logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 4 من 12 < 1 5 6 7 8 9 10 11 12 > الأخيرة



look/images/icons/i1.gif رواية زهرة ولكن دميمة
  01-03-2022 12:46 مساءً   [25]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد الفصل العاشر

((أتمنى لو بأمكاني أتلاف كل شيء حدث بيننا، ونعود الى الوراء الى ماقبل اللقاء ولا نلتقي ))دوستويفسكي
قالت بلهجة فحيح مهددة: متختبرش صبري كتير...
أكنان بأصرار: فكري يازهرة بعقلك شوية، أحنا بينا أطفال..

هتفت بغضب: متجبش سيرتهم على لسانك تاني، أنت بكلامك ده خلتني أجيب أخري معاك، ثم دخلت مسرعة الى شقة وفي خلال لحظات كانت أمامه و قالت بلهجة واعدة بالشر وأخذت تلوح بالسكين أمام وجهه: أمشي من هنا بدل ماأحققلك أمنيتك وأقتلك عشان ترتاح بجد...
أمسك يديها الممسكة بالسكين وجعل طرف النصل على صدره.. ثم قال وهو يتنفس بحدة: أقتليني
صرخت وهي تضغط بالسكين أكثر وأخذت الدماء تنزف: هقتلك لو نطقت بكلمة ولادي مرة تانية، ولاد مين اللي بتتكلم عليهم، أنت ولا حاجة بالنسبة ليهم، هما ولادي أنا وبس..

همست بألم، أنا أتعذبت كتير عشانهم، عشان أضمن أنهم مرتحايين في حياتهم، ولسانك ده مينطقش بأسهم تاني، أنا ممكن أقتلك فيها، لو جبت سيرتهم تاني، المرة دي علمت عليك، أما المرة الجاية ممكن أموتك فيها
سمع هدير أنفاسها المضطرب، وأرتعاش يديها الممسكة بالسكين، رأى داخل عينيها خوف وألم، فقال بندم: أنا أسف
أخفضت السكين وأنسحبت عنه متراجعة..

صوت أنفاسها تعالى وهي تنظر له قائلة وقد أسودت عينيها: أسف كلمة ملهاش معنى، تدبح البنأدم وتقول أنا أسف أصل مكنتش في وعيي، كلمة مفيش أسهل منها، مش مسامحاك، سامع كويس مش مسامحاك على كل اللي عيشته بسببك، أنا كنت بموت في اليوم الف مرة بسبب اللي حصل، بسبب نظرات الناس ليا في الشارع لما عرفو باللي حصل معايا، نظراتهم كانت بتحملني الذنب وهي السبب في اللي حصل ليها.. أحنا عايشين في مجتمع بينبذ المغتصبة وبيحملها الذنب وبيعتبرها مدانه، سبحت بخيالها لتشاهد ذكرياتها والأمها، نظرت له دون وعي، همست بشرود...

أمي مستحملتش الصدمة أتشلت فيها، الناس مرحمونيش، فأخدت أمي وهربت سافرت بيها بلد تانية، محدش فيها يعرفني ولا يعرف بحكايتي، أتنكرت في شكل وحش عشان مفيش راجل يبصلي، كنت بخاف من نظراتهم أوي بقيت مجرد شبح بنت، وأحساسي بالعار والذنب اللي كان كل يوم بيكبر جوايا، ذنب مكنش ليا يد فيه، حاولت أموت نفسي لما عرفت بحملي، عيشت أكتئاب وأيامي كنت كلها ليل، لمعت عينيها بالدموع وهي تتحدث، عاقبت نفسي، عذبت نفسي، كنت بجرح جسمي وأضحك على وجعي، كنت بعيط كل يوم، كنت معرضة للجنون في أي لحظة، روحت أتعالجت، عشان أقدر أتقبل وضعي وأعرف أعيش.

لولا أمي وأحتياجها ليا وأحساسي بالذنب أني السبب، كان زماني ياتجننت، ياأنتحرت، ولدت وليد وأياد كان ممكن أرميهم في الشارع أول ماتولدو ودي كانت نيتي في البداية بس أول ماشوفتهم وشيلتهم في حضني مقدرتش أعمل كده، حطيتهم في ملجأ، ومن رحمة ربنا قابلت مدام ليلى، أخدتهم في الملجأ وطلعت ليهم مدام ليلى شهادات ميلاد وبيتعاملو هناك أحسن معاملة، وبيتعلمو، أنا عايشة ليهم هما وبس، فاقت من شرودها، نظرت له بوجع السينين
أجفل وتراجع بعنف وقد تعرت نفسها المتألمة الخائفة أمامه، سكين أنغرزت بداخل بقلبه لرؤيتها هكذا، أخذ يفرك جبينه بعنف شاعرا بالعجز فكلمات الاعتذار لم تعد كفاية لكمية الوجع الموجود بداخلها، همس بارتجاف: أنا أسف، ثم أولها ظهره مبتعدا عنها...

هتفت بنبرة منخفضة مهددة: مشوفش وشك تاني...
أغلقت الباب خلفه، أنهارت على الارض، سقطت على البلاط، أسندت ظهرها للحائط وأخذت تبكي بحرقة

ومع أشراقة الشمس، في ذلك الوقت الندي المعطر بنسمات الصباح الأولى، رن هاتفها المحمول، من بين نومها مدت بكسل الى الطاولة الملاصقة للسرير وحاولت أطفائه لكنه كان بعيد عن مجال يديها، فهي لم تنم البارحة الا بعد أذان الفجر، توضأت لصلاة الفجر، وأخذت تتضرع لربها كثيرا وأن يهديها لطريق الصواب، ثم نامت بعدها مباشرة، هتفت بحدة فهي لم تأخذ كفايتها من النوم، شتمت في سرها على المتصل، عندما لمع أسمه في عقلها، فتحت عينيها على أتساعها ونهضت من فوق الفراش، أمسكت الهاتف ولكن المتصل كان بدون أسم، ظلت ساهمة للحظات قبل الرد:
_ الو..

رد كريم بحب: صباح الخير
ردت عليه التحية بصوت خجول: صباح الخير
قال والابتسامة تزيين شفتيه وهو على الجهة الاخرى: عاملة أيه، نمتي كويس أمبارح
ترددت في الاجابة: أه نمت
بضحكة خفيفة قال: بس أنا معرفتش أنام
سألت ضحى: ومنمتش ليه؟
فكر للحظات قبل الرد: أنتي السبب، كنت بحلم بيكي وأنا صاحي
خجلت من كلامه وقالت بصوت مرتبك: هوفي حد بيحلم وهو صاحي
رد عليها: أنا أعمل أيه، أول ماشوفتك وأنتي قلبتي كياني، مش هتسأليني كنت بحلم بأيه طول الليل...

لم تقوى على سؤاله فظلت صامة...
عندما لم تتحدث قال بابتسامة: مادام مش عايزه تسألي، أنا هقولك كنت بحلم بأيه، كنت بحلم أننا خرجنا مع بعض وبنلف شوارع الاسكندرية وماسك أيدك وقاعدين على البحر، أيه رأيك أجي ليكي دلوقتي ونخرج مع بعض والحلم يبقا حقيقة...
ردت بسرعة: مينفعش
_ ومينفعش ليه، أنا شايف عادي نخرج مع بعض
_ لا مش عادي، أحنا لسه الصبح بدري أوي، وبابا مش هيرضى..

_ خلاص هقوله
_ أسمعني ياكريم بلاش تقوله عشان أنا عارفة رده، خلينا نخرج بعدين مش لزم دلوقتي
_ بس أنتي واحشتيني وعايز أشوفك...
ردت عليه ضحى بخجل شديد: بعدين
أبتسم ثم قال: بعدين معناها واحشتيني وأشوفك
هزت رأسها بالأيجاب في صمت...

قال كريم بابتسامة هادئة: معنى سكوتك أه...
ضحى بخجل: تصبح على ماتتمنى
رد بابتسامة: ياريت، يلا روحي كملي نوم، باين عليكي مش بتصحي دلوقتي، سلاااام
ضحى بابتسامة: سلاااام

كان زاهر يجلس بمفرده في الحديقة، فبيسان رفضت محاولته لكي يخرجها من الفراش للأفطار معه وظلت نائمة، جاءت صفية من خلف ظهره حاملة أفطاره على صينية..
قالت برقة: صباح الخير
عند سماع صوت والدته، التفت لها ونهض مسرعا من مقعده، قائلا بقلق: أيه بس اللي طلعك من أوضتك وأنتي لسه تعبانة، والصينية دي لمين، ثم أخذ الصينية من يديها ووضعها فوق الطاولة...

ردت صفيه: ده فطارك
زاهر بحب: ليه تعبتي نفسك، ثم جذب لها كرسي، أقعدي ياست الكل، وصباحك سكر...
أبتسمت وهي تجلس على الطاولة بجواره: أومال هتعب لمين، لو متعبتش ليك...
قال برقة: ربنا يخليكي ليا
ردت صفية: ويخليك ليا، قولي بقا أيه اللي شاغل فكرك ومخليك سرحان ومش مبسوط
_ مفيش حاجة يأمي
_ عليا بردو يازاهر، أنا أكتر واحدة بحس بيك وبعرف أمتى بتكون مبسوط وأمتى بتكون مضايق، وأنت دلوقتي مش مبسوط...

تصنع الابتسامة: شوية مشاكل في صفقة تبع الشركة مش أكتر...
نظرة له بتمعن ثم قالت: صفقة بردو
زاهر بحدة دون وعي: أيوه صفقة
تحدثت صفية بهدوء: براحتك يابني، مد أيدك ويلا نفطر سوا زي زمان...
تمتم قائلا: حاضر، سعدة طلعت الفطار لبيسان..

صمتت للحظة ثم قالت: أيوه، مأكده على سعدة انها تودي ليها الفطار، وزمان سعدة فوق راسها لحد ماتفطر، معرفش ليه مراتك هفاتنا ومش بتاكل، خد بالك من أكلها شوية يازاهر
قطب بين حاجيبه ثم رد قائلا: هاخد بالي، وبعد أن تناول عدة لقيمات، نهض من مكانه قائلا: أنا طالع فوق
قالت صفية: بس أنت ملحقتش تفطر..

رد زاهر: خلاص شبعت، ثم تحرك مبتعدا، نظرت الى زاهر بعد مغادرته وشاهدت حجم المعاناة الذي يعيشها، أحنت رأسها وهي تسأل نفسها هل فعلت الصوب وهي ترى تعاسة أبنها، طبعا فعلت الصواب فهو سيصاب بالتعاسة معاها في وقت لاحق ويكون الاوان قد فات، فهي لا تستحق أبنها، فهو يستحق فتاة من أهل بلدته ذات أصول صعيدية متربية على الأصول وليست خواجية تعيش في الخارج في عالم منحل، سعدة عندما رأت حزنها أقنعتها بالذهاب الى الشيخ فرحات...

ذهبت الي الشيخ فرحات وهو معروف في كل أنحاء الجمهورية، وكل الناس يذهبون اليه من كل مكان وحتى من خارج مصر، ذهبت اليه بعد أن عانت في الحصول مع موعد لديه، أول ما دخلت الغرفة، رأت رجل عجوز ذو لحية بيضاء طويلة، مسلط على وجهه ضوء المصباح، و كانت الأضاءة الوحيدة في الغرفة، ضوء خافت يخيف كل من يدخل عنده...

قال بصوت غليظ: أدخلي يابنت أبية
تمتمت بخوف: مفيش حد خالص يعرف بأسم أمي غير جوزي وأبني وبس، عرفت منين؟
لمعت عينيه قائلا: بلاش تسألي كتير وادخلي في الموضوع علطول، ولا أقولك أنا الموضوع...
أرتعدت أوصالها وبلهجة متوترة قالت: أتفضل حضرتك قول.. ماأنت ياشيخنا مكشوف عنك الحجاب...

قال بلهجة خالية من الحياة: عايزه تفرقي بين أبنك ومراته، عشان شايفها مش مناسبة ليه، وعايزه تجوزيه واحدة على مزاجك أنتي، عايزه تجوزيه بنت ابن عمك
أتسعت عينيها بالذهول، فهي لم تقل لأي شخص ولا حتى سعدة عن وجدان ورغبتها ان تكون هي زوجة أبنها، هتفت قائلة: الله أكبر حضرتك طلع مكشوف عنك الحجاب بجد، وقولت كل اللي عايزه أقوله، طب وأيه الحل ياشيخنا...

