رواية انتقام مجهولة النسب بقلم شيماء رضوان الفصل الثامن
إنتهى دوام سلمى وألاء، وعادت كلاً منهما الى الفيلا، وجدوا مراد فى إنتظارهما، فنهض من المكان الذى كان يجلس فيه وقال مازحاً: -أنا هقول لخليل يخرجكم بدرى شوية بعد كده! جلسوا أمامه، وتنهدت ألاء بتعبٍ واضح ؛فقد كان اليوم طويلاً بالجريدة ؛حيث كانوا يغطون مؤتمر صحفى لسفراء الدول العربية بمصر. نظرت سلمى لها لتلاحظ تعبها،ثم نظرت الى أبيها قائلة بابتسامة: -النهاردة بس كان معانا تحقيق وكنا لازم نخلصه، وبعدين حضرتك مرحتش الشركة ولا إيه؟
أجابها مراد بابتسامة قائلاً: -أنا رحت الشركة،حضرت الإجتماع، وخلصت شوية ورق محتاجين توقيعى،ورجعت علطول،قلت أستناكم نتغدى سوا. رفعت ألاء حاجب واحد له،فلماذا يلف ويدور ونظراته توحى إليها أنه يود قول شئ؟ ضيقت نظراتها تتابع كلامه مع سلمى، ثم قالت بابتسامة خبيثة: -أونكل مراد حضرتك عايز تقول حاجة! فقولها وهات من الأخر،أنا جاية تعبانة وعايزة أنام. تملكه الغيظ من سهولة كشفها له بتلك السرعة، كان يريد تمهيد الأمر بالبداية،ولكنها فتاة ذكية أكثر من اللازم،فلوى شفتيه قائلاً بضيق: -وعلى إيه تقولى أونكل وحضرتك طالما فيها هات من الأخر !
صمت مراد يتابع ضحكات سلمى وألاء،ثم ضيق عينه قائلاً: -على فكرة إنتى أخدتى عليا أوى يا ألاء! إبتسمت قليلاً، فهو من رباها بعد وفاة والدها بالتبنى وهى فى عمر السبع سنوات، إعتادت على المزاح معه وعدم التكلف، تشعر بالإمتنان له؛ لتربيتها وتحمل نفقاتها،بالرغم من أنه يعلم أنها ليست ابنه صديقه،فقالت: -ياااه لسه واخد بالك،مش حضرتك برده اللى مربينى ولا ايه؟
ضحك مراد فهو من تحمل تربيتها مع سلمى بعد وفاة صديقه، يشعر تجاهها انها ابنته التى لم ينجبها، ويؤيد صداقة سلمى لها ؛لتتعلم منها القوة والثقة بالنفس، فقال بمزاح: -فعلا، بس طلعت تربية زبالة والله! نظرت ألاء لسلمى بملل، فهى تريد النوم ومراد ما مازال يتحدث فى أمور كثيرة، ولا يريد الدخول فى الموضوع الأساسي،فقالت بضيق: -حضرتك عايز تقول ايه؟ لإنى عايزة أنام بجد!
تنهد مراد ونظر لكلتاهما بخبث ومكر، يحاول اللعب بأعصابهم قليلاً، فتنهد قائلاً: -عريسك جاى، وعريس سلمى وأهاليهم؛ علشان نتفق على كل حاجة،ونحدد ميعاد للخطوبة. نظرت ألاء له بعدم تصديق، وقلق بدأ فى التسرب إليها،وسألت نفسها، ما هذا الرجل ؟وما هذه السرعة؟ هل يريد الخلاص منها ؟ولكن أيضاً سلمى معها،ترى ما الذى يخطط له؟
تحدثت بنبرة حانقة: -أنا لسه قايلة الصبح إنى موافقة، يبقى حضرتك تقول للناس يجوا النهاردة، ونحدد ميعاد الخطوبة بالسرعة دى يا اونكل! أجابها مراد بمزاح: -عايز أفرح بيكوا بقى! ردت بضيق: -عايز تفرح بينا،ولا تخلص مننا يا أونكل! أجابها بمرح: -فعلاً عايز أخلص منكم! نهضت ألاء، وقالت بضيق: -أنا قايمة أنام تعبانة. هتف مراد بسرعة قبل أن تغيب ألاء عن عينه: -والناس اللى جاية بعد العشا،دى أقولها ايه؟
تأففت ألاء من تلك السرعة،ولكن ما باليد حيلة فقد إتفق معهم وإنتهى الأمر، فقالت وهى تصعد الدرج: -خلى سلمى تصحينى المغرب! بقيت سلمى تنظر لأبيها قليلاً، ثم قالت: -يالا يا بابا،مش هنتغدى ولا إيه؟ نهض مراد وتوجه لغرفة مكتبه؛ ليباشر بعض الأعمال المعلقة على الحاسوب الخاص به، قائلاً: -لا كلى إنتى،أنا سبقتكم، أنا قلت إنى مستنيكم ناكل سوى تمهيد للكلام مش أكتر. نظرت سلمى فى أثره بإبتسامة وقالت: -هو أنا هاكل لوحدى، أنا هقوم أنام أنا كمان. حل المساء، وإستيقظت كلاً من ألاء وسلمى، وإغتسلوا وأدوا صلاة المغرب،وتجهزت كلاهما: فارتدت ألاء شميز باللون الكشمير،وبنطال جينز باللون الأسود، وتركت شعرها حراً .
أما سلمى ارتدت فستان من اللون الأزرق، به ورود بيضاء،وارتدت حجاب باللون الأبيض . عندما إنتهت سلمى من ارتداء ملابسها، دلفت لغرفة ألاء وجدتها جالسة على الحاسوب الخاص بها، فشهقت بصوت عالى! نظرت ألاء لها وعقدت حاجبيها قائلة: -فى ايه يا بنتى؟
اقتربت منها سلمى بسرعة وهى تنوى إلقائها من النافذة، تلك الفتاة حتماً ستصيبها بذبحة قلبية يوما ما،فجلست بجوارها على الفراش،قائلة بضجر: -ايه اللى إنتى لابساه ده؟ نظرت ألاء لملابسها، فهى تعلم ما تريد سلمى قوله، وهى لديها بعض الأعمال لا تريد التحدث بتلك الامور، التى بالنسبة لها مجرد اشياء غير مجدية، فقالت بسخرية: -لابسة مايوه،تحبى أجبلك واحد زيه! تملك سلمى الغيظ من صديقتها،فلكزتها بخفة وقالت: -متخلنيش أتعصب بقي، قومى غيرى اللبس ده، الراجل يقول عليكى إيه، هيتجوز واحد صاحبه!
تأففت ألاء من حديث صديقتها الغير مجدى بالنسبة لها،ولا يمثل لها أى شئ، فنهضت من فوق الفراش، ووقفت أمام المراة تتأمل شكلها، وقالت بحدة: -بقولك إيه يا سلمى،ده شكلى وإنتى عارفة إنى برتاح فى اللبس ده،وإذا كنت لبست المرتين اللى فاتوا فساتين فده تغيير مش أكتر، وبعدين النهاردة هيتفقوا على كل حاجة ويحددوا ميعاد الخطوبة، يعنى وجودنا ملوش داعى أصلاً،وأنا هحضر بس علشان أونكل مراد ميبقاش شكله مش لطيف قدامهم مش أكتر. أنهت ألاء حديثها، وأمسكت هاتفها وطلبت رقم السيدة التى تسكن بجوار الممرضة، دون حتى أن تسمع رد سلمى على حديثها.
