طرق الباب بطرقات خفيفه فإرتدت حجابها بسرعة وكانت تظن أنه قد عاد مرة أخرى؛ أذنت له بالدخول وكانت مفاجأة للبنى أربكتها حين رأته تمالكت نفسها من المفاجأة ورحبت به: إتفضل
دخل الغريب الذي أذهلها مجيئه إليها ولأول مرة في بيت نصر العمري
رن جرس باب شقة نجلاء وحين فتحت الباب أشرق وجهها بإبتسامه حانية
غمر ولأول مرة مبتسما إليها: السلام عليكم
نجلاء وهى تمسك بيده غير مصدقة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أدخل ياحبيبي
دخل وقبل يد أمه فأمسكت وجهه بكلتا يديها وقبلته فى جبينه قبله أودعتها حنان وحنين السنين الماضية وجذبته إلى أحضانها المشتاقة والمحرومه من دفئ حضن فلذة كبدها كل هذه السنين نجلاء بحنان الأم ولأول مرة: وحشتني ياحبيبي غمر الذى إرتمى هو الأخر فى حضن ست الحبايب: إنتى اللى وحشتيني ياأمى وإختلطت دموعهما فى هذا اللقاء المؤثر والذى رد إليهما روح الأمومة والبنوة التى إفتقد كل منهما إليها
ظل الغريب عندها قرابة الساعة فى حوار متصل ثم إستأذن وإنصرف إلتقطت هاتفها بسرعة وفتحت صفحته الخاصه ودخلت على ملف الصور الخاص به لقد إشتاقت لإبتسامته ظهرت لها صورته وقد كان يبدو من ملامحه أنه فى مطلع العشرين من عمره؛ فإبتسمت لرؤيته ولكن أزعجها نظرة الحزن التى تطل من عينيه دائما في جميع صوره وهو فى كل مراحل عمره إلا صوره واحده فقط وقد ظهرت على ثغره إبتسامته الساحرة وعلت وجهه سعادة لم تراها فى أى صورة قبلها وبالصدفة ظهر من تاريخها أنها كانت في الأسابيع الماضية وبالتحديد فى أوج علاقتهما قبل أن يحدث سوء التفاهم الأخير فعلمت أنها كانت سر سعادته كما قال لها مرارا فأغمضت عينيها وشردت قليلا
رن الجرس ففتحت صباح الباب عمرو بإبتسامه: السلام عليكم إزيك ياصباح صباح: وعليكم السلام الحمد لله إتفضل ياأستاذ عمرو دخل عمرو وجلس على الأريكة بحجرة الإستقبال عمرو بلطف: لو سمحتي ياصباح بلغي ستي إني هنا صباح: حاضر صعدت صباح وإستأذنت بالدخول وسمعت نور وهى تأذن لها بالدخول نوربجدية: خير ياصباح صباح: الأستاذ عمرو تحت وعايز يقابلك ياحاجه نور بجدية: قولي له يطلع وإعملي له حاجه يشربها صباح: حاضر ياحاجه نزلت صباح وبلغت عمرو الذى صعد الدرج ودق باب الغرفة سمع صوت جدته يأتيه من الداخل بحزم: أدخل ياعمرو دخل عمرو وعلى وجهه إبتسامه ودخل مقبلا يدها: السلام عليكم نور بجديه وحزم: وعليكم السلام خير ياسعادة البيه عمرو بجديه: في إيه ياستي إنتي قالبه علينا كدا ليه نور بحزم وتحفز: بقولك ياواد إنت إذا كنت جاى علشان إبن عمك لازم تعرف إنت وهو وتعرفوا كلكم إنى مايعجبنيش الحال المايل واللى هايميل هاعدله مهما كان هو مين عمرو بلين: وليكن ياستي بس متوصلشى برضه للضرب غمر مش صغير علشان تضربيه نور بعصبيه إرتعد لها عمرو: ماحدش فيكم هيعلمني أربي إبني إزاي وماحدش فيكم يقول لي إيه اللي يصح وإيه اللي مايصحش ولازم كل واحد يقف عند حده أنا فاهمه كل واحد فيكم بيفكر إزاى وعارفه كل واحد بيعمل إيه أنا مش نايمة على ودانى وعارفة أنا هاعمل إيه والبيه التاني لما يبقى يرجعلي أنا هاعرفه إزاى بعد كدا اللى يحصل جوه البيت ميطلعش برا البيت لحد عمرو بأسف: يعنى أنا بقيت حد بقيت غريب خلاص عموما ياستي ماحدش يقدر يعدل عليكي في حاجه بس حفيدك أو إبنك زي مابتقولي ميستحملش قساوه كفاية اللى شافه فى حياته هو دلوقتى محتاج إيد تطبطب عليه مش إيد تضربه بالقلم وأنا أسف ياستي إني أزعجت حضرتك عن إذنك وخرج عمرو من غرفتها بل من البيت مغاضبا وقد إحمر وجهه دون أن ينتظر رد جدته آخذا قرارا بعدم العودة مرة أخرى إليه
قابل عمه عاصم فى الشارع عاصم: مالك ياواد ماشي في الشارع بتكلم نفسك وكنت فين كدا وسايب شغلك عمرو بأسي: كنت عند ستي وسمعتني كلمتين حرقوا دمى عاصم بهدوء: لا بقه تعالى إطلع معايا وفهمني إيه اللى حصل عمرو بحزن: فعلا ياعمى حضرتك اللي ممكن تحل لنا المشكلة دي صعد عمرو وعاصم إلى شقة عاصم وروي له ماحدث عاصم بغضب وذهول: ضربته بالقلم ليه هو لسه عيل صغير عمرو بمكر: وبعدين يرضيك ياعمي واحد من عائله العمري يمشي من غير ولا جنيه في جيبه عاصم بإستنكار: إزاى كدا عمرو بأسى: ماهى أخدت فلوسه وعربيته علشان تخليه قاعد فى البيت عاصم بغضب مستنكرا بشدة: لا بقه كدا الموضوع زاد أوي إحنا كنا بنقول نجلاء هى اللى ظالماه وبتقسى عليه تقوم هى تعمل أكتر منها طب هو هايستحمل إيه ولا إيه دا حرام والله وبعدين دا ممكن يسيب البلد كلها ويطفش هاتعمل إيه ساعتها هاتفرح بقسوتها دى معاه عمرو بمكر: والعمل ياعمي هانعمل إيه دلوقتى عاصم بغضب: أنا هاتصرف وتذكر عاصم شدة أمه وقسوتها فقال بلين ملحوظ: عموما إحنا نستنى بس يومين كدا تكون الأمور هديت علشان متقولش إنه هو اللي جالى وقال لي وتقلب عليه أكتر لا إيه رأيك نظر إليه عمرو وهو يعلم سبب تردد عمه وبمكر: صح يا عمى أنا بأقول كدا برضه تسلم دماغك سبع من يومك عاصم متفاجئا بالكلمة وقد أحس بمقصده: بتقول إيه ياولد عمرو متداركا نفسه: قصدى حكيم من يومك ياعمى معلش أصلى ستى خبطتنى كلمتين فى دماغى عملتلى إرتجاج فماتخدش على كلامى النهارده
