رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد الفصل الرابع
أتى الصباح حاملا معاه أمالا جديدة وأملا في محو الأم القلب، جفاه النوم طوال الليل، أول ماأخبرته كاترينا بقدومها وبمجرد نطق أسمها، أنبعث في قلبه خفقان وأضطراب خفيف، حيث كانت حياته في الواقع خالية من الحب، وشعر بنشوة رائعة ثم لسعته حسرة أليمة عندما تذكر فعلته الشائنة...
خرج من غرفته مسرعا باتجاه المطبخ، رأها واقفة أمام الموقد معطيه له ظهرها، تقوم بأعداد الأفطار، ظل يحدق بها في صمت، حائر الفكر، مرتبك، مهتز المشاعر، كل أفكار الليلة الماضية وقرار المواجهة ذهبت أدارج الرياح، لا يعلم في هذه اللحظة ماذا يريد منها... شعور غير مرئي جعلها تشعر بأن هناك عيون تراقبها، التفتت فرأته واقفا ناظرا لها بعيون شاردة، حاولت أن تتجاهل نظراته والعودة الى ماكانت تفعله، لكنها لم تفعل، أنتبه لها، نظراته قابلت نظراتها الحائرة...
وبعد صمت قال: عايز فنجان قهوة سادة ردت بتردد: بس حضرتك ولا مرة شربتها سادة نظر لها بتركيز وعينين لا تتحرك قيد أنملة من على وجهها: مزاجي النهاردة أشربها سادة تعثر لسانها وهي تقول: دقايق أكون عملت الفطار لحضرتك، وبعدين هعمل القهوة بنظرات لا تحيد عن وجهها: ماشي وأنا هستنى، جذب كرسي الطاولة وجلس عليه، أنا هفطر هنا النهاردة نظراته جعلتها تشعر بالانفعال والضيق، قالت: دقايق والفطار والقهوة يكونو قصادك..
تحدث بهدوء مميت: فطرتي نظرت له بحيرة: لا لسه مفطرتش _ يبقا اعملي حسابك في الفطار معايا _ ميصحش حضرتك _ اللي أقول عليه يتنفذ _ بس أنا مش جعانه ردد مكررا بحدة: اللي أقول عليه يتنفذ..
ردت بتلعثم: حاااضر، ثم أعطته ظهرها، وأكملت ماكانت تفعله، حدثت نفسها بحزن، مش كفاية أمرني أجي النهاردة الشغل عنده، بنأدم ميعرفش الأصول، كان المفروض يراعي ظروفي ويديني أجازة، ميعرفش الرحمة، هزت رأسها بحيرة، أنتي كده بتظلميه يازهرة، أزاي معندهوش رحمة وهو واقف معاكي وفضل جنبك طول فترة مرض مامتك، ماهو كان كويس معايا، طب أيه اللي غيره مرة، أيه اللي حصل؟، ممكن يكون بسبب رفضي أعيش هنا، يمكن كلام ضحى صح، لا ده أسمه جنون، مستحيل طبعا، أكيد في حاجة تانية غيرته وأنا مش عارفها.
وفي غرفة ناصر وصفية تحركت ذهابا وأيابا في الغرفة بعصبية نهض ناصر جالس فوق الفراش، وقال: مش معقولة ياصفية من الفجر وأنتي واخدة الاوضة رايحة جاية، في أيه لكل ده ردت بضيق: أنا مخنوقة أوي ياناصر تحدث بهدوء: ماأنا عارف، مش محتاجة تقوليلي، أنا صحيت من النوم وفوقت ليكي، قوليلي بقا أيه اللي خنقك شبكت كلا كفيه في بعض وهي تقول بتلعثم: زاهر منزلش يتعشى معانا أمبارح مع أني قولتلو بنفسي ينزل يتعشى معانا هو ومراته...
أنفرجت شفتيه عن أبتسامة وضحك قائلا: طبيعي أنه مينزلش، أنتي نسيتي أنه لسه عريس ردت بانفعال: بس أنا قولت ليه بنفسي، ينزل هو مراته يتعشو معانا، وهو طنشني، ياخسارة تربيتي ضحك ناصر: بتغيري ياصفية ردت بعصبية: طبعا لأ، وهغير من أيه ناصر بابتسامة: ماهو مفيش غير أجابة واحدة لعصبيتك الزيادة اللي ملهاش مبرر غير كده، أنك بتغيري صفية بانفعال: أنا مش غيرانة بس زعلانة أنه طنشني ومنزلش على العشا..
ابتسامته أختفت، وقال برقة: عريس ابنك عريس وطبيعي أنه مينزلش ويفضل في أوضته، وغمز لها بمكر، باين عليكي نسيتي أول أيام جوزانا مكناش بنخرج من أوضة النوم... أشتعل وجهها بحمرة الخجل، تمتمت بتلعثم: يوووه عليك ياناصر، هو ده وقته الكلام في الموضوع ده نهض ناصر من فوق الفراش واقترب من زوجته، هامسا بحب بالقرب أذنيها: لسه لحد النهاردة وشك بيحمر، أحاط خصرها بذراعيه، مفيش غير أنسب من ده وقت عشان أقول الكلام ده، تعالي نعيد أمجاد زمان..
تحدثت بارتباك: أعقل يارجل ده أنت كلها كام شهر وتبقا جد، أحنا خلاص كبرنا على الدلع ده غمز لها مبتسما: أنا بقا لسه شباب وهعيد أمجاد زمان مرة وقت طويل منذ أن شعرت بالارتباك من كلام زوجها، شعرت في هذه اللحظة أنها رجعت فتاة شابة... نظرت له بحب: مش أنت لوحدك اللي لسه شباب رمقها بنظرات خاصة محبة: تعالي بقا عشان نعيد أمجاد زمان
كانت واقفة بالقرب من النافذة، تتنفس نسيم الهواء، فهي عندما أستيقظت لم تجد زاهر بجوارها، تلمست بدون وعي خاتم زواجها، ثم أبتسمت عندما أمتلأ عقلها بالأحداث المثيرة في الساعات الماضية... تقدم زاهر حاملا صينيه الأفطار، أستدرات له وجهها يشوبه الخجل...
نظر لها ولاحظ أحمرار وجهها، وبصوت أجش: صباح الخير، أنا قولت زمانك جعانة، تأملها بنظرات عاشق لم يرتوي ظمأه أخذ قلبها يخفق بسرعة من نظراته له، حركت يديها بعصبية وقالت بخجل: ده أنا هموت من الجوع، ثم حاولت أمساك الصينيه، فقام بأبعادها عن مجال يديها... سألت بيسان مستفهمة: ليه؟
ابتسم لها بمكر: المقابل الاول بيسان بعدم فهم: مقابل أيه مش فاهمة بابتسامة متلاعبة: مقابل الفطار بتاعك _ أنت بتتكلم جد _ طبعا _ وأيه نوع المقابل اللي أنت عايزه عشان تخليني أفطر رأت نظراته الراغبة، هتفت بخجل قائلة: أاااه، لا مفيش عشان أنا بجد جعانة قال بنبرة رقيقة: أمري لله... تناولا وجبة الافطار في هدوء نسبي، لكن نظراتهم المتبادلة قالت الكثير والكثير، نظرات عاشقة راغبة تقابلها نظرات محبة خجولة...
أستيقظت من نومها مفزوعة، هتفت بصوت مسموع: قل أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وشر عباده ومن همزات الشياطين، عندما انتهت اخذت تتنفس بعمق، جلست فوق الفراش، تمتمت بخفوت: خير اللهم اجعله خير، شعرت بجفاف في حلقها، مدت يديها فوق الطاولة وامسكت دورق المياه لكي تصب المياه في الكأس، لكنها وجدته فارغ، تأففت بصوت مسموع: أنا كنت مليها قبل مانام، أكيد القردتين بنات بنتي فضوه، خرجت من غرفتها باتجاه المطبخ لتروي عطشها، بمجرد أقترابها من المطبخ، رأت أبنتها خارجه منه، لفت نظرها شيء يلمع في يديها.. ولما ركزت نظراتها، رأت يديها ممسكة بالسكين...
وصلت بقربها بسرعة، سألته ابتسام بقلق: هتعملي ايه بالسكينة على الصبح يارشا رشا بلهجة مضطربة: هعمل بيها حاجة ابتسام مكررة: حاجة ايه؟ ردت عليها بلهجة منفعلة: مانا قولتلك أي حاجة، ثم تركتها متجهة إلى غرفتها ظلت ابتسام في مكانها لعدة ثواني، شعرت بإحساس غير مريح.. تذكرت الكابوس.. ذهبت مسرعة إلى غرفة ابنتها وبدون الطرق على الباب دلفت إلى الداخل، اتسعت عينيها برعب عندما رأت ابنتها، ترفع السكين باتجاه معصم يديها...