_ تنفذي كل اللي هقولك ليه، وطلبك هيتجاب
_ حاضر ياشيخنا وكل طلباتك مجابة
عندما أنتهت من تذكر مافعلته، نكست رأسها للأسفل وهي تشعر بالضيق وعدم الراحة...

عندما أنهى الكلام معاها.. وأغلق هاتفه ظل مكانه جالسا، أخذ يعبث في هاتفه، وقع نظره على أسم بيسان، خبط بكف يديه على رأسه بحدة، هتف بصوت عالي: يااااه ده أنا متصلتش بيها وقولت ليها أني هخطب، أووف دي هتزعل مني، حدث نفسه، زمانها مش فاضية ومشغولة في شهر العسل ومش هتزعل لما تقولها أن الموضوع جاه بسرعة...

رن جرس الهاتف عند بيسان التي أستلقت على فراشها مرة أخرى بعد أن أجبرتها سعدة على تناول الأفطار، أمسكت الهاتف ورأت أن المتصل هو كريم، فتحت الخط بسرعة سمعت صوت كريم: صباح الخير
ردت بصياح: صباحك زفت
كريم بهدوء: بدل ماتقولي صباح الخير..

ردت بضيق: ولا صباح ولا خير، وصباح بمناسبة أيه
أستغرب من رد فعلها الحاد فقال: مالك يابيسان
أنطلقت من فمها تنهيدة عالية وقالت: مفيش بتتصل ليه دلوقتي...
رد عليها قائلا: كنت عايزك تباركللي، أصل قررت أتجوز ضحى وقريت الفاتحة أمبارح
ردت بحدة: مبرووووك..

أنزعج كريم من كلامها فقال: مالك وبتقوليها من غيرنفس ليه
بيسان بانفعال: عايزني أغنيها ليك، جي بعد ماخطبت بتقولي أنا خطبت، منتظر مني أيه غير كلمة مبرووك
صمت للحظة شاعر بالضيق لعدم أخباره: خلاص بقا متزعليش مني يابوسة، والله الموضوع جاه بسرعة، وأنا قولت أكيد مش هتزعلي أني قولتلك بعدها، لو زعلانة عشان خاطري متزعليش مني، أنتي عارفة اني مقدرش على زعلك...

سرى داخل جسدها ضعف شديد، لتنطلق من فمها أهة ألم: أاااه...
كريم بلهجة قلقة: مالك يابيسان...
شعرت بضيق نفس فجأة، فقالت بصوت مخنوق: مش عارفة مالي ياكريم...
سأل كريم: مالك بجد يابيسان، وصوتك أول ماسمعته حسه أنه متغير، أنتي تعبانة ومش عايزه تقولي...

قالت بحيرة: أنا مبقتش عارفة أنا مالي، خنقة علطول ملازمني وحسه بالندم علطول
قاطعها كريم قائلا: خنقة أيه وندم أيه اللي بتقولي عليه
بيسان بتردد: حسه أني مبقتش مبسوطة مع زاهر، حسه أني أتسرعت في الجوازة دي
_ أوعي يكون زعلك
_ لا مزعلش وديما كويس معايا
_ أومال أيه السبب اللي خلاكي تقولي كده
_ مش عارفة.. مش عارفة، ثم صمتت للحظات وقالت بشرود، بقيت بخاف منه، أخاف أبص لوشه...
_ بتخافي من مين؟

ردت عليه بيسان بدموع: أنا حسه أني اتسرعت بالجوازة دي ياكريم، ومش عايزه أعيش معاه
كريم هز رأسه بعنف، فهي تعشقه وفعلت المستحيل لكي تتزوجه، ماذا حدث لكي تقول هذا الكلام..
سأل بارتباك: حصل أيه خلاكي تقولي كده، ومتقوليش محصلش حاجة عشان مش هصدق، أنك في أقل من أسبوعين تتغيري ومشاعرك تتغير ناحيته...
هتفت بانفعال: محصلش حاجة، ومفيش مرة زعلني، بس مبقتش عايزه وأتخنقت منه
كريم بضيق: اللي بتعمليه ده أسمه لعب عيال...

ردت بيسان على الفور، رد أذهل كريم: أيوه يكريم لعب عيال، وزهقت من اللعبة، وخلاص قررت أرميها وأشوف غيرها، وسلاااام عشان هكمل نومي...
نظر كريم للهاتف المغلق بذهول، محدثا نفسه عن السبب الحقيقي وراء تغيرها...

خلف الباب كان واقفا، سمع كلامها، ضغط بيديه على جبينه، ثم مررها على فمه محاولا كتمان صرخة ألم، أنفجارات صامتة في صدره أخذت تزيد بالتدريج، أمسك مقبض الباب للدخول أليها ومواجهتها، هبطت يديه بضعف، أعطى ظهره للباب، هبط الدرج رويدا رويدا، كلماتها أخذت ترن في أذنه، شعر بأرتخاء في جسده، سالت الدموع حارقة على وجنتيه تعبر عما داخله من ألم، بدأ يفقد الأحساس بالأشياء من حوله، قاوم باستماته الدوار الذي أخذ يلف برأسه، أمسك رأسه بعنف وأخذت يده ترتعش من هول مافيه من صدمة، لتنزلق قدمه من على الدرج بسرعة رهيبة، أرتطم جسده على الارض بصوت مدوي...
سمعت صفية صوت أرتطام عالي، ذهبت لرؤية ماحدث، أطلقت صرخة مدوية لرؤية أبنها غارق في دمائه: أاااااابني..

تصاعدت الزفرات حادة داخل صدره، سأل نفسه بخوف: هل ممكن أن تظل على موقفها، ولا تغفر له ذنبه، وجد نفسه أمام باب الملجأ مرة أخرى بعد عدة ساعات وفي يديه طائرتين كما وعد، أندهشت مدام ليلى، عندما طلب رؤية الصغيرين فقط، لكنها لم تعلق بأي كلمة...
في فناء الملجأ، أخذ يلاعب الطفلين بالطائرة، رغم بؤسه شعر بالسعادة تتغلغل داخل قلبه...

اياد بنبرة طفوليه: انا مبسوط أوي معاك...
وليد بتوسل: وتيجي وتلعب معانا علطول...
كتم تأثره وقال بهدوء: انا مش هجي وبس انا هاخدكم تعيشو معايا...
هلل كلا الطفلين بسعادة، رفع كلاهما على ذراعيه وأخذ يدور بيهم مشاركا لسعادتهم، رفعهم بسهولة لأعلى وانزلهم...

ضحك أياد من قلبه هاتفا: تاني
أما وليد شهق باعتراض وأخذ يتلوى بين يديه مهددا إياه: نزلني، نزلني
انزل كلا الطفلين على الأرض عندما شعر بخوف وليد
أياد بلوم: خواف
همس وليد بصوت مكتوم: انا مش خواف
اخرج لسانه مغيظا إياه: خواف..

ارتعشت شفتيه بالبكاء، حمله أكنان على ذراعيه وجلس على الكرسي الموجود بجواره، أشار إلى أياد للجلوس بجانبه، ضم وليد اليه وهمس لوجه المختبىء: دموعك دي زعلتني، انت شجاع، ثم نظر إلى الآخر بتأنيب: مفيش أجمل من وجود أخوك في حياتك، أخوك هو سندك ومصدر قوتك، الاخ نعمة من ربنا، مين لما بتكون زعلان بتروح ليه علطول..

رد أياد: بروح ليه
_مين بتحب تلعب معاه وبتكون فرحان ومبسوط
_ وليد
_مين بيدافع عنك لما يجي حد يضربك
نكس رأسه بخجل وقال وليد
أكنان بهدوء: أنتو اخوات وملكمش غير بعض، يلا خدو بعض بالحضن وقوله مش هزعلك تاني
أياد بلهجة أسف: متزعلش مني ياوليد، ثم حضنه
وليد بابتسامة خفيفة: خلاص مش زعلان..

رأته من بعيد، نظر كل منهم في عين الأخر، توقف الزمن يرقب من بعيد لحظات من الصمت المؤلم، لتتحرك بخطى سريعة تجاهه...
جسدها تشنج بالغضب، همست بصوت مكتوم: أنت أيه اللي جابك هنا
قال بصوت هادىء غامض: نفس اللي جابك...
أشارت بيديها مهددة اياه: أمشي ومتجيش هنا تاني، أحذر غضبي، المرة اللي فاتت كان مجرد جرح خفيف، المرة الجاية معرفش ممكن أعمل معاك أيه...
تحدث بصوت منخفض: المكان هنا مفتوح للكل، مش من حقك تقوليلي مجيش...
صرخت ببعض الهسترية: أنت أيه، مش عايز تخرج من حياتي ليه...

غمز لها وأشار الى الطفلين ثم قال: ممكن نتفاهم ونتكلم بالعقل وأركني مشاعرك دي على جنب
تنفست بعمق، صراخها شيء خاطىء أمام الطفلين، تصنعت الابتسامة وقالت لهم: روحو العبو على المرجحة شوية، عايزه أتكلم مع عمو شوية...
قال أياد بصوت بريء والابتسامة تزيين وجهه: عمو هياخدنا نعيش معاه...

نظرت إلى طفلها وإليه غير مصدقة ما سمعته ثم قالت: مين اللي هياخدكم تعيشو معاه
أشار كلا الطفلين إلى أكنان: عمو ده
قال أكنان بهدوء: يلا روحو العبو
عندما أبتعد الطفلين، زهرة بصوت مكتوم: أنت، أنت ناوي على أيه...
نظر إليها بتعاطف ثم قال: انا مكنتش عايزك تعرفي دلوقتي، كنت همهد ليكي الأول، بس هو مقدر ومكتوب أنك تعرفي باللي كنت هعمله...
همست برفض: وأنا مستحيل اسيبك تاخدهم...

رفع نظراته لها وتنهد قائلا: وأنا بعد ما عرفت بيهم مستحيل اسيبهم عايشين في ملجأ لقطاء مجهولي النسب، أنا أذنبت في حقك وعارف ان اللي عملته معاكي مستحيل تسامحيني عليه، وبتمنى نظرة الكره اللي بشوفها في عينيكي تختفي في يوم من الأيام، لكن ولادي مستحيل اسيبهم عايشين في ملجأ، لزم يتكتبو بأسمي، أنا أبتديت في الاجراءات وأول ماتخلص وأثبت أني أبوهم هاخدهم وهكتبهم بأسمي...

صوتها تحول الى همس مختنق بالبكاء: ليه مصمم تعذبني، خرجني وخرجهم من حياتك...
تنهد أكنان وقال برقة: مينفعش أخرجهم من حياتي، مينفعش يازهرة، لو سبتهم يبقا بجني عليهم، دلوقتي هما مش فاهمين وضعهم، المشكلة بعدين لما يكبرو ويدخلو مدرسة، ولما يخرجو للحياة نظرة الناس ليهم مش هترحمهم، وأنتي أكتر واحدة عيشتي مرارة نظراتهم، المحتمع اللي هما عايشين فيه مبيرحمش اللي زيهم، أنتي عايزه ليهم كده، عايزه ليهم الذل والعار...

تصلب في وقفته وهو يراها ترتعش أمامه، صمت للحظة ثم قال.. عارف ان الحقيقة ألمتك، الحقيقة اللي عاملة نفسك مش شايفها، مش شايفها عشان لسه صغيرين، فكري بعقلك شوية، أنا هديكي وقت لحد ماتتقبلي وجودي في حياة ولادي...
لمعت عينيها بالدموع وهي تتطلع الى التوأم، ثم قالت بانفعال رافض: مش هفكر وأخرج من حياتنا...
قال برقة متناهية: أنا هسيبك دلوقتي وعايزك تفكري بعقلي وحاولي تلغي مشاعرك عشان تقدري توصلي للقرار الصح، ثم تحرك مبتعدا عنها...
نظرت لأختفائه بعيون دامعة، وتمنت أختفائه من حياتها الى الأبد...

أجمل فترة يمر بيها أي رجل وفتاة هي فترة الخطوبة التي تسبق الزواج، علاقة حب نهايتها زواج، عواطف متقدة وشوق لا يفتر، حياة جديدة على وشك البدء فيها، تطلعات وأمال...
بعد أن أستئذن ولدها لكي تخرج معه في نزهة لفترة قصيرة من الوقت..
في السيارة تحت منزل أهلها، سألها برقة: عايزه تخرجي تروحي فين..
هزت رأسها بالنفي في صمت
سأل بدهشة: مش عايزه تخرجي معايا...