جاءها الرد قائلاً: -السلام عليكم! كانت ألاء لديها بعض الأمل من هذه المكالمة،فأجابت بجدية يتخللها بعض التفائل، قائلة: -وعليكم السلام،ها يا أم أسامه مدام هناء رجعت من السفر ؟ نفت السيده أم أسامة قائلة: -لا يا بنتى لسه والله، صدقينى أول ما توصل هكلمك تجيلها علطول،مش هستنى أديها رقمك وهيا تكلمك. زفرت ألاء بضيق ويأس،فقد كان لديها بعض الأمل ان تكون الممرضة التى تدعى هناء قد أتت من السفر، فقالت بنبرة يشوبها خيبة الأمل: -شكراً ليكى يا أم أسامة.
أنهت ألاء الإتصال وجلست على الفراش بملل، ووضعت يدها على وجهها،لا تعلم ماذا تفعل ؟حقاً لا تعلم، تريد خيطاً واحداً لتتبعه من أجل الوصول لعائلتها،ومحاسبه من أخطأ بحقها منهم،ولكن كل شئ ضدها! إقتربت منها سلمى وهى تعلم ما بها،واليأس الذى تملك منها،وأربتت على كتفها قائلة: -متزعليش نفسك،بكرة ترجع من السفر، انتى قلقانة ليه؟ الحقيقة أكيد هتبان، وهتعرفى أهلك والست اللى عملت فيكى كده وبعدتك عن أهلك.
نظرت ألاء لسلمى بغموض، ومشاعر متضاربة بداخلها، لا تعلم ما الصح من الخطأ الآن، ولكن ما تعلمه أنه يجب أن تحاسب المذنب،فقالت: -نفسي أعرفها يا سلمى؛ علشان أخلص منها القديم والجديد،هخليها تتمنى الموت على اللى عملته فيا. خافت سلمى من هيئة الاء الغاضبة، فعيناها شديدة الإحمرار، وعروق جبينها بارزة، وقبضتها مشدودة حتى إبيضت مفاصلها، فزفرت بضيق قائلة: -مش هتستفادى حاجة لو عملتى كده!
نفضت ألاء يد سلمى،ووقفت عاقدة ذراعيها أمام صدرها، وتحدثت بصوت عالى ونبرة غاضبة: -هو إيه اللى مش هستفاد يا سلمى.. لما أنتقم من اللى بعدتنى عن أهلى أكيد هرتاح وأبقى أخدت حقى،ولا إنتى عايزانى أسيب حقى؟ لا تعلم سلمى ما تقول لها،ولكن الشئ الصحيح أن الإنسان لا يرتاح ولا يهدأ باله بعد أن ينتقم،فالإنتقام يدمر صاحبه أولاً،فإختارت أن تبتسم لها وتجيبها قائلة: ألاء الإنتقام يا حبيبتى مش بيضر غير صاحبه،ومش بيجيب ليه غير وجع القلب؛ لإن اللى عايزه تنتقمى منهم أهلك مش حد غريب، الناس كلها بتعمل أخطاء وبترجع لربنا وتتوب وتندم.
صمتت ألاء عقب حديث سلمى،ثم إتجهت الى الباب لتخرج . أمسكت مقبض الباب وأدارته لينفتح الباب،والتفتت لها مرة أخرى قائلة بخفوت: -فى أخطاء لا يمحيها الزمن يا سلمى! غادرت ألاء الى الأسفل، وأخذت حاسوبها، وإتجهت الى حجرة المكتب لتعمل بها، أمَّا سلمى هبطت الى المكان المتواجد به أبيها وأخبرته بما تفوهت به ألاء.
جلس مراد على الأريكة، وتنهد بتعب خائفاً أن تعرف ألاء بعائلتها، ستدمرهم وتدمر نفسها معهم . قاطع حديثه مع سلمى،مجئ الخادمة وإخبارهم أن الضيوف قد وصلوا. تنهدت سلمى ودلفت حجرة المكتب لألاء ؛لتخبرها بأن يخرجوا ليقابلوا الضيوف . أما مراد خرج إليهم ورحب بهم، وجلسوا يتحدثون لحين مجئ ألاء وسلمى. ذهبت سلمى الى ألاء وجدتها تعمل بإهتمام غير منتبهة لدخولها،فأخذت منها الحاسوب قائلة: -يالا يا حبيبتى الناس وصلت،ومستنيين بره.
أراحت ألاء ظهرها على الكرسي التى تجلس عليه، وخلعت نظاراتها الطبية التى تضعها وقت العمل، ومسدت أعينها، قائلة بهدوء: -يالا بينا يا ستى، خلينا نخلص! خرجت الفتاتان حيث يجلس مراد وضيوفه، ورحبوا بالمتواجدين،وجلسوا بجانب مراد. كان مصطفى يجلس بجوار أبيه، وعينيه وتركيزه على سلمى التى ابتسمت له إبتسامة خجولة،فبادلها إبتسامتها أيضاً، ثم التفت الى أبيها ليشاركهم فى الحوار الدائر بينهم.
أما ألاء نظرت الى جد حمزة، وجدته ينظر لها بأبتسامه حنونة نفذت الى أعماقها،وأثارت لديها شعوراً بالإنجذاب الى ذلك الرجل، إنجذاب ابنه تجاه أبيها. كان الجد ينظر لها تلك النظرات؛ لأنها تشبه ابنه الغائب فاروق الى حد ليس بكبير،ولكن فى النهاية هى تشبه وتذكره به. تركتهم ألاء يتحدثون وشردت فى ما يحدث معها، من بداية ما علمته أن العائلة التى نشأت فيها لم تكن إلا عائلة إهتمت بها وتولت رعايتها، بعد أن قذفتها عائلتها الحقيقية كالخرقة البالية، ثم مقابلتها لحمزة وإرتباطها السريع به، لا تعلم كيف تنجذب إليه بتلك السرعة؟ ولكنها سعيدة أنها قابلت رجلا مثله،لكن هناك شعور يتسرب إليها يجعل قلبها مقبوضاً.
فاقت ألاء من شرودها على صوت مراد وهو يقول بإبتسامة: -خلاص يا جماعة،زى ما إنتوا عايزين الخطوبة بعد تلات أيام من دلوقتى، معرفش إنتوا مستعجلين ليه؟ بس يالا خلينى أفرح بيهم! رفعت ألاء حاجب واحد لمراد على تلك السرعة، هل فاتها سن الزواج هى وسلمى ليزوجهم بتلك السرعة؟ فنظرت له وجدته يبتسم لها ولسلمى، فنظرت لحمزة وجدته يغمز لها بعينه، والجميع يبدوا عليهم السعادة.
لم تتفوه بشئ وإكتفت بالنظر بغيظ لمراد ولحمزة الذى يبتسم لها بخبث. إنتهت تلك الجلسة التى أهلكت أعصابها،وما حدث فيها من خطبة سريعة، تسرب القلق إليها ان يجعلوا الزواج قريباً مثل الخطبة! لم توافق ألاء على الجلوس مع حمزة بمفردها، وتعللت أنها متعبة من العمل بالجريدة اليوم، وفعلت سلمى مثلها وأجلت تلك الجلسة معه ليوم الخطبة.
