logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 4 من 10 < 1 3 4 5 6 7 8 9 10 > الأخيرة



look/images/icons/i1.gif رواية ذات الكتاب الأحمر
  01-03-2022 01:03 مساءً   [19]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل العشرون

كان الممرض يمسك به بقوة بينما هو في حالة هياج شديد، يسبهم ويكيل لهم الشتائم، يقول الطبيب موجهاً حديثه إلى الجد رءوف بحنق:
أهو زي ماانت شايف كدة، مش مخلي وعايز يخرج من المستشفى، مش عارف ياعمي ايه اللي عرفك على الأشكال دي؟ وليه مصر تساعده؟أنا شايف ان حرام فيه العلاج. ورأيي نسيبه يرجع للشارع والهباب اللي كان بيشربه.
قال الجد:.

لا طبعا مستحيل أعمل كدة، انت جرالك ايه ياابني؟ هو العلاج خلاص بقى للناس اللي معاها فلوس وبس، والغلابة حرام نعالجهم ده ابن واحدة طيبة قوي واغلب من الغلب ومناها بس ابنها يرجعلها زي ماكان، لو مش هتقدر تعالجه وشايف المركز مش هيقدر يأهله هاخده مكان تاني.

ياعمي مش مسألة اغنيا وغلابة والله، المشكلة في البني آدم نفسه، انت متعرفش كام مرة حاول يهرب ولحقناه وكم ممرض ضربه، ده كان في مرة هيخنق ممرضة لمجرد انها وقفت في طريقه، معندوش رغبة في العلاج مكنش جه المركز من أصله.
وهو أشرف اول حالة تيجي المركز وبعدين تغير رأيها؟
لأ طبعا، بس مبيبقوش بالشراسة والاجرام ده.
يعني ايه ياابني مش هتقدر تعالجه؟

هعالجه طبعا بس يقتنع الأول أن العلاج ضروري ليه والا كل اللي بنعمله هيكون من غير فايدة وفي اول فرصة هيقدر يهرب وتعاطى هيتعاطي.
طيب سيبني وانا هكلمه وبإذن الله تلاقي واحد تاني ياطارق.
ياريت ياعمي ياريت. عن اذنك هقوم ابعتلك على يديله حقنة تهديه لما نشوف آخرتها.
غادر الحجرة بينما نهض الجد وتوجه إلى أشرف الذي رمقه بكره يحاول الافلات من بين ذراعي الرجل الذي احكمهما حوله ليقول بغضب:.

خليه يسيبني أمشي أنا مابقتش قادر أستحمل، مش عايز اتعالج. هو بالعافية ياأخي.
حدجه الجد بنظرة باردة وهو يقول:
لو مش عايز تساعد نفسك تفتكر مين هيساعدك؟ اعقل ياأشرف عشان تفوق م اللي انت فيه وترجع لمامتك ومراتك وبنتك.
يولعوا كلهم، انت مش عارف النار اللي بتاكل في جسمي دلوقت والسكاكين اللي بتقطعوا حتة حتة، وانا يعني كان مالي؟مايقبلوني زي ماأنا.

بس ده مش انت، لما يوصلك الإدمان للعقوق ويخليك ترمي الست اللي ربتك وعاشت عشانك عمر بحاله في الشارع وتخليها تلجأ لدار مسنين يبقى لازم تتخلص منه، لما يخليك تإذي مراتك وتضربها وتإذي بنتك لدرجة انها تحتاج لطبيب نفسي يبقى لازم تتخلص منه، لما تبقى فاكر انك كويس وانت بتنتهي عقلياً وجسدياً يبقى لازم تتخلص منه عشان ترجع بجد نفسك اللي فقدتها بسببه.

بقولك ايه ياراجل انت بلاش شغل الانتخابات ده والكلام الكبير اللي مبنسمعوش غير في الصوانات اللي بيعملوها وقولي مصلحتك ايه م اللي بتعمله معايا؟ عينك ع الست الكبيرة خدها ومتقرفنيش.
صفعة قوية احمر لها وجه أشرف وحاول الفكاك من يد الممرض ولكنه لم يستطع وقد نخر الإدمان جسده وتركه ضعيفا لا يقوي على الدفاع عن نفسه، كاد ان يشتم الجد ولكن الجد اخرسه بنظرة حملت صرامة الدنيا وهو يقول:.

انا مش هرد على قلة أدبك دي، واعرف ان لولا الست دي انا كنت دفنتك مكانك ومكنش حد هيعرفلك طريق، وم الآخر كدة. خروج من هنا مش هتخرج لحد ماجسمك يخلص خالص من القرف اللي ماليه، وبحذرك للمرة الأخيرة ياتتعدل يااما هوديك بأيدي للبوليس واقولهم بيتاجر في المخدرات وألبسك مصيبة تاخدلك فيها إعدام ونخلص.

طالعه أشرف بمقت بينما حدجه الجد بتحدي مالبث ان خضع لسلطان الأول فنكس رأسه بضعف، دخل الممرض الآخر في هذه اللحظة قائلا:
الدكتور طارق بعتني أدى الحقنة دي للمريض.
اديهاله. انا خلاص خلصت كلامي وهو حر بقى، عقله في راسه يعرف خلاصه زي مابيقولوا.
استدار مغادرا بينما توجه الممرض ليمنح أشرف الحقنة بينما يسمع الممرض الذي يكتفه يقول للآخر بحنق:.

انا مش عارف والله بيجيبوا الأشكال دي منين، مش عايز يتعالج مايسيبوه يمكن يخرج ياخد جرعة زيادة ويريحنا.
ملكش دعوة يامسعود، خلينا في حالنا وحافظ ياابن الناس على أكل عيشك عشان تقدر تدفع مصاريف علاج بنتك. صحيح هي أخبارها ايه دلوقت؟
محتاجة تعمل العملية ضروري، قدمت على قرض وربك يسهلها ويوافقوا وساعتها هعملهالها علطول.
ربنا يرزقك ويشفيهالك.
يارب.

أغمض أشرف عينيه وقد بدأ مفعول الدواء يسري بدمه فيخدر جسده بينما عقله يرسم فكرة رآها اكثر من مناسبة لتسهيل هروبه من هذا المكان قبل أن يتسلل الخدر لعقله ويغيب عن الوعي كلية.
احنا بنعمل ايه هنا؟بنجمع معلومات برضه؟
لأ بصراحة أنا جاي هنا سياحة، كنت حابب أشوف بيت جولييت بفيرونا، كنت كتبت عن البيت ده في رواية من رواياتي، شفته وقريت عنه من خلال كتاب بس دي اول مرة اشوفه علي الطبيعة.

ايه بيت جولييت ده؟ لأ متقولش ان رواية شكسبير روميو وجوليت كانت حقيقية وان ده كان بيتها بجد؟
ضحك طاهر قائلاً:.

مش بالظبط. ده بيت عيلة كابوليت تقريبا اللي استمد منهم شكسبير الاحداث، لما البلدية في عام 1905 شافت ان اسم العيلة هو نفس اسم عيلة جولييت وكمان نفس المدينة اشترته من العيلة وخلته مزار سياحي. وعلى الرغم من انها شخصية خيالية بس البيت اتحول وبقي قبلة للمحبين وحاوطته أساطير كتيرة زي مثلاً اللي يعلن حبه ويلزق ورقة تشيل اسمه واسم حبيبته في ساحة البيت ميفترقش عنها أبداً.

وانت جاي تعمل كدة عشان حبيبتك متفترقش عنك مش كدة؟

اكتفي بابتسامة وهو يخرج من جيبه ورقة رفعها أمامها فأشاحت بوجهها تخفي الماً ظهر على ملامحها فوقعت عيناها على اثنين من المحبين يتبادلان القبل في ساحة المنزل وجدت نفسها تلتفت وتخبئ وجهها في صدره وقد كان قريباً منها، كاد ان يرفع يديه ويحيطها بهما يضمها إليه أكثر ويحمي عيناها العذراوتين من هذا المشهد الملتهب ولكنه لم يستطع حتى لا تظنه ينتهز الفرصة ويجعلها تنفر منه، ثوان وابتعدت عنه بخجل كما توقع تقول مطرقة الرأس:.

انا آسفة بس، يعني. هستناك برة لحد ماتخلص.
أمسك يدها قائلا:
هنمشي مع بعض ثواني هلزقها وحابب تكوني معايا.
وجدت يدها ترتاح في راحته فأومأت برأسها دون أن تنظر إليه، بالفعل لصق الورقة وخرج سريعاً من المنزل يقول بابتسامة:
بقولك ايه. انا جعت ياآيات وبما اننا في إيطاليا بلد الأكل ايه رايك ندور على مطعم عشان ناكل فيه. بيتزا ولا مكرونة. إيطاليا مشهورة بالاتنين.
قالت بحماس:
يبقى ناكل الاتنين.

