logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 5 من 12 < 1 5 6 7 8 9 10 11 12 > الأخيرة



look/images/icons/i1.gif رواية زهرة ولكن دميمة
  01-03-2022 12:48 مساءً   [31]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد الفصل السادس عشر

عذبتني حيرة مشاعري نحوه، بالرغم من قسوته كان يحنو عليا أنا فقط، طلب المغفرة وتوسلني، أعطاني ألامان وأسرة دافئة، لكني لست قديسة كي أسامحه تماما برغم كل مايفعل لي، مازال هذا الألم يأبى أن يزول
أنا لست قديسة
انا مجرد فتاة تعذبت، تألمت، عانت من قسوة الحياة

بمجرد دخول ضحى الغرفة، أنصدمت من رؤية حماتها على هذا الشكل، فقالت بخوف: مالك نيروز
وضعت نيروز يديها على رقبتها تحاول التنفس وأشارت باتجاه الخارج وبصوت متقطع: مش عارفة أتنفس، بخاخة النفس بتاعتي في شنطتي
نظرت ضحى حولها بهلع ثم ردت بتوتر: مش شايفة أي شنط قصادي
ردت عليها باختناق وبصوت مبحوح: شنطتي في العربية.

خرجت ضحى من الغرفة مهرولة حتى توقفت أمام السيارة، فتحت الباب وهي تتنفس بقوة، القت ببصرها في الداخل حتى وقعت عينيها على الشنطة، فتحتها بأصابع ترتعش من شدة توترها لم تعثر مباشرة على الجهاز، فقامت بتفريغ محتويتها على الكرسي، رأته مع العديد من الأشياء، أمسكته مباشرة ثم جرت مسرعة الى الداخل..

رأتها تتنفس بصعوبة مخرجه أنيين متألم، وضعت جهاز الاستنشاق على فمها وقامت بالضغط، أخذت تدعو لها بخفوت
فتحت عينيها وهي تتنفس بصوت مسموع، تأملتها نيروز لثواني وهي ترى نظرات الخوف في عينيها بالرغم ممافعلته معاها، أبتسمت أبتسامة متعبة ثم أردفت قائلة: تعبتك معايا، شكرا ليكي ياضحى..

ردت عليها قائلة: مفيش حاجة تستحق الشكر وحصل خير، أتصل بالدكتور يجي يشوفك
شعرت بالخجل من نفسها فلم تجروء على النظر بداخل عينيها: مفيش داعي أنا كويسة
قالت لها بهدوء: نصيحة مني خلى الجهاز في جيبك أو شنطتك المهم مش يبعد عن متناول أيدك
هزت رأسها ثم أردفت قائلة: هاخد بكلامك ياضحى، أنا همشي بقا..

_ مينفعش تمشي وأنتي لسه تعبانة
_ أنا بقيت كويسة
_ طب مش هتستني كريم
_ هبقا أكلمه، ثم تحركت باتجاه الباب وكانت بجوارها ضحى في نفس اللحظة فقالت لها مترجية: أقعدي شوية كمان تاخدي نفسك
ردت عليها نيروز: لو حسه أني مبقتش أحسن مكنتش أتحركت، وعايزه منك طلب قبل مااخرج
سألتها ضحى باهتمام: طلب أيه؟

أردفت قائلة بابتسامة خافتة: مش عايزه كريم يعرف حاجة باللي حصل، مش عايزه يتخض عليا والأفضل متقوليش ليه أني جيت وأنا هبقا أتصل بيه
سارت ضحى خلفها في صمت حتى تأكدت من ركوبها سيارتها في سلام، ظلت في مكانها لعدة دقائق تنظر الى الفراغ وتساؤل في عينيها، أدركت بغريزتها أن هناك شيء ما ودعت أن تكون حياتها سهلة مع عائلة زوجها...

أشتاقت له بشدة وبعد مضي فترة من الوقت، ذهبت الى الشرفة تنتظره فهو أتصل أخبرها كل ماحدث وأنه تم القبض على شهاب ودينا وأن الجميع بخير وهما في طريقهم الى المنزل وهو قادم في الطريق شعرت بالراحة النفسية عندما أطمئنت على كل أحبابها، راحت تراقب الأشجار وأوراقها الخضراء، تابعت بنظراتها كل شيء أمامها، أغمضت عينيها بتركيز واستمعت لصوت الكون حولها الهواء الشجر، وعندما فتحت عينيها وجدته أمامها يتأمل وجهها بحب..

نظرت له بدهشة: أنت جيت أمتى وأزاي وصلت من غير ماأحس بيك، ده أنا كنت مستنياك
أجابها بابتسامة عاشقة: كنتي سرحانة في أيه خلاكي مش تحسي بوجودي، أكيد فيا طبعا
ردت بابتسامة: لا مش فيك بالظبط، كنت سرحانة شوية مع الطبيعة
وضع يده على قلبه وقال بضحك: أااه ياقلبي وبتقوليها في وشي طب قولي أه
غلب ضحى الضحك: أه كنت بفكر فيك..

_ بعد مازعلت خلاص مش مسامح
_ هو ده شكلك وأنت زعلان ياريت تبقا زعلان علطول ثم ضحكت
أمسك بيديها وقبلهما بحب جارف، نظر الى عينيها قائلا بشوق: واحشتيني أوي، أخذ يداعب يديها برقة ثم ضمها الى حضنه، كل حاجة فيكي واحشتني
_ وأنت كمان واحشتني
أدارها في حضنه وقال بحب: أنتي ليه دلوقتي حلوة أوي بزيادة
أبتسمت بغرور متصنع: ده العادي بتاعي على فكرة
ضحك على طريقة كلامها وغمز لها: طب ماتيجي ندخل الأوضة..

حاول ضمها فدفعته بمرح: نتعشا الأول أنا مأكلتش طول اليوم ولا أنت كمان
غمز لها مرة أخرى: هتندمي
ضحكت وهي تبتعد عنه: هندم على حاجة واحدة لو سمعت كلامك ومعملتش العشا وأتعشينا
بعد وقت قليل أعدت ضحى الطعام ووضعته على السفرة
كريم بابتسامة: كلي دي من أيدي، قام بأطعامها وسط جو مليء بالضحك وكلمات الغزل..

كانت تبتسم له ولكن كل ذلك لم يمنع شرودها الغير مقصود فيومها كان حافل بالمفاجأت فالمصائب تأتي دفعة واحدة على رأي المثل بداية من خطف زهرة حتى زيارة حماتها
وضع كريم يده فوق يديها وربت عليها برقة ثم رفع يديها وقبل باطنها بحب، نظر لها مبتسما وقال: هنضطر نسافر بعد بكرا نيويورك
قالت ضحى: بسرعة كده..

_ المفروض كنا نسافر قبل كده لكن بسبب الظروف اللي حصلت من مرض بيسان وخطف مرات أكنان منعوني عن السفر، دلوقتي بيسان بقيت أحسن وزهرة وولادها كويسين
_ عايزه أروح أشوف زهرة بكرا، بحاول أتصل بيها تليفونها مقفول، عايزه أطمن عليها
_ حاضر بس خليها بعد بكرا قبل مانسافر هوديكي ليها ومن عندها على المطار دوغري...
_ ومينفعش بكرا ليه؟ أنا عايزه أشوفها..

_ مينفعش ياضحى ورايا كام مشوار مهمين بكرا
أبتسمت في تفهم: طيب خليها بكرا، طلب أخير عايزه
كريم بابتسامة: أطلبي ياحبي
أبتسمت قائلة: الكلام اللي قولتلهولك بخصوص زهرة وأكنان، ياريت محدش يعرف بيه ولا حتى أكنان، هو لو عايز يتكلم هيتكلم
كريم تصنع الزعل: أنا مش وعدتك لما حكتي ليا حكايتهم، قولتلك أيه بعديها أعتبري سرك في بير
قالت بهدوء: حبيت أكد عليك مش أكتر، ثم مدت يديها وقامت برفع أول طبق، أمسك يديها وأرجع الطبق مكانها غمز له قائلا: وبعدين ياحبي.. أنا أستنيت كتير.

جفل أكنان وجلس فوق فراشه عندما ظهرت أمامه بدت في غاية الجمال والعذوبة، كانت ترتدي فستان أبيض، كان وجهها وجسمها يشعان بالنور وشعرها البني الذهبي منسدل طليقا على ظهرها، وعينيها الرزقاوتين تلمعان ببريق خاص، وأسنانها تكشف عن أبتسامة عابثة...

قال بذهول: زهرة أنتي كويسة
ردت عليه ضاحكة: صحتي تمام وقامت بفرد يديها ثم ثنتهم بحركة رياضية، أبتسمت له ثم رقصت أمامه بخفة كالفراشة وبقدميها الحافيتين أخذت تدق على الأرض بنعومة، حركت سبابتها بأغراء لكي يأتي لها
وجد نفسه أمامها في غمضة عين وبشوق ظل محبوس لوقت طويل حضنها بكل مايملك من قوة، قال أكنان برقة: بحبك يازهرة..

ردت عليه بابتسامة أسرة: وأنا كمان، ردها أسكره بالسعادة من رأسه حتى أخمص قدميه، فقبلها بقوة وأصبح ليلهم ليل خاص بالعشاق
قبل أستيقاظه أرتسمت على شفتيه أبتسامة سعيدة، القى يديه بجواره فلم يجدها، جلس فوق الفراش الابتسامة أختفت عندما أكتشف أنه كان يحلم بيها ثم تنهد بعمق قائلا لنفسه، ياليتى هذا الحلم كان واقع، فهذا الحلم كان أجمل أحلامه..

أغتسل بسرعة وذهب مباشرة الى غرفتها، فتح الباب بهدوء، ثم دلف ببطء ونظر اليها من مكانه رأها مازالت نائمة ومستغرقة في نوم عميق وصوت شخير ناعم يصدر منها.. عندما أطمئن عليها أغلق الباب خلفه، شعر بوخز داخل قلبه، الى متى ياقلبي ستظل تتألم
أخرج هاتفه وأتصل بطبيب بيسان للأطمئنان على حالتها، ثم ذهب لرؤيتها وفي داخل غرفتها في المستشفى..

كان الجميع متواجد معاها.. فالطبيب أذن لها بالخروج
كريم ممازحا: ماشاء الله وشك منور وبقيتي أحسن من الاول
قالت بابتسامة خافتة: اهو أرك ده اللي جابني هنا
تصنع الزعل: كده بردو يابوسة، ده أنا سبت العروسة عشان خاطر عيونك الحلويين
_ قولي بقا عامل أيه في الجواز
_ مفيش أحلى من كده يارتني سمعت كلامك من زمان أول لما كلمتك عنها
_عشان المرة الجاية تبقا تسمع كلامي..

قاطعهم أكنان قائلا: أنا عارف لما بتفتحو في الكلام مش بتسكتو، يلا عشان تلبسي ولا قعدة المستشفى عاجبتك
أبتسمت له وبنبرة فيها القليل من الألم: لأ طبعا ده أنا مصدقت هخرج النهاردة، أنا زهقت بجد وعاوزة أخرج من هنا
جيلان بابتسامة: مش أنتي لوحدك ياحبيبتي
نجم أمسك بيديها برقة: الحمد لله أنك بقيتي كويسة
رن هاتف كريم فقال: هطلع برا دقايق أرد على نيروز
غادر الغرفة ولحقه أكنان مباشرة..

