رواية الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمد الجزء الأول الفصل السادس عشر( نثرات الروح والهوى )حقنتها "يارا" لتستعيد وعيها تدريجياً، بدأت عيناها تلتقط ما حولها بصورة مشوشة قليلاً حتي إتضحت معالمها، تمسكت "يارا" بمعصمها لتبث لها الأمان قائلة ببسمة رقيقة _حمدلله علي سلامتك يا "أشجان"...وزعت نظراتها علي الغرفة بخوفاً شديد لتصيح بفزع_أنا فين؟!.أشارت لها "يارا" بحذر _أنتِ معايا متخافيش أنا هربتك من المستشفي وبعيد عن الشخص المريض دا...سكنت ملامحها قليلاً فأستندت بجذعيها علي الفراش قائلة ببعض التعب _يعني أنا فين؟..أجابتها بتردد _أنتِ في مكان أمن خارج مصر كلها...شهقت بصدمة لتسرع الأخري بالحديث وهي تشير لها بعدم الأنفعال _إسمعيني يا "أشجان" أنا معرفش أيه اللي واقعك بطريق "رحيم زيدان" بس اللي أقدر أقولهولك أنه شيطان ميعرفش يعني أيه رحمة، ومهما كان غرضه منك فنهايتك هتكون الموت...وضعت عيناها أرضاً ببكاء فجلست "يارا" جوارها لتمسد علي ظهرها بحنان _أنا هربتك من المستشفي وعرضت نفسي لمخاطر كبيرة لأنك صعبتي عليا وشوفت فيكِ أختي...رفعت" أشجان" المغمورة بالدمع لتجد الصدق بعيناها، شددت "يارا" علي كلماتها برقة_إعتبريني أخت ليكِ وسبيني أساعدك علي قد ما أقدر والأهم من كدا أني أعالجك نفسياً..شعورها بأنها بمفردها بهذا العالم اللعين جعلها تتقبل كلماتها فكانت منكسرة للغاية وبحاجة من يداويها، إحتضنتها"يارا" بحزن فهي تعلم جيداً عن هذا الرجل القاسي!...طرقات علي باب الغرفة إكتسحت الغرفة لتشير لها "يارا" ببسمة هادئة_أعدلي الحجاب عايزة أعرفك علي حد مهم..أعدلت من حجابها لتأذن "يارا" للطارق بالدخول فولج الجوكر للداخل بثبات، وزعت "شجن" نظراتها بينهما بأستغراب، لتقطع "يارا" لحظات الصمت ببسمة هادئة_دا يا ستي إبن خالتي مراد... "مراد زيدان".تعمدت لفظ إسمه كاملاً لتثير فضولها لمعرفة العلاقة بينهما وبالفعل أفشت نظراتها بالكثير لتردد بصدمة _"زيدان "!.كادت" يارا" بأن تجيبها ولكنها توقفت حينما أشار لها" مراد"بالصمت ليبدأ هو بالحديث_للاسف الشديد اللي بتفكري فيه صح بس مع تصحيح بسيط أن الشخص دا أي كان هو مين فهو منتحل شخصية أخويا الله يرحمه ومش بس كدا دا إرتكب أوسخ جرايم ممكن تخطر في بالك..وشرع" مراد" بقص ما فعله بعائلته وبالأخص شقيقاته لتتحول نظرات عيناها للكره الشديد له، نجح الجوكر بأشعال النيران التي إوقدها "رحيم" ليجعل تلك البائسة في حالة من الكره لذاتها، ختم كلماته التي شقت صدره بذكريات مميتة _أنا إتعمدت أحكيلك كل حاجة عشان متصدقيش الوش اللي بيحاول يرسمه دا، اللي زيه عايش عشان غيره يموت...خرج من شرود عمق الكلمات ليتحدث بثبات يلاحقه_أنتِ هنا بأمان محدش يقدر يجبرك علي حاجة..وأشار لها بأحترام بدي بكلماته _باب القصر مفتوح ليكِ تخرجي وتدخلي بالوقت اللي تحبيه، أنتِ هنا ضيفة مش بالأجبار..وتوجه للخروج بخطوات علي صوتها كالوصم المعهود ليستدير قبل خروجه قائلاً بغموض_وجودك هنا حماية ليكِ أنتِ..وتركهم ورحل من الغرفة لتتبقي "يارا" لجوارها...سكنت محلها بدمعات تمزق قلبها قبل أن تنسال علي وجهها!، لا تعلم كيف سقطت بطريق هذا الرجل الذي تعاهد علي تحطيم حياتها البائسة ومن ثم تأتيها المفاجأة المدمرة بأنه معشوق طفولتها الذي تمنت أن يكون خبر وفاته مجرد كذبة أو خداع ولكنها الأن بحالة يصعب وصفها ما بين الخوف والحنين!..ما بين رجفة جسر وإشتياق قلب!..