اتسعت ابتسامته وهو يدرك مجدداً كم حبيبته تعشق الطعام، تماماً مثله.
كانت سعاد تتجه إلى حجرة المديرة لتستأذن في المغادرة وقد شعرت ببعض التعب وأرادت ان تأخذ اليوم راحة تعوض به النوم الذي جافاها البارحة ثم تقضي البقية منه بين أختها وطفلتها يشاهدان فيلماً يذهب عنها التفكير الذي قضى مضجعها ويرسلها للنوم دون أن تؤرقها أفكارها التي تدور كلها حوله، وجدت زميلتها بالعمل وفاء توقفها قائلة:.

مبارك ياسعاد وعقبالك.
عقدت سعاد حاجبيها بحيرة قائلة:
أنا مش فاهمة حاجة مبارك وعقبالك، شكلك مفطرتيش يا وفاء وده اللي ملخبطك بالشكل ده.
لا والله فطرت سندوتش فول كان يستاهل بقك.
أمال تقصدي ايه بكلامك ده؟
بباركلك على إعارة ابن خالتك وبتمنالك إعارة زيها، اوعي تكوني ياسعاد من اللي بيخبوا ويخافوا من العين؟
إعارة؟لمحمد؟منذ متى؟
أردفت صديقتها وقد رأت ملامح الصدمة على وجه سعاد:.

لا والله شكلك اول مرة تعرفي، الظاهر ان ابن خالتك هو اللي بيخاف من العين. عموماً مفيش حاجة بتستخبي، نوجا صاحبتي لسة قايلالي انه كان عندها في مديرية التربية والتعليم بيخلص ورق رايح السعودية عقبال عندك وعندي.
هزت سعاد رأسها قائلة:
ان شاء الله بعد اذنك ياوفاء هروح للمديرة آخد اذن عشان اروح، اصل أنا تعبانة شوية.
اتفضلي طبعا، سلامتك الف سلامة ياحبيبتي.

اتجهت إلى مكتب المديرة وقلبها تتعثر خطواته قبل قدميها، تفكر في هذا الخبر الذي أرسل غصة إلى حلقها وآلم قلبها فكرة الفراق لسنوات، تعلم أنه قراره الذي اتخذه ليبتعد عنها بعد أن علمت بمشاعره تجاهها، يهرب منها على الأغلب ومن مشاعره، توقن من أنه القرار الصحيح له ولها وقد فرقهما النصيب. خاصة وقد احتل أفكارها منذ علمت بحبه تتمنى في كل لحظة لو كان القدر مغايراً وأصبح هو نصيبها وليس هذا الأشرف ولكن بم تفيد الأمنيات حين يقول القدر كلمته؟ تعلم أن تفكيرها هذا خطيئة في حق زوجها ولكنها لم تستطع ان تحجم مشاعرها التي ظهرت للسطح ماان أزالت الغشاوة من عليها لتدرك انها ما أحبت سواه طوال العمر تظن مشاعرها أخوية بينما هي مشاعر حب خالصة أدركتها بعد فوات الأوان. ربما الفراق مؤلم ولكنه حتماً الحل الوحيد، لتسرع بخطواتها تبغى عودة لمنزلها كي تضم طفلتها وتذهب في سبات عميق يُريحها من بعض التفكير.

كان ينتظرها بالأسفل مع عليّة التي تأففت قائلة:
كل ده بنستنى الهانم، الظاهر غيرت رأيها. يلا ياماهر نمشي بقى أنا زهقت.
كل الحكاية عشر دقايق ومنيرة قالت قدامك انها خلصت بس صلاح مسك فيها فبتلاعبه دقايق عشان تسيبه لماما فميتعبهاش، لو زهقانة روحي استني في العربية دقايق وهنحصلك.
لأ مش هسيبك لوحدك معاها.
نعم!
قصدي يعني اني مبحبش اقعد لوحدي في العربية بزهق أكتر.
شغلي أغاني.
انت عايز تخلص مني ولا ايه ياماهر؟

كاد صبره ان ينفذ مجيباً إياها بلهجة لاذعة وقد ملّ من تصرفاتها الطفولية ولكن صوت خطواتها في حذائها ذي الكعب العالي جذبه لينظر تجاهها ويتسمر تماماً لمرآها، كانت فاتنة ترتدي فستاناً بسيطا وردي اللون يضيق عند خصرها ثم ينتهي بتنورة واسعة بدا رائعاً عليها مع انسدال شعرها وهي ترفع غرتها بطوق رقيق فبدت كأميرة تخرج من كتاب الروايات التي كانت تحكيها له والدته، شعرت بوجنتيها تحمران خجلاً وهي تلاحظ نظرته التي أحاطتها بالكامل، تتأمل عيونه كل إنش فيها، لقد رآها بهذا الفستان من قبل حين كانت تقيس الفساتين في محل صديقته ولكن عيونه اليوم تحمل نظرة لم تحملها سابقاً، نظرة شملتها حتى شعرت بوجودها معه وحدهما في شرفة تطل على الحديقة يضمها بيديه فيرقصان على نغمات قلوب خفقت بلحن الخلود، أفاقت على صوت عليّة تقول بحنق:.

انتِ فاكرة نفسك في الستينات، احنا في عصر تاني خالص ياست مروة.
توقفت في مكانها وقد عقدت حاجبيها تشعر بالاهانة ولكن كلمات ماهر ربتت بيد حانية على قلبها فطيبت جُرح كرامتها وأعادت إليها ثقتها بنفسها حين قال:.

ومالها الستينات ياعليّة على الأقل كان فيهم البنات بنات والرجالة رجالة، دلوقتي الواحد لما عينه بتقع على واحدة مبيبقاش عارف هي راجل ولا بنت. ده غير أن الفستان محترم ومفيهوش غلطة. انا شايف انها كدة حلوة قوي وتقدر تيجي معانا.

غرقت في سحر نظراته حتى اكتفت بالصمت وكلام العيون ينقل له امتنانها ومشاعر أخرى لم تستطع اخفاؤها أكثر، انتفضت على صوت عليّة التي أخذت كلماته على محمل شخصي خاصة وهي ترتدي بنطالا واسعاً على بلوزة تظهر خصرها لتقول بغيظ:
طب يلا عشان اتأخرنا مش هنستني ساعة على ماتجهز ونفضل ساعة نشعر في جمالها.

مشت بخطوات سريعة تغادر المنزل بينما أشار ماهر لمروة كي تسبقه فمشت بخطوات مرتبكة حتى أصبحت جواره فشعرت بكيانها يشتعل وخطواتها تتعثر تأثراً به فأسرع يسندها بيده فتمسكت بها تطالعه بعيون كالمها غرق في برائتهما ونظرتهما التي ارسلت إليه شتى المشاعر فوجد نفسه يردد:
عيناك كنهري أحزانِ
نهرَي موسيقى. حملاني
لوراءِ وراءِ الأزمانِ
نهرَي موسيقى قد ضاع
سيدتي. ثم أضاعاني الدّمعُ
الأسودُ فوقهما يتساقطُ أنغامَ.

بيانِ عيناكِ وتبغي وكحولي
والقدحُ العاشرُ أعماني
وأنا في المقعدُ محترقٌ
نيراني تأكلُ نيراني
أأقولُ أحبُّكِ يا قمري؟
آهٍ لو كان بإمكاني
فأنا لا أملك في الدنيا
إلّا عينيك وأحزاني.
ماهر أنا..
قاطعها قائلاً:
انتِ نار مصممة تحرقني بلهيبها وللأسف يامروة مش قادر أبعد عنها حتى لو عارف ان فيها هلاكي.
كادت ان تقول شيئاً فقاطعها مجدداً قائلاً:.

القلب هو الشيء الوحيد اللي مبنقدرش نتحكم فيه، وقلبي انتِ عارفة ومتأكدة انه ملكك زي ماأنا حاسس بأن قلبك ملكي لكن النصيب قال كلمته وأجبرنا على الفراق، ساعديني يامروة عشان أقدر اوفي بوعدي، ابعديني عنك حتى لو قربت، قويني على ضعفي.

ألم استقر بعينيها أصابه بمقتل، يدرك أنه يطلب منها ماعجز هو عن القيام به ولكنه في قرارة نفسه يدرك انها لو لم تقاومه لضرب بكل العهود عرض الحائط وتزوجها دون تردد، ففي كل لحظة تمر عليه يقع في العشق أكثر حتي قرب أن يكون الانفصام مستحيلاً.
استقامت تبتعد عنه تمنحه ظهرها قائلة:.

