رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل السادس والعشرون
أسرعت سعاد في خطواتها، لقد تأخرت اليوم وعليها اعداد الطعام قبل أن تأتي خالتها لزيارتها، صعدت درجات السلم وتوقفت أمام باب شقتها تخرج مفتاحها من حقيبتها بصعوبة بسبب الأكياس التي تحملها ثم فتحت الباب وماان فتحت الباب حتى اتسعت عيناها بصدمة، فالشقة صارت فوضى. لا شيء بمكانه أبداً، لابد وأن لص اقتحم المكان في غيابها، شعرت بالهلع وتراجعت خطوتين تنوي مغادرة الشقة وإبلاغ الشرطة حين سمعت صوت زوجها يقول ببرود:.
رايحة فين ياسعاد؟ عقدت حاجبيها وهي تتقدم مجدداً إلى الداخل تقول بحيرة: أشرف! ظهر من المطبخ قائلا بسخرية: أيوة أشرف أمال كنتِ فاكرة مين؟ وضعت الأكياس من يدها على الطاولة وهي تقول: حرامي طبعاً، ايه اللي عملته في البيت ده؟ وليه؟ مش تقولي لجوزك حمد الله على السلامة الأول. طالعته قائلة بعتاب: خرجت من المصحة ليه ياأشرف؟ اقترب منها يحدجها بنظرة حادة وهو يقول:.
كنت عايزانى أقعد فيها مش كدة؟ عشان يخلالك الجو وتعملي اللي أنتِ عايزاه. اتسعت عيناها تقول باستنكار: عشان يخلالي الجو؟ ايه الكلام الفارغ ده؟أنا كنت عايزاك تخف وترجع لبيتك ومامتك وبنتك بخير. كنت عايزاك تفوق م اللي انت فيه. وانتِ؟ أنا؟! مجيبتيش سيرتك يعني، ايه مش عايزانى أرجعلك؟ أكيد عايزة. أشرف أنا عايزة أقولك علي حاجة، أنا.. قاطعها قائلاً بغضب: انتِ خاينة ومتستاهليش قلبي اللي حبك ياسعاد.
اتسعت عيناها بصدمة قائلة: انت بتقول إيه؟ اتجننت ولا شارب حاجة؟ أظهر هذه الورقة التي أخفاها خلف ظهره قائلا: أنا شارب صحيح بس فايق وصاحيلك يابنت توفيق، فسريلي انتِ رسمتك لابن خالتك وهو بيلعب مع تقي على شط البحر. قوليلي محمد كان بيعمل ايه معاكِ لوحدكم في بلد غريب يابنت الأصول يامتربية؟ نظرت إلى الرسمة قائلة باضطراب: كان مسافر يطمن عليا لما عرف اني في بلد غريبة لوحدي زي ماانت بتقول.
لتهاجم وقد رأت في عيونه نظرة غاضبة ساخرة مردفة: كان المفروض انت اللي تعمل كدة. مش هو. كمان بتلوميني يافاجرة، أنا اللي غلطان اني آمنت لواحدة زيك. اتسعت عيناها بهلع وهي تراه يخرج سكيناً من بنطاله لتقول بنبرات مرتجفة: انت هتعمل إيه يامجنون؟ ظهر الشر بعينيه وهو يقول: هنتقم لشرفي وأقتلك. هشرب من دمك ياخاينة. تراجعت قائلة بخوف:.
اهدي ياأشرف واسمعني، متعملش حاجة تندم عليها بعدين. والله العظيم أنا بريئة والهباب اللي بتشربه هو اللي مهيألك اني خنتك ومحافظتش على شرفك. متسمعش لوساوس الشيطان وتدمر حياتنا. تأمل ملامحها قائلاً بمرارة: بالعكس انا شايفك دلوقتي على حقيقتك. والمصيبة اني حبيتك بجد لكن انتِ عمرك ماحبتيني، كنت بتحبيه مش كدة؟ كنتوا متفقين على الجواز وانا فرقتكم بس مقدرتوش تبعدوا عن بعض ودبحتوني. اغروقت عيناها بالدموع تقول:.
والله العظيم انت فاهم غلط. والله العظيم انا بريئة وانت ظالمني. واللي شافك قاعدة معاه لوحدك في الكافيتريا برضه ظالمك؟ لم تدري في هذه اللحظة كيف تبرر له لقائها بابن خالتها دون أن تزيد الأمر سوءا فظهر الاضطراب على ملامحها وصمتت ليفسر أشرف اضطرابها وصمتها بطريقة خاطئة، اكفهرت ملامحه وهو يرفع السكين تجاهها قائلاً بغضب: قلتلك خاينة وجزاكِ الموت.
استدارت تحاول الهروب من طعنته وقد أدركت أن مساً من الجنون أصابه فأصابتها السكين في ظهرها لتصرخ من الألم قبل أن تسقط أرضاً على ركبتيها، اقترب منها أشرف يجذبها من شعرها فتأوهت قائلة بصوت يإن من الألم: ارحمني أبوس ايديك. قال بحدة: وانتِ مرحمتنيش ليه؟ ياأيها المؤمنون ان جاءكم فاسق... اخرسي. مش عايز تسمع كلام ربنا. خايف منه؟ انا باخد حقي.
انت عارف من جواك اني مستحيل اغضب ربنا. انت عاشرتني وعارف بخاف منه قد إيه. الله يلعن المخدرات اللي لحست دماغك. خلاص مبقتش خايفة من الموت كمل عليا واقتلني، الموت أرحم من اني أعيش مع واحد زيك. دفعها بقوة هادراً: قلتلك اخرسي. ارتمت على الأرض تمسك بطنها وهي تتأوه بقوة، تقول من بين أنفاسها المتقطعة: انا خلاص بموت وابنك كمان بيموت. أنا حاسة بيه. ياريت تكون كدة ارتحت. عقد حاجبيه بقوة قائلا:.
انتِ بتخرفي بتقولي ايه؟ وجد دماءاً غزيرة تخرج من تحتها، شعر بدلو من المياه الباردة يُصب فوق رأسه، ليعود بعينيه إلى عينيها تظهر في مقلتيه آثار الصدمة لتقول بألم:.
أيوة كنت حامل منك. حامل في شهرين والدكتورة قالتلي انه علي الأغلب ولد، افتكرته خبر هيخليك تكمل في المصحة عشان خاطره. عشان خاطر ترجع لولادنا. كنت ناوية أجيلك وأفرحك اول مايسمحوا بالزيارة. غبية مش كدة؟بقيت عليك وانت من غير بينة ولا دليل حكمت عليا ونفذت حكمك. والله العظيم اللي رايحة لرحمته دلوقت أنا بريئة وعمري ماخنتك، لقانا يوم الدين ياأشرف. عند اللي خلقني وخلقك. وقتها هو اللي هياخدلي حقي منك.
أغلقت عيناها ببطىء لينظر إليها أشرف بصدمة يترك السكين لتقع من يده بعد أن ذهب عنه شيطانه وقد أدى مهمته على أكمل وجه. تأملها يقول بهذيان: سعاد ردي عليا ياسعاد. لم تجبه فهزها بيده مردفاً: ياسعاد فتحي عنيكِ وقومي. اضربيني موتيني اعملي فيا اللي انتِ عايزاه بس قومي. لم تجبه مجدداً، ليدرك ماعجز عقله الآن عن استيعابه، لقد قتلها في لحظة تملكه فيها شيطانه ولا شيء سيعيدها إلى الحياة.