إنتبهت للمسة كف "يارا" لتشير لها بحنان وبسمة تبعث الطمأنينه _الدوا..تناولته من يدها دون إعتراض لشعورها بأنها ليست علي ما يرام ثم إستلقت بأرهاق، تطلعت لها "يارا" بحزن فبداخلها شعوراً غريب بالمسؤولية تجاه تلك الفتاة!...توجه "مراد" للأعلي بخطوات سريعة تكاد تشبه الركض، يديه تحرر رابطة عنقه بقسوة، ولج لجناحه ليغلق باب غرفته سريعاً كأن شبحاً ما يلاحقه، إستند برأسه على جسد الباب الداخلي كأنه يحتضنه فيخرج آلامه، فتح عيناه الزرقاء ببطء بعدما إستحوذت عليه أشباح الماضي بذكرياته الأليم، ألقي بجاكيته أرضاً ثم تحرك بالكاد تجاه أزرر المسبح ليحرر محتواه بمياهه البارد، مزق قميصه بعينين تقصان بلغات غامضة ما بين الغضب ووعود الأنتقام، بقي ببنطاله البني ليلقي بذاته بداخل صفحاتها، سبح كثيراً حتي وصل لقاعه ثم توقف ليترك جسده للمياه يحركه كيفما يشاء مغلق عيناه بأستسلام...جلس جوارها بدموع فشل هذا الصبي بكبتها فتمسك بكفها البارد برجاء ودموع تشق لها القلوب_متسبنيش يا ماما، أنا محتاجلك أوي...فتحت "إنجي" عيناها بصعوبة لتردد ببسمة تكاد تظهر من شدة آنينها_"مراد" حبيبي...وبكلمات أشبه للهمس قالت _عارف أنا طلبت أشوفك أنت ليه؟..أشار لها بلا ودمعاته تسيل دون توقف، سعلت بقوة وهي تكبت أنفاسها لعل الموت يمنحها بضعة دقائق تودع فيهما المحبوب_عشان يمكن دي تكون أخر مرة تجمعني بيك يا حبيبي.وعادت لنوبة السعال مجدداً فرفعت المنديل الورقي لتكبتها قدر ما إستطاعت لتبتسم بألم حينما رفعت المناديل الورقي لتري دمائها التي تتوسطها!، بكي "مراد" لتأكده بأنها النهاية المحتومة التي ستفرقه عن سنده ودعمه الأكبر فقال بألم_يارب خد من اللي باقي من حياتي لأمي..إنقبض قلبها فقالت بلهفة_الله أكبر، متقولش كدا تاني..ولامست وجهه قائلة ببكاء_أنت وأخواتك أجمل ما في حياتي يا "مراد"..ثم قالت ببسمة مخالفة لدمعاتها_وبعدين أنا هروح لحبيبي، هروح لأبني "رحيم"..قبل يدها مغلق العينان بألم لا مثيل له _خاليكِ معايا...ربتت بيدها علي خصلات شعره السوداء الفحمي قائلة بدموع يشوبها الخزي_ أنا عارفة أد أيه أنت متعلق بيا يا "مراد" رغم أني مقدمتش حاجة ليك أنت وأخواتك، قضيت حياتي علي السرير دا مكنتش بقدر أقوم بواجباتي كأم ليكم، سبت واجباتي للخدم سامحني لتقصيري يابني...إحتضنها بحزن فأغلقت عيناها ببكاء وهي تحتضنه مرددة بألم_المرض خالاني عاجزة عن خدمة نفسي...ثم قالت بدموع لا حصى لها _ويمكن كان السبب اللي خالي أبوك يعرف غيري ويتجوزها عليا طول الفترة دي..قالت كلماتها الأخيرة ببكاء حارق جعله بحالة لا يحسد عليها لتكمل هي كلماتها القاتلة _عملت كل حاجة عشان أخليه يحيبني بس مقدرش كنت متأكدة أن في واحدة في حياته بس كنت بحاول مصدقش عشانك أنت وأخواتك وعشان "رحيم" حبيبي اللي مأخدش مني غير وراثة المرض اللعين دا وبعدوه عني...أجابها بدموع_أهدي يا أمي عشان خاطري..أستكملت كلماتها بأنكسار _حتي خبر وفاته خبوه عني،...وببكاء محطم قالت _معرفتش أودعه يابني، معرفتش أودعه يا "مراد"، معرفتش أخده في حضني وأطمنه أني هجيله في أقرب وقت..قبل يدها ببكاء ليصرخ بها بألم _عشان خاطري كفايا..شهقات متتالية جعلته يخرجها من أحضانه بخوف ليردد بصوتٍ جاهد للخروج_ماما...قالت بأصوات لاهثة كأنها بأصعب سباق بحياتها_أشهد أن لا إله الا الله وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله...شهقات فأنفاس تسحب ببطء لتفتح عيناها الثقيلة بضعف لتتطلع للفراغ ببسمة مشرقة لتردد أخر كلماتها التي إخترقت حواسه_"رحيم"...