سأله أكنان عندما رأى عبوس وجهه: مالك
_ ماما سافرت من غير ماتقولي
_ عادي مش مستاهلة التكشيرة دي
_ مش تكشيرة بس مستغرب أحنا كنا متفقين نسافر مع بعض بكرا وهي تسافر النهاردة، مش مرتاح
رد أكنان بهدوء: هي نيروز ديما كده عليها تصرفات غير متوقعة، المفروض انك أتعودت
أجابها بلهجة عابسة: أه وهو المفروض
سأله أكنان: هتروح تجيب الشيخ أمتى..

رد عليه قائلا: هروح أجيبه دلوقتي، عقبال مابيسان تروح هكون جبته معايا زي ماقال أول ماتخرج من المستشفى يروح ليها
تفاجىء أكنان وكريم بظهور زاهر أمامهم
هتف كلاهما في وقت واحد: زاهر
زاهر بابتسامة: طبعا زاهر بشحمه ولحمه
سأله أكنان بحيرة: أخر مرة أتصلت الدكتور قال انك لسه في غيبوبة
أجابه بابتسامة شاحبة: ماهو أنا أول مافوقت وعرفت باللي حصل وقدرت أتحرك ركبت أول طيارة عشان أطمن على بيسان..

تقلصت ملامح وجه أكنان بالغضب لمجرد ذكر ماحدث قال له بحدة: أنا مرضتش أتصرف وسكت عشان خاطرك أنت يازاهر، لولاك كنت قلبت الدنيا
ابتلع ريقه بألم: عارف أن الأعتذار ملهوش لزمة دلوقتي، بس اللي حصل مكنش ليا يد فيه، أنت عارف كويس أن بيسان روحي ومستحملش عليها أي حاجة واللي أذتها أمي أمي اللي كل في أيدي أدعي ليها ربنا يسامحها ويهديها، كل اللي عايزه منك تديني فرصة أحاول أصلح الوضع..

كريم بانفعال: مفيش تصلح الوضع، أنت معرفتش تحافظ عليها
قاطعه أكنان قائلا: براحة ياكريم
زاهر بلهجة برجاء: أحنا الأتنين منقدرش نعيش من غير بعض، اللي حصل ليها وأكتئبها عشان بعدها عني واللي حصل ليا لما حسيت أنها ممكن تسيبني
سأل أكنان مستفسرا: تقصد أيه
شرد زاهر في ذكرياته وأخذ يسرد ماحدث والسبب الذي أدى وقوعه والدخول في غيبوبة وكلام الاطباء أنه لا يوجد سبب لأستمراره في الغيبوبة وعندما أنتهى قال.. كل اللي عايزه فرصة..

أكنان أشار بأبهامه وقال بلهجة محذرة: هديك فرصة ودي هتكون أخر فرصة، مش عايز أخسرك
هتف كريم: أيه اللي بتقوله ده ياأكنان
أشار له بالتوقف: كريم أهدى شوية وفكر، بيسان بعد ماترجع لطبيعتها محتاجة زاهر معاها
صمت للحظات وقال: اللي تشوفه
سأل زاهر متلهفا: أدخل أشوفها وبيسان هتكون في عينيا..

أكنان قال بهدوء: مش دلوقتي هي هتخرج النهاردة وهنجيب شيخ يريقها، مش دلوقتي لما الشيخ يقول أنها بقيت كويسة
قال زاهر بألم: أن شاء الله تخف
_ تعالا شوفها بكرا أحسن
هز رأسه في صمت كئيب: هجي بكرا..

أنصرف كريم ودلف أكنان الى الداخل وأستعد الجميع للرحيل، وقف زاهر أمام المستشفى في الركن وأنتظر خروجها لرؤيتها لكي يملي عينيه منها، فقد كان مشتاقا لها، أشتاق لسماع صوتها لكل شيء فيها، تسارعت دقات قلبه عندما رأها من بعيد كنت تمشي بهدوء ورزانة ورغم مرضها وجهها مازال محتفظ بجماله الخاص لكن لمعت عينيها أنطفئت وصارت خواء، أنتفض في مكانه متألما لرؤيتها هكذا وبعيون لا ترمش ولا تحيد عنها ظل متتبع تحركه حتى ركبت السيارة وأختفت لتسقط دمعة وحيدة ووعد نفسه أنه سيصلح الأمور بينهم مهما تطلب منه من وقت.

أستيقظت بعد عدة ساعات من أنصرافه، كان شعرها مبلل ملتصق من شدة العرق، أنشبت الحمى في جسدها، حاولت الاعتدال والجلوس فوق الفراش لكنها فشلت فالحمى تمكنت منها، قرع الباب ودلف الصغيرين وأخذا في القفز واللهو بجوار الفراش
أياد بابتسامة طفولية: يلا قومي بقالك كتير نايمة..

حاولت الرد، لكن الكلمات ظلت حبيسة حلقها، شعرت بالعجز، دموعها أنسابت بألم، أرتعشت شفتها، أصابها دوار قاتل فسقطت نائمة مغمضة العينين، حاول الصغيرين جعلها تفيق لكن كل محاولاتهم بائت بالفشل، خرجو الى الخارج...
ماأن دلف أكنان الى داخل الفيلا حتى أستقبله الصغيرين
أياد بلهجة طفولية: كنت فين.

رد عليه بابتسامة: كنت عند عمتكم وأول ماطمنت عليها جيت هنا علطول، شرد لثواني في أحداث أخر ساعة، عندما أتى الشيخ وقام برقيتها وقال أنها أصبحت أفضل والسحر المعمول لها أصبح ليس له وجود وبعد أنصراف الشيخ أستغرقت بيسان في النوم مباشرة
جذبه وليد من البنطلون بعنف وهتف فيه: روحت فين؟

أكنان بابتسامة: موجود أهو قصادك
سأل وليد: هو أنا عندي عمة
_ أيوه عندكم وعمة عسولة أوي كمان
قال وليد وأياد في وقت واحد: عايزين نشوفها
رد عليهم بابتسامة: حاضر هتروحو تشوفها، هي فين ماما
قال أياد بضيق: لسه نايمة ولما جيت أصحيها مش ردت تصحى
قاطعه وليد قائلا: وأنا لما لمستها كانت سخنة أوي..

أكنان بمجرد سماعه كلمات أبنه، لم ينتظر التأكد منه وأخذ يركض على السلالم بسرعة، وجد نفسه أمامها، رأى جسدها يرتعش، لمس جبهتها وجد حرارتها مرتفعة، وبأضطراب أخرج هاتفه وأتصل بالطبيب.

لم يعرف الطبيب سبب أصابتها بالحمى، فطلب مجموعة من التحاليل ليتأكد من تمام صحتها، لازمها أكنان وأخذ ينظر اليها في فراشها بعيون حزينة وقلب متألم، أستشعر بغصة لرؤيتها ضعيفة وتعاني، جلس على حافة الفراش همس بأسمها بخفوت، بللت دموع الندم وجنتيه، أتى الليل ومازال الوضع كما هو الا من أتصال الطبيب الذي أخبره ان التحاليل سليمة ولا يوجد بيها شيء وكل مايجب فعله أن تأخذ مخفضات للحرارة وكمادات مياه باردة.

في العتمة وسط هذيانها، كان هو الوحيد بجوارها، أخذ يمسح وجهها وشعرها بمنديل مبلل بالماء البارد، فتحت عينيها بضعف تشابكت النظرات، نظرة متلهفة تقابلها نظرة شاردة مغيبة
همست بأعياء: عطشانة.

توقفت يديه الممسكة بالترمومتر في الهواء وتمتم بالدعاء والشكر عندما فتحت عينيها وطلبت الماء، وضع الترمومتر جانبا وقام بصب كأس من الماء لها، رفعها من فوق الفراش وأسند رأسها على صدره، قرب حافة الكأس من شفتيها وسقها وعندما أنتهت من الشرب غفت مباشرة على صدره وبعيون ملتاعة أخذ يتأملها بحب شدها اليه أكثر، مرر برقة أصبعه على جانب شفتيها ماسحا قطرات الماء المنسابة، مرر أصابعه بحنية على شعرها..،

تنهد بصوت مسموع مع كل لمسه لها، ظل على هذا الوضع فترة من الوقت، أنهاكه التعب بعد فترة من عمل الكمادات لها، أراد أراحة جسده قليلا، فتسلل الى جانب الفراش ونام بقربها وظل بجوارها نائما حتى ساعات الفجر الاولى أستيقظ مفزوعا عندما وجد نفسه أستغرق في النوم كل هذا الوقت مرر أصابعه باضطراب على جبهتها، فوجد الحرارة أختفت، وعندما أطمئن أنها أصبحت أحسن، قفز من فوق الفراش سريعا فهي لن تتحمل رؤيته نائم بجوارها، تسلل من غرفتها بهدوء وقبل خروجه نظر لها بحب لا نهائي ممزوج بحزن عميق..

بدأت أشعة الشمس تحيط بغرفة زهرة من الخارج والداخل، بدأت تسمع أصوات ضاحكة بجوارها، شعرت بالألم ففتحت عينيها ببطء شديد، فشاهدت أطفالها بجوارها مبتسمين
وليد بابتسامة: صحي النوم ياماما كل ده نوم
زهرة وهي تبتسم بصعوبة: ده أنا لسه نايمة
أياد هز رأسه نافية: لأ أنتي نمتي يومين بحالهم..

وضعت يديها على رأسها المتألمة وسألت باستغراب: هو أنا نمت بجد يومين ولا بتهزرو
رد وليد بلهجة طفوليه: أه أحنا لما جينا هنا أمبارح كنتي نايمة وسخنة أوي
وأكمل أياد مقاطعا: ولما قولنا لبابا أكنان جاب الدكتور وفضل جنبك طول الليل
قال وليد بعبوس: وكان بيعمل ليكي كمادات ومرضاش أي حد فينا يقعد معاكي، أنا أضايقت أوي منه
وشاركه أياد الكلام: وأنا كمان..

زهرة تململت على الفراش بعدم راحة وهي تسمع حديثهم فقالت بابتسامة خافتة: هو عايز مصلحتك ياحبيبي عشان مش تتعدو مني
أياد بلهجة طفولية: أصحي بقا عشان جعان
ردت زهرة: رحو أنتو وأنا جاية وراكم نفطر كلنا سوا
بدأت زهرة بالتحرك حتى وصلت أمام الحوض، غسلت وجهها لكي تزيل بقايا غشاوة التعب والنعاس من على وجهها.. أخذت تلقي دفعات من الماء على وجهها، حتى أنتظمت أنفاسها وشعرت بالهدوء..

على طاولة الأفطار.. رأت أكنان متصدر مقدمة الطاولة، تناولت الطعام في صمت، لكن أطفالها لم يكفو عن الكلام واللهو، نظراتها لهم كانت شاردة سرحت في خيالات الليلة الماضية وبدون وعي لمست جانب فمها المرتعش..
لاحظ أكنان هذا الشرود الذي سيطر عليها، لكنه لم يعلق وأستمر في تناول أفطاره..

نظرت له بحيرة فبادلها بنظرات دافئة وقال بهدوء: أنا ماشي وهجي بالليل ده كان أتفاقنا لما خرجنا من فيلا شهاب أني أفضل معاكي، لسه عند أتفاقنا ولا هتقولي متجيش هنا تاني
همست بخفوت: أنا مش برجع في كلامي والأتفاق أتفاق
أبتسم بهدوء وقال: مع السلامة ياحبايبي ووزع نظراته على الكل وقبل كلا الصغيرين

فتحت عينيها بوهن، لم تستوعب لأول وهلة تواجدها في غرفتها، حاولت النهوض لكنها توقفت عن الحركة والتفتت الى صوت الباب الذي يفتح ببطء، ترقبت القادم بدت مصدومة من رؤيته...

