد ريقه بمرارة شديدة ..في حين ربتت ميرال على ذراعه وقالت:-أنا حاسة بيك يا أدهم جدا ..عارفة إنك في دوامة كبيرة ..بس لازم تصمد عن كدا وتقرر وتحسم مصيرك كويس ..نظر لها بهمٍ قبيل أن يردف بحزن:-خايف أكون ظلمت الاتنين معايا ..ملك لما اتجوزتها في السر ولما أعلنت جوازنا اتفاجئت هي إني أصلا اتجوزت عليها ...وتمارا !يمكن ظلمتها عشان مبحبهاش؟ وأهانتها كتير عشان مبحبهاش؟ ..منكرش إني بجرحها بالكلام كتير... بس برضوه هي إنسانة مستفزة وأوي ..عمري ما حسيت حتى اني متعاطف معاها ..دايما مشمئز منها ..كاره وجودها ..غصب عني مش بايدي ..والله مش بايدي ..حاولت أقرب منها لما كنت بعاقب ملك ..بالفعل قربت بس حسيت إني مخنوق ..ندمان ..شعور غريب بحسه في قربها ...-أدهم! متجلدش نفسك وتحملها فوق طاقتها ..انسى كل دا ولو حاسس إنك بتظلم تمارا في عيشتها معاك خيرها بين عيشتك وبعدك بعيدا عن اللي في بطنها هو دا الحاجة الوحيدة اللي هتربطكم ..ولو باقي على ملك عاوز تكمل حياتك معاها روح لها وابدأوا من جديد .. كل اللي أنت بتعمله في نفسك صدقني مش هيفيدك بحاجة بل بالعكس هيزود همومك ..أبدا يا أدهم واقف كدا اسد زي عادتك يا حبيبي..ابتسم أدهم وضم شقيقته إليه متنهدا بعمق، ثم قال متسائلا:-طمنيني عنك أنتِ..عاملة إيه مع علي؟ مبسوطة؟ ..فردت بلا تردد:-مبسوطة جدا، علي أجمل حاجة حصلت في حياتي ..-ربنا يخليكم لبعض يا حبيبتي..."بعد مرور الوقت"كانت تسير چنا فوق رصيف الشارع الذي ستعبر منه إلى المنزل مرة أخرى بعدما قضت وقتا مريحا في الحديقة القريبة من المنزل ..لم تكد تتنهد بارتياح لتتفاجئ شخص ما يقفل عليها الطريق بالدراجةِ النارية الذي يعتليها ..ويلقي عليها كلماتِ في غاية الفظاظة ..يبدو أنه ثمل ربما!حاولت أن تبتعد في سرعة فلحق بها بدراجته ...مستمتعا بخوفها وتوترها منه ..حاصرها ونوى الاعتداء عليها ..ركضت وصرخت ...لم يكن في الشارع أحد الآن ..ركضت بأقصى سرعة تملكها إلى أن اصطدمت بشخص آخر ..رفعت نظرها إليه وهي تلهث بعنف ..ففاجئها بأنه حماها خلف ظهره وراح يتعرض للآخر ...حيث قام بمهاجمته وجره جرا من فوق الدراجة مسددا له لكمات قوية ..وركلات عنيفة جدا ..ثم تركه بعد أن خارت قواه ..وتراجع للخلف قائلا بجدية وهو يمسح على جبينه الندي:-أنتِ كويسة؟أومأت چنا برأسها وهي تحمد الله، ثم تتابع بامتنان:-شكرا ليك ..أشار لها بكف يده كي تتحرك أمامه بطريقة صارمة استغربتها هي للغاية، متابعا بجمود:-اتفضلي معايا، كدا كدا الطريق واحد وعشان ماحدش يضايقك!هزت رأسها بايجاب وسارت أمامه على استحياء رغم دهشتها من أسلوبه الحازم ..-اتكلمت معاها يا حازم ..بس شكلها مصممة على اللي في دماغها!كانت عبارة ساندرا التي جلست جواره الآن، ليقول حــازم بعصبية تامة:-يبقى هكسر لها دماغها وعضمها!