لتغلق عيناها بوداع أبدي وبسمتها تزين وجهها، إبتلع ريقه بصعوبة ليهزها برفق ومعه يهتز قلبه كالزلزال! _ماما..إرتخت بين يديه ليتأكد ظنونه ليصيح بصوتٍ محطم يكسوه الأنين والوعيد _مامااااااا...خرج لسطح المياه مسرعاً حينما شعر بحاجته المريبة للهواء الذي حرمت هي منه، ألقي بذاته خارج المسبح ليضعف قليلاً فلا بأس بذلك، لم يسلم من هذا المشهد المروع الذي يلاحقه بدون رحمة، وفأتها بين يديه... كلماتها...بكائها.. كل ذلك يحطم قلبه ويطالبه بالقصاص!...رأي "فريد" بمنظور أخر حتم عليه لذا رفض القبول به، ما تعرض له لم يكن بالهين فكيف يتمكن إنسي من أن يستكمل حياة عانت فيها والدته حد الموت من وجهة نظره! ..إستند بذراعيه علي الأرض حتي وصل للمقعد فتمسك به ليجلس عليه بضعف فجسده غير قادر بالوقوف، أغلق عيناه بألم لا مثيل له وقبضة يديه ملتفة حول بعضها بقوة توشك علي قتله هو!..طرقت باب غرفته ثم ولجت للداخل دون أن يصرح لها لتبحث عنه بعيناها حتي وجدته يجلس عاري الصدر على مقعد مقرب من المسبح، تحركت إليه ببسمة حالمة بذلك الوسيم المغلق العينان، هواء الشرفة يحرك خصلات شعره الطويل بجاذبية خاصة، تنحنحت بحرج حينما لاحظت شروده لينتبه لوجودها ففتح عيناه ليجدها أمامه، إبتسمت "حنين" قائلة بصوتها الرقيق _أسفة علي المقاطعة بس كان عندي سؤال فضولي معرفتش أنام من تردده عليا..وأخرجت الساعة من جيب بجامتها الزرقاء_في واحد بمركزك دا يجيب لزوجته ساعة هدية!..من المخاطر التي قد تصيب الأنسان إقترابه من حيوان مفترس متحرر بمخالب حادة وهكذا ما إقترفته تلك الحمقاء، نهض "مراد" عن مقعده ليقترب منها بعيناها التي مالت للون الأحمر الدامي، حاوط يديه حول عنقها ليجبرها علي التراجع للخلف حتي أصبحت مقيدة علي الحائط، أجبرها بالتطلع للهيب عيناه الحارقة ليصيح بصوتٍ أخافها للغاية_الظاهر إني أتهونت معاكِ لدرجة أنك نسيتي نفسك وإفتكرتي أنك مراتي بجد...نظراته المحاطة بهالة مقبضة أجبرتها علي الخوف منه فما أمامها لا ينذر بالخير أبداً، لف معصمه القوي حول لائحة يدها الهاشة فكادت بأن تنكسر بين يديه،أغلقت عيناها بقوة وهي تحاول تحرير ذاتها حتي تتمكن من الفرار من عرين التمساح الثائر المحاط بكثافة من المياه تمنحه قوة عجيبة، إنسياب المياه علي جسده ببطء كأنها تقترب خطوة من الموت!..إنقتلت مشاكستها المعتادة حينما رأت حالته الأكثر خطورة فهونت عنها دمعاتها لتهوي دون توقف، أعماه غضبه عن رؤية تفاصيل عيناها فكل ما يرأه هو إختراق لقوانين مملكته المصونه!، خرج صوتها الشبه مسموع له_"مراد"... إيدي...عاد لوعيه المستبعاد نتيجة لأنفعاله لتلتقط عيناه دمعاتها التي يرأها لأول مرة، معالم تألمها وتحرك جسدها الهزيل بين يديه لتحاول تحرير ما أسر لدي قوته الطاغية، لوهلة إستوعب ما يحدث فحرر يدها ليتراجع خطوة للخلف ثم إستدار ليمرر يديه بخصلات شعره المغمور بالمياه بعدم تصديق لما أصبح عليه، يعلم أنه قاسي مع من يتعدي جزء من قانونه المفروض أو يجرأ علي إقتحام حياته الحمراء ولكنه كان يحترم النساء جميعاً وخاصة تلك المشاغبة...إستعاد جزء من ثباته فأستدار بملامح أكثر ثباتاً وتمكن ليجدها تهرول من الغرفة بفزع بدي علي وجهها الذي لم يكن يعلم سوي البسمة فقط!، سقطت عيناه علي الساعة التي أحضرها لها ملاقاة أرضاً أسفل قدميه من فرط الخوف، أسرعت "حنين" لباب الجناح الخارجي ففتحته وكادت بالخروج لينغلق فجأة أمام عيناها لتجد ذراعيه مقبضة عليه بأحكام، إستدارت إليه بملامح يغمرها الرعب والحسرة تسكن عيناها!