logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 3 من 10 < 1 2 3 4 5 6 7 8 10 > الأخيرة



look/images/icons/i1.gif رواية ذات الكتاب الأحمر
  01-03-2022 12:58 مساءً   [10]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

طالعتها بحب بينما كانت تأخذ الملابس من الحقيبة وتضعها في هذه الخزانة الصغيرة قائلة بسعادة:
لغاية دلوقتي مش قادرة أصدق انك هنا معايا في عروس البحر الأبيض المتوسط.
ابتسمت سعاد تترك مابيدها وتجلس جوارها على السرير قائلة:
عروس البحر الأبيض المتوسط، اللغة العربية لحست دماغك خلاص.
اعتدلت مروة جالسة تربع قدميها وهي تقول:.

وهو فيه أحلى ولا أجمل ولا أطعم من اللغة العربية ده حتى بتدي للكلام شكل فخم كدة وبتديله روح، تخيلي لو اتكلمنا كلنا باللغة العربية وقال الحبيب لحبيبته.
رفعت يدها تقول بطريقة مسرحية:
أليس المنادي في اللغة العربية منصوباً؟
نعم
فلماذا كلما أناديكي لا أفكر سوي في ضمك
ياللهول ياعبده.

فغرت سعاد فاهها قبل أن تنطلق ضحكتها مجلجلة لتبتسم مروة قبل أن تشاركها الضحك بدورها لتقول الأولى وهي تضع يدها على قلبها تحاول أن توقف ضحكات أنهكت القلب:
بعيد عن اني حبيت الجملة رغم غرابتها بس اللي عايزة اعرفه بقى. مين سي عبده ده؟

فيه حد ميعرفش سي عبد الغفور البرعي في مسلسل لن اعيش في جلباب أبي هو والست فاطمة ياسوسو؟ دي بوستات حبهم مغرقة الفيسبوك، بس الجملتين دول خدتهم من جروب محبي اللغة العربية اللي داخلة فيه. معلقين في دماغي بشكل. هيييح لو ألاقي حد بيحب اللغة العربية زيي ويحبني بالفصحى ده أنا تبقى اتفتحلي طاقة القدر.
عادت سعاد لترتيب ملابسها داخل الخزانة قائلة بمرح:
خليكي كدة عايشة في المسلسلات لغاية ما هتجننك.

خلاص ياسوسو مبقتش اتفرج على مسلسلات ماانا عايشة في واحد هندي ودمه تقيل على قلبي.
وضعت تنورتها المطوية في الخزانة واقترب من السرير تجلس جوار مروة قائلة لها بحنان:
صحيح ياروما الوقت خدنا والفرحة بمقابلتك من تاني مخلتنيش أسألك. عاملة ايه مع عيلة بدران؟
هزت مروة كتفيها قائلة:.

الحقيقة مرتاحة ياسعاد على عكس ماكنت متوقعة، صلاح اتوفرله اللي عمري ماكنت هقدر أقدمهوله، أكل نضيف ولبس نضيف وأوضة قد بيتي كله في القاهرة واكيد لما هيكبر شوية هيلاقي كل حاجة تحت أمره، كمان الست كريمة بتعاملني حلو قوي وبتعامل صلاح بحنية وطيبة. كل ده بيخليني متأكدة اني خدت القرار الصح لما رضيت صلاح يعيش وسط أهله بس..
صمتت مروة فربتت سعاد على يدها قائلة:
بس ايه ياحبيبتي؟

طالعتها مروة بعيون حائرة وهي تقول:
قلبي ياسعاد، قلبي بيقوللي اني غلط وانهم هيحرموني منه.
عقدت سعاد حاجبيها قائلة:
انتِ مش قلتي ان كريمة هانم بتعاملك كويس. ازاي بس هتحرمك منه؟
انا مش خايفة من الست كريمة، انا خايفة من ابنها، راجل قادر قوي ياسعاد ويتخاف منه، مش طايقني أساساً وفاكرني هموت عليه. آخد في نفسه مقلب مش عارفة على ايه؟ صحيح عامل زي نجوم السينما بس دمه يلطش وميتحبش. عارفة ايه أكتر حاجة مخوفاني؟

طالعتها سعاد بتساؤل فاردفت مروة قائلة:
انه من الناس اللي بنشوفهم في المسلسلات. هيبة وفلوس ومركز وقسوة، لو في يوم قاللي اطلعي برة مش هقدر أعمل حاجة.
تجهمت ملامح سعاد قائلة:
ليه يعني هو مفيش قانون في البلد؟
أنا برضه اللي هقولك مراكز القوة في البلد دي ممكن تعمل ايه؟ ده غير أن القانون اصلاً معاه لان الحضانة المفروض تكون من حق والدته.
زفرت سعاد قائلة:
طب هتعملي ايه يامروة؟ هتقدري تبعدي عن صلاح؟

قالت مروة مستنكرة:
لأ طبعاً مستحيل اقدر أبعد عنه، ده لما بيبقى مع جدته ويطول شوية بيوحشني و بروح اقعد برة الأوضة عشان اسمع بس ضحكته وأحس انه جنبي.
ياحبيبتي ياروما وكأنك أمه بالظبط.
مش أخدته في حضني وهو لسة مكملش يوم في الدنيا دي، سهرت جنبه واديته من روحي وقلبي أكيد بحس انه ابني وغلاوته من غلاوة تقي بالظبط. صحيح هي فين؟

من ساعة ماجينا وهي مبسوطة قوي بالبحر وقاعدة قدامه ومش عايزة تقوم. فيه مشرفة تحت بتاخد بالها من الأطفال سيبتها معاها وقلت أطلع أفرغ الشنطة وانزلها تاني. الحقيقة من ساعة ماجينا اسكندرية ومن أول لحظة ونفسيتها بتتحسن ووشها رد فيه اللون، بقولك ايه. ماتيجي ننزل نقعد معاها قدام البحر ونكمل كلامنا.
أنا هنزل أسلم عليها وأمشي علطول صاصا وحشني، هروح أجيبه وأجيلك تاني.
وماهر بيه هيسيبك تاخديه وتخرجي.

قالت مروة بعيون اشتعلت بالتحدي قائلة:
طب يبقى يمنعني وهيشوف أنا هعمل إيه.
اوعي ياوحش.
رفعت مروة ياقة فستانها قائلة بتباهي:
اومال ده احنا جامدين قوي.
قالت سعاد متهكمة:
انتِ هتقوليلي. بأمارة لو طردني برة مش عارفة هعمل ايه ياسعاد.
قالت مروة مستنكرة:
طب سيبيني اعيش اللحظة ومتفكرنيش. أصحاب تحبط العزيمة.
تحبط العزيمة. ناقص تقوليلي تباً لكِ ياامرأة و ثكلتك أمك، قدامي يا أستاذة قبل ماأتشل أو تجيلي جلطة.

بعيد الشر عنك ياأختاه.
يااخواااااتي. امشي يانيلة قدامي.
ضحكت مروة وهي تتقدم سعاد التي تبعتها وهي تهز رأسها يمنة ويساراً، تبتسم بحب.

كانت تأكل نفسها من الغيظ، تلوم حالها بقوة على الانصياع لأوامره بدلاَ من أن تضرب بها عرض الحائط وتخبر النادل إنها لن تتزحزح من مكانها اليوم وليطرق هذا الماهر برأسه أقرب حائط، ولكن لسبب ما لم تستطع وها هي تغلى من الغيظ بينما هو يقود سيارته بملامح جليدية تثير غضبها لأبعد حد فوجدت نفسها تقول بحنق:.

على فكرة بقى مكنش ينفع تبعت مع الجرسون تقولي ياأبقي قدامك في خلال خمس دقايق يامروحش على البيت، كدة قلة ذوق بالمناسبة.
لم يبدو عليه أنه سمعها بالمرة مما أثار غضبها أكثر لتقول بحدة:
هو أنا مش بكلمك يابني آدم انت.

أوقف السيارة فجأة ينظر إليها نظرة جعلتها تنكمش بداخلها تجاهل زمور السيارة التي خلفه قبل أن يقرر صاحبها تجاوز سيارتهم، ليقترب ماهر بوجهه منها قائلا بحروف مضغوطة حازمة ظهر بهم صرامة جعلت كل ذرة في جسدها ترتعش:
أولا توطي صوتك لما تيجي تكلميني لان اكتر حاجة بكرهها هي الصوت العالي.