بخطوات مترددة أقترب منها وجلس بجوارها على الفراش وظل يتأملها بحب ممزوج بندم، خانتها دموعها فأنسابت في صمت، أشاحت بوجهها بسرعة لكي لا يرى دموعها التي لا تدري لها سبب محدد، ندم أم خوف أم خذلان أم فرحة لرؤيته
شعرت بيد تلمس كتفها ثم أدار رأسها تجاهه، مسح دموعها ونظر لها بحب، سألها برقة تغللت داخل أحاسيسها بسرعة: حسه بأيه...

ارتفع صوت بكائها وهي تسمع صوته المحب
سأل بقلق: هو في حاجة وجعاكي
أجابته وهي تمسح دموعها: أنا كويسة، بدت الحيرة في عينيها سألته بتشوش، أنت عرفت أزاي؟ وجيت هنا أزاي؟
أنت كنت في غيبوبة..

قال بابتسامة باهتة: الغيبوبة فوقت منها عشان أفضل معاكي، وجيت طبعا بالطيارة أول ماعرفت باللي حصل ليكي، سألها بتردد، عرفتي السبب اللي وصلك لحالتك دي هزت رأسها في صمت وقالت بخفوت: أيوه أكنان قالي
حاولت النهوض لكنها لم تفلح لشعورها بدوار مفاجىء..

وضع يده حول خصرها مانعا أياها من السقوط وبالأخرى عدل وضع الوسادة خلفها، وجدت نفسها محاطة بين كلتا ذراعيه، شعرت بدغدغة خفيفة تعتريها وزادت نبضات قلبها، شعرت بنفسها ضعيفة هشة بين أحضانه وصدره العريض الذي أختبرت نشوة دفئه العديد والعديد من المرات، شعرت بقلبها الذي أصابته البرودة ينصهر يشتعل، أرادت وضع أناملها على صدره للشعور بدقات قلبه، هل ينتفض كقلبها، أرادت ضمه لتصدق أنها لا تحلم، كادت ترفع يديها لكنها شعرت بالعجز، رجعت بجسدها للخلف متفادية الأحتكاك به..

لم يريد البعد عنها، لكن لابد له من الأبتعاد مضطرا حتى لا يتفاقم الوضع بينهم، هي لازالت ضعيفة ومشوشة، تألم لرؤيتها هكذا، ضعيفة ومنكسرة
قال زاهر بهدوء مصطنع: وجودك في حياتي حسسني أني عايش مش مجرد ظل كنتي النكهة الحلوة في حياتي، وكل دقيقة وكل ساعة وكل يوم كنا في مع بعض كنت في منتهى السعادة، كان بيمر عليا وقت والخوف يسيطر عليا أنك تبعدي..،

كنت مستكتر وجودك في حياتي، لحد ماالخوف ده أتحول ليقين، همس بألم عندما أستعاد ذكريات هذا اليوم، سمعتك بتكلمي كريم وبتقولي ليه خلاص زهقت وأنا ناوية أبعد، مستحملتش ولقيت الدنيا بتلف بيا ووقعت على السلم ودخلت في غيبوبة، غيبوية لما فوقت منها أقتنعت أني فضلت فيها بأردتي، فوقت لما حلمت بيكي وأنك محتاجني، فوقت عشانك أنتي وبس، وبعدين عرفت باللي حصل ليكي واللي عملته أمي معاكي وأنك أتظلمتي واتألمتي كتير، سامحيني يابيسان أني مقدرتش أحميكي..

همست بارتجاف: أطلع دلوقتي
نطق كلماته بهدوء: هفضل معاكي ومش هطلع أنتي محتاجني وأنا محتاجك، أنتي أتخلقتي ليا وأنا أتخلقت ليكي مقدرش أعيش من غيرك ولا أنتي تقدري تعيشي من غيري عشان مصيرنا أحنا الأتنين مربوط ببعض، مش همسح للي حصل يفرق بينا، هنقاوم أحنا الأتنين لحد مانعدي الازمة وترجعي بيسان حبيبتي...

رفع يديها وعقد أصابعه في أصابعها ثم قبل أناملها برقة قائلا، بينا أحنا الاتنين هنعدي الأزمة وهترجعي زي الأول فاهمة يابيسان أنتي حته مني
ارتجف جسدها وشعرت بمشاعر مختلفة تغزوها فما مرت به لم يكن بالشيء الهين، فالحب ليس كل شيء في الحياة..

كانا في السيارة أمام الفيلا عندما قال لها كريم: هسيبك معاها ساعة تطمني عليها، هروح أخلص أجرءات السفر وأجي أخدك
نظرت له بحب: وأنا هستناك
بمجرد دخولها من باب الفيلا، أدار السيارة وأنطلق بها
في الداخل تفاجأت زهرة بأن ضحى موجودة في الأسفل وتسأل عنها
نزلت السلالم بسرعة وهتفت بسعادة لرؤيتها: واحشتيني يابت..

ضحى بابتسامة: وأنتي كمان يازوزو، هنفضل كده وافقين مش هتعزميني على حاجة يابخيلة
بادلتها الضحك: هو أنتي لحقتي، حاضر هشربك ثم نادت على الخادمة، لسه بردو بتحبي عصير المانجا
رسمت ضحى شكل قلب بأصابع يديها وقالت: ده عشق العشق
أحضرت الخادمة العصير، أرتشفت ضحى عصيرها بتلذذ واضح ثم قالت بابتسامة: فكريني لما أجي من السفر أجيلك هنا عشان أشرب عصير مانجا، أصله طعمه حلو أوي..

صمتت وهي تسمع أخر كلماتها فقالت: أنتي مسافرة
أرتسم العبوس على محياها وهي تقول: مسافرة النهاردة مع أن من جوايا مش عايزه أسيب هنا، مع أن بابا وماما سابو البيت وسافرو مصر
_ هما أهلك سافرو خلاص
_ أيوه يازهرة، لما زروني بابا قالي عندي مفاجأة حلوة أنهم لقو شقة حلوة وكمان جاله شغل في شركة كبيرة وهيسافرو علطول
بلهجة يشوبها بعض الحزن: خلاص كله سافر وحتى أنتي كمان..

ضمتها ضحى وقالت بحب: هتصل بيكي علطول، طمنيني عليكي الاول أنتي كويسة وأيه شغل العصابات اللي حصل معاكي، أنا بقرا الحاجات دي في الروايات وأشوفها في الافلام لكن عمري ماتخيلت أن ده يحصل معاكي، أحكيلي كل حاجة بالتفصيل، رأت نظرات زهرة المذهولة لكنها أكلمت حديثها.. طبعا من بصتك دي هتقولي عرفت أزاي وأنتي مقولتيش حاجة، أنا عرفت من كريم ماهو أكيد كريم هيقولي، قوليلي بقا تليفونك كان مقفول ليه، ده أنا أترعبت عليكي بالرغم أن كريم طمني بس قولت لزم ولابد أشوفك بنفسي، هو اللي أسمه شهاب ضرب علكيم نار والطلقات جيت في الهوا، الحمد لله أنها جيت في الهوا بصراحة الراجل ده يستاهل الشنق..

قاطعتها زهرة بضحك: أفصلي شوية أيه تسجيل وأتفتح، وأنا كويسة وقعدة قصادك، تعالي هنا ومادام كريم حكلك على كل حاجة عايزني أتكلم ليه هو وجع دماغ وخلاص
ضحكت قائلة: عشان هو لو نسى حاجة أنتي تحكيها، ثم نظرت في أرجاء الفيلا بتركيز، قوليلي يازهرة بصراحة أيه الوضع هنا في الفيلا، بعد ماعرفت أنه هيعيش هنا معاكم وأنتي أتقبلتي الوضع أزاي..

شردت زهرة وسرح تفكيرها وخيالها فيما مضى
لاحظت ضحى شرودها المبالغ فيه، فحدثتها قائلة: كل السرحان ده عشان جبت سيرته بس
عادت زهرة من شرودها بعد تلك الكلمات التي أطلقتها ضحى وقالت لها: أنا لحد النهاردة مش قادرة أنسى بالرغم كل اللي بيعمله معايا
أردفت ضحى قائلة: أركني ذكرياتك أحبسيها عشان تقدري تعيشي..

_أنا للأسف مش قادرة أنسى الماضي، اللي حصل زمان كان صعب أي حد يعدي منه وأنا عديت منه ياضحى بس بندوب لسه معلمه جوايا خلت مشاعري مشوهة أنا بقيت منفعش منفعش أكون أي حاجة
صمتت ضحى قليلا تفكر في كلماتها ونظرت لها بهدوء شديد: قولتي يازهرة أنه ندمان ويتمنى ترضي عنه، ليه مش عايزه تفوقي من الشرنقة اللي معيشة نفسك فيها ليه رافضة تفوقي، ربنا بيسامح يازهرة سامحيه حاولي تسامحيه، أنسي وبلاش تفكري نفسك باللي حصل، النسيان نعمة وبكرا تقولي أنا كان عندي حق..

تشوشت رؤيتها بالدموع فهي تشعر بحيرة وتخبط في مشاعرها تجاهه وأصبحت لا تعلم ماذا تريد، شددت ضحى من قبضتها على يديها وقالت: أسمعيني كويس يازهرة الدنيا أديتك فرصة من دهب حياة جديدة ومستقبل جديد بلاش تخسريهم وراجل بيحبك وندمان، في رجالة غيره بيهربو من ذنبهم ويقولو ملناش فيه، أكملت كلامها برجاء سامحيه حاولي تديله فرصة
زهرة بنبرة متشنجة: ححاول ححاول ياضحى..

_ أوعديني أنك تديه وتدي نفسك فرصة
_ أوعدك ياضحى
_ فين بقا الولاد عشان أسلم عليهم مش سامعة ليهم حس
_ فوق في أوضتهم بيلعبو
_ عايزه أبوسهم وأسلم عليهم قبل ماسافر
_ تعالي معايا نطلع ليهم ومتقوليش أني مش حذرتك
_ من أولها كده هتظلمي الولاد دول كيوت من غير ماشوفهم..

أول مازهرة فتحت الباب، تعالت أصوات الصراخ تسمرت ضحى على الباب للحظات ثم ضحكت على مايحدث أمامها
أياد بصراخ: سيب اللعبة بتاعتي
يقوم وليد بجذبها من يده قائلا بصراخ: لأ دي بتاعتي
_ لاااااابتاعتي أنا
_دي بتاعتي أنااااا
وكلا الشقيقين يجذبون اللعبة وكلاهما يصرخ في وجه الأخر
همست زهرة بضحك: أتفضلي سلكي بين الكيوت حبايبك..

تصنعت ضحى الرحيل: لااااياختي سلكي بينهم أنتي، أنا هروح أكمل العصير بتاعك لحد ماجوزي الكيوت يجي ليا
قامت زهرة بدفعها لداخل الغرفة وأغلقت الباب وقالت بابتسامة: روحي يلا فضي الخناقة
ضحكت زهرة فبادلتها ضحى الضحك
توقف الصغيرين عن الشجاروالتفتو اليهم بفضول، فتعالت أصوات ضحكاتهم أكثر وأكثر..


look/images/icons/i1.gif رواية زهرة ولكن دميمة
  01-03-2022 12:49 مساءً   [32]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد الفصل السابع عشر والأخير

مع الوقت ننسى الألم فيصبح الماضي كأن لم يكن.