، إقترب منها فأنقبض جسدها برجفة ظاهرة لتشير له بيد مرتجفة_من فضلك خليني أخرج..قرب يديه منها فتراجعت للخلف أكثر قدر ما إستطاعت، كسر المسافة بينهما ليفاجئها بأن طوف وجهها بيديه ليزيح دمعاتها بأصابع يديه التي تختبار تعليمات الحنان منه لأول مرة!، رفعت عيناها إليه ببلاهة مما يفعله، كاد فمها بأن يصل للأرض حينما رأته يتأملها بشغف ونظرات ترأها بزرقاء عيناه لأول مرة!..وجدها تتطلع له بأستغراب فردد بصوته القريب منها _أسف...إنفتح فمها لأخره فأبتسم "مراد" بعشق لتلك القصيرة التي تكاد تصل لأكتافه بالكاد، إنحني علي قدميه ليجذب الساعة الملقاة أرضاً ليجذبها برفق ثم نهض ليقف أمامها ببسمته الفتاكة، رفع يديه ليغلق فمها المفتوح علي مصراعيه بيديه ثم جذب الساعة ليرفع معصمها برفق ليضعها حوله بلمساته الرقيقة قائلاً دون النظر إليها _ساعة "لويس موينت" من أفخم الساعات الموجودة بالعالم كله، مصنوعة من الياقوت ومش موجود منها بالعالم غير أربع نسخ فقط...كاد فمها بأن يصل للأرض مرة أخري فرفع اصبعه ببسمة مهلكة ليعيد غلقه هامساً بسخرية _هديتي اللي مش عجباكِ تمناها ٤مليون دولار...نقلت نظراتها بينه وبين ما تحمله بيدها ببسمة بلهاء فأبتسم قائلاً بثبات_بالنسبة لأختيار الهدية فأنا بالنسبالي مفيش أهم وأغالي من الوقت وعموماً هعوضك بالهدية اللي تحبيها..تطلعت له بنظرة فهمها جيداً ليحك طرف ذقته بغضب من إستغلاله فقال بنفاذ صبر _أوكي هخرجك بس أنا اللي هحدد الوقت..أشارت له بسعادة ثم خرجت متوجهة لغرفتها والفرحة تكاد تحمل أقدامها عن الأرض، توقفت "حنين" حينما رأت نور الغرفة المجاور لها مضيء فتذكرت كلمات السيدة "عفاف" عن وجود إبنة خالته وصديقتها فتوجهت للغرفة ببسمة بشوشة بغاية التعرف عليهم..جلس "إياد" جوارها بالخلف بغضب، عيناه تراقب باب الباص بتراقب لرؤياها فزفر بتأفف_أنتِ متأكدة أنها هتطلع الرحلة دي؟..أجابته "صباح" بضيق _قولتلك أيوا البت "دعاء" صاحبتها اللي قالتلي...وكادت بأن تكمل كلماتها ولكنها توقفت حينما صعدت "فاطمة" الباص بمفردها، شددت علي حقيبة ذراعيها بأرتباك من نظراته المصوبة نحوها من أخر مقعد بالسيارة فجلست هي بالأمام، لاحت علي وجهه بسمة مكر من سهولة نيل مبتغاه فبادر بالحديث المرح مع" صباح" متعمد إن يرفع صوته بالضحك والمغازلة ليسير غيرتها كما ظن، مرت عدة دقائق لتأتي أحد الفتيات للجلوس بجانبها فقالت ببسمة ود _الكرسي محجوز...أجابتها الفتاة بأستغراب_لمين؟!.._أنا..أجابها "يامن" بعدما صعد الباص ليضع حقيبته بالسند العلوي من الباص ليبتسم لفاطمة بنظرة تعمد جعلها أكثر عشقٍ_أسف علي التأخير يا روحي..أشارت له بهدوء ولكن قلبها كاد بأن يمزق صدرها ليتراقص علي أنغامه الخاصه فحتي وهي تعلم بأنه يفعل ذلك خداع لهم ولكن قلبها لم يتمكن من أن يمررها هكذا فعاش لحظاته كما ولو أنها ستكون الأخيرة..إنقلبت نظرات "إياد" من الأنتصار للغضب حينما علم بمشاركة يامن بالرحلة التي ظن بأنه سينتقم منها أشد إنتقام، دس القلم الذي يحمله بين يديه بقدميه ليكبت الحقد الشديد المتدفق من الأعماق ليقسم علي دمارهما معاً!...بالأمام...نسمات الهواء المتدفقة من الشرفة بعدما تحرك الباص جعل النوم يحاوطها، جاهدته كثيراً ولكنه تمكن منها بنهاية الأمر فغفلت محلها، تحرك الباص بخفة لتستسلم لحركاته لتستقر علي كتفيه!..