نعم بأي دليل أدانها؟ لم ير عليها قط مايدفعه للظن بها. انها نفسه الضعيفة من سولت له سوء عملها كي تستحق مااقترفته يداه بحقها طوال سنوات زواجهما والآن فقط بعد غيابها يدرك أنه خسر أجمل شيء امتلكه ولا شيء سيعوض خسارته. نهض ببطئ يتراجع للخلف قبل أن يهرع خارجاً من المكان ينزل السلالم هرولة ليصطدم بأحدهم، اندفع لا يبالي، بينما عقدت الخالة جليلة حاجبيها لمرأي أشرف بهذه الحالة، أسرعت بالصعود إلي شقة سعاد وما إن دلفت إليها حتى تعالي صراخها بالمكان ليعود الرجلين اللذان كلفهما رءوف بحراسة شقة أشرف بعد أن كانا يتبعان الأخير ليصعدان بسرعة تجاه مصدر الصوت.
في شركة بدران للإستيراد والتصدير. انتِ بتقولي ايه ياعليّة؟
اللي انت مش راضي تقوله ياماهر؟ اللي مخبيه جوة قلبك عشان متجرحنيش، خايف عليا من الصدمة مش كدة؟ متخافش أنا مبقتش عليّة بتاعة زمان ولا بيني وبينك اللي كان بيني وبين صلاح الله يرحمه يبقى ليه نكمل وانت بتحب واحدة تانية؟ ليه أعيش معاك وانت قلبك وعقلك مع غيري؟ انت شايف اني أستاهل كدة؟أستاهل اللي باقيلي من قلبك، ده لو باقيلي حاجة منه أساساً بعد مروة ماملكته كله.
منحها ماهر ظهره يخفى وجع قلبه حين ذكرت اسمها قائلاً: هنساها صدقيني وهيرجعلك قلبي فاضي من تاني. بدا صوته ثابتاً رغم الألم ورغم ثقته بعدم استطاعته فعل ذلك ولكنه أغمض عيونه يتوسل ان تصدق احرفه الكاذبة، قد يستطيع كسر قلبه وقلب حبيبته ولكن قلبها هي. لن يستطيع أبدا. انها الأخت الضعيفة التي لطالما كان هو عضدها وحاميها، حتى أنه قاطع أخاه لكسره قلبها فكيف يفعلها هو؟
فتح عيونه حين وجد يدها تلمس كتفه وصوتها الحاني يصله وهي تقول: قلتلك متخافش عليا، وبعدين انت بتكدب عليا ولا على نفسك؟ حب مروة ساكن في قلبك، لا يمكن تنساها أبداً مهما حصل. استدارت يطالعها بحيرة فأردفت قائلة:.
مختلفة عن نفين. لقيت فيها روحك أمنياتك أحلامك مش كدة؟ معاها مبتفكرش بتلاقي نفسك على طبيعتها. بتخرج احلى مافيك وأسوأ مافيك. علي قد مابتبقي عايز تخنقها بتبقى عايز تضمها. عارف ومتأكد ان سعادتك وياها وبس ولما بتغمض عنيك بتشوف صورتها هي وبس. بتوحشك وهي وياك والوحيدة اللي فاهماك وقرياك من جوة. مش كدة؟ إنتِ عايزة مني ايه بالظبط ياعليّة؟
عايزاك تفوق قبل ماتضيع منك حبيبتك. مروة هي نصك التاني، حبك الحقيقي، ليه تضيعها من ايدك لما في ايدك تكون وياك طول العمر؟ وانتِ؟ أنا من حقي أرتبط بواحد أكون له انا كمان نصه التاني والحد ده لقيته خلاص ومش مستعدة أخسره. قطب جبينه بحيرة قائلاً: قصدك ايه؟ ابتسمت قائلة: قصدي إن آن الأوان للأخ يطمن على أخته ويبطل يشيل همها لان فيه حد تاني هيشيله.
فُتح الباب في هذه اللحظة وظهر مراد على الباب مبتسماً، ليعود ماهر بعينيه إلى عليّة التي هزت رأسها قائلة بابتسامة: هو نصي التاني ياماهر. مراد. اقترب مراد منهما فمالبث ماهر ان ابتسم قائلاً: أنا حقيقي مش عارف أقولكم ايه؟ قالت عليّة بمرح: انت لسة هتقول؟ روح فرح المسكينة اللي واقعة لشوشتها في حبك واطلب منها الجواز خلي الفرح يبقوا اتنين. رن هاتفه فطالع شاشته ليجدها والدته، أجابها بابتسامة قائلاً: ماما...
قطع كلماته وهو يقطب جبينه يستمع لوالدته بينما تطلع كل من عليّة ومراد لبعضها البعض في حيرة، حتى سمعاه يقول: تمام انا هتصرف سلام. أغلق هاتفه يطالع هذه العيون المترقبة قبل أن يقول: مروة سابت البيت وراجعة القاهرة. قالت عليّة: أخدت صلاح معاها؟ هز ماهر رأسه نافياً وهو يقول: لأ ودعت ماما ووصتها عليه. قالت عليّة: مشيت عشانك وضحت حتى بصلاح عشانك. بتحبك أكتر من نفسها. مش قلتلك هي اللي تستاهلك.
مشيت عشاني. انتِ قصدك ايه؟ انت لسة هتسأل؟ يلا بينا على محطة القطر تلحقها قبل ما تسافر وفي السكة هنحكيلك. هز رأسه ليغادروا الشركة بخطوات سريعة. ازاي بس مقلتليش ياطاهر على حاجة زي دي؟ اللي حصل ياجدي. المشكلة دلوقتي هتصرف ازاي؟
ودي فيها كلام؟ تروحلها طبعا وتتكلم معاها، تحكيلها كل حاجة بصراحة زي ماحكيتهالي تمام وأنا واثق ان آيات لو سمعت الحقيقة منك هتسامحك لما تعرف بتحبها قد ايه وليه خبيت عليها موضوع الكتاب الأحمر. تفتكر ببساطة كدة هتصدقني؟ أيوة ببساطة لأنك صادق في مشاعرك وهي كمان بتحبك. طيب ألاقيها فين دلوقت؟
مش هنا اكيد. آيات آخدة أجازة ولسة مرجعتش. اتصل بمامتها لأنها مش هترد عليك، قولها مثلا ان تليفون بنتها مقفول وانت حابب تتطمن عليها، الكلام هيجيب بعضه وتعرف اذا كانت في البيت ولا برة. قبل طاهر جبين جده قائلاً: ياحبيبي ياجدي، مش عارف من غيرك كنت هعمل إيه بس؟ هتعمل محشي. انت لسة واقف بتعمل إيه؟ روحلها واعتذرلها وحددوا ميعاد الفرح. أنا عايز حفيد بأقصى سرعة. حفيد واحد. عشرة. ادعيلي انت بس.