ساندرا بضيق شديد:-قولتلك يا حازم متبقاش عنيف كدا، صدقني مش هتحل حاجة خليك ذكي!نظر لها باحتقان متابعا:-ممكن تطلعي أنتِ من الموضوع يا ساندرا؟ ...متتدخليش!صمتت ساندرا قليلا لكنها رمقته بغيظ شديد، ثم تابعت باعتراض على أسلوبه ذاك:-ليه؟, ليه دايما عاوزني متتدخلش في أمورك ودايما سامح لنفسك بس بكل حاجة،ومش قادر تفهم إن فيه حاجة إسمها مناقشة ..مشاركة ...آراء ..أنت ليه لازم أنت اللي تقول ..أنت اللي تقرر ..أنت اللي تأمر ...ليه يا حازم!زفر زفرة كبيرة تحمل غضبا كثيرا من كلامها الذي لم يرُق له ...فيما يستطرد بعنف:-اتمسي وقولي يا مسا يا ساندرا،أنتِ عاوزة إيه بالظبط ؟ ..دي أختي وأنا حر معاها يا ستي أخرجي أنتي بقى من الموضوع عشان منزعلش إحنا مع بعض،أنا كدا غلطت في إيه؟-غلطان عشان مش عاوز تسمع إلا نفسك !-أنا حر!صمتت ساندرا مرة أخرى تحاول تهدئة نفسها، ثم عادت تتكلم بهدوء:-تعرف وأنا بتكلم مع رغدة يا حازم قالتلي إيه؟, قالتلي بدل ما هو عمال ينصح فيا ويضربني،ينصح نفسه ويبطل حشيش ..وخناقات عمال على بطال هو ليه دايما شايف نفسه ملاك؟ ..قالتلي كدا بالنص! إيه رأيك في الكلام دا ؟ابتسم بتهكم وكأنه لم يتأثر من هذه الكلمات، ليقول بحدة بعض الشيء:-رأيي إنها بت قليلة الأدب، ناقصة رباية فعلا، أنا مسؤول عن نفسي مش من حق حد يحاسبني أنا آه بغلط بس ماحدش له فيه.. لكن أنا مسؤول عنها وهي مش من حقها أي حاجة ..دي بنت لما تغلط أنا أنبهها وأكسر لها رقبتها كمان ..على آخر الزمن أخت حازم هتمشي على كيفها!كادت تتكلم ساندرا مرة أخرى..فاوقفها صارما:-مش عاوز ولا كلمة زيادة ..عشان منقلبش الليلة نكد اكتر من كدا ولو مافيش عند حضرتك مانع تعيشيني قبل ما أنام يبقى كتر خيرك!نظرت له ساندرا بصمت وهي تتأمل ملامحه المرهقة ويديه المتسختين أثر عمله الطويل على مدار اليوم في ورشته، تنهدت وربتت على كتفه بحنو فيما تكمل:-متزعلش مني يا حازم، أنا مش نكدية صدقني أنا بس نفسي نكون متفاهمين،أنا هقوم أحضرلك العشا وأعملك كل اللي أنت عاوزه وتطلبه ..عنيا ليك يا حازم.نظر لها بصمت وقد زال غضبه في لحظة ..تنهد طويلا بارتياح ..لكنه قال بوجه عابس:-شكرا يا ساندرا.ابتسمت قائلة بخفوت::-العفو، بس بلاش التكشيرة دي لحسن بخاف يا سي حازم!ضحك رغما عنه على كلمتها الأخيرة مرددا:-سي حازم؟هزت رأسها متابعة:-آه في حاجة ولا إيه؟-لا .. أنتِ براحتك على الآخر ..ابتسمت بخجل وذهبت إلى المطبخ وهي تدعي له بالهداية كعادتها دوما قائلة:-ربنا يهديك يا حازم...