خجلت أن تقول له أنها تريد فقط البقاء معه فقط، يكفي جلوسه معاها في بيت أهلها هو وهي فقط...
فمال عليها وقال مبتسما: اللي هتقولي عليه هنفذه...
نظرت له بخجل: مش عايزه حاجة
قرأ حبها ولهفتها له في عينيها، فأخفضت رأسها خجلا...

قال كريم بابتسامة: عايزه حاجة ومش عايزه تقولي
همست وقالت بحياء: عايزه أي مكان يجمعنا، أنا وأنت
زينت الابتسامة وجهه وقال: مش عايزك تتكسفي مني، واللي نفسك فيه تقوليه علطول..
قالت بخجل: عايزه أشوف غروب الشمس على البحر
نظر لها مبتسما: شبيك لبيك ياصغيرتي، ثم أنطلق بالسيارة...

أخذ كريم ضحى وجلسا على الشاطىء، تطلعت هي للبحر وهو بدوره تطلع لها وشعرها يتطاير مع نسمات البحر، هي مفتونة بالبحر وهو مفتون بالنظر لها، أعجاب في لحظة واحدة بدون أن يشعر تحول الى حب، هي كل ماأراد في الفتاة التي سيحبها، أراد أسعادها بأي شكل، أراد أن تحمل له أطفاله، وتكون بجواره حتى أخر العمر...

نظرت له، فوجدته يتطلع اليها بشرود...
فقالت له: مش بتبص للبحر ليه.. البحر جميل أوي الوقت ده
غمز له وقال: أنا بشوف اللي أجمل من البحر...
أحنت رأسها من الخجل، أضطربت وحركت يديها بارتباك فوق الطاولة، دون قصد لمست يديها مشروبها الساخن، فكاد يقع عليها، أبعد كريم بدون تفكير يديها بسرعة ليتانثر القليل من محتوى الكوب فوق كف يديه...

هتفت بقلق: أيديك جرالها حاجة
قال كريم برقة والابتسامة على وجهه: الحمد لله بسيطة، مفيش حاجة...
الحب شعلة داخل القلب، بالاهتمام والرعاية تزداد الشعلة توهجا ولمعانا...


look/images/icons/i1.gif رواية زهرة ولكن دميمة
  01-03-2022 12:46 مساءً   [26]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد الفصل الحادي عشر

وكانت بيننا قصه - وكانت تقول تهواني
تاتيني بالليل مشتاقه - تختبئ بين احضاني
كانت بالعشق تولعني - تشقه نصفين وجداني
تقول بيننا حب - عشق و حنين دامي
كانت ترقص على عزفي - تغني عزف الحاني
تدور حولي كفراشه - تخرجني من سجن اشجاني
جعلتني انسى ما اسمي - جعلتني انسى عنواني
كانت تقول يا عمري - انت في قلبي و كياني
كانت تقول ما عمري - سانسى ليلك الشاجي
و نسيت القطة الصغرى - وعودا اعطتها و اماني
ذهبت و تركتني مشتاقا - اذوب في باقي احلامي
توارت عني الورده - وتركت شوكها الدامي (كلمات ابراهيم الشامي)

من بعيد كانت تلقي عليه نظرة كاملة، جسده يحتل الفراش، شعرت بتمزق غريب يسري داخل قلبها، حاولت الأقتراب منه، لكن قدميها أبت التحرك...
شعرت بروحها تسحب من جسدها...
كلا والدايه ظلا صامتين جالسين بالقرب من الفراش، منتظرين لحظة أستيقاظه...

تقلصت ملامح وجهه من الألم، هتف كل من صفية وناصر بدعاء: يارب
حاول الصراخ لكن صوته ظل عالق في حنجرته، يريد الصراخ، فالصراخ سيخفف من ألمه، حاول الصراخ لكن صوته أختنق داخل حلقه، كرر المحاولة فخرج صوته بأهة خافتة: أااه، بيسااان
وفي خلال للحظات، بدأت أهدابه تتفتح ببطء.. أغمض عينيه التي تأذت من وهج الغرفة، ثم عاد وفتحها بحذر، سأل بتمتمه: أنا فين؟

ردت عليه صفية بلهفة: سلامتك ياقلبي...
شعر بصداع يكاد يفتك برأسه، حاول رفع رأسه بعناد لكنه فشل وأنهار ساقطا على وسادته، أراد أن يحرك ذراعه فتألم، بدأ ينادي: بيساااان
دار ببصره المشوش يبحث عنها، حتى وقعت عينيه فنادى عليها: بيسااان
لم تقدر على البقاء معه، وهمت أن تخرج من الغرفة لكن صوت ندائه بأسمها شل حركتها، التفتت له...

تقابلت العيون في صمت، أكتفو بنظرات تحمل كل معاني الألم والحزن والعتاب...
لم تقوى على البقاء، أعطته ظهرها لتخرج من الغرفة...
نادى عليها: بيساااان
صفية بلهجة يشوبها القلق وهى ترى مايحدث: ريح نفسك وبلاش تتكلم...

للحظة ظلت ساكنه ثم التفتت له ونظرة لها نظرة خاوية باردة خالية من المشاعر، وخرجت من الغرفة...
أغمض عينيه، تأوه بألم: مش عايز أفوق، صرخ بشدة
أنطلقت صفارات متقطعة من الجهاز الموصل بيه، وانهار في غيبوبة...
صرخت صفية بهستيرية: أااابني
تصلب ناصر في مكانه، ثم خرج مسرعا لينادي الطبيب..
كانت بيسان واقفة في الممر بالقرب من الغرفة، وعندما أتى ناصر ومعه الطبيب القى عليها نظرة لوم...

أول ماأتى له خبر وجود زاهر في المستشفى، أنطلق في التو الى أسوان...
بمجرد وصوله رأى بيسان موجودة في الخارج واقفة بجوار غرفته
قال باستغراب: واقفة برا ليه؟ زاهر كويس...
ردت عليه بهدوء: اتخنقت وقولت أخرج شوية
قطب بين حاجبيه بعمق: اتخنقتي، ثم أضاف شكلك مش باين عليه أنك زعلانة...
أسبلت أهدابها وهمست: زعلانة طبعا...

قوس حاجبا وقال: هدخل أشوفه، هتدخلي
هزت رأسها بالنفي: لا
تركزت عيناه عليها ولكنه التزم الصمت ولم يسأل ودخل الغرفة مباشرة...
رأى الطبيب يقوم بالكشف على زاهر وبجواره ناصر وصفية...
ران الصمت المعبر عن الألم بين الجميع...
سأل أكنان: هو كويس
ردت صفية وقد كست ملامحها الهم: لا
قال ناصر بثقة مفتعلة: أن شاء الله هيكون كويس...

أخذت صفية تعض على شفتيها، شعور من تعرف أنها فعلت شيء خاطىء، وتوجهت بنظراتها المتألمة الى أبنها...
أندفعت أحدى الممرضات الى داخل الغرفة، ومررت الى الطبيب مظروف، أسرع يفضه مخرجا منه صورة الاشعة، ثم وضعها على جهاز لوحي موجود بالغرفة، أضاء الجهاز ونظر للأشعة بتركيز...
صاحت صفية بالطبيب: قولي الحقيقة يادكتور...

ناصر بلهجة مهدئة: أهدي ياصفية
أجاب الطبيب عليها: خير أن شاء الله
كررت صفية سؤالها: ماتقولي أبني عنده أيه؟
صفية كانت منهارة، وغارقة في دموعها...
سأل أكنان بلهجة حازمة: عنده أيه.

أجاب الطبيب وهو يشير بأصبعه بحركة دائرية على الاشعة دون ملامستها: الحادثة عملت تجمع دموع على المخ، وده السبب في دخوله بغبيوبة...
صفية بصراخ: أبني
هتف ناصر فيها بحدة: أسكتي، خلي الدكتور يكمل كلامه
كمل الطبيب حديثه قائلا: أحب أطمنكم أن دي مش أول مرة تمر عليا، في حالات كتير نفس حالة أبنكم، خفت مع العلاج وفاقت من الغيبوبة، ومارست حياتها الطبيعية عادي...

سأل أكنان: وهيفوق أمتى؟
رد الطبيب بهدوء: الله أعلم، كله في علم الغيب، أنا هبتدي معاه بالعلاج من دلوقتي، الادوية اللي هياخدها هتساعد في أذابة التجمع الدموع...
كرر أكنان سؤاله: مقولتش هيفوق أمتى
بسط يديه وقال: أمتى بالظبط معرفش، هنبتدي معاه بالعلاج وهنشوف هيستجيب ولا لأ
سأل أكنان: أعمل ليه عملية وشيل التجمع ده
صمت للثواني ثم قال: للأسف مش هينفع في حالته وهتبقا مخاطرة...

_ والعملية متنفعش ليه؟
_ عشان التجمع موجود في منطقة حساسة، المركز المسئول عن معظم الوظائف الحيوية في الجسم، ثم وجه نظراته للكل، أنتو دلوقتي عندكم حلين ياالمخاطرة والعملية تتعمل، يا الصبر ونستنى نشوف نتيجة العلاج معاه، وأنا من رأيي نستعمل الادوية الاول وأن شاء الله هيفوق..
قال كلامه ثم غادر تارك الجميع ينظرون لخروجه بصمت مؤلم...

وقفت صفية بجوار الفراش، وأخذت تنتحب في صمت، وانسابت الدموع ملتهبة على وجنتيها، وارتسمت على قسمات وجهها كل معاني الحزن لأم تكاد تقفد ابنها، ذكريات اليوم ومافعلته هاجمتها بقسوة فهتفت بوجع: أاااه...
قال أكنان بلهجة مطمئنة: أن شاء الله هيفوق ويرجع أحسن من الأول
أحتضن ناصر زوجته وقال بتصميم: متعيطيش زاهر هيخف وهيفوق، فاااهمة ياصفية
هزت رأسها بالأيجاب ودموع الذنب لم توقف عن الأنسياب...

عندما خرج من الغرفة لم يجد بيسان في الجوار، فقام بالاتصال بها
_ بيسان أنتي فين؟
_ أنا روحت، حسيت أني تعبانة وعايزه أنام
أمسك أكنان الهاتف أمام وجهه ونظر للشاشة بذهول للحظات، ثم قال بصدمة: روحتي تنامي وسايبة زاهر...
أجابت بيسان بلامبالاة: وجودي زي قلته مش هيفرق معاه...
أرتسمت على وجهه علامات التعجب وقال: أنتي مسألتيش عنده أيه...

بسطت كف يديها وتأملت خاتم الزواج بشرود وهمست: عنده أيه؟
أكنان بلهجة غاضبة: لسه فاكرة تسألي، جوزك في غيبوبة ياهانم وياعالم هيفوق منها أمتى...
ضمت أصابع يديها بعنف وقالت: متعصب ليه دلوقتي
هتف بحدة: بسبب برودك ولا مبالاتك، ده زاهر حبيبك وجوزك مش حد غريب...
أكنان بعصبية: أيه كمية البرود اللي أنتي فيها...

رفعت حاجبيها وردت عليه بضيق: سلاااام عشان مصدعة ومش قادرة أتكلم
أنفجر أكنان في الهاتف المغلق: مستهترة عديمة المسئولية شعر بانقباض داخل قلبه، غادر المستشفى حزينا، فصديق عمره مريض وشقيقته تغيرت وأصبحت غريبة الأطوار...
أتصل بكريم مباشرة، قال أكنان بكأبة: بتعملي أيه؟

سأله كريم بفضول: مش عوايدك تتصل، مالك؟
زفر بحدة قائلا: زاهر في المستشفى، في غيبوبة
أنتفض كريم في جلسته ثم عبس قائلا: حصل أمتى وأزاي وهو وضعه أيه دلوقتي...
قال بلهجة حزينة: بيقولو وقع من على السلم وراسه أتخبطت على الأرض
رد كريم بنبرة غير مصدقة: وقع على السلم، طب أزاي؟وليه؟

تنهد بحيرة: معرفش أيه اللي حصل، بس ده كل اللي عرفته، وبالنسبة لوضعه الدكتور مع العلاج هيفوق بس محتاج وقت، أنا هفضل كام يوم هنا معاه، مش هقدر أسيبه اليومين دول خالص، عايزك تبقا تروح الشركة وتابع الشغل هناك كأني موجود...
أجابه بسرعة: طبعا كأنك موجود، صمت على الهاتف للحظات ثم قال، وبيسان عاملة أيه دلوقتي...
عندما ظل صامتا، كرر سؤاله متوترا: بيسان كويسة، أنا لما كلمتها الصبح، حسيتها متغيرة ومش على طبيعتها...
رد بعصبية: كويس ومفهاش حاجة...