هرولت إلى ابنتها وهي تصرخ: بلاش يارشا نظرت لها رشا بعيون زائغة وقالت باضطراب: الحياة مبقاش ليها لزمة بعد ماطلقني... أمسكت ابتسام يديها الممسكة بالسكين صاحت بصراخ: الحقني يامعتز.. معتززززززز الحقني بسرعة أخذت رشا تقاومها بعنف وابتسام متشبثة بكلتا يديها بيد ابنتها الممسكة بالسكين صرخت بصوت هستيري: سيبي أيدي، أنا مش عايزه اعيش وهعيش لمين؟
ابتسام اخذت تصرخ وتبكي: عيشي لبناتك، حرام اللي هتعمليه في نفسك أتى معتز مهرولا إلى غرفة رشا بسبب صياح والدته المستمر، عندما رأى المشهد الواقع أمامه.. في خلال خطوتين كان بينهم وفي لحظة وبحركة مدروسة لوى ذراع رشا ونزع منها السكين حاولت استرجاع السكين، صرخت بجنون: عاااايزه اموت... كبل كلتا يديها خلف ظهرها، ثم قال: اتصلي بدكتور خالد، قوليلو يجي بسرعة...
وضعت زهرة صينية الافطار فوق الطاولة، وعندما انتهت من ترتيب الطعام ظلت واقفة في مكانها... نظراته كانت مثبته عليها، قال بنبرة حازمة: أقعدي _ ميصحش انا شغاله عندك _وأنا اللي بقولك اقعدي أحضرت طبق خاص له ووضعته فوق الطاولة ثم جذبت كرسي وجلست عليه وهي تشعر بالضيق بالأضافة إلى إحساس مبهم بالخوف... بلهجة إمرة: هتبصي لطبقك كتير..
زهرة بلهجة حزينة: بس أنا مليش نفس قال بأصرار: اعتقد ابسط حاجة تردي بيها جمايلي عليكي انك تسمعي كلامي اتسعت عينيها بحزن وهى تسمع كلامه، تمتمت بخفوت: حاضر ساد الصمت بينهم، لقيمات الخبز طعمها كان كالعلقم، ابتلعته بصعوبة، شعرت انها سوف تختنق، وهو أيضا واجه صعوبة في تناول الطعام، أدعى أمامها انه مستمتع بما يأكله...
تنهدت زهرة براحة بالغة عندما انتهت، قالت: هقوم اعمل لحضرتك القهوة، أشار لها بالنهوض، وهي واقفة خلف موقد الطهو، شعرت بأنفاسه خلفها مباشرة، اهتزت اعصابها، التفتت لها وقالت: حضرتك عايز حاجة... ظل صامتا للحظات، حائرا، مفكرا كيف يتخلص من شكوكه، طرأت فكرة بداخل عقله لفتح مجال للكلام...
تصنع رؤية خصلات شعرها الحقيقية، اقرن القول بالفعل، مد أصابع يديه وسأل: إيه الكام الخصلة الدهبي اللي نازلين على جبهتك رجعت تلقائيا إلى الخلف مضطربة من لمساته.. ومع رجوعها للخلف امسك شعرها المستعار جاذبا أيه... أتسعت عينيها بالصدمة وهي ترى شعرها المستعار بين يديه.. نظرت له بعجز... سأل أكنان مكررا سؤاله عندما ظلت صامته: أيه ده، ماتردي عليا، أنتي لبسه باروكة ليه...
أستعادت أعصابها بصعوبة، هتفت في وجهه قائلة: أنا حرة، ألبس باروكة ولا ملبس، دي حرية شخصية نظر لها بتركيز: لأ مش حرة، لما تخفي شكلك الحقيقي تحت منظرك ده وتبقي شغالة عندي يبقا مش حرة... ردت بلجلجلة: تقصد أيه بكلامك رد بهدوء مميت: أنت مش لبسه باروكة وبس، أنتي مغيرة شكلك خالص، أنتي مغيرة لون عينيكي وكمان لون بشرتك...
فركت أصابع يديها بتوتر وبلهجة مضطربة: أنا حرة _ لأ مش حرة، ده أسمه نصب، لما تشتغلي عندي ومتخفية في شكل مش شكلك يبقا أسمه نصب، ودي جريمة وليها عقاب، حدث نفسه.. هي لو تعرفه وبتمثل وهددها بالسجن، تهدديه ليها هتخليها تنطق بالحقيقية _ تقصد أيه بكلامك؟ هو أنت ممكن تسجني..
هز كتفيه بخفة وسأل باستجواب: ممكن أه وممكن لأ، لو قولتي الحقيقية، مش هبلغ عنك أنك بتنصبي عليا... لمعت عينيها بدموع القهر: أاانا، أنا والله مش بنصب عليك سأل بأصرار: أومال عاملة في نفسك كده ليها، ليه متخفية في شكلك ده، هربانة من أيه؟، عملتي أيه؟ ولا عايزه تعملي أيه؟ ردت ببكاء: والله ماعملت حاجة غلط عشان أهرب منها، أنا عاااملة في نفسي كده عشاااان تقطع صوتها وهي تتكلم سأل بألحاح: قوليلي الحقيقية يازهرة وأنا هسيبك في حالك، أنا مبحبش حد يضحك عليا غصت بالبكاء وقالت: أنا مقصدش أضحك عليك...
_ جاوبيني بصراحة يازهرة وأنا هسيبك في حالك ومش هسألك تاني، ليه واحدة جميلة زيك تخفي جمالها في شكل مش حلو _ عشان جميلة، جمالي كان بلاء ليا، كان مطمع للكل، وملقتش قصادي غير كده عشان أعيش بأمان أنا وأمي بعد وفات بابا.. أنا مريت بتجربة قاسية وأكتر من تجربة بسبب جمالي ده، أنا أتسجنت في يوم من الايام بسبب غيرة صاحبتي، هزت رأسها بعنف اللي كنت فاكرها صاحبتي، أتهمتني بالسرقة عشان غيرانة مني وأن أحمد فضلني عليها وبسبب سجني والدي مستحملش ومات، جمالي كان بلاء، أنهمرت دموع الالم على وجنتيها، وهي تستعيد ذكرياتها المريرة، نظرت له برجاء، أنا مش حرامية، فاكر أحمد يوم العزا، لما قال حقيقيه اللي حصل وبرائني قصادك من السرقة، وأن رشا مراته هي السبب هز رأسه قائلا: أيوه فاكر..
زهرة بألم: أنا أتظلمت كتير والدنيا جات عليا كتير، الله يخليك متجيش عليا أنا كمان، متبقاش أنت والدنيا عليا، أنا اللي خلاني أعمل كده، أنا بقيت وحيدة وجمالي كان بلاء ومطمع للكل، قولت لنفسي مفيش غير كده عشان أعرف أرتاح من الناس ونظراتهم ليا، أعرف أعيش بينهم من غير ماكون مطمع ليهم، عشان جاه في يوم كرهت شكلي ده، فاهم يعني أيه تكره تبص لشكلك في المراية، تكره الوش اللي أتخلقت بيه، وتتمنى الموت، ملقتش قصادي غير كده عشان أعرف أعيش...
شعر بوخز حاد في قلبه، لرؤيتها هكذا، فهو أيضا تسبب في عذابها، أغمض عينيه متألما، وحدث نفسه، لماذا لم تعرفه، مالسبب لعدم تذكره، هل من الممكن أن تكون نسيته، هز رأسه بعنف، لكنها كانت واعية عندما تكلمت معه، وعرفته على أسمها وهي تبتسم قائلة زوزو، أنا أديتها سبب أنها تتكلم، ليه فضلت ساكته، وقالت أنها تعرفني، أنا تعبت معاكي يازهرة، ومادام عايزه تفضلي ساكتة، أنا كمان هفضل ساكت لحد ماتأكد أذ كنت عارفني ولا لأ...
سألت بصوت مبحوح حزين: مليش خلاص شغل هنا رد بحدة: ومين قال ملكيش شغل هنا، أنتي هتفضلي شغالة... ردت بقهر: بس أنا تحدث بعناد: من غير بس يازهرة، أنا بصراحة مقدرش أستغنى عنك نظرت له بدهشة: نعم رد بابتسامة: قصدي مقدرش أستغنى عن فنجان قهوتك، بقيت مدمن قهوتك ومفيش حد بيعملها زيك..
وأنتي هتسمعي كلامي وهتفضلي هنا وأنا مش هكلمك في الموضوع ده تاني، كأنه محصلش من الأساس، وروحي أعملي فنجان قهوتي عشان دماغي هتنفجر من الصداع وبلاش أنتي تجيبه.. أبعتيه مع كوكو وخدي بقيت اليوم أجازة هزت رأسها بالأيجاب: حاضر...