رواية لمن يهوى القلب الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السادس عشر والأخير( رواية بونسوار سابقا )طرقت ميرال الباب وانتظرت قليلا ..لكن لم يفتح أحد!طرقته ثانيا وهي تمط شفتيها..أيضا لم يفتح أحد ..أخرجت المفتاح من حقيبتها في قلق وهي تقول بخفوت:-خير يارب، مافيش حد بيفتح ليه!فتحت ودلفت ..لتجد المنزل ظلام! ...انقبض قلبها بخوف واقتربت بخطوات بطيئة تحاول إشعال الإضاءة وهي تهتف:-طنط سميرة! ..چنا! ..أنتوا فييين؟لم تكد تشعل الإضاءة حتى وجدت من يقوم بتشغيلها وتتعالى أصوات الضحكات ..للحظة لم تستعب ما الذي يحدث ..بالونات كثيرة جدا ...أحبال الزينة معلقة على الحائط بشكل رائع ..-كل سنة وأنتِ طيبة يا ميرال ..هكذا نطقت السيدة سميرة بابتسامة سعيدة،بينما قالت چنا ببسمة هادئة:-عقبال مليون سنة ..ابتسمت ميرال بسعادة لا توصف وهي تسألهما بانبهار:-مش ممكن أنتوا إزاي عرفتوا إن عيد ميلادي النهاردة؟ مش مصدقة أنتوا عملتوا كل دا عشاني؟!-طبعااااااا يا حبيبتي أنتِ مش عارفة قيمتك عندنا ولا إيه؟اندفعت ميـرال إليها وعانقتها بود وامتنان مع قولها:-بجد شكرا أوي ...فأردفت سميرة بمرح:-على إيه بس يا حبيبتي، إيه رأيك تدخلي تغيري وتيجي بقى عشان نحتفل مع بعض أوك؟أومأت ميرال بسعادة وهرولت إلى غرفتها، ما إن دخلت حتى استنشقت رائحة عطره النفاذة في أنحاء الغرفة.. مشت بقدميها إلى الشرفة المنفتحة ثم شهقت واضعة كفها على فمها بصدمة ..فقد كان هو !-علي؟-أيوة !رد عليها بمشاكسة وهو يقبل عليها بعبوس مصطنع، لم تصدق أنه أتى وهو هنا بالفعل جوارها..فاستكملت:-أنت إزاي؟قهقه ضاحكا وهو يخرج بها من الشرفة ثم يغلقها ويعود إليها محتضنا إياها بشوق كبير، بادلته العناق وهي تتنفس رائحته ومازالت لا تصدق!-أنا بحلم ولا إيه؟, مش قلت إنك جاي بعد إسبوع؟-ألف وأرجع تاني طب ولا إيه؟ابتعدت عنه قليلاً وتأملته بحب وهي تردد:-ترجع إيه بس؟ طب أنت ليه قلتلي كدا ..؟خلع دبوس طرحتها برفق وهو يخبرها بابتسامة تخصها وحدها:-بصراحة قلت أعملك مفاجأة حلوة كدا،أصلي زعلت من نفسي أوي عشان سافرت وأنا مخاصمك ..ها أيه رأيك بقى في المفاجأة؟-أحلى مفاجأة في الدنيا كلها أصلا.. هو النهاردة اليوم العالمي للمفاجأت ولا إيه؟-ليه؟ كل دا عشان رجعت؟حركت رأسها نافية وأخبرته:-أصل طنط وچنا فاجئوني برا عشان عيد ميلادي ..مكنتش متوقعة إنهم فاكرين بصراحة ..-هو أنتِ حد يقدر ينساكي يا ريمو؟, وعلى فكرة بقى مفاجأة عيد ميلادك دي كلها چنا اللي عملتها ..بجد؟, بس إزاي دي مش بطقيني أصلا!ضحك قائلا:-لا دي بتحبك والله بس هي عصبية مش أكتر يعني ..وبعدين هنرغي كتير ونسيبهم برا كدا كتير يلا غيري هدومك بسرعة ..-خمس ثواني بس يا ابو علي ..."في صبيحة اليوم الموالي"صف سيارته في الحي الشعبي وخاصة أمام البناية التي كانت تقطن بها قبيل الزواج منه ..ترجل أدهم من السيارة وراح يرفع وجهه إلى الأعلى حيث شرفة المنزل المتهالكة،تنهد بعمق واتجه نحو المدخل ومن ثم صعد الدرج بهدوء، وصل إلى باب المنزل وطرق الباب القديم بلهفة شديدة، خفق قلبه بشدة عندما سمع صوتها الحبيب وهي تهتف من خلف الباب:-مين؟أغمض عينيه بقوة ..ثم أعاد فتحهما ولم يتكلم ..