بعد ذهاب الجميع،وقفت ألاء أمام مراد وعقدت ساعديها أمام صدرها،ونظرات الغيظ تملأ عيناها،إنه يتسرع فى القبول هكذا،إنه زواج يجب فيه التمهل؛ ليفكر الطرفان جيداً،حياةٌ أخرى وبيتٌ أخر ستنتقل إليه،عادات وتقاليد تخص الطرف الاخر يجب أن تعلمها أولاً وتعتاد عليها . ظلت تحدجه بنظراتها الغاضبة تارة، ونظرات الغيظ تارة أخرى. فعندما طال صمتها ضحك مراد قليلاً على هيئتها الغاضبة،وجلس بأريحية على الأريكة بجوار سلمى التى تنتظر لترى معركة جديدة من معارك ألاء وأبيها، فمعاركهما شيقة جدا.
عندما طال صمت ألاء، حدجها مراد بنظراته الماكرة قائلاً بإبتسامة جعلت غضب ألاء يتضاعف: -مالك يا لولو ؟أنا حاسس إنك على وشك الإنفجار، لو هتنفجرى قوليلى؛ علشان أخد ساتر، ماشي يا بنتى. لم تعد تستطيع الصمت أكثر من ذلك، مراد يتعمد مضايقتها ليري غضبها،فهو أخبرها مرة أنه يحب رؤيتها غاضبة. فقالت بنبرات تملأها الغيظ والضيق: -إيه اللى حضرتك عملته ده! خطوبة إيه اللى بعد تلات أيام،ليه يعنى هو سلق بيض ؟وكمان حضرتك بتتعمد تستفزنى وتخرجنى عن شعورى،ليه حضرتك بتمشي الامور بالسرعة دى ؟عايزة أعرف!
ظل مراد يراقب تعبيرات وجهها،التى تتبدل من الضيق الى الغضب،والغيظ أيضاً،فهتف بإبتسامة قائلا: -أخيرا عرفت أشوف تعبيرات وشك وهى بتتغير، علطول مش بيبان عليكى إذا كنتى زعلانة أو مبسوطة! هتفت سلمى وهى تصفق بيدها قائلة: -صح يا بابا، علطول الواحد ميبقاش عارف هيا حزينة ولا فرحانة،أول مرة أشوفها كده!
نظرت لهما بدهشة مما يقولان،هى تتحدث عن الخطبة السريعة،وهم يتحدثون عن تعبيرات وجهها الجامدة دائماً . جلست بضيق على المقعد أمام مراد وهتفت بإستنكار: -إنتوا أكيد فيكم حاجة غلط! هو ده اللى يهمكم ؟يعنى يا أونكل أنا متعصبة وبتكلم على الخطوبة اللى جت بسرعة دى، وإنتوا مركزين فى تعبيرات وشي! نهضت بغيظ وإتجهت الى غرفتها بخطوات سريعة، وصعدت الدرج وعندما وصلت الى نهايته التفتت اليهما،وزفرت بغيظ قائلة: -الصبر من عندك يارب !
ودلفت الى غرفتها صافعة الباب خلفها بشدة. أما سلمی بمجرد أن دلفت ألاء الی غرفتها، إلتفتت الی أبيها وعقدت ساعديها أمام صدرها،وتحدثت بجدية قائلة: -قولی بقی يا بابا، إيه اللی خلاك توافق علی إن الخطوبة بعد تلات أيام؟ وضع مراد يده على رقبته يمسدها بلطف، ونظر الى ابنته يتفرس فى ملامحها،وإبتسم لها قائلاً: -علشان نفسي أشوفك إنتى وهى بالفستان الأبيض، دى كانت وصية أبوها إنى أجوزها للإنسان اللى يستاهلها ويصونها،وألاء مش هتلاقى أحسن من حمزة، وأنا كمان زى أى أب عايز يطمن على بنته، ويشوفها مع الراجل اللى يحميها ويخاف عليها، وده اللى أنا شايفه فى مصطفى، ووافقت بقى لإن انتى وهيا نفسي أشوف ولادكم، وأشيلهم وألعب بيهم ها فهمتى بقى يا حبيبتى!
اقتربت منه سلمى،وأمسكت يده تقبلها، وقالت بإبتسامة: -ربنا يخليك ليا يا بابا، وتشوف ولادى وتلعب معاهم زى ما بتتمنى يا حبيبى. وضع مراد يده على رأسها، وقربها منه يقبل جبينها بدون أن يتفوه بحرف. إبتعدت عنه سلمى قليلاً، ثم عقدت حاجبيها بتساؤل وقالت: -قولى بقى ليه مقلتش الكلمتين دول لألاء ؟وليه غاوى تعصبها كده ؟دى طلعت الأوضة وكانت هتفرقع من الغيظ، إنتوا هتفضلوا ناقر ونقير كده لحد إمته يا بابا؟
تعالت ضحكات مراد بشدة عقب إنتهاء سلمى من حديثها،وأخذ يسعل بشدة، فأعطته سلمى كوب الماء فأخذه منها وشربه دفعة واحدة،ثم وضعه بجانبه، وقال بابتسامة واسعة أظهرت نواجزه: -معرفش ليه بحب أشوفها متعصبة! من وهيا صغيرة وهيا كده خلقها ضيق، وبتتعصب بسرعة، فأنا من وهى طفلة بتقعد على رجلى،وأنا بحب أضايقها. ابتسمت سلمى لأبيها ونهضت قائلة: -طيب يا بابا إنت حر معاها، هسيبك أنا بقى وأنام تصبح على خير. رد والدها بابتسامة: -وإنتى من أهل الخير يا حبيبتى.
رواية انتقام مجهولة النسب بقلم شيماء رضوان الفصل التاسع
عاد فوزى الى شقته، وجد ابنته مريم فى انتظاره، أما زوجته دلفت الى غرفتها لتنام؛ لأنه دوماً ما يُسمعها الكلمات اللازعة،فهى تريد تجنب ذلك. كانت مريم تفرك يدها بتوتر تريد أن تعرف ما تم ببيت العروس، وما الذى إتفقوا عليه؟ فنهضت عندما وصل أبيها بابتسامة مصطنعة، تسأله عمّا حدث قائلة: -حمد الله على سلامتك يا بابا، أحضرلك العشا؟
جلس فوزى على أقرب أريكة، وأراح رأسه عليها قائلاً -لا يا مريم شكرا مش جعان، صمت قليلا يجلى حلقه ثم تحدث بنبرة متسائلة: -أمال والدتك فين؟ جلست مريم بجانبه،ونظرت اليه بدهشة؛ فلأول مرة يسال عن أمها عندما لا يجدها بالمنزل، فردت بإستغراب: -ماما دخلت نامت من شوية!