قال كلماته بينما يسرع بالمغادرة تتبعه نظرات جده الحانية وابتسامة مالبثت أن زالت ورنين هاتفه يزعجه. ليجيبه قائلاً: أيوة ياماجد. بتقول ايه. الكلام ده حصل من امتى؟ولسة بتقولي دلوقت. طب أنا جاي حالاً.
أغلق الهاتف ووضعه في جيبه، يعقد حاجبيه بحنق. ماالذي فعله هذا الأحمق؟ لقد أضاع حياته ومستقبله. ترى كيف سيخبر صفية بفعلة ولدها الشنعاء وكيف ستتحمل الخبر؟ لابد وأنها ستنهار بين يديه. يعلم هذا ولكنه مرغماً على البوح لها بكل مالديه وليدعو الله أن يخفف عليها وقع الخبر.
كانت تجلس في مقعدها على الطاولة في هذا الكافيه الذي جمعها به لآخر مرة، لا تدري ماأتي بها إلى هنا وهي من المفترض أن تهرب من ذكرياتها معه فإذا بها تحييها هنا في هذا المكان تتذكر كل كلمة قالها. كل حركة قام بها. شعرت بأنها لن تحتمل أكثر، كادت أن تنهض مغادرة ولكن النادل أحضر قهوتها فمكثت مكانها، تحمل الفنجال وتقربه من شفتيها ترتشف منه رشفة فتغمض عيناها رُغماً عنها تستشعر مذاق القهوة الخلاب كما اعتادت أن تفعل، وجدت صوته يهمس في أذنها قائلاً:.
يابخت القهوة. همست قائلة: اتجننتي ياآيات وبقيتي بتسمعي صوته في كل وقت. ودي حاجة حلوة ولا وحشة؟ لقد جاء الصوت من أمامها، لايمكن أن يحدث. فتحت عيونها فرأته حقاً يجلس أمامها يطالعها بحب، قطبت جبينها وهي تترك فنجال قهوتها علي الطاولة ثم تنهض وتسحب حقيبتها لتغادر، أمسك يدها يمنعها قائلاً: آيات من فضلك اقعدي واسمعيني. طالعته ببرود قائلة: مش مستعدة أقعد وأسمع واحد كداب.
أظن انك كبيرة كفاية عشان تقدري تفرقي بين الصدق والكدب في الكلام، وأكيد من جواكِ حاسة اني كنت صادق في مشاعري. عموماً اسمعيني الأول ولو حسيتي للحظة اني بكدب يبقى من حقك تمشي وصدقيني مش هتشوفي وشي تاني.
كم تبعث فكرة اختفاؤه من حياتها مرارة بحلقها ووحشة في قلبها جعلتها ترغب في سماعه ليمنحها أي سبب يجعلها تبقيه في حياتها. فمنذ البارحة وهي تفتقده حد الموت، تشعر بخواء جعل حتى عمها رأفت يسألها عن حالها فأخبرته فقط بوجود بعض الخلاف بينها وبين طاهر تمهيداً لإخبارهم بانفصالها عنه لاحقا.
وجدت نفسها تجلس وتتطلع إليه ببرود بينما قلبها تتسارع خفقاته وهي تلاحظ شحوب وجهه وتورم جفنيه. ترى هل جافاه النوم مثلها البارحة، هل بكى وذرف الدموع كما فعلت؟ أم تراها تتوهم كي تجد في هذا عزائها؟ تطلع إليها بدوره قائلاً: أنا مااستغلتش كتابك الأحمر عشان اتعرف بيكِ واوصلك زي مافهمتي، لأ الكتاب الأحمر كان اللي فاضلي منك. حاجة كانت بتثبتلي انك مكنتيش وهم خلقه خيالي بعد مادورت عليكِ طول حياتي.
انت بتقول ايه؟ انا مش فاهمة حاجة خالص.
عشان تفهمي لازم نرجع للبداية، لأول لحظة شفتك فيها، مكنتش يوم ماجدي قدمنا لبعض زي ماانتِ فاكرة؟ لأ قبلها تقريباً بأكتر من سنة. كنت قاعد هنا بشرب قهوتي وقتها وقفتي عند الباب وكأن أحلامي كلها اتجسدت في واحدة، ورغم اني قابلت كتير بنات حلوة قبلك بس احساسي بيكِ كان حاجة تانية، معرفش ليه لقيت عينية متعلقة بروحك بشوف فيكِ تفاصيلي وكل حاجة بحبها، وقتها وقعت في حبك وحسيت اني أعرفك وأعرف كل حاجة عنك زي عشقك للون الأزرق وعنيكِ اللي بتقفليها كل ماحاجة تمس روحك، شهرين وانا براقبك مستني فرصة أتعرف فيها عليكِ، ولما خلاص كنت هجازف وأكلمك جالك تليفون غير كل ملامحك وخلاكي قمتي وسبتي المكان بسرعة.
تتذكر هذا اليوم جيداً، انه اليوم الذي تلقت فيه خبر دلوف أباها إلى المشفى. ثم وفاته لاحقاً بذات اليوم.
جريت وراكِ ملحقتكيش ولقيت الكتاب هو كل حاجة فضلت منك لأن من ساعتها واختفيتي من حياتي، عارفة يوم لقانا في دار المسنين. حسيت ان اللي بينا قدر، كان جدي حاكيلي عنك كتير، كان نفسه ارتبط بيكِ، طلب مني كتير آجي يوم وأشوفك فيها بس كنت دايماً برفض لان قلبي اتعلق بواحدة معرفش عنها غير اني شفت فيها نفسي ولما طلب مني أمثل ان خطيب الدكتورة بتاعته واضطريت أوافق عشان مزعلوش ولقيتك هي. عقلي استرجع علطول كلامه عنك وعن كرهك الرجالة، ده غير كلامك في الكتاب، مكنتش مستعد أجازف بإنك تبني بينا حواجز لو قلتلك، قلت هي فرصة أقرب فيها منك وتعرفيني، مش جايز تحبيني قد مابحبك. غلطة عملها واحد بيحب ندم عليها بعدين. في كل لحظة كان نفسي أقولك فيها أنتِ حبيبتي اللي بتكلم عنها دايماً، في لحظات كنت بتمنى بس آخدك في حضني واعترفلك ان مش طالب من الدنيا دي غيرك أنتِ. اوقات كتير كنت خلاص هعترف وخوفي لأفقدك يخرسني، لغاية مارجعنا مصر وقررت أصارحك، جبتك شقتي ودورت علي الكتاب عشان أشرحلك موقفي بس للأسف لقيتيه قبلي وفهمتيني غلط. واديني أهو قدامك. حطيت قلبي بين ايديكي واعترفتلك بكل حاجة خبيتها عنك، يعلم ربي كان ايه قصدي؟ وان الكتاب مكنش وسيلة أخدعك بيها قد ماكان وسيلة عشان تفتحي بيها قلبك المقفول ليا وتديني فرصة، مش عايز حاجة من الدنيا غير انك تسامحيني. تديني فرصة جديدة لاني حقيقي بحبك وعمري ماخدعتك. كل كلمة كانت بينا كانت من قلبي وكل تصرف اتصرفته معاكِ وقربك مني كان من قلبي، أنا حقيقتي شفتيها وعرفتيها. مكنتش تمثيلية والله. وجودك في حياتي قدر. أجمل قدر. وبتمنى من كل قلبي تشوفي اني قدرك وتسامحيني. قادرة ياآيات؟
كانت كلما استطرد في الكلام تشعر بقلبها يلين تجاهه حتى انهي كلماته فوجدت دموعها تجري على وجنتيها، لم يحبها أحد كما أحبها هذا الرجل تستشعر صدق حبه في كل حرف ولم تحب أحد مثلما أحبته، لتكون إجابة سؤاله هزة من رأسها وكلمة همست بها فأرسلته إلى السماء السابعة وتركته هناك. في جنة النعيم. بحبك. أسرع يمسك يديها بين يديه قائلاً: بجد ياآيات؟ هزت رأسها بحب فأردف بسعادة: انا كمان بحبك. بحبك قوي. مستني ايه؟
قطب جبينه بحيرة فاردفت بابتسامة: قوم بينا نروح لماما ونحدد ميعاد الجواز. ابتسم بدوره ينهض وينهضها معه قائلا: يلا بينا. ترك بعض المال على الطاولة وأسرع يغادر تسرع بدورها معه، فتح لها باب سيارته فكادت أن تدلف إليها، فجأة ضربه أحد على رأسه من الخلف. شعر بألم شديد ودواراً لفه فسقط أرضاً ليكون آخر مايسمعه صرختها بإسمه قبل أن يسحبه الظلام. كلية.