أخذته إلى غرفتها وخلعت عنه الجاكت الذي كان يرتديه وقامت بتشغيل المدفأة وأجلسته بجانبها نجلاء بحنو وهي تمسد شعره وتتفرس في ملامحه: عامل إيه ياحبيبي غمر: أنا بخير ياأمي والحمد لله ثم أطرق رأسه لآسفل وقال في خجل: أسف على تقصيري معاكي الأيام اللي فاتت كان غصب عني والله ضمته إلى صدرها بحنان أمومى: ياحبيبي هو مين فينا اللى يتأسف للتانى أنا اللي كنت السبب فى بعدك عنى السنين اللي فاتت دى من وإنت طفل أنا مش هاسامح نفسى أبدا على اللى عملته معاك وسنين عمرك اللى قضيتها بعيد عن حضنى ولمة إخواتك وبدأت تنساب دموع ندمها على وجنتيها لظلمها لوليدها وإبنها كل هذه السنين وإستطردت وقد إختنق صوتها بالبكاء: إنت ياغمر ... إنت ياحبيبى اللى تسامحني على تقصيري معاك وقسوتي عليك سامحني على كل مرة تعبت فيها وماكنتش جنبك وعلى كل مرة مالقيتش حضنى يضمك ويشاركك فرحك وحزنك وأغمضت عينيها وإنسابت دموعا ساخنه على وجنتي غمر الذى أخذ يمسح لها دموعها غمر بحنو: ليه دموعك دي ياأمى إنسى اللى فات وخلينا في النهاردة مش عارف زى ماأكون إتولدت من جديد حضنك نسانى كل همومى ماتسبنيش تانى ياأمى وماتبعدنيش عنك بعد كده وقبل رأسها بحنو فربتت على كتفه وضمته لها مره أخرى نجلاء بحنو: خلاص ياحبيبى ومين اللى حايسيبك تانى أنا هاعوضك عن اللى فات كله وإستطردت نجلاء وهى تمسد شعره بحنان: شكلك كدا منمتش كويس غمر: بصراحة مانمتش إلا ساعتين بس من إمبارح فأجلسته على سريرها وطلبت منه أن يأخذ قسطا من النوم فرفض وطلب منها البقاء معه وإكتفى بأن إستلقى على ظهره وجلست بجواره وطال الحوار بينهما حتى غفلت عيناه وذهب في سبات عميق في حضنها وإكتشفت أنها هى التى كانت تحتاج لهذا الحضن لتعود مرة أخرى أما حقيقية تستحق هذا اللقب فعليا وليس إسما فقط وإنسابت دموعها وهى تتذكر طفولته التى لم ترى منها حضنا كهذا أين كان قلب الأم وحنانه دق ياسين على الباب يستأذن فى الدخول وأذنت له ياسين وهو يدخل هاتفا: ماما كنت عاوز... نظرت له وأشارت له بالهدوء وضعت رأسه على الوسادة برفق ودثرته جيدا بالغطاء وأخذت ياسين وخرجت من الغرف ياسين بفرح: هو غمر هنا نجلاء وهي تجذبه من يده: أمال خياله ياأهبل جلست على أقرب مقعد وتذكرت بحزن حين كانت تذهب إلى بيت جدته وكانت تسمع صوت بكائه المكتوم وشهقاته الطفوليه عندما كانت تقوم نور بعقابه أو ضربه ياسين بإستفهام: مالك ياماما سرحتي في إيه وليه الدموع دى دا أنا شايفك فرحانه بغمر أوى نجلاء وهي تمسح دموعها: مافيش ياحبيبي كنت عايز إيه ياسين متذكرا: آه ملك قالتلي أنادي عليكي تدوقي الأكل نجلاء بهدوء: طيب أنا داخله ليها بعد شويه دخلت الغرفه على أطراف أصابعها وإلتقطت مبلغا من المال من خزانة ملابسها ووضعته في معطف غمر
دخلت منار على لبنى التى كانت تحلم بخروجها من المشفى وعودتها لبيتها وحياتها وحبها لبنى متفاجئه بفرح: مينو حبيبى وحشتينى موت منار بحنو: وإنتى ياقمر وحشتني حكايتنا ورغينا وإحنا رايحين الدروس سوا لبنى بحزن: إدعيلي أخرج من هنا بقه منار بحنو: بإذن الله ياقلبي تخرجي ونرجع الأيام الحلوة تانى لبنى: بإذن الله أمال لينا فين منار: ساعة كدا وهاتيجي إحكيلي غمر جه النهارده لبنى بحزن: آه جه ومتهيألى مش هاييجى تانى بعد اللي عملته فيه منار بإستفهام: ليه إنتى عملتى إيه لبنى بحزن: قسيت عليه أوي وسمعته كلام أنا لو مكانه كنت خنقتنى منار بعدم تصديق: لا يمكن تكوني عملتي كدا لبنى بحزن: لا عملت ووصلت إني...إني منار بنفاذ صبر: إنك إيه لبنى ببكاء: طردته منار بعدم تصديق: يخرب عقلك وهو عمل إيه لبنى بحزن: طلب مني فرصة تانيه وأنا رفضت معرفش قدر يستحمل كل اللي عملته فيه النهارده إزاي كان شخص تانى عكس شخصية غمر اللي أنا عارفاها منار بعدم فهم: يعني إيه لبنى: يعني غمر لو مش عارف إن غلطته كبيرة وكبيرة أوى كمان كان كسر دماغي على اللي قولته إنتي أصلك مشوفتيش غمر لما بيتعصب بيبقى عامل إزاى
جهزت من الطعام كل مالذ وطاب ووضعته على صينيه كبيرة محمله بكل مايحبه من طعام نجلاء: حلو كدا ولا أزود ياملك ملك بمرح: حلو أوي ياخالتي غمر مش هياكل نص دا نجلاء بحسرة: أنا زعلانه أوي علشان ملحقناش نعمله الجلاش اللي بيحبه بس هاخليه يبات معايا وأعمله له بكره ربتت ملك على كتفها: ربنا يباركلنا فيكي ياخالتى نجلاء: ياسين إنت ياياسين ياسين: أيوه أيوه نجلاء: دخل الصينيه دي عند أخوك ياسين: هو مش هياكل معانا على السفرة نجلاء: بطل غلبه أخوك تعبان هياكل في السرير ياسين: أيوه يانوجا لما بتكوني راضيه عن حد نجلاء: أنا هخلي محمد لما يجي يقصلك لسانك دا ضحكت ملك ونجلاء ودخل ياسين بصينية الطعام وأشارت له نجلاء بالهدوء نجلاء وهي تمسد شعره: غمر حبيبي إصحى علشان تاكل غمر ينظر إليها بنعاس: أيوه ياأمي نجلاء: يلا يا قلبى علشان تاكل غمر بحب: تسلميلي ياست الحبابيب وهاكل فى السرير كمان نجلاء وهي تقبل رأسه: ربنا مايحرمني منك أبدا ياعمرى كان يتناول طعامه وهى تتابعه بنظراتها الحنونة فوجدته تناول القليل جدا من الطعام نجلاء بغضب: إيه الدلع دا هو دا أكل غمر بإرتباك: ياأمي والله كلت نجلاء يتصميم: لالالالالا إنسى ياابن نصر ده مش أكل وأمسكت الملعقة وبدأت تطعمه بيدها فقد كان فاقدا لشهيته كعادته ولكن تصميمها وحنانها جعلاه يتناول المزيد دخل محمد الغرفة ووجد نجلاء تطعمه بيدها محمد بخضة مصطنعه: يالاالهول أمي وغمر قذفته نجلاء بعلبة المناديل التي بجانبها محمد بمرح: خلاص خلاص يانوجا نجلاء: خلفت شويا عيال هبل صحيح غمر: إحم إحم جبت لينا الكلام ياأستاذ محمد محمد بمرح: دا العادي يابنى مع نوجا قضى وقتا مرحا جدا وسط أخوته وأمه فقد كان مفتقدا لهذا الجو الأسرى بدفئه منذ وعى على الدنيا
