logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 3 من 10 < 1 3 4 5 6 7 8 9 10 > الأخيرة



look/images/icons/i1.gif رواية ذات الكتاب الأحمر
  01-03-2022 01:01 مساءً   [16]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل السابع عشر

نحن على وشك الهبوط في مطار روما، برجاء ربط الأحزمة و..
تجاهلت آيات باقي توجيهات المضيفة وهي تلتفت بوجهها لمرافقها قائلة بحيرة:
انت مش قايل هنوصل الساعة 12 وان مواعيد الطيران بتبقى دقيقة جداً؟لسة ربع ساعة بحالها.
ابتسم طاهر قائلاً:
أول مرة تسافري بطيارة مش كدة؟
هزت رأسها فأردف قائلاً:
عشان كدة مسكتي ايدي بالجامد اول ماالطيارة طلعت وحفرتي فيها بضوافرك ولا كأنك كنتِ بتحفري في قناة السويس.
قالت بخجل:.

مش للدرجة دي ياطاهر، بس فعلا انا كنت خايفة قوي والطيارة بتطلع في السما، الموضوع مش سهل زي ماكنت فاكرة. وآسفة يعني على الجروح دي، انا مش عارفة عملت كدة ازاي؟

لا يهمك صغيرتي حتى الجراح قد عشقتها مادامت من صنع يديكِ، مال قليلاً يضع لها حزام الأمان فحبست أنفاسها وقد شعرت به يضمها دون أن يلمسها، رفع وجهه فتجمد للحظة وهو يرى عينيها المحدقتين به وحمرة خجلها التي أعلنت بكل وضوح تأثرها به، مد يده وأعاد بضع خصلات من شعرها خلف أذنها فانتابتها رعشة طفيفة كاد أن يميل ويختطف قبلة من شفتيها اللتان انفرجتا قليلاً لكنه نفض الفكرة واعتلت ثغره ابتسامة حانية، تراجع على إثرها يضع حزام الأمان بدوره بينما أفرجت هي عن أنفاسها الحبيسة، ترفع يدها وتعدل من وضع شعرها بارتباك، ليقول بهدوء لا يعكس مشاعر تأججت بخافقه وطالبته بالاعتراف بهيمنتها على نبضاته:.

التنبيه ده عشان أخطر أوقات بتكون الإقلاع والهبوط، فلازم يكون قبلها عشان الكل يبقى منتبه وتعرف المضيفات ان ممنوع يزعجوا الطيارين نهائي كمان يعرف الطيارين ان ممنوع الكلام أو النقاش في الوقت ده ويركزوا كل انتباههم على الطيارة والمدرج.
تنحنحت قائلة:
احمم وعرفت الكلام ده منين؟
التفت اليها بوجهه قائلاً:
كانت بطلة رواية من رواياتي كابتن طيار وزي ماقلتلك بعمل سيرش كامل عن أي حاجة بكتبها.

وياتري عملت البحث عن طريق جوجل ولا عملته ميداني؟
هل تفوح من كلماتها الغيرة كما وصلته ذبذباتها؟
من ده على ده، الكاتب عشان يكون مبدع لازم يتحرى الصدق في كلماته ويتأكد من كل معلومة بيكتبها.
نظرت إلى الأمام تقول من بين أسنانها:
انت هتقولي.
على فكرة هبطنا على الأرض بسلام يا أميرتي.

قالها بمرح جعلها تنظر من النافذة جوارها بذهول، لترى انهما قاما بذلك بالفعل، كيف لم تنتبه ولم تخف؟حديثها معه السبب. التفتت بوجهها إليه تمنحه نظرة امتنان فهز رأسه بإيماءة خفيفة مع ابتسامة جعلت خفقات قلبها تتسارع بجنون فعادت بناظريها إلى الخارج ترفع يدها وتضعها على خافقها تحاول أن تهدئ من سرعة خفقاتها حتى لا يلاحظها مرافقها.

كانت تقرأ في هذا الكتاب الذي أهداها إياه ماهر بالأمس حين دعاها إلى مكتبه ومنحه لها وحين أصابتها الدهشة لتدرك أنه الكتاب الذي تاقت لقرائته تسأله بحيرة عن سر معرفته بذلك فيرد عليها بكلمات قالها ببساطة ولكنها فعلت بقلبها الأعاجيب:
رغبات عيلتي أوامر، وانا شفت في عيونك يوم ما كنا بنشتري الفساتين رغبتك في أن يكون عندك الكتاب ده.

تذكرت وقتها أنها بالفعل توقفت في هذا اليوم أمام المكتبة المجاورة لمحل الفساتين عندما لفت انتباهها وجود الكتاب لديهم، هل انتبه حقاً يومها لرغبتها الشديدة في اقتناء الكتاب؟حقاً انه شديد الملاحظة الي جانب أنه أعدها من العائلة ونسبها إليهم وهذا أطار صوابها وجعلها كلية تحت سحره.

ضحكات الصغير مع الجدة كريمة جعلتها تنحي الكتاب جانباً وتبتسم حين رأت الجدة تهمس في أذن صلاح ببضع كلمات فتنطلق ضحكاته مجدداً بمرح، سألتها مروة قائلة:
ياترى اللي بتقوليهوله سر ولا ممكن أعرفه؟بصراحة عمري ماشفت صلاح بيضحك بالشكل ده وعندي فضول أعرف السبب.
ابتسمت الجدة تربت على رأس الصغير بحنان قائلة:
مبقولش حاجة مهمة بس الظاهر صلاح الصغير زي صلاح الكبير مجرد ماتهمسي في ودنه ميقدرش يمسك نفسه و يضحك علطول.

آه صحيح افتكرت، مرة كان صلاح و مها الله يرحمهم عندي في البيت وكانت مها بتعمل الشاي عشان تديني فرصة اتعرف على صلاح وأتأكد انها اختارت صح، وفعلا الجواب بيبان من عنوانه، الله يرحمه كان راجل بسيط و أخلاقه عالية ونبيلة وكمان باين عليه قد ايه كان بيحبها، خدنا على بعض بسرعة ولما جابت اختي الشاي وجت تديني كوبايتي كنت لسة هوشوشه في ودنه وأقوله دلوقتي اختي هتقولي انا مش عارفة ازاي يامروة بتشربي كوباية الشاي باربع معالق سكر وتفضلي رفيعة كدة، كانت دي عادتها كل ماتديني كوباية شاي. المهم لسة هقوله كدة لقيته بيضحك بشكل مش طبيعي، بصيتله وكأنه انسان فضائي. انت بتضحك على ايه بس ده انا لسة مقلتش حاجة، قامت اختي قالتلي متستغربيش مبيستحملش الوشوشة بتزغزغه، لما بلاقيه زعلان ومتضايق بس أوشوشه وساعتها الضحكة تنور وشه من تاني. وقتها بصلها بحنية وبعدين قالي كلمتين مش ممكن هنساهم أبداً. قاللي محدش يعرف بالموضوع ده غير ماما ومها وانتِ يامروة وده معناه انك بقيتي من عيلتي.

اغروقت عينا الجدة بالدموع وهي تقول بصوت يقطر منه الحزن:
ربنا يرحمه ويرحمها ويصبر قلوبنا على فراقهم يابنتي.
يارب.
التفتا بوجهيهما إلى المتحدث فوجداه ماهر يقف خلفهم ويطالعهم بعيون لامعة، احتارت مروة في تفسير لمعتها هل هما هكذا ام انها لمعة العبرات؟

اقترب منهم ثم جثا بجوار والدته، قبل يدها بحب فربتت على رأسه بحنان، ثم رفع وجهه ومد يده يداعب الصغير في صورة ملأت قلب مروة بالعشق، ابتسم حين أمسك الصغير بإصبعه وجعل يهز يده فمد يده الحرة وداعب أذنه قائلا:.