في آخر النهار وبعد غروب الشمس وأختفائها في الأفق
رجع أكنان الى البيت فلم يجد أطفاله في الجوار، صعد إلى غرفتهم فتح الباب بهدوء رأها من مكانه تحكي ليهم قصة ومندمجة في تقليد أصوات الطيور، والصغار يضحكون في محاولة لتقليدها زينت شفتيه ابتسامة ناعمة لرؤيتهم هكذا، هتف أياد وقفز من فوق الفراش: بابا جاه..

تبعه إياد هو الآخر ملقيا نفسه عليه
التفتت زهرة له ونظرت إلى أطفالها فرأت الفرحة في عيونهم، رفعت عينيها دون قصد تلاقت النظرات رأت بداخل عيونه مشاعر متعددة، تملكها التوتر فأبعدت رأسها في الإتجاه الآخر
قالت بارتباك: يلا ياحبابيبي وقت النوم..

رفض الصغيرين طلبها بالنوم فقال لهم أكنان بلهجة أمره: أسمعو الكلام، لو نمتو دلوقتي هوديكم بعدين تشوفي عمتكم وجدكم، لاحظ نظراتها الغاضبة عندما وعد الصغار بزيارة العائلة
هتف وليد وأياد في وقت واحد: بجد
-ايوه بجد روحو نامو يلا
_حاضر..

أسرع الصغيرين كل واحد باتجاه فراشه، قامت زهرة بجذب الغطاء على كل منهما وأعطت كل منهما قبلة وقالت بابتسامة: تصبحو على خير واحلام سعيدة
وليد وأياد: وانتي بخير ياماما
عندما اغلقت باب غرفتهم ظل أكنان واقف أمامها بهدوء ثم قال: أنا مستني
_مستني ايه بالظبط؟

_شكلك بيقول عايزه تتكلمي بخصوص وعدي ليهم
نفخت بضيق وردت عليه بلهجة منفعلة: انت ازاي تاخد القرار ده من دماغك هما مش مستعدين دلوقتي يتعرفو على أهلهم
إجابها بثبات: بالعكس يازهرة ده أنسب وقت أنهم يتعرفو على أهل باباهم، دي جذروهم ومستقبلهم ولزم يتعلمو حب العيلة وبيسان أختي نفسها تشوفهم قبل ماتسافر، بلاش تحرمي ولادك من عيلتهم..

هتفت بحدة: أنا لو عايزه أحرمهم مكنتش اتجوزتك، بس الوقت مش مناسب
أخفى غضبه بصعوبة وقال بهدوء مفتعل: خلاص انا وعدتهم ومش هخلف وعدي ليهم وختم كلامه تصبحي على خير
ثم تركها مغادرا تضرب اخماسا في اسداس

كانت رحلة طويلة لها من مصر الى أمريكا أستغرقت ساعات كثيرة، ولأول مرة في حياتها تطىء قدمها أرض غريبة غير مدينتها، كانت تنظر لوجوه الناس بتأمل عميق وللمباني الشاهقة التي تلمع واجهاتها الزجاجية من خلال السيارة...

توقفت السيارة امام بوابة عريقة، أمسك يدها برفق وقال: هناهنعيش وشعرت به يضع قبلة سريعة على خدها، يلا بينا
فتح لهم الباب وأصبحت في الداخل وقفت ضحى في مكانها، تتأمل فخامة المكان ولمسات الفن المعماري المهيب مشهد يسلب اللب، شردت للحظات تخيلت نفسها أميرة في عصر الأميرات وهي تنزل بفخامة على السلالم وفي الاسفل أميرات يضحكن وموسيقى ناعمة تنساب في الجو، بدأت تتحمس وتنفض عنها التوتر..

أشار للخادم بحمل الشنط الى غرفته وتفريغها، التفت اليها فرأى شرودها سألها مبتسما: أيه رأيك؟
_ حلو أوي
_ يلا نطلع أوضتنا زمانك دلوقتي عايزه ترتاحى
_ بصراحة أه..

شعرت بالراحة وهي تجلس فوق الفراش تتحس ملمس الغطاء، أخذت تتأمل كريم وهو يتكلم في الهاتف ونظرت حولها بشرود لكن ذلك لم يمنع رؤيتها جمال وأناقة الغرفة وعندما أنهى الأتصال جلس بجوارها وضمه واضعا رأسها فوق قلبه وقال برقة: حسه بأيه وأنتي هنا معايا؟

ردت بهدوء: حسه بالرهبة شوية
نظر لها بقلق: أيه اللي خلاكي تقولي كده
قالت له بلهجة رقيقة: رهبة عشان في بلد غريبة ومكان جديد عليا، لكن أنا في قمة سعادتي عشان موجودة معاك، وجودك معايا هو الأمان هو سعادتي الحقيقية..

ضمها أكثر وربت على شعرها وقال: وأنا هعمل أي حاجة عشان أخليكي ديما سعيدة ثم رفع رأسها وقبلها على وجنتيه، زمانك تعبانة دلوقتي نامي شوية ثم أراح جسدها على الفراش ونهض
سألت بخفوت: رايح فين؟
رد عليها بابتسامة: هخرج أخلص كام حاجة وهجيلك علطول
هزت رأسها وهي تشعر بالأرهاق وبمجرد خروجه أستغرقت في النوم مباشرة..

وفي الأسفل نزلت نيروز من سيارتها وأتجهت إلى ملحق الفيلا المفضل لزوجها، رأت ناصر جالس على أحد الكراسي رافعا قدميه على طاولة صغيرة كانت تتوسط المكان وفي يديه مجلة مندمج في قرأتها
بدأت نيروز بالصراخ: أنت هنا وأنا برن عليك مش بترد...
رد في هدوء: خير يانيروز كنتي عايزاني في أيه
هتفت في وجهه بحدة: كنت عايزاك في حفلة تكريمي وبلاش الأسلوب ده معايا، لوي الدارع ده مش عليا
مط شفتيه بضيق: تقصدي أيه؟

_أنت عارف أنا قصدي أيه كويس.. من وقت لما قولتلك خلاص أنا مش معاك في لعبتك وأبعد عنها
قال بلامبلاة: وأنا سمعت كلامك وبعدت عايزه أيه تاني
قاطعته بعصبية: ترجع زي الأول وبلاش لويت الوش دي معايا
أستدار برأسه ورجع عدة خطوات باتجاه الملحق وهو يسمع صياحهم وهمهمات كلام غير مفهومة
طرق على الباب ثم دلف، نظر كلا والديه اليه بصدمة
قالت بارتباك: أنت جيت أمتى؟

_ لسه جاي مبقليش نص ساعة وبدل مالقيكم في أستقبالي بتتطمنو عليا أسمعكم بتتخانقو مع بعض، أيه سبب الخناقة المرة دي
ضمته نيروز وقامت بتقبيله على وجنتيه وقالت بابتسامة مضطربة: حمد لله على سلامتك، متزعلش مني عشان مكنتش موجودة بس للأسف كان عندي مؤتمر بتكرم فيه ولسه جاية منه دلوقتي، باباك السبب في الخناقة مرضاش يجي معايا وقال مشغول وأعرف أنه بيضحك عليا وقاعد في البيت
ضحك وقال: متزعليش نفسك ماهي مش أول مرة يزوغ عن مؤتمر بتتكرمي فيه، معلش بقا مضطر أسيبكم هروح مشوار ساعة وجي علطول..

زمت شفتيها قائلة: هو أنا لحقت أقعد معاك
رد عليها بابتسامة: بكرا تشبعي براحتك سلااااام وأعطاها قبلة في الهواء وخرج مباشرة
تنهدت نيروز براحة: الحمد لله مسمعش حاجة

تقلبت ضحى على الفراش وهي نائمة تحلم بكابوس ثم نهضت وهي في حالة فزع شديد ثم صرخت، دلف كريم بسرعة على صوت صراخها
قال بلهفة: مالك حبيبتي
وهي تلهث قليلا قالت: كابوس حلمت بكابوس
أحاط احدى يديها بكفيه فشعر بأناملها باردة وترتعش فتناول يدها الأخرى وضمهم بين كفيه يفركهما لتدفئتهم
_ خير أحكيلي بالراحة..

_ كل اللي فاكره أني كنت في الضلمة، الضلمة وبس وأنت بتبعد وفوقت لقيت نفسي بصرخ
أحتضنها كريم وهمس في أذنها: متخافيش من أي حاجة طول ماأنا جمبك
_ خايفة
_ خايفة من أيه؟
_ خايفة الشغف والحب اللي بينا يروح..

أمسك يديها ووضعه مباشرة فوق قلبه وهمس برقة: هنفضل نحب بعض وهنكمل مع بعض طول ماقلبي بيدق والشغف اللي بينا هيزيد، ثم ضحك قائلا بس أكيد الحياة مش هتبقا علطول حب في حب
نسيت توترها وابتسمت له: بالعند فيك هتبقا أيامنا حب في حب
وظلا متعانقين فترة من الوقت ثم قال لها برقة: أنتي قرة العين لي
_ وأنت قرة العين لي ياحبيبي ياعمري ياروحي.

بعد مرور عدة أيام، لم يحدث فيها الكثير بالنسبة لضحى وكريم أيامهم كانت شهر عسل دون منغصات من أهل زوجها، أما زاهر نجح في أكتثاب ثقة بيسان وقرر السفر الى فرع الشركة في المانيا والبدء في حياة جديدة هناك بعيدا عن ذكريات الماضي، أما صفيه بعد العديد والعديد من الإعتذارت رجعت إلى منزل زوجها لكن العلاقة بينهم لم تعود كما الأول
والعلاقة بين زهرة وأكنان أصبحت هادئة حاولت زهرة الأستماع لنصيحة ضحى وتقبل وضعها ونسيان الماضي.

قررت بيسان أمضاء أخر ليلتها الأخيرة في مصر مع أهلها
قبل سفرها مع زاهر، دعت أكنان وأصرت على حضور زوجته وأولاده معه أرادت رؤيتهم والتعرف إليهم، معرفتها بوجودهم كانت صدمة هائلة بالنسبة لها لكنها استطعت تخطيها وتمنت له السعادة فهو عانى الكثير في حياته...

أجتمع الكل في حديقة الفيلا، زينت الحديقة بالأضواء فبدت كشموع تتلألىء لتضيف على وجوه الجميع بهجة ورضا، الرجال أهتمو بالشواء فيما أخذت جيلان وبيسان وزهرة بتحضير المقبلات، ركض وليد وأياد في الحديقة وضحكات الجميع تملىء المكان
سهرو مع بعض حتى أخر الليل، أضحكتهم بيسان بالنكات التي كانت تلقيها وبعض الحكايات المضحكة عن طفولة أكنان، وجدت زهرة نفسها بالتدريج تندمج مع المرح الذي ساد في الغرفة، ووليد وأياد لم يكفا عن اللعب والحركة مع نجم وجيلان حتى أنهكهم التعب.