لبنى وكأنها تذكرت شئ مهم: عارفه مين اللى كان عندي النهارده منار بفضول: مين يا لولو
كانت نور تنظر إلى الساعة كل خمس دقائق تقريبا و قد تملك منها الغضب
نجلاء بحنو: بات معانا ياغمر النهارده غمر بأسف: مش هاينفع ياأمي علشان ستي مش هاتوافق ماإنتى عارفة محمد: طيب إتصل بيها وقول لها يمكن توافق غمر بتفكير: هاجرب كدا وطلبها على هاتفه غمر بصوت حزين مختنق: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نور بحزم هاتفه: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أنت فين غمر: عند ماما نجلاء نور بحزم وتهكم: ماما نجلاء! ... طب هاتيجي إمتى من عند ماما غمر: كنت بأتصل علشان أقولك إني هابيت هنا النهارده وأجي بكره نور بغضب وقد زاد تهكمها: إنت إتجننت دلوقت بقت ماما نجلاء وهاتبيت عندها كمان مافيش بيات برا البيت فاهم إتفضل إنزل وتعالى بسرعة قال ماما نجلاء غمر: ليه نور بحزم: إنت مابتفهمش بقولك ربع ساعة ألاقيك قدامى فى بيتك وفى أوضتك وتنام فى سريرك وإستطردت بسخريه واضحة: كلامي واضح ولا إنت خلاص عايز تنام فى حضن ماما نجلاء غمر بإستسلام: حاضر أغلق الهاتف وهو حزين نجلاء وقد فهمت: ماوفقتش مش كدا غمر وهو يدارى حزنه: أصل في مشوار هاعمله معاها الصبح بدري وهي فكرتني بيه دلوقت نجلاء ولكي ترفع عنه الحرج: طبعا ياحبيبي لازم تكون معاها أوما موافقا برأسه بحزن
دخل البيت وجدها جالسه على أريكتها لم يلقى السلام وصعد إلى غرفته وخلع معطفه وهو يخرج هاتفه وجد المبلغ الذي وضعته له نجلاء نظر له وتذكر أنه لم يخلعه إلا فى غرفة أمه وعندها إبتسم في حزن.
دخل البيت وجدها جالسه على أريكتها لم يلقى السلام وصعد إلى غرفته وخلع معطفه وألقاه على المقعد لاحظ سقوط شيئا على الأرض وحين إلتقطه وجده مبلغا من المال وتذكر أنه لم يخلعه إلا فى غرفة أمه وتأكد أن نجلاء هى من وضعته فى جيب معطفه أثناء نومه؛ إبتسم في حزن وتنهد بحسرة على ماآلت إليه أموره وحدث نفسه بحزن وألم: " كل ماتتصلح من ناحية تتعقد من ناحية تانيه هو أنا هافضل لحد إمتى عايش فى المشاكل دى إلهمنى الصبر يارب وإرحمنى برحمتك " إرتدى منامته وإستلقى على سريره متهالكا وذهب فى سبات عميق متمنيا من الله أن يستيقظ على أخبار سعيده تبعده عن أحزانه المستمرة كانت تستذكر بعض دروسها على سريرها فى المشفى وقد أسندت ظهرها إلى وسادتها؛ ولكنها شردت في كلام ذلك الغريب الذي زراها بالأمس
فلاش باك لبنى بهدوء وهى ترد على من يدق باب الغرفه: إتفضل عمرو يفتح الباب ويدخل بإبتسامه: السلام عليكم لبنى بذهول غير مصدقة: عمرو ... أستاذ عمرو عمرو بمرح: طيب ردي السلام الأول لبنى بخجل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته إتفضل يا أستاذ عمرو جلس عمرو بهدوء وبنفس الإبتسامة: طبعا أكيد بتستغربى الزيارة دى لبنى بخجل وقد إحمرت وجنتيها: لا أبدا إنت تشرف فى أى وقت عمرو بجدية: أول حاجه قبل ماأبدا أي كلام غمر مش لازم يعرف إني جيت ليكي لأنه لو عرف هرقد مكانك ده متهور ولما بيضرب مبيشوفش لبنى مبتسمه بخبث: عايز تفهمني إن مش هو اللي بعتك عمرو بهدوء: ليكي حق تفكري كدا أنا لو مكانك هافتكر كدا برضه وإستطرد بنفس الهدوء: بس شخصية غمر الغيورة جدا وخصوصا فى أى حاجة تخصك إنتى بالذات ماتسمحش بإنه يخلينى أنا أو غيرى يتكلم معاكى أو حتى يبص لك دا بيغير عليكي من نفسه لبنى بهدوء: وأنا هاصدق إتفضل إتكلم ووعد إني مش هاقول إنك جيت
إستيقظ من نومه في الثلث الأخير من الليل وفتح اللاب الخاص به لعله يجد جديد ويتابع آخر مشاركتها على صفحتها وليرى هل هدأت نفسها قليلا أم لم يعد هناك فرصة أخرى للغفران فوجد مشاركه واحده مكتوب فيها: "ماذا يعني أن أشعر بالحنين والغضب في نفس الوقت تجاه نفس الشخص " نظر إلى المشاركة هل يفرح لأنها تشعر بالحنين نحوه أم يحزن لأنها مازالت غاضبة منه قرر أن يغلق اللاب ولكن قبل أن يغلقه كتب مشاركة " إشتقت لشخص كان يوصيني أن أنتبهَ لنفسي كثيرا؛ ليتني أستطيع أن أخبره أني قد فقدت نفسي عندما غاب عنى " وأغلق اللاب ودخل الحمام وتوضأ وتوجه لمصلاه فى ركن الغرفة ليقيم الليل لعل الله يتقبل منه ويصلح الأحوال