على فكرة انا كمان كنت عارف ان صلاح بيغير من ودانه، وكنت كل ماأحب أضايقه واحنا صغيرين كنت بوشوشه، وفي مرة قاللي انه بيعتبرها نقطة ضعفه وانه مش حابب حد برة العيلة يعرفها ولما قلتله وايه يعني لما حد يعرفها. قاللي هيستغلها وقاللي كمان اني مش هفهمه لاني معنديش نقطة ضعف، مكنش يعرف انه هو نقطة ضعفي واني دايما كنت بخاف حد يإذيه فبعدت عنه كل حاجة شفتها مش مناسبة ليه لحد مافي النهاية انا اللي أذيته وحرمته من سعادته بوجودنا جنبه يوم فرحه، وحرمته كمان من وجودنا جنبه في آخر أيامه وحرمتنا منه والنتيجة أهي بتمنى يرجع بينا الزمن وأنا أقوله استنى متمشيش جايين معاك نطلب ايديها، مش هنسيبك وهنفضل جنبك لحد آخر لحظة في عمرنا، بس للأسف لا الأماني بتتحقق ولا الزمن بيرجع ولا الميت بيصحي من تاني. واللي بيفضل بس ذكريات مليانة ندم، بتجرح القلب بسكينة تلمة وكل ماالجرح يلم تيجي ذكرى تانية تفتحه وتخليه جرح مبيطيبش ونزيف مبيقفش. صلاح شبه اخويا قوي ياماما، وانا اللي حرمته منه. وحرمت الطفل البريء ده من حنان الأم والأب عشان غبي. انا نفسي اموت ياأمي عشان محسش بكل الوجع اللي في قلبي ده. وجع مبقتش قادر أتحمله.

كانت الدموع تجري من عيون مروة تشاركها فيها الجدة، حتى ماهر سقطت عبراته واحدة تلو الأخرى وقد سقط قناع القوة الذي كان يدعيه لتظهر مشاعره جلية ربما للمرة الأولي، دفن رأسه في حجر أمه يخفيها لتربت امه على رأسه بحنان حزين تقول بألم:
هون على نفسك ياابني، الموت علينا حق وانت ملكش ذنب.

اهتز جسده فلم تعد مروة تتحمل رؤيته هكذا، لتنهض وتحمل صلاح الذي وجم من مرأي الدموع وتضعه على الأرجيحة وتغلق باب الأمان ثم تعود وتجثوا جواره تسحبه من ذراعه ليواجهها، اطرق برأسه فهزته قائلة:
ماهر بصلي.
ظل مطرق الرأس فقالت بحزم اكبر:
قلتلك بصلي.
رفع إليها عينان حزينتان أصاباها في صميم قلبها بسهم يقطر حزناً لتردف قائلة بثبات:.

الموت علينا حق فعلا زي ماما كريمة قالت، ملناش يد فيه ولا ذنب. انت اتصرفت بحسن نية، كان قصدك مصلحة اخوك، غلطت لكن ماأذنبتش ولا كان قصدك تجرحه، هو كمان مكنش زعلان منك، كان كل ما سيرتك تيجي يقول عليك الكبير، الكبير اللي خد باله من شركة باباه وكبرها، الكبير اللي كان دايماً في ضهره وضهر اي حد من عيلته، الكبير اللي بيفكر في الكل ومبيفكرش في نفسه، الكبير اللي معاه مبتخافش من اي حاجة وتحت سقف بيته بتكون في امان، الكبير اللي بيساعد الغلبان ومبيستعرضش خيره، انا مبقاليش كتير هنا ورغم اني مكنتش بصدق صلاح لكن وجودي تحت سقف بيتك خلاني متأكدة انه كان معاه حق في كل كلمة قالها والدليل اني هنا وهنا بس حسيت بالأمان ومبقتش خايفة على نفسي ولا على صلاح، هنا وياكم عرفت طعم العيلة وحسيت بخوفها على أفرادها، هنا وهنا بس عرفت ان اللي بيبقى منكم بتخافوا عليه زي نفسكم وأكتر وبتعملوا المستحيل عشان ميتأذاش، ربنا بيحبكم وبيحبني وعشان كدة عوضنا عن غياب أحبابنا بصلاح هيكبر وسطنا وهنحبه زي مامته وباباه وهنعرفه قد ايه كانوا بيحبوه وده هيكون العلاج لجروحنا، مش هنقدر نعمل كدة الا لو آمنت انك هتقدر، آمن بنفسك زي ماآمنا بيك كلنا ياماهر.

تطلع إلى عينيها فوجد بهم حقاً إيماناً به بث في قلبه شعوراً لا يوصف، حانت منه نظرة إلى الصغير الذي كان يطرق على باب الأرجوحة ثم إلى والدته التي هزت رأسها بحنان وهي تمسح دموعها بأناملها ليعود بنظراته إلى مروة يطالعها بنظرة اشعلت الدماء في شرايينها لتنتبه لأول مرة لوضعها فأزالت يديها عن كتفيه ونهضت بإضطراب، نهض بدوره دون أن يحيد بنظراته عنها، كاد ان يقول شيئاً ولكن قاطعه رنين هاتفه فإستأذنهما بالإجابة، ابتعد قليلاً فتابعته مروة بعينيها قبل أن تنتبه الي كلمات السيدة كريمة حين قالت:.

مش عارفة أشكرك ازاي يابنتي على كلامك اللي قلتيه لماهر من شوية، فوقتيه وأنقذتيه من دوامة كانت هتسحبه، كنت شايفاه بيروحلها شوية بشوية ومكنتش عارفة ارجعه منها ازاي، من يوم مادخلتي حياتنا وحسيت ماهر بيقاوم دوامته والنهارده رميتيله طوق نجاة اتمسك بيه، وجود صلاح في حياتنا وأهمية وجود عمه في حياته عشان ياخد باله منه ويحميه. أمل كبير بإذن الله ينجي ماهر من شعور بالذنب كان هيضيعه لو سيطر عليه.

متشكرنيش ياكريمة هانم أنا قلت اللي في قلبي.
مقلتيش كل اللي في قلبك بس في يوم هتقوليه.
قطبت جبينها بحيرة وكادت ان تسأل السيدة كريمة عن مقصدها ولكن قاطعها عودة ماهر الذي قال لوالدته:
عليّة رجعت من السفر، هروح اغير بسرعة و اجيبها من المطار ياأمي.
شاب ملامح والدته بعض الحزن مالبث أن زال وهي تقول ببشر:
روح ياابني، ومتتاخروش هخلي دادة منيرة تعملها الأكل اللي بتحبه.

هز رأسه ثم اسرع مغادراً تتابعه مروة بحيرة مسائلة عن هوية هذه الفتاة التي كان خبر رجوعها مثيرا لحالة من السعادة لدي الام وولدها، توقف ماهر فجأة واستدار يمنحها نظرة طويلة حزينة احتارت في تفسيرها، قبل أن يغادر بخطوات سريعة وكأنه يهرب من المكان، عادت مروة بناظريها للسيدة كريمة قائلة:
هي مين عليّة دي ياكريمة هانم؟
قالت كريمة بحزن:.

صحيح انتِ متعرفيهاش، عليّة تبقى بنت عم ولادي و كانت المفروض هتبقي خطيبة صلاح الله يرحمه ولما اتجوز ماهر اتقدملها عشان ميجرحهاش أصله بيعزها قوي ومتربية بينهم.
اعتصار حارق للقلب وغصة بالحلق اعجزتها عن الحديث للحظات قبل أن تقول بصعوبة:
يعني عليّة تبقى خطيبة..
ماهر. أيوة يابنتي. هروح انا أقول لدادة منيرة وانتِ خدي بالك من صلاح على ماأرجع.

