رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس
وفي قانون الحياه، قد تتمنى مائة شيء، ولكن تنال الشيء الذي لا تتمناه...! ركضوا جميعهم نحو حور التي كانت وكأنهم سلبوها السبب الذي يُبقيها على بقاع تلك الحياه...! عدا عاصي الذي كان جامدًا مكانه، ملامحه متصلبة بقسوة حُفرت بين ثناياه...! وداخله يخبره أنها مجرد خدعة سخيفة منها مرة اخرى... بدأوا يحاولون استعادتها لوعيها، وعندما بدأت تستعيد وعيها نطقت هامسة بما يُمليه عليها قلبها: -ع، عاصي!
والذهول كان التعبير الاول والاخير الذي ارتسم على وجوههم جميعًا، إلا حماتها التي انكمشت قسمات وجهها بغضب متأجج كالنيران...! بينما عاصي، شيء لا يعلم مصدره اهتز داخله بعنف عندما همست بأسمه بتلك الطريقة وكأنها تتوسل قربه، ولكن سرعان ما استعاد قناعه البارد الذي يكمم مشاعره خاصةً عندما حدجته ريهام بنظرة ذات مغزى وهي تردف بهدوء يخفي خلفه الكثير: -تعال يا عاصي لترى ما بها خادمتك..!
وضغطت على حروف خادمتك وكأنها تُذكره بها، ليقترب هو ببطء حتى اصبح امامهم، حينها خرج صوته اجش وهو يخبرهم: -تفضلوا لجلستكم وأنا سأساعدها لتصل لغرفتها وأعود عندها تدخلت والدة ريهام قائلة: -لمَ أنت؟ ألا يوجد خدم في هذا البيت الكبير يا عاصي؟! كز على أسنانه بغيظ لا يدري ما الذي دفنه بين جوارحه، ثم قال دون تفكير: -لانها زوجتي، زوجتي يا سيدة زهراء.
لم يهتم بصدمتهم، ولا الشهقات التي صدرت عن ريهام ووالدته التي لم تتوقع أن يخبرهم بتلك السهولة... فتابعت بسرعة تحاول تصحيح ذاك الاضطراب الذي قام به عاصي: -يقصد الفصلية التي اخذها من بيت الجبوري، حور! حينها همس والد ريهام مستنكرًا: -هذه هي ابنة ابراهيم الجبوري؟ اومأت والدته مؤكدة دون رد، بينما عاصي حمل حور برفق بين ذراعيه، فلم تكن استعادت وعيها كاملاً، ف بدت وكأنها مُخدرة...!
اقترابها منه بتلك الطريقة رمَى سلامًا على قلبه الساكن فجعله ينتفض متأثرًا بذلك القرب... ليتنهد بصوت عالي، ثم ضغط على خصرها بيداه وكأنه يود ان يُرسل لها اضطرابه، فلم تفعل هي سوى ان تأوهت بصوت منخفض وهي تضم نفسها بأحضانه اكثر متشبثة بياقة قميصه... واخيرًا وصل بها لغرفتها فوضعها برفق على الفراش وكاد يبتعد ولكنها لم تبعد يداها عن عنقه، أغمض عيناه ورائحتها تغمر روحه بعمق، عمق جعله يخشى ما بعده...!
ليهمس بصوت رجولي خشن: -حور، هل أنتِ بخير؟! هزت رأسها نافية كطفلة بريئة متألمة بقدر براءتها: -لا، لستُ بخير يا عاصي، احتاجك، احتاجك اكثر من اي شيء! لا تعلم اين سلطة العقل على لسانها، ولكن عندما يزيد الوجع عن حده مستوطنًا روحك، يصبح العقل مجرد رماد يُعيق الطريق قليلاً فقط...! وهو الاخر كان مأخوذًا بسحر تلك اللحظات، ليقترب منها اكثر ثم رفع إصبعه يتحسس وجنتها بنعومة هامسًا: -انا هنا، جوارك.
خففت قبضتها عن عنقه ليتمدد جوارها بتلقائية، ودون تفكير كانت تضع رأسها عند صدره، أنفاسها الساخنة تصفع صدره الاسمر الذي ظهر من الازرار الاولية التي يتركها مفتوحة دائمًا، ثم استطردت بصوت مبحوح:.
-انا اتألم، اتألم يا عاصي بمفردي، بدأت اشعر انني في عالم آخر، عالم لا استطيع حتى أن اصدر فيه آآه متوجعة، ان اصرخ حتى يخف ذلك الألم قليلاً، لم اعد احتمل، اقسم بالله لم اعد احتمل يا عاصي سينفجر قلبي من ثقل الألم عليه! قالت اخر حروفها بشهقات متقطعة وهي تدفن وجهها في صدره، بينما هو كالجماد ظاهريًا، بينما داخله وغزات مختلفة قاسية تؤلمه وتؤلم قلبه الذي اعتقده الصلب الذي لا يلين...!
لاول مره هي بين احضانه، ولكنها رمت على كاهله حملاً ثقيلاً، حِمل التخفيف عنها وهو يريد مَن يخفف عنه..! كان يعتقد انه اذا سبب لها ألمًا عميقًا، كاسرًا، سينزاح ذلك الجبل من الألم والهم عن صدره، ولكن بدا العكس تمامًا.. رفع وجهها الاحمر له، لتقول هي بحروف متقطعة:.
-لا تتزوجها، لا تتزوجها ارجوك يا عاصي، والله إن رأيت ما بقلبي لك لأدركت أنك تزوجت واحدة بجميع نساء الارض، ليست متميزة بحسبها او نسبها، وانما بعشقها لك... كان مصدوم، شريد بين بحور اعترافاتها العديدة التي تسقط على اذناه كرعد الشتاء الذي لا ينتهي!.. تعشقه...؟! تعشق مَن يكرهها من دون رجال الارض!، تعشق مَن يود تخليص حق شقيقاه بعذابها وذُلها...!
وعندما تذكر شقيقاه عادت عيناه الرمادية لقسوتها الدفينة ليبعدها عن احضانه بعنف، مرددًا بصوت لا يُظهر تعبيره: -لا، اخطأتي، هي متميزة بكرهي لها يا حور، كرهي الذي لم أكنه لشخص في حياتي الا هي وعائلتها القذرة! صفعها رده بقسوة، رده أسقطها لسابع ارض بعدما بدأت تحلق في سابع سماء بين احضانه...!
لتبتعد عنه ببطء لتعود وتتكور على نفسها كالجنين، بينما هو يؤنب نفسه وبشدة على تساهله معها، فأكمل بحدة علها تخف من شعوره بالخذلان من نفسه التي ضعفت لوهلة: -لا استطيع ان اظل هكذا في تعداد الموتى وانا متزوج من اكثر واحدة اكرهها في هذه الحياه، لا استطيع ان اتذكر مقتل شقيقاي كلما نظرت لوجهها، لا استطيع ان انجب منها وأزرع الكره في قلوب اطفالي تجاه جدهم وخالهم وجدتهم!