أتى كريم الى شقة أكنان، وفي داخل غرفته كريم باستفسار: قولي بقا عملت أيه في الصفقة بتاعت أيلون أجاب بلامبالاة: معملتش حاجة، بتفرج وبضحك في السري على اللي بيعمله شهاب كريم بضيق: ماهو لو كانت وصلتك أخر الأخبار مكنتش قولت كده تحدث بهدوء: وأيه أخر الأخبار..
_ فرح شهاب ودينا كان النهاردة وعزم أيلون ومراته على الفرح، وسمعت شوية كلام أن موضوع الصفقة بينهم بقا جدي، ماتعملي زي لو حتى تمثيل وروح أتجوز زيه وبعد ماتاخد الصفقة طلقها... فجأة لمعت فكرة داخل عقله، نهض من مكانه بحدة، ناظرا الى كريم بابتسامة خافتة: صدق فكرة نهض كريم هو الاخر مستفهما: فكرة أيه؟
رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد الفصل الخامس
((صغيرة كنت أستعجل الأيام كي أكبر، والان أتوسل الأيام أن تعيدني حيث طفولتي وتنساني هناك)) أتى كريم الى شقة أكنان، وفي داخل غرفته كريم باستفسار: قولي بقا عملت أيه في الصفقة بتاعت أيلون أجاب بلامبالاة: معملتش حاجة، بتفرج وبضحك في سري على اللي بيعمله شهاب كريم بضيق: ماهو لو كانت وصلتك أخر الأخبار مكنتش قولت كده تحدث بهدوء: وأيه أخر الأخبار _ فرح شهاب ودينا كان النهاردة وعزم أيلون ومراته على الفرح، وسمعت شوية كلام أن موضوع الصفقة بينهم بقا جدي، ماتعمل زيه لو حتى تمثيل وروح أتجوز وبعد ماتاخد الصفقة طلقها...
فجأة لمعت فكرة داخل عقله، نهض من مكانه بحدة، ناظرا الى كريم بابتسامة خافتة: صدق فكرة نهض كريم هو الاخر مستفهما: فكرة أيه؟ رد بابتسامة متلاعبة: هتجوز نظر له فاغر الفاه: أنت بتقول أيه؟ اللي سمعته ده صح.. أنت بجد ناوي تتجوز... تحدث بهدوء: أيوه كريم مستفهما: ومين بقا سعيدة الحظ اللي وقع عليها الأختيار..
ظل صامتا لعدة ثواني، ونظر الى كريم بثبات قبل النطق بكلماته: زهرة.. هتجوز زهرة أنتفض في مكانه من صدمة ماسمع، قال برفض: ده بجد ولا هزار _ ومن أمتى أنا بهزر.. أنا قررت وأنت السبب أن فكرة الجواز تطق في دماغي دلوقتي _ وملقتش غير زهرة، في رجال أعمال كتير يتمنو يناسبو أكنان نجم، مفيش غير زهرة الخدامة، زهرة الوحشة هتف في وجهه بحدة: أول مرة وأخر مرة تغلط فيها ياكريم، نظر له بتهديد، فاهم ياكريم أخر مرة، زهرة هتكون مراتي...
أندهش من رد فعله الحاد وقال بلوم: أنت بتزعقلي عشان بقولك أنها مش مناسبة ليك... أكنان بلهجة قاسية: بلاش ياكريم، زهرة خط أحمر... تنفس كريم بعمق وحاول التكلم بالمنطق: اللي شايفة من أنفعالك عليها، أن الموضوع ملهوش علاقة بالصفقة، وكأنك مصدقت أفتح الكلام في الجواز عشان تقول هتجوزها، أحنا أكتر من الاخوات يأكنان وعايز مصلحتك، ليه زهرة بالذات، مع أنها، من غير ما تتنرفز عليا تاني، مع أنها مش حلوة وأنت قصادك بنات ولا ملكات الجمال، ده غير المستوى الاجتماعي، أيه الحكاية بالظبط؟ وليه زهرة بالذات...
أجابه بذهن شارد: أول مرة شوفتها أول مرة أسمع صوتها، تنهد بعنف، أه من صوتها لمس كياني من جوا ومكنتش أعرف ليه، حسيت بأحساس خفي بيشدني ليها، بالرغم أن شكلها كان تحت العادي ومفهوش شيء ملفت، حسيت برباط وهمي بيشدني ناحيتها، معرفتش في الاول أحدد ليه هي بالذات دون عن كل البنات اللي شوفتهم هي بالذات جذبت أنتباهي، عملت كل حاجة عشان تفضل تحت عيني، ولما رفضت تشتغل عندي، اشتريت الكافيه اللي شغاله فيه وقفلته عشان تبقا من غير شغل.. ولما كانت بتدور على شغل وتتعين فيه...
كنت بخلي صاحب الشغل يرفض ويمشيها، وفي يوم ماكنتش عامل حسابه نجم شغالها في الشركة وفي مكتبه وده كان مش بأمري أنا، وبعدين تهمتها بسرقة ملف مهم وبسبب كده اترفدت وأنا ههددتها لو مقبلتش تشتغل عندي في البيت هسجنها، قال كلامه وهو مستغرق في التفكير.. غير واعي لنظرات كريم المذهولة، أعقب كلماته بالعديد من التنهيدات، وبعدين موضوع مرض والدتها حسيت بحزنها كأننا شخص واحد مقدرتش أسيبها وكل اللي كنت بعمله معاها مكنتش أعرف سبب ليه، لحد ماأخيرا عرفت أني مقدرش أعيش من غيرها ممكن أقول أحب أو أحساس بالذنب أو الاتنين مع بعض، بس اللي متأكد منه دلوقتي أني قررت أتجوزها، قال له معظم ماحدث وظل صامتا عن السبب الرئيسي.. فهي ستكون زوجته...
هز رأسه بصدمة: يااااه يأكنان كل ده عملته فيها، أول مرة أشوف كده، وهي ردها هيكون أيه؟ وأحساسها ناحيتك نفس أحساسك بردو... توقف فترة قصيرة مسترجع حديثه معاها عن الحب وأجابتها أنها لا تريد الحب ولكن شخص يحترمها ويقدرها كما هي...
أجاب كريم على نفسه دون أنتظار رد أكنان: هو ده سؤال بردو، طبعا بتحبك وكل اللي عملته معاها زمانها نسيته عشان خاطر سواد عيونك وضحك بخفة أنا مشوفتش واحدة لحد دلوقتي مش بتحبك دول بيترمو عليك زي النمل، مركز ومال وجمال، دي طاقة القدر أتفتحت ليها، أكيد ماهتصدق وهتوافق علطول، وهتكلمها أمتى..
حدث نفسه قائلا: يبقا متعرفهاش، هسألها ومن أجابتها هعرف أذ كانت تعرفني ومخبية ولا لأ، وحتى لو تعرفني وقالت لأ أو حتى قالت أه، أنا مستحيل أسيبها بعد ماحبيتها وعرفت أنها زوزو، مستحيل أسيبها تضيع من أيدي، أنا فضلت سينين أدور عليها عشان أكفر عن ذنبي في حقها، عشت سينين بتعذب على اللي عملته فيه وجاه اليوم اللي لزم أصلح جريمتي في حقها...
تحرك باتجاه الشرفة ونظر الى السماء طالبا من الله أن يغفر له معصيته... هتف مكررا سؤاله عندما ظل أكنان صامتا: أكناااان التفت له ورد عليه بنظرات شاردة: نعم ياكريم، كنت بتقول أيه _بقولك هتكلمها أمتى _ مش دلوقتي بعد مايمر كام يوم على الاقل عشان وفاة ولدتها _ أنا عايز مصلحتك ياأكنان، وعايز كل خير ليك، وبتمنى ليك كل السعادة، ثم أحتضن أكنان حضن أخوي...
أتصلت أبتسام بأحمد عدة مرات تتوسل له الحضور ولكنه كان في كل مرة يرفض... وخلال هذا ألاتصال قررت التوسل له للمجيء... تجهم وجه أحمد لرؤية رقم المتصل، تحدث بضيق: نعم يامدام أبتسام... قالت له برجاء: لو سمحت ياأحمد، حاول تسامح وخلي قلبك كبير، أنا مش بقولك عشان خاطرها أرجع بس أرجع عشان خاطر بناتك، حرام يتربو بعيد عن أمهم وأبوهم...
رد بانفعال: كده أحسن ليهم، بدل مايكبرو وسط المشاكل وشايفين أبوهم بيكره أمهم، أنا مبقتش طايق أسمع أسمها.. قالت بتوسل: عشان خاطر العشرة اللي كانت بينكم، تعالى شوفها، رشا تعبانة أوي وجالها أنهيار عصبي وحاولت تموت نفسها، لو في عندك شوية شفقة ناحيتها، تعالى شوفها وجودك هيفرق معاها وهيخففها تركزت حواسه على أخر كلمات أبتسام، مرددا في نفسه، أنهيار عصبي ومحاولة قتل نفسها، زينت شفتيه ماكرة ثم قال: رشا جالها أنهيار عصبي..