_ أومال أيه وصوتك أتغير ليه لما سألتك عليها...
_ زي مانت قولت يا كريم بيسان مش على طبيعتها
_ حصل أيه منها خلاك تقول كده
_سابت زاهر لوحده ومهتمتش تسأل عنده أيه، لما خرجت من ألاوضة ملقتهاش، فقولت أتصل بيها أطمن عليها وأشوفها راحت فين، قالت انها روحت عشان تعبانة وعايزه ترتاح، أتصرفت باستهتار
عقد بين حاجبيه بشرود: الصبح مكنتش مظبوطة وقالت كلام غريب
قاطعه في الكلام، قائلا بفضول: كلام أيه.

تنهد وهو يحك رأسه: أنها عايزه تسيب زاهر وأنها خلاص زهقت وأنه كان بالنسبة ليها زي اللعبة، قولت أكيد حصل حاجة بينهم، بس هي قالت لأ، وبعدين اللي حصل لزاهر وأنها كانت باردة في رد فعلها، في حاجة غريبة ياأكنان، مش دي بيسان اللي كانت هتموت على زاهر عشان تتجوزه، مش عارف ايه اللي غيرها كده...
هز أكنان رأسه بحيرة: بيسان أتغيرت ياكريم، أتغيرت جامد ومبقتش زي الاول، وأنا كمان مش عارف...

أستئذنت ضحى والدتها في البقاء مع زهرة هذه الليلة والمبيت معاها...
أسيقظت ضحى في منتصف الليل، لم تجد زهرة في الفراش، وباب الغرفة مفتوح على مصرعيه، نهضت جالسة على الفراش وخرجت من الغرفة، رأت زهرة جالسة على الكرسي وقد أسندت ذقنها على ركبتيها، شعرت ضحى بالقلق من منظرها...
قالت ضحى بصوت لكي لا تفزعها: زهرة
أدارت زهرة رأسها نحوها ببطء...

شهقت ضحى لرؤية عينيها منتفخة وحمراء من البكاء: أنا سبتك بمزاجي أول ماشوفتك، وقولت في حاجة مزعلك وزعل جامد عشان كده مرضتش أسيبك تباتي لوحدك، : مالك يازهرة، ثم جلست على حافة الكرسي، مالك يازهرة، فضفضي ليا وأنتي هترتاحي...
ظلت زهرة صامتة تتأمل ضحى بصمت للحظات، ثم قالت بصوت مختنق: الكلام اللي هقولهولك سر ياضحى...
هبطت ضحى من على حافة الكرسي وجثت على الأرض، وجذبت زهرة من يديها للجلوس بجانبها، وقالت لها برقة: طبعا يازهرة كل كلامك ليا سر.. ثم ضحكت بخفة، أسرارك كترت يازهرة...

الدموع سالت على وجنتيها، كانت خائفة وكلمات ضحى الرقيقة زادت من خوفها...
وضعت ضحى يديها على كتفها وضمتها اليها وقالت: أنا معاكي، أحكي كل اللي في قلبك عشان ترتاحي...
أغمضت عينيها للحظات ثم فتحتهم وتنهدت قائلة: عرفت مين أبو ولادي...
سألتها بارتباك غير مستوعبة ماسمعت: أبو ولادك...
زفرة بألم: عرفت الراجل اللي أعتدى عليا يوم فرح أحمد...

_ وعرفتي أزاي وأنتي مش فاكره ملامحه ولا فاكرة الوقت ده، ثم هزت رأسها باستيعاب، أنتي أفتكرتي اللي حصل
_ مفتكرتش حاجة
قالت بحيرة: أومال عرفتيه أزاي
ردت عليها بصوت يدمي القلب: هو اللي أعترف ليا، لما عرفني وأكتشف ان ليه أطفال...
تعلقت عينيها على زهرة، سألتها بصوت رقيق: ومين هو؟ ورد فعله لما عرف أن عنده أطفال؟
همست بتردد وهي تتطلع اليها بعيون متألمة: أكنان نجم...
الصدمة الجمت لسانها لبرهة من الوقت: أكنان اللي هو أكنان أبن عم كريم...
هزت رأسها في صمت ثم قالت: أيوه هو
سألت بلهجة حائرة: مش قادرة أستوعب كلامك، أزاي أزاااي يازهرة.

شردت زهرة وهي تهمس بخفوت، أنا ححكيلك وبدئت في سرد حكايتها كما أخبرها، أخبرتها كل شيء حدث بينهم وعندما أنتهت، شهقت ضحى بعنف ثم هتفت بغضب: أناااا أناااا عايزه أخنقه وأطلع روحو في أيدي، يااااه كل ده يطلع منه، سألت مترددة، في حد يعرف باللي حصل غيركم، مقلش لأي حد
نظرة لها مستفهمة: تقصدي مين؟
قالت باضطراب: أقصد كريم...

ردت بنفي والدموع تنساب على وجنتيها: مفيش حد يعرف غيرنا وأنتي، أنا تعبانة أوي ياضحى ومش عارفة أعمل أيه، جوايا جرح لسه بينزف
ربتت ضحى على رأسها بحنيه، ثم قالت برقة: مع الوقت هتلاقي الجرح التئم والوجع قل، الوقت هو العلاج الوحيد ليكي دلوقتي، الوقت بيقدر يعالج أي جرح مهما كانت شدته...
هتفت بألم: يارب ياضحى...

جاء الصباح بطيئا على غير عادة على الجميع، لم يغمض لهم جفن، فقد كان يتملكهم خوف مهما هو قادم...

نظر الى ساعته، فوجدها قد أقتربت من وقت الظهيرة...
أرتدى ملابسه سريعا، لم يضع عطره المميز، لم يلتفت الى تصفيف شعره، ركب سيارته وأنطلق الى المستشفى للاطمئنان على زاهر...
كان معظم أقاربه موجودين معه في الغرفة الا من بيسان، القى السلام ثم خرج مباشرة وذهب الى الطبيب المعالج لزاهر
_ وضعه النهاردة أيه يادكتور
_ مش هيبان حاجة دلوقتي، مع العلاج والاشعة اللي هنعمله، نقدر أقولك الوضع هيكون أيه
_ تقصد أيه بالكلام ده..

الطبيب بهدوء: العلاج لو جاب نتيجة التجمع الدموع حجمه هيقل وده هيبان في الاشعة اللي هنعمله بعدين، ولما الورم يقل ضغطه على خلايا المخ هيقل وبالتالي هيفوق من الغبيوبة، بعد أذنك هروح أشوف بقيت المرضى
هز أكنان رأسه بالموافقة وبعد أنصرافه، أخرج هاتفه وأتصل بيبسان...
أنتي فين يابيسان؟

بيسان بهدوء: أنا في البيت...
قال بلهجة ساخرة: في البيت.. أنتي ناسية ان ليكي جوز راقد في المستشفى، عايزك تلبسي وتجي دلوقتي المستشفى...
ردت بلهجة باردة: مينفعش أجي دلوقتي، عشان أنا سافرت وعند بابا في الفيلا...
قال أكنان بصدمة: سافرتي وسبتي جوزك
أخذت تمضع أظافر يديها وهي تتحدث: وجودي زي قلته، يعني هعمل ليه أيه، وأنا بصراحة أتخانقت من الجو هناك وقولت أغير جو، من الأخر كده ياأكنان أنا زهقت منه وقررت أطلب الطلاق...

سمع كلامها وهو في حالة ذهول وكأنه في كابوس، يتمنى الأستيقاظ منه سالما، فقال بانفعال: أيه البرود اللي بقيتي فيها ده، الأحساس أنعدم من عندك، تطلبي الطلاق وهو في غيبوبة مش تستني لما يفوق الأول...
بيسان بغضب مكتوم: أنا حرة أعمل اللي أنا عايزه
زاد أنفعاله وقال: حصل أيه ليكي وأيه اللي غيرك مرة واحدة كده..

_ كل اللي حصل أني فوقت من وهم أسمه زاهر، سلااام وأقفل الكلام في موضوع زاهر، ثم أغلقت الهاتف في وجهه، وضعت يديها على كلتا أذنيه تحاول كتم صوت الصريخ بداخلها، أخذت الأصوات تتردد مدويه بداخلها مردده، أنتي كده هترتاحي، هترتاااااحي، بس أنااا أنااا، ظلت أصوات الصراخ يتصارعان داخل عقلها حتى غلبها النوم...

وعلى الجهة الأخر، ظل زاهر واقف مكانه لفترة من الوقت مصدوم من شقيقته، صدمة عمره، اتاه أتصال أخر جعله يفيق من شروه، هتف بحدة في المتصل: بتتصل ليه
أجابه بلهجة مترددة: حضرتك قولتلي لو حصل أي حاجة غريبة أتصل بيك..
_ أتكلم علطول
_ البنت اللي مكلفني بمراقبتها، خرجت مع اللي أسمه أحمد وقعدو سوا في مطعم وبعدين مشيت معاه وهو كان بيسند فيها وشكلها مش متزن وشبه غايبة عن الوعي..

صاح بانفعال: وقفهم بأي طريقة فاااهم بسرعة ياغبي، متخلهاش تروح معه
رد بارتباك: بس بس
أخذ قلبه يدق بعنف وصرخ فيه: بس أيه...
قال بخوف: وأنا بكلمك، طلع بيها بالعربية...
هتف بغضب: أطلع وراهم ياغبي وخدها منه، عارف لو جرالها حاجة، هتكون نهايتك على أيدي، وسيب الخط مفتوح متقفولهش، وبلغني بكل خطوة ليك أول بأول، وأنا هركب الطيارة وهجي أسكندرية دلوقتي
رد عليه بلهجة مذعورة: حاضر يابيه، ثم أنطلق بسيارته مسرعا للحاق بالسيارة الأخرى...
تعالت نبضات قلبه تنبئه بكارثة سوف تحل، فهو قال أنها كانت غير متزنه وشبه غائبة عن الوعي...

قبل ساعة من الأن، رن جرس الباب...
تحركت زهرة لفتح الباب وهي تحدث نفسها، أنتي لحقتي ياضحى، ده أنتي لسه طالعة، أهدي أنا جايه خلاص أستني الجرس هيتحرق كده في أيدك، تفاجئت بوجود أحمد أمامها...
هتفت بحدة: أيه اللي جابك هنا تاني...
نظر لها برجاء: أنا محتاج أتكلم معاكي يازهرة
تمعنت في النظر له، وجهه أصبح نحيل وعيونه غائرة وملابسه غير منظمة..

كرر كلامه بتوسل أكثر: عشان خاطري يازهرة، محتاج من وقتك نص ساعة بس، نص ساعة بس، وبعد كده مش هتشوفيني تاني، أعتبريها أخر مرة، وأخذ يترجها لفترة من الوقت حتى شعرت بالشفقة تجاهه
ردت قائلة له: خلاص يا احمد، استنى برا بعربيتك على أخر الشارع وأنا هغير هدومي وهخرج معاك بس دي هتكون أول وأخر مرة، أتفقنا.
ارتسمت على وجهه ابتسامة باهتة: حاضر يا زهرة...

ارتدت ملابسها بسرعة، ثم خرجت من منزلها ووجدته منتظر بداخل سيارته في المكان المتفق عليه ويبدو عليه التوتر، وكان يضرب بيديه على عجلة القيادة بعنف، شعرت بالقلق وهي تدلف إلى داخل السيارة وبمجرد دخوله أنطلق بالسيارة، توقف أمام كافيه لاتينو...
نظرة له بانزعاج: مش عارفة أيه لزمتها تجيبني هنا، ماكنت قولت اللي انت عايزه وأحنا في العربية
بادلها نظرتها بنظرة رجاء ثم قال: أنا مش عايز اتكلم معاكي في العربية، عايز نقعد مع بعض وأكلمك براحتي.. مش أكلمك في الطريق والعربيات رايحة جاية...

نزلت زهرة مضطرة من السيارة ودخلت معاه إلى الكافيه، جلس كلاهما على طاولة موجودة بالركن ثم طلب من الجرسون عصير فروالة لها وعصير ليمون له...
قالت بضيق: مش عايزه أشرب حاجة، قول كنت عايز أيه وخلصني، انا بجد زهقت...