ثم استدار يأخذ نفسًا عميقًا وهو يتابع بجمود: -سنُقيم حفل الخطبة قريبًا ومن بعده الزواج، ارجو الا تُثيرين المشاكل والا تعرفين جيدًا ما هو رد فعلي! ثم سار ليغادر الغرفة، تاركًا اياها دموعها تهبط ببطء صامت دون ان تصدر صوت منخفض تعبر به عن ألمها العميق حتى...!
بلحظة كان ظافر يقبض على ذراع ريم التي انتفضت بقلق تزامنًا مع شهقة أطياف طليقته التي لم تصدق عيناها عندما رأته...! وهو الاخر لم يقل صدمة عنهم، بل كانت صدمته عميقة الاثر، فظل يسألها مستنكرًا بسرعة: -ما الذي تهذي به هذه؟! وماذا تفعل في منزلكم؟!
حاولت ريم اخراج الحروف من فاهها عنوة، ولكنها فشلت وبجدارة عندما رأت ذلك الغضب الذي يستوطن جذور نظراته، غضب مجنون شيطاني احتل عيناه البنية حتى لم تعد ترى سواه الان... ليهزها بعنف صارخًا بجنون لا يبالي بأي شيء: -اجيبيني؟! هل هي صديقتك يا ريم؟ اجيبي هل كلامها صحيح، هل كانت على اتفاق معكِ؟ عضت ريم على شفتاها بخوف هامسة: -نعم ولكن...
حينها إنفجر كل ما كان يحاول التحكم به، ليجذبها من شعرها بعنف صارخًا وهو يدفعها نحو الحائط حتى اصطدمت به بعنف متألمة: -نعم! اتفقتما على ماذا يا حقيره..! هل هذا جزائي؟ مجرد طفلة قذرة تضحك على ظافر الزبيدي؟! حاولت أطياف التدخل عندما وجدت ظافر تحكمت به شياطينه تحكمًا كاملاً: -ظافر انتظر... لم يتردد وهو يقترب مزمجرًا كأسد يود تعذيب فريسته قبل الانقضاض عليها: -اخرسي، لا اود سماع صوتك، هيا الى الخارج!
شهقت أطياف بخوف متراجعة... وعندما كاد يترك ريم ليتجه لها، ركضت بسرعة الى الخارج، حينها أغلق ظافر الباب بإحكام وهو يعود لريم مره اخرى... ظلت تتراجع ريم ببطء وهي تهز رأسها نافية: -ظافر اسمعني، انت اخطأت الفهم ضربها بيداه السمراء العريضة عند كتفاها بعنف وهو يتابع صراخه الهيستيري:.
-اسمع ماذا؟! تتفقين عليّ مع هذه العاهرة؟ كيف لم استطع معرفة معدنك الحقيقي؟ كيف اعتقدتك مجرد طفلة بريئة طيلة هذه السنوات بينما أنتِ مثلها تمامًا بل وأكثر عهرًا وقذارة، على الاقل هي لم تنل ولو واحد بالمائة مما نلتيه أنتِ! بدأت دموعها تهبط لا اراديًا، بحياتها لم ترى ظافر بهذه الحالة ابدًا، بدا وكأنه شخص آخر، شخص آخر غير الذي كان يتأوه هامسًا بأسمها، شوقًا لها منذ قليل!..
انتبهت له عندما عقد حاجباه بسخرية وهو يسألها: -ولكن ما لم افهمه حتى الان، ما هو المقابل لخدماتك لهذه الحقيره؟! لا يُعقل ان يكون المال وأنتِ تعيشين بمنزل ابراهيم الجبوري... لم تستطع ريم الاجابة من وسط شهقاتها التي ملأت المكان، لتظر نظرة ماكرة شيطانية حلقت من خلف الألغام التي تشتعل داخله وهو يهتف مقتربًا منها:.
-أنتِ نفذتي ما اردتيه واصبحتي زوجتي ومقربة مني جدًا، نجحتي بما اردتيه واستفدتي رغم انني لا ادري ما هي الفائدة، حان دوري الان لأستفيد من تلك الزيجة الفاشلة! اتسعت عيناها برعب وهي تهمس تلقائيًا: -ماذا تقصد؟! بدأ يقترب منها اكثر ثم خلع التيشرت الخاص به بحركة سريعة اجفلت منها ريم التي انكمشت على نفسها بقلق فاق الطبيعي بمراحل، ليرد بنبرة كفحيح الافعى:.
-اقصد انني يجب ان استفاد من هذا الزواج قليلاً، اجعلك زوجتي مثلاً؟! انتفض قلبها بذعر واضح وهو يكشف لها نيته الشيطانية الجنونية، خاصةً عندما جذبها له بحركة مباغتة ليُقبلها بعنف بينما هي تصرخ محاولة الفرار من بين قبضتاه، و...
دلف علي الى الغرفة بهدوء، يتنهد بصوت مسموع وهو يبحث بناظريه عن أسيل التي لم تكن متواجدة في الغرفة... إنتفض قلبه هلعًا وهو يتفحص الغرفة بسرعة، فعم الهدوء جوانب قلبه الملتاع عندما سمع صوت المياه من المرحاض، كاد يستدير ليخلع ملابسه ولكن وجدها تخرج ببطء وهي ترتدي قميص للنوم يكشف اكثر مما يخفي...! سقط لبه صريع ذلك المظهر، مظهرها الذي يُذيب الحجر، ما بالك بقلب عاشق متلهف لقطرة عشق من معشوقته!..
اقترب منها ببطء لا ارادي، لم يعد للعقل مكان في تلك اللحظات التي رفعت راية الاستسلام للهب شوقها... اصبح على بُعد خطوة منها يتفحصها بنظراته من اعلاها الى اسفلها، يلتهمها بعيناه بشوق جائع، رفع عيناه لوجهها، يُدقق في تفاصيله التي يعشقها، لم يتحمل اكثر ومشاعره تتكاتف عليه، وبلحظة كانت شفتاه تمتزج بشفتاها...
ولذهوله، بادلته هي القبلة ببطء، فعاد له جزء من عقله الذي كاد يفقده بعد رؤيتها بهذا المظهر، ليبتعد على الفور متمتمًا بصوت أجش: -اعتذر، لا يمكن ان يحدث وكاد يبتعد تمامًا ولكن همستها الضعيفة بأسمه كانت القشة التي قسمت ظهر البعير: -علي... ثم تابعت بصوت مبحوح ترجوه فعليًا!، : -ارجوك لا تبتعد، انا اريدك يا علي..
بدت له ليست طبيعية بالمرة وهي تتلمس ذقنه الطويل نوعًا ما وتتابع بنفس الهمس الذي يلاعب اوتاره الحساسة: -اريد ان اصبح زوجتك قولاً وفعلاً، اريد أن اشعر انني انثى مرغوبة فعليًا، هل هذا كثير عليّ يا علي؟ سب علي بصوت مكتوم، الغبية لا تعلم ما يشتعل بصدره...! لتقترب اكثر حتى اصبحت ملتصقة به وهمست:.