_ أيوه، مستحملتش تبعد عنك _ وحاولت تموت نفسها _ أيوه _ يبقا معندهاش الاهلية أنها تربي البنات _ تقصد أيه بكلامك ياحمد تحدث بمكر: قصدي مكالمتك ليا جات بفايدة كبيرة ليا، عشان بعد ماأقفل معاكي، هكلم المحامي بتاعي يرفع قضية يثبت فيها أن رشا غير جديرة بحضانة البنات هتفت برعب: حرام عليك، دي ممكن رشا تروح فيها أغلق أحمد الهاتف دون الرد عليها، لتزيين شفتيه أبتسامة منتصرة، محدثا نفسه، هجبلك حقك يازهرة حتى لو كان متأخر، وأكيد هيجي يوم وتسامحني...
خرج كريم من عند أكنان وهو شارد الذهن، فأكنان سوف يتزوج من خادمة عنده ليست ذات جمال أو مال، سيتزوجها لأنه واقع في غرامه ولم يبالي بأي فروقات أجتماعية بينهم، وهو كريم خائف، حاول الابتعاد وقتل مشاعره الوليدة بسبب أنها لا تناسبه، حدث نفسه، الى متى ستقاوم مشاعرك، فأنت قضيت العديد من الليالي تفكر بها، لا أعرف كيف ومتى حدث ذلك، ولكن الذي أعرفه الأن، أنا لا أستطيع الاستمرار هكذا، هز رأسه بتصميم وتمتم بخفوت: أكنان كان شجاع بقراره، خليك زيه، خليك شجاع...
أخرج هاتفه وأتصل بمحسن تحدث بثبات: بقولك يامحسن _ نعم يابيه _ معاك نمرة تليفون عبد الفتاح والد ضحى _ أيوه، هو حاول يتصل بيك كتيرعشان يشكرك على اللي عملته مه بنته.
_ طب أديه نمرة تليفوني وخليه يتصل بيا سأل بفضول: حضرتك كنت رافض في الاول، ليه وافقت دلوقتي هتف كريم: ملكش فيه يامحسن.. وأعمل اللي أقولك عليه من غير كلام، أتصل بيه دلوقتي أبتلع ريقه صعوبة ثم قال: حاضريابيه بمجرد أغلاقه مع كريم قام بالاتصال بعبد الفتاح، وقال له أن كريم قال أن رقمه متاح له في أي وقت..
ظل زاهر وبيسان طول النهار في غرفتهم، وفي الخارج كانت صفية تشعر بالغيرة، فقررت قطع لحظات سعادتهم، وأمسكت فتحي بين يديها، ثم طرقت على الباب، فتح لها زاهر والابتسامة تزيين شفتيه: مساء الخير ياست الكل مطت شفتيها ثم قالت: مساء الخير...
تغيرت ملامح زاهر وأختفت أبتسامته عند رؤية فتحي لحظت صفية نظراته، لكنها أدعت عدم رؤية أنزعاجه ف نظر زاهر الى داخل الغرفة يتأكد من عدم وجود بيسان في الغرفة وأنها لازالت في الحمام، التفت الى والدته: الجميل أخباره أيه هزت رأسها ولوت شفتيها قائلة: زعلانة منك.
لازالت عينيه على الداخل.. تحدث مستفسرا: وأنا أقدر أزعلك بردو.. طب أنا عملت أيه زعلك مطت شفتيها قائلة: عشان منزلتش على العشا أنت ومراتك، كان نفسي أقعد معاك ضحك زاهر: ياااه وزعلانة مني عشان كده، قبل رأس والدتها، متزعليش مني ياست الكل، والجايات أكتر... صفية بضيق: بردو زعلانة أحتضنها زاهر بحب، ثم تحدث برقه: عريس سماح المرة دي عشان خاطر أبنك العريس.. وأخذ ينثر على وجهها العديد من القبلات.. قائلا برجاء، سماح المرة دي..
أبتسمت صفية غصب عنها: خلاص مش زعلانة، هي فين مراتك، مطلعتش تسلم عليا _ في الحمام _ خلاص هدخلها عشان أسلم عليها حدث زاهر نفسه، فكر في حل للمشكلة دي، دي لو بيسان شافت فتحي مش هقدر أسكتها كفاية أمبارح، رسم على وجهه أبتسامة هادئة: بيسان لسه داخلة وبتتأخر على الاقل بتقعد جو ربع ساعة، لما تطلع هوصلها السلام...
صفية في سرها، ياخسارة كنت عايزها تسلم على فتحي، تحدثت قائلة: خلاص هخليها وقت تاني، وخلي بالك على صحتك زاهربابتسامة: حاضر ياست الكل، وبمجرد أنصرافها أغلق الباب.. وأسند ظهره عليه متنفسا براحة... خرجت بيسان من الحمام، سألته باستغراب: مالك ساند على الباب كده ليه، هو في حاجة؟
زاهر بابتسامة: دي كانت ماما بتطمن وبتسلم عليكي هزت رأسها: أااه، الله يسلمها أقترب زاهر منها ثم أحتنضنها برقة، وقال: البسي عشان هنخرج أبتسمت بحب: هنخرج فين؟ أبتسم بنعومة: خليها مفاجأة وبعد ذلك بفترة، أخذ زاهر وبيسان يتجولان في جزيرة الفنتين...
سألت بيسان بفضول: أيه التمثال ده قال زاهر: كبش خنوم أله الجزيرة، كان أهل الجزيرة بيعبدوه... هزت بيسان رأسها: أااه، يعني راس الخروف ده الناس في الفترة دي كانو بيعبدوه أبتسم بخفة: أيوه أمسك يديها بحب وتجولا في أنحاء الجزيرة، نظرات بيسان كانت كلها أنبهار وأعجاب...
قال زاهر برقة: لما تتعبي من المشي قوليلي عشان نرتاح شوية... ردت بضحكة مرحة: قول أنت اللي تعبت رد عليها هو الاخر ضاحكا: مين ده اللي تعب، يلا بينا رأت بيسان درجات سلم شبه متهدمة تؤدي الى الاسفل، فقالت: عايزه أشوف ايه اللي تحت وأشارت الى السلالم نظر الى حركة يديها، عبس للحظات: في يافطة مكتوب عليها ممنوع الاقتراب، ده غير السياج اللي حواليه، والسلالم مش سليمة... نظرت له برجاء: بليزززز يازاهر، عايزه أشوف اللي تحت...
أستجاب زاهر لنظراتها فقال مستسلما: يلا بينا، قبل ماحد يشوفنا ونتمسك فيها اخترق كلاهما السياج وعندما وصلا الى الاسفل وجدا نفسهم في أرض خلاء تكسوها الاعشاب البرية... همست وهي تقترب بلاعي منه: المكان هنا كئيب قال موافقا وهو يلف ذراعيها حوالها: عندك حق هو كئيب عشان ضوء الشمس مش بيوصل ليه...
همست بيسان: يلا بينا نمشي من هنا، أصطدم حذائها بشيء صلب، أنحنت وبدأت تنبش لرؤية ماهية هذا الشيء، شهقت وهي تمسكه بين يديها شيء على شكل أناء: وواو ، لزم نقول للسلطات أننا لقينا قطعة أثرية أبتسم قائلا: أكيد هما عارفين بوجودها هنا، والمكان شكله تحت التنقيب، يلا بينا نمشي قبل ما حد يشوفنا من الحرس.
وفي الاعلى هتف الحارس صائحا مناديا زميله: الحق ياخليل حرامية آثار أقتربت تحتمي فيه، قالت بخوف: بيقول علينا حرامية أحكم ذراعيه حوالها أكثر لبث الطمأنينه: متخافيش مش هيحصل حاجة...
فار منها فنجان القهوة مرتين بسبب بكائها فقامت بأعداد فنجان القهوة له للمرة الثالثة وهي تبكي، ناعية ظروفها القاسية، فهي أتيت العمل بعد يومين من وفات والدتها، مكتوب عليها عدم الراحة، عدم البكاء، ومازاد الطين بلة ماحدث هنا منذ قليل، واكتشافه تنكرها وتهديده لها بالسجن لو لم تقل الحقيقة، هزت رأسها بألم وازدادت دموعها انسيابا، فهي تشعر بالقهر وقلة الحيلة، عندما قالت له مليش شغل تاني هنا، دعت في سرها ان تظل في العمل هنا ولا يطردها، بسبب ماحدث لها ليلة البارحة جعلها في أشد الاحتياج الي كل جنيه معاها هذه الفترة، فكالمة مادام ليلى في منتصف الليل قلبت موازين حياتها، هتفت بخفوت متألمة: أااااه...