تجاهل كلامها كأنه لم يسمع شيء: لسه فاكر كويس أنك بتحبي تشربي عصير الفروالة، مفيش حاجة نسيتها كانت بينا
_ لو سمحت يا احمد كلامك ده ملهوش لزمة دلوقتي، خلاص انا شيلتك من حسابتي من يوم ماتجوزت، ياريت تفهم كلامي كويس وإنساني وشيلني من حياتك...
_ عندك حق ملهوش لزمة الكلام في الماضي
_ ايه بقا الكلام المهم اللي كنت عايزني فيه
قاطع كلامهم اقتراب الجرسون، قام بوضع الطلبات أمامهم، وعند انصرافه أمسك أحمد كأس العصير ومده باتجاه زهرة، وقال بابتسامة باهتة: بلاش تكسفيني..

أمسكت زهرة كأس العصير من يديه مضطرة وتناولت عدة رشفات منه ثم وضعت الكأس على الطاولة...
زمت شفتيها بضيق وقالت: عصير وشربته، هااا كنت عايز تقول ايه
قال بلهجة يشوبها الحزن: لدرجادي مش مستحملة وجودي
هتفت بحدة: لو مقولتش انت عايزه ايه، هقوم وأسيبك...
أبتسم بألم: انا محتاج اتكلم، الكلام معاكي بيريحني..

حاولت مقاطعة كلامه، لكنه استمر في الكلام قائلا بحزن، معلش استحمليني الوقت ده، انا كل اللي محتاجه اني اتكلم وبس معاكي، اتكلم وانتي تسمعيني...
وعندما انتهى من حديثه، شعرت زهرة بالشفقة تجاهه وهمست بعطف: ياااه كل ده حصل معاك، لو كنت أعرف أساعدك كنت ساعدتك...
نظر له بندم: قلبك طيب يا زهرة ومش بتعرفي تكرهي حد، انا مبسوط انك وافقتي تقعدي معايا وتسمعيني...

شعرت بالدوار، أمسكت رأسها
سأل أحمد: مالك يازهرة
تمتمت بضعف ثم حاولت النهوض: أااه
كادت تقع، نهض بسرعة وقام بأسنادها: زهرة، حاولي تمسكي نفسك شوية لحد ما نوصل العربية، لاحظ نظرات شخص تتبعهم لكنه لم يبالي، وبمجرد اراحتها على الكرسي، وجلوسه على مقعد القيادة أنطلق بالسيارة بسرعة شديدة ويديه تقبض على عجلة القيادة بعنف...


look/images/icons/i1.gif رواية زهرة ولكن دميمة
  01-03-2022 12:47 مساءً   [27]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد الفصل الثاني عشر

وعندما انتهى من حديثه، شعرت زهرة بالشفقة تجاهه وهمست بعطف: ياااه كل ده حصل معاك، لو كنت أعرف أساعدك كنت ساعدتك...
نظر له بندم: قلبك طيب يا زهرة ومش بتعرفي تكرهي حد، انا مبسوط انك وافقتي تقعدي معايا وتسمعيني...
شعرت بالدوار، أمسكت رأسها
سأل أحمد: مالك يازهرة
تمتمت بضعف ثم حاولت النهوض: أااه..

كادت تقع، نهض بسرعة وقام بأسنادها: زهرة، حاولي تمسكي نفسك شوية لحد ما نوصل العربية، لاحظ نظرات شخص تتبعهم لكنه لم يبالي، وبمجرد اراحتها على الكرسي، وجلوسه على مقعد القيادة أنطلق بالسيارة بسرعة شديدة ويديه تقبض على عجلة القيادة بعنف...
وقعت مغشية عليها، أسرع بها الى أقرب مستشفى...

توقف بسيارته أمام باب المستشفى وقبل أن يخرج وجد فجأة من يفتح عليه باب السيارة، وأنحنى على زهرة لحملها...
أنتفض أحمد في مكانه ثم خرج مسرعا وأمسك بذراع الراجل الغريب، مجبرا أيه على تركها، هتف بوجه محتقن: أنت مجنون أمشي من هنا بدل ماأبلغ عنك
نظر له الهامي بتهديد: أنت خاطفها وأنا بنقذها منك
بلهجة مندهشة: على أساس أيه قررت أني خاطفها، دي خطبيتي وأغمى عليها وزي ماأنت شايف، ده لوكان عندك نظر وبتشوف واقفين قصاد باب مستشفى...

قاطعه الهامي: أنت مش خطيبها
لم يريد الجدال معه، كل همه الأن ألاطمئنان عليها، هتف في وجهه بحدة: ملكش فيه، وانزاح على جنب...

في الداخل...
سأل بلهفة الطبيب: مالها يادكتور
_ ضغطها واطي، وده سبب الاغماء
_ يعني هي كويسة
_ هي كويسة ومعندهاش حاجة، خليت الممرضة تركب ليها محلول عشان نرفع من ضغطها، وهتفوق لوحدها...

ظل بجوارها لمدة ثلاث ساعات على الكرسي المجاور للسرير الراقدة عليه، ظل ينظر الى تفاصيل وجهها الشاحبة المختفية تحت قناع لم يعلم حتى الآن سببه، وجسدها أصبح نحيف بات لا يتحمل شيء، فأغمض عينيه في سكون، فكلاهما عانى بشدة في حياته، هو تزوج أنسانة مريضة بحب السيطرة حاولت خطف بناته والان هي في مصحة عقليه في حالة أنهيار تام بعد أن عثرو عليها في أحدى الفنادق الرخيصة وبناتها مع جدتهم، وهي عانت بسببه وبسبب رشا وياعالم ماذا حدث لها في السنوات الماضية بعد سجنها ووفات والدها، مايبدو له أنها عانت بشدة...

فتح عينيه ورأى يديها تتحرك...
ووجدها تنظر له بأعياء قائلة: هو أنا هنا بعمل أيه، هو حصل أيه...
أبتسم بخفة: ضغطك وطى مرة واحدة وأغمى عليكي، وأنا شيلتك وجبتك هنا المستشفي...
قالت بخفوت: تعبتك معايا...
نظر لها بحزن: نفسي أتعب عشانك، وياريت أقدر أعوضك شوية عن كل اللي قاسيته في حياتك
شعرت بالأرتباك وأبعدت نظراتها عنه: أحمد بلاش..

أستاء قلبه وأراد الصراخ والتوسل لها لكي تعطيه فرصة، لكنها صارت رافضة له، حدث نفسه بصمت، غلطة عمري أني سبتك تضيعي من أيديا..
أمسك ذراعها وقال بتوسل: أديني فرصة تانية
همست بحزن: مينفعش

دخل أكنان من باب المستشفى مسرعا، وجد أمامه الهامي منتظر اياه، سأله وهو يتنفس بحدة: هي موجودة فين
_ الدور الرابع أوضة سته
لم يتنظر المصعد، خوفه عليها لا ينتظر، قلبه لا ينتظر، أخذ يركض على سلالم الأدوار بخفة، فتح باب غرفتها دون الطرق ودلف الى الداخل بسرعة...
تبخرت نظرة القلق في عينيه.. لتحل محلها نيران من الغيرة عندما رأه يمسك بذراعها، أبتلع ريقه بصعوبة، تنفس بحدة يحاول على قدر المستطاع التحكم في غضبه لكي لا ترتعب منه، أقترب وجسمه ينبض بغضب مكتوم...

صدمت زهرة من رؤيته، نظرة له بعينين متسعتين...
صر على أسنانه بعنف قائلا: شيل أيدك من عليها
تذكره أحمد جيدا فهو نفس الشخص الذي قابله في عزاء والدتها وشعر بوجود شيء بينهم وكذب هذا الشعور عدة مرات، هز رأسه برفض عندما وصلت أفكاره عند نقطة معينة، هل يكون هو السبب في رفضها الرجوع اليه، هل تجمعهم علاقة عاطفية، ترك أحمد يديها ونهض ثم نظر له ببرود: أنت مين وأزاي تدخل هنا من غير أستئذان...

بملامح وجه متهجمة قال: قوليلو أنا مين بالنسبة ليكي يازوزو...
سأل أحمد: مين ده يازهرة...
جلس أكنان فوق الفراش وقال بهدوء مفتعل: قوليلو أنا أبقا مين ولا أقوله أنا
شهقت عندما سحبها بجواره، حدق في عينيها التي أتسعت من الخوف وهي ترى شرارات الغضب تنطلق من عينيه.. ثم قال: أنا خطيبها وأبو ولادها قصدي أبو ولادها في المستقبل، رفرفرت رموش عينيها بصدمة...

أحمد بلهجة رافضة: خطيبك يازهرة...
همس بخفوت بالقرب من أذنيها، خليه يمشي والاحسن مشفش وشه بالقرب منك تاني...
ظلت تحدق به بعجز، تريد أن تنساه لكن مايجمع بينهم جعل نسيانه شيء مستحيل، أطفالها عند تلك النقطة أستعادت توازنها وتنفست بعمق: أيوه ياحمد خطيبي...

رأى أكنان أصابعها ترتجف فعلم أنها تكبت أنفعالها بصعوبة
من صدمته أرتد خطوة للخلف، وتجمد في مكانه للحظات، نهاية الامل بالنسبة له، فهي أحبت غيره، ولا يملك سوى تمني السعادة لها، قال بابتسامة شاحبة حزينة: مبروك...
ردت عليه بابتسامة باهتة: الله يبارك فيك
نظر لها نظرة وداع ثم خرج من الغرفة.. مقررا الخروج من حياتها نهائيا...

التمع الشرر في عينيها وهي تقول: أرتحت بعد مانفذت كلامك، أتفضل أطلع برا...
غمز بأحدى حاجبيه: أنتي نسيتي أنك بقيتي خطبيتي، ده كلامك مش كلامي..
هتفت في أنفعال: أنا قولت كده عشان أقطع الأمل عنده أني ممكن أرجع ليه في يوم من الايام، مش عشان خوفت منك، وقولي أنت عرفت أزاي باللي حصل ليا
قال بهدوء: مكلف واحد ياخد باله منك...

صاحت في وجهه بغضب: أنت مخلي واحد يراقبني، مش من حقك تعمل كده..
_ من حقي، أنتي أم ولادي
_ كفاااية بقا حرام عليك
_ أنتي اللي كفاية وبلاش تنشفي دماغك، أنا قولت أديكي وقت لحد ماتتقبلي الصدمة وتفكري في مصلحة ولادنا وتركني مشاعرك وكرهك ليا على جنب، بس أنتي مصممة تعاندي معايا، هسألك تاني موافقة تتجوزيني
هزت رأسها ثم قالت بأصرار: لأ..

أبتسم بمكر ثم قال: أنا سألتك وأنتي قولتي لأ، وغلبتي مشاعرك على مصلحة ولادنا، أنما أنا فكرت في مصلحتهم كويس.. وقررت الأتي، الولاد هاخدهم من الملجأ وهكتبهم بأسمي وهطلع ليهم شهادات ميلاد بأسم الاب اللي هو أنا وأسم الام اللي هتكون أي واحدة هتجوزها، أنا مستعدة أتجوز أي واحدة عشان خاطرهم هما عشان يبقو جايين من علاقة شريعة...
أتسعت عينيها من صدمة ماتسمع: أنت بتقول أيه
قال بلامبلاة مصطنعة: اللي سمعتيه...

_ بس ده تزوير
_ أسمه بضمن ليهم حقهم وأخلي راسهم مرفوعة
_ أنا مش هسكت
_ أعملي اللي أنتي عايزه، أنتي عمرك ماهتقدري تقفي قصادي، أنا أتكلمت معاكي بالعقل والمنطق وأنتي رفضتي...
لمعت عينيها بالدموع وقالت بنبرة مضطربة: ليه القسوة دي...

شعر بطعنة مؤلمة داخل صدره وهو يرى دموعها، لكنه قرر الحصول على موافقتها بالزواج منها بأي طريقة، حدث نفسه، لا تجعل دموعها تضعفك، فهي لن توافق على الزواج منك الا بهذه الطريقة، أمسك ذراعها وهتف: مش قسوة، بفكر في مصلحة ولادي، لو خرجت من الاوضة دلوقتي قبل ماأسمع ردك، أنسي أنك تشوفي الولاد بعد كده، ثم أولاها ظهره وتحرك ببطء ناحية الباب، داعيا في سره أن تقول نعم، قوليها يازهرة، قبض على مقبض الباب وفتحه وخطى أول خطوة باتجاه الخارج...