كان منشغل بهاتفه حينما شعر بثقل رأسها علي كتفيه، تطلع لها بنطرات غامضة طالت بتأملها عن قرب، مشاعر غريبة تطارده وتهمس له بالتقرب منها أكثر، حتي أنها همست بالأحتواء لها!.بات كالعاشق الذي يتشبع بملامح القمر وسط السحاب المضيئة!...أسند رأسه بخفة فوق رأسها ليفرد ذراعيه بعد تردد لتستقر بين أحضانه ليستسلم الأخر بأغلاق عيناه لطول الطريق وقلبه يرتل ترتيل أقصوصة خاصة يفكر من يجلس بالخلف في كيفية تدميرها؟!...بغرفة "شجن"..كالعادة تنجح "حنين" بفرض شخصيتها الغريبة فبدت لهما بالمحببة، تعالت ضحكات "يارا" وهي تستمع لها أما "شجن" فأكتفت بمراقبتها براحة تستحوذ عليها شيئاً فشيء...إنفتح الباب برفق ليطل من خلفه كاميرا لجهاز أحد الهواتف لتسلط علي "شجن" التي بدت أفضل حالا من وجودها بالمشفي رغم أنها لم تتعدي الساعات!..سجلت الكاميرا بسمة عيناها المحرمة لها، جلست "حنين" جوارها قائلة بأشارة فخر _بس يا ستي ومن يومها وأنا اللي بيلاحقه أصله بصراحة عاجبني وفيه تفاصيل فتي أحلامي بس دا ميمنعش أنه أيده طايشة حبتين تلاته...أنطلقت ضحكة مداوية من "شجن" فجعلت "يارا" بصدمة من أمرها لتبتسم بسعادة لا مثيل لها بأنها تخطو في طريق الشفاء من أول الخطوات فيبدو أن لحنين تأثير قوي للغاية، إلتقطت الكاميرا ضحكاتها لتخرج من تحملها للخارج برفق ثم رفعت الهاتف لأذنها_زي ما حضرتك شايف الهانم حالتها هنا أفضل ومش بعيد أنها ترجع أحسن من الأول بوجود "حنين" و"يارا"..طال صمت المتصل ليخرج صوته بعد فترة بتعليمات صريحة لها لتشير السيدة "عفاف" بوقار_تحت أمرك يا "رحيم" باشا...وأغلقت الهاتف لتملي ما أخبرها به!..بسيارة "رحيم زيدان"ألقي بهاتفه بالأمام جوار السائق الذي إلتقط الهاتف مسرعاً، إستند "رحيم" بذراعيه علي النافذة ليفكر بحديثها قليلاً هل عليه أن يتخلي عن إنتقامه حالياً ويتركها بمنزل عدوه اللدود حتي تنال شفائها!...طال تفكيره المنغمس بعيناه الزيتونية المتخفية خلف نظاراته السوداء التي صارت جزء أساسي منه!..أشار له السائق بوقار_وصلت يا باشا..تطلع بأتجاه ما يشير إليه ليجدها تقترب منه فهبط السائق سريعاً ليفتح الباب الخلفي لتنضم بالخلف جوار "رحيم زيدان"...تطلعت له بثبات فأبتسم بخفة _حمد لله علي السلامة.ثم إشار للسائق بحذم_أطلع...إنصاع له ليتوجه للمكان المنشود مسرعاً فما كان منه الا دقائق حتي وصل أسفل الشركة، تطلعت له بهدوء معاكس عما بداخلها فقال "رحيم" ببسمة هادئة_أنا مفكرتش أتدخل بحياتكم لأنها مكنتش حياة لكن حالياً أنتِ تقدري تعيشي وتحققي اللي تحبيه..وإكتفي بأشارة بسيطة من يديه فهبطت للأسفل بأرتباك لتغادر سياراته خلفه مسرعة، رفعت عيناها تتأمل البناء المشيد بحرافية عجيبة ببسمة هادئة فصعدت للأعلي ببطء كأنها تخشي رؤية أحداً ما!...توقف المصعد أمام الدور الرئيسي فترجهت مسرعة للمكتب الرئيسي الخاص بصاحب هذا المعمار الهندسي ذو الأسم الموصوم، كادت بأختراق باب المكتب لتقف علي صوت السكرتيرة الغاضبة_علي فين يا أنسة؟!..إستدارت للخلف لتشهق الأخري بصدمة بينما أكملت طريقها للداخل ببسمة ثقة..بالداخل..كان يجلس علي مكتبه بضعف، عيناه باتت كالغرف المظلمة من شدة إشتياقه لها، جلس "جان" يتابع عمله بذهن مشغول ليزفر بضيق منعدم مقدرته على فعل شيء سوى التفكير المتواصل بها...جذب "جان" صورتها من علي المكتب ليعانقها بألم لا مثيل له كأن الصور حية وستنقل محبته لها، أخرج الصورة من أحضانه ليتأملها بنظرات مطولة حزينة، إعتدل بمقعده حينما طل ظل بالصورة التي يحملها فأستدار برأسه للخلف ليتصنم محله كالمشلول الذي فقد التحكم بأطرافه ليلفظ بلسان ثقيل للغاية_"سلمى"!...