أومأ فوزى برأسه، وأغلق عينيه قليلاً شارداً فى أمره هو وزوجته، هل سيستمرون هكذا ينام كلا منهما على جانبه من الفراش بدون أن يتفوه أىٍ منهما بحرف؟ ظل شاراً لفترة حتى نادت عليه مريم قائلة بنبرة تحمل القلق: -مالك يا بابا، حضرتك تعبان ؟ نفى فوزى برأسه ونهض من على الأريكة،متجها الى غرفة نومه قائلاً: -لا يا بنتى مش تعبان، أنا عايز أنام بس. إستوقفته مريم بسؤالها دون أى مقدمات: -طيب عملتوا ايه هناك يا بابا؟ إتفقتوا على ايه؟
توقف فوزى فى مكانه والتفت اليها قائلاً: -عقبالك يا حبيبتى،خطوبة حمزة بعد تلات أيام . أنهى فوزى حديثه، وغادر الى غرفته دون إضافة كلمة أخرى أما مريم دخلت الى غرفتها بضيق،فالأمور على وشك الخروج عن السيطرة قريباً: أخرجت هاتفها، وطلبت رقم ملك وإنتظرت الرد، ولكن لم ياتيها الرد .
تأففت مريم بإنزعاج، وطلبت الرقم مرة أخرى ولكن لم ياتيها الرد كالمرة السابقة،فقذفت الهاتف على الفراش وجلست تتنفس بسرعة من شدة غضبها،لا تصدق أن حمزة سيتزوج أخرى، لن تستطيع أن تقف وتشاهده وهو يزف لأخرى دون أن تتدخل وتمنع ذلك الزواج، ستفعل أى شئ لايقافه مهما كلفها ذلك الأمر.
فى الصباح دلفت سلمى لغرفة ألاء لتوقظها لكى يبدأوا رحلة تسوقهم . جلست سلمى بجانبها على الفراش وهزتها برفق قائلة: -يالا يا ألاء قومى بقى، اليوم طويل أوى النهاردة، باقى يومين على الخطوبة،عايزين نجيب حاجتنا. تململت ألاء ببطء ؛ونظرت الى سلمى وعقدت حاجبيها قائلة بسخرية: -لا والله،حاجة إيه اللى هنروح نجيبها النهاردة يا أخرة صبري، إنتى ناسية إن النهاردة ورانا شغل فى الجريدة ولا إيه، أنا عندى تحقيق لازم اخلصه النهاردة!
صمتت قليلاً تراقب سلمى التى مازالت تبتسم لها وقالت بمرح: -وبعدين خليل مش هيرضى يدينا أجازة يا سلمى، ده يجيله شلل رباعى فيها! عقدت سلمى ذراعيها أمام صدرها،ورفعت حاجب واحد لألاء، فتلك المعتوهة لا تفكر إلا فى العمل، كان الله فى عون حمزة. فنهضت من على الفراش وتوجهت ناحية الباب،ثم التفتت الى ألاء وقالت بابتسامة بلهاء: -لا يا روحى ملكيش دعوة بخليل، بابا كلمه وأخد ليا أنا وإنتى أجازة النهاردة،قومى خدى شاور كده وإجهزى علشان نفطر وننزل.
فى منزل جلال نصار كان الجد يتناول الإفطار برفقة حسن وحمزة، وكانت السعادة تبدو جلية على وجه حمزة ويبتسم دائماً، كان حسن يراقبه بابتسامة خبيثة وأراد التسلية قليلاً، فنظر الى جده وغمز له بعينه ولم يفهم الجد نظراته،وعقد حاجبيه بتساؤل وجاء ليتحدث وضع حسن إصبعه على شفتيه كإشارة للجد أن لا يتحدث، فإبتسم الجد له وأشار أنه لن يتكلم . فالتفت حسن لأخيه وجده على حالته يأكل وهو شارد ويبتسم،فإلتفت الى جهة الباب قائلاً بصوت عالى الى حد ما: -اتفضلى يا ألاء، نورتى !
نهض حمزة بسرعة والتفت الى الباب، ولكن لم يجد أحداً فنظر الى أخيه بغيظ وجده يضحك هو وجده، فلكزه فى كتفه بخفة قائلا: -حركة رخمة على فكرة! تمالك الجد نفسه من الضحك، ونظر الى حفيده قائلاً: -لا حركة حلوة أوى الصراحة يا واد يا حسن . ضحك الجد مرة أخرى بشدة، شاركه ضحكاته حسن، فتملك حمزة الضيق ودخل الى غرفته وصفع الباب خلفه .
أخذ هاتفه، وحافظة جيبه، ونظارته الشمسية،وغادر متجها الى عمله دون أن يضيف كلمه اخرى. بعد ذهاب حمزة، اقترب حسن من جده وقال بلهفة لم يستطع إخفائها أبداً: -ها يا جدى،هتكلم عمى فوزى إمته علشان أتجوز مريم؟ أطرق الجد برأسه قليلاً يفكر،ثم نظر الى حسن، يعلم أنَّه يعشق مريم حتى النخاع،ولكنه لا يشعر أن مريم تحبه بل تتعامل مع حمزة بود أكثر منه،وتعامل حسن بجفاء، وهو دوماً يلاحظ ذلك.
عندما طال صمت الجد، قلق حسن وظن أنه تحدث مع عمه وأن عمه رفض زواجه من ابنته، فتنهد بضيق وضغط على كوب الماء الذى فى يده بشدة فى محاولة منه ليهدأ قليلاً، ولكن بدون أن يشعر تحطم كوب الماء بين أصابعه، وسال الدم منها. فزع الجد من الصوت،ونظر لحسن وجد يده تقطر دماً وحسن لا يعير يده إهتمام، بل لا يشعر بها من الأساس،وينظر أمامه شارداً فى نقطة ما. تنهد الجد ونهض ليحضر علبة الإسعافات الأولية من الحمام، ثم عاد وجلس على مقعده، وأمسك يد حسن لمعاجة جرحه،وبدأ فى تنظيفه.
نظر حسن لجده بجمود،ولم يتفوه بشئ،وظل صامتاً قليلاً الى أن باغت الجد بسؤاله قائلاً: -حضرتك كلمت عمى فوزى وهو رفض،صح يا جدى؟ نظر جلال لعينى حفيده التى تقطر ألماً وحزناً يحاول مداراته، ولكنه حفيده ويري وجعه بوضوح، فابتسم له قائلاً: -لا يا حبيبي، لسه مكلمتش عمك. نظر حسن لجده،وتبدلت تعبيرات وجهه من الجمود الى الذهول،وهتف بفرح: -صحيح يا جدى، لسه مكلمتش عمى!
أومأ له الجد بالموافقة،ثم أطرق رأسه مرة أخرى يتابع تقطيب جرح حفيده وتضميده. سأله حسن مرة أخرى قائلاً: -طيب ليه حضرتك سكت أول ما سألت؟ هتكلمه امته يا جدى ؟ إنتهى الجد من تضميد الجرح،ورفع رأسه ينظر فى عينى حفيده،بإبتسامه لم تصل لعينيه هاتفاً بهدوء: -لإنى خايف تكون مريم مش عايزاك وترفضك يا حسن، حاسس إنها بتحب واحد تانى دى بتعامل حمزه أخوك أحسن منك،وإنت علطول معاملتها ليك جافة!