دلف ماهر إلى السيارة يظهر على ملامحه احباطاً فأسرعت عليّة تسأله: مالك؟ مرضيتش ترجع معاك؟أنزل أتكلم معاها؟ هز رأسه نافياً وهو يقول: القطر مشي من نص ساعة. للأسف ملحقتهاش. عقدت عليّة حاجبيها قائلة: طب والعمل؟ أدار السيارة يغادر المحطة بعيون تلمع لتردف عليّة قائلة بحيرة: رايح فين بس؟ قال مراد بابتسامة: ودي عايزة سؤال هيسافرلها ومش هيرجع غير بيها.
لتنقل عليّة عيناها بين الرجلين المبتسمين قبل أن يظلل ثغرها ابتسامة شاركتهما إياها.
رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل السابع والعشرون
هناك خسارة كبيرة لا خسارة تعادلها تنتزع جزء من روحنا وتحطم الباقي. ندرك وقتها أن لا حيلة لنا في تصاريف القدر حين تنتابنا لحظات العجز بينما يصارع أحبتنا الموت.
كان يجري في أروقة المشفى لايدري كيف وصل إلى هنا بسيارته، فمنذ أن حادثته والدته وأخبرته بأنها وجدت سعاد غارقة بدمائها في شقتها وأنهما يتجهان إلى المشفى وهو يشعر بأن روحه تسحب منه وعقله قد أصابه الشتات وأصبح على مشارف الجنون، لم يتصور قط أن هذا الحيوان القذر قادر على فعل هذا الجرم بحق حبيبته. كيف استطاع أذيتها بهذا الشكل؟ كيف طاوعه قلبه على إسالة قطرة من دمائها؟ لقد جُن بكل تأكيد.
وجد والدته تقف أمام حجرة العمليات، اقترب منها بسرعة فما ان رأته حتى اندفعت إلى حضنه يستقبلها فيه ويضمها إليه بقوة، يشاركها دموعها التي سقطت بغزارة وهي تقول من وسط دموعها: سعاد يامحمد. ضربها بالسكينة المجرم. منه لله. عايز يحسرنا عليها. يارب هي بين ايديك وانت عارف بنحبها قد ايه. يارب احميهالنا ده احنا روحنا فيها. ربت على ظهرها قائلاً بصوت متهدج: هيحميها ياأمي. ربنا أكيد هيحميها عشان خاطرنا.
ليردف متوعداً: تقوملنا بس بالسلامة وأنا بإيدي اللي هقتل الندل الحقير اللي عمل العملة السودة دي. خرجت من حضنه قائلة بفزع: لا ياابني. متوسخش ايديك بدمه. لترفع يدها الغارقة بالدماء تردف بحسرة: مش احنا ياابني اللي نوسخ ايدينا بالدم. شوف شوف دم سعاد على ايدية يوجع القلب ازاي؟
أغمض عيناه عن مرأي دمها، يشعر بالدم يغلي في عروقه، يبغى أن يشفي غليله في التو واللحظة ويقبض روح هذا التعس انتقاماً لحبيبته. فتح الباب الجانبي لحجرة العمليات وخرجت الممرضة تقول بقلق: المريضة فقدت دم كتير ومحتاجة دم ضروري، حد فيكم يقدر يتبرعلها؟ أنا. قالها بلهفة فهزت رأسها قائلة: تعالي معايا بسرعة. أسرع يذهب معها بينما نظرت جليلة في إثرهم ترفع وجهها للسماء قائلة: يارب نجيها لأجل خاطره وخاطري ياااااااارب.
رايحة فين ياولية؟ طالعته سميرة بعيون غارقة بالعبرات، تقول بمرارة: هكون رايحة فين ياتوفيق؟ رايحة أشوف بنتي اللي بين ايدين ربنا دلوقت؟ انا مش قلتلك ملكيش بنات. خشي ياولية مش هتنزلي. انت بتقول إيه؟ سعاد بين الحيا والموت في المستشفى وعايزني أقعد ومروحلهاش. ده كلام برضه؟ سعاد خلاص ماتت هي وأختها يوم ماخرجوا عن طوعي، وياتعيشي معايا على كدة ياإما يمين بالله لو روحتيلهم تبقى طالق بالتلاتة وتتحرمي عليا زيهم.
زاغت عيناها تتساءل هل جُن؟ أم اُنتزعت الرحمة من قلبه؟ يطالبها بنسيان بناتها واحداهما تصارع الموت في هذه اللحظة؟ يطالبها بنسيان أمومتها ووأد قلبها في صدرها. لقد فعلت الكثير لأجل الحفاظ عليه وهو في كل لحظة يثبت لها انها لاشيء بالنسبة إليه. لماذا تتمسك بهذه الحياة؟ هي لاتدري حقاً. هل أعماها الحب حتى لم ترى كم أصبحت عبدة له يفعل بها كل ماتسول به نفسه؟ هل تركها بلا كرامة ولا هوية. تفعل كل مايريد وبالنهاية تعامل كفردة حذاء لا قيمة لها. هل هانت إلى هذا الحد؟
نعم. الإجابات جميعها نعم. إذا فلتستفق وتدع مايؤذيها وقد آذاها توفيق كثيراً لذا وجب الفراق ولتأتي أمومتها و بناتها لأول مرة أولاً. اتجهت إلى الباب فناداها توفيق بصدمة قائلاً: سميرة رايحة فين؟ استدارت تطالعه بعيون يرى فيها النفور لأول مرة في حياته ليدرك في هذه اللحظة أنه خسرها ويالدهشته آلمه قلبه جراء ذلك، وجدها تقول بحزم:.
أنا ماشية ياتوفيق. هختار بناتي. خسرت بسببك كل حاجة حتى نفسي ومش مستعدة أخسر أكتر.