توجهت بكرسيها تجاه المنزل بينما وجدت مروة قدماها غير قادرتان على حملها فجلست على أقرب كرسي، تضع وجهها بين كفيها، تدع دموعها تعبر عن احساسها في تلك اللحظة، يهتز جسدها بخفة، كاد الذي يتابعها من نافذة حجرته أن يهبط ويأخذها بين ذراعيه يدعها تبكي على صدره وتفرغ حزنها، يخرجها من اليأس إلى الأمل كما فعلت معه ولكنه منذ اللحظة التي تذكر فيها خطبته لعليّة أدرك أن قصتهما لن تكتمل وعليهما النسيان، ورغم سعادته منذ لحظات بإكتشافه مشاعرها تجاهه كما اكتشف مشاعره سابقاً، إلا أن القدر يحتم عليه مجدداً تجاهل الحب والكفر به.

اهدي يانهال، متقلقيش ياحبيبتي، أنا راجعة القاهرة علطول. هحجز في أول قطر. نهال مش عايزاكي تخافي طول ماانا موجودة مفهوم ياحبيبتي.

أغلقت الهاتف ثم ألقته على السرير، تزفر بقوة. من أي شيء قُد قلب والدها؟ من الحجر. باعها مرة فلم يكفه واحدة فأراد بيع الأخرى، فتاة صغيرة في مقتبل عمرها يلقيها لرجل في الأربعينات من عمره ولديه زوجة أولى فقط لإن لديه مايكفي من المال ليشتريها. لا لن تسمح بذلك أبداً، ان لم تحارب لأجلها ستحارب لأجل أختها حتى آخر رمق.

أمسكت هاتفها ثم اتصلت بشركة النقل وحجزت تذكرة في قطار الساعة الخامسة ثم اتصلت بصديقتها مروة فلم تجب اتصالاتها، زفرت ثم خطر ببالها فجأة فبحثت عن رقمه واتصلت به، لم يجب في بادىء الأمر، ولكنه مع الاتصال الثاني أجاب قائلاً:
السلام عليكم.

لثوان وجدت نفسها عاجزة عن الحديث وقد بدا صوته غريباً على مسامعها، جامد النبرات على نحو مخيف. كادت ان تغلق الهاتف ولكنها أدركت كم سيبدو ذلك سخيفاً، وجدت الدموع تتحجر بمقلتيها ثم تتساقط تباعاً على وجنتيها، كتمت شهقاتها فوجدت صوته يعود لطبيعته وهو يقول بلهفة:
سعاد انتِ كويسة؟ سعاد طمنيني عليكي؟ متسكتيش بالشكل ده؟ طيب متعيطيش. فيكي إيه؟ ياريتني ماسيبتك ومشيت.
ومين اللي طلب منك تمشي؟

كاد ان يقول عقلي الذي رفض مشاعر قلبي ولكنه اكتفي بقول:
مش مهم انا رجعت ليه. المهم طمنيني عليكي، مالك ياسعاد؟ ايه اللي مزعلك بالشكل ده؟
بابا.
عمل ايه تاني؟
عايز يجوز نهال لعم متبولي.
الخردواتي؟ ده أصغر منه بكام سنة بس ومتجوز كمان.
مشافش غير فلوسه ومهموش غير اللي هيجنيه من وراها.

مستحيل يحصل، انا مش هقف المرة دي عاجز عن منع الجوازة دي زي المرة اللي فاتت، مش هسمح لعمي يمنعني تاني، هو زودها قوي المرة دي ونهال أكيد مش موافقة.
قصدك ايه بالكلام ده؟ انت حاولت تمنع جوازي من أشرف؟
كنت شايفك كتير عليه، كنت رافض بكل قوتي، كنت شايفك مع حد يقدر يسعدك لانه بيحبك من كل قلبه، بس انتِ وافقتي وموافقتك عجزتني عن اني أساعدك وقفتني مكاني لا عارف أتقدم خطوة ولا أتأخر.

وليه بسمع الكلام ده لأول مرة يامحمد؟
وهتستفيدي إيه لما تسمعيه؟ الواقع بيفرض نفسه ياسعاد والواقع هنا انك متجوزة أشرف وأي رفض من اي حد للجوازة دي لا هيقدم ولا يأخر.
معاك حق بس واقع اختي لازم يتغير ومادام انا وانت رافضين يبقى هنقدر نمنع الجوازة دي وننقذها من مصير أسوأ حتى من مصيري. انا راجعة القاهرة النهاردة ومحتاجاك جنبي، ياترى هتقف جنبي وتساعدني؟

مش محتاجة سؤال. انا جنبك وهفضل جنبك طول عمري، وقت ماتحتاجيني هتلاقيني.
اكسبتها كلماته قوة وجعلتها ترى انها قادرة على التحدي، لذا قالت بثبات:
يبقى أشوفك على خير.
هستناكي في محطة القطر. سلام.

اغلقت الهاتف وتنهدت بعمق، لماذا لم ترى سوي الآن انها كلما احتاجت للقوة كانت تلجأ إليه، وانه لطالما دعمها وساندها في كل وقت. ماعدا هذا الوقت الذي احتاجت مشورته في أمر زواجها، ظل صامتاً متباعداً وترك الأمر بيدها فأسقط في يدها.
انا مش هعرف أسافر وانتِ كدة يامروة.
مسحت مروة دموعها قائلة:
لأ سافري ومتخافيش علية، انا هبقي كويسة، يومين وهنساه وكويس ان احنا لسة في البداية ومتعلقتش بيه قوي.

اللي زينا لما بيحب بيتعلق قوي من البدايات لأننا مبنحبش الا راجل لقينا فيه كل اللي بنحلم بيه. الحنية. الأمان. السند. الاهتمام والحب فوقتها مشاعرنا اللي حوشناها بتتجمع بسرعة وتتعلق بيه بقوة لأنها استنه عمر بحاله.
حتي لو كنت اتعلقت بيه قوي برضه مع الأيام هنساه، هو مرتبط بواحدة تانية وخلاص النصيب فرقنا والبكا على الأطلال واللبن المسكوب لا يفيد زي مابيقولوا.

سيبك من اللغة العربية والشعارات الكدابة دي دلوقتي واتكلمي من قلبك، قوليلي هيقدر يستحمل.
قلبي قوي ياسعاد، فوق ماتتصوري، قوي بإيمانه ان كل أزمة بتعدي وكل حزن مهما كان كبير بيصغر، قوي بإيمانه ان ربنا رحيم بيه وانه قادر يفرج همه ويسعده وان بكرة اكيد أحلى.
هو ده الكلام وهي دي مروة صاحبتي اللي أعرفها.

طيب مروة صاحبتك بتقولك يلا روحي بقى عشان تلحقي القطر وتلحقي نهال، خليكي قوية قصاد باباكي ومتضعفيش. وسيبيني بقى أروح اقابل ضرتي.
رُغما عنها ابتسمت سعاد قائلة:
ربنا يقويك يامروتي.
ويقويكي ياسوسو، خدي بالك من نفسك وطمنيني عليكي اول ماتوصلي. سلام.
سلام ياحبيبتي.

أغلقت سعاد الهاتف ثم تنهدت وهي تنهض وتحمل حقيبتها، تتجه إلى الخارج تهبط إلى حيث انتظرتها طفلتها في حديقة الفندق، تغادره معها متجهتان إلى محطة القطار.


look/images/icons/i1.gif رواية ذات الكتاب الأحمر
  01-03-2022 01:02 مساءً   [17]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل الثامن عشر

فتح طاهر الباب الحديدي لهذا المنزل الريفي ثم تنحي جانباً يفسح لها الطريق فتقدمته إلى الداخل، تطلعت حولها منبهرة بجمال تصميم المنزل الذي ظهر كتحفة معمارية، حانت منها نظرة لحمام السباحة الصغير فالتمعت عيناها وهي تسرع بخطواتها وتقف أمامه قائلة بطفولية:
حمام سباحة صغير أقدر اعوم فيه، طب ليه مقلتليش ياطاهر؟ انا مبعرفش أعوم وكان ممكن أعوم هنا في المكان اللي مش عميق ده بس مجبتش المايوه معايا.