رواية الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمد الجزء الأول الفصل السابع عشر( نثرات الروح والهوى )عيناه كانت هائمة بصورتها التي يحملها بين يديه بحنان كأن أصابعه تلامس وجهها!، الحزن يسكن بعيناه والألم مصيراً قاسي لقلبه الضعيف بهواسها، إستقام بجلسته بعينان إحتدت بالنظرات المنصدمة ليتطلع بذهول لظلها الذي ظهر من خلفه ليطل بالصورة التي يحملها بين يديه، إستدار "جان" ببطء كأنه يحمل يقين بأنه يتبع درب من السراب، جحظت عيناه وهو يرأها أمامه، خالفه ظنه بأنها مجرد أوهام، تخلي عن مقعده ليقف أمامها بعدم تصديق لما يحدث، لا... لا يتوهم...هي محبوبة القلب ومعشوقة الروح، هي من عشقها بكيانه وبكل ذرة بوجدانه، العينين كانت متعلقة ببعضهما البعض بعدم تصديق منه وشوق منها، دمعات إختصت العينين بلهب ساطع برحلة شاقة يصعب تصديقها، رأها أمامه بحجابها الفضفاض الذي يغطي منتصف جسدها العلوي بأحتشام إعتاد عليه منها وطرفه الأخر يتدلل برفق علي خصرها ليزيد من جمالها...حينما تتعلق الروح بأماني اللقاء بمن طرب له القلب تخلق من ذكرياته صوراً متحركة أمامه ليروي بها تعطش الشوق هكذا طن!...جاهد لرفع قدميه حتي يتحرك ليقف أمامها ربما لأستكشاف حقيقة الأمر، خانته قدماه فكانت كالحجارة الضخمة التي لم يقوي علي تحركيها فلم يلبث سوي خطوة واحدة تجاهها وعيناه تفيض بالدمع خشية من كونه حلماً أحمق أو مجرد أنه يتخيل فقط!، علي صوت أنفاسها بالبكاء لرؤيته هكذا فقلبها ينبض بشغف اللقاء، لا طالما كانت له محجوبة للغاية رغم أنه زوجها ولكنها كانت تخشي حتي لمسة يديه من كثرة حيائها!تلك المرة قطعت هي تلك المسافة العالقة بينه وبينها لتقترب منه بلهفة ثم مالت بوجهه علي يديه الممدودة لها، شعر بملمس وجهها ليتأكد بأنها حقيقة ملموسة بين يديه!، سقطت دمعاتها علي معصم يديه لتزيد من حدسه، تخشبت حواسه لوهلة من الزمن قطعها بأن جذبها بقوة لأحضانه لدرجة جعلته فقد التحكم بجسده الضخم ليسقط بها أرضاً، بكي "جان" بصوتٍ مسموع وهو يردد بهمسات تكسر قلبه قبل أن تتردد لها_وحشتيني يا عمري، أنا كنت حاسس أن خلاص حياتي مستحيل هترجع تاني...كنت حاسس أني هفضل أتعذب لحد ما أفارق الجحيم اللي عايش فيه من غيرك يا "سلمى"...أكتفت بالبكاء علي صدره فشددت من إحتضانه بدموعاً غزيرة، بقلبها عاصفة من العشق تجاهه وخاصة بعد ما فعله لأجلها!..مرت دقائق عديدة ومازالت مختبئة بأحضانه حتي أخرجها هو فجسدها كان ينصاع لحركاته كأنها فقدت القدرة عليه، تطلع لها بنظرة مطولة ليبتسم والدموع تغزو عيناه _ساكتة ليه؟!...أنا مستني أسمع صوتك من سنين ليه حرماني أسمعه؟!...إنفجرت بنوبة من البكاء الحارق بشهقات مؤلمة لتلقي بذاتها بأحضانه مجدداً، مسد علي كتفيها بحنان فقال بتأثر بعدما رفع وجهها بأصابعه_أنا مكنتش عايز أتخلي عنك يا "سلمى" صدقيني اللي حصل أن أ...قاطعته حينما وضعت يديها أمام وجهه قائلة ببسمة تكسوها الدمعات _أنا كنت سمعاك وشايفاك يا "جان"..تطلع لها بعدم تصديق والفرحة تتراقص بين عيناه ليقبل أصابع يدها بحنان بالغ ومن ثم إحتضنها بجنون ليصيح بسعادة_أنا حاسس أن دا حلم صح؟..أشارت له بلا وهي تزيح دمعاتها لترفع عيناها العسلي إليه بخجل من قربه منها لهذا الحد، إبتسم بأشتياق لرؤية حياها الذي يزيد إحمرار وجنتها خجلاً فيجعلها بجمالاً مميز للغاية، نهض عن الأرض بعدما إستعاد جزء بسيط من ثباته، مد يديه لها لتنقل نظراتها علي طول ذراعيه لعيناه الساحرة التي إشتقت لنظراتها، رفعت يدها لتضعها بين أحضان يديه الممدودة ليجذبها برفق إليه كأنها بلور زجاجي من الكرستال!...