ثانيا بقى أنا مش واحد صاحبك هتشيلي الحاجز اللي بينكم وتقوليله دي قلة ذوق او يابني آدم، احترامي واجب عليكي طول ماانتِ في بيتي واوامري هتمشي عليكي وهتنفذيها بارادتك أو غصب عنك، انا اتحملت عنادك وجنانك اليومين اللي فاتوا دول عشان لسة بتتنقلي من وضع لوضع تاني لكن خلاص صبري نفذ ولازم من دلوقت النقط تتحط ع الحروف، أنا وافقت تيجي تقعدي معانا هنا عشان حسيت قد ايه انتِ مرتبطة بصلاح مش غلطة غلطها هتخليني أستحمل كل ده. لأ. انسى. وجودك برة البيت اربع ساعات لوحدك مرفوض نهائي وعصيانك لأوامري برضه مرفوض نهائي، أي تصرف تاني مش مسئول هترجعي القاهرة ومش هتشوفي صلاح تاني. مفهوم؟

كانت تحاول بكل قوتها أن لا تظهر ضعفها أمام كلماته الجارحة ولكنها بالنهاية أنثى، مهما أبدت من قوة فبضع كلمات جارحة قد تودي بكبريائها فتتساقط دموعها رُغماً عنها، أومأت برأسها بهدوء ثم أشاحت بوجهها عنه ليعود إلى قيادة سيارته، بينما أطلقت هي لدموعها العنان، تمسك نفسها بالكاد عن اصدار شهقاتها الحزينة، وكأنه شعر بها لتحين منه نظرة إليها وجدها تنظر إلى الشارع خارج السيارة يخفى شعرها ملامح وجهها، تقبض يدها في حجرها بقوة ليجد بضع قطرات من الماء تسقط على يدها، أدرك انها تبكي ولسبب ما آلمه ذلك ليتساءل هل كان قاسياً معها بعض الشيء؟ طالع الطريق مجددا يزفر بداخله. ربما كان قاسياً ولكن هذه المخلوقة الصغيرة تستنفر مشاعره وتجعله شخصاً آخر مضطرب في حضرتها. تارة يود لو يخنقها وتارة يود لو ربت على يدها بحنان يطلب منها التماسك وعدم زرف الدموع. اجلي صوته الذي اختنق بغصة قائلا:.

هاخدك دلوقت على مدام سوزان، هتختاري من عندها الفساتين اللي قلتلك عليها الصبح، انا اتفقت مع صاحبي هتروحي تدي الدرس لبنته بكرة ولازم مظهرك يكون كويس قدامه. مفهوم؟

تبا له. يهينها مجدداً دون قصد، كاد أن يضرب المقود بغضب وهو يراها تقبض يديها أكثر متألمة من كلماته على مايبدو، ولكنه تراجع خشية أن تنتفض خوفاً منه. ليسرع قليلاً وهو يحاول أن ينفض أفكاره التي تدور في الفترة الأخيرة كلها عن هذه الفتاة، بينما كانت مروة تفكر في حالها وهل من أجل صغيرها قد تتحمل رجل مثل هذا الذي يجلس بجوارها يهينها ويقلل من شأنها في كل مرة تقف أمامه؟لتغمض عيناها بقلة حيلة. من أجل صغيرها قد تتحمل كل شيء، سيكون عليها فقط الإبتعاد عن طريق هذا المغرور وتحاول جاهدة عدم الاحتكاك به، ستنفذ أوامره في الوقت الحالي فقط حتى تجد مخرجاً ووقتها ستمنح هذا الأحمق مايستحق تماماً، صفعة تكسر غروره وتحطم كبريائه.

طالعت صورتها في المرآة بعد أن انتهى مصفف الشعر من وضع اللمسات الأخيرة عليه، ابتلعت ريقها بصعوبة، يوماً عصيباً للغاية عليها فقط أن تتقن آدائها فيه ليمر بسلام، آه كم تشعر اليوم بالحنين إلى والدها ربما لو ظل جوارها لما تعرضت لمثل هذا اليوم، أخذت نفساً عميقاً تتقبل تهاني الجميع بابتسامة باهتة قبل أن تخرج لتتجمد كلية وأمامها وقفت عربة ذهبية يجرها أربعة أحصنة بيضاء كعربة السندريلا مكتوب عليها أميرتي الجميلة، هل ماتراه حقيقياً ام أنه أحد أوهامها؟ هل سيهبط منها الآن والدها كما حلمت دوماً يتقدم باتجاهها ويمسك يدها؟ حبست أنفاسها مترقبة حين وجدت الباب يفتح ويهبط من العربة رجل مسن، ما أن تعرفت عليه حتى أطلقت أنفاسها وابتسمت بحب رغم ما يحمله القلب الآن من شعور قوي بالاحباط إلا أن رؤية هذا الرجل تمنحها سكينة وسعادة، اقترب منها الرجل العجوز بابتسامة قائلا:.

أميرتي الحلوة.
جدي رءوف، مكنش لازم أبداً تتعب نفسك وتيجي تاخدني.
ده شرف لية ياأيوش.
ليقف أمامها تماماً يتأمل ملامحها الجميلة قائلاً بحنان:.

بتفكريني باليوم اللي خدت فيه بإيد نبيلة والدة طاهر وسلمتها لحسين ابني، كانت زيك كدة بالظبط نفس الرقة والطيبة والجمال بس ناقص الصورة لمعة العين والفرحة اللي بتطل منهم، ياما كان نفسي أشوف في عينيكي الفرحة في يوم زي ده وتكوني فعلا هتتخطبي لحفيدي مش تمثيلية عاملينها عشان الزفت اللي اسمه رأفت ينساكي وينسي فلوسك.
تأبطت آيات يده قائلة بابتسامة وهما يتجهان إلى العربة:.

تعرف ياجدي لو طاهر كان يشبهك ولو شوية، انا مكنتش اترددت ولو لثانية واحدة في اني أحول التمثيلية لحقيقة.
توقف الجد قائلا بلهفة:
على فكرة بقى طاهر ده نسخة مني وأنا صغير، شبهي في الشكل والطبع.
اتسعت ابتسامة آيات وهي تسير مجدداً قائلة:
ياجدي انت وبابا مبقاش فيه منكم دلوقتي، انتوا أيقونات للحب والوفاء والرومانسية شفت انت جاي تاخدني في ايه ومعاملني ازاي؟ كإني أميرة بالظبط.
قال الجد بابتسامة:.

طب ايه رأيك بقى ان دي فكرة طاهر مش فكرتي.
توقفت آيات عن السير وهي تعقد حاجبيها قائلة:
فكرة طاهر؟
هز الجد رأسه قائلا:
ايوة. هو اللي أجر العربية دي وصمم يكتبولك عليها أميرتي الحلوة.
يشبه طاهر أباها يوماً وراد يوم حتى يُخيل إليها ان روح أبيها قد تقمصت جسد طاهر. تتأثر هي بأفعاله أيضاً يوماً بعد يوم حتى يُخيل إليها انها تقع في...
نفضت أفكارها حين تناهي إلى مسامعها صوت الجد وهو يقول:
قلتي ايه بقى يابرنسيسة؟

سارت مجددا وهي تقول:
حتى لو شبهكم انت مش قلت انه بيحب واحدة تانية هنيالها بيه ياجدي.
لعن الجد لسانه الزالف الذي جعله يبوح لها بسر حفيده فباعد بين قلبيهما دون أن يدري وقضي على أمله الوحيد في الجمع بينهما.

كانت تُبدل في الملابس كما لو كانت عروس يجهزونها من أجل عُرسها كبير. سراويل واسعة وقمصان بنصف كم، فساتين رائعة تحمل توقيع أشهر المصممين أحذية بكعوب وحقائب يد وعطور، منامات حريرية وادوات زينة وهي خاضعة مستسلمة، ماان يوافق مرافقها على شيء ترتديه حتى يوضع بالحقائب لينتقلون إلى التالي، تدرك انها لن ترتدي كل هذه الملابس ولكن من هي لتعارض رجل ما أن دلف إلى المحل حتى سعي كل من فيه لتلبية أوامره وكأنه الحاكم بأمره.

مش معقول ماهر بدران هنا ومحدش قاللي.
اقتربت صاحبة الصوت من مرافقها تبتسم ابتسامة واسعة بادلها اياها ماهر قبل أن تميل مقبلة إياه على وجنته متعمدة ان تلامسه بجسدها لترمقها مروة بنظرات مستنكرة لم تستطع حجمها، ربما هي ثرية جميلة ملابسها وزينتها وعطرها الذي سبقها يجعلونها تنتمي للمجتمع المخملي ولكن ليس هناك أبداً أي رُقي او اخلاق فيما فعلته منذ قليل. قالت المرأة بدلال:.