مش وعدك لعليّة بس اللي بيفرق بينا، دم اختي كمان بيفرقنا، حتى لو بحبك زي ماتقول وقلبي ملكك هدوس عليه ومش هسمحله يضعف، انا اللي رافضة القرب ده اكتر منك ياماهر بيه ومتقلقش مش هكون سبب لضعفك وهحاول ابعد عنك على قد مااقدر. انا وانت منشبهش بعض ومستحيل هنكون مع بعض.

تركته وتبعت عليّة إلى السيارة ينظر في اثرها بألم، يتمنى لو عاد الزمن إلى الوراء لتغير حقاً كل شيء ولأصبح قدرهما مختلفاً، مشي بخطوات متعثرة يتجه إلى سيارته بينما ظهرت السيدة كريمة من مكانها التي توارت به تقول بحزن:.

مش هسمح للمهزلة دي تستمر، الحب واضح في عيونكم وظهر على ملامحكم والحزن امتزج بمشاعركم وكل واحد فيكم بيقاوم احساسه عشان كلام فارغ شايفاه ضعيف قصاد حب اتولد عشان يعيش، انا مش هينفع أسكت ولازم أتصرف.
لتمسك هاتفها وتتصل بأحدهم تبتسم ماان أجابها في مكر ودهاء.
وجدت نفسها تمسك هاتفها تبحث عن رقمه وتبعث إليه برسالة من كلمتين.
خلاص هتمشي؟

لم تحصل على إجابة فتركت هاتفها جانباً تلعن حماقتها وتهورها لتكتب رسالة إليه وقد ارتأت منذ ساعات أن قراره هو الحل الأنسب لمشكلتهما. أعلن هاتفها عن وصول رسالة فتناولته تفتحه بسرعة، وجدتها رسالة منه تقول:
انتِ عرفتي؟
أسرعت تكتب:
دي حاجة مش هتستخبي يامحمد.
مكنش قدامي حل تاني.
هتسافر امتى؟
مش عارف.
ترددت للحظات ثم حسمت رأيها تكتب بحزم:
لازم أشوفك فيه حاجات كتير لازم نتكلم فيها قبل ماتسافر.

صمت من جانبه للحظات ثم رسالة:
بكرة هستناكِ في الكافتيريا بتاعة زمان. فاكراها؟
أكيد. سلام دلوقت.
سلام.
أغلقت هاتفها لا تدري هل قامت بفعل الصواب حين أرادت رؤيته لآخر مرة وإغلاق الماضي بصورة نهائية أم انها قامت بخطوة ستفتح بها أبواب جهنم حين تفتح أبواب ماض علمت عنه قريباً فقط بينما شعرت به منذ أن تفتحت براعمها كأنثي ولكن غباءها حال بينها وبين ادراكه.


look/images/icons/i1.gif رواية ذات الكتاب الأحمر
  01-03-2022 01:03 مساءً   [20]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل الحادي والعشرون

كانت تجلس إلى جواره مطرقة الرأس تفرك يديها في حجرها نادمة على الحضور إلى هذا الحفل مالها ومال حفلات الأغنياء تلك؟ الجميع مشغولون بالحديث عن الأعمال أو يرقصون بينما هي لا تفعل هذا أو ذاك، جلس ماهر جوارها صامتاً بدوره بينما ذهبت عليّة لترقص ربما للمرة العاشرة منذ جاءت للحفل.
تسمحيلي بالرقصة دي؟

رفعت رأسها وطالعت هذا الرجل الذي توقف أمامها يمد لها يده، هزت رأسها رافضة بأدب فارتاحت خفقات مرافقها للمرة التي لا يدري عددها فقد توقف عن العد وهو يدرك كم جذبت مرافقته أعين الجميع وحازت على اعجابهم فلم يتوقف الرجال عن التقدم للرقص معها رغم رفضها لهم جميعاً.
مش عايزة ترقصي ليه؟
طالعته بعيون قالت الكثير كعادته.
أترغب في أن أرقص معهم؟
لا
تريد أحد غيرك أن يضمني بين ذراعيه؟
لا
يلمس خصري ويدي وتلفحني أنفاسه؟

كفى كفى. بالطبع لا.
اذا لماذا تسأل؟ أترغب في سماعي أقولها لك دون مواربة. أنا امرأة رجل واحد لا أسمح لغيره بالاقتراب، أضع الحدود دوماً فإن تخطاها أحد غير من أحببت طعنته برفضي فأردي كبريائه ولا أهتم. ألا يرون اسمه الموشوم على وجهي وقلبي؟ لا، اذا يستحقون.
أحبك.
وأنا أيضاً أحبك ولكنك وكلتني مهمة رفضك فأضحي القبول مستحيلاً.
توقف حديث العيون فأطرقت برأسها قائلة بصوت خافت:
مبحبش أرقص.
ماتقولي انك متعرفيش.

صوت عليّة الساخر والتي جاءت للتو جعلها ترفع رأسها قائلة بكبرياء:
لأ بعرف. بس أخلاقي بتجبرني مسمحش لحد غريب يحط ايده علية.
أفكارك متخلفة جداً.
دي مش أفكار ده دين وأخلاق.
طالعوا جميعا صاحب العبارة الأخيرة الذي لم يكن سوي صاحب الحفل مراد النجيري يردف بإعجاب:
شابو ياآنسة مبقاش فيه في الزمن ده بنات كتير زيك.

قبض ماهر يده بقوة وهو يرى نظرات مراد إليها، بينما ارتسمت ابتسامة خجولة على شفتي مروة. على حين أمسكت عليّة يد ماهر تسحبه لينهض قائلة بسخرية:
تعالي ياماهر احنا نرقص.
تبعها مرغماً لا يرغب في ترك مروة بمفردها معه، بينما قال مراد:
تسمحيلي اقعد؟
أشارت برأسها موافقة فجلس على الفور يقول بابتسامة:
انتِ منين ياآنسة مروة؟
من القاهرة.
بتشتغلي؟
كنت بشتغل مدرسة لغة عربية بس دلوقت في أجازة.
رفع حاجبه بدهشة قائلة:.

لغة عربية! غريبة.
اشمعني؟
كنت مفكر مدرسات اللغة العربية مكورين وبنضارات مش قمرات بالشكل ده.
أطرقت بخجل فأردف قائلاً:
اتفرجتي على اسكندرية؟
رفعت رأسها تهزها بصمت ليردف بدهشة:
ازاي تيجي اسكندرية ومتلفيش فيها؟ انا هكلم ماهر..
قاطعته قائلة:
لأ ارجوك أستاذ ماهر مش فاضي انت عارف المكتب والشغل وكدة يعني.
بس انا فاضي ويشرفني آخدك جولة في مدينتي.
ليسحب هاتفها ويتصل بهاتفه مردفاً:.

ده رقمي سيفيه وانا كمان هسيفه وبكرة هتصل بيكِ عشان نحدد الميعاد المناسب.
قالت بتردد:
أيوة بس..
من غير بس احنا بقينا أصحاب ومتقلقيش مني ياآنسة مروة. اسألي عني طنط كريمة هتقولك اني من العيلة أساساً. ها ايه رأيك؟ موافقة؟
ظهر التردد على وجهها للحظات قبل أن ترتسم على شفتيها ابتسامة هادئة وهي تهز رأسها بالايجاب فابتسم بدوره.

على مسافة قريبة كان هو هناك يرقص معها على أنغام موسيقية هادئة بينما عيناه عليها يراقب كل انفعالاتها، كاد أن يموت من الغيظ حين رآه يمسك هاتفها، وكاد أن يترك عليّة ويذهب إليها يسحبها ويغادر من الحفل، ولكن بأي حق قد يفعل ذلك؟ لقد سلب نفسه كل حق له عليها حين طلب منها أن تبتعد عنه، حين حرم نفسه الحب فصار غريباً عنها وهي أقرب إليه من نفسه. كان خطأه احضارها معه الليلة وسط كل هؤلاء الرجال دون أن يفكر أنها لابد وأن تجذب أحدهم وقد جذبت أكثر رجال الحفل ثراءاً وجاذبية.