-اريد ان اتمتع بشعور انني انثى كاملة، انثى يكتفي زوجها بها، انثى تستطيع التأثير بشخص، اريد ان انسى مَن انت ومَن انا... ثم احتضنته ببطء تلف ذراعاها على ظهره متابعة وانفاسها تداعب اذنه: -اريد ان اكون معك فقط... بالرغم من يقينه أنها عندما تستعيد رشدها وتعود اسيل تلك، ستلومه وتلوم نفسها على ما حدث، الا انه لم يستطع سوى الخضوع لرغبتها في النشوى كأنثى، في تغذية شعور الانثى داخلها...
رفعها من خصرها بخفة بين ذراعيه، وهو يردف بصوت خشن مثخن بالعاطفة: -وانا اريدك بكافة جوارحي يا ابنة الشهاوي!.. ولم يُسمع اي حديث بعدها، كانت نظرات، همسات عاشقة تطرب اذن اسيل ظنًا منها انها مدحًا لانوثتها، ولكنها لم تكن مدحًا لها ولانوثتها بقدر ما هي همسات عاشقة، همسات كانت اسيل فاقدة البصر والبصيرة تجاهها...!
بعد أيام قليلة... خرج عاصي من مكتبه بعدما أنهى بعض اعماله، وكاد يتجه لشركته الخاصة ولكنه توقف للحظة ينظر لغرفة حور المغلقة، حور التي لا يراها سوى صدف، يتجاهلها وهي اخيرًا قررت تجاهله، او قررت مداوة جراحها بمعنى اصح! سار بهدوء حتى قابل والدته، فقاطعها قبل ان تتحدث: -هل رأيتي حور يا أمي؟ أشاحت به بيداها قائلة بحنق واضح: -ومَن حور تلك حتى تسألني انا عنها؟! اغمض عيناه مستغفرًا وهو يبرر لها بهدوء:.
-اسألك إن كنتي رأيتيها فقط يا امي، فهل رأيتيها ام لا؟! هزت رأسها نافية وهي تتخطاه: -لا، الحمدلله لم ارها حتى لا تعكر مزاجي ولكني اظن انني لمحتها تسير باتجاه الحديقة اومأ عاصي موافقًا وهو يتجه للحديقة بهدوء، ويبرر لعقله الذي يُعنفه انه يبحث عنها حتى لا تغيب عن عيناه فقط.. وبالفعل اصبح في الحديقة ولكنه لم يرى حور وحدها، بل رأى شخص اخر وحور تحتضنه بلهفة جعلت الدماء تغلي بعروقه...
ورغبة اجرامية تنتشر بين دماءه تحثه على قتلهما، اصبحت خطواته سريعة وهو يتجه لهم مناديًا بصوت رجولي اجش أرعب حور التي ارتعشت بعنف وهي تدرك ان الدمار قادم لا محالة: -حور...!
رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس
وعندما تظن أن الطلاء الوردي سيطغو على حياتك، تُفاجئ بأنه ليس سوى مجرد بداية لبهوت السواد الحالك ! دقيقة واحدة كانت المدة التي استغرقتها حور في رعبها، لتحدق ب شقيقها علي صارخة: -اركض، اركض يا علي، اركض ارجوووك هيا وبالفعل قفز علي بسرعة من السور كما أتى ليركب الموتوسيكل ويفر هاربًا، في الوقت الذي ركضت فيه حور تجاه عاصي، وقفت امامه بسرعة تحاول إيقافه وهي تردد بلهفة: -ارجوك اهدأ، ع...
ولكنه لم يستمع لها بل دفعها بعنف مزمجرًا كالليث الجريح: -ابتعدي، لن اتركه حي! ركضت بسرعة تلحق به، فأمسكت به من ذراعاه وعيناه تقدح شرارة وهي تردف صارخة بالمثل: -وانا لن اتركك تقتله، هذا شقيقي، شقيقي الذي قبلت أن اضحي بنفسي واتزوجك من اجله، شقيقي الذي تحملت كل شيء لأجله وسأتحمل مادام هو بخير! كلماتها أشعلت فتيل الشياطين بعقله، وهروب علي كان كالبنزين الذي يزيد الاشتعال...!
لقد كان في عقر داره، قاتل شقيقه كان في عقر داره ولم يستطع الامساك به...! هذه الكلمات كانت كافية لخلق روحًا اخرى، شرسة ذات مخالب لا تعي ولا تعلم سوى الانتقام داخل عاصي...! ابيضت مفاصله وهو يحدق بحور بنظرة جعلت كيانها يرتجف طالبًا الرحمة ممن لا يضع الرحمة ضمن خططه... ليجذبها من خصلاتها بقوة وهو يهدر فيها بعنف:.
-هرب بسببكِ، بسببكِ أنتِ لم استطع الامساك به، ربما كنت احاول التبرير لكِ بأنكِ ليس لكِ دخل بما حدث، احاول ان اكون رحيمًا بكِ، ولكن الان لن يجعلني اتركك سوى موتكِ يا حور! بدت لها كلماته كالعهد الذي صكه بدماءه مختلطة بدماء شقيقاه التي لم تجف بعد...! فحاولت النطق بصعوبة وكأنها لازالت تتعلم الابجدية: -ارجوك افهمني يا عاصي، هذا شقيقي، لا استطع تركه يُقتل.
لم يكن منه سوى أن صفعها ولأول مرة، صفعها بكل الحقد والغيظ الذي يغلي كالمراجل داخله، ليتابع بصوت مُخيف: -واللذان قُتلا شقيقاي ايضًا، ولا استطع ترك انتقامهم دون ان اخذه! سقطت ارضًا وقد بدأت بالبكاء، ليجذبها هو من خصلاتها يجرها خلفه متجهًا نحو الداخل مرة اخرى لتتعالى صرخات حور المتألمة، دلف بها فركضت والدته تجاهه تسأله بفزع: -ماذا حدث يا عاصي؟ أجاب صارخًا وكأنه لا يستوعب ما حدث للتو:.
-علي، علي الجبوري كان هنا يا أمي، كان هنا وهرب بسبب تلك العاهرة! شهقت والدته بعنف وهي تضع يدها على فاهها، تعلم أن الليلة ستكون اول ليلة للحورية بين يدي الشيطان فعليًا...! ولكن في نفس اللحظة حمدت الله أن ابنها لن يصبح قاتل...! سحب عاصي حور من شعرها وهو يتجه لأعلى ببطء متجبر، عقله لم يعد يدرك سوى بضع حروف، حروف متمثلة وكأنها كل الدنيا في الوقت الحالي الانتقام... لتسأله والدته بقلق وهي ترى مظهر حور:.
-ما الذي ستفعله بها يا عاصي؟ اجاب دون ان ينظر لها وهو يكمل صعوده: -ستُحبس ذليلة في غرفة مغلقة مظلمة دون طعام او شراب حتى تخبرني أين يختبئ علي الجبوري! وبالفعل توجه بها نحو احدى الغرف الفارغة، وهي دموعها تهبط بصمت متلوية تحاول فك خصلاتها من بين قبضته وهي تردد بصوت يكاد يسمع: -عاصي، ارجوك ارحمني، ارجوك ظل يهزها بعنف وهو يستكمل صراخه الهيستيري:.