ممكن أعرف ايه سبب الزيارة الغالية دي؟ أوعى تقول وحشتك قلبي الصغير لا يحتمل.
ابتسم ماهر ولأول مرة تراه يبتسم لاحد عدا والدته بالطبع قائلا:
وحشتيني طبعاً، بس الحقيقة الزيارة دي عملية، جيت عشان أشتري شوية فساتين ولوازمهم وملقتش احلي من محلك اشتري منه طبعاً.
عقدت حاجبيها قائلة بحيرة:
انت ياماهر بتشتري فساتين؟ لمين؟
مد يده يمسك يد مروة يسحبها لتقف جواره قائلا:
احب أعرفك بمروة، خالة صلاح ابن اخويا.

طالعتها سوزان بنظرة شاملة يقبع في مقلتيها تقييم ساخر لا تفهمه سوي امرأة ظهر في نبراتها وهي تقول:
أهلا يامروة. نورتينا.
لتجيبها مروة ببرود:
مش باين.
آفندم.
وكزها ماهر فقالت مروة:
عن اذنكم هروح أغير هدومي ولا لسة فيه حاجة تانية هجربها ياماهر بيه؟
قالت جملتها الأخيرة موجهة حديثها لماهر الذي هز رأسه نفياً بهدوء، لتُسرع باتجاه حجرة تبديل الملابس لتسمع سوزان تقول بسخرية:.

تحفة اوي البنت دي ياماهر أكيد شبه اختها اللي كلمتني عنها قبل كدة.

سارعت من خطواتها كي لا تسمع رد ماهر بينما لم تنتبه لنظرات الأخير الغامضة الذي تابع انصرافها بمشاعر صارت غريبة حتى عن نفسه جعلته يلتفت لصديقته التي يعرفها منذ سنوات ويؤنبها على جملتها فاعتذرت منه. تقبل اعتذارها ودفع ثمن الملابس التي اشتراها ثم بحث عن مروة ليدرك أنها خرجت من المحل تنتظره بالخارج كما أخبرت البائع، تبعها للخارج فرآها تقف أمام رُكن صغير للكتب في محل مجاور عيونها تتسلط على كتاب بعينه لا تحيد مقلتيها عنه، بدت كما لو كان هذا الكتاب حبيباً تتطلع إليه بوله وتوق، لا يعلم لماذا تمنى للحظة لو نظرت إليه هكذا وليس إلى كتاب؟ فقد بدت ساحرة كما لم تكن يوماً، نفض أفكاره المضطربة والتي أرجعها لخلو حياته العاطفية من امرأة لمدة طويلة جداً، تنحنح فنظرت إليه قائلة ببرود:.

لو خلصت يبقى يلا بينا نروح بسرعة عشان صلاح وحشني.
اسبقيني على العربية.

استدارت متجهة إلى السيارة بينما دلف هو إلي محل الكتب ثم غادر بسرعة واضعاً الحقائب على المقعد الخلفي للسيارة ثم متخذا مقعد القائد ليقود سيارته تجاه المنزل، يلقى نظرة على رفيقته التي أسندت رأسها على الزجاج تتطلع إلى الخارج لا تبدو السعادة على وجهها على عكس المتوقع، ترى. أتكون حقاً من هؤلاء النساء اللاتي لا يبهرهن المال ولا تُغريهن السلطة؟وهل هناك نساء لا يسيل لعابهن أمام الألماس؟ من واقع تجاربه الشخصية. لا يوجد فهل تكون هذه الفتاة الخارجة عن قاعدته؟ من يدري. ستُريه الأيام معدنها الحقيقي ووقتها، وقتها، ماالذي سيفعله وقتها؟ يُحلل لنفسه ماحرمه على أخيه. وماذا عن...؟ نفض أفكاره يلعن ماض لو عاد لتصرف بشكل مغاير، تماماً.

طالعت القمر الذي أطل من نافذة حجرتها وهي تجلس علي سجادة الصلاة بعيون متأملة، لطالما كان لها الليل موجعاً، والقمر وحيدا في السماء كوحدتها بالأرض ليلاً. تأخذها وحدته في ظلمات الليل إلى تحسس ألمها الذي تدفنه بعمق قلبها طوال النهار، خيبة أملها وكسرة قلبها وخاطرها جعلوها تقسم ان تكون قوية أمام الجميع لا يرى ضعفها سوي خالقها هنا في آناء الليل تتضرع إليه وحده، تطلب منه أن يفرج همها وأن يحفظها وطفلتها من كل سوء، تدرك أن المؤمن مُبتلي لاتعترض على ابتلاءا أصابها ولكنها تأمل في أن يخفف الله عنها ابتلائها فقد أُنهك القلب وضعفت قوته تحاول أن لا تقف كثيرا على الأطلال وان تمضي قدما في حياتها ولكن عثرات دربها تُجبرها على الجمود في مكانها ترغب في الرحيل بعد أن انتهت كل آمال لها في البقاء، تحلم بحرية تجلب لقلبها سعادة ولكن هناك مايحول بينها وبين هذا وكأن العذاب مصيرها، يأخذها من الأحلام ويجبرها على احتواء ألمها بصمت. لا يرتاح قلبها الا وهي بين يدي الله فهو وحده قادراً على انتشال الروح من الظلمات إلى النور ومن الظل إلى الحرور. تنهدت مستغفرة ثم نهضت متجهة إلى السرير تتقوقع نائمة بجوار طفلتها تمسح بيدها على جسدها وهي تلقى آيات الرقية الشرعية ثم تغمض عيناها لتنام ولسانها يتمتم بآيات سورة الملك كما اعتادت ان تفعل كل ليلة.


look/images/icons/i1.gif رواية ذات الكتاب الأحمر
  01-03-2022 12:59 مساءً   [11]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشر

كان يقف متأنقاً في بذلة رسمية جذابة، يشعر بداخله بمزيج من الرهبة والشغف واللهفة، فاليوم مميز جدا بحياته يكاد يكون الأهم على الاطلاق، انه اليوم الذي سيضع محبسه في اصبع محبوبته بعد انتظار دام الأزل.

رأي مركبتها تقترب لتنطلق الأعيرة النارية احتفالاً بوصولها، توقفت على مسافة قريبة منه وهبط جده أولاً يساعدها على الهبوط بدورها فأطلت هي بابتسامة خصت بها جده فسرقت قلبه مجدداً برقتها الفاتنة، دارت بعينيها في المكان تبحث عن أحد ما، تمنى لو كان هو ولكنه يدرك عمن تبحث، فتلاقت أعينهم للحظة توقف فيها الزمن ود لو غرق بها كلية ونسي كل من حوله ولكنها حبيبته لذا تأتي رغباتها اولا، أشار بعينيه في اتجاه ما فنظرت إلى مايشير قبل أن تتسع ابتسامتها بحب تشمل وجهها بالكامل ترسل قبلة هوائية فابتسم طاهر حين أدمعت عينا والدتها مرسلة لها قبلة هوائية بدورها، عادت إليه بعينيها بنظرة امتنان اكتفي بها الآن أملاً في أن تتبدل مستقبلاً لنظرة حب خالصة كتلك التي يرسلها إليها وهو يمسك يدها من جده قبل أن يقترب فجأة ويضع قبلة على جبهتها، دامت للحظة. لحظة واحدة جعلت خفقاته تدوي بجنون بينما أشعلت نيران الخجل بجسدها ليبتعد متطلعاً إليها للحظة أخرى يتشبع بملامحها الجميلة التي اعتلتها حمرة الخجل المحببة إلي قلبه.

ابن جدك ياولد. كمل بالشكل ده ومحدش هيشك أبداً انها تمثيلية.
لا أمثل ياجدي بل تقودني مشاعري، احاول إلجامها قدر المستطاع حتى لا أخيف حبيبتي ولكني اعيش لحظات واقعية، أحقق أحلامي الخيالية التي لطالما أخذتني بعيداً عن واقعي، كفاني أحلاما فالواقع أجمل بكثير.
اوعي تسمع كلام جدي. متزودهاش ياطاهر.
ابتسم قائلاً بمزاح:
أزودها ولا مزودهاش حيرتوني.
زودها متزودهاش.