ذهب إلى المطبخ للاطمئنان عليها عندما تآخرت على إعداد فنجان قهوته... انتفض في وقفته عندما سمع صوتها المشبع بالألم، شعر بوخز حاد فهو شارك في عذابها وبدون أرداة منه وأفعاله معاها حتى هذه اللحظة تزيد في عذابها...
أقترب منها، وقال بلهجة رقيقة: زهرة أول ماسمعت صوته بجوارها، مسحت دموعها ودون الإلتفات له، ردت: نعم تحدث بلطف: روحي شقتك ومتجيش بكرا ولا بعده، وخدي الاجازة اللي أنتي عايزها، أنا جيت عليكي لما جبتك هنا النهاردة، حدث نفسه، غصب عني...
تنفست بعمق قبل الالتفاف له، ردت عليه بصوت حزين: أنا مش محتاجة أجازة، أنا اللي محتاجها دلوقتي الشغل، وزي ماقلت ليا خدي بقيت اليوم اجازة، الكام ساعة دول أنا محتاجهم وبكرا هكون موجودة في ميعاد الشغل تحدث بنبرة أسف: متزعليش مني عشان هددتك بالسجن وعشان زعقتلك امبارح وجبتك الشغل وكنت قاسي في معاملتي معاكي...
نظرت له غير مصدقة، أكنان بيه يعتذر لها هي الفتاة الفقيرة، همست متمتمه: اللي عملته معايا في مرض ماما يخليني أسامح ومقدرش أزعل، ثم وضعت القهوة في الفنجان وقالت: قهوتك جاهزة، ممكن أمشي... رد برقة: أمشي... بمجرد خروجها من المبنى، أنطلقت مسرعة للحاق بالقطار...
أقتاد زاهر وبيسان الى القسم بتهمة السرقة، لم يلبثو في القسم كثيرا، بمجرد معرفته بمن يكون وهو أبن من، خرجا في الحال... بيسان بأسف: متزعلش مني... تمالك أعصابه ورد بهدوء: مش زعلان وهزعل ليه، ودي حاجة تزعل بردو، أنه يتقبض عليا أنا ومراتي بتهمة السرقة شعرت بالسخرية في صوته فقالت بحدة: طب أنا غلطانة وأنتي مش غلطان، ليه سمعت كلامي مادام عارف أن الموضوع فيه ضرر _ عشان مقدرتش أرفض.. مقدرتش منفذش أي حاجة نفسك فيها...
_ خلاص بقا، فك التكشيرة دي، وأبتسمت ضاحكة، نحن نختلف عن الاخرين واتفحسنا في القسم في شهر عسلنا ضحك على عفويتها ونسى ضيقه: نحن نتميز على الأخرين... بيسان بدلع: أسوان طلعت حلوة أوي، عايزه أشوفها كلها، وكمان عايزه أروح الأقصر... رد بابتسامة: كل اللي نفسك فيه هعمله... _ ونفسي في حاجة كمان بس ياريت متفهمنيش غلط _ حاجة أيه يابيسان..
شبكت أصابع يديها بتوتر.. ثم قالت: أنا مش عايزه، مش مرتاحة في البيت عندكم، من ساعة ماشوفت فتحي وعرفت أن فيه منه كتير، بليزززز يازاهر، خلينا نقعد في أي فندق هنا بلاش البيت...
شرد للحظات مفكرا في صعوبة تنفيذ طلبها، وتذكر ماحدث منذ ساعات وتصميم والداته على أحضار فتحي معاها الى غرفته بالرغم ماحدث أمامها من خوف بيسان منه، وشعر بأن حركتها مقصودة، ولو أستمر في المبيت في البيت، فلن تتوانى أمه عن أرعاب بيسان، وسوف تحدث العديد من المشاكل بينهم، هو بغنى عنها، وليس أمامه سوى قضاء شهر العسل والمبيت في مكان أخر، فكر حتى توصل الى حل لمشكلته.
كررت بيسان قائلة: قولت أيه يازاهر بابتسامة هادئة: حاضر يابيسان، والنهاردة هنسافر الاقصر، بس اللي هقولك عليه يتنفذ بيسان بفضول: اللي هو أيه تحدث بجدية: أنا هقول أن جالي شغل في الاقصر ولزم أروح هناك، وكده همشي من غير ماحد يزعل، أتقفنا هنقول أيه بيسان بابتسامة: طبعا...
بمجرد أعطاء محسن رقم الهاتف الى عبد الفتاح، قام بالاتصال مباشرة بكريم، وشكره على مافعله، وقام بعزومته على العشاء عندهم في المنزل، وفي داخل الشقة كانت في حالة التأهب القصوى من تنضيف وأعداد الطعام للضيف... وعند الانتهاء من تناول الطعام وهما جالسين في غرفة الجلوس كريم بابستامة: أول مرة أكل أكل بالطعامة والحلاوة دي ردت أمينة: صحة وهنا، ثم نظرت باتجاه أبنتها، مش أنا لوحدي اللي عملت الاكل ده كله، ضحى ساعدتني فيه..
نظر الى ضحى وقال: تسلم أيدك ويابخت اللي هتتجوزيه أحمرت خدودها من الخجل ونهضت واقفة: أنا هستئذن، وخرجت مسرعة نظرت أمينة الى كلاهما بتركيز ولحظت بنبرة الاعجاب في صوته، وخجل أبنتها، ودعت في سرها، بالخير لأبنتها وتعويضها، همست بخفوت، يارب تحدث عبد الفتاح: مادام الاكل عاجبك أوي، يبقا تشرفنا علطول، دي أبسط حاجة ممكن أرد جمايلك اللي هفضل أشيله فوق راسي طول العمر...
كريم بابتسامة: ملهوش داعي الكلام في الموضوع ده... رد عبد الفتاح: عندك حق يابني، هتكمل حلاوة القعدة بلعب الشطرنج، ليك في الشطرنج رد كريم: طبعا ليا دي لعبتي المفضلة هتف عبد الفتاح لزوجته: هاتي علبة الشطرنج ذهبت أمينة الى المكتبة مسرعة وأحضرت لهم الشطرنج.. كان الجو مشبع بأصوات ضحكاتهم، ولأول مرة منذ فترة طويلة يشعر بالسعادة والجو الاسري الحقيقي...
وبعد فترة طويلة، نظر كريم في ساعته فوجدها قاربت على منتصف الليل.. هتف بذهول: ياااه الوقت فات بسرعة من غير ماحس رد عبد الفتاح بابتسامه: وأنا زيك _ هستئذن الوقت أتاخر ونهض من مكانه _ ماهو لسه بدري _ ولا بدري ولا حاجة ياراجل ياطيب..
قام عبد الفتاح بتوصيله حتى باب الشقة قال مودعا: السلام عليكم.. وبيتنا منور ليك في أي وقت رد بابتسامة هادئة: وعليكم السلام... قاد كريم سيارته وهو يشعر براحة بهدوء نفسي وسعادة غارمة... وفي شقة عبد الفتاح وداخل غرفة نومهم أمينة بابتسامه: أنا مشفوتش حد بأخلاق كريم، أنسان في قمة التواضع.. وهو معانا محسسناش أنه أحسن منه..
عبد الفتاح بهدوء: عندك حق كريم ده أبن أصول دعت أمينة: يارب يكون من نصيبك يابنتي نظر له بدهشة: أيه اللي بتقوليه ده _ بقول اللي حسيت بيه _ وحسيتي بأيه ردت بثقة: أنه أن شاء الله هيكون عوض بنتي تمتم عبد الفتاح: يسمع من بؤك يأمينة...
وبعد مرور أسبوع في أحدى الفنادق الفاخرة وبداخل أحد الغرف بيسان بدلع: أنا مبسوطة أوي معاك ومكنتش متخيلة الصعيد هتكون بالجمال ده، الجو هنا حلو أوي أحاطها بكلتا ذراعيه هامسا بحب: هو أنتي لسه شوفتي حاجة، صدقتني لما قولتلك هتكوني مبسوطة أوي أسندت رأسها على صدره وقالت بابتسامة: أيوه...
زهرة كانت تبكي وحدثت نفسها: يارب حلها من عندك يارب... هتفت كاترينا: زهرة ياااازهرة فاقت زهرة من شرودها ردت عليها بحزن: نعم ياكوكو كوكو بعطف: مالك يازهرة _ مليش أنا كويسة ياكوكو، كنت بتنادي ليه _ أكنان بيه عايزك في أوضته _ ثواني وهعمله فنجان قهوته _ هو قال مش عايزه قهوة، هو قال عايز يقابلك سألت زهرة بفضول: متعرفيش عايزني ليه؟
ردت كاترينا نافية: لأ معرفش... وبمجرد دخول زهرة الى داخل غرفته، أشار لها بالجلوس: أقعدي يازهرة، عايزه أكلمك في موضوع مهم بعد ماجلست سألت متوترة: خير يأكنان بيه قال أكنان بحسم: بلاش أكنان بيه، قوليلي من يوم ورايح أكنان وبس زهرة بلجلجة: ميصحش ياأكنان بيه تحدث بأصرار: ماهو بعد الكلام اللي هقوله ليكي وبعد موافقتك، مينفعش تقوليلي أكنان..