لم يكف أكنان عن النظر لها كانت ترتدي فستان أبيض ناعما وحذاء من الجلد الخفيف ليس له كعب، ملابسها بسيطة وخارقة للعادة، بساطة مثيرة، بساطة الشمس حين تطلع وحين تغيب لم تكف عينيه عن التطلع اليها، يشتاق لها يريد الأرتواء من ريحقها المسكر
عندما رأت تثاؤب أطفالها قالت لهم: بعد أذنكم عايزه أنيم الولاد.

نهضت جيلان من مكانها وحملت أحد الصغيرين وقالت: تعالي معايا أوريكي الأوضة اللي هينامو فيها
وبمجرد أنصرافهم قالت بيسان بابتسامة متلاعبة: عينيك متشالتش من عليها، باين عليك واقع على الأخر
أكنان بابتسامة: وأنتي بقا قعدة مراقبني
هزت رأسها بضحك: هو بصراحة الكل مش أنا لوحدي.

غمز لها زاهر: براحة عليه يابوسة
أبتسمت لزوجها قائلة: حاضر هخف، ماتقولي ياكينو ياأخويا ياحبيبي حكايتكم من أولها وبلاش تلاوعني في الكلام، أتعرفت على زوزو أزاي وأمتى، وأزاي أنا معرفتش
أردف بابتسامة ماكرة: أتعرفنا على بعض زمان ورجعنا لبعض دلوقتي..

زمت شفتيها بضيق: نعم ودي بقا الأجابة على كل أسئلتي
_ أيوه يابوسة وبطلي فضولك ده شوية
_ ماشي ياكينو هبطل فضول بس مسيري هعرف
قام أكنان من مقعده ثم قال: تصبحو عى خير
أبتسم نجم وقال في هدوء: أخيرا جاه اليوم اللي أشوف أبني هنا وقاعدين كلنا مع بعض..

نظرت له بيسان وأردفت قائلة: يعني معندكش فضول زيي تعرف أيه حكاية مراته وولاده
لاذ بالصمت للحظات ثم قال ببطء: هو لو عايز يقول لينا هيقول، وأنا كفاية عليا أنه حاول ينسي ويبتدي معايا صفحة جديدة، كفاية عليا أنه ممنعش أحفادي عني مع أن ده من حقه، أنا مكنتش ليه الأب المثالي..

شعرت بيسان بالحزن في صوته فقامت من مكانها وجلست على مسند كرسيه وأحاطته بأحدى ذراعيها وضحكت مغيرة مجرى الحديث: بس الولاد نسخة مني، دول لو كانو ولادي أنا مكنوش هيبقو شبهي كده
أبتسم ببطء قائلا: شبهك أوي ودخلو قلبي وأحتلوه
تصنعت الزعل: وأنا بح خلاص بقا مليش مكان
_ لا طبعا أنتي ليكي النص بحاله..

_ وليه بحاله كتير أوي عليا ولا أقولك خليها الربع
قرص خدها بخفة وقال مبتسما: أنتي الكل في الكل طبعا
تابع زاهر في صمت حركات الأب مع أبنته، ابتسم وهو يرى سعادتها البادية على وجهها.. تحدث قائلا: أنا داخل أنام تيجي معايا ومد يده اليها، أبتسمت له وأمسكت يده، هجي معاك وقبل أن تتحرك قبلت والدها على وجنتيه، تصبح على خير..
_تصبحي على خير ياحبيبتي..

في الغرفة عند زهرة
بعد أن تأكدت من نوم أطفالها أخرجت بيجامة من الدولاب وحدثت نفسها أن اليوم كان جميلا بالرغم من توترها في البداية فهي كانت تخشى مقابلة عائلته ولكن تحت أصرار الصغيرين ذهبت معهم مضطرة والأن هي تشعر بالراحة، زينت شفتيها خفيفة وهي تسترجع ما مضى وسعادة صغارها مع ولهوهم مع الجد والعمة وعندما وصلت أفكارها باتجاهه متذكرة نظرته الخاصة لها فقامت بهز رأسها وأتجهت الى الحمام، عندما خرجت تفاجأت به جالس على حافة الفراش
سألته بلهجة متوترة: أنت بتعمل أيه في أوضتي.

أردف بابتسامة هادئة: قصدك أوضتي أنا
بلعت ريقها بصعوبة: أوضتك أوضتك
_ أيوه أوضتي أوضتي
_ ومادام هي أوضتك جيلان جبتيني هنا ليه
رد عليها في هدوء: عشان أنتي مراتي وأوضتي هي أوضتك..

قالت بسرعة: لا وأطلع بات في أي أوضة الفيلا كبيرة وفيها أوض كتير
نهض من مكانه وأقترب منها بخطى واثقة وتمعن في النظر لها، شعرت بالأرتباك من نظراته
همس بصوت أجش: مراتي يازهرة ياريت تفهمي كلامي ده كويس أنا سيبك براحتك وبقول هي معذورة في تصرفاتها وزي مابيقولو للصبر حدود، أنا مكنتش هنام هنا ثم أشار باتجاه باب مغلق أنا كنت هنام في الاوضة دي..

سألت بهمس متوتر: أومال كنت عايز أيه
رفع خصلة شاردة من شعرها ووضعها خلف أذنها وهمس بخفوت: كنت عاملك مفاجأة متأكد أنها هتبسطك أوي
أضطرب جسدها من هذه اللمسة الخفيفة فقالت بحدة: مش بحب المفاجأة
_ بس المفاجأة دي هتحبيها
_ مش عايزه أعرف
_ هتندمي على فكرة وعلموم مش هتحرك من مكاني الا لما تعرفي المفاجأة وتقبليها كمان
سألت وهي تشعر بالقلق: مادام هتخرج أنا موافقة..

نظر بعينيها وقال: قدمتلك في كلية الطب المفروض من أول السنة تتابعي دراستك فيها
هزت رأسها عدة مرات غير مصدقة ماسمعت أذنيها، دخولها كلية الطب وأن تصبح طبيبة كان حلم حياتها هي ووالدها
قالت وقد لمعت عينيها بالدموع: ينفع أكمل دارستي عادي
ابتسم وقال: أنتي بقيتي طالبه في الكلية فأكيد ينفع..

شردت زهرة مع ذكريات الطفولة وحلمها الذي أصبح فيما بعد حلم بعيد المنال
هو من خلال بحثه في خلفيتها علم عن حلمها، هي أصبحت كل شيء بالنسبة له أصبح متعلق بها بشدة، تردد قليلا قبل أن يقول: مبسوطة يازهرة، ثم ربت على رأسها بخفة
هذه الحركة البسيطة جعلتها تفيق من السعادة التي عاشت فيها للحظات، أبتعدت عنه وواجهته: أنت ليه عملت كده؟ ليه قدمت ليا في الكليه؟
مرر أصابعه في شعره وقال: مش عارفة ليه عملت كده؟
ردت بخفوت: أحساسك بالذنب صح.

أعترض على كلامها وهتف بيأس: لا مش أحساس بالذنب يازهرة، أمسك بيديه كلا كتفيها وهزها، أنا تعبت تعبت من مشاعري ناحيتك، أنا عملت كده عشان اشوف نظرة، نظرة سعادة واحدة في عينيكي، أنا عملت كده عشان بحبك، هتف بألم بحبك، حبيتك وأنتي زهرة بتاعت زمان وحبيتك أكتر لما عرفت زهرة الحقيقية، أنا عملت كل ده عشان بحبك.. أتجوزتك عشان بحبك مش عشان خاطر الولاد وبس، عشت معاكي في نفس المكان عشان مقدرش أعيش من غيرك
أنكمشت وهي تسمع كلامه، أندفعت من عينيها الدموع وصاحت: بس أنا مش.

ترك أحدى يديه الممسكة بها ووضعها على فمها وصاح هو الأخر بألم: عارف، أنا كل اللي عايزه تتقبلي وجودي في حياتك وجودي كزوج حقيقي مش مجرد خيال، أنزل يده وخرج بسرعة من الغرفة بخطى غاضبة، غاضبا من نفسه بسبب أنهياره وعدم تحكمه في أعصابه.

أنهارت زهرة جالسة فوق الفراش، أنسالت الدموع فوق وجنتيها، لاتدري ماذا تفعل أغمضت عينيها في تعب وتكومت فوق الفراش، هل يحبها حقا؟ أم ماذا؟ هل أسامحه أم لا، أخذت تدعو كثيرا أن ينير الله طريقها فهي تشعر بالتعب والتشتت وعدم القدرة على اتخاذ القرار، لا تعلم كم من الوقت مر وهي بهذه الحالة عندما فاقت واستعادة توازنها
أخيراً عرفت ماذا تريد، وقررت في أقرب وقت يجتمعو سويا اخباره بقرارها المتعلق بمصيرهم معا...

في الصباح تناول الجميع الإفطار على سفرة واحدة، ساد الجو المحيط بيهم دفء الأسرة بهجة خاصة بهجة تجمع العائلة في مكان واحد، شعر أكنان بوجود شيء مختلف فيها، إحساس داخلي يخبره بذلك، ابتسامتها ضحكاتها مختلفة حتى نظراتها، وعند الإنتهاء ركبت كل مجموعة سيارتها الخاصة حتى المطار وفي الداخل..

ضمت بيسان كلا الصغيرين بحب وقالت بتأثر: هتوحشوني كتير
إياد بلهجة طفولية: وانتي كمان هتوحشيني شوية مش كتير
ضحك الجميع على رد إياد
ضحكت بيسان بصوت عالي: هوحشك شوية شوفت ابنك ياكينو طالع ليك قال هوحشه شوية ثم نظرت له مبتسمه، مقبولة منك ياسي إياد وإنت بقا ياوليد هوحشك أد ايه..

_هتوحشيني اد البحر
_ حبيبي ياوليد شوفتو الواد الدبلوماسي، ضحكت قائلة مش طالعك ياكينو اكيد الدبلوماسية دي من مامته
غمز أكنان لزهرة وقال: طبعا طبعا المنبع كله عندها
وبعد فترة ركبت بيسان وزاهر الطائرة الخاصة بهم، وركبت جيلان السيارة مع إبنها وقبل الانطلاق قال نجم: تبقا تجيب الولاد كل فترة وبلاش تقطع بزيارتهم ليا قلبي اتعلق بيهم أوي..

إجابه بنبرة ثابته: هبقا هوديهم الفيلا، مع السلامة يجوجو
جيلان بابتسامة: مع السلامة ياحبيب جوجو، مع السلامة ياحبابيبي
انطلق نجم السيارة.. وبعدها مباشرة انطلق أكنان هو الاخر
زهرة كانت جالسة بجواره، لسانها انعقد عن الكلام من شدة توترها، همست بخفوت: ياااا
التفت لها وقال بفضول: نعم يازهرة عاوزة تقولي حاجة..

ردت بارتباك: اه أنا فكرت في كلامك امبارح وعاوزة ادي لعلاقتنا فرصة
انصدم فقد النطق لثواني، نظر لها يتأكد من وجودها بجواره وأنها هي نفس الشخص وسأل مكررا: قولتي ايه؟
_أنا قررت ادي علاقتنا فرصة
هتف بسعادة: واخيراااا، اللحظة دي استنتها كتير
امسك كف يديها وضغط برقة..

وهمس بابتسامة: اوعدك يازهرة انك هتعيشي سعيدة معايا وأخذ يصيح بسعادة، أنا أسعد إنسان في الكون
شعرت بالراحة من قرارها لتزين شفتيها ابتسامه هادئة، ودعت في سرها براحة البال وأن تملىء البهجة حياتها

إنها ليست النهاية ولكنها مجرد البداية.