كررت الكلمة عدة مرات إلى أن فتحت بعد أن يأست ثم صدمت وذايلتها دهشة كبيرة، لم تتوقع أن يكون هو الطارق !زرع عينيه المشتاقتين لها طويلا داخل عينيها المكسورتين ..تحجرت الكلمات على شفتيه ...لكن عيناه كانتا تتحدثان جيداً..تعبران عن كل شيء... شوق واعتذار وحديث طويل ..انسابت دمعاتها تلقائيا واحدة تلو الأخرى في حزنٍ عميق ..كاد يقترب أكثر كي يمسح هذه العبرات الحارقة عن وجنتيها ..لكنها أوقفته برجفة عنيفة:-لو سمحت!تسمر مكانه وابتلع غصة مريرة بحلقه... ليسمع صوتها المرهق:-خير ؟قال بابتسامة حزينة:-هفضل واقف على الباب يا ملك؟-مش من حقك تدخل ..أنت واحد غريب زيك زي أي حد تاني دلوقتي، ممكن أفهم أنت جاي ليه؟أخذ شهيقا عميقا قبيل أن يخبرها بجدية:-عاوز أتكلم معاكي،قوليلي أعمل إيه؟-الكلام اللي بينا كله خلص... مافيش كلام بيني وبينك تاني لأي سبب ...-ملك! بلاش تعملي كدا كانت لحظة غضب،أنتِ غلطتي وأنا غلطت ..تعالي ننسى اللي فات وأوعدك هعمل أي حاجة تطلبيها ..ضحكت بتهكم وهي تجفف دموعها:-بالسهولة دي؟ ..ننسى وترجع وعادي كدا؟ طب آمن لك تاني إزاي؟ بعد ما رمتني كدا وأنت عارف إني ماليش حد ..أرجع ولما تغضب ترميني تاني ؟ ..لا يا أدهم بيه ..كرامتي عندي أهم منك دلوقتي.. ومش هسمح إنك تدوس عليها تاني ..كفاية كدا أنت طلقتني رغم إني كنت متحملة قسوتك ..وقلت لك هتحمل أي حاجة بس خليني موجودة معاك بس أنت طلقتني وأنا بقولك شكرا ..أنا عايشة أهو مموتش من غيرك ولا حاجة ومش هرجعلك حتى لو هموت ..أدهم وقد أضاف بذهول ومرارة:-ياااه للدرجة دي شايلة مني يا ملك؟ كرهتيني؟لم ترد ..فقط صمت غاضب ..ونظرة عتاب لا غيرها ..-بس أنا بحبك وعمري ما حبيت غيرك ..صدقيني أنا ضايع من غيرك .. الاسبوعين اللي عدوا عليا دول كانوا اسود أيام حياتي ..وصدقيني معرفش إيه اللي أنا عملته دا وإزاي نطقت الكلمة دي ..أنا الشيطان صورلي إنك عملتي كدا عن قصد عشان تنتقمي من تمارا ..صدقيني الغضب عماني مكنتش عارف أنا بعمل إيه وبقول إيه!انهارت باكية مع قولها المرير:-يبقى متعرفنيش ..متعرفش مراتك اللي عشت معاها كتير ..للدرجة دي فكرت إني ممكن أقتل روح عشان خاطر مش بحب تمارا ..-أنا آسف ..نطق وهو يحاول حجز دموع عينيه داخلهما ..ثم كرر:-آسف ..والله آسف .. بس ارجعيلي ..بلاش تبعدي أنا كدا كدا مش هقدر أسيبك هنا تاني ..يلا يا ملك عشان خاطري!-لأ يا أدهم ..أنت قدرت تسيبني هنا لوحدي...فمترجعش تمثل عليا وتقول مش هقدر لأنك قدرت .. ودلوقتي بقولك أمشي من هنا ومتجيش تاني.. مش هرجعلك مهما حصل ولو حاولت تقرب مني تاني أنا هعملك محضر على فكرة الحكاية مش ساهلة تمام؟!ثم لم تنتظر منه إجابة وأغلقت الباب في وجهه دون مقدمات وانهارت مجددا على الأرض،كما انهارت مشاعره وهو يتراجع في خطواته بخيبة أمل ...وطلق لدموعه الأليمة العنان في أن تهبط بغزارة فوق وجنتاه ...