استدارت تخرج من الباب بينما أمسك توفيق قلبه يشعر بآلاف السكاكين تمزقه. ناداها بصوت ضعيف فلم تجبه، أمسك الكرسي جواره. رفع يده تجاه طيفها يحاول أن يهمس حروف اسمها فلم يستطع. ضيق أنفاسه يؤلمه بقوة لايصدق أنها رحلت وتركته. هل كان مخطئاً حين خيرها بينه وبين بناته؟ بالتأكيد نعم. نادم؟ الآن قطعا وهو يشعر بقرب الأجل بينما يقف وحيداً لا أحد جواره لينقذه من براثن الموت يمر شريط حياته أمامه يخبره بأنه أخطأ كثيراً في حق الجميع والآن فات الأوان للندم.
كانت تقف في محطة القطار لاتدري كيف تتحرك وقد تسمرت قدماها بالأرض واغروقت عيناها بالدموع. وجدت هاتفها يرن فرفعته إلى أذنها تجيب قائلة: ألو. انتِ فين؟ ماهر أنا.. صمتت فوصلها صوته القلق وهو يقول: صوتك ماله يامروة؟ حصلك حاجة؟ مش عارفة. أنا حقيقي مش عارفة حاجة. لفي.
استدارت فوجدته يقف على بعد خطوات يطالعها بنظرة جعلتها تترك حقيبتها تقع أرضاً وتسرع إليه ليتلقفها بين ذراعيه يضمها بقلب تسارعت خفقاته قلباً بينما هي تذرف الدموع على صدره. ليست على طبيعتها بكل تأكيد لترتمي في حضنه هكذا. هناك خطب ما. ربت على شعرها قائلاً بحنان: مالك يامروة فيكِ إيه؟ قالت من وسط دموعها: بكلم سعاد. خالتها ردت عليا وقالتلي انها في المستشفى. جوزها ضربها بالسكينة. سعاد بتموت ياماهر.
هش. خلي أملك في ربنا كبير. سعاد هتعيش. انتِ بس ادعيلها. فتحت عيونها وقد أدركت في هذه اللحظة أنها بين ذراعيه، خرجت من حضنه تطرق رأسها وهي تمسح دموعها قائلة: عايزة أروحلها. وديني عندها. أمسك يدها فرفعت إليه عينان تسحره دوماً نظراتهم البريئة المرتبكة. تأمل ملامحها بحب قائلاً: تعالي معايا. على فين؟ رفع أحد حاجبيه قائلاً: هوديكي عندها.
مشت إلى جواره فمال يأخذ حقيبتها ثم استقام يكمل سيره بالخارج، يدرك في أناملها التي ضمت كفه بقوة هذا الخوف الرابض بقلبها من الخسارة ولكن في هذه اللحظة لا يدري أتخشي خسارة الصديقة أم الحبيب؟ بنتي كويسة يامحمد؟
أنزل كم قميصه وهو يمشي بخطوات بطيئة تجاه الكرسي ليجلس عليه وقد شعر ببعض الدوار لايدري من تأثير نقل الدماء أم لرؤيته حبيبته تنام جواره مغمضة العينان لاحول لها ولا قوة، تتعلق خفقاته بصوت خفقاتها التي يصدرها هذا الجهاز، يتمنى فقط أن تنجو وتفتح عيناها مرة أخري حتي لو ضحى بحياته في سبيلها. بنتي جرالها حاجة يامحمد؟أبوس ايدك طمني. منحته والدته علبة عصير قائلة:.
اصبري عليه بس ياسميرة. انتِ مش شايفاه دايخ ازاي ووشه أصفر. الظاهر أخدو منه دم كتير، اشرب ياابني العصير ده عشان تقدر تتكلم وتطمنا. تناول رشفة واحدة من العصير ثم نحاه جانباً وهو يقول بصوت واهن: مش عارف ياأمي. مش عارف حاجة. قلبي بيقولي إنها هتبقى بخير لكن شكلها جوة ميطمنش. حاسس بروحي بتنسحب مني وده راعبني. لو جرالها حاجة مش هقدر أعيش. والله ماهقدر أعيش.
انخرط في بكاء حار شاركته فيه والدته وخالته. تبتهل ألسنتهم بالدعاء. يرددون: ربنا يشفيكي ياسعاد ويقومك لينا بالسلامة يااااااارب.
أفاق طاهر من سباته الإجباري، يشعر بوجع شديد برأسه. حاول أن يفتح عيناه ولكنه وجد صعوبة في بداية الأمر ثم رويدا رويدا استطاع فتح عيونه ليجد نفسه ملقي على الأرض جوار سيارته بينما اختفت حبيبته. عادت إليه أحداث اللحظات الأخيرة قبل أن يفقد الوعي ليدرك بكل وضوح أن آيات قد اختطفت، اتسعت عيناه هلعاً. يعرف جيداً من فعلها. نهض بصعوبة يحاول أن يركب سيارته، تحسس جرح رأسه. يعلم أنه لابد وأن يتجه إلى المشفى ولكن لا وقت يضيعه الآن وحياة حبيبته في خطر. عليه انقاذها مهما كان الثمن. رن هاتفه فرأي رقم والدة آيات. أجابها على الفور فبادرته قائلة:.
طاهر انت فين؟ أنا جايلكم حالا... قاطعته قائلة: لأ متجيش. عقد حاجبيه بينما تردف هي بصوت هامس مرير: رأفت وابنه خطفوا آيات، سمعت رأفت بيقول لعصام يوديها على مخزن الشركة اللي في الصحراوي، اتصل بالبوليس وخليهم يلحقوها أرجوك. أما بتصل بيهم بيحطوني على الانتظار وخايفة رأفت يدخل عليا الأوضة ويعرف اني عرفت فينقلوها او يقتلوها.
مستحيل طول ماانا عايش وفيا نفس. اطمني ياماما وسيبي الموضوع ده عليا. خدي بالك انتِ من نفسك لحد ماأظبط الدنيا وييجي البوليس يقبض على الكلاب دول. أغلق الهاتف ثم بحث في هاتفه عن رقم جده ليتصل به على الفور. انتِ ليكِ عين تيجي لحد هنا؟ مش ده ابنك اللي عمل العملة السودا دي؟ مش دي خلفتك اللي بليتينا بيها؟ بنتي بتضيع مني ياناس. روحوا منكم لله. منكم لله.
كانت جليلة تقف بين سميرة وصفية التي نكست رأسها تذرف الدموع بألم. يقف جوارها رءوف لايدري كيف يتصرف ويمنع عنها كلمات هذه الأم المكلومة بينما لاذنب لصفية في كل هذا، يدرك كم تتألم في هذه اللحظة لتقول جليلة:.
اهدي ياسميرة. كلنا عارفين ان الست صفية ست طيبة عاملت بنتك بما يرضي الله وحبيتها واعتبرتها بنتها. بنتك نفسها كانت بتقول انها أحن عليها من أي حد. ذنبها ايه اذا كان ابنها شرب مخدرات لحست عقله؟كام مرة وقفت جنب بنتك حتى وهي بتطلب الطلاق وكم مرة رجعها توفيق بنفسه. اتقي الله ياسميرة ومتظلميش الست الغلبانة دي انتِ مش شايفة حالتها عاملة ازاي؟
أشاحت سميرة برأسها واتجهت لتجلس في أحد الأركان، بينما رفعت صفية عيونها تجاه جليلة امتزج فيهم الامتنان بالحزن وهي تقول: أخبار سعاد ايه دلوقتي؟ تنهدت جليلة قائلة: بين ايدين ربنا والدكاترة جوة. محتاجة بس نرفع ايدينا كلنا وندعيلها. نقول يارب واللي بيقول يارب مبيضيعش. ياااااااارب. نجيها ياااااارب لأجل خاطري ولأجل خاطر ولادها.