أتمنى أكون قدرت أسعدكم، وأوصل ليكم هدفي من الرواية، حقيقي أسعدني تفاعلكم، وأرائكم على الحلقات.
انتظروني في خاتمة لزهرة ولكن دميمة.


look/images/icons/i1.gif رواية زهرة ولكن دميمة
  01-03-2022 12:49 مساءً   [33]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية زهرة ولكن دميمة الجزء الثاني بقلم سلمى محمد الفصل الختامي الأول

مرت الأيام وتعاقبت الأحداث في حياتهم، فهناك أيام مرت بسعادة وأخرى بحزن وشقاء، فالحياة ماهي إلا أيام معدودة.
أغمض عينيه يدعي النوم وكتم أنفاسه متمنيا أن تظل بجواره ولا تهرب إلى غرفتها ككل مرة فهذه المرة كانت مختلفة فهي من أتت إلى غرفته لأول مرة تذكر نظراتها المرعوبة عندما رأته أمامها وردها المتلعثم عن سبب تواجدها أنها رأت نور الغرفة مضاء وإنه تأخر في المجيء، لم تسمعه عندما أتى فحسبت أحد الأولاد أستيقظ وعبث في النور...،

شعر ببريق من الأمل يتوغل داخل قلبه من ردها فهي اهتمت لاحظت تأخره في الخارج، ظلت مستيقظة من أجله وجد نفسه بالقرب منها كانت هادئة نظراتها مختلفة لم يعلم متى أشتعل الجو بينهم وفي لحظة أصبحت بين ذراعيه، فاق من شروده على صوت حركة خفيفة، تابعها بعيون شبه مغمضة وهي تتسلل من فراشه عندما تأكدت من نومه، بمجرد أختفائها جلس وأخذ يزفر بغضب بالرغم من مرور سنة على علاقتهم إلا أنها مصممة على الهروب والإنعزال بداخل غرفتها، أراد الذهاب لها وحملها بالغصب إلى غرفته لكي يضعها مرة أخرى في فراشه حتى ينعم بدفئها وتنام في حضنه، لكنه لم يتزحزح من مكانه لم يرد أخافتها مقررا الإنتظار فما حدث اليوم تطور ملموس في علاقتهم وأخذ يراقب الفراغ بعيون خاوية متألمة..

بمجرد أن دخلت غرفتها انهارت جالسه على المقعد القريب من النافذة، غطت وجهها بيديها وبكت مثل الطفلة
سرت رعشة باردة حادة في جسدها وبعد أن استعادت هدوئها نسبيا فسرت ماحدث لها منذ لحظات بسبب استسلامها وقبولها بالأمر الواقع، همست بحدة ماحدث لا يجب أن يشعرك بالذنب فأنت زوجته لكنك يازهرة السبب فيما حدث كان أين عقلك وتفكيرك السليم عندما ذهبت إلى غرفته بملابس النوم هزت رأسها بغضب...

ظلت مستيقظة حتى الفجر تراقب بسكون كل شيء وغرقت في تأمل ماحدث لها أشتعلت ثارت مشاعرها عندما توصلت الى حقيقة ماتشعر به تجاهه، شعرت بالإضطراب فهي أصبحت تشتاق له رغماً عنها أصبحت تشتاق للمساته همساته الدافئة وهي بين ذراعيه، فهو دائما طيب وحنون معاها، عندما أصبحت زوجته فعليا كانت تتوقع النفور لكن العكس هو ماحدث كان رقيق معاها وضع مشاعرها في المقدمة لم يكن أناني حدثت نفسها بغضب ماحدث مجرد رغبة مجرد رغبة فقط لا غير فهو يمتلك من الخبرة ماتجعلك ترغبيه..

فتحت عينيها بتكاسل شديد استغربت للحظات وجودها على المقعد، لمحت الساعة بطرف عينيها فوجدتها الساعة السابعة والنصف أنتبهت ثم نهضت من مكانها مذعورة، دلفت إلى الحمام مسرعة أخذت شهيق عميق، فتحت الصنبور فملأت كفيها بالماء البارد وألقته على وجهها عدة مرات حتى فاقت تماما، أرتدت معطفها ثم ركضت إلى غرفة أطفالها وأخذت باستبدال ملابسهم بسرعة وهم يضحكون وعيونهم مليئة بالمرح فماضيهم التعس لم يصبح له وجود
أياد بلهجة ضاحكة: براحة شوية..

_لو ملبستوش بسرعة هتتأخرو على المدرسة
وليد وأياد في نفس الوقت: يبقا بلاش مدرسة النهاردة
زينت شفتيها إبتسامة هادئة وهي تقول: كفاية مماطلة في الكلام ويلا عشان متتأخروش أكتر من كده
أنتهت من تحضير كل شيء لهم وأطمئنت عليهم حتى أنطلق السائق الخاص بهم بالسيارة، نظرت الى الساعة فوجدت أن المحاضرة الأولى قد فاتتها، أسرعت إلى داخل غرفتها لأرتداء ملابسها فمستحيل أن تتأخر على المحاضرة الثانية فالحضور عليه درجات..

عندما أنتهت هبطت الدرج مسرعة دون أن تنظر أمامها، عند نهاية الدرج فوجئت بأكنان أمامها
تحدث بلكنة هادئة: صباح الخير
ردت بلهجة باردة: صباح النور
حاول كسر الجليد بينهم فقال: عاملة أيه في الكلية
أردفت قائلة: كويسة..

نظر إلى حقيبتها المتدليه فوق كتفها بشريط طويل تسائل بابتسامة: كل دي شنطة نوعها أيه؟ مش شايفها كبيرة شويتين
توهجت نظراتها بلمعان خفيف وهي ترد: على فكرة الشنطة دي عمليه أوي في الكلية واسمها توتي باج
حرك رأسه بايماءة خفيفة قائلا: مادام مريحاكي تبقا حلوة، يلا بينا عشان أوصلك
نظرت له بحيرة وهي تسأله: توصلني فين؟

_أوصلك كليتك
_هااا كليتي
_أيوه كليتك
_ومن أمتى بتوصلني الكلية، أنت ديما بتخرج قبلنا
غمز لها وهمس: آه اتاخرت، نفس اللي أخرك وهوصلك النهاردة عشان مفيش حاجة تركبيها والسواق بتاعك راح بالولاد المدرسة ولا هتستني لما يرجع يوصلك..

لمعت وجنتها بحمرة خفيفة من تلميحاته ثم أومأت برفض: لا طبعا مش هستنى السواق ولا أنت هتوصلني، أنا اتصلت بأوبر والعربية هتيجي دلوقتي واتحرك شوية عشان أعرف أعدي
حاول التكلم بهدوء فقال: مش هتحرك ومش هتركبي أوبر
دقت قدميها على الأرض بغضب: ليه بقا مينفعش
جز على أسنانه وهو ينظر له: عشان إنتي مراتي ومش هتركبي مع راجل غريب..

زمت شفتيها ورددت منفعلة: نعم راجل غريب، طب ماانا بتعامل في الكلية مع معيدين ودكاترة رجالة ايه الفرق ولا هو تحكم فيا وخلاص
نظر لها متأملا حمرة الانفعال على وجهها وعيونها اللامعة شرد للحظات غارقا في جمالها الخاص عند الغضب فهي مميزة في جميع حالاتها، هز رأسه بخفة ثم تحدث بثبات: مش تحكم فيكي سمي اللي بعمله خوف عليكي ولا نسيتي اللي حصل زمان ومن ناحية الكليه أنا عندي خلفية عن كل شخص بتتعاملي معاه فلما تبقي هناك ببقا مطمن ده غير الحارس اللي ملازمك ومتابع حركاتك من بعيد زي ماطلبتي فعشان كده ببقا مطمن عليكي..

_طب ماهو هيحصلني وهيبقا متابعني وانا في العربية في ايه لما أركب العربية
_فيه هبقا قلقان عليكي افرضي حصل حاجة
_هو أنت ليه شكاك كده وبتفترض أسوء حاجة وأنا بقولك مش هيحصل حاجة وافرض حصل حاجة وده من رابع المستحيلات الحارس هيكون موجود
قاطعها بنبرة حادة: عندك إختيارين ياهتستني السواق يأوصلك أنا، غير كده مفيش كلية النهاردة
نظرت إلى الساعة ثم إليه رأت بداخل عينيه نظرة مصممة على رأيه وهي ستتأخر إذا لم تتحرك الأن..

رفعت رأسها له وأجابته بحدة: وصلني
تفحص وجهها بتمعن وغمز لها: ماكان من الأول
تملكها الغضب، أرادت جرحه على فرض رأيه، فقالت ببرود: لولا بس عايزه ألحق المحاضرة مكنتش اتحركت معاك خطوة واحدة أنا أصلا مش بطيقك بقرف
توهجت عينيه بلهيب الغضب، حرك سبابته على وجنتيها بقسوة قائلا بسخرية: يبقا بتضحكي على نفسك وعليا
أرتعشت والتزمت الصمت، تجاهلها وسار الى الخارج ولم ينتظرها فأسرعت خلفه مردده بأنفعال: أستنى أستنى أنا
لم يلتفت لها وصعد الى السيارة وبمجرد ركوبها أنطلق مباشرة..

مرت الدقائق وهما لا ينطقان بأي كلمة، يكادان لا يتنفسان فكلماتها جرحته في الصميم شعرت بالندم فهي تحب رفقته
كان ينظر الى الطريق لم يلتفت لها، فأخرجت مذكرة لتقرأها لأضاعة الوقت لكنها عجزت عن التركيز بسبب شعورها بالذنب
أقتربا من الجامعة وتوقفت السيارة على بعد عدة مترات من باب الجامعة..

قبل خروجها تنهدت بصوت مسموع قبل أن تقول بخفوت: أنا أسفه أنا بالعكس بستمتع بالكلام معاك بحب وجودك
تجمد في مكانه مصدوما غير مصدق ماسمع هل تعتذر له، تناسى إهانتها إزاح غضبه بعيدا سأل بهمس: أنتي قولتي أيه
_ أنا أسفة
_الكلام اللي بعد أسفة
_ بحب وجودك ورفقتك..

قفز قلبه طربا لمجرد إحساسه بأن مشاعرها تغيرت تجاهه، أنها فقط البداية ليفوز بحبها، أرتسمت على وجهه علامات الأمل
وعلى عدة أمتار من باب الجامعة كانت تقف فتاتين يتحدثن
قاطعت نور الحوار مشيرة باتجاه السيارة المتوقفة: مش دي زهرة بردو ومين إللي وقف معاها
التفتت داليا برأسها وحدقت بتركيز ليعلو ثغرها إبتسامة خفيفة: أيوه هي ثم صفرت بإعحاب، إللي معاها قمرررر
قاطعتها نور قائلة: وطي صوتك..

أجابتها بضحكة متحمسة: بطلي الخجل إللي إنتي فيه وخلي أفكارك متحررة زيي ومتحاوليش تكبتي مشاعرك وإعجاب وإللي مع زهرة عاجبني
بغنج ودلال مصطنع سارت داليا تجاههم
همست نور: رايحة فين يامجنونة
أدارت رأسها وقالت بابتسامة متلاعبة: هتعرف عليه
_أهدي ياداليا وبلاش شغل الجنان ده
_وأنا بموووت في الجنان.