يوووه ياماهر، مش تاخد بالك دي خامس مرة تدوس على رجلي، مش عارف ترقص كنت قوللي.
معلش ياعليّة اصلي تعبان النهاردة ومش مركز، تعالي نقعد شوية.
اتجهت معه إلى طاولتهم قائلة:
لأ انا مش جاية اقعد، انا عايزة أرقص للصبح.
وصلوا الي الطاولة فقالت عليّة بتذمر:
هو انت يامراد مش عامل الحفلة دي عشاني؟
تأمل مقلتيها الخضراوتين قائلا بابتسامة ساخرة:
أيوة عشانك وانتِ ماشاء الله مش سايبة حد مرقصتيش معاه. عايزة ايه تاني؟

سحبته من يده قائلة:
أرقص مع صاحب الحفلة.
سحب يده من يدها قائلاً:
مش حابب ارقص.
يلا بقى ميبقاش دمك تقيل والله هزعل وأمشي.
هز رأسه بيأس واعتلت ثغره ابتسامة وهو ينهض يهز كتفيه لمروة وماهر قبل أن يتجه لحلبة الرقص مع عليّة. ليبادرها ماهر على الفور قائلاً:
مراد أخد رقمك ليه؟
فاحت الغيرة من نبراته فأثلجت قلبها المحترق لمرأي عليّة بين يديه منذ قليل، لتجيبه ببرود قائلة:
بقينا أصدقاء والطبيعي انه ياخد رقمي.

غلي الدم في عروقه ليقول بحنق:
الطبيعي! يعني انتِ شايفة انه طبيعي تبقوا أصدقاء وانتِ لسة شايفاه النهاردة بس؟
طالعته قائلة:
مش بالوقت ياماهر بيه، أوقات بنعرف ناس طول العمر وكأننا معرفنهمش وأقات بنعرف ناس لمجرد دقايق ونحس ان احنا عرفناهم عمر بحاله. الأرواح لما بتتآلف مبتهتمش بالوقت.
ومن اكثر مني ادراكاً لما تقولين ولكن هل تقصدين بكلامك روحينا أم روحك وروحه هو؟
قبل أن ينطق قالت هي بهدوء:.

ياريت لو معندكش مانع تطلبلي تاكسي يوصلني البيت لاني تعبت قوي ومحتاجة اروح ارتاح.
هوصلك مش هآمن تروحي في وقت متأخر زي ده لوحدك.
وعليّة؟!
مراد هيوصلها. يلا بينا.
مرة أخرى يثلج قلبها باهتمامه بها حتى أنه ترك خطيبته لأجلها، فرحة عابرة ماتلبث ان تنطفئ حين يخبرها عقلها أنه حتى وان أحبها هي فبالنهاية سيتزوج عليّة ويترك لها جُرح الفراق يؤلمها إلى الأبد.

ماتهدي. مالك كدة مش طايقة نفسك من ساعة ما ماهر قالك انه هيوصل مروة وطلب مني أوصلك. للدرجة دي بتحبيه وبتغيري عليه؟
مش مسألة حب. انت عارف اني محبتش طول عمري غير صلاح، وان ماهر بالنسبة لي كان الأخ الكبير اللي لغاية دلوقتي بغلط وبقوله ياأبيه وان ارتباطنا رغبة من الأهل كتعويض ليا عن اللي عمله فيا صلاح.
لتردف بمرارة:.

قهرني لما بكل بساطة سابني وهو عارف قد ايه بحبه وراح اتجوز أخت البني آدمة دي، مفكرش فيا وفي مشاعري اللي انهارت بسببه ودخلتني مستشفى الأمراض النفسية والعصبية اللي فضلت أتعالج فيها سنة بحالها.
لا داع لتذكريني فقد دأبت على زيارتك هناك، أراكِ ضعيفة خائرة القوي يكاد الجنون ان يصيبك حزناً على هاجرك، لا أدري لمَ أحببته هو فأعماكِ الحب عن رجل جل ماكان يبغاه هو أنتِ.

تعرف ايه اللي قهرني انه فضّل بنت لا ليها أصل ولا فصل عليا أنا عليّة بدران اللي رجالة الدنيا اترموا تحت رجليها وفضلته عليهم كلهم، وجاية أختها الجربوعة دي عشان تكمل الحكاية وتاخد ماهر مني، مبقاش بنت عيلة بدران ان سمحتلها تعمل كدة.
تغيرتي كثيراً يافتاة حتى كدت لا أعرفك.
انت بتبصلي كدة ليه؟
اقولك الصراحة ولا هتزعلي؟اقولك بلاش لأنك هتزعلي.
ماتتكلم علطول يامراد، ايه الرخامة دي؟

انتِ شايفة بتتكلمي ازاي؟ لا بقى على لسانك حدود ولا تصرفاتك أو حتى لبسك بقوا شبهك، بقيتي واحدة تانية خالص معرفهاش، مش دي عليّة اللي اتربت وسطينا وعرفناها، بتحاول تثبتي ايه بده كله. قوليلي؟
طالعته قائلة بعيون اشتعلت بلهيب الغضب:
مبقتش عاجباك مش كدة، مش مهم المهم اني عاجبة نفسي وعاجبة ماهر.

لو فاكرة انك ممكن تعجبي ماهر وانتِ بالشكل ده يبقى حسبتيها غلط، ماهر مش هتعجبه واحدة استهترت حتى بنفسها ولا نسيتي نفين؟ ماهر لو هتشده واحدة وتخليه يحبها يبقى هتشده واحدة زيك زمان وزي مروة دلوقت. واحدة هيشوف فيها مراته مش عشيقته.
رفعت يدها لتصفعه فأمسك يدها قبل أن تصل لوجهه وضمها إليه فلفحتها أنفاسه الغاضبة وهو يقول:
صراحتي وجعتك مش كدة؟ ياريت تفضل واجعاكِ زي ماوجعني حالك واللي وصلتيله ياعليّة.

الألم والتيه في عينيها الي جانب ارتعاشة ثغرها جعلوه يود لو أخذها في حضنه يحتويها ويبث فيها من حبه وحنانه فيعيدها إلى كينونتها التي أحبها بالماضي، ظهرت مشاعره في مقلتيه فاشتعل جسدها بنيران لم تستطع تحليلها بالوقت الحالي، هل هي تأثرا بكلماته الغاضبة ام نظراته التي اخبرتها بالكثير، وجدت صوتها بصعوبة لتقول باضطراب:
سيب ايدي.
تركها على الفور فالتقطت حقيبتها تتحاشي النظر إليه قائلة:
انا لازم امشي.

استنى هجيب مفاتيح عربيتي عشان أوصلك.
انا هاخد تاكسي.
قال بصرامة:
قلت هوصلك مفيش بنت محترمة تروح في الميعاد ده لوحدها ده غير اني وعدت ماهر يعني بقيتي أمانة في رقبتي.
قال كلماته واتجه الي حجرة المكتب تتابعه بعينيها وشتي المشاعر تتصارع بداخلها. قبل أن يعود ويشير إليها لتتقدمه فتقدمته باستسلام وروح منهكة.
انت اسمك مسعود مش كدة؟
أومأ مسعود برأسه وهو يفرغ الدواء بيد أشرف كي يتناوله، ليردف أشرف قائلا:.

أخبار بنتك ايه ياراجل ياطيب؟لسة تعبانة؟
طالعه الممرض بدهشة قائلاً:
انت عرفت منين؟
سمعتك بتتكلم مع الممرض التاني.
تنهد الرجل قائلاً:
آه افتكرت. ربنا يشفيها ويعافيها.
يارب فكرتني ببنتي، هي كمان تعبانة. أهو انا مش عايز أتعالج غير عشان ارجعلها هي وبس. الضنا غالي قوي.
قوي. ربنا مايورينا فيهم مكروه.
تظاهر أشرف بالحزن قائلاً:
نفسي بس أشوفها بس مانعين عني الزيارة مش قادرين يفهموا حب الأب لبنته.

ناس معندهمش قلب أهم حاجة عندهم الفلوس وسمعة المكان.
لو على الفلوس مفيش أكتر منها عند عمي اللي شفته ده، بس الضنا ميتعوضش، لو بس اقدر أشوفها ولو لساعة واحدة اطمن فيها عليها.
لو تحب أسجلك فيديو تسلم عليها فيه وتديني العنوان اروح أديهولها.
وهو التليفون ده يشبع قلب الأب لبنته، الأب مبيرتاحش غير لما ياخد بنته في حضنه ويتأكد انها بأمان جواه.
والله عندك حق، ربنا يشفيك وترجعلها بالسلامة.
يارب يامسعود يارب.