أطرق حسن رأسه للأسفل قليلاً، وأخذ شهيقاً طويلاً ثم قال: -مريم بتحب حمزة يا جدى، وأنا ملاحظ ده من زمان وحمزة مش مديها إهتمام خالص،بدليل إنه راح خطب بنت تانية! بهتت ملامح الجد،وشحب وجهه وزاغت عيناه فى انحاء الغرفه، ثم قال بخفوت: -يعنى هيا بتحب أخوك وإنت عايز تتجوزها !طيب إزاى هتقبلها على نفسك يا حسن؟ وهيا كمان ليه مش بتحاول تنساه؟ وهيا عارفة إنه مش ليها! لم يتحدث حسن،وصمت ينظر لجده بملامح شاردة. إنزعج الجد من صمته،وتأفف قائلاً بحدة وهو يضرب الطاولة بيده: -ما تنطق يا حسن ساكت ليه؟
أغمض حسن عينيه قليلاً، كان لا يريد أن يعرف جده تلك الأمور ولكن حدث وإنتهى الأمر،فأجابه بخفوت: -لإنى بحبها يا جدى، عايز أتجوزها وأعلمها تحبنى وتعشقنى زى ما حبيتها وعشقتها، ومسيرها تنسي حمزة لما تلاقيه بقى مع واحدة تانية بيحبها وتحبه. فى فيلا مراد الاسيوطى هبطت ألاء الى الأسفل وجلست برفقة سلمى يتناولون الإفطار .
تعحبت لعدم وجود مراد فهذه أول مرة يكون غير متواجد يتناول طعام الإفطار معهما،ونظرت الى سلمى وجدتها تحتسي كوب الشاي خاصتها،فقالت: -غريبة يعنى أول مرة أونكل مراد ميفطرش معانا! تركت سلمى الكوب الذى بيدها ونظرت لألاء تجيبها بإبتسامة: -لإنه عنده شغل، ففطر بدرى ومشي، يالا إنتى كمان افطرى علشان نمشي. فى معرض الموبيليا الخاص بعائلة نصار كان الجد يتحدث بحدة شديدة وغضب قد تملك منه مع ولده الغائب فاروق، فقال: - قلت إرجع يا فاروق، إرجع يابنى أنا نفسي أشوفك بقى، بقالك سنتين متزلتش مصر، إيه يا فاروق أبوك موحشكش؟ إرجع بقى وعيش معايا،معدش فى العمر قد اللى راح .
جاءه الرد قائلاً: -مقدرش يا بابا،طول ما أنا شايف مديحة قدام عنيا هفتكر اللى عملته فى مراتى وبنتى،وممكن أعمل فيها حاجة وأنا مش شايف قدامى. صمت فاروق قليلاً ثم قال: -كده أحسن يا بابا،هاجى أزورك يوم واحد وأرجع تانى،مش هقدر أقعد فى بلد وأنا مش عارف بنتى إذا كانت عايشة ولا ميتة،مش هقدر! إشتاق اليه والده وبشدة يراه كل سنة مرة واحدة فقط، ولكن طوال السنتين الماضيتين لم يراه مطلقاً، فحاول إثنائه عن قراره قائلاً: -طيب حمزة ابن أخوك فؤاد الله يرحمه هيخطب بعد يومين،مش هتيجى تحضر الخطوبة وتباركله بنفسك؟
صمت فاروق قليلاً ثم قال: -حاضر يا بابا هاجى بعد يومين أحضر الخطوبة وأسافر تانى! إبتسم الجد قليلا بمكر فهذه المرة لن يعود ابنه للخارج مطلقاً، سيبقى تحت عينه الباقى من عمره، فقال بابتسامة خبيثة: -ماشى يا فاروق،براحتك يا ابنى، إعمل اللى انت عايزه. أنهى جلال نصار المكالمة وأغلق الهاتف قائلاً: -جه الأوان إن الطير المهاجر يرجع لعشه.
كانت ألاء تتجول مع سلمى فى إحدى المولات لشراء ما يلزم لحفل الخطبة، فوقفت ألاء أمام ثوباً يخطف الأنفاس، عبارة عن فستان من اللون الفضى بأكمامٍ طويلة، ورقبة عالية تغطى مؤخرة العنق،وفتحة صدر صغيرة لا تظهر شئ من جسدها،يضيق من الأعلى الى الخصر، ثم يهبط بإتساع الى الأسفل، له ذيل طويل من الخلف، مرصع بفصوص فضية ولكن درجة لونها أغمق من درجة لون الفستان .
أمسكت ألاء قماش الفستان وأشارت لسلمى بسعادة قائلة: -أنا هاخد ده يا سلمى،عاجبنى أوى وشايفة نفسى فيه. نظرت سلمى بإنبهار للفستان،ولكزت ألاء فى ذراعها قائلة بمرح: -ذوقك حلو علطول، يالا تعالى نقول للبنت اللى واقفة تبيع دى تنزله لينا،وإدخلى قيسيه. تحدثوا الى البائعة وطلبوا منها أن تنزل الفستان لتجرِّبه ألاء .
دخلت ألاء لتجربة الفستان، وخرجت بعد قليل لتنظر لها سلمى والبائعة بإنبهار؛ فالفستان كانه فُصِّل خصيصاً لها. اتفقوا مع البائعة على ثمنه وأخذته ألاء، وأكملوا مهمة البحث مرة أخرى لمستلزمات الفستان، وأيضا إختيار فستان يناسب سلمى ومستلزماته أيضا. بعد فترة من البحث قد أهلكت فيها ألاء،فسلمى لم تختار شيئاً الى الآن . توقفت ألاء مرة واحدة ونظرت لسلمى بضيق، وعقدت ساعديها أمام صدرها قائلة: -شوفى بقى، أنا تعبت بقالنا كتير بنلف،أنا إختارت الفستان والجزمة وكل مستلزماته، إنما انتى لسه مش لاقية حاجة،أنا تعبت من اللف يا سلمى!
نظرت لها سلمى بضيق وزمت شفتيها،ونظرت للجانب الاخر وتحدثت بعبوس قائلة: -أعمل إيه يعنى يا ألاء؟ مفيش حاجة شدتنى ودى خطوبة،لو مكنتش مقتنعة باللى لابساه مش هبقى فرحانة ولا ومرتاحة. عضت ألاء على شفتيها بضيق، فما ذنب سلمى إن لم تجد ما يناسب ذوقها الى الآن،فاقتربت منها ووضعت يدها على كتفها بإبتسامة،وأدارتها لتلتفت إليها،فالتفتت سلمى إليها ومازالت عابسة بشدة، فضحكت ألاء عليها وقالت: -إضحكى يا سلمى، شكلك بيبقى وحش وإنتى مكشرة،وتعالى ندور تانى مش هنروح النهاردة الا لما نشترى حاجتك كلها.
ابتسمت سلمى لها،وسارت معها مرة أخرى الى أحد المولات لعلها تجد مبتغاها. كانوا ما زالوا يبحثون فى المول،دق هاتف سلمى وكان مراد سألهم عن أحوالهم وعن اسم المول المتواجدين فيه، فأجابته سلمى وأغلق الهاتف. نظرت سلمى لهاتفها بدهشة وقالت: -بس كده! التفتت لها ألاء التى كانت تمسك إحدى الفساتين وتحدثت بإستغراب قائلة: -هو إيه اللى بس كده؟
إتجهت اليها سلمى وأشارت لهاتفها قائلة: -أصل بابا إتصل وسألنى عاملين إيه واسم المول وبعدين قفل،طيب سأل على اسم المول ليه؟ رفعت ألاء كتفيها للأعلى؛ دليل على عدم الإهتمام، وقالت: -طيب فيها ايه يعنى، عايز يطمن، يالا يا سلمى الله يكرمك فى هناك فساتين حلوة تعالى نشوف. وقفت سلمى أمام فستان من اللون الأسود،يتداخل معه اللون الأحمر النارى، يضيق من الأعلى الى الأسفل،وينتهى بقصة على شكل ذيل سمكة .