-بقدر وجعي، بقدر شعوري بالعجز الذي جعلتيني اعايشه، بقدر ألمي كلما تذكرت اشقائي، سأنتقم منكِ ومنهم فيكِ يا حور!؟ زجها بعنف في الغرفة المُظلمة، لتتأوه هي بصوت عالي، وقبل ان يغادر كانت تمسكه من قدمه وهي تهمس بحروف متقطعة تخللها البكاء: -لا تتركني في هذه الغرفة ارجوك، انا اكره الظلام امسك شعرها بقبضته بعنف وهو يضغط على رأسها، ثم قال بقسوة: - لا يجب ان تكرهيه لانه سيصبح مأواكِ من الان وصاعدًا...
ثم دفعها بقدمه بقوة لترتج للخلف صارخة بألم، ثم أغلق باب الغرفة بمفتاح وهو يتنفس بصوت مسموع بينما هي انخرطت في بكاء عنيف...!
بينما ريم تحاول دفع ظافر عنها بعنف صارخة ببكاء هيستيري، وظافر كان كمن تلبسه شيطان يصعب الفكاك منه! في نفس اللحظات بدأت والدة ريم تفتح الباب بالمفتاح الاخر لكل الغرف، وبمجرد ان دلفت ركضت نحو ظافر تبعده عن ريم صارخة بجنون: -ابتعد عنها، هل فقدت عقلك؟ اتركها.
وبالفعل ابتعد عنها يلهث بعنف بينما هي تحاول ستر الظاهر من جسدها، ودقات قلبها كالطبول في الحرب في تلك اللحظات، احتضنتها والدتها بسرعة وهي تهمس بصوت حاني: -هششش اهدئي يا ريم، اهدئي حبيبتي عندها تدخل ظافر صارخًا فيها وهو يسألها: -هل تعلمين بما تُحيكه ابنتك مع تلك ال رمقته والدتها بنظرة نارية تقطر غلاً دفينًا، ثم قالت: -يستحسن أن تصمت الان يا ظافر، لانني ان تحدثت سأنطق بما لا يعجبك اطلاقًا.
أطلق ظافر ضحكة خشنة ساخرة، وكأنه يهتم؟! نار، نار سوداء تلك التي داخله تحرق الاخضر واليابس من جوارحه المشحونة تجاه ريم...! نظر ثم نطق بحدة: -لا اهتم! اللعنة عليها وعلى مَن يُحبها تقوس وجه والدتها بابتسامة متهكمة وهي تستطرد: -ثورت وغضبت وكدت ان تعتدي عليها لانها على علاقة ب أطياف؟! اذًا ماذا يجب أن تفعل هي عندما تعلم ما فعلته أنت؟! حينها خرج صوت ريم مبحوحًا وهي تسألها: -ماذا فعل؟
كان ظافر جامدًا، صلبًا لا يسبح في بركة مشاعره سوى الجنون والغضب، حتى انه فقد كل شعوره بالتوتر والقلق عند ذلك الموضوع، وكأنه ادرك ان الخيط الخفيف الذي يصل بينه وبين ريم قُطع وانتهى الامر...! استفاق على شهقة ريم العنيفة التي كانت مجرد توثيق لانتهاء ذلك الرابط، عندما قالت والدتها بصوت جامد: -كان سبب رئيسي في موت والدك يا ريم!
بدأت ريم تشعر بدوار حاد يداهمها، كانت تشعر أن والدتها لا تحب ظافر ولا تثق به بأي شكل من الاشكال، ولكن حتى في اسوء كوابيسها لم تكن تتخيل أن له علاقة بموت والدها الحبيب...! رفعت عيناها الجريحتان له عندما أكد ببرود: -سأوفر عليكِ السؤال، نعم لي علاقة، ولن أبرر حتى ما حدث! خرج صوتها كالخطوط المتعرجة نحو الانتقام وهي تردد بصوت لا حياة فيه:.
-اذن نحن متساويان، أنت كنت احد الاسباب ل موت والدي، وأنا تعاونت مع أطياف ضدك ثم عقدت ذراعاها مستطردة بنبرة حادة منتشية في صدمته: -هل تعلم لمَ؟ لانني وبمجرد ان علمت انك ستتزوج حتى لا تصدر المحكمة حكمها ضدك بشأن وصية عمار، اخبرت أطياف واتفقت معي ان اظهر نفسي امامك بشكل غير مباشر وبالتالي عندما تتزوجني وتقف امام المحكمة اخبرهم انك كاذب ولست متزوج وأنك تزوجتني لهذا السبب وانني انوي تركك بعد فترة.
كان فك ظافر يهتز بعنف وكلامها يخترق حدود الصبر داخله، انتفض يود الانقضاض عليها وهو يصرخ بهيسترية: -يا يا أنا سأريكِ مَن هو ظافر الزبيدي! رفعت رأسها بتحدي قائلة: -أعلى ما في خيلك، أركبه يا ابن الزبيدي!
وفجأة كان يدفع والدتها بعنف نحو الخارج هي واطياف التي كانت مجرد مشاهدة، لينتشل المفتاح من يد والدتها ثم اغلق الباب مرة اخرى، استدار ينظر لريم التي كانت قطة تظهر مخالبها ولكن تلك المخالب ترتعش من الخوف... بينما في الخارج والدتها تصرخ مهددة، عادت ريم للخلف بخوف هامسة: -لا تفعل شيء تندم عليه يا ظافر هز رأسه نافيًا ببرود: -لن أندم، ابدًا!
ثم بحركة مباغتة كان يجذبها بعنف حتى أسقطها ارضًا وهو فوقها، بدأت تدفعه بكل قوتها صارخة بينما هو يردد من بين اسنانه: -سأخذ منكِ اعز شيء، وسأطلقك بعدها، حينها لن تجرؤين على خيانة اي شخص مرة اخرى..! ازدادت مقاومة ريم، وهو كالجماد، لا يدرك ولا يستوعب سوى أنها تعاونت ضده، خانته وهو الذي كان يعشق التراب الذي تسير عليه...! وحينما تأتيك الضربة ممن لا تتوقعه، يصبح عقلك في حالة وقف التنفيذ...
وفجأة كان يضرب رأسها بالأرضية بقوة فبدأت تفقد وعيها...!
بعد يومان... كانت حور تجلس على الأرضية الباردة، ترتعش من الخوف، يومان كانوا وكأنهم عامان، تعيش وسط وحوش الظلمة المختلطة بذبات افكارها المرتعدة..! لم تتناول سوى بعض المياه من الخادمة التي أشفقت عليها، وتنتظر مصير مجهول كان هو أسوء عقاب يمكن ان يحط عليها...! وفجأة فُتح الباب ليدلف عاصي، لم ترفع رأسها له حتى، ظلت كما هي، فاقترب هو منها ليركلها في بطنها بقدمه مزمجرًا:.
-انهضي، يبدو أنكِ لن تخبريني بدون عنف وبهدوء! لم ترد سوى بصوت هادئ رغم رعشة الخوف التي لفحت به: -لا اعلم مكانه ضربها مرة اخرى صارخًا بصوت زلزل اركان المنزل: -كاذبة أنتِ مجرد كاذبة... رفعها من خصلاتها بعنف وهي تصرخ من الالم، ليهزها وهو يكمل: -ستخبريني، لن اتركك الا بعد ان تخبريني.