ترك الحقائب من يده وتقدم تجاهها قائلا:
نعم ياأختي مايوه ده ايه إن شاء الله.
لأ انت فهمت غلط، ده مايوه إسلامي.
امسك ذراعها بيده قائلاً:
المايوه هيفضل مايوه ياآيات، وبعدين هتنزلي المية هنا قدامي وأنا وياكي لوحدنا والشيطان تالتنا.
طالعته قائلة:
انت مش بتحب واحدة تانية؟

أحبك أنتِ صغيرتي وأخشى عليكِ من نفسي، قُربنا منذ ركبنا الطائرة سوياً أجده يضعفني، يجعلني أرغب بتحقيق أحلامي واحداً تلو الآخر وأحلامي طفلتي البريئة ليست عذرية أبداً.
مش بتحب واحدة تانية ياطاهر؟ ماترد علية.
أيوة بحب، بس ده ميمنعش ان البني آدم بيكون ضعيف قصاد الجمال.
يعني انت ممكن تخون حبيبتك وتبقى زيهم؟
مستحيل، أنا حبيبتي في عيوني أجمل نساء الدنيا.
أمال خايف من إيه؟

خايف عليكي، حاسك بنتي اللي محبش حد يشوفها في حمام السباحة غير جوزها وبس وأنا مش جوزك ياآيات.
انت فعلا بابا، انا بحس انك هو.
ياليتني ماقرأت كتابك لأحببتني أنا بدلاً من أن تري في كينونتي أباكِ
ياليتني قابلتك قبل حبيبتك لأوقعتك في شباك حبي لتصير مجنوني أنا.
طال صمتهما فأطرقت برأسها قائلة:
طيب ممكن تسيب ايدي وتوريني أوضتي عشان تعبانة ومحتاجة أرتاح.

ترك ذراعها فاستدارت تبغى الذهاب إلى باب المنزل الرئيسي ولكن حذائها ذي الكعب العالي فعلها فتزحلقت إلى الخلف وسقطت بالمياه، وجدت نفسها تغوص للأسفل، كانت تظن أن حمام السباحة ليس عميقاً بما يكفي ولكن اتضح انه عميق كحمامات السباحة الأخرى، رآها تغوص إلى الأسفل فأدرك أنها تغرق وقد اعترفت له للتو أنها لا تجيد السباحة، أسرع يقفز خلفها ويغوص ساحباً إياها للأعلى، وما إن صعدت للسطح حتى تعلقت بكتفيه فطالع عيونها بنظرة حب خالصة طالعته بمثيلتها لثوان ظلت نظرات أعينهم متشابكة ترفض الأهداب أن تفض هذا التشابك حتى فعلتها آيات وأشاحت بعينيها بعيداً عنه قائلة:.

احمم بيتهيألي نطلع بقى من حمام السباحة، الظاهر ان كان لازم تطبيق عملي عشان أفهم تقصد إيه.
لتعود بعينيها إليه قائلة:
واوعدك اني مش هنزل حمام سباحة تاني غير مع جوزي.
انا زوجك آياتي ولا زوج لكِ غيري.
اكتفي بابتسامة باهتة وهو يسحب يدها إلى طرف الحمام، يساعدها على الصعود ثم يصعد خلفها بخفة قبل أن يقول:
تعالي هوريكي أوضتك، متنسيش اول ماتدخليها تغيري هدومك علطول عشان متبرديش.
حاضر يابابا. أي أوامر تانية.

تحبي أساعدك؟
طاهر!
مش انا بابا؟
لا ياخفيف. انت طاهر. طاهر وبس.
تعرفي ان اسمي حلو قوي من بين شفايفك.
لا انت أكيد اتجننت، جرالك ايه من ساعة ماجينا إيطاليا؟
وقعت في الحب.
طالعته بحيرة فأردف قائلاً:
حب البلد. انتِ ايه اللي جرالك؟ من ساعة ماجينا وانتِ فاهماني صح. قصدي غلط.
هزت رأسها بيأس وابتسمت رغما عنها وهي تقول:
قدامي ياطاهر، هما ساعتين نوم ونرجع طبيعيين من تاني، انت مش انت وانت مسافر.

سبقته للداخل فتبعها وهو يبتسم بدوره هامساً:
ولا ألف ساعة نوم هتغير احساسي من ناحيتك ياحبيبتي.

كانت تجول في مكانها لا تستطيع الجلوس في مكان واحد، تنتظر بفارغ الصبر رؤية غريمتها، بينما جلست السيدة كريمة مع الصغير تداعبه، تلقى عليها نظرة كل فترة فتبتسم بغموض ثم تعاود مداعبة الصغير، صوت سيارة بالخارج أخذها إلى النافذة فوقفت تتطلع إليه وهو يهبط من السيارة، يلتف حولها إلى الجهة الأخرى ويفتح الباب لتنزل هي، فاتنة شقراء قصيرة ورشيقة منحته ابتسامة خلابة قبل أن تسبقه للمنزل فاغلق الباب وتبعها، توقف فجأة ووجدته ينظر مباشرة إليها، تراجعت بسرعة لا تدري هل لمحها أم لا؟ أسرعت تجاه السيدة كريمة تجلس جوارها، رن جرس الباب فأسرعت الخادمة تفتحه، لتدلف هذه الشقراء بابتسامة واسعة قائلة:.

ماما كريمة وحشتيني.
ارتسمت ابتسامة مشرقة على وجه كريمة وهي تتقبلها بأذرع مفتوحة ارتمت عليّة فيهما بينما تقول الأولى بحنان:
انتِ كمان وحشتيني يالولو، نورتي مصر كلها.
خرجت من بين ذراعها تطالع الصغير بعيون حائرة، فوجدت السيدة كريمة تقول بارتباك واضح:
ده يبقى صلاح ابن صلاح ودي خالته مروة.

ألم عبر المقلتين وربض فيهما وارتعاشة في الثغر عبرت بوضوح عن مشاعرها بهذه اللحظة قبل أن تتجاهل مروة كلية مستديرة إلى ماهر الذي وقف بعيدا يطالعهم بملامح خالية من التعبير، اقتربت منه قائلة بعتاب ظهر في صوتها وكلماتها:
ليه مقلتليش ياماهر؟ ليه خبيت علية؟
حزن ظهر بعينيه ممتزجاً بالألم وهو يقول:
خفت أجرحك.
وأنا كدة ماانجرحتش؟ كان لازم تقولي.
أمسك ذراعها قائلاً:
مقدرتش.

إلى هنا وكفى، عاطفته التي يتحدث بها معها، خوفه عليها كل هذا كان أكبر من احتمالها، نهضت وكادت أن تغادر المكان ولكن صوت هذه الفتاة استوقفها وهي تقول بحدة:
رايحة على فين ياهانم؟
استدارت مروة تطالعها بدهشة فأردفت عليّة بحقد:
جاية تعملي زي أختك وزي ماخدت مني صلاح عايزة تاخدي ماهر مش كدة؟
نهرها ماهر قائلا:
عليّة ميصحش اللي انتِ بتقوليه ده؟
استدارت إليه تقول بألم:.