أمسكت سلمى طرفه بسعادة وقالت: -هو ده يا ألاء الفستان اللى أنا عايزاه! بعد فترة إنتهت سلمى من شراء الفستان وكل متعلقاته والحجاب الخاص به. هاتفهم مراد مرة أخرى، وطلب منهم الذهاب للمطعم الخاص بالمول . إندهشت كلا من سلمى وألاء من طلبه،وشعرت ألاء أنَّ هناك خطباً ما،ولكن إمثلت لطلبه وسارت مع سلمى الى المطعم، فوجدت على إحدى الطاولات مالم تتوقعه !
حيث كان هناك حمزة يجلس مع مصطفى، وعندما رأهم نهض وإبتسم لها، فضحكت على أفعال مراد، وذهبت هى وسلمى إليهما،ووقفت عاقدة ساعديها الى صدرها قائلة: -حلوة اللعبة دى صح؟ إبتسم حمزة لها، فقد هاتف مراد من فترة وسأل على ألاء، التى رفضت أن تعطيه رقم هاتفها إلا بعد الخطبة، وعلم أنها مع سلمى يشترون إحتياجات الخطبة،وطلب منه أن يعرف مكانهما لكى يتناول هو ومصطفى طعام الغداء معهما.
فتنهد قائلاً: -مكنش فى قدامنا حل تانى،كنت عايز نتغدى سوا وإنتى مردتيش تدينى رقم تلفونك! نظرت حولها قليلاً فوجدت بعض الأشخاص ينظرون اليهم، فقالت لسلمى: -اقعدى يا سلمى، الناس بتتفرج علينا! نظر مصطفى لسلمى بإبتسامة قائلاً: -إذيك يا سلمى، عاملة ايه؟ بادلته سلمى إبتسامته وقالت -الحمد لله!
جلسوا يتناولون الطعام،وكان يريد كلاً من حمزة ومصطفى توصيلهما إلا أن ألاء رفضت رفضاً قاطعاً. كانت مريم تجلس فى النادى شاردة تفكر فى أمر خطبة حمزة المقرر موعدها بعد يومين،ماذا تفعل والموضوع يحدث سريعاً،تخاف أن يتم حفل الزفاف سريعاً كما سيتم حفل الخطبة،يجب أن تجد حلاً بأقصى سرعة، قبل أن يحدث مالا يحمد عقباه. أتت ملك ولم تلاحظها مريم،ونظرت لها بإبتسامة كريهة تتمنى الضرر لها كما سببت والدة مريم الضرر لوالدتها.
تنهدت ملك بحقدٍ دفين،وجلست بجوارها تسألها عن سبب استدعائها بتلك السرعة، فقالت بمكر: -مالك يا قلبى؟ نظرت لها مريم بحزن قد احتل قسمات وجهها، وأزالت دمعة شاردة سقطت من عيناها، وارتمت فى حضن صديقتها قائلة بألم: -حمزة هيخطب بعد يومين يا ملك،شوفيلى حل أرجوكى! أبعدتها ملك بتأفف لم تبديه لها،وقالت بإبتسامة ماكرة: -سيبي الأمور تمشي زى ما هيا؛ لإن الخطة اللى فى دماغى أنسب توقيت ليها قبل الفرح بأسبوعين كده.
رواية انتقام مجهولة النسب بقلم شيماء رضوان الفصل العاشر
مر يومان لم يحدث فيهما جديد،سوى إنشغال مراد بتجهيز الفيلا لحفل الخطبة وألاء وسلمى يساعدانه، أما مصطفى وحمزة يحاولان إنجاز الأعمال المعلقة؛ حتى يستطيعا أخذ يوم الخطبة واليوم الذى يليه عطلة، لهما ليخرج كلاً منهما مع خطيبته.
يوم الخطبة صباحاً ترجل من سيارة الأجرة رجلاً فى العقد الخامس من عمره، مازال يحتفظ بلون شعره الأسود الداكن ماعدا بعض الشعيرات الفضية التى تخللت رأسه، يتطلع الى المنزل بإشتياق، ذلك المنزل الذى قضى فيه أجمل أيام حياته وأيضا أتعسها،مازال يتذكر اليوم الذى علم فيه أن زوجة أخيه إختطفت ابنته وأعطتها لإحدى الممرضات، لتتخلص منها بسبب حقدها على زوجته،وعندما سألوا على تلك الممرضة لم يجدوا لها أى أثر لعدم معرفتهم بأسمها. فاق من ذكرياته ودلف المنزل يصعد أولى خطواته متجهاً الى والده .
عندما وصل الى باب الشقة التى يقطن بها أبيه وابنى أخيه الراحل "حمزة"، "حسن" دق الجرس بلهفة،فقد إشتاق لأحضان أبيه . فتح حسن الباب الذى نظر له بدهشة لا يصدق أن عمه الغائب أمامه الآن! إحتضنه حسن بإشتياق واضح، فكان يعتبره بمنزله أبيه وقال: -وحشتنى اوى يا عمى! شدد فاروق من إحتضان ابن أخيه، وهمس بسعادة -وحشتنى يا حسن!
ابتعد حسن عنه بعد فترة قليلة، وابتسم له بود قائلاً: -اتفضل يا عمى، ده جدى هيفرح أوى إنك رجعت. نظر له فاروق بجمود،ونظرات باردة لا توحى بشئ، وقال: -بس أنا جاى زيارة يا حسن أحضر الخطوبة وراجع تانى، مش هفضل علطول يا ابن أخويا. لم تختفى إبتسامة حسن بالرغم من أنه حزن لان عمه سيسافر مرة أخرى، إلا أن إشتياقه للجلوس معه كان أكبر من حزنه، فسار معه الى المكان الذى يجلس فيه جده وشقيقه يتناولون الإفطار.
عندما رأه الجد إبتسمت عيناه قبل شفتاه، ونهض ليقف على قدميه فاتحاً ذراعيه ليسرع اليه فاروق ليرتمى بأحضانه،ويتنفس رائحته التى إشتاق لها بشدة . أخذ يتمتم جلال بالحمد لأن ابنه بأحضانه، بعد أن يأس أن يراه مرة أخرى. ظلوا محتضنين بعضهما البعض فترة دون أن يتفوها بشئ، وسط مراقبة كلاً من حمزة وحسن لهما. بعد فترة ابتعد فاروق عن أبيه وأمسك يده يقبلها بإشتياق،ثم جلس معه على إحدى الأرائك ينظرون لبعضهما فى إشتياق،إلى أن قطع صمتهما صوت حمزة قائلاً بمرح: -إيه يا عمى مش هتسلم عليا ولا إيه، ده حتى أنا العريس!
ضحك فاروق وأشار له بالإقتراب، وإحتضنه هو الأخر قائلاً: -حمد الله على سلامتك يا عمى، البيت كان مضلم من غيرك! إبتعد عنه فاروق وقال بحنان: -الله يسلمك يا حبيبي، وألف مبروك عقبال الفرح إن شاء الله . رد عليه حمزة بابتسامة: -الله يبارك فيك يا عمى. وضع جلال يده على قدم ابنه وقال بإشتياق: -وحشتنى أوى يا فاروق،غيبتك طولت المرة دى أوى يا ابنى.