ثم رماها على الارض بعنف لتسقط على ظهرها، حينها أطلقت صرخة مدوية وهي ترى الدماء تهبط بغزارة حتى وصلت لقدماها، فصرخت في عاصي الذي تجمد مكانه: -انا انزف، آآه انا انزف يا عاصي، انا حاااامل! تلعثم وهو يحاول ترتيب حروفه، ولكن بمجرد ان تذكر زمجر فيها بقسوة: -وهل تتوقعين مني ان اسارع بنجدته! الافضل له ان يموت حتى لا يأتي ليجد ام مثلك واب يكرهه لانه منكِ أنتِ...!
لا يدري لمَ بدأ شعور من نوع آخر بالذنب يحتل عقله، منذ متى كان عنيف لهذه الدرجة؟!، بدأ يشعر أن اقتراب تلك الفتاة منه يسطو على شخصيته بهجوم التغيير فيجعلها اشد حقدًا وعنفًا وبغضًا...! بلحظة كان يقترب منها ليحملها بين ذراعيه كريشة خفيفة بينما هي بدأت تفقد الوعي وهي لا تهمس سوى بكلمات لم تتغير: -طفلي، انقذ طفلي ارجوك! ثم غابت تمامًا عن الوعي، ليركض عاصي بسرعة نحو الاسفل وهو ينادي على الخادمة:.
-فااااطمة بسرعة نادي لي الحارس ليجلب سيارتي، بسرعة! وبالفعل امتثلت فاطمة راكضة لأوامره، في تلك اللحظة أتت والدته شاهقة بصوت مسموع: -عاصي! ماذا فعلت في الفتاة؟ خرج صوته شاحبًا، يحمل لمعة إنكسار لم تستطع تفسيرها وهو يرد: -تنزف، كانت حامل ويبدو اننا سنخسره! ثم اكمل ركضه دون ان ينتظر ردها، لترتدي هي اول شيء تقابله وهي تركض خلفه وقد اثار مظهر حور في نفسها نوع من الحنان الأمومي الفطري داخلها...
وبالفعل بعد نصف ساعة وصلوا الى المستشفى فحمل عاصي حور وهو يركض بها نحو الداخل مناديًا على أي طبيب، الى ان اتاه الطبيب فأخبره بسرعة: -هي حامل، وسقطت بعنف وتنزف بغزارة اومأ الطبيب برأسه بسرعة وهو يشير له ان ينتظر، وبالفعل غادر الطبيب مع حور لغرفة الطوارئ...! كان عاصي يدور حول نفسه يمينًا ويسارًا، بدأ يشعر أن قبصة مميتة تُقيد سير دقاته حتى كادت تتوقف؟!
لم يكن يتخيل حتى في أسوء كوابيسه أنه يصل لدرجة أن يقتل طفله بنفسه...! يا الهي، عاصي الذي كان لا يستطع أذية مجرد حيوان حتى كاد ان يقتل طفله، طفله هو! ضرب الحائط بقبضتاه بعنف وهو يصرخ بصوت مكتوم، لتقترب والدته منه بسرعة وهي تربت على كتفه بحنان مغمغمة: -لا تقلق، ستكون بخير هي والطفل بأذن الله اومأ عاصي ولم يرد، مرت حوالي ساعة ليخرج الطبيب اخيرًا يزفر أنفاسه بأرهاق، فركض عاصي نحوه يسأله بلهفة:.
-ما الأخبار ايها الطبيب؟ بدا وكأن صيغة السؤال الطبيعية الاخرى (ما أخبار زوجتي يا طبيب) تُخجله!، لم يستطع كبح هياج مشاعره في تلك اللحظة، خوف، قلق، توتر، ولكن كالعادة يسدل ستار الجمود على ملامح وجهه... خاصة عندما بدأ الطبيب يتحدث بجدية: -الحمد لله، السيدة بخير والجنين ايضًا بخير، ولكننا استطعنا تثبيته بصعوبة شديدة لذلك أي مجهود ولو بسيط سيُعرضها للاجهاض.
اومأت والدته مؤكدة ثم انشغلت بالاسئلة التي بدأت تطرحها على الطبيب، متناسية تمامًا ان والدته لم تكن سوى حور...! دلف عاصي بخطى مرتعشة نحو الغرفة، ليقع نظره على حور التي كانت تنظر للشرفة بشرود عميق، بملامح شاحبة، وروح تبدو وكأنها مقتولة! لم يجرؤ أن يناديها وهي لم تجرؤ أن تنظر له، تشعر أنها ستكرهه إن رأته الان، إن تخلل عنفه معها مسام ذاكرتها!، وهي لا تريد أن تكرهه...
ولكن للأسف اصبح يجلس على طرف الفراش وهو يهمش بصوت مبحوح: -حور... لم تجيب، ولم تحرك رأسها لتنظر له حتى، بقيت تحدق بالشرفة، وكأن كل حديثه فقد خاصية الجذب في تلك اللحظات المشحونة بشتى المشاعر...! فتابع هو بصوت أجش: -أعلم أنكِ تكرهيني الان اكثر من اي شيء... وللحظة عاد له غروره القاسي الذي تلبسه منذ مقتل اشقاءه فأكمل: -ولا يهمني، انا انقذتك لأجل طفلي فقط! ثم عاد الخفوت النادم لصوته وهو يستطرد لها بنبرة عذبة:.
-ولكن واجب عليّ أن اعتذر يا حور، وإن كان يجب ان اعتذر لنفسي قبلاً، اعتذر لنفسي على ضعفها امام شيطان الغضب والجنون، لانني لم اكن يوما هكذا، لم اكن قاسي، لم اكن عنيف، لم اكن حتى خاضع لتلك العشيرة والهذيان ذاك، ولكن، انا واثق أنكِ إن وضعتي نفسك بمكاني للحظات ستفعلي اكثر مني، تخيلي للحظة أن اشقائك الاثنان قد قتلوا، وأنكِ عاجزة، مع ان الشعور بالعجز قاتل بالنسبة لي اكثر لاني رجل، وتخيلي أنه لا يوجد بيدك طريقة للانتقام سوى تخليص حقك ممن لا دخل له، ماذا ستفعلي؟ انا روحي تحترق يا حور، اشعر أنني ابتلع الجمر كلما تحدثت معكِ او تذكرت أن مَن قتلوا اشقائي هم اشقائك اللذان تدافعين عنهم حتى تلك اللحظة!
كان أنفاس حور عالية، كلماته وكأنها تجبرها على الخضوع امام سحر إقناعها، ولكن ألم بطنها الذي لم يخف حتى تلك اللحظات كان كالظل الذي يُذكرها بأجرامه وعنفه... فأشاحت بوجهها بعيدًا عنه وهي تهمس بصوت مختنق: -هل أنهيت كلامك؟ يمكنك المغادرة، اريد ان ارتاح الان وتابعت بسخرية: -إن كان لا يضايق حضرة الباشا عاصي الشهاوي تأفف عاصي بضيق حقيقي، لمَ يتنازل هو من الاساس ليشرح لها ما يدور في خلده؟!..