عن إذنك بقي هروح أدي المريض اللي في الأوضة اللي جنبك علاجه، عقبالك قرب يخرج ويرجع لأمه.
ادعيلي ياراجل ياطيب.
ربنا يشفيك يارب.
خرج الممرض من عنده فارتسمت على وجه أشرف ابتسامة وقد أدرك انه نجح في كسب تعاطف الرجل لينتقل غداً للخطوة الثانية في خطته كي يخرج من هذا المشفي، فليذهب علاجه والعمل لدي هذا الرجل وكل المال الذي سيجنيه إلى الجحيم ان كان سيمر بهذا العذاب كل ليلة لينالهم.

كانت تطرق برأسها منذ قدومها تتظاهر بتناول طعامها بينما كل ما أكلته بضع لقيمات، ترك ملعقته ينوي قطع هذا الصمت قائلاً:
طلبتي تقابليني ليه ياسعاد؟
رفعت إليه عيناها ترى في عينيه رغبته بصراحة مطلقة من جانبها لتترك الملعقة بدورها جانباً، تقول بهدوء:
طلبتك عشان محتاجة أفهم حاجات كتير حصلت في الماضي قبل ماتسافر.
تراجع في مقعده قائلاً:.

وياتري هتستفيدي ايه لما تقلبي في اللي فات؟نصيحة مني سيبي الماضي في حاله اعتبريه صفحة واتقفلت، التقليب في الماضي مش هيجيب غير وجع في الرأس والقلب.
الوجع موجود يامحمد. والجهل هيزوده لان التفكير بيودي ويجيب ويخترع كمان لكن الحقيقة بتريح حتى لو بتوجع كفاية انك بتحس انك شايف مش أعمى العين والبصر.
طالعها للحظات قبل أن يتنهد قائلاً:
عايزة تعرفي إيه؟

موضوع خطوبتك ليا وليه بابا بيكره باباك بالشكل ده. مش معقول عشان بس اترفض من طنط جليلة؟

لأ عشان كدة بس. موضوع أهالينا ده كبير في عين عم توفيق، ابتدي لما كانوا أصحاب زمان وباباكِ حب أمي لكن هي حبت بابايا واتجوزته، فضلته على عم توفيق اللي اتجنن وقتها وشافها غلطة كبيرة من امي تستاهل العقاب والعقاب بالنسبة له كان جوازه من أختها، حب يوريها هي خسرت ايه من خلال جوازه من طنط سميرة، كان بيدلعها وبيصرف عليها وبيسفرها في كل حتة، افتكر انه كده هيغيظ أمي ويكيدها مكنش فاهم ان الحب اللي بين والدي ووالدتي كان اكبرمن فلوس الدنيا كلها، السعادة اللي كانوا عايشينها كانت باينة للكل، سعادة مقدرش يتقبلها توفيق وقادت في قلبه نار وخصوصا لما جيت أنا للدنيا وفرحتهم بية كثمرة حبهم الوحيدة، بعد ماتعبت أمي في ولادتي وشالت الرحم افتكر توفيق ان ده هيقلل من حب والدي لوالدتي خصوصا انه من الصعيد والولاد عندهم عزوة وتوقع انهم يفترقوا بس حب بابا مقلش بالعكس زاد واكتفي بابن واحد من حبيبته احسن من عشرة من واحدة مبيحبهاش ولما جيتي للدنيا وكنتِ بنت زاد غله في قلبه لانه كان عايز ولد يكيد بيه والدي ولما جت اختك الغيرة والحقد كبروا جواه والكره عمي قلبه فاعتبر والدي عدوه وانا كمان اكيد لاني من صلبه.

كانت تطالعه بصدمة، تفسر الآن قسوة أباها الغير مبررة تجاهها وتجاه اختها وأمها ونفوره من الخالة وزوجها.
أما بالنسبة لمشاعري فأيوة طول عمري وانا بحبك بس عارف ان والدك مش ممكن يوافق على ارتباطنا، اول مالاحظت امي مشاعري حكيتلي وطلبت مني أنساكي عشان معذبش نفسي بس خلاص كنت حبيتك واللي بيحب بجد صعب ينسى، حتى لما في مرة اكدتيلي احساسك من ناحيتي، و قلتي عني اخوكي اللي كنتِ بتتمنيه.

كنت غبية. سامحني، لم أدرك مشاعري حتى الفترة الأخيرة.

حتى مشاعرك الاخوية ناحيتي مقدرتش تخليني أتخلى عن أملي في انك تكوني ليا، لما قالولي متقدملك عريس كنت هتجنن، قررت اروح لوالدك ويحصل اللي يحصل، طردني وكتب كتابك تاني يوم علطول. وقتها لأول مرة يإست وبعدها بيومين كان أصعب يوم مر عليا في حياتي، اليوم اللي اتأكد فيه انك بقيتي ملك واحد تاني، مقدرش جسمي يستحمل وجع قلبي وانهرت، وفضلت تعبان أسبوع بحاله بين الحيا والموت ولما فقت قررت انسى بس القرار شيء وتنفيذه شيء تاني، لما شفتك بعد كدة مشفتش جوة عنيكي فرحة بالعكس شفت حزن خلاني متأكد من انك مش سعيدة في حياتك، قررت اكون قريب منك عشان اخد بالي منك واكون مطمن عليكِ، شايفاني اخ هكون بس المهم منفترقش، ومفترقناش كنت دايماً جنبك لما بتحتاجيني بتلاقيني. بس خلاص مبقتش قادر اكون الأخ اكتر من كدة، قربك عذاب ياسعاد زي فراقك تمام. خصوصا بعد ماعرفتي. و عيونك اللي بقيت بشوف فيهم عذاب وحيرة ولخبطة كل ماأبص فيهم.

صمت وقد غص حلقه فقالت بصوت متهدج:
كل ده خبيته جواك طول السنين اللي فاتت دي يامحمد؟
أطرق برأسه قائلاً:.

وأكتر كمان، عمر ما حد حبك قدي ياسعاد لكن الجواز قسمة ونصيب وعشان أرضى ضميري اللي بقى بيوجعني قوي وهتلاقيه لو فضلت بيوجعك أنتِ كمان كان لازم أسافر، انتِ مش سعيدة في حياتك وهتلاقي في مشاعري طوق نجاة ليكِ غصب عنك هتتعلقي فيه وطبيعتك متعرفش تخون، هتجلدي نفسك وفي النهاية هتبقى ضحية ودي حاجة مش ممكن أسمح بيها.
تظن انني لم أحبك بعد؟وأنك ان بقيت سأحبك لأنك تحبني؟آه لو تعلم أني أحببتك حبيبي منذ الصغر.

تباً لغشاوة أحاطت مشاعري فظننتها أخوية بينما هي مشاعر أنثى لرجل كان لها كل شيء واليوم سيفترق عنها تاركاً لها ذكريات تتمنى لو انها كانت كافية لتعيش عليها في سنوات الفراق.
هتسيب خالتي لوحدها؟
فترة صغيرة لغاية ماتستقر أموري وبعدين هبعتلها تجيلي.
هزت رأسها ببطئ تتمنى لو طلبت منه البقاء ولكن ربما الأفضل لو رحل كما قال، نهضت تمد يدها إليه قائلة:
تروح بالسلامة يامحمد وخلي بالك من نفسك.

نهص بدوره يرفع يد مترددة إليها ماان ضمت أناملها حتى ارتعشت الكفوف، وجدت عيونها تتعلق بخاصته وهو يقول:
خلي بالك انتِ من نفسك ياسعاد وطمنيني عليكِ.
تحدثت العيون..
أفتقدك وقد وجدتك للتو.
كالنورس أهفو لمستقر ولكن أجدني راحلا أتنقل بين جنبات السماء ليس حباً بالترحال وإنما مُجبر على الهرب.

كانت هي أول من قطعت اتصال روحيهما حين أبعدت أناملها عن انامله ليشعر بالهجر يشمله منذ الآن تلسعه نيران الفراق ليتساءل وهو يراها تغادر ساحبة معها روحه.
كيف السبيل إلى النسيان والروح تتبع طيف الحبيب في كل مكان؟
نكس رأسه وغادر بخطوات بطيئة بينما توقف رجل على مقربة من المكان يقول بشر:.

بقى الراجل مرمى في المصحة عشان خاطر مراته ومراته بتخونه. لو كان بإيدي كنت خلصت عليها وشربت من دمها بس هستني الكبير لما يخرج عشان ياخد بتاره ويشفي غليله.

كانت تجلس جوار المدفأة تطالع النيران التي تأكل الحطب بشرود، مشاعرها تتعلق بطاهر أكثر فأكثر، تكاد تطلق على مشاعرها حباً بل انه حقاً حب تغلغل إلى كيانها فصار في تكوينها، تفكر به دوماً وتزداد خفقاتها حين تكون معه، بل انها في بعض الأحيان تغلق عينيها فيأتيها صوته يهمس جوار أذنها بإسمها بصوت ناعم محب يزلزل خفقاتها ويبعث الحياة في روحها.
آيات.
نعم مثل الآن تماماً.
البلاك كوفي ياآيات.