أمال ايه اللي يصح؟ إن أقف ساكتة وهي بتخطفك مني زي مااختها خطفت مني صلاح، مش هسمحلها انت فاهم.
كادت مروة ان تنهرها مدافعة عن نفسها ولكن السيدة كريمة أمسكت يدها مشيرة لها بالصمت، فصمتت مجبرة ولكنها أقسمت ان زادتها هذه اللعينة ستخمشها كقطة شرسة ولن تهتم بالعواقب.
امسك ماهر يدها قائلاً:
محدش هيقدر ياخدني منك، احنا الاتنين مخطوبين وبإذن الله هنتجوز، مروة خالة صلاح. خالته وبس.

قال كلماته الأخيرة وهو ينظر إلى مروة التي لم تستطع الاحتمال اكثر فهربت من المكان بسرعة وكأن الشياطين تطاردها، بينما عاد ماهر بعينيه إلى عليّة يقاوم ألم قلبه وهو يقول:
انا عايزك تتطمني، مفيش حد ممكن يفرق بينا. أبداً.

دلفت إلى حضنه ووضعت رأسها على صدره فضمها يربت على رأسها، يتطلع إلى والدته التي أرسلت إليه نظرة حزينة مشفقة أغلق أهدابه عنها حتى لا تسقط دموعه مجدداً وتعبر عما يشعر حقاً ووقتها لن تكون الأمور محمودة العواقب.
طرق قوي على الباب جعلها تترك قشارة الخضار من يدها وتسرع إليه لتفتحه، ما أن رأت إبنتها حتى قالت ببشر:
سعاد حمد الله ع السلامة جيتي امتى؟
دلفت إلى المنزل تنظر بداخله قائلة:
من ساعة ياماما، فين بابا؟

ها. بابا. آه. عند عمك متبولي.
استدارت تواجهها قائلة:
شفتي انتِ قلتي ايه. عند عمي متبولي. عمي. يعني بالنسبة لي راجل كبير في سن عمي، امال بالنسبة لنهال يبقى ايه؟ جدها ياماما؟
شحب وجه والدتها بينما ظهرت نهال على عتبة باب حجرتها بعيون باكية قبل أن تنطلق إلى أحضان أختها حين فتحت لها ذراعيها، ضمتها سعاد قائلة بحنان:
قلتلك متخافيش يانهال، محدش هيقدر يإذيكي طول ماانا عايشة.

قصدك إيه ياسعاد؟ وهو أنا لما أسترها ابقى بأذيها.
استدارت سعاد تواجه أباها الذي وقف على عتبة باب منزلهم مكفهر الملامح وهو يطالعهم بعيون اشتعلت بالغضب، لتستقيم سعاد تستجمع كل شجاعتها وهي تقول بثبات:.

السترة مش بيت يتقفل علي الواحدة وتلاقي فيه اللقمة والهدمة يابابا، السترة انها تلاقي جنبها زوج بيحبها و يحافظ عليها من قلوب قاسية مبترحمش، السترة انها تعيش بكرامتها جوة البيت ومتتهانش، السترة انها تحس انها انسانة مش حيوانة دفع فيها صاحبها فلوس وبقي يبيع ويشتري فيها على مزاجه، تسترها يعني تسلمها لراجل بجد يعرف قيمتها ويقدرها ويعاملها بما يرضي الله، يكون بيته ليها مودة وسكن مش اي بيت وخلاص.

قال والدها بحنق:
ملكيش دعوة باختك ياسعاد وخليكي في نفسك.
مش هينفع، الساكت عن الحق شيطان أخرس وانا سكت كتير، سكت وأنا شايفاك بترميني لأول راجل دق بابي عشان معاه فلوس رغم انك كنت عارف انه ميناسبنيش زي ماسكت زمان وانا شايفاك بتعامل ماما وكانها عدوتك مش شريكة حياتك وكل ده ليه؟ عشان اختها رفضتك. طب هي ذنبها إيه؟
اخرسي ياإما والله العظيم هقتلك وأدفنك مكانك هنا ومحدش هيعرفلك طريق.

قالت سعاد بمرارة وعيون دامعة:
تعملها ياعم توفيق. وهو من امتى كنا بنحس ان انت ابونا واحنا بناتك، من امتى حسينا بحنيتك علينا؟ وكأنك بتكرهنا لإننا ربطنا امنا بيك.
رفع يده ليصفعها فاغمضت عيناها بقوة تنتظر صفعة مؤلمة ولكن لا بأس لقد اعتادت الصفات ولن يضيرها صفعة أخرى في سبيل أختها.
شهقة من امها يتبعها صوت والدها الحانق وهو يقول:
انت اتجننت ياواد انت؟

فتحت عيناها لتجد محمد أمامها يمسك بيد والدها قبل أن يصفعها، انزل يده ببطئ وهو يقول له بهدوء:
الجنان ان اسيبك تمد إيدك عليها بعد كل اللي شافته ولسة بتشوفه بسببك لأ ومش مكفيك هي، كمان رايح ترمي بنتك لراجل قدك.
قال توفيق بغضب:
وانت مالك يابني آدم انت، ايه اللي حشرك بينا؟ انا مش قلتلك آخر مرة اني مش عايز أشوف وشك هنا.
عقدت سعاد حاجبيها بينما قال محمد بعيون اشتعلت بالغضب لكنه حافظ على هدوئه قائلاً:.

المرة اللي فاتت كنت جاي ليا عندك طلب ولما رفضت وطردتني انا نفذت كلامك مش احتراماً ليك، لأ. لكن احتراماً لخالتي اللي طلبت مني احافظ على بيتها ببعدي عنه.
أطرقت خالته رأسها بحزن فازداد انعقاد حاجبي سعاد وهي تتساءل عن مغزى هذا الكلام الغامض، لتترجم سؤالها إلى كلمات قائلة:
يعني ايه الكلام ده؟ ازاي بعدك عن بيتنا يامحمد هيحافظ على بيت أمي؟

تأملها محمد بنظراته العاجزة، تحدثت مقلتيه بكلمات لم تخرج من شفتيه ولكنها اوصلت رسالته فاتسعت عينا سعاد بينما يؤكد أباها ما وصلها بكلمات الساخرة وهو يقول:
البيه كان عايز يتجوزك، فاكرني كنت هسلم بإيدي بنتي لإبن عدوى، ده انا أسلمها لكلب زي جوزها ومسلمهاش ليك ياابن عز.
توفيق!
اخرسي ياولية مسمعش صوتك، مش كفاية مستحمل قرفك تلاتين سنة، يمين بالله لو اتكلمتي لأكون مطلقك بالتلاتة.

أطرقت سميرة برأسها في انكسار أنً له قلب سعاد لتنتفض من صدمتها وهي تواجه أباها قائلة:
سيبك مني ومن محمد ومن حياتي اللي اتدمرت بسببك، واسمعني كويس لاني مش هعيد كلامي، مش ممكن هسمحلك تدمر حياة اختي هي كمان ولو حصلت هتشوف واحدة تانية خالص غير سعاد اللي عرفتها، انا يمكن أسامح في حقي لكن اختي لا هسمح لحد يإذيها ولا ييجي عليها. مفهوم؟
قال توفيق ساخراً:
وهتعملي ايه لوحدك بقى يابنت سميرة؟

هي مش لوحدها أنا معاها.
ميهمنيش، انتوا ولا حاجة. عيال اقدر بكلمة واحدة بس لرجالة الحاج متبولي أخليكم تبوسوا رجلي عشان ارحمكم من اللي هتشوفوه على ايديهم. وبرضه مش هرحمكم.
ضحكة ساخرة اطلقتها سعاد أثارت القلق في نفس توفيق فلم يراها قبلاً بهذه القوة، يتساءل عن السبب، قبل أن تقول هي بشماتة:
احنا مش لوحدنا على فكرة ورجالة عم متبولي ميقدروش يعملوا حاجة جنب اللي معانا.
عقد توفيق حاجبيه قائلاً:.