انتبه محمد لكلمات السيدة صفية في هذه اللحظة، ليشعر بالصدمة بينما عقدت جليلة حاجبيه بدهشة قائلة: هي.. قاطعته صفية قائلة بمرارة: حامل. آخر مرة كلمتني كانت شايفة في طفلها أمل بس للأسف ضيعها وضيع نفسه معاها. عشان كدة كان الدم مغرقها رغم ان مفيش جرح تاني غير الجرح اللي في ضهرها. يارب سلم يارب سلم. أغمض محمد عيناه، يدرك أنها فقدت جنينها فإن أنقذها الأطباء من جراحها فمن ينقذ الروح من خسارة كهذه؟
بينما كانت تردد صفية: لا حول ولا قوة الا بالله. اللهم اني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه. خرج الطبيب في هذه اللحظة فأسرع الجميع إليه يبغون منه كلمة تنقذ أرواحهم العالقة. ليبتسم قائلاً: الحمد لله أنقذنا المريضة. زفرت القلوب ارتياحاً وهللت بصمت بينما ذُرفت دموع السعادة أنهاراً. أردف الطبيب:.
حالتها محتاجة رعاية مشددة فهننقلها العناية المركزة فمن فضلكم ممنوع الزيارة لان الفترة الجاية مهمة جدا في عملية شفاء بنتكم. هي نزفت كتير بسبب جرح ضهرها وفقدان الجنين بس بفضل الله انكتبلها عمر جديد. بتمنى توفرولها الراحة النفسية لأنها عامل مهم جداً في حالتها وممكن يأثر على علاجها. انا هكون في المكتب لو احتجتوتي عن اذنكم. مد محمد يده يشكر الطبيب قائلا: انا مش عارفة أشكرك ازاي يادكتور.
ابتسم الطبيب قائلا: الشكر لله. احنا بنعمل اللي علينا والباقي على ربنا ولولا دمك اللي أسعف المريضة كان الوضع هيتغير خالص. اللهم لك الحمد والشكر. عن اذنكم. غادر الطبيب بينما يردد الجميع: الحمد لله. رن هاتف رءوف فاستأذن صفية في الايجاب. يسير مبتعداً قليلاً قبل أن يعود إليها قائلا: مضطر أمشي دلوقتي ياصفية. فيه موضوع خطير يستدعي وجودي. أمسكت يده دون وعي بقلق قائلة: رايح فين؟ وموضوع ايه الخطير ده بس؟
فعلتها البسيطة ونبراتها القلقة أثارت شتي المشاعر بقلبه وأظهرت له اهتمامها، ليربت على يدها قائلا بحنان: متقلقيش لما أرجع هحكيلك كل حاجة. هزت رأسها قائلة: خد بالك من نفسك. لا إله إلا الله. محمد رسول الله. غادر بسرعة تتبعه عيونها المبتهلة من أجل سلامته بينما دلفت للتو مروة تتقدم تجاههم بخطوات واسعة يتبعها رجل وسيم للغاية كأبطال السينما، ماان أصبحت قربهم حتى قالت بلهفة وقلق:.
سعاد أخبارها إيه حد يطمني عليها؟ قال محمد: اهدي يامروة. الحمد لله خرجت من العمليات وهتبقى زي الفل. ربنا نجاها عشان خاطرنا. اغروقت عيناها بالدموع وهي تردد: الحمد لله يامحمد. الحمد لله.
طالع مرافقها بغيرة هذا الرجل الذي ينطق اسمها وتنطق اسمه بأريحية، يدرك في هذه اللحظة أنه لولا ثقته بها وبمشاعرها تجاهه لكان على وشك ارتكاب جريمة قتل، فهو عاشق مجنون تقتله الغيرة. يعلم أن غيرته بلا حدود. حبيبته له وحده. حتى اسمها غير مسموح لسواه بنطقه دون ألقاب. سيكون عليه فقط أن يدع الأمر في الوقت الحالي احتراماً للموقف الذي يمرون به.
رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل الثامن والعشرون
كان يجلس منتشياً بروح قد أصابها جليد قاس فجمدها يطالع جثة صديقه الغارق بدمائه. وجد نفسه يضحك بهستيرية. ثم ينهض مترنحاً وهو يشير إليه: تستاهل ياسعيد. مش انت اللي بخيت السم في وداني و حرمتني منها يبقى تستاهل كل اللي يجرالك. ليتجمد واقفاً وعيناه تملؤها الحسرة قبل أن تُغرقها الدموع وهو يقول:.
لأ مش انت السبب. أنا السبب. ضعفي السبب. وجودي وسطيكم هو اللي خلاني اعمل كدة. خلتوني أشرب طبعا ماهو لو مشربتش مبقاش راجل. وهو الراجل برضه يضيع حياته ومستقبل ويإذي مراته ويضربها لأتفه سبب؟ الراجل يرمي أمه في الشارع فمتلاقيش ملجأ ليها غير دار مسنين؟ أمه اللي عاشت عشانه طول عمرها وضحت بكل حاجة حتى نفسها. مستني ايه من واحد اتحلست دماغه بسبب الهباب اللي بنشربه ده. أكيد في الاخر هيقتل حد بيحبه بسبب أوهامه ومش بعيد يقتل نفسه. أصل خلاص مبقاش فيه حاجة أعيش عشانها ياسعيد. أمي وأكيد كرهتني ومراتي وابني ماتوا بايدية حتى بنتي هيحرموني منها لاني قتلت أمها يبقى هعيش ليه ياسعيد. بتقول ايه؟الدنيا حلوة. لأ الدنيا وحشة قوي ولازم أنساها. آه لازم أنساها وأنسى اللي شفته فيها. أروح أشرب كمان يمكن أنساها وأرجعلك نكمل كلامنا ماشي. متمشيش. ها؟
ذهب يفتح هذا الدرج الخفي الذي رأي مغاوري يخرج منه أكياس المخدرات ليسحب كيساً آخر، اقترب من الطاولة مترنحاً ووضعه عليه ثم استنشقه كاملاً قبل أن يرجع ظهره إلى الخلف ويرفع وجهه إلى السماء. جبتنا هنا ليه ياماهر ومروحتنيش علطول؟انا حقيقي تعبانة ومحتاجة أنام. مكنش ينفع تعدي الليلة قبل ماقلبي يرتاح واقول كل اللي جواه. وايه اللي جواه؟ بحبك.
تسارعت خفقاتها كأنهم في سباق واضطرب جسدها بالكامل، مع حروف تسمعها لأول مرة طربت لها آذانها وتمنت أن تسمعها مراراً وتكراراً ولكنها فجأة تذكرت عليّة ليظهر الحزن على وجهها وهي تطرق قائلة: وعليّة والتزامك ناحيتها وخوفك عليها... قاطعها قائلاً: بصيلي. رفعت عيونها تجاهه فقال بحنان:.