يظن أن جرح الفؤاد هينا؟ ..وأن ترميم الذي كُسر سهلا؟ !خرجت "ساندرا" من مدخل البناية واتجهت إلى ورشة زوجها حازم قبل أن تذهب إلى جامعتها، دققت النظر عن بعد فوجدته يقف منشغلا مع امرأة شابة تحمل طفلا صغيرا ..زوت ما بين حاجبيها بضيق وهي تقترب أكثر،انصرفت السيدة قبل أن تصل ساندرا إلى الورشة، فتأففت بغضب وظلت ترمقها إلى أن اختفى طيفها ..أردفت ما إن وقفت أمامه بحزم:-صباح الخير..فقال حازم رافعا حاجبه:-صباح الفل! إيه مالك مكشرة كدا يعني؟-مين اللي كانت واقفة معاك دي قبل ما أجي أنا؟تنهد ودخل إلى الورشة قائلا:-زبونة هتكون مين يعني يا ساندرا؟-زبونة في ورشة حدادة؟،طب ولما هي زبونة بتضحك ليه معاها ومع البيبي اللي على ايدها؟-الله هو تحقيق بقى يا ساسو ولا إيه؟هتفت بحنق:-لا كلمني عدل واوعى تضحك عليا بكلمتين بلاش الأسلوب دا!-حيلك حيلك ..وطي صوتك إحنا في الشارع يا ساندرا لمي نفسك..كررت عليه السؤال بصرامة:-مين دي يا حازم؟أجابها بحدة:-يا ست المجنونة أنتِ على الصبح، دي زبونة أنتِ أيه غاوية تنكدي عليا صبح وليل ولا إيه؟ بقولك إيه اصطبحي وبعدين أنتِ راحة فين أصلا ؟-أنت عارف كويس إني راحة الجامعة عشان عندي زفت مراجعة ولازم أحضر طالما رغدة مش هتعرف تنزل خلاص؟زفر زفرة قصيرة مع قوله:-خلاص يا ساندرا، بس براحة عليا مش أوي كدا، والله بريء يا بيه!-ماشي يا حازم أنت عاوز مني حاجة قبل ما أمشي؟رمقها بنظرة مُتملكة من أسفلها لأعلاها مع قوله العابس:-طولي الطرحة شوية..فعلت ما قال بصبر مع قولها؛-لازم تعلق على أي حاجة حتى لو كل حاجة تمام..اقترب منها قائلا بخفوت:-من حقي على فكرة!,وبعدين مش عارف أنتِ وخداني على الحامي كدا ليه على الصبح بس! براحة عليا شوية مش كدا..تنهدت وابتسمت أخيرا وهي ترد:-ماشي يا أسطى حازم ..بس أنا كان ليا طلب ممكن؟-ممكن اوي ..قولي ..قالت بحذر:-ينفع بعد ما أخلص أروح أزور بابا وماما يا حازم ..بصراحة وحشوني أوي.تجهم وجهه وبدا عليه الانزعاج وهو يخبرها:-مش حابب تروحي هناك ..بلاش ..خلصي وتعالي أحسن!-طب ليه! ممكن أفهم ؟.-أنا حابب كدا ..قالت بتهكم':-أنت حابب كدا! ..تمام مش هتكلم معاك عشان احنا في الشارع وهسمع كلامك رغم إني مش مقتنعة بيه أبدا سلام يا حازم ..كادت أن تسير لولا أنه قبض على رسغها قائلا برفق:-ممكن تزوريهم بس متتأخريش وخلي بالك من نفسك.نظرت له بغيظ متابعة:-حاضر ...ثم استدارت ماشية ببطء وهي تردد بخفوت وابتسامة:-مجنون والله.. ربنا يهديه ...صباح الخير ..نطقت السيدة سميرة بوجهٍ بشوش وهي تتقدم من شقة الجيران الجُدد أمامهم،. بينما ترد عليها الأخرى باسمة:-صباح النور يا حبيبتي.تابعت السيدة سميرة بامتنان قائلة:-حبيت أشكرك وأشكر إبنك على اللي عمله مع چنا بنتي إمبارح , متشكرين جدا ..ردت الأخيرة باستغراب:-ماهر إبني ؟, عمل إيه؟