شعرت بالفضول فسألته قائلة: موضوع أيه نظر لها بتركيز قبل نطق كلماته: تتجوزيني يازهرة... أتسعت عينيها بصدمة: بتقول أيه كرر كلماته: تتجوزيني سألت مصدومة: أنت عايز تتجوزني أنا، طب ليه؟
تحدث بهدوء: في صفقة داخل فيها وعشان تبقا في جيبي لزم أكون متجوز، صاحب الصفقة راجل تقليدي والمشروع عبارة عن منتجع سياحي أسري، فلزم اللي هيفوز بالصفقة يبقا مؤمن بالعلاقات الاسرية، وأنا للاسف سمعتي مش حلوة في السوق سألت باستفسار: وليه أنا بالذات، البنات كتير عينيه لم تزحزح قيد أنملة من على وجهها.. تابع تعبيرات وجهها بدقة بالغة، ردها كان طبيعي...
تحدث بهدوء: عشان أنتي وقت لما أقول هننفصل مش هتتكلمي مش هتعملي فضيحة، ليه أنتي بالذات؟ عشان واثق فيكي... قالت بتوتر: بس مينفعش تتجوزني نظر لها بأًصرار: فاكرة لما قولتي نفسك تردي ليا جزء من جمايلي عليكي، أهو أنا بقولك ردي عن طريق تقبلي أنك تتجوزيني ردت برفض: بس أنا مينفعش أتجوزك سأل بعناد: وليه مينفعش..
بلهجة يشوبها الألم: عشان أنا منفعش للجواز ليك أو لغيرك، مينفعش أتجوز ومكنش صريحة مع الشخص اللي هتجوزه.. مينفعش أكذب وأخبي، وعشان مينفعش أقول الحقيقية لأي أن كان، فعشان كده بقولك أنا منفعش للجواز، أنا لا أنفعك ولا أنفع غيرك، أفهم بقا هتف أكنان: أيه السبب؟
هتفت بألم: عشان أنا مغتصبة، عرفت ليه؟ عرفت ليه رافضة الجواز، عرفت ليه عملت في نفسي كده، عرفت ليه مخبية شكلي الحقيقي، عشان كرهت نفسي، كرهت نظرات الطمع ليا، نظرت له والدموع في عينيها، لسه بردو عايز تتجوزني شعر بسكاكين تنغرز داخل قلبه مع كل كلمة تنطقها، سيطر على مشاعره بصعوبة، قال بهدوء مفتعل: أيوه لسه مصمم أتجوزك... أتسعت عينيها بالصدمة ثم قالت: عايز تتجوزني، قابل على نفسك تبقا في ذمتك بنت مغتصبة هز رأسه بالأيجاب: أيوه يازهرة قابل على نفسي، عشان ده مكنش ذنبك وأنا متأكد من كده..
شردت للحظات في الايام الماضية ومعاناتها وأحتياجها للمال، حدثت نفسها قائلة: وافقي يازهرة، وااافقي.. واااافقي، جوازك منه هيحل ليكي كل مشاكلك، أنتي قولتلو الحقيقة وهو مصمم يتجوزك، لأ يازهرة مقولتيش ليه كل الحقيقة، وسرك التاني، مش لزم يعرفه ده بيقولك الجوازة عبارة عن صفقة، مجرد صفقة، هزت رأسها نافية، وحتى لو صفقة أنتي هتتجوزي على سنة الله ورسوله جواز شرعي.. يعني مينفعش تخبي عليه ولزم يعرف كل حاجة، أنتي مش كده يازهرة، حتى لو جواز مصلحة هو هيكون جوزك ولزم يعرف كل أسرارك...
رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد الفصل السادس
((هكذا هي الأيام حرمتني حتى من الأحلام، عشقت الوحدة والعذاب، الأفراح بيني وبينها حجاب، إلى متى يا قلبي إلى متى ستؤلمني الأيام؟ وإلى متى سأكتم الأحزان؟)) شعر بسكاكين تنغرز داخل قلبه مع كل كلمة تنطقها، سيطر على مشاعره بصعوبة، قال بهدوء مفتعل: أيوه لسه مصمم أتجوزك... أتسعت عينيها بالصدمة ثم قالت: عايز تتجوزني، قابل على نفسك تبقا في ذمتك بنت مغتصبة هز رأسه بالأيجاب: أيوه يازهرة قابل على نفسي، عشان ده مكنش ذنبك وأنا متأكد من كده..
شردت للحظات في الايام الماضية ومعاناتها، حدثت نفسها قائلة: وافقي يازهرة، وااافقي.. واااافقي، جوازك منه هيحل ليكي كل مشاكلك، أنتي قولتيلو الحقيقة وهو مصمم يتجوزك، لأ يازهرة مقولتيش ليه كل الحقيقة، وسرك التاني، مش لزم يعرفه ده بيقولك الجوازة عبارة عن صفقة، مجرد صفقة، هزت رأسها نافية، وحتى لو صفقة أنتي هتتجوزي على سنة الله ورسوله جواز شرعي.. يعني مينفعش تخبي عليه ولزم يعرف كل حاجة، أنتي مش كده يازهرة، حتى لو جواز مصلحة هو هيكون جوزك ولزم يعرف كل أسرارك...
رجعت قليلا للخلف ثم تنفست بعمق: أنت ليه مصمم أنا بالذات حتى بعد اللي قولته ليك... لسانه عاجز عن نطق الحقيقة، التزم الصمت للحظات ثم قال بهدوء: جوزاي منك عبارة صفقة هتفت بحيرة: وليه أنا؟ ليه أنا حرك كتفيه ثم قال: ماأنا جاوبتك على سؤالك، حجاوبك تاني، عشان أنا واثق فيكي أنك عمرك ماهتقولي حاجة عن الاتفاق اللي بينا، هاا قولتي أيه يازهرة موافقة تتجوزيني...
قالت بلهجة مرتبكة: أنت قولت هنطلق، والطلاق هيبقا أمتى... عندما نطق كلمة الانفصال، لم يقصدها فعليا، فهو أراد لهذه الزيجة أن تستمر، نظر لها ثم قال بثبات: معرفش الطلاق هيكون أمتى؟ حدثت نفسها بحيرة، هو يقصد أيه بكلامه ده، سألت باضطراب: بس أنت قولت هنطلق... تحدث بعزم: أه قولت ننفصل وده معرفش هيكون أمتى، جوازنا مش هيكون محدد بوقت معين، جوازنا هيستمر، لحد مايجي الوقت اللي هنطلق فيه، والوقت ده معرفش أمتى...
هزت رأسها بعنف، رافضة منحنى أفكارها والشك الذي أخذ يتسرب بداخل عقلها، سألت بتوتر: هو جواز ولا صفقة ولا أيه بالظبط... نظرت له باضطراب، فبادلها بنظرة هادئة ثم زينت شفتيه أبتسامة رقيقة: الاتنين، صفقة وفي نفس الوقت جواز طبيعي لأجل غير مسمى... عندما نطق كلماته، شعرت بأن الأرض تهتز من تحت قدميها وكل القوة التي كانت تدعيها قد ذهبت، ولم يبقى منها سوى الضعف، مر بخيالها صورة غير مرحبة لفتاة مراهقة بشفاه ترتجف وألم مبرح يتملكها، ودماء تنزف بغزارة أسفل قدميها، مغتصبة، منتهكة...
شعر بالخوف عليها، عندما رأى جسدها يرتعش... قال بلهجة تشف عن القلق: أنتي كويسة يازهرة... وعندما لما ترد عليه، أعاد سؤاله بذعر: أنتي كويسة يازهرة... هزت رأسها بعنف نافضة ذكرى غير مرغوبة، ثم قالت بصوت متألم: أيوه كويسة...
ابتلع غصه ألمت بحلقه لرؤيتها هكذا، محدثا نفسه، لقد ندمت على معصيتي، وغيرت حياتي وظللت سنوات أكفر عن ذنبي.. ألم متى سأظل هكذا، ألم يحن وقت المغفرة؟ دون النظر اليها قال، فهو لم يقوى على رؤية عينيها: مسمعتش ردك لحد دلوقتي، قولتي أيه يازهرة...
نشب صراع بداخلها، فالزواج بينهم لن يكون مجرد صفقة ولكن زواج صفقة بالأضافة لعلاقة جسدية شعرت بألم شديد يغزو رأسها، هزت رأسها بأصرار.. فقد أتخذت القرار، حدثت نفسها، فالزواج منه سوف يحل جميع مشاكلها وفي نفس الوقت لا تستطيع أن تخبىء عنه هذا، الشيء، لا تستطيع الكذب، لكن قبل ردها يجب عليها تكون صريحة معه...