صاحت بألم: أنااااا، أناااا موافقة...
تقوس فمه بابتسامة واسعة أخفاها بسرعة ثم التفت لها قائلا بهدوء ظاهري: أنتي كويسة
أستغربت من سؤاله، هزت رأسها: أيوه
_ تقدري تمشي
_ أيوه
تحدث بهدوء: يبقا يلا بينا
مسحت دموعها وقالت بتوجس: يلا بينا فين؟

أجابها قائلا: كام مشوار
سألت بأصرار: مشاوير أيه
أجابها بهدوء: أول مشوار، هنروح على أقرب مكتب مأذون عشان نتجوز، ثم أخرج هاتفه وأتصل بسائقه
وقفت متصلبة مكانها تنظر له بصدمة وجدتها يجذبها من ذراعها قائلا بهدوء: يلا يازهرة
مضت زهرة بذهن مشوش الى الخارج معه، هبطا في المصعد الى الدور الأرضي وخرجا من المستشفى، كان السائق بانتظارهم، فتح لهم الباب، وبمجرد جلوسهم أنطلق السائق، أغمضت عينيها ثم راحت تردد بخفوت: أنا بحلم أنا بحلم
سمع همسها، تقلصت ملامح وجهه بألم وفضل الصمت على الكلام...

توقفت السيارة بعد وقت قصير أمام مكتب المأذون ونزل السائق وبعد عدة دقائق أتى ومعه ثلاث رجال، فتح المأذون أوراقه في السيارة، وبدأ في توجيه الاسئلة التقليديه الى العروس والعريس والشاهدين، ثم وثق الشيخ وثيقة الزواج ثم وقعت زهرة وأكنان والشاهدين، خرج المأذون والشهود ولم يتبقا في السيارة سواهما، أشار أكنان للسائق بالتحرك...

نظرت له بتوهان، كل شيء حدث بسرعة، حدثت نفسها، هل هي أصبحت حقا زوجته، شعرت أنها تعيش حلم مزعج، سألت بصوت مرتعش: هو أحنا كده أتجوزنا...
نظر اليها مليا ثم أجاب برقة: أيوه يازهرة..
عبرت السيارة بوابة حديدية، نظرت من خلال الزجاج تتسائل الى أين ذهب بها هذه المرة...
قال بأكنان بهدوء: ده الملجأ الجديد
رد بلهجة مضطربة: ملجأ أيه
_ ملجأ بديل عن ملجأ الملائكة الصغار
_ هو أنت المتبرع المجهول..

_ أيوه أنا، خليكي هنا في العربية، هدخل لمدام ليلى هكلمها وهاخد منها أياد ووليد، أنا مكنتش مخطط أخدهم دلوقتي خالص، لكن كل حاجة جات بسرعة...
وبعد أقل من نصف ساعة، رأته من على بعد عدة أمتار يحمل كلا الصغيرين في حضنه، والابتسامة تضيء وجوه أطفالها، لمعت عينيها بالدموع وهي تشاهد فرحتهم الغامرة، مسحت بسرعة دمعة فرت هاربه من عينيها عندما أقتربا من باب السيارة، بمجرد دخول الصغيرين الى داخل السيارة، أخذ يقفزان بمرح فوق الكراسي...

هتف أياد بمرح طفولي: عمو هياخدنا نعيش معاه يأبلة زهرة
قال أكنان بهدوء: من يوم ورايح هتقولي يابابا ومفيش عمو تاني، وأبلة زهرة هتقولها ياماما، ووزع نظراته على كلا الطفلين، سمعتوني كويس، أحنا هنبقا ماما وبابا وبس
تقبل ووليد الكلام ببرائة دون تعقيد، هذه الكلمة لا تعني لهم الكثير سوى مجرد كلمة...
هتف وليد وأياد في نفس واحد: بابا أكنان وماما زهرة، ثم القو أنفسهم في حضن زهرة بسعادة...

أياد بمرح طفولي: أنا مبسوط أنك ماما
وليد بابتسامة واسعة: وأنا كمان عشان بحبك، ماما.. وأخذ يكرر كلمة ماما، ماما، أنا بحب أقول ماما، ماما
رقرقرت الدموع في عينيها ثم اردفت بصوت مختنق من التأثر: وأنا كمان بحب كلمة ماما وكان نفسي أسمعها من زمان، ضمتهم بالقرب من صدرها، ضمة والدة غاب ولدها ثم عاد لها بعد غيبة طويلة، ضمت الصغيرين بالقرب من بعض، وأنسابت دموعها الحارة على وجنتيها دون توقف، دفنت رأسها بينهم وانخرطت في البكاء، شعرو بالفزع من بكائها...
نزع وليد نفسه مبتعد شاعرا بالخوف، أما أياد ظل في حضنها وأخذ يبكي هو الأخر...

قال بتأثر: أهدي يازهرة، الولاد أتفزعو منك
قالت من بين شهقات بكائها: بلاش عياط ياأياد، أنا بعيط عشان فرحانة، ومسحت دموعها وأبتسمت لهم: أخر مره هتشوفوني بعيط، أنا دلوقتي فرحانة أوي
توقف بكاء أياد ونظر له بعيون متسعة وقال: وأنا كمان، عشان بحبك أوي
وهتف وليد هو الأخر: وأنا كمان بحبك
شعرت في هذه اللحظة أنها تطفو فوق غيمة من السعادة، بسبب نطقهم كلمة ماما، رأى عينيها تلمع ببريق لامع...
قال برقة: في حد عايزه توديعه..

سألته زهرة: تقصد أيه بكلامك
_ زهرة اللي شايفه دلوقتي قصادي خلاص مش هيبقا ليها وجود، زهرة اللي تحت القناع هي اللي هتظهر للكل بأسم مراتي أم ولادي، كنا متجوزين زمان وسبنا بعض وبعدين رجعنا لبعض، وده هيكون بس الكلام اللي هقوله للكل، أتقابلنا أزاي وليه أنفصلنا، ردنا هيكون دي خصوصيات والماضي شيء وأنتهى...
كانت تكفيها نظرة واحدة لطفليها وهي ترى سعادتهم الا نهائية، فتناست كرهها له وقالت باستسلام: اللي تقول عليه هنفذه، بس قبل أي شيء وديني شقتي الاول، أسلم على ضحى وأهلها، ضحى صحبتي وأكتر من أختي ساعدتني كتير ووقفت معايا وهي خلتني أسكن في البيت عندهم هي الوحيدة اللي عارفة سري وحفظت عليه، طب أهلها أقولهم أيه؟
_ قوليلهم اللي شايفه صح وهيريحك...

توقف بالسيارة أسفل منزلها، ثم قال: أنا هستناكي هنا بالولاد، ومتاخديش أي حاجة من شقتك، أنا هكلف ناس يفضوها ليكي وبعدين تبقي تختاري اللي عايزه تخليه معاكي...
خرجت من السيارة بسرعة حتى لا ترجع في قرارها وصعدت السلالم ووقفت أمام شقة ضحى للحظات وهي تتنفس بحدة ثم طرقت على الباب..
زهرة بابتسامة شاحبة: ضحى جو
ردت أمينة بابتسامة: هتلاقيها في أوضته
_ ممكن أدخلها
_ أدخلي يابنتي من غير أستئذان ده البيت بيتك
_ تسلميلي ياطنط...

طرقت زهرة على باب غرفة ضحى، ثم دلفت مباشرة
ضحى بفضول: يادي النور، مش عوايدك أنتي اللي تطلعي ليا، خير ياست زهرة
زهرة بارتباك لا تعلم من أين تبدأ الحوار: من الأخر كده أن أتجوزت...
أنتفضت ضحى في مكانها، قالت مرددة بذهول: أتجوزتي.. أتجوزتي، دا اللي هو أزاي وأمتى...
زهرة بصوت مخنوق متقطع: النهاردة وبالاصح من ساعة تقريبا...

هزت رأسها بصدمة: أنتي بتتكلمي جد، قولي اللي أنتي بتهزري، أنتي بتهزري صح
ردت نافية: لا مش بهزر، أنا أتجوزت النهاردة، أتجوزت أكنان أبو ولادي
جذبت ضحى ذراع زهرة وأجلستها فوق الفراش وجلست بجواره، ونظرت لها بفضول: أحكيلي كل اللي حصل بالظبط فاهمة يازهرة...
بدأت زهرة في سرد ماحدث وظلت ضحى تستمع فقط دون التعليق على كلامها بأي كلمة...

وعندما أنتهت تنهدت ونظرت الى ضحى قائلة: وبعد رفضي فجأة لقيت نفسي متجوزها، أتجوزته رغم كرهي له، مش عارفة أزاي، همست بشرود، أنا عارفة ليه أتجوزته، عشان ولادي، أول ماقال هياخدهم وهيكتبهم بأسم واحدة تانية، فقدت كل قوتي، وأول ماأخدهم من الملجأ وقالو ليا ياماما، كان قلبي هيطلع من مكانها، حسيت بقلبي هيقف من الفرحة، سالت دموعها على وجنتيها دون أن تشعر، لما سمعت كلمة ماما نسيت كل حاجة، كل حزن وألم عيشته...

ضمتها ضحى وربتت على رأسها بخفة، وقالت بنبرة رقيقة: أنتي نصحتيني كتير يازهرة، وأنا شايفة نفسي في وضع لزم أنصحك فيه، طبعا مفيش عذر لغلطته معاكي دي جريمة، أنا بكرهه أكتر منك بسبب اللي عمله معاكي، لكن بصراحة في غيرك وفي نفس وضعك هما اللي بيحاولو يثبتو نسب ولادهم للأب، أما هو العكس هو اللي عايز ثيبت ولاده ليه، وأنا شايفه دي حاجة كويسة فيه، هو بجوازه منك بيقدملك فرصة العمر، ولادك هيبقا ليهم أب وأم وهيكبرو في حضنك، خلاص يازهرة، أنسي الحادثة، أنسي الماضي، أنسي أنه جوزك، عيشي الحاضر مع ولادك وبس...

مسحت دموعها وتنهدت بألم: وده اللي ناوية أعمله، هنسى عشان خاطرهم وهستحمل، ماأنا ياما أستحملت...
سألت ضحى: ناوية تعملي أيه دلوقتي؟
ردت زهرة: قولي هو اللي ناوي يعمل أيه؟
_ وهو ناوي يعمل أيه؟

_ مش عارفة لسه، الصدمات منه عاملة زي المفاجأت، زي جوازي منه اللي حصل في غمضة عين ثم ضحكت بألم، وبعدين ولادي اللي أخدهم من مدام ليلي بكل سهولة ومن غير أجراءات، وبيقولي أنسي زهرة دي وأرجعي لحقيقتك...
هتفت ضحى بموافقة: أخيرااا يازهرة، هتشيلي تنكرك ده...
نظرت لها نظرة غريبة: هو أنتي كل ركزت فيه أني هشيل وشي المزيف...
قالت ضحى بلهجة رقيقة: هو أنتي مبسوطة بنفسك كده...
_أيوه مبسوطة وأتاقلمت علي شكل ده لحد ماتعودت عليه...

_ أنا بقا مكنتش مبسوطة ليكي، وكنت بقول ده البديل الوحيد قصادك أنك تبقي مجهولة عشان تقدري تعيشي بين الناس من غير ماحد يتعرض ليكي أو يطمع فيكي، عشان تقدري تاخدي بالك من أمك الله يرحمها، بس دلوقتي كل الاسباب دي أنتهت وتقدري تعيشي بشكلك الحقيقي من غير العذاب اللي بتتعذبيه كل يوم لما تخرجي للناس، لازم البروكة واللينسز والفاونديشن اللي بتستعمليه اللي مداري على لون بشرتك، لو رجعتي لحقيقتك هترتاحي من كل التعقيد اللي بتعمليه في نفسك كل يوم، يازهرة أتكلي على الله وعيشي حياتك بقا كأن مفيش حاجة حصلت، وأذ كان عليه هو أعتبريه كأنه مش موجود قصادك، ومسير الأيام هتدواي جرحك
أنسي عشان تقدري تعيشي...

هزت رأسها باستسلام لمصيرها المقدر والمكتوب: أن شاء الله ياضحى، وأهلك ياضحى هقولهم أيه لما أختفي فجأة من حياتهم وفرحك وهو مستنيني تحت مع الولاد في العربية، أول ماخطي برجلي جوا العربية هتكون دي نهاية زهرة اللي شايفها قصادك...
فكرت ضحى للحظات ثم قالت: في موضوع كنت مخبياه عنك، وجاه وقته
سألت زهرة: موضوع أيه اللي كنت مخبياه عني
ضحى بهدوء: بابا باع البيت، وكنا هنعزل لشقة تانية، بس عشان جوازي اللي جاه بسرعة، أجلو العزال لبعد فرحي...