أخبرتها سميرة بإعجاب:-إسم الله دافع عن چنا،كان فيه شاب بيعاكسها وهو أنقذها منه هو مقالكيش ولا إيه؟-لا أبدا ولا قالي حاجة، عموما مافيش داعي للشكر يا حبيبتي دا معملش غير الواجب كان لازم يعمل كدا.-ربنا يخلهولك ويحميه لشبابه يارب.-آمين يارب،لازم بقى تتفضلي تشربي حاجة أو تفطري معايا ..نفت سميرة مع قولها:-معلش يا حبيبتي خليها مرة تانية ..تابعت السيدة سماح والدة ماهر بتردد:-هي چنا عندها كام سنة يا أم علي؟أخبرتها سميرة بلا تردد:-٢٩ سنة ومعاها بكالوريوس تجارة ..ابتسمت سماح مرددة:-بسم الله ما شاء الله، أنا ماهر إبني موظف كبير في شركة كبيرة أوي وبرضوه معاه بكالوريوس تجارة ..ياما نفسي أفرح بيه دا ابني الوحيد ونفسي أطمن عليه.كانت نظراتها ذات معنى ..وصلت مغزاها جيدا إلى سميرة التي بادلتها النظرات تلك بأمل ..ثم قالت مكملة:-ربنا يفرحك بيه يارب ..عن إذنك يا حبيبتي..دخلت سميرة إلى المنزل كما فعلت سماح التي ولجت إلى شقتها، وكان ماهر في هذا الوقت يخرج من الحمام ويقوم بتجفيف وجهه، فقالت سماح برفق:-صباح الخير يا ماهر ..يلا حضرتلك الفطار ..اتجه ماهــر إلى طاولة الفطار وجلس بصحبة والدته قائلا بمزاح:-دايما تيجي في وقتك دا أنا هموت من الجوع،أنا بقيت أقلق من بطني بتجوع كتير اليومين دول .ضحكت سماح متابعة:-بألف هنا على قلبك يا ماهر ..ألا قولي بقى!ماهر رافعا حاجبه:-خير يارب؟-مقولتليش يعني إنك أنقذت بنت الجيران اللي قصادنا يا واد،بتخبي على أمك؟ضحك ماهر مضيفًا:- أنتِ عرفتي منين أصلا؟-أمها جت تشكرني على موقفك معاها، ست كلها ذوق.-آه ..عادي أنا نسيت أصلا هو أنا فاكر كلت إيه إمبارح أصلا ؟صمتت قليلاً قبل أن تتابع بنظرة ذات مغزى:-طب قولي، إيه رأيك في البنت؟-رأيي في البنت؟, موووحة سبيني في حالي أنا بقولك أهو!-يا واد بس رد عليا ..البنت أدب وأخلاق وأمها زي العسل،وأخوها محترم يعني عيلة كويسة وشايفة إنهم مناسبين أوي وأنا متأكدة إن البنت مش مخطوبة.ماهر ضاحكا:-ما تنزلي تجيبي الشبكة بالمرة وتعالي نخبط عليهم ونقولهم جينا نخطب بنتكم.-بطل بقى يا ماهر،بتكلم جد والله، يابني نفسي أفرح بيك وأنا شايفة دي مناسبة اوي بجد.وواصلت دون أن تمنحه فرصة الرد:-هسيبك تفكر شوية، وبعدها قولي قررت إيه.فقال وهو يضحك مواصلا تناول الطعام:-حاضر!انتهت ميـرال من ارتداء ملابسها المحتشمة أمام المرآة ثم التفتت إلى علي الجالس على السرير قائلة بابتسامة وردية:-أنا جاهزة يا علي.وثب قائما متجها إليها مبادلا إياها الابتسامة مع قوله:-طب يلا يا حبيبي.اتجهت معه إلى الخارج وهي تقول بقلق:-أنا خايفة أوي من المادة دي يا علي.علي باطمئنان:-متخافيش أنتِ مذاكرة كويس، اجمد يا بطل.وصلهما بعد ذلك صوت السيدة سميرة وهي تقول بهدوء:-الفطار جاهز .جلس علي برفقة زوجته ووالدته ..بينما يقول بتساؤول:-إومال چنا فين؟ مش هتفطر ؟