إستند بجبهته علي جبهتها ليتحدث بكلمات صاحبت آلام كنت لسنوات_تعرفي كل لحظة عدت عليا من غيرك كنت بحس بأيه؟...رفعت أصابع يدها لتحاوط كفيه برقة سرت لأجلها قشعرت بجسده لعودتها!، قالت وعيناها تتطلع له بنظرة عميقة يختمها الدمع بلقاء مميز_كنت شايفاك بتتعذب ومش عارفة أعملك حاجة، بس كل الكلام اللي أنت قولتهولي قبل ما أخرج من الفصر هو اللي أداني حافز أني أرجع..أزاح دمعاتها ليطبع قبلة عميقة محملة بنيران كادت بألتهام قلبه علي جبينها، إبتعدت عنه بخجل إكتسح ملامحها خشية من أن الأمور تتطور بينهما، لاحظ هو ذلك فأبتسم بأشتياق لقوانينها المصونة رغم أنها بالنهاية زوجته!...عبثت بطرف حجابها كدليلاً قوي له علي خجلها المميت، نفس حركاتها السابقة التي تقوده للجنون معها، إقترب ليقف أمامها ومازالت عيناها تفترش الأرض ويديها تفرك الحجاب دون توقف، رفع وجهها بأصبعها بخفة لتتطلع له بنظراتها الساحرة التي إشتاق لها، إبتسم "جان" قائلاً بنبرته الرجولية _لسه زي مأنتِ...ثم إنحني ليحتضنها مجدداً ولكن ليتمكن من الأقتراب من إذنيها ليترك له فرصة الخجل بعيداً عن رؤية وجهه فهمس بعشق_حفظتك من نفسي سنين مش هقدر أحاربها لأيام؟!..وإبتعد عنها ببسمة مكر ليجدها تتحاشي النظر إليه لتعود للهجتها التي إشتاق لها _أنا غلطانه أني جيت معاه علي هنا كنت رحت أشوف بابا الأول..تطلع لها بجدية _هو مين دا؟..رمقته بنظرة مطولة مرتبكة تخشي إخباره فلا يصدقها فبنهاية الأمر ما حدث امراً محال، تمسك بيدها ليحسها علي الحديث فقالت دون تردد_"رحيم"..تحررت أصابعه من علي يديها بالتدريج ليردد بصدمة_" رحيم" اللي جابك هنا!...أشارت له بخفة فشرد بصدمة كادت بأن يغرق ببحورها!...بقصر "رحيم زيدان"...حطم" سليم" بسيارته الباب الداخلي للقصر عن عمد ليهبط منه بشرارة غضب تكاد تحرق من أمامه، إلتف حوله الحرس في محاولات مستميتة للتعرف عن كناياته بعدما إستغني "رحيم" عن طقم "توفيق" وإستعان بهؤلاء، كاد أحداهما بأن يهاجمه ولكنه توقف سريعاً علي إشارة" رحيم زيدان" الذي طل من شرفة غرفته بالأعلي، إبتعد عنهم "سليم" ليصعد للأعلي بغضب مميت، فتح باب غرفته ثم ولج ليجده يقف أمام النافذة مستنداً بأحدي أقدامه علي الحائط وبيديه سجاره الذي ينفثه بثبات عجيب غير عابئ بمن يقف أمامه!...إقترب منه "سليم" بنظرات تلفظ بالكثير_"ريم" فين؟...لاحت علي وجهه شبح لبسمة مخيفة لينفث دخان سيجاره بوجهه ليحرك الأخر يديه بغصب حتي يخف من حدة الدخان الذي كاد بأن يخنقه ليزفر بغضب_"ريم" فين يا"رحيم"؟..أطفئ" رحيم" شعلة سيجاره ليتطلع له ببسمته الماكرة_مش تستريح الأول من طول الطريق يا عريس...أشتدت عيناه بالأحمرار كدليل علي قمة غضبه فحاول أن يبدو هادئاً قدر المستطاع_مرتاح كدا فياريت تجاوبني علي سؤالي...إبتعد عن الحائط ليقف بثبات ليتنفرد عضلات صدره بعدما إعتدل بوقفته ليقف أمام "سليم" بخبث يلاحق لهجته المخيفة_خايف أكون قتلتها؟...صرخ به بغضب_متقدرش تعملها...أشار بعيناه بسخرية _عشان خايف منك مثلاً ولا خايف من الحيوان اللي بيحركك...إنكمشت ملامح "سليم" بضيق من كلماته فقال _قصدك أيه؟!..أجابه "رحيم" بحدة غير متوقعة من ملامحه التي بدت أكثر ثباتاً منذ قليل _قصدي أنت فهمه كويس أوي، لو مفكر أني غبي ومش علي علم باللي بيدور في القصر دا تبقى أهبل...