عمرو بهدوء: أنا مش جاي علشان أهديكي من ناحية غمر أو حتى أدافع عنه؛ غمر غلط وهو عارف وبيحاسب نفسه ألف مرة فى اليوم على غلطته وعارف كمان إنك بتأدبيه على عملته ثم استطرد بمكر: وعارف إن تهديدك ليه بإنك هاتسيبيه مش حقيقي بس برافو عليكي؛ إنتى كده بتتصرفى صح أنا مش هاقولك إنه مايستهلش منك القسوة دي كلها وتهديدك ليه بالفراق اللى هايخليه بعد كدا يفكر ألف مرة قبل مايتسرع كل ده جميل بس عايزك تعرفي حاجه ثم سكت قليلا وهو يفكر ولبنى تنظر إليه بإهتمام وشغف لمعرفة أخبار غمر وإستطرد بأسى: غمر الأيام دي عايش فى مشاكل كتير أنا مش هادخل في تفاصيل علشان دي أسرار داخل العيله بس تقدري تقولي زي ماهو كاتب في البوست اللي أكيد قرأتيه أنه خسر كل حاجه وعلى فكره إنتي سبب رئيسي فى اللي حصله ده فأنتبهت لبنى وإتسعت عينيها وقبل أن تعلق: ... عمرو بإبتسامة خفيفة: هاتقوليلي إزاي هاقولك لما تتصالحوا بإذن الله هو هايحكيلك؛ يالبنى غمر تعب كتير أوي في حياته وإنتى مهما قسيتى عليه دلوقت دا مايجيش واحد على مليون من القسوة اللي شافها على طول حياته؛ ومع ذلك غمر سامح اللى قسوا عليه فسامحيه إنتى كمان لأنه بيحبك بجد إنتي الوحيدة اللي خلت الإبتسامة والسعادة يعرفوا طريقهم لغمر ثم إستطرد بمكر: وإلحقيه قبل ماواحدة تانيه تاخده منك لأن فى ناس كتير منتظرين الفرصه دي وكتير منهم ناس قريبة منك؛ إنتي وغمر إرتباطكم ماكملش ثلاث أو أربع شهور صح لكنهم كانوا بالنسبه له عمره كله اللى فات وأمله اللى جاى؛ بلاش تقسى عليه أكتر من كده وزى مابيقولوا " كتر العتاب يولد الجفا " الكورة فى ملعبك إنتى دلوقت وهو فى عرض كلمة حلوة تطلعه من حالة عدم الإتزان والضياع اللى هو فيها وإنتى أكيف فاهمانى كويس وأستأذنك ومعلش إنى طولت عليكى ونهض ليخرج ولكن إستوقفته لبنى لبنى وعلى وجهها تساؤل: أستاذ عمرو عمرو: نعم لبني ببراءة: مين القريبة مني اللي عينها على غمر إبتسم في خبث وقال: هاتعرفيها بذكائك ولما تعرفيها عايزك تتصرفى بذكاء فى الموضوع دا لبنى بضيق: غمر بينه وبين ليلة حاجة عمرو بهدوء: لأ هما زي الإخوات وعلى فكره ليلة تبقى أخت مراتي أومات برأسها وقد إستشعرت الخجل إبتسم وخرج سريعا
بعد أن أنهى صلاة القيام وذرف من الدموع أنهارا بين يدى أرحم الراحمين وفى سجدة الوتر ظل ساجدا حتى غفاه النوم فى سجدته ولم يوقظه إلا نداء المؤذن " الصلاة خير من النوم " فإنتبه وقام من صلاته وتوضأ مرة أخرى وخرج يؤدى فرضه فى المسجد ثم عاد وأكمل نومه وفي الساعة العاشرة صباحا رن هاتفه فقام متكاسلا ومسح عينيه بأنامله غمر بكسل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عمرو بمرح: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته إيه يامعلم الكسل ده إنت مش ناوي تروح المستشفى النهاردة ولا إيه غمر بحزن: لا مش هاروح تاني عمرو بأسي: ليه بقه إن شاء الله غمر بحزن: خليها ترتاح من خلقتى شويه أصل أنا دلوقت بقيت سبب نكد وتعاسة كل اللى حواليه واللى بحبهم بالذات ويمكن لما أبعد تقدر تفكر بهدوء عمرو بأسي: هي ضايقتك إمبارح جامد ياغمر إنت ماحكتش ليا اللي حصل غمر بضيق: طب تصدق لو قولتك إني مش عايز أفتكر مقابلتي معاها إمبارح أصلا أنا عمرى ماإتوجع قلبى زى إمبارح خصوصا لما حسيت إنها كرهتني وماعدتش ليا مكان في قلبها حتى لما قولتلها علشان خاطري قالتلي إني مبقاش ليا خاطر عندها؛ وإستطرد بألم وحسرة: كرهتني ياعمرو عمرو بأسي: ماتقولش كدا هي بس زعلانة منك شويه وماتنساش برضه إنك إنت اللى زعلتها جامد ووجودها في المستشفى دا كان بسبك غمر بحزن وألم يعتصر قلبه: ياريتني كنت أنا اللى مكانها ومت علشان أرتاح من كل اللي أنا فيه عمرو بأسف: متقولش الكلام ياغمر إنت راجل مؤمن بقضاء الله وقدره وكل اللى بيحصل مكتوب وحرام عليك تتمنى الموت غمر بتنهيده من قلبه: أستغفر الله العظيم أستغفر الله العظيم عمرو بمكر: طيب هاتطمن عليها منين دلوقت لو ماروحتش غمربسرعة وبراءة: لينا قالتلي هاتبقي طمني عليها كل يوم عمرو بغضب: لينا تاني ياغمر ماحرمتش برضه ولو لبنى عرفت إن إنت على إتصال بيها هاتقول إيه غمر بنفاذ صبر: طب عندك حل تاني يخللينى أعرف أطمن عليها عمرو: آه طبعا وبسيط جدا إنك تروح تاني وتقعد معاها تاني ... قاطعه غمر بغضب هاتفا: لأ ماعنتش هاروح لها تاني كل لما بتقسى عليا بأكره نفسي زياده ثم إستطرد في حزن: عمرو؛ هو أنا قاسي أوي كدا زي مالبني قالتلى عمرو بحنو: إنت مافيش أطيب من قلبك بس متسرع ومتهور حبتين ودا اللي بيعملك أزمات في حياتك خصوصا مع الناس اللى بتحبهم؛ بس كله هايتحل بإذن الله
مر إسبوع إستردت لبنى بعضا من عافيتها ووافق الطبيب على خروجها وإستكمال باقى علاجها فى المنزل وخرجت من المشفى مستنده على عكاز بيدها اليمنى واليد اليسرى فى الجبس ولكن مع ذلك كانت حالتها النفسية أفضل بكثير مما كانت عليه فى المشفى خاصة عند وصولها باب مسكنهم وسط فرحة جيرانهم وتمنياتهم لها بتمام شفائها ودخلت شقتهم وسط فرحة أبويها وصديقتيها منار ولينا وأخيها بدأت متابعة دروسها لتعويض مافاتها وإنشغلت فى تحصيل دروسها وقررت الذهاب من الغد لدروسها برفقة صديقتيها؛ ولكن لم يمنع كل هذا من حالة إحباط شديد إنتابتها لإختفاء غمر من حياتها طيلة أسبوع كامل لم تراه فيه حيث إختفى بعد حوارهما فى المشفى؛ لم يعد يتكلم أو يعمل مشاركات على الفيس وكأنه أراد أن ينسحب فى هدوء من حياتها وبعد أن إنفردت بنفسها تساءلت ودموعها تغشى عينيها: " إزاى يسيبنى كدا وهو حياتى كلها "