نظرت له زهرة بصدمة: كنتو هتمشو من غير ماتقوليلي...
ردت بلهجة أسف: كنت هقولك، بس قولت بعدين ظروفك مكنتش تسمح لصدمة تانية، كنت والله هقولك...
_ من غير حلفان ياضحى مصدقه...
_ موضوع أهلي وأتحل هما مشغولين في جوازي، ومش هيلاحظو وجودك في البيت، وأنا هبقا أقولهم أي حاجة، ممكن أقولهم أنك طلعلك أهل من بعيد ورحتي تعيشي معاهم بعد مابقيتي وحيدة، وأنتي اللي عليكي تبقي تتصلي بيهم توديعهم وتقوليلهم الكلمتين دول، أما أنا أمري سهل...

_ أزاي بقا سهل، أنتي أكتر من أخت ليا وكان نفسي أبقا معاكي في كل حاجة...
_يااختي أنا مسامحة، كفاية عليا أنك حتحضري الفرح ولبسه فستان شيك وبشكلك الحقيقي، مش شكلك ده اللي كان هيعرني في الفرح، أهو لقيت ميزة في أم الجوازة دي، وضحكت
وكزتها زهرة في صدرها بعنف وقالت: أنا بردو شكلي عرة...

ردت بابستامة خفيفة: أومال شكلك ده أيه، ده أنا بحمد ربنا أني هترحم منه أخيرا بعد سنوات من عذاب التشوه البصري اللي جرالي بسببك، وفكي التكشيرة دي من على وشك، هااا فكي بدل ماالغي جوزاتي من كيمو العسل، كيوووت وراجل أوي وحنيين أوي
صاحت زهرة في وجهها: فووووقي، وبالله عليكي أحلمي بيه في وقت تاني مش ناقصة فقعت مرارة أنا فيا اللي مكفيني...
ضحى بضحك: ياااه عليكي يازهرة قطعتي أفكاري...

نهضت من مكانها: أنا همشي بقا عشان أتأخرت عليهم، وهسيبكم مع أحلامك
قامت هي الأخرى وضمت زهرة وقالت لها بحب: ربنا معاكي يازهرة ويقويكي على الأيام اللي جاية...
همست بدعاء: يارب ياضحى، أنا مش عارفة أحوالي هتكون أيه...
_ كل خير يازهرة، بقولك يازهرة لما تخرجي تبقي تمهدي لماما على موضوع أهلك اللي هتعيشي معاهم، عشان لما أكلمها بعدين يكون عندهم خبر..

هزت رأسها في صمت ثم فتحت باب الغرفة ودلفت الى الخارج، نادى على أم ضحى...
خرجت أمينة من المطبخ وقالت: نعم يازهرة كنتي عايزه حاجة
ردت بابتسامة خفيفة: أيوه ياطنط، كنت عايزه أقولك هسيب الشقة..
أمينة بخضة: ليه يابنتي في حد ضايقك...

ردت نافية: لأ مفيش حد، بس طلعي قرايب من ناحية ماما الله يرحمها، لما عرفو بخبر موتها، صممو أسافر وأروح أعيش معاهم بورسعيد...
_وهتمشي أمتى
_ معرفش أمتى بالظبط، بس خلال يومين بالكتير...
_ طب وفرح ضحى...

_ غصب عني ياطنط، أنا ماصدقت حد من قرايبي يظهر ليا بدل مانا مقطوعة من شجرة، الاهل عزوة، أنا قولت لضحى وهنكون علطول على أتصال مع بعض...
_ عندك حق يازهرة الاهل عزوة...
_ هتوحشوني أوي لما أسافر
أمينة ضمت زهرة وقالت بحنية: وأنتي كمان يازهرة...

أغلقت زهرة الباب خلفها، أغلقت صفحة كانت مؤلمة في حياتها...
أتجهت الى السيارة، فتحت الباب وفتحت صفحة جديدة من حياتها بهوية جديدة، القت نفسها على الكرسي وبمجرد أغلاقها الباب، أشار أكنان في صمت للسائق بالأنطلاق...
وبعد فترة من القيادة توقفت السيارة.. أمام أحدى المولات...

أكنان بهدوء: يلا بينا ندخل المول
وليد وأياد في نفس واحد: في لعب جوا
رد عليهم بابتسامة: في جوا حاجات حلوة كتير...
نظرت الى سعادة أطفالها وأبتسمت لهم، ثم تحركت مع أطفالها الي داخل المول ممسكة بأيديهم برقة، ترك وليد وأياد يدها بمجرد دخولهم، وأخذو يركضون هنا وهناك بمرح...

قالت بهمس: أومال فين الناس
رد بلهجة هادئة: أنا فضيت المكان عشان لما نيجي تعرفو تاخدو راحتكم فيه...
زمت شفتيها بعبوس: وسهلة أنك تفضي مول بالحجم ده في الوقت القصير ده...
رد بلهجة هادئة: سهلة عشان أنا صاحب المول...
هزت رأسها بضيق وتمتمت: أه
ترك الصغار برفقة أحد الحراس يلعبون، وأشار الى زهرة لكي تأتي معه...
وقفت مبهوتة أمام واجهة المحل.. قالت بتردد: وقفنا هنا ليه؟
_ أختاري اللي أنتي عايزه..

_ وأنا مش عايزه منك حاجة
_ وقت الكلام ده فات، أحنا أتجوزنا وأنتي وافقتي هتغيري شكلك ده عشان لما تظهري للكل بشخصيتك الجديدة...
دخلت الى الداخل مضطرة وأختارت ماتريد وعند الانتهاء...
قال أكنان بابتسامة هادئة: يلا بينا
ردت زهرة بسخرية: يلا بينا فين تاني...

تجاهل سخريتها وقال: مركز التجميل، عشان تشيلي كل اللي في وشك ده، وذهب بها الى مركز التجميل وكانت منتظره قدومهم مدام جيجي...
جيجي بابتسامة مرحبة: أهلا بيك أكنان بيه...
أكنان بلهجة عملية: هسيب ليكي زهرة هتقولك على كل اللي هي عايزه...
جيجي بابتسامة: أتفضلي على الكرسي هنا...

تلاعبت يدي جيجي الماهرة في شعرها وأرجعته الى طبيعتها، ثم أنتقلت الى بشرتها، وفي خلال ساعتين أنتهت، نظرت زهرة الى نفسها في المرأة، فلم تصدق مارأت، القناع أختفى، قسمات وجهها كماهي لكنها أصبحت أجمل بكثير عن وهي مراهقة...
هتفت جيجي بذهول: واووو مش مصدقة نفسي، أنتي بقيتي حاجة تانية خالص، هو أنتي كنتي عاملة في نفسك كده ليه...

ردت زهرة بابتسامة خافتة: أصلي كنت في حفلة تنكرية
جيجي بعدم تصديق: حفلة
زهرة بالامبلاة: أيوه حفلة، ثم تركتها وغادرت مركز التجميل...

بحثت عنهم في الخارج لم تجدهم، لكن سمعت صوت ضحكاتهم، أتجهت مسرعة ناحية المصدر، في ملهى الأطفال، كانو يجلسون جميعا فوق الأرجوحة، كانت تدور، وكلما دارت أسرع تعالت أصوات ضحكاتهم، والبسمة تزيين وجوههم، نظراتها تتبعت كل بسمة، كل حركة من أطفالها، لمعت عينيها بالدموع، وحدثت نفسها بأنها فعلت الصواب...

ثم فجأة نظر، ليجد زهرة واقفة على بعد عدة أمتار، لم يصدق عينيه، كانت رائعة، أضاء وجهها نورا زاد جمالها سحرا...
حاول التحكم في أنفاسه المضطربة وعندما توقفت الارجوحة عند الدوران، قد أستعاد تنفسه الطبيعي...
أكنان قال: يلا بينا عشان نروح
كلا الطفلين هز رأسهم برفض قائلين: عايزين نلعب تاني
أكنان بلهجة حازمة: أوعدكم هتيجو هنا تاني، بس دلوقتي هنروح...

أكنان قال بابستامة: يلا بينا بقا على البيت...
عندما حاولت زهرة أمساك يديهم، هتف وليد وأياد: مين دي؟
أبتسم أكنان قائلا: زهرة، ماما
نظرو لها ذهول وقامو بفرك عيونهم: بجد، دي بقت حلوة أوي...
تصنعت الحزن ثم قالت: هو أنا كنت وحشة الأول..
أياد بلهجة طفولية صادقة: أه
_ أنا كده أزعل منك ياأياد
_ وحشة بس بحبك..

أبتسمت على رده البريء: خلاص مش زعلانة، طب وبشكلي ده؟
وليد وأياد في وقت واحد: هنحبك أكتر...
أتسعت أبتسامتها وقالت: باين عليكم هتبقو أشقية لما تكبرو...
ذهب بيهم الى فيلته الخاصة...
في الداخل، الاطفال بمرح: أحنا هنعيش هنا..

هز رأٍسه بخفة: أيوه، وأشار للخادمة، ثم قال: طلعيهم على أوضتهم، يلا ياحبابيي أطلعو شوفو أوضتكم الجديدة...
وعندما ذهبا، نظر الى زهرة التي ظلت واقفة صامته في مكانها، عينيها تتبع أختفاء صغارها...

حاول أخفاء مشاعره لكي لا يخفيها، يكفيه حتى الأن وجودها بالقرب منه، قال لها بلهجة رقيقة: الفيلا دي بتاعتك أنتي والولاد، أنا فيها مجرد ضيف، كل يوم طبعا هجي أقعد مع الولاد شوية وهمشي، المكان هنا في كل حاجة، في خدم وحرس، مش حتحتاجي حاجة خالص، أنا هظبط أموري، وكل الاجراءات بخصوص الولاد، هطلع ليهم شهادات الميلاد، وهشوف ليهم مدرسة، ولما تستقرو هنا وياخدو على الوضع وياخدو علينا، هعطلع أقول للكل عليكم، وأننا أتعرفنا زمان وبعدين أنفصلنا وأنتي كنتي مسافرة وبعدين رجعنا لبعض، وأسم زهرة ده أنسيه، أنا من يوم ورايح هناديكي يازوزو..

همست زهرة بسخرية: في حاجة تاني..
رد أكنان بثبات: لا مفيش، أنا ماشي وأحتمال مجيش بكرا عشان مسافر...
ثم تركها وأستدار مغادرا، تاركا أياها تواجه حياتها الجديدة...

شعرت صفية أنها السبب فيما يحدث لأبنها، وأن السحر أنقلب عليها، ذهبت الي الشيخ فرحات لكي تفك السحر عن زوجته لعل وعسى الله يغفر لها، لكن لم تجده فلقد سافر أحدى البلاد العربية، حاولت الأتصال بيبسان العديد من المرات لكي تأتي لرؤية زاهر، لكنها رفضت المجيء...

صفية بغضب والدموع تنهال على وجنتيها: أنتي السبب، أنتي اللي دلتيني على طريق الشيخ ده، أعمل أيه دلوقتي بعد ماسافر ومعرفش طريقه فين، أفك السحر عن مراته أزاي
سعدة بارتباك: معرفش، طب خليها تيجي هنا، ونخلي أي شيخ يريقها، ويفك السحر عنها..

صفيه ببكاء: هي مش عايزه تيجي، ماهي بس لو جيت، هجيب ليها شيخ من اللي بيفكو السحر، يفك السحر اللي عملته ليها، كل جاه على أبني، أاااه يابني، أاااه ياحته من قلبي، وقامت باللطم على صدرها، أاااه يابني، أنا السبب
قالت سعدة بتوتر: هيقوم ياستي ويخف
نظرت لها صفية بعضب: مش عايزه أشوف وشك خالص قصادي، أطلعي برااااا
هرولت سعدة الى الخارج بسرعة...

ذهب كريم لمقابلة بيسان عندما علم من أكنان ماحدث لزاهر، وتصميم بيسان على البقاء بعيدة عنه...
في داخل غرفتها...
كريم باستفسار: ممكن أعرف أيه اللي حصل معاكي يابيسان، مش ده زاهر اللي كنتي هتموتي عليه عشان تتجوزيه، أزاي تسيبيه لوحده في المستشفى من غير ماتكوني معاه...

بيسان بحدة: هو مال الكل عليا ليه، هااا، أنا مش عايزه أقعد هناك، لمعت عينيها بالدموع وهي تتكلم، ليه الكل مغلطني، أنا بتخنق هناك، بحس أني بموت، ولسه بتخنتق، أنا تعبت ياكريم أنا حسه أني بموت بالبطيء، وأخذت تصيح بانفعال، تعبت، تعبت
كريم بلهجة يشوبها القلق: طب أهدي، يابيسان...