نطق الجد وآيات كلماتهما في نفس اللحظة، لتتسع ابتسامة طاهر قائلاً:
سيبكم مني وتعالوا نسلم على الناس اللي مستنيينا دول وأولهم مامتك، عارف انك نفسك تحضنيها بس اوعي تبكي انا بقولك اهو عشان المكياج ميبوظش وتبقى زي العفريتة.
وكزه جده قائلاً:
عفريتة. آل وبقول انك طالعلي، انسى يابنتي الكلام اللي قلتهولك عنه.
ضحكت آيات بقوة ليبتسم كل من الجد و حفيده وهم يتجهون سويا لمكان والدتها التي قالت بعيون دامعة:.

شفت يارأفت مبسوطة قد إيه، أنا عمري ماشفتها بتضحك بالشكل ده، الحمد لله ان عقدتها اتحلت على ايد طاهر، ربنا يتتمملهم على خير. ما شاء الله طالعين زي القمر.
تمتم رأفت من بين أسنانه:
عقدتها اتحلت! اصبري علية ياست حورية. ان ماخليت عقدتها تزيد وتبقى عقد على ايديه مبقاش رأفت السلحدار، فين بس عاصم الزفت هو مش قال هيوصل من ساعة. بس أما أشوف وشه.

صمت تماماً حين وجدهم يقتربون منهما ليهز رأسه في تحية باردة للجد رءوف بينما كان العروسان مشغولان بتقبل التهنئة من السيدة حورية.
فركت المحبس في يدها بإبهامها تشعر بأنه طوق من لهب يشعل إصبعها ويمتد لكيانها، لا تدري لمَ شعرت وطاهر يضعه بإصبعها أنه تماماً حيث يجب أن يكون، هل هو صاحب المحبس الذي يحيرها شبهه الشديد بوالدها؟ حتى عندما مال على أذنها قائلا لها.

(مبارك ياأميرتي افتحي قلبك للفرح ومتخافيش، باب الفرح مش هيتقفل قصادك أبداً)
كان في معاني كلماته ماردده والدها على مسامعها ليلة تخرجها
مبارك ياأميرتي. الحلوة مكشرة ليه بس.
مش عايزني أكشر يابابا؟ أنا طلعت التانية ع الدفعة.

مش شرط تطلعي الأولى في النظري عشان تكوني اشطر الناس، حاولي في العملي تكوني أشطر واحدة. نجاحك في حياتك بعد الدراسة هو النجاح الحقيقي ليكي. يلا بقى اضحكي وافرحي من قلبك وكوني واثقة ان الفرح فاتحلك دراعاته دايماً.
عادت من ذكرياتها على صوته يسألها شيئا ما فالتفتت إليه تقول بارتباك:
ها. قلت حاجة؟
مال قليلا تجاهها يقول بابتسامة جذابة:
روحتي فين بأفكارك؟ ماما عنيها عليكي وشايف القلق في عينيها.
ماما!

أشار بعينيه تجاه والدتها فوجدتها بالفعل تطالعها بقلق، لترسم ابتسامة على شفتيها وترسل لها قبلة هوائية أخرى، فابتسمت والدتها ثم منحت انتباهها لمحدثتها بينما عاودت آيات النظر إلى طاهر الذي وجدته يبتسم بدوره لجده، احتارت في أمره، ينتبه لكل شاردة وواردة ويهتم بأمها كما لو كانت والدته هو بل ويطلق عليها لقب ماما، يهتم بها حقاً ويظهر اهتمامه في كل كلمة ونظرة، هل نسي حبيبته وبات يهتم بها هي؟ أصابتها تلك الفكرة بمشاعر متناقضة أبرزها عدم الراحة.

مبارك يابنت عمي.
صوت صدح بقوة خلفهما فاستدارا سوياً تجاهه ليتطلع طاهر بنظرة فاحصة إلى محدثه. كان شابا طويل القامة أسود العينان والشعر قمحي اللون حاد القسمات ينظر إليه بدوره ولكن شملت نظراته لمحة تقييمية ساخرة لم تخفي عن طاهر الذي سمع آيات تقول بهدوء:
ميرسيه ياعصام، أقدملك طاهر. خطيبي وده يبقى عصام ابن عمي ياطاهر.

تشديدها على كلمة (خطيبي) وحروف اسمه التي خرجت من فمها بعفوية جعلته يبتسم بوجه هذا المأفون تظهر السعادة على ملامحه قائلا:
تشرفنا.
هز عصام رأسه ببرود، ثم قال:
مقلتليش ياآيات. خطيبك بيشتغل إيه؟
وهو انت لازم تسأل آيات؟ ماتسألني أنا.
أمسكت آيات يده قائلة بابتسامة:
معلش ياطاهر سيبني أقدمك بنفسي لإني ببقى فخورة جدا وأنا بقول إني مخطوبة للكاتب المعروف طاهر الفيومي.
مط عصام شفتيه قائلاً:.

كاتب وياتري كاتب مثقف ولا من بتوع اليومين دول اللي بيكتبوا كلام فارغ ويحطوه في كتاب وينشروه ويفرحوا قوي لما ينادوهم كتاب.
عصاااام.
نهرته آيات فأمسك طاهر يدها يضغط عليها وهو يقول:
مش حابب أمجد في نفسي، أكيد هتقول مغرور بس سيرش صغير على جوجل يديك فكرة حلوة قوي عن كتاباتي وآراء الناس فيها ومقتبسات منها كمان، دلوقتي إعذرني كان نفسي اتكلم معاك أكتر بس حابب أرقص على الأغنية دي مع أميرتي.

سحبها طاهر بينما تكتم آيات ضحكتها بصعوبة حتى ابتعدا قليلاً ليضم خصرها بيد بينما يمسك يدها بالأخري لتقول آيات على الفور بحماس:
والله برافو عليك قدرت تفحمه وتحرق دمه وتخليه عاجز عن الرد بكل هدوء، ده انا خفت متمسكش أعصابك و تتخانق معاه وساعتها هنبوظ كل اللي عملناه.
طالع عيناها السعيدتان بابتسامة هادئة وهو يقول:.

مش ممكن أبداً أبوظ ليلة زي دي مهما حصل ومش بني آدم حقود زي ده اللي هيبوظهالي وبعدين انا اتعودت من خلال مهنتي أمسك أعصابي لإن أمثال ابن عمك في مجالنا كتير ناس ملا الحقد قلوبهم وعما بصيرتهم لدرجة انهم بيشوفوا نفسهم أحسن الناس والباقي حثالة ملهاش قيمة.
في كل مكان هتلاقي شبيه لعصام. ربنا يهديه، المهم سيبك منه وقولي إيه خطوتنا الجاية.

مال يزيح بيده خصلة تحجب عنه عينها، يضعها خلف أذنها بحنان ارسل رجفة في أوصالها وهو يقول بنبرة ناعمة:
دلوقتي هنرقص وبس على أنغام الأغنية الحلوة دي، منها هنحبك التمثيلية اكتر وأكتر وهنوريهم ان احنا بنحب بعض ومنها هنغيظ الحقود اللي واقف هناك عينه بتطلع شرار ولو طايل يموتني هيموتني.
قرن كلماته بضمها اكثر إليه ليهمس جوار أذنها:
سيبي نفسك ياآيات، صدقيني مش هاكلك.

قربه منها وأنفاسه الساخنة أذابت كيانها لتقول بضعف:
قلتلك متزودهاش.
متخافيش مني، أنا جنبك ومعاكي ومستحيل هأذيكي.
استسلمت لهذه العاطفة الصادقة التي حملتها كلماته فأغمضت عيناها تستمع لكلمات الأغنية التي قضت نهائياً على أي مقاومة لديها.
ضميني وانسي الدنيا
ضميني وانسي الناس
انا وانتي هانبقي في ثانية
مالناش غير الاحساس
احساس بالحب وبس
احساس بربيع العمر
ولا نعرف هم في دنيا
ولا نسمع لكلام ناس
ضميني وانسي الدنيا.

ضميني وانسي الناس
كانت تمشي على الشاطئ، جافاها النوم فقررت الخروج قليلاً وطفلتها نائمة علها تُخرج تلك الذكريات من رأسها، قدومها إلى هنا لم يكن من أجل الطفلة فحسب، بل كان من أجل نفسها أيضاً. تريد أن تشفي جراحها المستترة آملة أن تلتئم روحها في البعد عنه، ولكن كل لحظة تقضيها هنا تجعلها تدرك شيئاً واحداً. ماكُسر مهما حاولتي إصلاحه سيظل أثر الشرخ ظاهراً فلا شيء يعود كما كان.