اوعي تخبي عيونك عني تاني، عيونك هم اللي سحروني وخلوني أحبك. نظرة البراءة اللي جواهم. قوتهم لما حد بييجي عليكِ. شغفهم بالحياة. فرحتهم وحزنهم. عيونك هم مراية قلبك واللي بيعرفوني كل حاجة عنك. تعلقت عيناها بخاصته تتيه في جمال أحرفه ومشاعر غمرتها تلقاء سماعها هذه الكلمات حتى أنها نسيت كل شيء حال بينهما ليذكرها هو قائلاً:.
أما بالنسبة لعليّة فمش هنكر اني بحبها بس زي أختي، التزامي ناحيتها ثابت بس هيتغير من التزام الخطيب لالتزام الأخ. هي بنفسها اللي طلبت مني ده وحذرتني من اني أضيعك من ايدية لأنك نصي التاني وحبي الحقيقي. طالعته بعيون لا تصدق ماتسمعه فأردف قائلاً:.
مروة انتِ لازم تعرفي ان رفضي لجواز أختك من أخويا زمان كان غصب عني، كنت متأثر بتجربة مرة، حبيت فيها واحدة زميلتي في الكلية. مهمنيش هي مين. أصلها فصلها. المهم اني حبيتها وخلاص، بعدها اكتشفت قد ايه هي طماعة وخاينة وده جرحني قوي. جه أخويا اللي المفروض خاطب بنت عمي وعايز يتجوز باسم الحب وانا كنت كفرت بالحب وفي عينية كل الستات كانوا طماعين، بيدعوا الحب عشان يوصلوا لرصيد الراجل في البنك، رفضت وقلتله عليّة أولى بيك، من دمك وعيلتك ومش طمعانة فيك. صمم واتجوز مها. وقتها عليّة انهارت ودخلت المستشفى وحاولت تنتحر، كرهت اختك لأنها كانت السبب في كل ده وصممت أكتر اني أرفض العلاقة اللي بينها وبين أخويا. جمعني بعليّة الجرح هي انجرحت من أخويا ومبقتش تآمن للحب وأنا كمان انجرحت من نفين وحرمت الحب علي قلبي وكان لازم نرتبط عشان تكمل وتلاقي دافع تعيش عشانه، كنت عايش مرتاح وشايف اني اخترت صح. لحد مااخويا مات وبدأت ثوابتي كلها تنهار ولما شفتك قضيتي على آخر ثوابت كانت واقفة بتقاوم قدام قلبي، قدرتي تسكنيه غصب عني ورغم كل محاولاتي لصد حبك عنه. قدرتي تملكيه بكونك أنتِ مروة البنت الرقيقة القوية اللي ضحت بكل حاجة عشان طفل وجت دلوقتي بتضحي بالطفل اللي حبيته من كل قلبها عشان خاطر سعادتي. عشان متفضلش قدامي وتضعفني. عشان تقويني وتخليني أكمل مع عليّة رغم ان ده بيدبحها. مش كدة؟
هزت رأسها وقد تساقطت دموعها ليمد يده ويمسح هذه الدموع بحنان قائلاً: وتفكري ممكن أتخلى عن واحدة بحبها بالشكل ده وبتحبني بالهبل ده؟ ماهر. قلب ماهر وعمره كله. أنا. أنا.. قوليها بقى. مستنية ايه؟ أنا مش مصدقة اللي بسمعه. طالعها يرفع حاجبه فأطرقت برأسها خجلاً وهي تقول: وبحبك. بحبك قوي. بصيلي. رفعت عيناها إليه فأردف قائلا وهو يتأمل ملامحها بحب: قلتلك متخبيش عيونك عني. قولي بقى الكلمة دي تاني. بحبك.
تعرفي عايز دلوقت أعمل إيه؟ إيه؟ آخدك على أقرب مأذون ونتجوز. بس عارف ان فرحتنا مش هتكمل من غير حبايبنا وعشان كدة مضطر أأجل جوازنا لحد ماصاحبتك تبقى بخير و نعمل الفرح اللي يليق ب.. قاطعته قائلة: عيلة بدران. هز رأسه يقول بابتسامة: لأ. يليق بيكِ ياأميرتي. ابتسمت بدورها بحب ليمد يده ويمسك يدها يقربها إلى ثغره ويقبلها بحب ملك جوارحها وجعل خفقاتها تردد اسمه بجنون.
ياسميرة قعدتنا هنا ملهاش لازمة انتِ سمعتي الدكتور قال ممنوع الزيارة. قومي بينا أروحك البيت.. قاطعها قائلة بحزن: مبقاش ينفع أرجع البيت أصل توفيق خيرني بينه وبين بناتي واخترت بناتي ياجليلة. أخيراً فقتي. أطرقت برأسها قائلة: فقت بس بعد ايه؟النهاردة كان ممكن أخسر واحدة فيهم وعشان ايه؟ واحد عمره ماشافني وكان آخدني وسيلة ينتقم بيها من أختي. لترفع عيناها المغروقتان بالدموع قائلة:.
مكنش فيكِ أي عيب. بالعكس كنت الزوجة اللي بيحلم بيها أي راجل بس هو كان معمي بنار الانتقام. رجولته اللي اهانتها واحدة لما رفضته وفضلت واحد تاني عليه. أصعب حاجة في الدنيا لما الانتقام يسيطر على تفكير حد أول مابيضيع بيضيع صاحبه ياسميرة وأهو انتِ شفتي خسر ايه توفيق. بناته واصحابه وشغله والوقت كمان خسرك. فاضله ايه يعيش عشانه؟ هزت سميرة رأسها تمسح دموعها قائلة:.
صحيح هو الخسران. خليه كدة قاعد لوحده ياكل في نفسه وانا هدورلي إن شا الله على أوضة أسكن.. قاطعتها جليلة قائلة: تدوري على أوضة وبيت أختك موجود. ده اسمه كلام برضه؟ أنا مش عايزة أتقل عليك... قاطعتها مجدداً قائلة باستنكار:.
كلام ايه ده اللي بتقوليه. ده بيت أختك ياهابلة يعني بيتك. قومي بينا ناخد البنات اللي ملهمش ذنب دول في القعدة دي. نروح البيت. ناخد حمام وناكل لقمة ونغير ونريح شوية وبعدين نتكلم للصبح، وحشتني القعدة معاكِ والكلام ياأختي. وسعاد؟ قلتلك في العناية وممنوع الزيارة. ده غير أن محمد قاعد معاها ومش هيمشي زي ماقالنا. يبقى يلا بينا احنا ومن الفجرية نيجي تاني.
هزت سميرة رأسها باستسلام. تنهض لتنهض جليلة بدورها تستدعي الفتيات نهال وتقي اللتان بدا عليهما الإرهاق من كثرة البكاء، ثم تخبر محمد برحيلهم ليصر على توصيلهم ثم العودة إلى المشفى فالوقت متأخر ولن يأمن أحد سواه عليهم. قال طاهر لجده وهو يراقب المخزن من خلال نظارته الليلية المعظمة: مكنش لازم تيجي بنفسك ياجدي، كان كفاية تبعت فريق الشركة الأمني، انا مش هعرف أركز على المهمة وأنا قلقان عليك.