كانت أول مره تراه من آخر لقاء تم بينهما فى المشفى وهى تتكأ على عكازها أثناء ذهابها للدرس وكان ينتظرها أمام محل عمرو وإلتقت عيناهما ولكنه حبس شوقه وحنينه فى صدره مخافة أن تصده مرة أخرى فأطرق رأسه لأسفل لايدرى ماذا يفعل وكتمت هى أنين قلبها الغض لفراقه مكابرة منها وترفعا لتكمل مابدأته معه وفى إنتظار المبادرة تأتى منه أولا؛ فأشاحت بوجهها حتى لاتفضحها عينيها وقد بدأت تتلألأ فيهما الدموع؛ وإستمر هذا الحال بضعة أيام وكل مرة تزداد نظرات كل منهما للآخر ولكن يحدث فى النهاية كما حدث أول يوم؛ كان ينتظرها فى هذا اليوم أمام محل عمرو كالعادة فهو مازال مطرودا من محله بأوامر من جدته صعد غمر إلى مكتب عمرو ووقفا الإثنين في خلف نافذة المكتب متابعا إياها حتى إختفت عن عينيه منار: هو إيه الحكاية على طول واقف عند محل عمرو هو غير المحل ولا إيه لبنى: مش عارفه إيه السبب لينا بخبث: طيب إستنوا أتصلكم بيه نعرف إيه الحكاية وقفت لبنى فجأه وقد إشتعل وجهها إحمرارا وأحست بصدمة إرتج لها قلبها بين جنبات صدرها إثر كلمة لينا غمر بإستغراب: هما وقفوا كدا ليه فجأه عمرو: يمكن حد فيهم نسي حاجه لبنى محاولة إخفاء غضبها: هو إنتم بتكلموا بعض على الموبايل لينا بخبث: أحيانا بيتصل يسألني ويطمن عليكي منار بغضب: وإنتي بأي حق تعملي كدا من ورانا وماتقوليش لينا متصنعة البراءة: أنا كنت فاكرة إني بأعمل خير ثم إستطردت متصنعة البكاء: وبعدين أنا عارفه إن لبنى عمرها ماهتشك فيا همت منار بالكلام لتتكلم فقاطعتها لبنى
غمرمستغربا مايحدث: دي لينا بتعيط
عمرو: إحم إحم إنت هاتعلق على الأحداث اللى بتحصل هناك
غمر متفاجئا: أنا ليه
عمرو بخبث: أراهنك إن الحوار اللي تحت دا إنت السبب فيه وأكيد علشان حوار الموبايل
ربتت لبنى على كتف لينا ونظرت إلى محل عمرو بغضب
لبنى بضيق: طيب روحوا إنتم يابنات وأنا هاحصلكم
منار: ليه يابنتى هاتقدرى تمشى لوحدك
لبنى بجديه: هاقدر إن شاء الله ماتخافيش عليا
غمربإرتباك: دي جايه على هنا وشكلها هتولع فيا
عمرو بصرامة: عارف لو إتهورت ولا إتنرفزت عليها قسما بالله أنا اللي هاقف لك وأي كلمة تقولهالك ترد
بهدوء وخليك بارد على قد ماتقدر وتدافع عن نفسك بهدوء حتى لو ماكنتش غلطان وحتى لو علت صوتها
عادي برضه؛ عارف ستك كدا لما بتكون متنرفزة وبنقول لها حاضر ونعم قدامها علشان تهدى وإعتبر
ياسيدى المجنونه اللي جايه علينا دي كدا برضه وقول حاضر ونعم
قذفه غمر بقلم كان أمامه على المكتب
غمر بغضب: مجنونه في عينك ياأهبل
قذفه عمرو هو الآخر بمرح بملف كان أمامه
غمر: مش بقولك أهبل لأ وعبيط كمان
عمرو وهو يكاد يقع من الضحك: إفتح دا أكنك بتقرأ فيه شكلك هتفضحنا
دخلت عليهم الغرفة وهى ترميه بسهام ناريه تتطاير من عينيها وأغلقت الباب خلفها؛ نظر له عمرو وغمز
له وقف غمر عند دخولها ووجهه يبدو عليه الذهول
غمر: مالك يالبني في حاجه حصلت لبنى
لبنى بغضب: إنت بتتصل بلينا ليه يا غمر
غمر بإرتباك: علشان ...علشان
لبنى هاتفه بغضب وقد بات بياض عينيها جمرا مشتعلا: علشان إيه ماتنطق
غمر بهدوء: أطمن عليكي
لبنى وهى مازالت فى ثورتها: عايز تتطمن عليا فيه صفحه على الفيس بتدخل عليها وبعدين أنا بعدي قدامك
وبتشوفنى كل يوم
غمر وقد أضناه شوقه إليها: ماهو أنا مش عارف بجد إنتي كويسه ولا لأ ونفسى أطمن عليكى كل لحظة
لبنى بسخرية ممزوجة بغضب: تقوم تكلم واحدة تانية علشان تطمن عليا
وإستطردت بصرامة وقد ضيقت عينيها: عارف لو إتكررت تاني يا غمر هاعمل فيك إيه
غمر مهدئا وبإبتسامة المحب: خلاص خلاص مش هاتصل عليها تاني
لبنى صارخه بضيق: لا بيها ولا بغيرها إنت فاهم
ثم مدت يدها بتصميم: هات موبايلك
مد يده بالهاتف فإلتقطته بعصبية وفتحته ومسحت رقم لينا منه وألقته على الأريكة
ثم نظرت إليه شذرا وصرخت فيه: ماشي ياغمر لما أشوف أخرتها معاك إيه
غمر وهو ينظر إليها بإستفزاز المحب: أخرتها المأذون ياقلبي
لبنى بغضب: دا في الحلم ياسى غمر أنا عايزاك تفضل كدا لا أنا ولا غيرى
وتركته وذهبت وبمجرد أن خرجت حتى إنفجر عمرو ضاحكا حتى كاد يقع على ظهره
عمرو بضحك: يانهار ملحوس دي يابنى غسلتك ونشرتك وكويتك وكان ناقص تاكلك كمان؛ لأ وإيه عامللى
فيها الواد البرئ
غمر وهو يجز على أسنانه: شفت أدينى باتغير أهه
عمرو بمرح وتشفى: والله وجت اللي هاتربيك ياغمر العمري دي مش هاتخليك تهمس ولاتبص يمين
ولاشمال أهى دى اللى هاتمشيك على العجين زى الألف
غمر بحب: حد يبقى معاه القمر يابنى ويبص لغيره؛ هي كفاية عليا مش عايز من الدنيا حاجة غيرها
عمرو: سيدي ياسيدي على الحب يعنى أطلع أنا منها بقه ربنا يهنى سعيد بسعيده
غمر بحب: ربنا يحميها ويخليهالى
ثم إستطرد بحزن: بس لحد إمتى هاتفضل رافضه حتى الكلام معايا
عمرو بخبث: هي مش رافضه إنت اللي ماعنتش بتحاول تصلح اللى بينكم؛ وبعدين اللي عملته معاك دلوقت