-أنا لقتها نايمة أوي مرضتش أصحيها، قلت لما تصحى تفطر براحتها أحسن.أومأ علي برأسه وبدأ في تناول طعامه، بينما قالت ميرال بضيق:-أنا زهقت من الفطار دا يا علي، مش معقول هتأكلني كل يوم عيش سن وجبنة قريش أنا زهقت.علي وقد تنهد قائلا ببساطة:-بلاش جبنة قريش كلي جبنة لايت عادي، أو بيض أو زبادي لايت برضوه أو بسكوت قمح وشاي أخضر عندك أكل كتير بطلي دلع!-أنا نفسي في طعمية من اللي طنط سميرة بتعملها، ممكن يا طنط ؟بادرت سميرة بقولها:-ممكن اوي عنيا يابنتي.ليقول علي بحدة:-هو إيه اللي ممكن يا طنط وممكن يابنتي، ماما متسمعيش كلامها الأكل دا كله هيعلي السكر، سبيهالي أنا هتصرف معاها.-علي بجد زهقت أنا من حقي أكل اللي بحبه إيه دا!-لا مش من حقك وبطلي كلام وافطري عشان تلحقي امتحانك،ولا ناوية تكنسلي عليه؟زفرت بحنق بينما تتابع بحزن:-طب إديني حتة تورتة من تورتة عيد ميلادي اللي أنا مدوقتهاش دي!-ميرال! افطري!هكذا قال بعصبية تامة، فانصاعت له وتناولت طعامها على مضض إلى أن انتهت منه وهي تتأفف بعدم رضى، بينما تابعها علي بعينيه وهو يشفق عليها، لكنه قال بحزم:-بالهنا والشفا ..يلا؟هزت رأسها بصمت واتجهت إلى سميرة تقبل يدها بحنان ثم قالت:-ادعيلي.لتقول السيدة سميرة بحنان وافر:-يا حبيبتي ربنا يوفقك ويجبرك يارب.-ءامين!استدارت ماشية برفقة زوجها خارج المنزل، لتهتف والدته بجدية:-براحة عليها يا علي.أومأ علي مبتسما وهو يضم ميرال إليه محاوطا كتفيها بذراعه، ذهب إلى المصعد ودخلا معا إليه، ليقول بخفوت ونبرة مرحة:-هديكي حتة تورتة بس صغيرة لما ترجعي .. مبسوطة؟نظرت له وقالت بنبرة طفولية:-لا.-ليه بس!-عشان ممكن أتعب، بلاش خليني كويسة أحسن.ابتسم بلطف وضمها إليه أكثر مع قوله:-ما أنتِ هتديني نصها فمش هتأثر أوي يعني!ضحكت قائلة بغيظ:-يعني حتة صغيرة وكمان هتاخد نصها يا أبو علي؟ دا إيه الكرم دا بقى؟-شوفتي عشان تعرفي بس إني مش حارمك من حاجة.-ربنا يخليك ليا، والله يا علي وجودك هو اللي معوضني عن كل حاجة،أنت الحاجة اللي محلية دنيتي..بحبك أوي.وقف بهما المصعد ليزفر علي قائلا بمزاح:-هو دا وقته مش خارج!ضحكت بشدة مع قولها:-يلا يا علي، كدا عيب على فكرة..عيب!-بس الاسانسير دا حاجة زي الفل بصراحة ..جعلها تقهقه ضاحكة،. بينما يشاركها الضحكات وهما يتجها خارج البناية...وصلت سانــدرا إلى القصر بعد مرور الوقت وانتهاء يومها الدراسي في الجامعة، أقبلت على والدها باشتياق واحتضنته بمحبة وودّ، وكذلك فعل "فاخـر" الذي قال بعتاب:-كدا تغيبي عن أبوكي المدة دي كلها يا ساندرا؟ربتت ساندرا على كتفه متابعة بابتسامة هادئة:-معلش يا بابا أنت عارف إني بمتحن والوقت اللي بكون فاضية فيه بحاول أستغله في المذاكرة.-طيب يا ستي ربنا يوفقك، قوليلي أخبارك إيه وأخبار جوزك عايشين ازاي؟.أجابته ببساطة:-الحمدلله يا بابا عايشين كويس أوي.