فتحت عيونها فرأته يجلس جوارها تعتلي ثغره ابتسامة حانية جذابة بينما يمنحها كوبا من القهوة بيد ويحمل الكوب خاصته بيده الأخرى، أخذته منه بارتباك لا تدري فيم يفكر الآن؟ وهل فطن إلى أفكارها المتعلقة به؟
ارتشفت من قهوتها فاعتلت ملامحها الدهشة قائلة:
قهوة تركي هنا؟ ازاي؟
اتسعت ابتسامته قائلاً:
جايبها معايا من مصر، بن أرابيكا المحمص الغامق بيجيلي مخصوص من تركيا.

رهيب يشبه القهوة اللي بروح مخصوص الكافيه عشانها، ولما هي معاك من أول يوم، ليه دلوقت؟
عشان القعدة الحلوة دي لازم تكمل، دفاية وجو حلو ووجه حسن يبقى ناقص القهوة.
مسمعتكش حبيبتك كانت علقتك.
وأنا عملت ايه يعني؟ قربت منك في اللحظة دي ومسكت ايديكي زي كدة.
وجدته يترك كوبه بينما يتحدث ويمسك الكوب خاصتها يضعه جانباً ثم يمسك يدها بينما يستطرد قائلا:
او بصيت جوة عنيكِ وقلتلك انك أجمل ست شافتها عينيا.

تعلقت بناظريه وهو يقول بصوت تهدجت مشاعره وهو يقول:
أو غمضت عيوني وفي خيالي ضميتك ولمست شفايفك بشفايفي...
وضعت كفها على ثغره تقاطعه قائلة بصوت ضعيف هامس:
طاهر!كفاية عشان خاطري.
قلب طاهر وعمره وحبه الأول والأخير.
أمسك كفها الموضوع على ثغره يبعده وهو يقول:
مش عايزك تخافي مني، حتى لو ضعفتي فأنا لا يمكن أضعف لإني مش ممكن أأذي حبيبتي.

نهض مغادراً المكان ومتجهاً إلى الخارج بخطوات سريعة بينما ظهر الحزن بعينيها ممتزجاً بعشق نحوه، قد غمر قلبها إعجابها بحبه وإخلاصه لحبيبته رغم انه كان من الممكن أن يحصل عليها وقد أضعفها حبها وهذا الجو الدافئ المحيط بها، لا تدري انها هي هذه الحبيبة التي ارادها بكل ذرة في كيانه ولكن ماحال بينهما هو ادراكه أنها لحظة ضعف ستؤذيها وتؤذيه بدوره، ورغم أنه يعدها منذ اللحظة الأولى زوجة له إلا أنه لن يقترب منها حتى تصبح له شرعاً وقلباً، تطالبه بالاقتراب فيلبي ندائها على الفور.


look/images/icons/i1.gif رواية ذات الكتاب الأحمر
  01-03-2022 01:03 مساءً   [21]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل الثاني والعشرون

مالك ياأشرف حزين كدة ليه؟
بكرة عيد ميلاد تقي.
تقي!
بنتي اللي كلمتك عنها.
أيوة ايوة افتكرتها، كل سنة وهي طيبة.
وانت طيب. كان نفسي اشوفها وآخدها في حضني وأقولها كل سنة وانتِ طيبة.
لا حول ولا قوة الا بالله، قطعت قلبي.
أمسك أشرف يد مسعود فجأة قائلاً:
متعرفش تخرجني من هنا يامسعود، ساعة زمن واحدة أعايد بنتي وأرجع علطول.
ظهر الخوف على ملامح مسعود قائلاً:
ياريت بس..

من غير بس، أنت أب وحاسس باللي انا فيه، خرجني من هنا ينوبك ثواب، ساعة واحدة وهرجع وهديك اللي انت عايزه.
مش مسألة فلوس..
قاطعه قائلاً:
عارف ياسيدي عارف، اعتبر الفلوس دي مني عشان خاطر بنتك اللي زي بنتي، اعملها العملية وطمن قلبك عليها زي ماهتطمني على بنتي.
ظهر التفكير على وجه مسعود قبل أن يطالع أشرف مشيراً بسبابته قائلاً:
انت قلت ساعة واحدة.

كاد أشرف أن يبتسم منتصرا ولكنه أخفي ابتسامته في اللحظة الأخيرة قائلاً:
هي ساعة واحدة هقولها فيها كل سنة وانتِ طيبة واديلها هديتها وأرجع علطول.
تمام. بس مش النهاردة، طقم الحراسة جامد ومش هعرف اهربك منهم، بكرة الباب الوراني عليه واحد صاحبي هاخده أشرب معاه الشاي على ماتهرب انت. اتفقنا؟
اتفقنا طبعا، ربنا يبارك فيك.
هز الرجل رأسه ثم ناوله الدواء وغادر. بينما قفز أشرف فرحاً وقد قرب وقت خلاصه من هذا العذاب.

شايفة عمايل بنتك ياهانم؟ بقالها كام يوم مسافرة مع راجل غريب ومنعرفش عنها حاجة.
طالعته حورية قائلة ببرود:
مين قالك بس اني معرفش عنها حاجة، آيات وطاهر بيكلموني كل يوم وبيقولولي على كل حاجة بيعملوها.
قال عصام بسخرية:
مش كل حاجة طبعا.
أخرس أنا مربية بنتي كويس وعارفة أخلاقها، ده غير اني واثقة في طاهر والا مكنتش وافقت تسافر معاه الرحلة دي.

ياحورية افهمي، اذا كنتِ انتِ واثقة فيها فده مش هيمنع الناس تتكلم وتجيب في سيرتها لما يعرفوا انها سافرت معاه لوحدهم.
ظهر التفكير على ملامح حورية بينما غمز رأفت لعصام قبل أن يردف قائلاً:
الناس مبترحمش ودي سمعة عيلة بحالها متخليش قلبك الطيب يعميكي عن الغلط اللي بيحصل ده، آيات لازم ترجع والنهارده قبل بكرة.

هكلمها مش عشان خايفة على سمعتها، قلتلك انا واثقة من اخلاق بنتي وخطيبها وكلام الناس مش اهم عندي من سعادتها اللي واصلالي من خلال صوتها وملامحها، لكن عشان هي فعلاً وحشتني ونفسي الاقيها جنبي النهاردة قبل بكرة. عن اذنكم.
غادرت حورية بكرسيها بينما اقترب رأفت من عصام قائلاً بغضب:
الرجل أكل عقل الولية وبنتها، وده معناه حاجة واحدة وبس. لازم نتصرف بأقصى سرعة والا كل حاجة هتروح مننا.
قصدك...

اول لما ترجع آيات من السفر هنخطفها هي وخطيبها ونقتلهم، لازم تبان كأنها حادثة سرقة. مفهوم ياعصام؟
هز عصام رأسه وهو يبتسم بشر قائلاً:
مفهوم يابابا.

كانت تجول في الردهة تتعجب من عدم ظهور طاهر حتى الآن، وقفت تتطالع ساعتها التي تشير إلى الواحدة ظهراً، من المفترض أن يكونا الآن في طريقهما للبندقية كما أخبرها طاهر البارحة إذاً ماالذي يؤخره، هل استغرق بالنوم؟ نظرت إلى الأعلى بتردد مالبثت ان حسمته وهي تتجه بخطوات سريعة إلى حجرته، طرقت الباب بخفة فلم يجبها احد، عادت وطرقته بقوة ولكن لحيرتها ظل الصمت إجابتها، عقدت حاجبيها تمد يد مترددة تجاه مقبض الباب ثم مالبثت ان أخذت نفساً عميقاً وفتحته، رأته على الفور متمدداً بسريره، نائم بعمق بينما هي تنتظره بالأسفل تشعر بالسوء بسبب البارحة، نادته بحنق فلم يستيقظ، اقتربت منه حتى أصبحت جواره، كادت أن تناديه مجدداً ولكنها توقفت وهي تتأمل ملامحه النائمة، وسيم. تعلم هي ذلك تمام المعرفة ولكن ملامحه الساكنة أضفت صورة إلى ذكرياتها عنه لا تظنها قد تنمحي أبداً، قالت بصوت مضطرب:.