يبرهنلك على إنها لسه بتحبك وبتغير عليك بجنون
نهض غمر متأهبا للخروج: أنا هامشي بقى
عمرو: رايح فين يابني ماإنت قاعد هاتروح فين
غمر بأسى: هاروح عند ماما أقعد معاها شويه ومن بكره هادور على شغل
عمرو: تدور على شغل والمحل هنا مفتوح إنت من النهارده معايا في الاداره
غمر: بس يابني دي ستي كانت طردتنا إحنا الإثنين وبدل ماكنت بدور على شغل ليا أنا لوحدى هندور لينا
إحنا الإثنين
عمرو بتفكير: ماحدش هايقولها أصلا
جلس غمر مره أخرى ليستمع لكلام عمرو
منار بغضب: أنا قولتلك ميت مره تصلحى اللى بينكم مش تهدى اللى بينكم لو سمحتى إرجعي تانى وإنهي
الخلاف دا بدل ماغيرك ياخده منك ياهبله
لبنى بضيق مستنكره: أنا اللي هاصالحه وهو اللى غلطان
منار بخبث: أنا متأكدة إنك هاتعرفي تخليه هو اللي يصالحك إتفضلي بقى وأنا هانقل لك الدرس
وفى طريقه لاحظ سيارة أجرة تمر بجانبه وعينين تنظران إليه وقد ملأهما الدموع قال لنفسه:
" مستحيل دى هى؛ طب إيه اللى خلاها تخرج دلوقتى؛ طب وبتعيط ليه "
وجد نفسه يجرى خلف السيارة لايدرى ماذا يفعل ليلحق بها أشار لسيارة أجرة تمر بجانبه فوقفت له وأشار للسائق أن يلحق بالأخرى؛ لم يمضى طويلا حتى وجدها تقف أما المشفى مستنده لعكازها ودموعها تتلألأ على وجنتيها فتيقن أن هناك خطب ما قد حدث فى أسرتها وتطلب الأمر...وفجأة وهو يحدث نفسه فى ذهول
“هو فى إيه؛ دا أبوها مسنود على أمها وسواق التاكسى وهى ماشيه وراهم يبقى أبوها هو اللى تعبان "
وبدون وعى وجد نفسه يهرع مسرعا إليهم وبدون أى مقدمات أخذ مكان أمها واضعا ذراع أبيها على كتفيه ولف ذراعه حول خصر أبيها بدلا من أمها التى أخذت تدعو له بطول العمر وسط دموعها المنهمرة
لم يجد غمر بدا من حمل أبوها بين يديه فجأة وسط دهشة لبنى وأمها ليسرع به داخل المشفى وقد لاحظ خطورة حالته وعدم قدرته على التنفس بصورة طبيعية ورأسه تنزف الدم بغزارة فأدخله عيادة الإستقبال
ودخلت معهم وردة وظلت لبنى واقفه بالخارج لم تحملها قدميها خوفا وهلعاعلى أبيها فجلست على أقرب مقعد وراحت تبكى بحرقة ألما وحزنا على حالة أبيها لم يمنعها حزنها من تعجبها من وجود غمر معهم ووصوله بهذه السرعة ليلحق بهم بعد أن رأته وهى فى السيارة وقد تمنت وقتها أن تجده بجانبها؛ فجأة فتح باب العيادة وخرج غمر ووالدتها يسيران بجوار تروللى نقل المرضى وقد إستلقى عليه والدها فى طريقهم إلى غرفة العناية المركزة نهضت جزعه من رؤية أبيها بهذه الحاله وصرخت بلهفة: بابا ... بابا؛ واخدينه على فين أسرع إليها غمر ليطمأنها: ماتخافيش ياأنسه لبنى هما شوية إرهاق؛ ويومين وهايبقى كويس إن شاء الله لبنى ببكاء حار: إنت بتضحك عليا بابا كان ماسك قلبه قوليلى إنتى ياماما ومن بين دموعها المنهمرة محاولة التماسك: زى ماقالك غمر هما شوية تعب وربنا هايشفيه ويقوم بالسلامة علشان خاطرنا إحنا مالناش غيره بعد ربنا
إنهارت هى الأخرى وألقت لبنى نفسها فى حضن أمها ودخلتا فى حالة من البكاء الشديد
كان بكاءهما يقطع نياط قلبه وقد أحس فى هذه اللحظه أنه ليست لبنى فقط التى ستكون مسؤوله منه ولكن
أمها أيضا وكان يود فى هذه اللحظة أن يكفكف دموعها المنسابة ويربت على كتفها مطئمنا إياها
وبعد مرور ساعة
نظرغمر إليهما بعيون حزينه ثم توجه بالحديث لورده مترددا: ماما... تسمحيلي أقولك ماما
وردة بحنو: طبعا ياحبيبي إنت بعد اللى عملته معانا دا بقيت فى معزة إبنى وأكتر وكمان وقت ماكانت لبنى
في المستشفى
رفعت لبنى حاجبيها متعجبه وأخذت تنظر لأمها تارة ثم إليه تارة أخرى وجدته ينظر إليها مبتسما إبتسامة
المنتصر فأشاحت بوجهها خجلا وقد إحمرت وجنتاها
غمر بحنو: طبعا أنا عارف إنكم ماأكلتوش حاجة من الصبح
وردة متنهده بحزن: ومين ليه نفس ياكل يابني
غمر بحنو:لأ ماينفعش كدا لازم تاكلوا حاجه
أستأذنك ربع ساعة وجاى
نزل غمر إلى أقرب مطعم بجانب المشفى
نظرت وردة للبنى وقالت بحنو: طيب أوي وإبن حلال الجدع ده وباين عليه شهم قليل أوي لما تلاقي شاب
زيه كدا الايام دي
لبنى بمكر: وحضرتك عرفتي منين
وردة: شوفتي شال أبوكي إزاي ومستناش حد يساعده مع إنه ميعرفش أبوكي أوى مش أكتر من سلام عليكم
لما كان بييجي مع قريبته؛ صاحبتك دى اللي مش بأطيقها ماعرفش إزاي دا يبقى قريبها
أسندت وردة رأسها إلى وراء
فلاش باااااك
في غرفة الطبيب وبينما الطبيب يجري الفحص لعادل كانت نظرات وردة معلقه بغمر تريد أن تسأله من
أنت
غمر بحزن وقد فهم ماتريده من نظراتها: ماتقلقيش حضرتك دول باين عليهم شوية تعب بسيط وهايقوم
بالسلامة إن شاء الله
ثم إستطرد هامسا: حضرتك مش فاكرني أنا غمر؛ غمر العمري قريب لينا صاحبة الآنسه لبنى اللي كنت
بأجي معاها أيام مالبني كانت فى المستشفي
وردة بحنو وقد تذكرته: فاكراك ياحبيبي بس إنت عرفت منين إن عادل تعبان
غمر: القدر أنا كنت خارج من المسجد وشفت حضرتك وعمو في التاكسي وحضرتك والأنسه لبنى
بتعيطوا قلقت عليكم
ثم إستطرد بإرتباك: بصراحة جيت وراكم لأنى كنت حاسس إن في حاجه كبيرة
وردة بحنو: ربنا يبارك فيك يا بني ويجازيك خير ياريت كل شباب اليومين دول زيك كدا