انفرجت شفتاها بابتسامة مغرية: صباح الخير يازهرة
ردت عليها: صباح النور ياداليا
سألتها وهي تختلس النظر له: أول مرة تتأخري عن محاضرة
شعرت بوخز حاد في قلبها وهي ترى نظرات داليا الملتهمة له
ردت بنبرة جافة: لزم أول مرة في أي حاجة..

أطلقت ضحكة خافتة مغرية: طبعا، مش تعرفينا يازهرة على حضرته ثم نظرت له ومدت يديها لكي يصافحها، أنا داليا صاحبة زهرة الأنتيم
صافحها قائلا بابتسامة: أكنان، أختلس النظر الى زهرة فوجد وجهها عابس مكفهر
كان واضح لها أن داليا كانت تحاول لفت أنتباهه وهو عرف نفسه على أنه أكنان فقط بدون كلمة زوجها، الكلمة التي حاولت أخفائها عن الجميع هنا، شعرت بعدم الارتياح ومزيج من المشاعر المختلفة..

قاطعتهم بابتسامة باهتة: وأبقا مراته ياداليا وغمزت لها بسخرية
نظرت لها ببلاهة حائرة: مراته هو أنتي متجوزة
ردت عليها بجمود: مش لازم حياتي الشخصية كل حد يعرف بيها ومع السلامة ياداليا
ردت بغيظ مكتوم: سلااام يازهرة، سلااام ياأكنان ثم سارت مبتعدة
رد زهرة الجاف ومعرفتها أنه زوجها كان كسيل الماء البارد المنهمر فوق رأسها، أكملت طريقها وهي تشعر بالغضب والغيرة منها..

تفحص وجهها قائلا بابتسامة خبيثة: مكنش ليها لزمة تتكلمي مع صاحبتك بالحدة دي
لمعت نظراتها ببريق حاد وهي ترد: أولا هي مش صحبتي وعلاقتي بيها من بعيد لبعيد
_بردو مكنش المفروض تكلميها بالأسلوب ده
_ يعني أنت مشوفتش كانت بتتكلم أزاي دي كانت بتتقصع قصادك
أراد أخراج مابداخلها من انفعالات: وفيه أيه؟
ردت عليه وعلى وجهها تعبير غاضب: كلامها باين من كلامها أنها معجبه بيك
غمز لها قائلا: مش أول واحدة تعجب بيا
هتفت بغيظ: نعم أنت جوزي وأنا مسحمش لأي واحدة تقلل من كرامتي..

_ تقلل من كرامتك مش مزودها شوية واحدة بتتكلم مع واحد بتحسبه مش مرتبط وهي مش غلطانة عشان أنتي اللي مش قايلة لحد أنك متجوزة، أنتي متأكده مفيش حاجة تاني غير الكرامة إللي معصباكي كده، نظر لها بتمعن وقال ممكن تكوني غيرانة
أطلقت ضحكة قصيرة وأرجعت رأسها للوراء ثم نظرت له: غيرانه لا طبعا، بس مش بحب نوعية داليا فكرتني بواحدة زمان نفس الطبع وحبيت أحطها في مكانها الطبيعي، أنا مراتك وأنت ملكي زي ماأنا ملكك..

شعر بالغضب من ردها فهي عنيدة جدا وحريصة على كتمان مشاعرها الحقيقية، رسم على وجهه أبتسامة خفيفة ثم قال: مضطر أسيبك دلوقتي مع السلامة ياحبي
_ سلام ثم سارت باتجاه البوابة
ظل أكنان في داخل السيارة يتابع دخولها بشرود محدثا نفسه الى متى ستظل تقاومه وعندما أختفت تماما انطلق بالسيارة..

أنتهت المحاضرة ولم تعلم الى أين تذهب فهي لاتريد مقابلة شلة داليا في الجوار والمحاضرة الأخرى بعد ساعة، قررت أن تذهب الى المكتبة فهي نادرا ماتتواجد هناك هي وأصدقائها، وعندما أقتربت من المكتبة سمعت صوت داليا يبدو أنها بالداخل أرادت الرجوع لكن الفضول تملكها لمعرفة سبب ضحكتها العالية..

داليا بسخرية: قال أيه بتقول جوزها، جوز مين اللي ظهر مرة واحدة أنا متأكده أنها مقضيها معه من غير جواز
نور برفض: لا طبعا كلنا عارفين أخلاق زهرة
زغرته بنظرات حارقة: مش عاجبك الكلام أمشي وملكيش دعوة بشلتنا
تراجعت نور في كلامها فهي لاتريد ترك جماعة داليا المسيطرة فوالدها عميد الكلية: خلاص متتعصبيش
ثم تعالت ضحكاتهم الساخرة، ضحكت داليا وهي تقول يااما تحت السواهي دواهي
لم تصدق ماسمعت أرادت الدخول لهم لكنها تراجعت فهي لاتريد أحداث شوشرة في الكلية يكفي ماحدث وأنفعالها على داليا، رجعت للوراء بأقدام متثاقلة تريد الهروب منهم..

نظرت إلى الساعة فوجدتها تخطت الثالثة صباحا، تنهدت بعمق فهو لأول مرة منذ زواجهم يتأخر في الخارج، فكرت بالإتصال بزهرة لكي تفضفض معاها في الكلام وقامت بحساب فرق التوقيت هنا وهناك فوجدت أن زهرة تكون مشغولة في الكلية بحضور المحاضرات فلم ترد ازعاجها يكفيها مابها هي الأخرى...
بعد تفكير طويل توصلت الى طريقة لكي تعتذر له فهي أخطئت في حقه.. أحضرت ورقة وقلم وخطت أعتذارها
لمحت زعل من عيونك تموتني وبسمة رضا من شفايفك تعيشني، أنا أسفة حبيبتك ضحى
ثم طوت الرسالة وأدخلتها في زجاجة..

وعندما سمعت صوت خطوات أقدامه تقترب من الباب دخلت الحمام الذي زينته مخصوص مسرعة لتضع الرسالة، فهي زينته مخصوصا له
ملئت البانيو بالماء الدافىء ووضعت الزجاجة لتطفو على سطح الماء.. عندما أنتهت خرجت لملاقته...

لم يلتفت لها وأكمل طريقه باتجاه خزينة ملابسه أخرج منها ملابس النوم ثم أتجه الى الحمام وبمجرد أغلاق الباب خلفه رأى المكان مزين والبانيو أيضا وفوق الماء زجاجة ملونة طافية، أبتسم أبتسامة تحمل أحاسيس متناقضة مابين سعادة وسخط أمسك الزجاجة وأخرج الرسالة، قرأها في صمت واتسعت بابتسامته على طريقتها في الأعتذار ثم عاد بخياله الى عدة ساعات ماضية..

قبل خروجه شعر من طريقتها المرتبكة في الكلام أنها تسعى الى شيء تريده، تصاعد الفضول بداخله لمعرفة السبب فسألها: أتكلمي من غير لف ودوران وقولي عايزه تقولي أيه
همست بتردد: سعادتنا ناقصها حاجة واحدة وتكمل
تأهبت حواسه وعرف ماتريد فسألها دون أن يبدو عليه المعرفة: وأيه اللي ناقص ياضحى
_ أننا نخلف أنك تكون أب وأنا أكون أم
_متعبتيش من الكلام في الموضوع ده..

ردت بحدة غير مقصودة: لا متعبتش أنا حسه سعادتي ناقصة ومش هتكمل الا بالخلفة منك
ضمها الى حضنه وهمس برقة: أنا مش حاطط موضوع الخلفة في دماغي وياريت تعملي زيي، أفهميني ياضحى الخلفة رزق وده أبتلاء من عند ربنا، مش معنى كده حياتنا تقف وتحصري سعادتك في النعمة اللي أنتي محرومة منها بصي للنعم الكتير اللي حواليكي الصحة الفلوس وزوج بيحبك ونعم تانية كتير أنتي مش حسه بيها، الأرزاق متقسمة بالعدل وكل واحد بياخد رزقه..

أومأت برأسها بايماءة خفيفة أراحت نفسها على صدره وهمست له: عارفة ياكريم بس غصب عني أنا نفسي أكون أم
تنهد بحدة: باين على الليلة هتطول طب عايزاني أعملك أيه دلوقتي عشان شوية وهمشي محتاج أكون في الشركة عشان صفقة سويسرا وموضوع السفر وكمان
قاطعته قائلة برجاء: أسافر معاك
فرك ذقنه بطرف أصبعه متسائلا: أول مرة تبقي عايزه تسافري، ليه؟

_ عايزه أشوف سويسرا
_ خليها المرة الجاية أوعدك تسافري معايا
قالت بأصرار: عايزه أسافر المرة دي
ظل عدة دقائق في محاولة أقناعها أنه لايستطيع أخذها هذه المرة، هتف بضيق: مينفعش
أردفت بالحاح: ينفع ماهو أنتي لو ليك غرض أسافر معاك كان اللي منفعش نفع..

نظر له بتمعن مندهش من أصرارها: ليه ياضحى مصممة تسافري معايا أنت أول مرة تتكلمي معايا كده
ظلت ضحى صامته فردد متسائلا: أتكلمي ليه السفرية دي بالذات
تنهدت وقالت: لو قولتلك السبب هتخليني أسافر معاك
أومأ رأسه قائلا: أيوه
تمتمت بكلمات خافتة: أصل راسلت مستشفى في سويسرا واتفقت على ميعاد مع دكتور هناك..

صرخ في وجهها: أتكلمتي وأتفقتي من ورايا وجايه تقوليلي دلوقتي بعد ماظبطتي كل حاجة، هي دي الثقة اللي بينا، فين كلامك ليا أنك عمرك ماهتخبي ولا تعملي حاجة من ورايا، ليه مكنتيش صريحة معايا من الأول وقولتيلي هااا، أنا ماشي عشان لو قعدت دقيقة واحدة مش عارف هعمل معاكي أيه
ظلت صامتة لاتقوى على الرد فهي بالفعل اخطئت عندما أخفت عنه مافعلت لكن حلمها بالأمومة سيطر عليها ولم تكن تتوقع غضبه الحاد..

هز رأسه بعنف نافضا الذكرى الكئيبة، خرج لرؤيتها فوجدتها تنتظره
اتخذت الخطوات الأولى تجاهه تلاقت النظرات، نظرت له باعتذار فبادلها بنظرات مؤنبة
همست بندم: أنا أسفة أسفة ثم ألقت رأسها على صدره واحاطت خصره بكلتا يديها مرددة بحبك ومقدرش على زعلك
حرك أصابعه برقة بين خصلات شعرها وهمس: خلاص ياضحى أنا مبقتش زعلان وبعد مافكرت مع نفسي قدرت موقفك، ثم قرص خدها برقة بعد كده متعمليش حاجة من ورايا مفهوم..