ياابني ده انا حاربت في 73 وعديت خط بارليف. خايف عليا من حتة مخزن زي ده وشوية عيال زي دول؟خاف على نفسك انت ومتقلقش عليا. ماشي ياجدي. الوضع زي ماانت شايف. مش عارف ليه جامع كل رجالته في المكان ده وكأنهم بيحرسوا حاجة أكبر من آيات. وهو فيه حاجة أكبر وأغلى من الروح ياابني؟ عندهم الأرواح رخيصة وملهاش تمن. عموما هنهجم زي مااتفقنا، ماتسمع كلامي ياجدي وتخليك هنا. طالعه بنظرة جعلته يقول بسرعة:.
خلاص خلاص اللي يريحك. نهض يشير للرجال فتقدموا تجاه المخزن بخفة، يضع كل رجل عيناه على هدفه، يتسللون في الظلام مستغلين نظاراتهم الليلية وعنصر المفاجأة يدركون أن الغلبة لهم لا محالة.
تطلعت آيات من خلال نافذة المكان الذي تجلس فيه كسجينة إلى السماء، تتأمل نجومها للمرة الأخيرة ربما، فمن يعلم قد لا ترى ليل آخر وقد استطاع عمها خطفها يهددها اما أن تتخلى عن ثروتها بإرادتها أو تتخلى عنها جثة هامدة، وماأبقاها الليلة حية سوي قبولها التنازل عن أملاكها في مقابل إطلاق سراحها، ليخبرها بأنه سيحضر لها الأوراق لتمضيهم في الصباح.
اغروقت عيناها بالدموع ثم انتفضت على صوت نيران كثيفة من جهة الغرب تتجه نحو الرجال ربما لجذب انتباه الخاطفين، حدقت في الخارج بقوة آملة أن يكون هو من جاء لإنقاذها، رأت من جهة الشرق قوة هجومية متسللة حاصرت الخاطفين، نيران كثيفة وسقوط بعض الضحايا، تنهمر الرصاصات من جميع الاتجاهات تحصد الرجال، غمامة كبيرة ورائحة دخان غمرت الجو، تراجعت إلى داخل المكان. لحظات ووجدت الباب يُفتح ويظهر علي بابه طاهر يوجه سلاحه لأحد رجال عمها وماإن رآها حتى شملها بنظرة اشتياق وراحة أطاحت بثباتها، ضرب رأس الرجل بكعب سلاحه فوقع مغشياً عليه جريا تجاه بعضهما البعض تلقى آيات بنفسها في حضنه فضمها إليه بحنان قائلاً:.
مش مصدق انك بين ايديا بجد. أنا قلت مش هشوفك تاني وده خوفني أكتر من موتى. أخرجها من حضنه ومد أنامله يتلمس ملامحها الرقيقة بينما تعلقت عيناها بخاصته قائلاً: بعيد الشر عنك ياحبيبتي. قلتلك طول ماأنا عايش وفيا نفس متخافيش أغمضت عيناها هامسة: بحبك ياطاهر.
ترددت حروفها في أذنه فثارت خفقاته. كاد أن يلثم كل إنش بوجهها ولكن التقطت أذناه صوت اقتراب بعض الأرجل من المكان، فقام بالتنحي معها جانبا ثم إطلاق نيران مسدسه ما أن ظهر الرجل على الباب ليخر أرضا، انتفضت بوجل فقال لها بسرعة: لازم نخرج من هنا. المكان زي مايكون ترسانة أسلحة وحاطط عليها عمك جيش يحرسها.
أسرعا بالخروج يتجهان للباب ليتوقفا وقد وجدا ثلاثة رجال في نهايته حاولا التقهقر وقد حوصرا لتوقن آيات أنهما على وشك الموت ولدهشتها لم تخشاه هذه المرة وهي تدرك انها ستموت معه وبين يديه. أما هو فشعر أن وجودها جواره يمنحه قوة بلا حدود.
لم تكن جملة فارغة بل كانت حقيقة، لن ييأس حتى اللحظة التي يلفظ فيها أنفاسه الأخيرة، تطلع حوله يبحث عن مخرج، انطلقت رصاصة مرقت بينهما فوجه طاهر سلاحه يطلق رصاصة أصابت يد الرجل فأطاحت بسلاحه ثم صوبه تجاه زجاج نافذة قريب قائلاً: احمي وشك.
أطلق رصاصته فتحطم الزجاج، ثم قفز من النافذة يسحبها معه إلى الخارج تتبعهما رصاصات المجرمين فقام بعض رجال جد طاهر بالقضاء عليهم وهم يؤمنون طريقه، اشتبكوا مع آخرون بينما تنحي طاهر بها في طريق جانبي متجهين إلى سيارته. كادا ان ينجحان بالفرار ولكن قاطعهما وجود احد رجال عمها امامهما، يوجه سلاحه تجاههما وما ان أطلق الرصاص حتى انتفضت آيات لتزفر براحة وسلاح الرجل يعلن عن فراغه من الطلقات، القاه جانبا وهو يتخذ وضعاً قتالياً، لينحي طاهر حبيبته جانباً ويتخذ بدوره وضعاً قتالياً، هاجمه الرجل أولاً فتفاداه طاهر بمهارة، عاود الرجل هجومه بشراسة يكيل لطاهر لكمة تلقاها ببساطة على ساعده ثم اندفعت قبضتاه بتتابع تكيل للرجل اللكمات في مختلف انحاء جسده حتى سقط بالنهاية فاقداً للوعي، ضاقت حدقتا طاهر وهو يبحث عن سيارته حتى وجدها فاندفع إليها، يفتح الباب لآيات فدلفت إليها ثم أسرع يقفز برشاقة إلى الجانب الآخر يقود السيارة بسرعة مغادراً المكان وهو يأخذ جده في طريقه آمراً الرجال بالتقهقر. بينما يدوي في المكان صوت سيارات الشرطة.
أهو ده بالظبط اللي مخليني باعد عن سكة الهباب اللي بنبيعه ده. شفت يامطاوع آخرة المخدرات. عرفت ليه منعت رجالتي يقربوا منها؟أهو وبعد ماكان راجل صنايعي وكسيب ومحدش زيه. بسببها قتل صاحبه وخاني وطمع في جرعة زيادة فقابل وجه كريم. ليبصق على جثة أشرف قائلاً:.
يلا كلب وراح. صحيح خير تعمل شر تلقى. خدوهم وارموهم في اي صندوق زبالة وابعت حد ينضف الدم ده. هروح مشوار وأرجع ألاقيكوا خلصتوا. مفهوم؟ انا ورايا سهرة النهاردة في البيت هييجي من وراها شغل عالي قوي. يلا مستني ايه؟ مش طايق أشوف خلقته قدامي.
أسرع مطاوع مع رجاله يحملون الجثتين بينما غادر مغاوري المكان يشعر بأنه على وشك التقيؤ وقد أثار هذا المشهد ضميره الذي دفنه منذ زمن بعيد، يسرع بخطواته تجاه بيت عشيقته توحة علها تنسيه بأنوثتها كل شيء، حتى بقايا ضميره.