عوده
لبنى وهى تنظر لأمها بحزن: سرحتي في إيه ياماما
وردة بحنو وهي تمسد على رأس إبنتها: ولاحاجه ياحبيبتي
ظهر في أول الطرقة حاملا فى يده كيس الطعام
نظرت له لبنى نظرة حنو بالرغم من قسوتها عليه فى الأيام الماضيه إلا إنه مازال ذو القلب الحنون الذى
لايقسو إلا عندما يغار
وردة بحنو: إيه يابني كل ده
غمر بإبتسامه مرحه: متقلقيش هاكل معاكم أنا كمان ماكلتش وهتلاقيني كلت الأكل كله وهاتقولي عليا
مفجوع
إبتسمت ورده ولم تنظر لبنى إليه وأطرقت رأسها لأسفل ولكن فى نفسها كانت ممتنه له جدا تلاشت إبتسامته
حين وجدها على هذه الحاله مما جعله يشعر بالحزن
وردة بحنو: بس على فكره أنا معرفتكش بالرغم إن فات 3 أسابيع عن ماكنا فى المستشفي لكن إنت وشك
باين عليه الإرهاق ووزنك قل شويه فيه حاجة مزعلاك
غمر بحزن: الصراحة أنا اللي مزعل مني ناس غاليين عندي أوي ونفسى يسامحونى لأنى لما بأكون
زعلان مابعرفش آكل كويس
نظرت له لبنى وقد إتسعت عيناها ورفعت حاجبيها إشارة له بعدم التمادى أكثر من ذلك فى هذا الموضوع
وردة بحنو: إنت تعرف تزعل حد؛ بصراحة أشك فى كدا؛ ربنا يحميك يابني
بدأوا في تناول الطعام وكعادته لم يتناول الكثير
وردة بحزن: هو ده اللي هاقول عليك مفجوع إنت يعتبر ماكلتش حاجة
غمر: شبعت والله ياماما
نهضت وردة: أنا هاروح الحمام ولو أخوكي إتصل إوعي تقوليله اللي حصل لغاية ما يرجع من الرحله
اللي هو فيها
لبنى بهدوء: حاضر
وبمجرد أن إختفت عن نظراتهما إلتفتت إليه ونظرت له نظره ذات معنى
لبنى بغضب برئ: تقدر تقولى بتاكل من الشارع تاني ليه وإنت عارف إنه غلط علشانك
غمر بسرعة: يالبني ماكنش في حل تاني وبعدين أكلت ساندويتش واحد بس
غمر بحب: مافيش تعب ولا حاجه ولا إنتي مش معتبراني زي الأنسه لبنى
وردة بحنو: زيها وأكتر كمان ياحبيبي
لم تجد ورده بدا من الذهاب وإقتنعت بكلام غمر فقد ظهر التعب والإرهاق على لبنى و طمأنهم الطبيب على
حالة عادل
وردة: خلاص ياحبيبي يلا بينا ونيجى الصبح إن شاء الله
كانت تنظر إليه متعجبه محدثة نفسها:
" كيف أسر قلب أمها بهذه السرعة والسهوله فهو لم يتصنع الشهامة والرجولة والحنان ولكنها هي طبيعته
ولكن الويل لمن يقف أمام غضبته "
خرجوا جميعا من المشفى أوقف تاكسي وركبت هي وأمها فى المقعد الخلفي وجلس غمر فى الأمامي وإتفق
مع أمها على أنه سيأتي باكرا للإطمئنان على أبيها
ولكنه كان حزينا جدا من رد فعل لبنى لذلك تحاشى النظر إليها طوال الطريق وعندما وصلوا نظر إليها
نظرة لوم وعتاب على مافعلته وقالته
دلفرإلى البيت وكانت الساعة الحادية عشر مساءا وجد عمه عاصم يجلس بجوار جدته على أريكتها
وقد بدا عليها الغضب
غمر متفاجأ ومرحبا: بابا عاصم هنا إيه النور دا
نور غاضبة وبحزم: مالسه بدري الفندق لسه بيستقبل زوار يابيه
لم يرد عليها أو يلتفت إليها فقد تعب من كثرة صراخها
عاصم بهدوء: بالراحه ياأمي هو بنت، الساعه لسه 11
نور بغضب: خليك إنت دلع فيه كدا لحد مايعملنا مصيبة
غمر بإستغراب متهكما: مصيبة
عاصم: تعالى ياحبيبي هنا جنبي
إتجه غمر نحوه وجلس بجانبه ربت عاصم على ظهر غمر
ثم قال بهدوء: مزعل ستك ليه يا غمر
غمر بعصبية: أنا برضه اللي مزعلها
نور بغضب مماثل: ماتعليش صوتك
إلتفت إليها غمر وبتهكم وإستفزاز: إيه ... هاتضربيني تاني
نور وقد إشتعلت غضبا: وأكسر رقبتك كمان
عاصم غاضبا: أقوم أمشي وإنتو كملوا خناق
غمر بضيق وحنق: واخده فلوسي وعربيتي وطرداني من المحل ومدت إيديها عليا وفي الراحه والجاية
تسمعنى كلام ومبهدلانى آخر بهدله وتقولي أنا اللي مضايقها
نور بحزم: مديت إيدي عليك ليه ... لما عملت إيه ... ماترد
غمر بضيق: لما تطرديني من شغلي وتخليني قاعد فى البيت زي الستات؛ المفروض أبقى هادي وطبيعي
عاصم بهدوء: بصي ياأمي كنتي أنذرتيه الأول، ماسمعش الكلام يبقى تعملى اللى عاوزاه
نور بغضب: هو أنا كنت بأشوفه ياعاصم
عاصم بهدوء موجها حديثه لغمر: مش المفروض برضه ستك ليها حق عليك والمفروض تعطيها من وقتك
شويه على الأقل تتطمن عليها وتشوف أحوالها ولا صاحبك أهم من ستك
غمر بحزن وقد أطرق رأسه إلى الأرض: والله ياعمي عارف إني كنت مقصر بس هي عارفه أنا نفسيتي
كانت عامله إزاي وماكان عندي وقت حتى آكل تقوم هى مكمله عليا
يرضيك أمشي في الشارع من غير ولا جنيه في جيبي
عاصم مستنكرا: كدا ياأمي دا ينفع؛ يعني لاقدر الله حصله أي حاجه في الشارع مايبقاش معاه فلوس في
جيبه
نور بحزم ولكنها قد بدأت تلين وتشعر بأنها بالغت فى عقابه: كنت متنرفزه منه وماكنتش ناويه أعمل كدا لولا إنه علا صوته وإتعصب فى كلامه معايا وعصبيته دى اللي بتوديه فى داهية
عاصم بإبتسامه: بصراحة بقى إنتم الإثنين غلطانين
وتوجه لغمر غامزا إليه: وبعدين هى نور اللى عندها غمر أغلى من عيالها تعمل فيه كدا ياراجل دا أنا كنت
قربت أغير منك قوم بوس إيد ستك وإوعدها إنك مش هاتقصر تاني معاها ولازم تعرف إن ستك بتعمل كدا
علشان بتحبك
ثم توجه إلى نور: وإنتي يانونو بالراحه على الواد
نور وقد لانت تماما ولكنها مازالت عاقده مابين حاجبيها: ياعاصم ...