كان يقف على بعد خطوات منها، يراها شاردة وكأنها في عالم آخر، تتطاير بضع خصلات من شعرها من خلال حجابها الذي تراجع قليلا فتذكره بحوريات البحر، فاتنة رقيقة وتسحر كل من يراها، التفت يطالع الشاطئ حولها. جيد. لا أحد غيره يطالع هذا الجمال الفاتن، أنب نفسه قائلاً:
انت كمان، غض بصرك. مش من حقك تبصلها. اتقي الله يامحمد.

غض بصره يطرق أرضاً، يبذل قصارى جهده ألا يتطلع إليها في صورتها الملائكية تلك، أن يعود كالماضي حين كانا صغاراً يطالعها بقلب بريئ، ليخبره قلبه ساخراً. كنت حتى حينها تحبها حتى وان لم تفهم مشاعرك وقتها. عادت عيونه ترتفع وتراقبها بصمت. من يراه الآن يدرك بكل تأكيد كم هو عاشقاً ولهاً يطالعها وكأنه في محرابها يتعبد.

وجدها تنحني وتحمل صدفة، تهمس لها ببضع الكلمات ثم تضعها على أذنها، ابتسم. هذه عادتها منذ الصغر، تهمس برسالتها إلى الصدف تأمل ان تجيبها يوماً وتخبرها أسرار البحر والحياة. تقدم منها بخطوات واسعة حتى صار خلفها يسمعها تهمس قائلة:
الشمس لما بتغيب في حضن البحر ياترى بيضمها ويبقى حنين عليها ولا بيإذيها ويطفي لهيبها ويخليها تضلم؟
رأيك انتِ ايه ياسعاد؟

صوته أفزعها فاستدارت بسرعة ليختل توازنها. كادت ان تسقط فمد يده على الفور وأمسك يدها فاعتدلت تتطلع إليه بدهشة فوجد نفسه يردد بصوت غلبته مشاعره:
حتى لو إذاها وطفي لهيبها وقهرها بتقدر من تاني تتغلب عليه وتشرق بالأمل في أن رحمة ربنا أوسع من كل شيء وان اللي جاي أكيد أحلى طول ماهي مليانة بالتفاؤل والحب والقوة.

نظراته. لمسة يده. نبراته وكلماته أرسلا إلى جسدها ذبذبات مشاعر عاتية، دوامة كادت ان تبتلعها، لتقاومها بكل قوتها وهي تسحب يدها قائلة بارتباك:
من زمان وانت بتعرف تجاوب عن كل أسئلتي يامحمد وتقنعني باجاباتك كمان.
ودي حاجة وحشة؟ حاسس انك مش مبسوطة بيها.
طالعته قائلة بصوت شابه الحزن:.

المشكلة في كمية التفاؤل اللي بيديهالي كلامك والصورة البسيطة اللي بتصورها للحياة. بصدقك. حقيقي بصدقك وبعدين بكتشف ان الحياة مش بالبساطة دي ولا هينفعنا ان احنا نتفائل فيها دايماً لإنها قاسية قوي ومبترحمش.
نعيب زماننا والعيب فينا.
مش هعرف أقنعك بأفكاري، انا مش زيك ومش هعرف أتناقش معاك. هتكسب دايماً زي زمان. زمان. ياريت يرجع.
قالتها بحيرة فأنّ قلبه ليقول:
عايزاه يرجع ليه؟

مش هقولك اني هغير حاجات كتير قوي، كل اللي هعمله حاجة واحدة بس.
ايه هي؟
همنع جواز ماما وبابا. عشان ميجبونيش للدنيا دي.
ليه بتقولي كدة ياسعاد؟ طب ماتغيري اللي محبتيهوش في حياتك وبس، ليه مش عايزة تكوني موجودة من الأساس؟

عشان الدنيا كدة فيها ناس اتخلقت عشان مترتاحش فيها لحد ماتموت وأنا من الناس دي. من يوم ماوعيت على الدنيا وأنا بتألم، بتألم من قسوة بابا علية ومن ضعف أمي قدامه، بتألم لما بشوفه بضربها وانا مش قادرة اعمل حاجة، بتألم لما بتغصب على كل حاجة واحس اني مليش حتى الحق في اختيار شريك حياتي وبتألم لما حتى البني آدم ده ميعوضنيش عن كل الألم اللي عشته بالعكس زودها علية، فيه ناس اتخلقت عشان تشوف المر في حياتها لحد ماتموت وأنا من الناس دي يامحمد.

الألم في صوتها ذبحه يدرك أنها المرة الأولى التي تفتح له قلبها بعد أن وارت ألمها في صدرها لسنوات، تتظاهر بأنها على مايرام أمام الجميع سعيدة في حياتها حتى كانت هذه المرة التي ادركوا فيها زيف ادعائها حين أخرجها من منزلها في ذلك اليوم وهو يهينها بقسوة ويضربها بينما تذوذ عنها حماتها، غادرت إلى منزل والديها محطمة الفؤاد مكسورة القلب يستقبلها أباها بعبارات لائمة كونها ستصبح مطلقة يلوك في سيرتها الجيران، أمضت ليلتها باكية في أحضان امها كما أخبرت خالته والدته، بينما عاد أشرف في اليوم التالي مع والدته ليعيدها للمنزل وحين رفضت هددها بحرمانها من تقي صغيرتها الجميلة. لترضخ وتعود. صامتة مجدداً تدعي السعادة ولكن هذه المرة لم تستطع التظاهر بل فتحت قلبها على مصراعيه وكم أحزنه مارآه بداخله من جروح.

رأت الحزن والألم يعتليان ملامحه فشعرت بالندم، انها تكن لمحمد عاطفة قوية منذ الصغر عدته كأخ لها حيث لم يرزق الله أباها البنين، وفي الفترة الأخيرة باتت مشاعرها تجاهه أقوى حتى أن لمحة حزن في مقلتيه تضنيها ألماً، حاولت نفض الحزن عن كليهما قائلة بمرح:.

بقيت كئيبة قوي مش كدة؟ سيبك مني وهات ياجرعة التفاؤل خبر حلو كدة يفرحني، زي مثلاً ليه سبت القاهرة وجيت اسكندرية على ملا وشك؟ أكيد جاي تشوف مروة. وحشتك مش كدة؟
تحب مروة صديقتها كنفسها تماماً، تراها مناسبة تماماً كعروس لابن خالتها. ودت كثيراً لو تزوجا الثنائي الأقرب لقلبها ولكن لا تدري وهي تردد كلماتها الآن. لماذا شعرت بغصة في حلقها؟ بينما تعتصر قلبها قبضة قوية آلمته.

مروة وحشتني صحيح بس أنا جاي عشانك انتِ.
عقدت حاجبيها بحيرة قائلة:
عشاني أنا؟!
تأمل عينيها قائلاً:
طمنيني عليكي.

كلمتان. هما فقط كلمتان ولكن هل هناك من الكلمات ماترك تاثيراً على روحها كهاتان الكلمتان؟وهل أرادت يوماً من اي أحد سوي اهتماماً رقيقاً في سؤال كهذا. يبغى به صاحبه أن تمنحه حقيقة مشاعرها. تخبره أنها بخير أو حتى تعاني خطباً ما؟ كيف يمكن لكلمتان ان يمنحانها أقصى أمانيها على وجه الأرض. شعور الوجود. الحياة. هي على بال أحدهم فقط يبغى الاطمئنان عليها.
مش عارفة.

طالعها منتظراً كلماتها فأردفت وهي تستدير مطالعة البحر:
أوقات كتير بحس اني كويسة، مش مبسوطة لكن عايشة واوقات بحس اني بتنفس بالاسم بس لكن الأكيد ان روحي ماتت من القهر والوجع.
أدمعت عيونها فمدت اناملها تمسح دموع تسللت إلى وجنتيها، فانتفضت حين وجدت يده توضع على كتفها وصوته يأتيها:.

كل ظلم وليه نهاية، وكل وجع آخره فرح، ربك كريم قوي ياسعاد، بيبتلينا بس بيحبنا، عايزنا نقوي ونصبر ونحارب عشان في الآخر لما نفرح نقدر نعمة الفرح ونحافظ عليها.
استدارت تطالعه قائلة:
لسة شايف فيها أمل.
أكيد. طول مافينا نفس.
ابتسمت قائلة:
قلتلك انت جرعة التفاؤل اللي في حياتي، مش عارفة من غيرك كنت هستحملها ازاي.