أومأت رأسها بالأيجاب: مبقتش زعلان مني
أجابها بابتسامة هادئة: عشان تعرفي أني مبقتش زعلان هتسافري معايا
هتفت بسعادة بالغة: بجد بجد هسافر
تأمل سعادتها بحب: أيوه بجد

عادت بيسان إلى غرفتها وهي ممسكة بكوب من النسكافيه يتصاعد منه بخار خفيف، جلست على الكرسي وأسندت ظهرها وأخذت ترتشف منه ببطء، دلف زاهر فوجدها شاردة تنظر الى السقف، أقترب منها رأى عيونها غائمة بالدموع ربت بخفة على رأسها وهمس بخفوت: بيسان
نظرت له بعيون دامعة: جيت بدري النهاردة
همس برقة وهو يداعب وجنتيها بحب: قلقت عليكي لما سمعت صوتك في أخر مكالمة بينا وطلع أحساسي صح، مالك يا حبيبتي
تنهدت بعمق وهي ترد: أنا كويسة
تنهد قائلا: طب قوليلي كنتي سرحانة في أيه؟

_سرحت شوية
_سرحتي في أيه؟
_ زهقت من العيشة هنا ونفسي نرجع بلدنا تاني
_تاني يابيسان هنتكلم في الموضوع
همست بحزن: عارفة بس أنا تعبت وأشتاقت أرجع عشان خاطري يازاهر فكر في كلامي، مش كفاية أني محرومة من الخلفة بلاش أتحرم من كله
ضمها الى صدره في حنان ورفع وجهها إلى وجهه ومشط شعرها الأسود الملقى وقبلها على رأسها، أخذت كلماتها تدق في رأسه وقلبه..

دست وجهها بالقرب من قلبه وأغمضت عينيها وهمست: عشان خاطري فكر تاني
قال وأصابعه مازالت تمشط شعرها: حاضر هفكر جديا في كلامك
رفعت رأسها ونظرت له بأمل: بجد
_أيوه بجد
_بحبك يازاهر بحبك قوي
شدد من أحتضانها وقال برقة: وأنا بعشقك

عقد العزم أن يتواجد معاها أكثر من الأول لكي يجتاح مشاعرها، أنصدمت من رؤيته منتظر أياهها أمام الكلية
فتح لها الباب وأرتسمت على وجهه أكثر أبتسامته أثارة: أتفضلي ياهانم عشان أوصلك
همست بتوتر: أول مرة تيجي
رد عليها بصوت متعمدا خروجه بلهجة مثيرة: ولا أخر مرة
دلفت الى الداخل دون أن ترد عليه، تفاجئت بوجود الصغيرين في المقعد الخلفي يلعبون..

لاحظ نظراتها المتسائلة: قولت أخليها توصيلة عائلية
همس قائلة: وياترى هتعمل كده علطول
_ على حسب لو مكنتيش مضايقة يبقا هوصلك علطول ثم أكمل مرددا أنت مضايقة
هزت رأسها نافية: لا طبعا
أبتسم بخفة: يبقا كل ماأفضى هوصلك
ثم قاد سيارته بهدوء و بين التارة والأخرى كان ينظر لها، لاحظ شرودها والعبوس المزيين ملامح وجهها
سألها بفضول: مالك يازهرة؟.. أحكيلي على إللي مضايقك يمكن أقدر أساعدك..

ظلت صامتة للحظات تفكر هل تخبره بماحدث اليوم.. ماسمعته من حوار وغمزات زملائها من تحت الى تحت بعد أن قامت داليا وأصدقائها بتسريب أشاعة أنها تعيش علاقة محرمة بدون رابط زواج، فركت يديها بتوتر وهي تنظر له ثم التفتت برأسها نحو النافذة تحدق في الطريق بضيق
سألها مرددا: في أيه يازهرة..

تنحنحت بتلعثم: سمعت النهاردة كلام ضايقني أوي
_ كلام أيه اللي ضايقك
_ هقولك وعندما أنتهت من أخباره تجمدت تعابير وجهه وضغط على عجلة القيادة بعنف خرج صوته غاضبا: متزعليش نفسك وأنا هتصرف
قالت بصوت مهتز فهي لأول مرة تراه بهذا الشكل: هتعمل أيه؟
_ كله إلا إنتي، مراتي خط أحمر
ثم ساد الصمت بينهم أمعنت النظر له خفية غرقت بحواسها ومشاعرها كلها في التفكير حتى وصلت أفكارها إلى منحنى ظلت تقاومه، ثقلت أنفاسها واحتدت وهي تحدث نفسها مستحيل مستحيل..

بمرور الأيام أصبحت عاطفتها أقوى ومشاعرها أكثر وضوحا، نظرت إلى نفسها في المرآة رأت بريقا لم يرتسم على وجهها من قبل تنهدت بعمق وهي تسترجع أحلام المراهقة في مواصفات زوجها المستقبلي فاكنان كل ماتتمناه الفتاة في فارس أحلامها رفيق حياتها، فكل يوم يمر بينهم يثبت لها إنه زوج طيب وحنون صادق رومانسي مثالي يعتمد عليه، ابتسمت بخفة عندما تذكرت إعتذار داليا لها في المدرج أمام الجميع ولم يكتفي بذلك بل جعلها تنتقل إلى كلية أخرى..

وعلى الجهة الأخرى من العالم كان كريم جالسا في مكتبه شاردا يفكر في تبدل حال زوجته فبعد اجرائها العملية لكي تحمل كان وجهها يضحك بالأمل أما الأن بعد مرور شهرين بدون أن يحدث حمل أختفت البسمة وحلت محلها نظرة حزينة تحاول أخفائها عنه لكنه بكل سهولة يستطيع التقاط اي تعبير جديد بخصوصها، شعر بثقل في قلبه بسبب فشله في إرجاع بسمتها..

أمسكت هاتفها وأخذت تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي بملل فأغلقت الهاتف بحدة ووضعته على الطاولة ونظرت له بشرود ثم امسكته مرة أخرى وقامت بالأتصال بزوجها لكن هاتفه كان مغلق فقامت بالإتصال بهاتف مكتبه الخاص
سمعت على الطرف الآخر صوتا انثويا ساحر ليس الصوت المعتادة على سماعه في كل مرة
هتفت بيسان بحدة: أنتي مين؟

أجابتها بلهجة عملية: حضرتك اللي اتصلت.. مين حضرتك
_من غير ماتعرفي أنا مين حولي الإتصال للبيه اللي مشغلك
_مينفعش حضرتك لزم أعرف انتي مين الأول وبعدين أبلغه وهو يحدد إذ كان فاضي يقبل المكالمة أو مش حضرتك
قالت بغضب مكتوم: روحي بلغيه وقوليلو بيسان عايز تكلمك
ردت بهدوء بارد: بيسان مين!

هتفت بانفعال: روحي قولي ليه بيسان بيساااان وبس
قامت ميريت بالتنفس بعمق ثم اردفت مكررة: اقول ليه بيسان مين حضرتك، الإسم بالكامل وسبب الزيارة دي قوانين حضرتك
لم تشعر بيسان بنفسها وهي تغلق هاتفها بعنف وعلى الطرف الآخر نظرت ميريت الى الهاتف بحيرة وتساؤل من تكون المتصلة.. بعدها بفترة قصيرة اتصل زاهر لكي تحضر له ملف المناقصة الجديدة...

دقات خفيفة على الباب دخلت على أثرها ميريت ثم قالت بابتسامة خفيفة: الملف جاهز
أشار لها زاهر دون النظر له ان تضع الملف فوق المكتب أمامه فقامت بوضعه وظلت واقفة، إزاح نظراته عن الملف الذي يقرأه عندما لم تتحرك
قال لها: نعم ياميريت..

اجابته بهدوء: في واحدة كانت عايزه تكلم حضرتك ولما سألتها عن إسمها بالكامل وعايزاك ليه قفلت السكة.. هي قالت إسمها الأول وبس بيسان
نظر لها مليا وتأهبت حواسه: بيسان اتصلت
أومأت رأسها: نعم
_لما تتصل تاني حوليها علطول، بيسان تبقا مراتي
ارتبكت للحظات ثم قالت باعتذار: لو كنت اعرف كنت حولت المكالمة علطول
قال بهدوء: ولا يهمك ميريت انتي كنتي بطبقي القواعد ولسه جديدة ومتعرفيش مراتي..

ثم أشار لها بالانصراف، بمجرد ذهابها اخرج هاتفه وجده يحتاج شحن وعند شحنه وتشغيله وجد العديد من المكالمات الفائتة فقام بالأتصال بها أرتسمت على وجهه تعابير عابسة عندما لم ترد فاتصل مرة أخرى.. كرر الاتصال عدة مرات تنهد براحة لسماع صوتها: اخيرااا رديتي كنتي فين؟ ده انا رنيت عليكي كتير
بلهجة يشوبها الغضب فهي تجاهلت الرد عليه متعمدة: مكنتش في أي مكان والفون كنت عملاه صامت عشان كده مسمعتش الرن..

_مالك يابيسان صوتك وردك مش عاجبني
_مش عارفة إيه اللي مضايقني
_لو عارف مكنتش سألتك
زفرت بضيق: عايز تعرف تمام هقولك مين البنت اللي ردت عليا وكمان منعت انها توصلني ليك
أجابها بثبات: دي ميريت السكرتيرة الجديدة
اردفت بغيرة: وفين السكرتيرة القديمة راحت فين؟ ومقولتيلش ليه انك عينت واحدة جديدة..

إبتسم رغما عنه لاستشعار الغيرة في صوتها فقال: عادي يابوسة موضوع تغيير السكرتيرة لقيته مش مهم فهو لم يرد اخبارها أن ويلما أخذت إجازة لتضع مولدتها فهي أصبحت حساسة بشأن الإنجاب وتأخره بينهم دون سبب
قالت بعصبية: طبعا مقولتش عشان تعيش حياتك براحتك مع السكرتيرة الجديدة..

فرك جبهته بضيق بعد اداركه إنها تمر بإحدى نوباتها الانفعالية زفر بحدة قبل الرد: أنتي عارفة أن كلامك ده مش صح
_ ومادام مش صح خبيت عليا ليه وأعرف أن عندك سكرتيرة جديدة بالصدفة
_ خلاص يابوسة متزعليش نفسك وبعد كده أي حاجة جديدة هتحصل هقولك عليها
قالت بابتسامة هازئة: مفيش أسهل من معلش ومتزعليش نفسك..

ضغط على شفتيه في ضيق ثم قال: طب أيه اللي يريحك دلوقتي
ردت بانفعال: أطردها عايز تريحني أطردها
أغمض عينيه وأبعد الهاتف قليلا قبل أن يتحدث بهدوء ظاهري: هي معملتش حاجة عشان أطردها بس عشانك أنتي وبس هنقلها في فرع تاني مبسوطة كده.

مطت شفتيها قبل أن ترد: مش أوي
أراد أنهاء الحديث الدائر بينهم فقال: سلام دلوقتي عشان مش فاضي وورايا شغل
_ أستنى يازاهر لسه مخلصتش كلام
_ سلام ولما أرجع نبقا نتكلم ثم أغلق السماعة بعنف، أتجه بخطوات غاضبة نحو الباب الجانبي الموجود بغرفة مكتبه وأخذ يكيل اللكمات باتجاه كيس الملاكمة في محاولة لأفراغ شحنة غضبة هتف بحدة غيرتها بقت لا تطاق.

عند بيسان ظلت ممسكة بالهاتف رغم إنتهاء المكالمة وشتى الأفكار تجول في رأسها وأخذت تبحث عن سبب أخفاء زاهر وجود سكرتيرة جديدة، حدثت نفسها بصوت مسموع لن تأتيكي الأجابة وأنتي جالسة هنا
أرتدت ملابسها على عجل ثم خرجت من غرفتها عاقدة العزم لرؤيتها..

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 5 من 12 < 1 5 6 7 8 9 10 11 12 > الأخيرة





الكلمات الدلالية
رواية ، زهرة ، ولكن ، دميمة ،











الساعة الآن 03:03 PM