اللي معاكم. قصدك مين؟
اقتحم بعض الرجال البيت فجأة، شعر توفيق بالخوف يدب في اوصاله وهو يراهم مجموعة من الرجال ضخام الجثة مدججين بالسلاح، تحمل ملامحهم صرامة وقسوة وكأنهم ينتظرون فقط إشارة من سعاد حتى يدكون المنزل دكاً. من أين جاءوا وكيف تحملت سعاد تكاليف إحضارهم إليها ليدعموها؟

قلت إيه بقى؟ آخد نهال وأمشي برضاك ومش هتشوف وشنا تاني، ولا أخدها غصب عنك ووقتها هتترجاني عشان أرحمك من ايديهم وبرضه مش هرحمك ياعم توفيق.
تطلع إلى الرجال بنظرة خوف أظهرت مدى جبنه الحقيقي خاصة وهو يعود إليها بنظراته يهز راسه موافقاً دون كلمة.
احتلت مقلتيها نظرة احتقار وجهتها له، قبل أن تلتفت لأمها تدرك انها شاركت والدها جريمته في حقها ولكنها تعلم انها كانت مجبرة لا حيلة لها لتقول بعطف:.

جاية معانا ياماما؟
رفعت إليها والدتها عينين خجلتين وهي تقول:
مش هينفع أسيبه لوحده يابنتي؟
قالت سعاد بصدمة:
لسة باقية عليه بعد اللي عمله فيكي، لسة عايزة تقعدي معاه وانتِ عارفة انه بيحب واحدة تانية. أختك شقيقتك؟

أطرقت والدتها مجدداً بألم، لتهز سعاد رأسها بيأس قبل أن تأخذ بيد اختها وتمشي يصحبها محمد وما ان خرجا من المنزل حتى خرج الرجال خلفهم بينما سقطت دموع سميرة تباعاً في ألم وهي تجلس على أقرب كرسي لتنتفض على صوت الطاولة التي قلبها زوجها غضباً، تهز رأسها بدورها في يأس.


look/images/icons/i1.gif رواية ذات الكتاب الأحمر
  01-03-2022 01:02 مساءً   [18]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل التاسع عشر

تأملت آيات الطبيعة الخلابة من خلال نافذة السيارة التي استأجرها طاهر للتجول بين القرى، لم ترى الريف قبلاً في مصر ولكن مارأته في إيطاليا أثار شغفها لرؤية الريف المصري والاستمتاع بنقاء الجو وصفاءه إلى جانب المساحات الخضراء الممتدة والتي منحتها سكون وطمأنينة، استدارت تجاه طاهر فرأته يطالعها بنظرة احتارت في تفسيرها، بها إعجاب واضح جعلها تشك في اخلاصه لحبيبته، حاولت نفض الفكرة حتى لا يسقط طاهر من علياءه وقد وضعته في مكانة خاصة لم يمكث فيها سوي والدها، نظرت أمامها قائلة:.

مقلتليش انت مودينا على فين؟
هنبتدي الجولة بقرية( أتراني) قربنا نوصلها خلاص، هوديكي مطعم هناك على البحر علطول، هتاكلي فيه سمك وجمبري محصلوش، بتحبي الجمبري ياآيات؟
هزت كتفيها قائلة:
معتقدش فيه حاجة مبحبهاش.
ابتسم بداخله. تحب الأكل مثله، تماما كما تخيلها.

لكن استنى شوية وفهمني، انت ازاي عرفت بالمطعم ده؟انت مش قلت انك جاي لأول مرة تستكشف المكان عشان بطل روايتك اللي هيتنقل بين قرى إيطاليا وفي واحدة منهم هيقابل حبيبته.
ها. آه. ماانا مكنتش هاجي من غير مااكلم حد زار القرى دي قبل كدة عشان تكون عندي فكرة ومتوهش في الغربة.
قلتلي والحد ده واحد ولا واحدة؟
رمقها بابتسامة جذابة وهو يقول:
وهتفرق كتير؟
كادت ان تقول نعم ولكنها هزت كتفيها عوضا عن ذلك قائلة:.

لأ مش هتفرق.
ثم أردفت قائلة:
وياتري هنقعد في القرية دي كتير؟
ساعتين تلاتة وبعدين هنروح قرية (كاستيلو تشينو) ودي على قمة تل، تعتبر أعلى قرية فوق سلسلة جبال الابينين وفيها أماكن سياحية وجناين طبيعية هتعجبك قوي.
مطت شفتيها قائلة:
ليه حاسة ان احنا جايين نتفسح مش نشتغل ياطاهر؟
غمزها قائلاً:
مفيهاش حاجة لو جمعنا بين الاتنين.
ثم اردف قائلاً بنبرات حانية مست قلبها:.

آيات سيبي نفسك تعيش الحياة صح، لو الحياة أصبحت بالنسبة لك شغل وبس هتبقى مملة ومتستاهلش تتعاش.

هزت رأسها وهي تعاود النظر إلى خارج السيارة، لا تدري لماذا تعترض على قضاءهم الوقت في التجول بين هذه المناطق الخلابة، لقد كان حلمها الدائم السفر إلى أي مكان ولطالما نحت هذا الحلم جانباً لإن عمل والدها لا يسمح له بالسفر والابتعاد عن معمله مدة طويلة وهي لا تستطيع الإبتعاد عنه. متعلقة به منذ الصغر وزاد تعلقها به بعدما كبرت، وهاهو الحلم يتحقق. سافرت إلى إيطاليا، مدينة رائعة حقاً. إذا لم لا تستطيع الاستمتاع وحسب، لما تريدها مهمة عملية؟ هل تخشي التعلق بمرافقها أكثر وهو على هذه الحالة من البساطة والجاذبية يعاملها بحنان ومرح؟ لقد تعلقت به وانتهى الأمر لابد وان تعترف بذلك وتتوقف عن إدعاء العكس. تعلم انه يحب أخرى ولكن فلتنس هذا مؤقتاً برحلتهما حتى تعود إلى مصر فتتذكر حينها.

أنا مش عارفة أشكره ازاي ياماما؟عشان خاطري اشكريه بدالي، لولا الرجالة اللي بعتهملي على البيت مش عارفة كنت هخرج بنهال ازاي منه؟

والله يابنتي ماعارفة أشكره على إيه ولا إيه؟ماهو اللي ودا أشرف المصحة كمان. تعرفي لما كلمتيني عن نهال وكنتِ منهارة كان هو قاعد معايا بنتكلم. لقيته بيقولي انه هيبعتلك أفراد أمن من عنده يأمنوكي، كان عارف ان باباكِ مش هيسيبك تنزلي بنهال وهي بالنسبة له بيضة من دهب، فيه ناس كدة تحسيهم ملايكة ربنا بعتهم الأرض عشان يساعدوا الغلابة اللي زيينا، وسي رءوف ده ملاك.
حد جايب في سيرتي؟

تعالي ياسي رءوف أعرفك ببنتي اللي مخلفتهاش. سعاد. سي رءوف.
سلم رءوف على سعاد التي ابتسمت بخجل حين مال الجد وقبل يدها بطريقة لم ترها سوي بالأفلام، ليستقيم بعدها قائلا للسيدة صفية:
بنتك زي القمر ياست صفية ربنا يباركلك فيها.
ازدادت سعاد خجلاً بينما تقول صفية بطيبة:
قمر من جوة وبرة ربنا يحميها.
وجدت سعاد صوتها لتقول بارتباك:.