آه لو تدري مافعلته حروفك بخفقات قلبي. رفع يده عن كتفها حتى لا تشعر بنبضاته المتسارعة والتي صارت تدوي في جسده وامتدت لأطرافه.
ابتسم قائلاً:
قوليلي بقى فين حبيبتي تقي؟ وحشتني بشكل.
ابتسمت وهي تسير عائدة للفندق، يسير جوارها وهي تقول:
نايمة، على فكرة هتفرح قوي لما تشوفك. انت قاعد كام يوم ولا مسافر النهاردة؟
انا قاعد على قلبك لغاية لما تزهقي مني.
ابتسمت فاردف قائلاَ:.

مش هقدر أسيبك هنا لوحدك ياسعاد، مش هكون مطمن عليكي ولا هيهدالي بال وأنا بسأل نفسي في كل لحظة عن حالك وعاملة ايه في الغربة لوحدك.
مجددا كلماته التي تنفذ إلى أعماقها وتثير بداخلها دوامة المشاعر تلك لتنفض خفقاتها المتسارعة تحاول المزاح قائلة:
وهي اسكندرية غُربة برضه هتخاف علية منها؟ دي فردة كعب بينها وبين القاهرة.
كنت بخاف عليكي وبيني وبينك شارعين، مش عايزانى اخاف عليكي وبيني وبينك 225 كيلو متر.

هنا لم تستطع نفض مشاعرها أو الهروب من دوامة الاحاسيس التي سحبتها في هذه اللحظة بل استسلمت تماماً لها، تعيش لحظات من السعادة لم تشعر بها منذ، منذ ماذا؟ اكتشفت الآن والآن فقط انها لم تشعر بالسعادة فقط حتى تكون بصحبتهم فقط. ابنتها وصديقتها. ، وهو. نعم هم فقط لا غير من يمنحونها لحظات سعادة تسرقها من الزمن.

كان يتجول في المكان، تجول يده على بعض الأدوات التي تستخدم في تصليح السيارات، اتسخت يده فأخرج منديله ومسحها بهدوء قبل أن يعيد المنديل إلى جيبه في نفس اللحظة التي سمع فيها صوت يأتي من خلفه قائلاً:
خير ياباشا، قالولي انك عايزني. أنا ماشي في السليم والله ومشربتش من 6 شهور ولا مشيت مع الواد عزمي.
استدار إليه الجد رءوف قائلاً:
انا مش مباحث على فكرة ومع ذلك مش مصدق بقك.
عقد أشرف حاجبيه قائلاً:.

لما انت مش مباحث ياباشا. لازمتها ايه بقى الدخلة دي؟ تبعت رجالتك يجيبوني من القهوة على ملا وشي وكأني عامل عملة. مش أصول على فكرة.
وهي الأصول انك تسيب ورشتك مفتوحة كدة للي رايج وجاي يدخلها ويسرقها وانت ولا على بالك، الأصول انك ترمي والدتك في دار مسنين ومتسألش عنها. ولا الأصول انك تشرب وتصاحب ولاد الليل وتهين مراتك وتعذب بنتك؟ لما تعرف الأصول ابقى إسأل غيرك عنها.
قال اشرف بحنق:.

وانت جاي بقى تحاسبني؟ تبقالي ايه؟أبويا. واحد صاحبي. انت مين أساساً وعايز مني ايه؟

انا واحد بعته ليك القدر عشان يساعدك، مش مهم انا مين قد ما مهم أنا ممكن اقدملك إيه. انا ممكن أساعدك تتعالج وتفوق من السم اللي مالي جسمك وعقلك، ممكن أساعدك اكتر وأشغلك بعد العلاج في مصنعي وأديلك فلوس متحلمش بيها. ممكن أخلق منك واحد تاني خالص احسن من اللي واقف قدامي بكتير. بس في حالة واحدة بس، لو كان عندك فعلا الرغبة في التغيير، لو ندمان بجد على كل اللي عملته وحابب تصلح من نفسك.
انت بتعمل كل ده ليه؟

ممكن تقول اني بحاول أحقق أمنية أم كل دعواتها وأمانيها صلاح حالك ورجوعك ليها ولحضنها، أم طيبة قوي حبت وضحت ومستنتش رد جميل بس كل اللي عملته كان نهايته قسوة وجحود ونكران وظلم وربنا ميرضاش بالظلم، سخرني عشان أصحح الوضع فلو حابب ترجع لحضن الست الطيبة دي يبقى ايدي أهي ممدودة ليك بالخير امسك فيها وبإذن الله هترجع.

ظهر التردد على وجه أشرف للحظات يدرك الجد فيهم أن أشرف يصارع نفس تتوق لهذه الأشياء التي عرضها عليه وسموم تسيطر على ارادته قبل أن يظهر الحزم على وجهه وهو يمد يده ويصافح الجد. فارتسمت ابتسامة على وجه الأخير عبرت بكل وضوح عن سعادته وارتياحه.


look/images/icons/i1.gif رواية ذات الكتاب الأحمر
  01-03-2022 12:59 مساءً   [12]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ذات الكتاب الأحمر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث عشر

كانت في طريقها للخارج لتتوقف فجأة حين تناهي إلى مسامعها اسمها، اقتربت من حجرة المكتب لتسمع عمها يقول بغضب:
وطي صوتك يابني آدم انت هتفضحنا.
ماهي حاجة تفور الدم، مش عارف ازاي ماقدرتش تعمل أي حاجة تبوظ بيها الجوازة دي على ماأرجع من السفر، شكلك كبرت ومبقتش رأفت بتاع زمان.
عيب ياولد.
نهره والده ثم اردف بحنق:.

الأمور متتاخدش كدة، محتاجة ترتيب وتخطيط. اي تصرف كان هيصدر مني كان هيكون قصاده عند من ناحيتها، آيات مش بنت ضعيفة سهل نسيطر عليها ونضمها تحت جناحنا، لأ دي بنت ذكية وشاكة فينا أساساً مش عايز أأكدلها ان احنا طمعانين في فلوسها.
تقوم تسيبها لحتة الكاتب ده يكوش عليها وعلى الفلوس.
لأ طبعاً. مفيش حد فينا معندوش أسرار قذرة مخبيها ومهمتنا نكتشف أسراره ونوقعه في شر أعماله.
وافرض مفيش قاذورات في حياته.

نخترعله مش قضية يعني، نظبطله بنت ترمي بلاها عليه أو نطلع إشاعة انه بيقتبس من الأفلام والمسلسلات وفضيحة ورا التانية هتسيبه البنت. انت عارف انها مبتكرهش في حياتها قد الكذب والخيانة ووقتها يكون صدرنا هو الصدر الحنين ليها، اللي لا هتخاف منه ولا تفتكره طمعان فيها.
وافرض بعد كل ده فضلت متمسكة بيه، انت مشوفتهمش بيبصوا لبعض ازاي امبارح ولا كأنهم روميو وجولييت القرن الواحد والعشرين.

لو حصل ده يبقى يحصلوا حبايبهم.
حبايبهم!
روميو وجولييت ياأخويا، نخطف البنت و نقتلها وساعتها أمها تورثها وتموت بحسرتها فتتنقل الثروة لينا.
وطاهر هيسكت، هيدور ورا موتها طبعا.
ساعتها يحصلها مش قلتلك روميو وجولييت.
ليضحك رأفت ضحكة شريرة شاركه فيها عصام فاسرعت آيات تغادر المنزل، يرتجف جسدها بالكامل وما إن جلست بسيارتها حتى اخذت هاتفها وطلبت بأنامل مرتعشة رقم طاهر وما إن أجابها حتي قالت بخوف:
إلحقني ياطاهر.

وقف ماهر أمام النافذة العريضة لمنزله يشاهد مايحدث بالحديقة بملامح جامدة، لقد تخلت والدته عن عزلتها وجلوسها في حجرتها لتنزل إلى الحديقة وتلعب مع مروة و الصغير، يتساءل هل تعلقها بهما في صالحها أم لا؟ مما لاشك فيه أن البسمة عادت لشفتي والدته وتورد وجهها مجددا وأظهرت تحسن في حالتها ولكن ماذا بعد؟ لا يعلم بعد نوايا هذه الفتاة؟ في الظاهر تبدو فتاة لطيفة رقيقة بقلب طيب ولكن ماذا ان كان كل ذلك جزء من فنانة بارعة التمثيل؟ لن تكون الأولى أو الأخيرة. يرغبن في ماله، خدعته احداهن ذات مرة ومن وقتها لا يأمن لامرأة قط، يصادق ربما ولكن يحب ويسلم قلبه. ذاك من رابع المستحيلات.