ألم تكن هي واهلها المخطئين وهم الضحية؟! كيف اصبح هو بليلة وضحاها المخطئ واصبحت هي الضحية...! ولكنه رغم ذلك مد يده يمسك وجهها برفق حتى نظرت له، وما إن قابلته عيناها المتحجرة بالدموع همس: -أسف، سامحيني! توترت نظراتها التي كانت جامدة منذ لحظات فقط، خاصةً وهي تجده يميل ببطء نحوها، لوهلة ظنت انه سيُقبلها ولكنه عاكس ظنونها حينما طبع قبلة أبوية حانية على وجنتها ليبتعد بعدها...
تنهدت اكثر من مرة بعد خروجه، وفكرة واحدة تدور بعقلها، عاصي متأسف وحزين ويرجو السماح ليس من اجل شخص حور، بل لانه تخلى عن اهم مبادئ شخصيته واصبح عنيف وهو يكره العنف حد الجنون!..
رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع
وصل علي الفندق، فتوجه نحو الغرفة على الفور، ولكنه تصنم مكانه عندما وجد ثامر طليق أسيل يطرق على الباب اكثر من مرة وصوت رجاؤه مسموع بوضوح: -أسيل، أسيل افتحي لي ارجوكِ، سنتحدث قليلاً وبعدها قرري ما تشائين، أسيل انا لم استطع ان اقابلك لاشرح لكِ بسبب هذا اللعين علي..! حينها اقترب منه علي وجنون اصبح يتلاعب بأعصابه، ليمسكه من ياقة قميصه وهو يهدر فيه بعنف:.
-وهذا اللعين إن لم تبتعد الان سيهشم وجهك القذر هذا ويخرج كل الغل الذي بداخله فيك! نفض ثامر ذراعاه عنه وهو يصيح فيه بتوعد شرس: -سأبتعد، ولكن اقسم أنني سأجعلك تندم على خداعك لي يا علي! وستطلق أسيل شئت ام أبيت... وقبل ان يغادر نال لكمة حادة من علي الذي كان يتنفس بصوت مسموع وهو يحاول تمالك نفسه حتى لا يقتله في التو واللحظة...
نهض ثامر يمسح فمه بكم قميصه ثم غادر وهو يرمي علي بنظرات قاتلة، اخرج علي المفتاح من جيب سرواله وفتح الباب ليقع نظره على أسيل التي كانت تجلس على الفراش تضم ركبتاها لصدرها بصمت يحوي بين جفونه الكثير والكثير من الكلام الذي فقد أحقيته في الصدوح... اقترب منها وما إن رفعت رأسها له حتى سألها بعمق: -لو كان الباب ليس مغلق بالمفتاح، هل كنتي ستفتحين له يا أسيل؟
الدهشة التي إرتسمت على ملامحها الناعمة أرسلت له جوابه بأقل من لحظة، ثم لوت شفتاها وهي تقول ساخرة: -وهل أغلقت الباب عليّ بالمفتاح يا علي؟ هل كنت تخشى هروبي؟! لا استطع أن اهرب يا علي، او بمعنى أصح لا اريد... في لحظة كان يجذبها من ذراعها بعنف وهو يضغط عليه، ثم سألها مستنكرًا: -هل تخشين أن افضح ذلك الحقير يا أسيل؟ هل مازلتي تعشقينه بعد كل ما حدث؟
أنزلت عيناها ارضًا، هي لا تعشقه كما كانت ولكنها ايضًا لم تستطع كرهه...! خاصةً أنها تشعر أنها ردت له صفعته عندما أتمت زواجها بعلي رغم ان ثامر لا يعلم، ولكن رغم عن كل شيء يتآكلها الندم كالصدئ في الحديد!.. حينها رفع علي رأسها له ببطء، ليهتف بعاطفة متوهجة: -أسيل، أنا لن أفضحه الا اذا اضطررت، رغم انني كلما تذكرت أنني اول رجل يلمسك اريد أن اصرخ سعادةً ثم نكس رأسه ارضًا وهو يزفر بعمق:.
-ولكن لا ادري لمَ تنتهي سعادتي سريعًا... وقبل ان تسأله عن أي شيء كان يفرد جسده على الفراش ويضع رأسه على حجرها يغمض عيناه وهو يردد لها بخفوت: -هل يمكنك أن تداعبي شعري حتى أنام؟! كانت متجمدة، تحاول التحرك، تحاول نفض حالة التوتر تلك عن ثوب مشاعرها، ليمسك علي يدها وكأنه شعر بترددها فوضعها على شعره الناعم وهو يهمس لها: -أنسي كل شيء، وأي شيء، تذكري فقط أنني احتاجك الان!
وعند ذكر الاحتياج، وعندما تذكرت أنه الوحيد الذي أغدقها بالشعور الذي كانت تحتاجه لأكمال حياتها كأنثى، بدأت تحرك يدها على شعره بلطف دون ان تجرؤ على سؤاله عما به...!
بينما في الغرفة المجاورة كان ثامر يدور في الغرفة كذئب حبيس، يشعر انه مكبل من كل الاطراف! ولكن لا يدري أي لحظة جنون تلك التي دفعته ليمسك هاتف الفندق ويطلب رقم منزل عاصي الذي نقله من هاتفه وهو ينوي إخباره بكل شيء... وليحدث ما يحدث، اهم شيء الان ألا تصبح أسيل لرجل اخر مهما طال الزمن وصار! وبالفعل اتاه الرد فقال بصوت اجش هادئ يحمل خبث دفين:.
-اعطي الهاتف للسيد عاصي، اريد ان اخبره بأمر مهم جدًا يتعلق بشقيقته أسيل!
بعد أيام... منذ خروج حور من المستشفى كانت شبه حبيسة بغرفتها، ولكن هذه المرة بأرادتها، هي مَن فرضت هذا الحصار على نفسها هذه المرة...! لا تريد الاختلاط بعاصي او امه بأي شكل من الاشكال، ولولا أنها تعلم انها ربما تعرض شقيقها للخطر لكانت تركت هذا المنزل على الفور...
ورغم فتور معاملة حماتها لها نوعًا ما، تخليها عن الاهانة والقسوة مع حور، الا انها لا تستطع محو وصمة الخذيان التي تشعر بها كلما تعاملت معها او مع ولدها عاصي... وفجأة سمعت صوتها وهي تتأوه صارخة وكأنها تحاول مناداة أي شخص، ورغم تحذيرات الطبيب لحور الا انها نهضت ببطء تسير نحو الصوت حتى خرجت لتجد والدة عاصي ساقطة ارضًا... ركضت نحوها بسرعة تسألها بقلق: -ما بكِ خالتي؟ حاولت الاخرى التقاط انفاسها بصعوبة:.
-لا آآ، اس، استطع اخذ نفسي ثم اشارت بيدها نحو الكومدين هامسة: -الد، آآ الدواء ركضت حور متناسية ألمها لتجلب الدواء بسرعة وتعطيه لها، وبسبب خبرتها التي اكتسبتها في دورة التمريض التدريبية بدأت تدلك لها رقبتها وصدرها لتساعدها على التقاط أنفاسها... في تلك اللحظة تحديدًا دلف عاصي الذي إتسعت عيناه بذهول وقد بدت له الصورة وكأن حور تحاول خنق والدته وهي تحاول تخليض نفسها!