خلاص بقى ياجماعة متكسوفنيش، الحقيقة ياأستاذ رءوف انا كنت حابة أشكرك بنفسي على اللي عملته معانا، ده جميل مش هنسهولك العمر كله.
لا شكر على واجب، دي حاجة بسيطة وبعدين واقفين ليه؟ اقعدوا كملوا كلامكم انا جيت أسلم وهمشي علطول.
رايح فين بس ياخويا؟ ماتقعد شوية.
هروح لحد المصحة، قالولي هناك أشرف طالبني. هروح أشوفه عايز ايه؟
هو كويس؟
حدجها بنظرة فاحصة قبل أن يقول:
لسة مهتمة بيه بعد كل اللي عمله فيكِ؟

اطرقت برأسها قائلة:
العشرة متهونش على ولاد الحرام ومهما كان ده أبو بنتي.
تستاهلي حب الست دي يامدام سعاد، عموماً هو مش كويس والمرحلة دي هي أسوأ مرحلة ممكن يمر بيها في علاجه لأنها فترة انسحاب المخدر من دمه، مش هقدر اوصفلك حالته دلوقتي لان والدته قاعدة والست صفية قلبها رهيف. شوفي لسة مقلتش حاجة وبتبكي ازاي؟
ليربت على يدها بحنان قائلاً:.

مش عايزك تبكي ياصفية، المفروض تفرحي لان بعد العسر والشدة اللي هو فيها يسر، هو دلوقتي بيحارب عشان يرجعلكوا أشرف اللي عرفتوه زمان فملوش لازمة البكا، افرحيله وادعيله وكل شيء هيبقى تمام.
كفكفت دموعها بيدها الحرة تطالعه بامتنان قائلة:
معاك حق، ربنا يخرجه من أزمته على خير ويقدره على محاربة السم اللي في دمه.
يارب. أستأذن انا بقى لاني اتأخرت، فرصة سعيدة اني شفتك يامدام سعاد.

ابتسمت سعاد فغادر رءوف بخطوات واسعة تتابعه صفية بعينيها لتقول سعاد مداعبة:
إيه ياماما. روحتي فين؟
ها. مروحتش في حتة ماانا معاكِ أهو.
معايا فين بس؟ ده انتِ كنت ِفي دنيا تانية مع الراجل اللي كأنه طالع من أفلام السينما ده، هو فيه كدة ياناس؟ ده فكرني بذكي رستم وكان شوية وهيقولي نهارك سعيد. هيييح. ده من الرجالة اللي ماتت في الحرب، مش عارفة انا متولدتش في جيلكم ليه ياصفصف؟

بس يابنت بقى هتعاكسي الراجل قدامي؟
بتغيري ياقمر؟
سعاد. اغير ايه بس احنا هنعيده؟
وليه متعيديهوش، انتِ ارملة من زمان قوي ولسة حلوة تقدري تحبي وتتحبي.
قالت صفية باستنكار:
أحب إيه بس في العمر ده؟
الحب مش بالعمر على فكرة ولا بيهتم بأي حاجة، بييجي زي الإعصار وياخد قلبك لدوامته وساعتها مبتفكريش ينفع أو مينفعش، هيكمل ولا مش هيكمل، هتعيشي المشاعر وبس حتى لو عارفة ان آخرة الدوامة دي هلاكك.

حدجتها صفية بنظرة فاحصة وهي تقول:
اول مرة تتكلمي عن الحب بالشكل ده ياسعاد.

أفاقت من أحاسيس ضربت قلبها منذ علمت بحب محمد لها لتدرك بكل أسف انها لطالما بادلته مشاعره ولكنها لم تكتشف سوي الآن بعد فوات الأوان، لم تتحدث معه مطلقاً من خرجت من بيت والدها وحتى ذهابها لبيته كي تأخذ تقي ولكن العيون تحدثت. حب. مرارة وخجل يقابلهم عتاب وألم. اوصلهم الي المنزل ثم غادر بسرعة وكأن شياطين الدنيا تتبعه بينما ظلت هي تفكر.
ماذا لو؟!

ماذا لو اكتشفت حبه لها بالماضي وحبها له. هل كانت لتتمسك به رغم رفض ابيها او ربما تهرب وتتزوجه دون ارادة توفيق؟
هل كانت لتمنح قصتهما فرصة؟
لا. كانت أجبن من ذلك. لم تكن بقوتها الآن والتي أكسبتها إياها مامرت به مع أشرف. ربما لو كانت علمت بحبه واعترف لها لتغيرت حياتها وربما لا ولكن الأكيد أن أفكارها الآن لن تفيدها شيئاً ولن تزيدها إلا ألماً.
سعاد!

ها. آه. أصلي مقلتلكيش. مروة بتحب عم صلاح ماهر بيه وواقعة فيه لشوشتها ياماما. ليل ونهار بتكلمني عنه.
مروة دي بنت حلال وتستاهل كل خير، زيها زيك تمام. ربنا يريح قلوبكم يابناتي.
كيف يرتاح القلب وقد فقد الأمل؟
ابتسم ماهر قائلاً:
فاكرة مراد صاحبنا ياعليّة؟
وضعت عليّة الشوكة في إحدى قطع البانيه ثم قطعتها بالسكين وهي تقول بمرح:.

آه طبعا فاكراه. كان صاحب صلاح الله يرحمه قوي و ياما عملت فيه مقالب. مستحيل يعني هنساه وبقالي تلات سنين بس مشفتوش.
عموماً هو اول ماعرف انك رجعتي ياستي عمل حفلة مخصوص عشانك. ايه رأيك نروحها بكرة؟
قطبت جبينها قائلة:
اوعي يكون هيعمل فيا مقلب ياماهر؟
ابتسمت السيدة كريمة بينما قال ماهر باستنكار:
مقلب ايه اللي هيعملوا فيكي؟ انتوا كبرتوا على الحاجات دي خلاص.
هزت حواجبها صعودا وهبوطاً قائلة بمرح:.

محدش بيكبر على المقالب ياسي ماهر ولا نسيت المقلب اللي لسة عاملاه فيك في المطار؟
مقلب ايه ده ياماهر يعني مقلتلناش؟
اعتدلت عليّة تقول:.

ده من احلى المقالب اللي عملتها من سنتين ياطنط، لسة بيشوفني ماهر وأنا خارجة من البوابة وبعمله باي، اتنين من أفراد الأمن جم خدوني استنجدت بماهر اللي جه علطول وطلب منهم يسيبوني وفضل يزعق ويقول إن مش من حقهم ياخدوني من غير سبب واني معملتش حاجة تستدعي القبض علية، فجأة لقيتني بضحك بطريقة مش طبيعية وهو واقف يبصلي زي مااكون اتجننت من الصدمة لغاية ما واحد من الأمن المزيفين قالوله ان دي الكاميرا الخفية. بووووم. من غير ولا كلمة لف وسابني واقفة وسطهم جريت وراه وقلتله سامحني ياأبيه آخر مرة صدقني، قاللي مش قادر اصدقك بس هسامحك ياقدري.

قدره! قبضت على يدها بقوة، لقد نعتها بقدره وتحمل مقالبها السخيفة بصدر رحب، من المؤكد أنه يحبها بقوة والا مافعل. كانت تستمع لهم منذ البداية وهي مطرقة الرأس تتناول بضع لقيمات فحسب، لقد فقدت شهيتها منذ جاءت هذه الفتاة إلى المنزل، لن تحتمل ان تضمها طاولة معهم لتسمع المزيد، ربما آن الأوان لتنهض وتتجه إلى حيث صلاح لتوقظه وتداعبه علها تجد فيه السلوى.
مش هتبطلي حركات الأطفال دي ياعليّة؟

مستحيل ياطنط، ده جزء من شخصيتي.
يعني هتيجي معايا الحفلة ولا اعتذر ياست عليّة؟
هاجي طبعاً انت عارف اني بحب الحفلات.
ماتاخدوا مروة معاكم ياولاد؟دي مخرجتش من يوم ماجت من القاهرة.
غص حلقها بما كانت تأكله فأسرعت تشرب بعض الماء بينما تقول السيدة كريمة وهي تربت على ظهرها:
بسم الله الرحمن الرحيم.
خلاص ياكريمة هانم. انا كويسة.