أمسك فاروق يد أبيه مرة أخرى،وقال بإشتياق: -وإنت كمان وحشتنى أوى يا بابا، متعرفش أنا ببقى حاسس إزاى وأنا بعيد عنك وعن أخويا وولاد أخويا. نظر له والده ودمعت عيناه،ووضع يده على وجه ابنه قائلاً بحنان: -فى إيدك يا حبيبي تفضل هنا، إنت اللى عايز تفضل مسافر علطول،خليك هنا يا فاروق نفسى تفضل جنبى زى أخوك يا حبيبي. إحتدت عيناه،وظهر بها الغضب الذى لا يريد أن يريه لأحد،ونظر للجانب الأخر مغمضا عيناه بشدة، فى محاولة منه للسيطرة على غضبه، قائلاً: -حضرتك عارف إنى مقدرش أقعد هنا،طول ما أنا شايفها قدامى مش هقدر أسيطر على نفسي، وممكن أخلص عليها!
إبتلع جلال ريقه بخوف من رد فعل ابنه عندما يرى مديحة،وأخذ يفكر ماذا يفعل؟ يجب أن يجد حلاً، فزفر بضيق وقال: -علشان خاطرى يا فاروق، خليك معايا شوية يا حبيبى،أنا عايزك جنبى! زفر فاروق بضيق، فوالده يضغط على أعصابه وقوة تحمله،كيف يمكنه التواجد بنفس المكان الذى تتواجد فيه من دمرت بيته وتسببت فى موت زوجته وضياع ابنته؟ طال صمته وهو شارد فى ذكرياته،لم يفق إلا على هزة خفيفة من يد أخيه الذى هاتفه حين أتى ليهبط الى الأسفل.
نظر فاروق بإبتسامه لأخيه فوزى،ونهض وأخده فى أحضانه وربت على كتفه قائلاً: -وحشتنى يا فوزى أوى! ضمه أخاه بشدة فقد إشتاق اليه كثيراً،يتمنى أن تعود المياه لمجاريها حتى يعيش معهم مرة أخرى. تنهد فوزى بتعب فأخيه مصر على البقاء بعيداً، يريد أن يجتمعا معا مرة أخرى، مل البعد واشتاق لقرب أخيه كالأيام الخوالى . ابتعد الشقيقان عن بعضهما،وجلسا يتحدثان بسعادة بادية على وجهيهما،وسط نظرات والدهما الذى كان يبتسم لإجتماع الشقيقان مرة أخرى.
اما حمزة وحسن انصرفا لترتيب أمورهما قبل الخطبة. ساد جو من الصفاء والهدوء، الى أن تحدث فوزى بحنين قائلاً: -مش ناوى تستقر هنا بقى يا فاروق! نفسي نرجع زى زمان. قست نظرات فاروق الذى كان ينقل نظراته بين أخيه ووالده،ثم نهض بسرعة وأعطى ظهره لأخيه وقال بغضب يهدد بحرق الأخضر واليابس: -بلاش نتكلم فى الموضوع ده تانى يا فوزى؛ لأنه مش بيجيب غير الوجع.
نهض فوزى هو الأخر،ووقف أمام أخيه وأمسك كتفيه يضغط عليهما بيديه،وقال بنبرة حزينة يشوبها الإنكسار: -أنا عايزك تفضل هنا جنبى،وأبوك اللى دايما كل ليلة يمسك صورتك وبيتمنى يعيش اللى باقى من عمره معاك،ليه عايز تمشي تانى؟ بتحب الغربة أوى علشان كده مش قادر تفضل معانا ! صمت فوزى قليلا يتنفس بسرعة، أمَّا فاروق نظر لأبيه بحزن على ما يحدث .
أما جلال صامت يراقب ما يحدث، يتمنى أن يستطيع فوزى إقناع أخيه بالعدول عن قراره، والبقاء معهم كما كانوا فى الماضى. أطرق فاروق رأسه الى الأسفل يضغط على قبضة يده بشدة،يحاول كبت غضبه حتى لا يتحدث بما لا يريد ويجرح أخيه. فى حين تابع فوزى ضاغطاً عليه قائلاً: -خليك هنا نرجع زى زمان يا فاروق، إنت أخويا ومحتاجلك، لو أمينة الله يرحمها كانت عايشة عمرها ما كانت هتوافق على اللى انت بتعمله ده.
الى هنا وكفى،وصل فاروق لأقصى درجات تحمله، حاول كبح غضبه،ولكنه أيقظ وجعه مرة أخرى عندما ذكر زوجته الراحلة،التى تسببت زوجة أخيه بموتها فنظر لأخيه وتحدث بصوت عالٍ وصل الى الطابق الذى يقطن به أخيه قائلاً: -عايزنى أقعد هنا معاكوا وبتسأل أنا حابب الغربة ليه؟ عايز تسمع الإجابة يعنى،طيب أسمع بقى!
-أنا مش طايق أقعد هنا،علشان مشوفش وش مراتك اللى ضيعت بنتى وكانت سبب فى موت مراتى، ولما شالت الرحم ندمت على اللى عملته وجاية بكل بجاحة تقول إنها السبب وإنها خدت بنتى وإدتها لممرضة تخلص منها،مراتك خلت الممرضة جابت ولد ميت وقالت إن أمينه خلفت ولد ومات،بسببها أمينه نزفت كتير وشالت الرحم،ولما عرفت إنها مش هتخلف تانى ماتت بحسرتها بعد ما عرفت بيومين،
مراتك أذتنى فوق ما تتخيل يا فوزى ودمرت حياتى، وربنا عاقبها إنها شالت الرحم بعد ما خلفت مريم . صمت فاروق قليلاً،وهبطت دموعه على وجنتيه وابتلع غصة فى حلقه، وقال بحسرة: -بس على الأقل بنتك معاك، أما أنا بقى مش عارف إذا كانت عايشة ولا ميتة؟ ربنا اللى عالم بيها،بس لو عايشة يارب يجمعنى بيها وأخدها فى حضنى، ولو ميتة يارب يجمعنى بيها أنا وأمها فى الأخرة.
كانت تقف مديحة ودموعها تهطل بغزارة على وجنتيها،تضع يدها على فمها تكتم شهقاتها فهى لم ترى فاروق بتلك الحالة أبداً، ندمت أشد الندم أنها فعلت ذلك،كان غضبها وحقدها على أمينة يعميها لأنه رفض أن يتزوجها وفضل أمينه عليها، لم تستطع التحكم بغضبها وذهبت الى المشفى وأجبرت ممرضة أن تتخلص من الفتاة فأخذتها الممرضة وأبدلتها بصبي ميت،وأخبرت الجميع أن أمينه أنجبت صبى ولكنه ميت، مرضت أمينة بشدة وتم إستئصال رحمها، وعندما علمت أنها لن تلد ولن تصبح أما ماتت بعد يومين من إستئصال رحمها.