ثم سارع يقترب منها وعيناه ترسل شرارة مُخيفة و...
خيرًا تفعل، خيرًا تجد...! فلو كان خيرًا تفعل شرًا تجد لأصبحت الدنيا مجرد غابة تركض فيها الذئاب لفعل الشر كأحدى الوسائل للهجوم والدفاع ... حدث كل شيء بسرعة، عاصي أنتشل حور من أعلى والدته وصوت زمجرته الخشنة كزئير أسد يهاجم فريسته...! لتصيح فيه حينها حور بسرعة: -اتركني والدتك لا تستطع التنفس.
نظر لوالدته بلهفة ليتحقق من صحة كلام حور، فوجد وجهها أحمر يختنق وتصدر حشرجة خفيقة وهي تحاول التنفس والحديث... ساعدها لتنهض وهو يسألها بلهفة: -هل أخذتي دوائك يا أمي؟ اومأت برأسها مؤكدة في نفس اللحظة التي نطقت بها حور بجدية: -أنا اعطيتها إياه...
حمل عاصي والدته بهدوء ليضعها على الاريكة فبدأت تلتقط أنفاسها رويدًا رويدًا، حينها عاد الشعور بالألم لحور التي إنكمشت ملامحها وهي تمسك بطنها لتغادر متجهة لغرفتها مرة اخرى...! دلفت الغرفة لتغلق الباب بهدوء ثم امسكت بدوائها لتأخذ مسكن قوي، زفرت بصوت مسموع ولا تدري لمَ شعرت أنها سارت خطوة أمامية في الطريق المظلم بينها وبين والدة عاصي..!
تناولت ملابسها واتجهت للمرحاض لتأخذ حمامًا ينعش خلاياها المشدودة بتوتر واضح.. مر بعض الوقت وخرجت هي من المرحاض ترتدي الروب لتتوجه نحو مرآتها تجلس امامها وتبدأ بتمشيط خصلاتها المبللة... نظرت للمرآة التي تعكس صورتها المغموسة بكآبة واضحة، ومن وسط مشاحناتها النفسية الداخلية صدر سؤالاً أنار الكثير داخلها ولكنها لم تجد له ردًا حازمًا يطفئ ما اُنير... لمَ هي ضعيفة هكذا امامهم؟! ...
اغمضت عيناها تتذكر ما حدث بدءًا من زواجها، كان تحملها لكل تلك القسوة عهدًا وفرمانًا قطعته بلا تردد، ولكن عندما يصل الامر لقتله جنينه، فليحترق ذلك الفرمان في الجحيم! زحف التوتر لثناياها تلقائيًا عندما فتح عاصي الباب بهدوء وهو يدلف، ولكنها أسقطت قناعًا من التصلب ليغطي ملامحها التي استوطنتها القلق... اكملت تمشيط شعرها دون ان تعيره انتباه، ليجلس هو امامها مزدردًا ريقه بتوتر وهو يقول:.
-شكرًا لانكِ انقذتي والدتي مطت شفتاها ببرود دون ان تنظر له: -لا داعي للشكر، لم افعل سوى ما هو واجب عليّ لان اهلي ربوني على هذا رغمًا عنه غمغم بسخرية: -اووه واضح أن اهلك مصدر كل المبادئ! تجاهلت جملته و إلتفتت له تحدق بعيناه الهادئة لتقابل عيناها البنية الممتلأة بالغضب الناري وهي تهمس من بين اسنانها: -ولكن ما لا افهمه لمَ أنت سيء الظن دائمًا بي هكذا؟! عادت تمشط شعرها وتابعت بحنق طفولي واضح:.
-وانا التي كانت تعتقد أنك ستشكرني بحرارة على معروفي، واحدة غيري لكانت تركت والدتك كأنتقام لكرامتها المهدورة وانت لن تدري أنها تجاهلتها بعمد اساسًا... اغمض عيناه يتنهد تنهيدة عميقة تحمل الكثير والكثير، وكيف يثق بها من الاساس وهي شقيقة القتلة؟! الثقة تتبخر عندها لتصبح مجرد هواء لا قيمة له..! فجأة فتح عيناه على تأوهها المكتوم وهي تمسك بطنها ليسألها بتوتر: -هل انتِ بخير؟
اومأت دون رد ولكن ملامحها كانت رسمة بريشة عميقة للألم فنهض هو على الفور يساعدها لتسير نحو الفراش، بدأ الدوار يهاجمها وأنفاسها تثقل شيء فشيء، وفجأة سقطت على عاصي الذي تفاجئ بسقوطها ليسقط على الفراش وهي فوقه، تسلطت عيناها تلقائيًا على عيناه الرمادية التي احتلتها غيوم داكنة لم تستطع تحليلها، يداه أشتدت تلقائيًا على خصرها النحيل الذي يتراقص بمخيلته دومًا فيعذب ارادته التي تكاد تكون معدومة للابتعاد عنها...!
بدأت تتنفس بصعوبة وصدرها يعلو ويهبط، تحاول استجماع شتات نفسها، ولكن قبل ان تصل لمبتغاها كان هو يقترب منها والهدف شفتاها ولكن هي بدأ عقلها يستعيد رشده فهبت بسرعة تبعده وهي تهمس بحروف مشتتة كحالها تمامًا: -لا، لن يحدث، اتركني يا عاصي! كلماتها اللاسعة كانت كصفعة تعيده لوعيه، فأنتشل نفسه بصعوبة من فوقها يجبر نفسه الأبية على تركها وعدم اكمال ما بدأه... وبمجرد أن ابتعد استعاد لهجته القاسية وهو يخبرها:.
-اساسًا انا لم أكن لأفعلها، لا تنسين مَن أنتِ وما هو وضعنا، انا لا أتلهف للأقتراب من شقيقة القتلة! جزت على أسنانها بعنف وهي تهمس بنفس النبرة القاسية: -وشقيقة القتلة تشمئز من لمساتك يا سيد عاصي وفجأة تأوهت متألمة عندما جذبها له يلوي ذراعها خلف ظهرها، وانفاسه الهادرة تلفح أذنها ورقبتها وهو يتشدق بغضب: -ظهرت مخالب القطة اذًا، ولكن حذاري يا قطة أن تفقديني أعصابي حينها لا ادري ما هو رد فعلي.
ثم رماها على الفراش بعنف وهو ينهض مغادرًا تلك الغرفة التي أظهرت ضعفه امامها مرة اخرى...!
كانت أسيل في الفندق تعد اشياءها لتغادر كما أتفقت هي و علي بعد ما حدث، زفرت بعمق وهي تعود بذاكرتها ليوم اتصال عاصي بها... فلاش باك## أجابت على اتصاله على الفور بملامح مشرقة تنضح فرحًا وهي تردد: -عاصي، اشتقت لك يا أخي سمعت صوته الغاضب وهو يقول: -لذلك لا تريدين المجيء لهنا مع زوجك يا أسيل؟! بدأ التوتر يزحف شيءً فشيء لساحة ملامحه، فسألته بصوت بدا متوترًا: -زوجي! هل هو مَن أخبرك؟ رد على الفور:.