عاصم مقاطعا لها بمرح: مش عليا يانونو إنتي هاتقوليلي كنتي بتعملي فينا إيه
نهض غمر وقبل رأس ويدى جدته وقبلته من رأسه وبين عينيه فقد أوحشها فى الفترة الماضية
وتم الصلح بينهما وهذا ماجعل غمر يشعر بإرتياح شديد وحمد الله أن أزاح عن كاهله هم غضب جدته منه
ولكن مازالت كلمات لبنى التي طعنته بها تشكل له هما أشد
أعلنت الجوناء بخيوطها الذهبيه عن يوم جديد
كان يهبط الدرج وقد أهمه محاولاته إرضاء لبنى والتى تذهب هباءا كل مرة وتصميمها على مجافاته
وتجريحه كلما حاول الإقتراب منها أو إرضاءها وأصبح فى حيرة من أمرها أيواصل محاولاته المستميته
فى إستعادة حبه المفقود أم يكتفى بمحاولاته السابقة ويبتعد عنها بالطبع لن يقدر على هجرها وفراقها فهى
الأن كل حياته وبالأخص بعد أن رأى مدى إحتياجها له فى ظل ظروف مرض والدها...
قطعت نور حبل أفكاره وسألته بإهتمام: مالك ياغمر سرحان فى إيه
غمر بهدوء: أبدا ياماما مافيش حاجه
نور بحنو: طيب تعالي إفطر معايا
جلس غمر إرضاءا لها وتناول القليل من الطعام كعادته إذا أهمه أمر
أخرجت نور المفاتيح الخاصه بغمر من الدرج المجاور لها
ومدت يدها بهم إليه بإبتسامه حانيه: إتفضل
حدق غمر فى المفاتيح طويلا
نور بإستغراب: بتبص لهم كدا ليه مش عارف دول إيه مش هما دول اللى إنت زعلان علشانهم
نظرغمر إليها بحزن وهو يقترب منها ويجلس بجوارها على الأريكة: ماكنش في حاجه مزعلانى ومأثره فيا
أكتر من بعدك عني وإنك ضربتينى
مسدت نور على رأسه وقبلتها وتجمعت الدموع بعينها
نور بحزن: أنا أسفه متزعلش مني
قبل يديها ولاحت على ثغرة إبتسامه عذبه
نهض وأخذ مفاتيحه
نور بإهتمام: هاتروح المحل مش كدا
غمر: آه بس عندي مشوار الأول
نور محذره: هاتتغدي معايا هاستناك إوعى تتأخر
غمر بإبتسامه صغيرة: أكيد بإذن الله
قبل رأسها وخرج إلى الجراج وإستقل سيارته إلى المشفى وصل قبلهم بنصف ساعه
دخلت هي وأمها المشفى وكانت تتلفت حولها لعلها تجده؛ وفجأة وجدته يخرج من معمل التحليل وقد كشف
عن ساعده ويتقدمه الطبيب
وردة بقلق: خير يادكتور... في إيه ياغمر يابنى
دكتور بإبتسامه: الحمدلله من حسن الحظ إن الأستاذ غمر جالنا بدري لأن المريض كان محتاج نقل دم
ضرورى لأننا إكتشفنا إنه فقد كمية دم كبيرة بسبب إصطدام راسه بالأرض لما جتله الأزمه القلبية
وإضطرينا ناخد كمية دم كبيرة من الأستاذ غمر لأن فصيلة المريض نادرة ومافيش حد عنده نفس الفصيلة
ولا فى بنك الدم حتى
وتوجه بالكلام لغمر بجدية: إنت تشرب عصاير كتير علشان تعوض الدم اللى أخدناه وتريح على السرير
شويه لأنك معرض لحدوث دوخه دلوقتى
وتوجه لورده بإبتسامة: وإنتى يامدام إطمنى الحمد لله الحالة بقت مستقرة وبكرا إن شاء الله هايخرج من
العناية لغرفته
إنفرجت أسارير ورده وحمدت الله وأخذت تشكر غمر: جميلك دا ياغمر يابنى مش هانساه طول عمرى
ومن النهارده بأعتبرك إبنى الكبير مش عارفة من غيرك كنا عملنا إيه وإنسابت دموعها ولكنها دموع فرحة
بنجاة زوجها
ثم إستطردت بلهفة: إحنا نسينا كلام الدكتور لازم تدخل ترتاح على السرير فى المعمل زى ماقالك
غمر بإبتسامته الساحرة وقد شحب وجهه: أولا ماعنتيش تشكرينى لأن دا واجبي ياأمي والحمد لله إن إحنا
إطمنا عليه
كانت تنظر إليه نظرات الحبيب الذى يلتقى حبيبه بعد طول غياب وقد ملأه الشوق والحنين؛ لم يكن ينظر
إليها لإنشغاله بأمها وليأسه من إستعادة قلبها مرة أخرى وفجأة وهو يلتفت وجد هذه النظرات منها له وقد
سحرته بعينيها البندقيتين التى طالما إفتقدهما فأحس بأن عينيها تناجيانه وتصرح بدون كلام
" أنا احبك "
رن هاتف وردة الذى أفاق من صوته الحبيبان برقم إبنها فإبتعدت لترد عليه