طاهر. اصحى ياطاهر اتأخرنا.
آيات.
همسة بإسمها منه جعلتها تنصت إليه، يبدو أنه مازال نائماً وهو يحلم بها على مايبدو، ترى كيف جائته بأحلامه؟
مدت يدها تربت على يده قائلة:
ياطاهر اصحى...

قطعت جملتها وهي تشعر بيده ساخنة للغاية تحت يدها لتعقد حاجبيها وهي تلاحظ لأول مرة تعرق جبينه وقميصه، وضعت يدها على جبهته لتدرك بما لايدع مجالاً للشك أنه مريض، تتذكر خروجه البارحة ليلاً دون معطفه، لابد وأن البرد قد أصابه بنزلة برد جعلته يعاني من الحرارة على مايبدو، أسرعت إلى خزانة الحمام تبحث عن خافض للحرارة فوجدته ثم عادت إليه تسكب كوباً من الماء وتجلس جواره ترفع رأسه عن الوسادة وتضع حبة الدواء في فمه تململ يفتح فمه بصعوبة ليشرب المياه، فتح عيونه فقابلته عيونها القلقة، ارسل إليها نظرة حانية لو لم يكن قلبها ملكاً له لسلبته هذه النظرة تماماً قبل أن يغلق أهدابه مجدداً ويعود للنوم، أعادت رأسه إلى الوسادة بحرص ثم نهضت لتحضر قماشة نظيفة ومياه تخفض بها حرارته، تنوي بعدها اعداد بعض الشوربة له آملة ان يكون فيما تفعله علاج طاهر المناسب، تدرك أنه لو لم يكن كافياً فستضطر لأخذه للمشفى في هذا البلد الغريب وكم يصعب عليها ذلك.

نظرت إلى وجهها بالمرآة، ترددت كلماته في رأسها بوضوح.
لا بقى على لسانك حدود ولا تصرفاتك او حتي لبسك بقوا شبهك
مش دي عليّة اللي اتربت وسطينا
ماهر مش هتعجبه واحدة استهترت حتى بنفسها
ماهر هتشده واحدة هيشوف فيها مراته مش عشيقته
صراحتي وجعتك ياريت تفضل واجعاكِ زي ما جعني حالك ياعليّة.

وضعت كلتا يديها على أذنيها تحاول أن تخرس صوته الذي يدوي في أذنها ولكن هيهات، ظلت كلماته تتردد في أذنها تجبرها على الاعتراف بأنه على صواب، لقد تغيرت كثيراً حتى باتت لا تعرف نفسها، لقد باتت تشبه نفين أكثر فأكثر. لتتساءل بحيرة. هل أرادت أن تجذب إليها ماهر بكينونتها الجديدة أم أرادت منه نفوراً؟ أو ربما لا علاقة لماهر بالأمر وهي فقط تعاقب نفسها لرفض صلاح إياها وتفضيله هذه المرأة عليها، ولكن لماذا فضلها عليها وهي تشبه ذاتها القديمة؟ ربما لم يكن العيب فيها وإنما هو الحب يهبه الله لمن يشاء. تباً لصراع في العقل والقلب سيودي بها إلى الجنون، تحتاج للحديث مع أحدهم كي ترتاح، أطل وجه السيدة كريمة في مخيلتها، نعم هي من ستستطيع سبر أغوارها وتقديم النصيحة إليها، خرجت تتقدم تجاه حجرتها حتى أصبحت أمام الباب مدت يدها تجاه مقبض الباب فتوقفت قبل أن تمسه وصوت كريمة يصلها وهي تقول:.

مش عايزاكِ يابنتي تزعلي منها، عليّة تبان قاسية ومعندهاش رحمة بس هي مش كدة لو كنتِ عرفتيها قبل مالمرحوم ي...
صمتت كريمة فقالت مروة:.

عارفة ومقدرة ياكريمة هانم، وصدقيني مش زعلانة من آنسة عليّة بالعكس أنا حاسة بيها وبوجعها اللي بتحاول تتغلب عليه بتصرفاتها وكلامها، دوامة آخداها في وسطها مش هتخليها تهدي ولا ترتاح غير لما تإذي نفسها وأنا خايفة عليها. متستغربيش. انا شايفاها ضحية، واحدة حبت من كل قلبها وصلاح الله يرحمه محبهاش وبدل ما يقولها. عشمها بالجواز وفجأة اتخلى عنها، طبيعي جداً تنهار زي ماحضرتك قلتيلي وطريقتها دي مش أكتر من درع حاطاه حواليها عشان متنجرحش تاني، مش عارفة انها بتجرح نفسها بايديها وفي يوم هتتإذي لو مفاقتش.

ده اللي دايماً بقوله لماهر عشان ياخد باله منها ومتتإذيش.
متخافيش ياكريمة هانم، أستاذ ماهر قدها وقدود واللي بيقرب منه بيبقى في أمان وميتخافش عليه.
اغمضت عليّة عيونها بألم وهي تتراجع مبتعدة لا ترغب في سماع المزيد، تشعر بالشفقة علي حالها تقطر من كلماتهما، حتى تلك الفتاة التي ظنتها سيئة، تباً هل ساءت أحوالها إلى هذا الحد؟ أسرعت بمغادرة المنزل بينما قالت كريمة وهي تحدج مروة بنظرات فاحصة:
بتحبيه مش كدة؟

رفعت إليها مروة عيون مصدومة فأردفت كريمة قائلة:
مفيش داعي تنكري، أنا متأكدة.
أطرقت مروة برأسها قائلة بحزن:
حتى لو، الحب مش كل حاجة في حياتنا، فيه حاجة اسمها القسمة والنصيب وزي ماانتِ شايفة قسمتي مش معاه.
هتتتازلي عن حبك بسهولة كدة؟
رفعت إليها عينان حائرتان وهي تقول:
وعايزاني أعمل إيه؟ أحارب عشان مين وهو نفسه طلب مني الانسحاب. الحب قدرى لكن قسمتي الفراق.
هتقدرى تنسيه وتكملي؟

مش هقدر أنساه بس هكمل، هكمل عشان خاطر صلاح، أما ماهر فصفحته كان لازم تتقفل من اول ماشفت الغلاف بس فضولي خلاني أفتح كتابه وأقلب بين صفحاته فعجبني اللي قريته فيه وحبيته ودي كانت غلطتي الوحيدة اللي هدفع تمنها عمر بحاله.
مروة انتِ..
قاطعتها قائلة:
انا ولا حاجة بالنسبة له، حتى لو جواه مشاعر بالنسبة لي فلسة شايفني قليلة ومستهلش حبه زي ماشاف اختي زمان قليلة على صلاح.
لأ انتِ فاهمة غلط، ماهر...

قاطعتها مجدداً قائلة بحزم:
أرجوكِ ياكريمة هانم، ياريت منجيبش السيرة دي تاني ونفتح في جراح بتمنى تلم، من فضلك عشان خاطر صلاح الصغير على الأقل.
فتحت كريمة فاهها لتتحدث ولكنها أحجمت عن ذلك وهي تدرك أن كلامها الآن لن يفيد وسيزيد الوضع سوءاً لذا من الأفضل لو صمتت. ، مؤقتاً.

كان يجمع كتبه ويضعها في صندوق بينما يزيح جانبا كتاباً سيأخذه معه في سفره، فتح أدراج مكتبه واحداً تلو الآخر يضع الكتب جميعها بالصندوق، توقفت يداه حين رأي هذا الكتاب، سحبه على الفور وتلمس غلافه بحنين، ثم جلس يفتحه فإذا بصورتها تطل أمامه، تطالعه وكأنها تخترقه بنظراتها البريئة، لم يرى هذه الإبتسامة الخالصة على وجهها منذ أخذت لهما هذه الصورة حين كانا برحلة في الثانوية العامة، وقتها ذهبت معهم إلى الرحلة بعد ان أخبرت أباها أنها رحلة ضرورية من أجل أن ترى معالم الإسكندرية التي تدرسها وان الرحلة للإناث فقط وليست مختلطة، كان يوماً لن ينساه أبداً قضى فيه معها أجمل لحظاته على الإطلاق، لعبا ومرحا وضحكا وحين أخذت لهما هذه الصورة طلبت منه الاحتفاظ بها فلو رآها والدها لأقام الدنيا وأقعدها على رأسها، مد يده يلمس ضفيرتها بحنان، قبل أن يقلب الصورة ويقرأ المكتوب خلفها.

يا سيِّدتي كنتِ أهم امرأةٍ في تاريخي قبل رحيل العامْ. أنتِ الآنَ. أهمُّ امرأةٍ بعد ولادة هذا العامْ. أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالساعاتِ وبالأيَّامْ. أنتِ امرأةٌ. صُنعَت من فاكهة الشِّعرِ. ومن ذهب الأحلامْ. أنتِ امرأةٌ. كانت تسكن جسدي قبل ملايين الأعوامْ.
قلب الصورة مرة أخرى وهو يطالعها مردداً باقي القصيدة.