سقطت أرضاً قطعة القماش التي تضعها والدته على قدمها، كاد ان يهرع إليها ولكنه توقف حين رآها تركع أمام والدته ترفعها وتضعها على قدميها بحنان، تبتسم لها ابتسامة رائعة سارعت من خفقاته، قالت أمه شيئاً ما فاغروقت عينا مروة بالدموع قبل أن تهمس ببضع كلمات، ربتت والدته على رأس مروة بحنان. تباً ماالذي تفعله هذه الفتاة؟ تحوز على قلب والدته بأفعالها التمثيلية.
صرخ به قلبه.

اتقِ الله ياماهر بداخلك تشعر بأنها ذات قلب نقي وسريرة صافية.
لست متأكداً من ذلك؟
لماذا اذا أرادت العمل ولم ترتضي المال منك؟
تلعب بمهارة.
تحاول خداع نفسك بهذه الأفكار عنها، تعلم انك منجذب إليها. يُشعرك احساسك تجاهها بالضعف أليس كذلك؟
بالطبع لا. ومن هذه الفتاة لأحبها؟ إن أغني الفتيات واكثرهن جازبية يترمين تحت قدمي ولا أعيرهن انتباهاً.
هي تختلف عن الأخريات. ترعي طفل صغير ورغم فقرها لم تتخلى عنه.

طمعاً في ماله. أخبرتك.
ردد كثيرا هذه الأفكار حتى تُبعدها عن طريقك وطريقي ولكني أؤكد لك. خرج الأمر من يدك وصار مفتاحي في يدها من أول نظرة بريئة طالعتك بها.
أيها اللعين. لم تهوى قط من اول نظرة. فلمَ هي ولمَ الآن؟
لإنها تستحق.

عند هذه النقطة لم يستطع تمالك نفسه فضرب قبضته في النافذة غضباً لتتحطم على الفور وتجرح يده، لعن مجدداً وهو يسحب منديلاً من جيبه ويلف به جرحه ثم يمشي بخطوات غاضبة تجاه الحديقة يقول بصوت يحمل نبرات اتهام:
ميعادك مع الدرس جه ياأستاذة ولا رجعتي في كلامك وحابة تقعدي في خير ابن أختك؟
ماهر!
نهرته والدته فربتت مروة على يدها بحنان ثم استقامت تقول ببرود:
لأ مرجعتش في كلامي ياأستاذ ماهر. انا جاهزة.
تعالي ورايا.

سبقها فأرسلت لها السيدة كريمة نظرة آسفة قائلة:
متزعليش منه يابنتي، انا مش عارفة جراله إيه؟
ولا يهمك ياكريمة هانم. انا مش زعلانة. قبل ماامشي هندهلك دادة منيرة عشان تطلعك الأوضة وتفضل مع صلاح.
لأ سيبيني ألعب مع صلاح شوية كمان.
انتِ تعبتي النهاردة بلاش ترهقي نفسك أكتر من كدة، صلاح محتاجلك. لازم تحافظي على نفسك عشانه.

شعرت كريمة لأول مرة بالحب والحنان من أحد غير أولادها، مست قلبها بقوة مشاعر مروة لتهز رأسها بابتسامة تقول بتأثر:
طيب يابنتي اندهيهالي.
أسرعت مروة تنادي الخادمة بينما تتابعها السيدة كريمة بحب تقول هامسة:
ياريتني اديت أختك فرصة ورضيت أقابلها زي ماابني الله يرحمه ماكان طالب مني. الأصل بيبان يامروة وانتوا من بيت أصل، كنت فاكرة الأصل بالمال طلع الأصل بالأخلاق ميغيروش ضيق الحال.

ابتسمت سعاد وهي ترى تقي تختطف الكرة من محمد وتهرب منه تجاه البحر ليجري خلفها حتى التقطها قبل أن تلمس قدميها الماء، يدغدغها فتضحك تقي بقوة قبل أن ينزلها مجدداً لتهرب منه، لم ترى تقي تضحك وتلعب هكذا منذ مدة طويلة، ظنت ان طفلتها نسيت عفوية الأطفال وبرائتهم، تنكمش خائفة ما ان يدلف أباها من الباب وحتى خروجه وكانها تخشي أن ينزلها جزء من عقاب ينزله بأمها أمامها دون ضمير او رحمة. تنهدت. للحظة تمنت لو كان والد تقي مثل محمد. رجل ذو أخلاق متفهم ومرح يبعث في الجو دفء العائلة وفي القلب ابتسامة تظهر على الوجوه، رجل ما إن تفكر في المرأة التي سيتخذها زوجة حتى تغبطها من كل قلبها. مجدداً تلك الغصة بحلقها حين تفكر في زواج ابن خالتها، هذه المرة لن تحاول نفض مشاعرها وإنما ستحاول الوصول إلى أسبابها مهما كلفها الأمر.

مكنتش أعرف انك رسامة كويسة قوي كدة.
اغلقت دفتر الرسم الذي رسمت فيه مشهد تقي وهي تلعب مع محمد، تقول بلا مبالاة:
دي هواية قديمة كنت نسيتها بس المناظر هنا تسحر خليتني ارجع للرسم من تاني.
وياتري ايه اللي يسحر في اللي رسمتيه دلوقتي؟
جو العائلة الذي افتقده. حاولت الهاءه عن رسوماتها قائلة:
اخبار خالتي إيه؟ مش قادرة أصدق إنها سابتك تسافر وتسيبها لوحدها كدة من سكات.
نجحت في تشتيت انتباه بالفعل وهو يقول بحماس:.

لأ ميغركيش. ابن خالتك مقنع قوي لما بيحب.
طيب ياأستاذ مقنع، عايزاك تقنع تقي نروح نتابع مع الدكتور اللي رشحهولي دكتور فتحي هنا. خايفة ياسيدي من الحقنة. مش عايزة تاخدها تاني.
انا مستعد أقنعها بالدكتور والحقنة وكل اللي أنتِ عايزاه بشرط. تقبلي عزومتي ع العشا برة.
مش هينفع أصل..
قال بمرح:.

من غير أصل ولا فصل. وافقي ياأبلة سعاد خليني أقوم بالمهمة الخطيرة دي، ده تقي ودكتور وحقن يعني شغل كبير قوي. وافقي بقى خليني أقدح زناد فكري.
ضحكت قائلة:
فكرتني بمروة وحشتني بنت الإيه. ايه رأيك نتصل بيها تيجي تتعشى معانا؟
معنديش مانع طبعا.
يبقى اتفقنا. روح انت بقى اقنع تقي وأنا هكلم مروة.
ادي التحية العسكرية قائلاً:
تمام يافندم.

ثم اسرع باتجاه تقي التي كانت تبني قلعة من الرمال لتبتسم سعاد قبل أن تمسك هاتفها وتتصل بصديقتها، تطالع صغيرتها التي علت ضحكاتها مجدداً تتمنى لو دامت ضحكاتها للأبد.
تمام ياسعاد، مش هتأخر بإذن الله. هروح بعد الدرس بس أأكل صلاح وأغيرله وأنيمه وآجي علطول. سلميلي على محمد.
من هذا المحمد مجدداً؟ ولماذا تنطق اسمه بأريحية هكذا؟ والأدهي لماذا تثور الدماء في جسده الآن و تصيبه بألم شديد بالرأس.
انتِ خارجة؟

أكيد سمعت مش محتاجة سؤال يعني.
تثير حنقه ردودها ليقول بحدة:
لما أسألك تجاوبي بأدب.
وانت شايفني بجاوب ازاي يعني؟
مروة متستفزنيش.
انتفضت من نبراته الغاضبة ونطقه اسمها مجرداً، ظهر الخوف على ملامحها فلعن ضيق خُلقه. حاول أن يهدئ من حدة نبراته قائلا:
خارجة رايحة فين ومع مين؟

أستاذ ماهر. حضرتك ملكش أي حق تسألني خارجة فين او مع مين. دي حياتي الشخصية وأنا حرة فيها. كل اللي ليك عندي اني اكون في البيت قبل الساعة عشرة.
مجددا تثير حنقه بردودها وهذه المرة لم يستطع كبح لجام انفعاله فاوقف السيارة فجأة حتى أصدر اطارها صريراً عالمياً وهو يضرب المقود بقوة. بقدر مااخافها ذلك إلا انها وجدت نفسها تطالع يده التي نزف جرحها، تقول بهلع:.