ردت بهدوء ظاهري: لزم تعرف كل حاجة عن زهرة قبل ماتسمع موافقتها، يمكن تغير رأيك... قال بلهجة واثقة: مهمة قولتي مش هغير رأيي _ أنا عندي ماضي مؤلم ولزم تعرف بيه _ وأنا مش عايز أسمع حاجة، أنا مسامح على كل اللي فات، وهو ماضي زي ماقولتي وكل اللي حصل فيه أنا مش عايز أعرفه، أنا كل اللي يهمني الحاضر والمستقبل...
نظرت له بذهول: أنت أزاي كده، أنت أزاي موافق تتجوزني بعد اللي قولتهولك ورافض تسمع بقيت كلامي وبتقول الماضي ميفرقش معاك في حاجة، مايمكن اللي هقوله يفرق معاك أجاب بثقة: وأنا بقولك مهما قولتي مش هسحب عرضي، والاحسن توفري على نفسك الكلام عشان مش عايز أعرف حاجة ردت بهدوء: وأنا مش هقول حاجة، أنت هتشوف بعينيك...
سأل بفضول: تقصدي أيه قالت زهرة: مادام أنت رافض تسمعني، أنا عايزاك تيجي معايا مشوار، وبعد المشوار ده هقولك ردي... _ مشوار أيه _ هتعرف لما نوصل هناك بعدة عدة ساعات من قيادة السيارة والصمت كان سيد الموقف بينهم الا من بعض الكلمات القليلة بينهم، أوقف السيارة أمام المكان الذي أخبرته بالتوقف أمامه، عندما رأى اليافطة المكتوب على الفيلا...
نظر له باستغراب وقال: أنتي جبتيني هنا ليه بلهجة كئيبة: دقايق وتعرف السبب اللي خلاني أجيبك هنا، كلها دقايق وتعرف سري التاني رد بأصرار: وأنا قولتلك مش عايز أعرف حاجة قالت زهرة بثبات: لزم تعرف مادام وافقت على الجواز منك نظر له غير مصدق: أنتي قولتي موافقة ردت بهدوء مؤلم: أيوه موافقة عشان خاطرهم...
شعر بالحيرة فقال مستفهما: مش فاهم كلامك، خاطر مين؟ قالت بلهجه يشوبها الوجع: تعالا معايا وأنت تعرف، وكويس أني جيت في وقت اللي بيطلعو فيه الجنينة وعلى بوابة الملجأ، رنت زهرة على جرس البوابة، فقام الحارس بفتح الباب... مبروك بابتسامة: أزيك يازهرة...
زهرة بابتسامة خفيفة: أزيك ياعم مبروك أندهش مبروك من رؤية يديها الخالية فقال باستفسار: فين اللعب والحاجات الحلوة بتاعت كل زيارة ردت زهرة: أنت قولت بنفسك الحاجات الحلوة بتاعت الزيارة خبط على رأٍسه: أه، ده النهاردة السبت وأنتي طول السينين اللي فاتو بتجي الخميس، صح مش عوايدك، هو في حاجة حصلت... ردت عليه بابتسامة حزينة: لا مفيش حاجة حصلت.. أصل البيه ناوي يتبرع للملجأ...
حدث نفسه بصمت، هو في أيه بالظبط وأيه الكلام اللي بتقوله... مبروك بدعاء: ربنا يبارلك يابنتي، أنا طول خدمتي هنا مشوفتش حد زيك ملتزم في زيارته للملجأ وكمان كل أسبوع لزم تجيبي حاجات لأطفال الملجأ... ثم نظر باتجاه أكنان: يارب كتر من أمثالك، الملجأ محتاج اللي زي حضرتك...
وعندما دلف الى الداخل وأبتعدا، تكلم بنبرة منخفضة: ممكن أفهم ايه اللي بيحصل ويقصد أيه الراجل اللي أسمه مبروك بكلامه... لم تعي زهرة ماذا يقول فقد أنصب كل تركيزها عليهم وهم يلعبو ويمرحو مع باقية الأطفال... كرر كلامه بلهجة أمرة: قوليلي أيه اللي بيحصل عندما لم ترد عليه، لاحظ نظراتها الشاردة باتجاه بقعة معينة.. فوجدها تنظر الى مجموعة من الاطفال يلعبوا سويا... هتف أحد الاطفال بسعادة عند رؤيتها: أبلة زهرة هنا...
أندفع الجميع باتجاهها عند رؤيتها، متجمعين حوالها أحد الأطفال بعبوس: فين الحاجة الحلوة بتاعتي زهرة بابتسامة: معلش يازوزو المرة الجاية عشان مكنتش عاملة حسابي، بس بدل الحاجة الحلوة هلعب معاكم أيه رأيك هتف أحد الاطفال بمرح: نلعب أستغامية ردت بابتسامة خفيفة: حاضر، ثم أقترب منها طفلين لهم نفس الملامح هتفت ثرايا من على بعد في الأطفال: يلا ياحلويين وقت الغدا...
عندما لم يلتفتو الى نادئها وظلو واقفين بجوار زهرة، هتفت ثريا قائلة: الغدا بيتزا النهاردة وعند سماع كلمة بيتزا، هرول الاطفال باتجاه قاعة الغداء، الا من طفلين هتفت ثريا: تعالا ياوليد، تعالا ياأياد هتفت زهرة من مكانها: أنا هجيبهم ليكي ياثريا...
دقق أكنان النظر لهم، لتتسع عينيه من الصدمة، فملامحهم تشبه أخته بيسان عندما كانت في نفس العمر، بصوت متحشرج مهزوز: مين دول همست بخوف لكي لا يسمعها: دول سري التاني، دول ولادي... ثم قالت بلهجة معذبة: لسه موافق تتجوزني شعر بالارض تهتز تحت قدميه، رأي الارض تموج وغشيت الدموع عينيه، رفع رأسه داعيا بهمس: يالله أرحمني.. أستغربت رؤية الدموع في عينيه.. ثم سألت: في أيه؟
لكنه ظل صامتا للحظات ثم قال بنبرة معذبة: يلا نمشي دلوقتي ردت بتمتمه: بس أحنا لسه جايين هتف بانفعال: بقولك يلا نمشي، حصليني، ثم تركها وتحرك مبتعدا الى الخارج نظرة لها زهرة بصدمة من ردت فعله، ثم وجهت نظرها الى الطفلين قائلة بابتسامة: يلا عشان الغدا..
أياد بلهجة طفولية: بس أنا عايز أقعد معاكي شوية نغزه وليد في جنبه.. قائلا بخفوت: البيتزا هتخلص ضحكت زهرة: ماشي ياوليد البيتزا أهم مني رد وليد بأعتذار: أنتي أهم طبعا زهرة بابتسامة: طب يلا بينا أوديكم، قبل مالبيتزا تخلص وتقولو أنا السبب وأمسكت بيد كل طفل برقة حتى أوصلتهم الى غرفة الغداء وأطمئنت عليهم...
خرج من الحمام والابتسامة تعلو شفتيه، أخذ يدندن بالغناء.. ناظرا الي بيسان بمرح: بلاش تبوسني في عينيا وأنتي ياسايقة في دلالك كتر الدلال زاد في جمالك خطوتك ألحان في قوام سكران له دلال فتان يخجل الأغصان بلاش تبوسني عينيا نظرت له بمكر ثم قالت بدلع: خلاص بلاش أبوسك في عينيك، عايزه البوسة فين؟
غمز لها قائلا: عايز فين دي متتقالش، دي تتفذ عملي، وأقترب منها، ليقرن كلامه عملي... تقابلت العيون.. وأنحنت الرؤس مقتربة من بعض وقبل التنفيذ، رن هاتفه، هتف بغضب: حبكت دلوقتي... همست بيسان: شوف مين؟
نهض من فوق الفراش.. وقال بضيق: أنا مش هشوف مين، أنا هقفل التليفون، وقبل أن يقوم بأغلاق الهاتف.. رأى رقم المتصل، كانت سعدة، تملكه القلق فهي لاتتصل بيه سوى للحالات الطارئة رد زاهر: خير ياسعدة سعدة بارتباك: الحق صفية هانم يابيه زاهر بتوتر: مالها الهانم ياسعدة _ وقعت من طولها مرة، والبيه الكبير مش موجود، هو في البرلمان...
_أنا هتصل بدكتوربكري يروحلها دلوقتي _ أتصلت يازاهر بيه وهو موجود معاه _ وقال عندها أيه _ هو لسه موجود جوا معاها معرفش عندها أيه قال بقلق: مسافة السكة ياسعدة هكون عندها، خليكي جنبها متتحركيش لحد ماأجي تملكها القلق وهى تسمعها.. وعندما أقفل الهاتف، سألت متوترة: مالك يازاهر؟ زاهر بانفعال: أمي وقعت من طولها ومعرفش مالها، حضري الشنط بسرعة عشان راجعين أسوان دلوقتي بيسان بقلق: أن شاء الله خير، ودقايق وهكون جاهزة _ بسرعة يابيسان.