-نعم هو، وفعليًا انا غاضب منكِ سألته بسرعة: -ماذا اخبرك يا عاصي؟ سمعت تنفسه الهادئ وهو يخبرها بهدوء: -أخبرني أنكم تشاجرتم وهو يود المجيء لهنا معكِ حتى تحل تلك المشاكل ولكنك ترفضين مرددة أنكِ لا تريدين ادخال أي شخص في مشاكلكم بل وتركتي منزله لتقيمي في فندق بمفردك! أي هراءات تلك يا أسيل؟ منذ متى وأنتِ متسرعة ومتهورة لهذه الدرجة؟! حاولت إيجاد حجة مناسبة فلم تجد سوى ان تقول بصدق:.
-حدثت اشياء كثيرة، كثيرة جدًا يا عاصي أنت لا تعلمها، وليست مجرد شجار كما اخبرك، ما حدث اكبر من ذلك، لذلك أنا اود ان اظل بمفردي فترة قليلة وحينها سأتي إليكم ولكن بمفردي ايضًا يا عاصي بدا صوته حادًا وهو يأمرها بحزم: -اخبريني اذن يا أسيل هزت رأسها نافية وكأنه يراها: -لا استطيع على الهاتف، اعدك سأحكي كل شيء ما إن أتي إليكم -سأتي أنا اذن، اخبريني اسم الفندق هتفت هي بلهفة مرتعدة:.
-لا لا، ارجوك يا عاصي لا تضغط عليّ، أنا سأتي بأرادتي ولكني اود الاختلاء بنفسي قليلاً، ارجوك جاءها صوته الاجش مترددًا: -حسنًا سأتركك لانك لستي طفلة، ولكن ما اسم الفندق حتى اكون مطمئن عليكِ... ترددت كثيرًا وهي تفكر، ستخبره بأسم الفندق وتقنع علي بالمغادرة! حتى تستطع اقناع علي بعدم فضح سر ثامر وحينها ستعود لأهلها على الفور... نطقت اخيرًا بهدوء ؛.
-فندق ، وانا اعدك خلال اسبوع ستجدني امامك ولكن لا اريد ان يقترب مني ثامر مرة اخرى ولا تقلق انا لن اغادر بغداد الا عندما أتي إليكم تنهد موافقًا على مضض: -حسنًا، انتبهي على نفسك واجيبي على هاتفك عندما اتصل بكِ -حاضر يا اخي، مع السلامة -الى اللقاء أغلقت الهاتف وهي تتنهد بصوت عالي لا تصدق انها بدأت تكذب على شقيقها هكذا!.. دلف علي في تلك اللحظة لتنهض هي مرددة على الفور:.
-ثامر اخبر عاصي أنني تركت المنزل واقيم في فندق بمفردي وعاصي اتصل بي فأخبرته باسم الفندق حتى يكون مطمئن حينها صرخ فيها عاصي بانفعال واضح: -هل أنتِ غبية!؟ عاصي اذا اتصل به هذا الحقير مرة اخرى لن يتردد في المجيء هنا بنفسه ليحل المشكلة لم تستطع منع نفسها من الضحك ساخرة: -هل تخشى أخي لهذه الدرجة؟! حينها وبحركة مباغتة جذبها من ذراعها يضغط عليه بعنف وهو يهدر فيها بغل مكبوت:.
-انا لا اخشى سوى مَن خلقني يا أسيل، ومسألة مواجهتى لأخيكِ مسألة وقت لا اكثر، انا انتظر الوقت المناسب وحينها سترين مَن يخشى مَن! ولا تدري لمَ شعرت بالرعب يغدق مشاعرها بلا توقف كأمطار باردة تكاد تفقدها احساسها، فهمست تلقائيًا بسؤال مستنكر: -هل ستفضح سر ثامر يا علي؟ هل ستخبرهم أنه عاجز جنسيًا وأنني ظللت عذراء طيلة السنتان!؟
اغمض عيناه يحاول السيطرة على الوحوش التي تنهش سيطرته على ذاته، ليردف بعدها غير مصدقًا: -لا اصدق كيف تحملتيه حتى تلك اللحظة بل ومازلتي تخشين فضيحته! أي عشق أبله ذاك الذي تكنيه له؟! رفعت رأسها وهي تجيب بشموخ يليق بها:.
-عندما صبرت اثناء زواجي كان بسبب عشقي له وبسبب قناعتي انه شيء خارج عن ارادته، ولانني تربيت على الاصول لا استطع فضح زوجي على امل انه سيُشفي في يوم، ولكن مر الوقت وبدأ ينفعل ويضربني عندما يفشل في الاقتراب مني حينها رفضت أن يقترب مني مرة اخرى، فأنتهى الامر ب أنه يحاول النجاح مع عاهرة ربما يستطع وينتهي عجزه، فمن رأيه أن الخطأ بي أنا، أن أنا مَن لا استطع اغراؤه أنني لستُ انثى كاملة!
ولم تلاحظ الدموع التي تكونت كالسحب بعيناها الزرقاء وهي تتذكر ما عانته تحت مسمى انها أصيلة!.. كتمت شهقاتها التي تود الانفجار وهي تتابع: -ولكن الان انا لا اود فضحه ليس بسبب عشقي له بل لان مَن ستره الله لا استطع انا فضحه امسك وجهها بين يداه برفق يقترب منها وعيناه تنبض بعشقًا لم يستطع دفنه بين أطياف الماضي، ليهمس بصوت أجش ثقيل بعاطفته:.
-ولكن أنا، أنا يا أسيل لا استطيع الصبر ولا استطيع الصمت، أنتِ الان ملكًا لي، وما هو ملكًا لي لا اتنازل عنه، بل يصبح قلبًا وقالبًا لي! أغمضت عيناها وهي تتنفس ببطء فلفحت انفاسها وجهه فكانت تلك القشة التي قسمت ظهر البعير، ليقترب منها ببطء مسلطًا انظاره على شفتاها المكتنزة التي ترتعش بعض الشيء، لتبتعد هي على الفور مغمغمة بجدية:.
-انا لم أنس أنك علي الذي قتل شقيقي، لذلك لا تتعامل معي وكأننا دفننا ذلك الماضي! كز على أسنانه بغيظ واضح ثم استدار وهو يخبرها بجمود: -حضري ملابسك وحقيبتك وانا سأذهب لأخبر صاحب العمل بمغادرتي ثم أتي لنغادر ذلك الفندق، لا تعتقدي لوهلة أنني سأتركك تذهبين لأهلك بكل بساطة يا أسيل وبالفعل غادر لتجلس على الفراش متنهدة بتصميم:.
-وانا لن اغادر قبل ان اتأكد أنك لن تفضح ثامر يا علي، لأنني انا مَن تسببت بفضحه امامك باك###.
ظلت أسيل تزفر بضيق وهي تفكر، هي لا تكره علي ولكنها ايضًا لا تستطع تقبله، لا تستطع بلع تلك الغصة المريرة التي تستقر بحلقها كلما تذكرت انه قاتل شقيقها...!