بيسان بصياح والدموع تنهمر من عينيها: أنا تعبت، وأمشي من هنا..
كريم أنصدم من رؤيتها هكذا، ثم خرج مسرعا من غرفته لكي يتصل بالطبيب، بمجرد خروجه رأى جيلان أمامه
جيلان بقلق: هي طردتك أنت كمان...
كريم بسؤال: هي بتعمل كده مع الكل..

هزت جيلان رأسها في صمت: وحتى مع باباها طردته، من اليوم اللي جيت فيه وهي حبسه نفسها في أوضتها ومش بتخرج منها، لو حد داخل ليه تصرخ في وشه وتعيط، حاولت أنا وباباها نخرجها من أوضتها معرفناش
_ الوضع ده ميتسكتش عليه...
_ أنا حاولنا معاها كتير اليومين اللي فاتو وفاشلنا
_ أنا هتصل بالدكتور عزت يجي يكشف عليها
_ أتصل ونعرف منه ايه اللي عندها.

بعد مرور بعض الوقت وهو يحاول أقناعها بضرورة الكشف
بيسان بضيق: هتسكت وهتمشي لو وافقت يكشف
كريم بابستامة متوترة: أيوه وهمشي علطول
هزت رأسها بيأس: خلاص خليه يدخل
هتف كريم من مكانه: أدخل يامعتز...

قام معتز بالكشف عليها وعندما أنتهى قال بهمس لكريم: أنا كشفت عليها معندهاش أي حاجة عضوية، مفيش أي حاجة، بس هي في منتهى العصبية والتوتر، محتاجة تخرج وتغير جو، ولو الوضع ده أستمر كتير ومش أتحسنت يبقا محتاجة تروحو بيها عند دكتور أعصاب يديها حاجة مهدئة تريحلها أعصابها...
تمتم كريم: هنشوف بس هي توافق الاول، شكرااا يامعتز...

جيلان سألته كريم بمجرد خروجه من الغرفة: مالها ياكريم
_ معتز قال معندهاش أي حاجة عضوية، والموضوع في الاساس نفسي ومحتاجة تغير جو، حاولي تقنعيها على أد ماتقدري ياجوجو تخليها تخرج...
_ ححاول ياكريم...

مرت الأيام سريعا، بالنسبة لضحى كانت مليئة بالمشاوير التي لا تنتهي، فكريم قام بشراء فيلا لهم، لكي يعيشون فيها خلال الفترة التي يتواجدون بها في بمصر، وكانت الفيلا تقوم بتجهيزها على ذوقها، وزهرة تتصل بيها يوميا لمعرفة أخر تطورات الزفاف...

، زهرة كانت تتجاهل أكنان بمجرد وصوله إلى الفيلا تختفي تماما من أمامه، هو لم يحاول اجبارها على اي شيء.. يريد أن تتعود على وجوده أولا، مع الوقت سيكون كواقع بالنسبة لها
وكان دائم الانتقال بين الإسكندرية وأسوان للأطمئنان على زاهر الذي مازال في غيبوبته حتى الأن، حاول اقناع أخته كثيرا لكي تسافر معاه لكنها كانت تقابل سؤاله بالرفض التام
وبيسان مازالت منطوية في غرفتها بالرغم من توسلان جيلان ووالدها لها، ونادرا ماتخرج للجلوس في حديقة الفيلا...

يوم الزفاف
طرقة على الباب أجفلتها من شروها، فقالت بوهن: مين؟
أتاها من الخارج صوت كريم: أنا
هتفت بيسان: ادخل ياكريم
كريم بابتسامه: انتي عارفة ان النهاردة فرحي وسمعت إشاعة انك مش هتروح...
بيسان بصوت حزين: أنا تعبانة بجد ياكريم، معلش مش عايزاك تزعل مني عشان مش هروح، أنا لو روحت الفرح هكون كئيبة، وكمان بص لشكلي هروح أزاي بالمنظر ده...

كريم بابتسامة هادئة: أنا عملت حساب كل حاجة، وجبت معايا فستان ليكي على ذوقي...
قابلت الحاحه بالرفض التام، قالت بحزن لرفضها: معلش ياكريم بلاش تضغط عليا، ومش عايزاك تزعل مني
قال بلهجة قلقة وهو يرى شحوب وجهها ونحول جسدها: عمري ماهزعل منك، بس اوعديني انك تروحي تكشفي على نفسك وانا مش هزعل
قالت بابتسامة لاحياة فيها: حاضر ياكريم هروح اكشف..

_وعد
_وعد ياكريم
ثم انصرف كريم مغادرا وقال لنجم وجيلان: مش عايزه تخرج، بس وافقت انها تكشف...
نجم بقلق: من بكرا هاخدها المستشفى بنفسي

أمينة بدعاء: كن يالله مع بنتي، وأفتح ليها أبواب الخير..
طرق باب غرفتها ودخل حسام: يلا هتأخرينا ياحاجة، بابا مستني تحت وكمان العربية وصلت تحت هتوصلنا على القاعة
أبتسمت وقالت: أنا جاهزة...

في قاعة الفرح، كان الجميع سعيد، كانت زهرة متواجدة بصفتها زوجة أكنان نجم، أندهش الجميع من وجود زوجة له وقد ظهرت من العدم في يوم وليلة، حاول كريم سؤاله عنها، لكنه حاوره في الكلام ولم يأخذ منه جملة مفيدة، نجم وجيلان أنصدمو من وجود زوجة له، ومن حاول سؤاله عن أي شيء كان غامض في أجابته، فالوقت لم يحن حتى الأن للأعلان الرسمي، نيروز والدة كريم كانت حاضرة في أبهى زينتها اما والده لم يحضر مدعيا أنشغاله...

الفرح كان جميلا كالحلم الوردي، كريم أهتم بكل التفاصيل، كان عروسين في منتهى السعادة، بعدها بساعات أنصرفا من القاعة، وفي داخل الفيلا، تنفست ضحى براحة وقالت له: الكعب العالي هيموتني
نظر لها ببتسامة متلاعبة: أوعي تكوني عايزاني أشيلك زي الأفلام لحد أوضة النوم، ده أنتي بتحلمي لو فكرتي أني ممكن أعملها وأشيلك، أخاف على العمود الفقري في ليلة زي دي، تبقا نكسة لو جراله حاجة...

ضحكت بصوت مرتفع: كل ده عشان قولت رجلي واجعني، أومال لو قولتلك شيلني، هتعمل أيه؟
شاركها الضحك ثم قال: أنتي بس قوليلي شيلني وأنا أمري لله هشيل، هو أنا أطول أشيل، بس مقولتيلش هو الوزن كام عشان أطمن على العمود الفقري يطلع سليم...
دفعته بكف يديها برفق في صدره وقالت معاتبة وهي تضحك: فين الجنتلة والتربية الامريكاني، في حد يسأل بنت كيوت زيي وفي ليلة فرحها عن وزنها، سؤال الوزن هنا في رقاب بتطير...

وضع يده على رقبته مدعي الخوف: أااه يارقبتي، خلاص متزعليش وسؤال الوزن وساحبته، هااا لسه عايزاني أشيلك زي الأفلام...
هزت رأسها على أستيحاء وهمست بخجل: أيوه
حملها على ذراعيه، ودخل بها الى غرفة النوم، أبتسمت له فقد تحققت أمنية أن يحملها زوجها وحبيبها في ليلة عرسها، بمجرد فتحه باب الغرفة، شهقت في سعادة، فالغرفة مزينة كما كانت تحلم، الفراش عليه وريقات الورود الحمراء على هيئة قلب وأرضية الغرفة أيضا مغطاة بالورد والشمع المعطر يضيء الغرفة برومانسية حالمة...

سألها بترقب: عاجبتك زينة الأوضة...
قبلته بخجل على خده وقالت له: طبعا عاجبتني، كأنك قريت كل اللي نفسي فيه يوم فرحي، وضحكت بخفة، معظم اللي كنت بحلم بيه أتحقق...
سأل بفضول: وباقي الأحلام
همست بضحك: هتعرفهم بعدين، نزلني بقا
أبتسم وقال لها: لسه، أقترب من الفراش ثم أجلسها على مقدمته، وأرتكز على كلتا ركبتيه، وأخذ يتأمل ملامح وجهها بحب..

بصوت مبحوح من شدة خجلها: أنت هتعمل أيه
غمز لها والابتسامة تزين وجهه الوسيم: طبعا هقعلك الجزمة اللي وجعة رجلك، أومال كنتي فاكراني هعمل أيه، أاااه من بنات اليومين دول اللي دماغهم بتروح شمال...
دفعته في كتفه وهتفت بارتباك: كريم بطل
قال بابتسامة: حاضر ياقلب كريم، ممكن خمس دقايق من وقتك الثمين عشان أقلعك الجزمة...

هربت ضحكة خافتة من بين شفتيها: خمس دقايق، ليه كل ده؟
غمز لها بمكر: بلاش السؤال ده.. ثواني وهتعرفي ليه الخمس دقايق، أحنى رأسه وفي ثواني نزع الحذاء، ثم رفع رأسه وقال بابتسامة: تمت المهمة بنجاح
أبتسمت له بخجل: على فكرة أنت ضحكت عليا وقلعتني الجزمة بسرعة...
رفع أحدى حاجبيه وأبتسم له: دماغك بقت على فكرة شمال...

قالت بعتاب: هزعل ولوحت بأبهامها تجاه وجهه، هزعل منك...
قضم أصبعها بخفة، وهمس بحب: وأنا مقدرش على زعلك
همست ضحى بنعومة: وأنا كمان، هدخل الحمام هغير فيه الفستان...
_ روحي وأنا هستنا هنا...
دخلت الى الحمام وأبدلت ملابسها وعندما خرجت وجدته جالس على الفراش، أشار لها بالاقتراب، جلست بالقرب منه في صمت، كانت في يديه فرشاة الشعر..

قالت بخجل: هتعمل أيه
رد بابتسامة عذبة: هسرحلك شعرك، وراح يتأملها بحب
أحنت رأسها فلم تقدر على مواجهة نظراته، وهو يمشط شعرها أغدقها بكلمات الحب والغزل التي جعلت قلبها يدق بسعادة هائلة لم تشعر بها قبل الأن، أرتعش قلبها بخجل وهي تسمع كلماته، رفع يديها وقبل باطن كفها، رفع رأسها وأطال النظر داخل عينيها وهمس برقة: أنتي فيكي شيء مميز مخليني مشدود ليكي قوي، لدرجة أني مش قادر أقاومك أكتر من كده، أخذ ينظر لها كأنها أجمل شيء رأته عينيه، أجمل نساء الكون...

أحست ضحى بفرحة غامرة وهي تراه ينظر لها كأنها شيء ثمين بالنسبة له...
أحتضنه برقة، أرتعشت بين يديه، فسألها بقلق: مالك ياضحى، في حاجة تعباكي...
ردت عليه بلهجة متوترة خجلة: لا مش تعبانة..
قال برقة: أنتي خفتي مني..

أجابتها برفض: لا طبعا، بس أي عروسة طبيعي بتبقى قلقانة في اليوم ده...
نظر طويلا داخل عينيها بحب: بس لو الاتنين بيحبو بعض يبقا مفيش داعي للقلق، وأنا بعشقك
أبتسمت له بخجل ثم همست: أنا أسعد أنسانة عشان أتجوزتك...
ضمها اليه بحب وطبع قبلة رقيقة على جبينها، وزاد من أحتضانه لها...

أسدل الليل ستاره على العشاق، الا من ضوء القمر يزيد بهاء ليلتهم جمالا، حتى أصبحت زوجة الرجل الذي عشقته بكل جوارحها...
في الصباح أستيقظ على رنين الهاتف المتواصل، نظر الى رقم المتصل وعقد حاجبيه بعبوس، نظر له فوجدها لازالت نائمة، فنهض من فوق الفراش بخفة وأتجه الى الشرفة للتحدث لكي لا يقلقها في نومها...

أستيقظت ضحى بمجرد تركه الفراش، أسندت رأسها على الوسادة ونظرت باتجاه الشرفة وهي تبتسم بسعادة، كريم كان في منتهى الرقة وتفهم خجلها وتعامل معاها بلطف
فاقت من شرودها مفزوعة على صوت صياحه: وده حصل أزاي...
دخل الى الشرفة مسرعا، فسألته بقلق: في إيه...

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 4 من 12 < 1 5 6 7 8 9 10 11 12 > الأخيرة





الكلمات الدلالية
رواية ، زهرة ، ولكن ، دميمة ،











الساعة الآن 04:52 PM