يا سيِّدتي لا تَهتّمي في إيقاع الوقتِ وأسماء السنواتْ أنتِ امرأةٌ تبقى امرأةً. في كلَِ الأوقاتْ. سوف أحِبُّكِ. عند دخول القرن الواحد والعشرينَ. وعند دخول القرن الخامس والعشرينَ. وعند دخول القرن التاسع والعشرينَ. وسوفَ أحبُّكِ. حين تجفُّ مياهُ البَحْرِ. وتحترقُ الغاباتْ.

دمعت عيناه تدريجياً حتى وجد نفسه يبكي وبقوة يضم صورتها إلى صدره بينما تتعالى وتيرة شهقاته. وقفت والدته على باب حجرته لا تدري ماذا تفعل؟ هل تدخل إليه وتواسيه أم تتركه يفرغ مكنون صدره حتى يرتاح قلبه، لتنكس رأسها وهي تعلم انه أبداً لن يرتاح حتى ينساها وكيف السبيل إلى نسيانها وقد هواها القلب ومن أكثر منها قد يدرك الهوى الذي ما ان يصيب القلب حتى يسكنه ولا يخرج منه حتى يتوقف القلب عن الخفقان.

كانت نهال تسكن في حضن أمها التي تساقطت دموعها غزيرة وهي تقول:
سامحيني يابنتي، غصب عني ياضنايا بعدك عني بس أعمل إيه حكم القوي.
قالت سعاد بحنق:
وليه مجيتيش معانا ياماما؟ ليه فضلتي قاعدة معاه؟ايه اللي يخليكي تقعدي مع راجل بيهينك ويجرحك؟ راجل بينتقم فيكي من واحدة رفضته وهانت رجولته زي مانفسه المريضة مصوراله.
وانتِ قعدتي مع أشرف ليه ياسعاد؟القسمة والنصيب يابنتي.

متقارنيش نفسك بيا ياماما، انا قعدت مع أشرف عشان خاطر تقي، عندي امل يتعدل عشانها. لكن احنا خلاص واحدة اتجوزت والتانية كان هيجوزها غصب عنها يبقى ليه لسة قاعدة معاه؟
عشان بتحبه يابنتي.
استداروا يطالعون الخالة جليلة التي جاءت للتو ووجدت الباب مفتوحاً لتسمع حديثهم، ابتسمت سعاد بترحاب قائلة:
اتفضلي ياخالتي واقفة ع الباب كدة ليه؟

دلفت جليلة فنكست سميرة وجهها بخجل حين طالعتها عيون جليلة العاتبة، التي ماان اقتربت من أختها قالت:
ساكتة ليه ياسميرة ماتردي على بنتك وقوليلها بحبه ياسعاد، بحبه لدرجة اني ضحيت بأختي عشانه، ودلوقتي بضحي ببناتي ولو طولت أضحى بنفسي هعملها لانه أغلى عندي من نفسي.
رفعت سميرة رأسها تواجه اختها قائلة:
وهو لما أحب جوزي عيب ولا حرام ياجليلة؟ ماانتِ حبيتي جوزك.

حبيته لإنه يستاهل، كان راجل بكل معنى الكلمة، لا في يوم جه عليه ولا جرح ابني بكلمة، لكن انتِ معمية باسم الحب، مش قادرة تشوفي انه بيإذيكي وبيإذي بناتك. الحب مبيإذيش ياسميرة ولا بيضعف بالعكس بيقوي.
بلاش كلام المدارس ده ياجليلة.
طب وكلام ربنا، مش ربنا قال في كتابه الكريم.

وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ? إِنَّ فِي ذَ?لِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.
فين المودة فين الرحمة وفين السكن؟
نهضت سميرة تقول في عصبية:
انتِ عايزة ايه دلوقت؟ عايزة تخربينها وتقعدي على تلها.
طالعتها جليلة بعيون ثابتة بهما عتاب أرسل رعشة إلى قلب سميرة فارتجفت أوصالها حزنا واختها تقول:.

عايزاكِ تفوقي قبل فوات الأوان، لا انتِ ولا بناتك تستاهلوا اللي بيعملوا فيكم توفيق واللي آخرته زي ماانتِ شايفة، واحدة بتتكرر معاها حكايتك والتانية كان مصيرها هيكون أبشع لولا ستر ربنا.
ظهر الصراع على وجه سميرة قبل أن تقول بحنق:
انا سايبالكم الدنيا وماشية.
مشت باتجاه الباب فنادتها جليلة قائلة:
سميرة خدي بالك من نفسك يااختي. مبقالكيش غيرها.

توقفت سميرة للحظة متجمدة قبل أن تتابع سيرها بينما نظرت جليلة إلى نهال الباكية فأسرعت إلى حضنها، لتطالعهما سعاد بحزن ورُغما عنها نزلت دموعها رغم أنها أقسمت مراراً على الثبات وعدم ذرف الدموع.

طرقات على الباب ثم دلوف أحدهم، عرفته دون أن تلتفت إليه، خفقات قلبها المتسارعة أخبرتها أنه هو ثم رائحته المميزة التي انتشرت بالمكان وابتسامة السيدة كريمة الواسعة جعلوها توقن من أن من يقف خلفها الآن هو ماهر بدران، مالك قلبها الوحيد.
إزيك دلوقت ياماما؟ عاملة إيه؟
بخير ياحبيبي، مالك واقف كدة ليه. تعالي اقعد جنبي.
معلش مش هقدر، مستعجل لإني مسافر.
مسافر؟مسافر فين؟

قالتها كريمة عاقدة الحاجبين بينما صرخ بها قلب مروة ليقول هو بهدوء:
القاهرة، همضي عقد مع جمال الصايغ، يومين تلاتة بالكتير وهرجع.
وهو العقد مستاهل يومين تلاتة ياماهر؟
ها. لأ. بس ليا أصحاب هناك هقعد معاهم يومين عشان وحشوني.

هل افتقدت آصدقائك حقاً أم ترغب في الهرب ولملمة مشاعرك؟ تظن انك ان ابتعدت ستستطيعان تنساها، أفهمك ياصغيري وأرغب في إخبارك بأنك لن تستطيع النسيان أبداً فالفراق بين المحبين لا ينسيهم مشاعرهم بل يزيدها الحنين والشوق اشتعالاً.
انا فعلا إتأخرت، أشوف وشكم بخير.

اقترب مقبلاً يد والدته فربتت كريمة على راسه بحنان، تأملته مروة بحب ملأ عليها جوارحها وادمع مقلتيها، استقام يلقى نظرة عليها فأطرقت برأسها ارضاً على الفور ولكن ليس قبل أن يلمح مقلتيها الدامعتين فشعر بغصة في حلقه، مشي تجاه الباب قبل أن يتوقف قائلاً دون أن يلتفت:
ابقى سلمي على عليّة ياماما، مش موجودة في البيت ومبتردش على التليفون، الظاهر راحت النادي بدري.
حاضر ياابني.

غادر بينما ضمت مروة قبضتها يعتصر قلبها الحزن، فقد ذهب لوداع خطيبته بينما لم يكلف حتى نفسه وداعها وهي أمامه، لم تنظر إليه نعم، ولكنها كانت تنتظر منه أن. ، ان ماذا؟
يقترب منها ويجثوا جوارها يمسك يديها ويقول لها سأفتقدك بجنون حبيبتي. تباً لقلب سكنه الحب و آلمه العذاب وتباً لمستقبل تراه منذ الآن به غيم الضياع ومتاهة الألم وبحر من الأحزان.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 4 من 10 < 1 3 4 5 6 7 8 9 10 > الأخيرة




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
أفضل 5 طرق لتحقق الربح من الكتابة بالعربية بسهولة [دليل شامل] arwa
0 452 arwa
وحيد حامد – قصة حياة أحد أبرز أعلام الكتابة في تاريخ السينما المصرية laila
0 406 laila
التعليم تكشف حقيقة ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تدريس هذا الكتاب Moha
0 322 Moha
الرجل الذي عمل مدرّساً لمدة 17 عاماً على الرغم من أنه لم يكن يجيد القراءة ولا الكتابة! Moha
0 312 Moha
نادين نجيم في ورطة والسبب هذا الكتاب Moha
0 350 Moha

الكلمات الدلالية
رواية ، الكتاب ، الأحمر ،











الساعة الآن 03:04 PM