انت بتنزف. استنى معايا مطهر ولزقة هعقمهولك بس لازم تروح المستشفى حالاً.
عقد حاجبيه وخوفها الشديد يصل إليه من خلال نبراتها وارتعاشة يدها وهي تبحث في حقيبتها ثم تخرج المعقم واللاصقة الطبية، تمسك يده بعفوية تُزيل منديله، تعقد حاجبيه وهي ترى الجرح النازف تعقمه بسرعة وتضع اللاصقة عليه وهي تقول:
مش لازم تسكت على جرح عميق بالشكل ده، ودينا أقرب مستشفى عشان..
وجد نفسه يمسك يدها قائلاً:
اهدي ده مجرد جرح بسيط.

رفعت إليه عينان مغروقتان بالدموع أصابتاه في الصميم وهي تقول بألم:.

متستهونش بالجرح الصغير لان الإهمال بيكبره. كان لية اخت صغيرة وقعت و انجرحت في جنبها واحنا بنلعب في الشارع، ربطنالها الجرح وخفنا تقول لماما عشان متعاقبناش بعدم نزول الشارع تاني، تفكير أطفال. مكناش نعرف ان الغلطة دي هتدفع تمنها علا اللي سخنت بالليل جامد فضلت ماما تعملها كمادات ولما الحرارة منزلتش اخدتها ماما المستشفى الصبح بس ملحقوهاش. جالها جلطة والحالة اتدهورت و ماتت، الدكتور قال لماما ان جالها تسمم من جرحها وان كان لازم يتلحق في وقته. موت علا ساب أثر في ارواحنا كلها. ماما بقت تجري بينا على المستشفى أول مانتعب حتى لو تعب بسيط وانا واختي بقى في شنطتنا دايما أدوات تطهير الجروح ولو بس انجرحنا جرح بسيط بقينا برضه بنجري على المستشفى وكأن الجرح ارتبط بالموت والخوف منه أصبح لعنة بتطاردنا.

أنتِ ومها عشتوا مع احساس كبير بالخوف والذنب مش كدة؟
مهما حاولت اقنع نفسي ان احنا كنا أطفال ومش فاهمين. مهما قلت ده عمرها وخلاص كان خلص بلاقي كلمة بتسيطر على عقلي وقتها. ماذا لو؟
لو كنت قلت لأمي على جرح علا ومخفتش.
لو كانت أمي خدتها للمستشفى أول ما سخنت.
كانت هتبقى معايا دلوقتي. مش كدة؟
بلاش تفكري بالشكل ده أنتِ قلتيها بنفسك عمرها وخلص. لفترة فكرت زيك بالظبط ونفس السؤال بيطاردني.
ماذا لو..

لو كنت وافقت على جواز صلاح من مها؟
لو كنت رضيت ييجوا يعيشوا معانا؟
لو مكنتش متأثر بتجربة قديمة فاشلة خليتني أرفض بشدة وأبعد أخويا ومراته عننا. كان هيكون موجود وعايش وسطنا. الأفكار دي كانت هتجنني لحد مابدات اقنع نفسي بفكرة ان ده عمره عشان اقدر أكمل. وانه حتى لو كان بينا كان في الوقت ده هيقابل وجه كريم. ربنا قال ولو كنتم في بروج محصنة.
مسحت دموع سقطت على وجنتها قائلة:.

معاك حق. الله يرحمهم ويصبرنا على فراقهم. بس كلامك ده ميمنعش انك لازم تروح المستشفى حالا. الجرح عميق ومحتاج غرز.
لكن ميعادنا مع..
قاطعته قائلة:
يتأجل ساعة. صحتك أهم.

طالعها بنظرة طويلة أربكتها وكأنه يراها للمرة الأولى ربما بينما هي بدورها تعجبت من شعورها الآن تجاهه. ظنت انه شخص بغيض متكبر لا يشعر ولكنها اكتشفت لتوها كم يحمل نفساً رقيقة حساسة خلف مظهره البارد، اكتشفت شخصاً قد تنجذب إليه وهذا ماأخافها بقوة، تنحنح ماهر وكأنه يستفيق من مشاعر ملكته في تلك اللحظة قائلاً:
فيه دكتور صاحبي قريب من هنا هنروحله وبعدين نروح لعماد وبنته. اتفقنا؟

هزت رأسها ليعاود القيادة بينما هذه المرة لم تتابع الطريق فقط بل وجدت نفسها تختلس النظر إليه وكلما فعلت اكتشفت به شيء يجذبها بقوة، حتى حركات يديه وانعقادة حاجبيه وهو يركز على الطريق. أمامهما.
بتتكلم جد ياسي رءوف. أشرف هيتعالج وهيبقي كويس؟
آه والله زي مابقولك كدة. وافق على دخوله المصحة عشان يتعالج وبعد مايبقى كويس بإذن الله هشغله في مصنعي وهييجي لحد عندك يبوس ايدك ويقولك سامحيني ياأمي.

يااااه. ياريت لو الأحلام دي تتحقق ده انا وقتها أموت وأنا راضية ومش خايفة عليه.
بعيد الشر عنك.
قالها بلهفة فطالعته بحيرة ليتنحنح قائلاً باضطراب:
احمم. اهو انتوا كدة ياستات في عز الفرح تنكدوا. ايه اللي جاب سيرة الموت دلوقتي؟طب بذمتك كدة عايزة تموتي وتسبيني لوحدي قصدي تسيبينا لوحدنا بعد مااتعودنا عليكي؟
الموت علينا حق ياسي رءوف هو انا يعني هخلّد في الدنيا؟

يادي سيرة الموت اللي مسكتي فيها. بقولك ايه ياست صفية، ده وقت الاحتفال. تعالي أعزمك على حاجة في الكافتيريا اللي هناك دي واهو بالمرة تحكيلي عملتي ايه من غيري امبارح؟ يعني مش كنتِ جيتي الخطوبة ونورتينا.
معلش بقى تتعوض في الفرح. انت عارف مليش في جو الحفلات ده. الحفلة بالنسبة لي اني اقعد في ركن وأسمع الست زي زمان لكن الخبط والرزع ده مليش فيه. انا ست بتحب الست.
تنهد هامساً:
وانا بحب الست.

بتحب مين ياسي رءوف؟
الست ام كلثوم ياست كريمة تعالي نتغدى وهخلي الواد عزيز يشغلنا انت عمري.
ياريت ياسي رءوف بحب الأغنية دي قوي بتفكرني بالمرحوم. كان دايماً يغنيهالي.
هتشل ياربي. هتشل.
بتقول حاجة ياأخويا.
مبقولش ياست صفية مبقولش. قدامي ياآخرة صبري.
دلفت إلى المطعم ووقفت على بابه تتطلع إلى المكان باحثة عن أحدهم، أشار إليها فتقدمت بسرعة تجاهه ليقول ما إن أصبحت امامه:
خير ياآيات طمنيني، صوتك رعبني.

جلست قائلة:
خليني اقعد الأول وآخد نفسي، انا مش قادرة أملك اعصابي من ساعتها ومش عارفة ازاي سقت العربية لحد هنا؟
ايه اللي حصل ورعبك بالشكل ده؟
قولي الأول ايه اللي خلاك تختار المطعم ده بالذات تعرف انه لغاية سنة فاتت كان مطعمي المفضل واللي بزوره دايماً في يوم أجازتي. وحشني المكان قوي.
آيات ادخلي في الموضوع علطول، انا أعصابي على آخرها ومش متحمل.
خلاص اهدي بس هقولك. عمي رأفت وعصام.
مالهم؟

عايزين يفرقوا بينا ولومقدروش هيخطفوني ويقتلوني.
لتتسع عينا طاهر بقوة.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 3 من 10 < 1 2 3 4 5 6 7 8 10 > الأخيرة




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
أفضل 5 طرق لتحقق الربح من الكتابة بالعربية بسهولة [دليل شامل] arwa
0 452 arwa
وحيد حامد – قصة حياة أحد أبرز أعلام الكتابة في تاريخ السينما المصرية laila
0 406 laila
التعليم تكشف حقيقة ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تدريس هذا الكتاب Moha
0 322 Moha
الرجل الذي عمل مدرّساً لمدة 17 عاماً على الرغم من أنه لم يكن يجيد القراءة ولا الكتابة! Moha
0 312 Moha
نادين نجيم في ورطة والسبب هذا الكتاب Moha
0 350 Moha

الكلمات الدلالية
رواية ، الكتاب ، الأحمر ،











الساعة الآن 03:04 PM