-عايشين كويس؟سألت سهيــر التي أتت من خلفهما بتجهم، بينما تستطرد بجمود:-مش باين يعني يا ساندرا، حتى لبسك بقى بلدي أوي وإيه الطرحة اللي على شعرك دي؟ابتسمت سانـدرا بحزن وقالت بعتاب:-مش هتسلمي عليا حتى يا ماما!, كل لما تشوفيني تقوليلي كدا؟!صافحتها سهير متنهدة وهي تقول بهدوء:-يا قلبي بقول كدا لأنك صعبانة عليا أوي، بقى أنتِ ساندرا بنتي اللي الكل كان بيحلف بجمالك؟أردف فاخر بغضب:-في إيه يا سهير ؟, مالها ما هي زي الفل أهي! ولا لازم تلبس زيك وتعيش عيشتك عشان تبقى حلوة سبيها براحتها.-طبعا أنت هتقول إيه غير كدا فاخر، أنت السبب أنت اللي جوزتها الحداد دا، بنتي أنا ساندرا متجوزة حداد حقيقي مش قادرة أصدق هتجنن أكيد هيجرالي حاجة!-يارب.قال فاخر وهو يكمل بغيظ:-يارب عشان أخلص منك يا سهير ..-شايفة يا ساندرا؟تنهدت ساندرا بضجرٍ ثم قالت:-صلوا على النبي مش كدا.فغرت سهير فمها بدهشة وهي تردد ما قالته ابنتها:-صلوا على النبي؟ بقيتي بتتكلمي بغلة الحواري..no بجد!صاح فاخر بغضب قائلا متعمداً استفزازها:-يا ولية اتلمي بقى عيب عليكي!صرخت في وجهه قائلة بحدة عارمة:-ولية؟ضحكت ساندرا بشدة وهي تقول:-خلاص يا بابا ..خلاص يا ماما قصدي يا مامي ..خلاص ريلاكس ..ريلاكس حلو كدا يا مامتي؟-بتهرجي يا ساندرا !-يا ماما بجد مش عارفه أنتِ زعلانة ليه، أنا وراضية ومبسوطة بحياتي،حتى لو بقيت أتكلم بلغة مش عجباكي هي عجباني وطالما مش بعمل حاجة غلط أو عيب يبقى حضرتك تزعلي ليه؟حركت سهير رأسها بيأس مستأنفة بتجهم:-أنا طالعة أوضتي ..انصرفت على ذلك, بينما جلست ساندرا بصحبة والدها الذي قال بمرح:-سيبك منها دي ولية مجنونة بجد.ضحكت ساندرا قائلة:-معلش يا بابا، بالهداوة.-قوليلي بقى يا ستي محتاجة فلوس؟ساندرا بصدق:-لا والله يا بابا حازم مكفي كل طلباتي وحقيقي مش محتاجة حاجة.أدخل فاخر يده في جيبه ثم أخرجها ومد يده لها قائلا بهدوء:-طب خلي دول معاكي لأي ظرف، أعملي بيهم أي حاجة ليكي.ساندرا بنفي:-معلش يا بابا مش هقدر أخدهم.. حازم بيزعل جدا عشان خاطري بلاش-ويزعل ليه؟, أنا أبوكي وخير ربنا كتير،طول ما أنا عايش هفضل أديكي وبعد ما أموت كله ليكي أنتِ وأختك-بعد الشر عنك يا بابا ربنا يديك العمر.-طب امسكي ولو هيزعل أوي يا ستي متعرفوش حاجة عن الفلوس وشليهم امسكي بقى.أخذتهم ساندرا مضطرة ثم وضعتهم في حقيبتها الخاصة قائلة:-شكرا يا بابا.ترجل أدهم من سيارته في حديقة القصر وأخذ يسير باختناق شديد بعد مواجهته مع ملك ..لاحظت تمارا أنه في أوج غضبه الآن من الأعلى حيث كانت تنظر من شرفة غرفتها عليه ...ضاقت عيناها بنظرة إصرار تام وهي تحدث نفسها:-مبقاش أنا تمارا الجزار يا أدهم لو مبقتش ليا ونسيتك الفيلجر دي .. أدهم أنت ليا أنا وهثبتلك!...تمتالجزء التاليرواية لمن يهوى القلب الجزء الثاني بقلم فاطمة حمدي