عندما أغلقت سعدة الهاتف، قالت بابتسامة: البيه قال جي دلوقتي... زينت شفتي صفية أبتسامة منتصرة: زي ماهي خلته يمشي ويروح بيها الاقصر، عرفت أنا أجيبه على ماله وشه تاني، بقولك ياسعدة أكدت على دكتور بكري أنه ميفتحش بؤه بحاجة وأنه كل اللي يقوله بس أن ضغطها عالي هزت رأسها بالأيجاب: أيوه ياهانم...
لمعت عينيها بكره: فاكره نفسها هتاخده مني، وعملتي بقيت اللي قولت عليه، رشتي الاوضة بتاعتهم ردت سعدة: كل اللي قولتلي عليه نفذته بالحرف الواحد... أشارت له صفيه بالأنصراف: أمشي أنتي دلوقتي، وأول مازاهر يوصل بلغيني _ حاضر ياهانم.. علت شفتيها أبتسامة منتصرة وهي تشاهد أنصراف سعدة.
بعد فترة طويلة من السهر والتفكير المستمر، قرر كريم أخذ خطوة فارقة في حياته، فأتصل بوالديه، فهو لم يريد الذهاب وطلب يد ضحى للزواج من والدها الا بعد موافقة نيروز وفاضل، فهوأخبرهم بنيته الزواج من فتاة من عائلة ليست غنيه، ومن وقتها والحوارمحتدم بين نيروز وفاضل، مابين مؤيد ومعارض نيروز بانفعال: وبعدين معاك يافاضل...
فاضل بحدة: ولا أقبلين، أنا مش موافق على الجوازة دي... هتفت نيروز: ومش موافق ليه _ عشان متنفعش ليه، مش مناسبة للعيلة، وقوليلي أنتي أزاي موافقة أبنك يتجوز واحدة زي دي أستعادت هدوئها ثم قالت: عشان فكرت بعقلي شوية، قولت لازم أوافق وأنت كمان لازم توافق تحدث بضيق: ولازم أوافق ليه؟
ردت عليه بثبات: عشان ميعاندش وتخسره برفضك، عشان هو دلوقتي شايف سعادته معاها، مستحيل تقنعه أنها متنفعوهش، لازم يعيش التجربة عشان لما يجي ينهيها ينهيها بمزاجه هو تحدث بضيق: وأفرضي بقا عاجبته... أبتسمت نيروز بمكر: ماهو لما يتجوز ويجيبها تعيش معانا هنا، يجي الدور علينا وأزاي نخليه يطلقها... لمعت عينيه ببريق الفهم.. هتف قائلا: طول عمري بقول أن دماغك دي الماظ أبتسمت بهدوء: أتصل بيه وقول ليه موافق، الاصل الممنوع مرغوب، ولما يشبع منها، نتصرف أحنا...
رن هاتف كريم، كان المتصل والده تحدث فاضل وتصنع الابتسامة: مبرووك ياكريم لم يستعب للحظات كلام والده فقال: مبروك على أيه رد فاضل: أنا وافقة على جوازك من ضحى لم يتوقع موافقة والده الفورية، فقال بعدم تصديق: موافق، موافق.
أخفى ضيقه بصعوبة وقال: طبعا موافق، بس مش هقدر أجي مصر الفترة الجاية في مشاكل جامدة في الشركة هنا.. أستفهم قائلا: مشاكل أيه اللي معرفهاش رد بنبرة ثابته: ماهو أنت لو كنت موجود كنت عرفت، عشان كده بقولك أتجوز وأعمل الفرح في أقرب وقت عشان محتاجك معايا هنا...
فكر للحظات قبل الرد: هشوف الاول أهل ضحى هتف فاصل بحدة: تشوف مين، هما كانو يقدرو يحلمو بواحد زيك، قال تسألهم قال، زي مابقولك ياكريم أعمل الفرح في أقرب وقت، بدل ماأسحب موافقتي بجوازك منها _ طب خلاص متعصبش نفسك، اللي قولت عليه هيتنفذ بمجرد أغلاق كريم الهاتف مع فاضل، أتصل مباشرة بعبد الفتاح...
_ السلام عليكم تملك عبد الفتاح الفضول يريد معرفة سبب الاتصال: وعليكم السلام، خير ياكريم بيه قال كريم بابتسامة: ملهوش دعي كريم بيه _ ميصحش المقامات محفوظة _ماهو ميصحش بعد ماأقولك أنا طالب أيد بنتك للجواز، من يوم ورايح قولي ياكريم، ضحك وكمل قائلا، ماهو أنا هكون في حكم أبنك أمسك عبد الفتاح الهاتف، ونظر للشاشة بصدمة، غير ماصدق ماسمعت أذنه، فقال: أنت طالب أيد ضحى بنتي للجواز رد بابتسامة: أيوه، أنا جي لحضرتك بكرا أتقدم رسمي...
بعد أمتصاصه لصدمته وأستعاددة هدوئه فكر بالمنطق: طب وأهلك رأيهم أيه في الجوازة دي... تحدث بهدء والابتسامة تزيين شفتيه: موافقين، لو مكنوش موافقين مكنتش أتصلت بحضرتك، لسه والدي بملغني موافقته، هااا يحج قولت أيه، أجي بكرا أتقدم رسمى علت أبتسامة الفرحة وجه عبد الفتاح عند سماع كلامه: موافق من دلوقتي، هو أنا أطول نسب زيك...
رد بابتسامة: ميعادنا بكرا أن شاء الله وعندما أغلق عبد الفتاح هاتفه، صاح بفرح: ياااااأمينه، يااااااضحى هرولت كلا من أمينه وضحى على هتاف عبد الفتاح أمينه بخضة: خير ياعبدو بتزعق ليه سألت ضحى هي الأخرى: في أيه يابابا عبد الفتاح بلهجة تشوبها الغبطة: في كل خير ياضحى، زرغطي ياأمينة أمينة بفضول: أزرغط على أيه رد بابتسامة واسعة: في أن عريس جاي يتقدم لبنتك بكرا...
تغيرت ملامح وجهها الى العبوس، وقالت برفض: عريس أيه يابابا دلوقتي رد عبد الفتاح: ده مش أي عريس، ده كريم بيه وفجأة تبدلت ملامح وجهها العابسة الى أبتسامة هادئة أطلقت أمينة زغرودة عالية، وأحضنت أبنتها قائلة: مبروك ياضحى...
أستغربت من تبدل حاله ومزاجه المضطرب، محدثة نفسها عن سبب تغيره، ماذا حدث هناك جعله شخص هائج... عندما أًصبحا بداخل الشقة، نظر لها بأسف وعلامات العذاب بادية بوضوح على وجهه، بادلتها نظراته بنظرة ترقب، منتظرة منه الكلام... وعندما ظل صامتا قالت بخفوت: حصل أيه في الملجأ، متمتمه بلهجة حزينة، طبعا رأيك أتغير، وخلاص عرفت أني منفعش ليك...
انتفض في وقفته عندما سمع كلامها، أغمض عينيه من شدة الألم، ظلت صامته في مكانها لا تقوى على الحراك، فجأة فتح عينيه، رأت الدموع في عينيه... هذا المشهد قفز أمام عينيه، مافعله بها من أنتهاك لجسدها العفيف، تقلصت ملامح وجهه وأرتعش جانب فمه، ثم هتف فيها والدموع تنساب على وجنتيه: أنا اللي منفعش ليكي، أنا حيوااان...
نظرت له حائرة، فهي لا تفهم كلامه ولكنها شعرت بالشفقة تجاهه، لمست كتفه برقه: أهدى رأى نظراتها الحنونة، فزاد بكائه، فهو لا يستحق هذه النظرة منها، أزداد الصراع بداخله، فقد حان موعد الاعتراف، لا يستطيع أخفاء جريمته الى الأبد، فهو يمتلك طفلين، طفلاه يعيشون في ملجأ، هتف بوجع: أاااااه.. أااااه حاولت تهدئته فقالت برقة: أدعى ربنا يمكن ترتاح، أنا لما بكون تعبانة، بصلي وأدعي، أعمل زيي...
نظر لها بألم: أنتي أزاي كده، بعد اللي عملته معاكي، لسه قلبك طيب، أنتي حقك تمسكي سكينة وتغرزيها جوا قلبي وتريحني... أستغربت كلامه، ودعوتها لقتله، ماذا حدث لكل هذا، نظرت له حائرة لا تفهم: ليه كل ده هتف بهستريا: عشااااان.. عشااان أنا...