لتنظر لأول مرة منذ جلست الي الطاولة باتجاه ماهر الذي طالعها بنظرة طويلة حملت لها شتى المشاعر ولكن ماجذبها بداخلهم هو حزن دفين لم تراه في عينيه سوي البارحة حين عبر عن مشاعره وفتح قلبه أمامها وأمام أمه لأول مرة، تمالكت نفسها وهي تقول:
الحقيقة مش هقدر اروح معاكم عشان. عشان مش هينفع أسيب صلاح لوحده.
صلاح هيفضل معايا وهاخد بالي منه متقلقيش.

سيبيها على راحتها ياطنط، جايز مش عاملة حسابها وانتِ عارفة حفلة زي دي بتضم صفوة الناس ولازم الواحدة تظهر بمظهر يليق باللي هتكون بينهم.
اطرقت مروة مجددا تضم قبضتها بقوة، تشعرها تلك الفتاة بالدونية كما لم يشعرها احد من قبل ولا حتى ماهر، بينما نظرت إليها السيدة كريمة بحنق قائلة:
مروة وجودها في أي مكان يشرفه والمظاهر مش كل حاجة ياعليّة. الإنسان بجوهره مش بمظهره.

مش في الزمن ده ياطنط، عموماً هي لو عايزة تيجي تمام مفيش مشكلة، بس أعتقد أن هي مش عايزة يبقى ليه نجبرها؟
نهضت مروة تطالعها ببرود قبل أن تقول:
هاجي معاكم ودلوقتي اسمحولي هروح لصلاح عشان أصحيه وأكله. بعد اذنكم.
خديني معاكِ يابنتي أصله وحشني.
حركت مروة الكرسي بالسيدة كريمة تجاه حجرة الصغير، بينما نهض ماهر يضع فوطته على المائدة، أمسكت يده قائلة:
رايح فين؟ كمل أكلك.
أزال يدها بيده الحرة قائلاً ببرود:.

شبعت. كملي انتِ أكلك.
ثم غادر باتجاه باب المنزل بينما وضعت هي فوطتها بحنق على المائدة وهي تقول بغيظ:
زعلانين قوي عشانها؟ سحرتكم زي ماسحرت أختها صلاح وخدته مني، بس المرة دي مش هسمح لواحدة زيك تاخد ماهر مني مهما حصل.

طرقت جليلة الباب فلم يجبها ولدها، شعرت بالقلق فلم يخرج من غرفته منذ البارحة حين عاد بعد توصيل الفتيات، لم تستطع ان تعرف ماحدث ولكن أخبرتها الوجوه المتجهمة ان هناك امر جلل، حاولت التحدث مع اختها سميرة ولكن هاتفها كان مغلقاً مما اضطرها لطرق باب حجرته بحثاً عن أجوبة لأسئلتها وكذلك للإطمئنان على ولدها، فتحت الباب فوجدت الحجرة غارقة في الظلمة، ظنته نائماً بسريره ولكن ظل تحرك على المقعد بجوار النافذة جعلها تشعل الضوء فرأته يضع ذراعه على وجهه يخفيه عنها، اقتربت منه قائلة:.

محمد انت قاعد في الضلمة كدة ليه؟
من فضلك سيبيني لوحدي ياماما.
صوته المتحشرج وصدره المبلل بالماء جعلها تدرك مايخفيه عنها، سحبت يده قائلة بهلع:
انت بتعيط ياضنايا؟
نهض يمنحها ظهره قائلاً:
قلتلك سيبيني ياماما لوحدي. من فضلك اخرجي برة.
استدارت تواجهه قائلة بحزم:
ورحمة أبوك ماانا خارجة غير لماأعرف حصل إيه وإيه اللي مخلي حالك بالشكل ده؟

طالعها للحظة يدرك أنها أقسمت برحمة أباه وحين تفعل فلن تتحرك قيد أنملة قبل أن تبر بقسمها، تنهد وهو يتجه إلى سريره يجلس عليه قائلاً:.

سعاد عرفت مشاعري من ناحيتها ياماما، أنا عارف سعاد كويس هتاخد جنب مني، هتبعد عني. انا مكنتش طماع على فكرة، كان كفاية قوي وجودي جنبها، أبقي مطمن عليها وانا شايفها قصاد عيني، مكنتش عايز حاجة اكتر من قربها، لكن حتى دي القدر استكترها علية وهيحرمني منها، مش هقدر أتحمل انها تشوفني وتلف وشها، مش هقدر أتحمل أشوف ملامحها بتتقفل اول ماتشوفني، سعاد حساسة قوي ياماما، هتخاف تبقى معايا زي الأول وهي حاسة بمشاعري، هتحس بالخيانة. سعاد هي الحاجة الحلوة في حياتي واللي لو راحت مني هموت، مش كفاية القدر حرمني من انها تكون مني. مراتي وشريكتي، حتى صداقتها كمان هيحرمني منها.

جلست على الكرسي تندب بمرارة:
ياقلبي ياابني. ياريتني مت قبل مااكون السبب في فراقك عن حبيبتك وكسر قلبك وعذابك ياضنايا.
اسرع إليها يجثو على ركبتيه أمامها يمسك بيديها وهو يقول بلهفة:.

بعيد الشر عنك ياأمي، انتِ ملكيش ذنب، المذنب هو عم توفيق اللي غروره قواه وخلاه يشوف رفضك اهانة ليه، خلاه يعتبر بابا عدوه واي حد من صلبه هو كمان عدوه، مقدرش يعترف ان الحب قسمة ونصيب، الحب رغبة قلب في انه يكون مع القلب اللي حبه برضاه مش غصب عنه.
فرك وجهه مردفاً:
الظاهر ياأمي ان خلاص مبقاش قدامي غير الحل اللي رفضته كتير عشان مبعدش عنكم.
قالت والدته متوجسة:
قصدك ايه يامحمد اوعي تكون..
قاطعها قائلاً:.

ايوة هسافر ياأمي. الإعارة للسعودية استنتي كتير وآن اوانها خلاص.
طيب وأنا ياابني أهون عليك تسيبني لوحدي.
أظبط أموري بس وهبعتلك واهو بالمرة تزوري بيت ربنا زي مااتمنيتي كتير. ها. إيه رأيك؟ مش هقدر اقوم بالخطوة دي غير لو رضيتي عنها ياأمي.
ترددت للحظات تطالع عيونه المتوسلة إليها قبل أن تربت على كتفه قائلة بحنان:
قلبي وربي راضيين عليك ياابني، توكل على الله. قدر الله وماشاء فعل.

أمسك يدها يقبلها ثم وضع رأسه على حجرها لتربت على رأسه وهي تتلو الرقية الشرعية تحفظه من كل شر وألم، وهل هناك ألم أشد من ألم اليأس في أن تكون مع من تحب؟

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 3 من 10 < 1 3 4 5 6 7 8 9 10 > الأخيرة




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
أفضل 5 طرق لتحقق الربح من الكتابة بالعربية بسهولة [دليل شامل] arwa
0 452 arwa
وحيد حامد – قصة حياة أحد أبرز أعلام الكتابة في تاريخ السينما المصرية laila
0 406 laila
التعليم تكشف حقيقة ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تدريس هذا الكتاب Moha
0 322 Moha
الرجل الذي عمل مدرّساً لمدة 17 عاماً على الرغم من أنه لم يكن يجيد القراءة ولا الكتابة! Moha
0 312 Moha
نادين نجيم في ورطة والسبب هذا الكتاب Moha
0 350 Moha

الكلمات الدلالية
رواية ، الكتاب ، الأحمر ،











الساعة الآن 03:04 PM