تكرر نفس الأمر مع مديحة، وشاء الله أن يعاقبها، فعندما أنجبت مريم تم إستئصال رحمها هى الأخرى، فعلمت أنه ذنب ما فعلته بأمينة، فندمت وقررت التوبة وقصت لهم ما حدث، ذهبت معهم الى المشفى ولم تجد الممرضة التى أخذت الفتاة ولم تكن حتى تعرف اسما لها وكان الأرض إنشقت وابتلعتها،لم يسامحها زوجها الى الآن بسبب حزن أخيه وإصراره أن يبقى بالخارج دوما حتى لا يراها، أما عمها الحاج جلال سامحها بعد فترة لأنها ندمت وتابت،وفاروق حاقد عليها وغاضب الى الآن،وكان ما حدث لم يحدث من خمس وعشرون عاما وإنما حدث الآن،
فاقت مديحة من ذكرياتها على صوت بكاء وإنهيار فاروق فى أحضان أبيه، وإختارت الصعود لبيتها حتى لا يراها ويزداد إنهياره وسخطه عليها. بعد فترة هدأ فاروق فى أحضان أبيه،فابتعد ونظر لأخيه بإنكسار فقد أخطا فأخيه أيضاً حزين من يومها، يعلم أن أخيه ابتعد عن زوجته التى يحبها ورفض أن يسامحها إلا عندما يسامح هو زوجة أخيه، لو الأمر بيده لسامحها ولكن الأمر أكبر من قوة تحمله فنهض ووقف أمام أخيه قائلاً بحزن: -أنا أسف إنى قلت الكلام ده يا فوزى ياريت تسامحنى أنا كاتم كل ده جوايا وساكت إنت ضغطت عليا أوى وخلتنى أنفجر بالشكل ده.
اقترب منه أخيه واحتضنه بود وربت على رأسه، فإنفجار أخيه من الممكن أن يريحه قليلاً سيرتاح فاروق ويهدأ باله بعد أن أخرج ما فى قلبه . إبتعد الشقيقان عن بعضهما وإبتسم له فوزى قائلاً: أنا مش زعلان منك يا فاروق عندك حق فى كل اللى قلته وإن شاء الله ربنا يجمعك ببنتك وتطلع عايشة. صمت فوزى قليلاً ومسد عينيه بإرهاق قائلاً: -أنا هطلع أنام عايز أرتاح شوية قبل الخطوبة،علشان اليوم طويل.
صعد فوزى بإرهاق،فمواجهته مع أخيه إستنفذت طاقته وجعلته شارداً يفكر فيما سيحدث بعد ذلك. دلف الى غرفة نومه وجد زوجته تبكى بإنهيار، فاقترب منها بسرعة فمازال يحبها ولم ينقص حبها فى قلبه حتى بعد أن علم بما فعلته،أمسك وجهها بين يديه ليرى دموعها التى تهطل بغزارة على وجنتيها،فقال بلهفة لم يستطع إخفائها: مالك يا مديحة، ايه اللى حصلك؟ بتعيطى ليه؟
رأت مديحة اللهفة فى عينيه ظاهرة بوضوح وأيضاً عشقه لها،فازداد بكائها أكثر لأنها بغبائها لم تعلم بحبه إلا بعد فوات الأوان،وركضت وراء سراب توهمت أنه حبا، فألقت نفسها فى أحضانه،وإزداد نحيبها أكثر قائلة بشهقات متتالية: أنا أسفة أوى، أنا ندمانة على أى حاجة عملتها غلط زمان، أنا تبت والله نفسي فاروق يسامحنى وإنت كمان تسامحنى، أنا غلطت لما عملت كده. انصدم فوزى مما فعلته،وحاول التماسك كى لا يحتضنها هو الأخر، فأبعدها عنه برفق عقب إنتهائها من حديثها وقال بحزن: -خلاص يا مديحة العياط مش هيفيد، اللى حصل حصل وربنا يلطف بينا .
ترك فوزى الغرفة وغادر ليرتاح فى غرفة أخرى، تاركا مديحة مازالت تبكى عقب صعود فوزى لشقته اقترب جلال من فاروق وربت على رأسه قائلاً بحزن: -سامحنى يا ابنى إنى ضغطت عليك تقعد معانا هنا، أنا عملت كده علشان تقعد معايا و نتجمع زى زمان. قبل فاروق يد أبيه وقد قرر البقاء بجوار أبيه، يجب أن يضغط على نفسه ليرضى والده، رؤية أبيه بهذا الشكل بشرته شاحبة والتجاعيد ملأت وجهه يجعله غير قادر على البقاء بعيدا عنه، بعد أن كان كالجبل لا يهزه شئ،فتنهد بضيق قائلاً: -خلاص يا بابا أنا هفضل هنا علطول، بعد الخطوبة هسافر أنهى كل حاجة هناك، وأجيب بقية هدومى وأفضل هنا.
فى المساء حضر الجميع من أجل حفل الخطبة، لم يدعو مراد إلا أشخاص قليلة؛ أرادها أن تكون حفلة عائلية يحضرها المقربون فقط. كان حمزة ومصطفى يقفان كلاً منهما فى إنتظار عروسه، والجد يقف بين أولاده فوزى وفاروق ينظر لكل منهما بآبتسامة لإجتماعهما مرة أخرى، لا يصدق نفسه الى الآن أن ابنه الغائب قرر البقاء هنا دوماً يعيش معه ولن يفارقه مرة أخرى . أما مديحة رفضت المجئ حتى لا يراها فاروق وينهار مرة أخرى.
حسن يقف بجوار عمه ينظر لمريم التى تقف شاردة، وكانت جميلة بملامحها الهادئة،وفستانها الأرجوانى، الذى يصل ذراعيه لمرفقيها،يصل الى بعد الركبة من الأمام،أما من الخلف فهو يصل الى كاحلها مغلق من الصدر حتى تتجنب عصبية أبيها وحسن. أما العروستان هبطتا من الأعلى تتأبط كل منهما ذراع مراد،يبتسمان للجميع حيث تألقت ألاء بفستانها الفضي،وشعرها القصير الذى تركته حراً، ومستحضرات تجميل تكاد لا ترى؛ لأنها لم تضع إلا القليل .
أما سلمى أبهرتهم بفستانها الأسود الذى يتداخل فيه اللون الأحمر النارى، وحجابها الأحمر،وأيضا لم تضع إلا القليل من مستحضرات التجميل. سلم مراد كل واحدة منهما الى عريسها،وجلسوا فى المكان المخصص لهم. كان حمزة ينظر لالاء بفرح أنها بجانبه الآن، وسترتدى دبلته بعد قليل،أعجب بها منذ أن رأها،مع ذلك لم يصل لدرجة الحب،ولكنه يثق أنه سيهيم بها عشقا؛ فتلك الفتاة تأسر القلوب .
أما هى ابتسمت له وضحكت عندما أطال النظر لها بدون أن يتفوه بحرف وقالت: -هتفضل تبصلى كده كتير،ركز أهلك جايين يباركوا لينا. نظر حمزة أمامه فوجد عائلته قادمة بإتجاههم، وعلى رأسهم جده جلال نصار. إقترب منه جلال، فنهض حمزة وأمسك يد جده يقبلها فربت الجد على رأسه قائلاً: -ألف مبروك يا حبيبي!
رد عليه حمزة بإبتسامة: -الله يبارك فيك يا جدى! إقترب الجد من ألاء قائلاً بإبتسامة: -ألف مبروك يا بنتى! بادلته ألاء إبتسامته قائلة: الله يبارك في حضرتك.