ثم وقف أمامه حتي أنه لم يفصلهم شيئاً _عقاب الحيوان اللي شغال مع البيه أخده وبزيادة وزمان هديتي علي وصول أما أنت بقي فمش قادر أقرر لسه العقاب اللي يناسبك..إبتسم "سليم" بسخرية_عقاب!... أنا مبخفش من الموت يا "رحيم" باشا فتفتكر هخاف منك؟!...إبتسم "رحيم" هو الأخر ولكن ببسمة أكثر خطورة ليردد بهمساً بطيء للغاية_أي حد بالكون عنده نقطة ضعف يا "سليم" وأفتكر أنها اللي خاليتك واقف قدامي دلوقتي ولا أيه؟!..إرتعب قلبه فصاح بصوتٍ مضطرب للغاية_"ريم" فيين؟!..اجابه بثقة_متقلقش عليها وهي في بيتي بس لحد ما نتفق ما تتوقعش مصير ليها...رمقه بنظرة مميتة_أنت عايز أيه يا"رحيم"؟!..إبتسم بأنتصار يلمع بعيناه كأنه توصل لهدفه دون أي مجهود...بغرفة"سارة"...حاولت قدر الأمكان التوصل لمعلومات حول "جان" فبعد صعوبة من البحث علي الفسيبوك توصلت إليه أخيراً فتطلعت لصوره من أمامها بعينان تشتعلان من الغضب، تأملت ملامحه بوعيد قاتل حتي أنها تناست السكين الذي تحمله بين يدها لتضغط عليه بقوة ألمتها فأفاقت علي الدماء التي إنسدلت من يديها دون توقف، تأوهت بألم فأغلقت الحاسوب ثم خرجت من غرفتها لتسأل أحداً من الخدم علي أدوات الأسعاف الأولية، رأها "مروان" وهي تحمل يدها وتتجه للأسفل بملامح يبدو عليها الضجر، لحق بها سريعاً وحينما إقترب منها رأي الدماء تتساقط من كفيها فقال بلهفة_أيه دا؟، أنتِ كويسة؟!.أشارت له بألم_جرح بسيط مش أكتر أنا بس عايزة "أماني" أسالها علي معقم .اشار لها بهدوء _خاليكِ هنا وأنا راجع..إنصاعت له فجلست علي مقعد جانبي بجوار الدرج، تحمل يديها بألم وبعد دقائق مبسطة عاد "مروان" حاملاً علبة الأسعافات الأولية ليضعها علي الطاولة ثم جذب المقعد ليجلس علي بعداً منها مشيراً لها _هاتي أيدك..نهضت عن مقعدها بهدوء_متتعبش نفسك أنا هتصرف..أجابها بتصميم_مش هتعرفي تربطي أيدك..قالت وعيناها أرضاً تتحاشي النظر إليه_يبقي "أماني" اللي تساعدني غير كدا فأنا ممكن أستحمل الوجع عادي..تطلع لها قليلاً ببسمة إعجاب رسمت علي محياه فحاله كحال الكثيرون ممن ظنوا بأن عادات الغرب تلاحقها!، كادت بالصعود فأسرع بالحديث_خلاص خلاص هناديلك "أماني"...وبالفعل تركها "مروان" وأسرع بمناداة الخادمة التي أسرعت بتضميد جرحها، كانت شاردة للغاية بكلمات "إياد" التي إستمعت له يصرح بريان بمقتل أخيها فبدأت بربط الأحداث به وبالفتاة التي أخبرها بها أخيها لتمسك طرف خيط الحقيقة الغامضة من البداية، لم ترى "مروان" وهو يتأملها بحب يكبر بقلبه فربما أن صرح لها كانت أخبرته بحقيقة عشقها لأخيه ولكن القدر يجمع خيوط قلوب ستدمر دون رحمة!...توقف الباص ومازالت نظراته مثبتة عليهم بحقداً كاد بأن يلهمه بقتلهما سوياً، بدأت "فاطمة" بفتح عيناها تدريجياً حينما إهتز مقعدها علي أثر توقفه لتجد ذاتها بأحضانه!، كادت بالأبتعاد عنه ولكنها تسمرت محلها وهي ترى ملامحه الرجولية عن قرب، توردت وجنتها وهي تتأمله فأخفضت عيناها ولكن قلبها منحها التصريح بذلك فبالنهاية هو زوجها ويحق لها ذلك، تطلعت له بنظرة عميقة تستكشف ملامحه ببطء ولم ترى أعين "إياد" التي كادت بأن تلتهما!، فتح "يامن" عيناه بنوم ليجدها أمامه!، إعتدلت بجلستها سريعاً وهي تعدل من حجابها بأرتباك، حاول أن يخفي نظرات ذهوله من تأملها له فقال بهدوء أخفي به سعادته الغريبة! _وصلنا؟..أجابته بتوتر وهي تعدل من حجابها_تقريباً أه..إبتسم بسخرية_أيه تقريباً دي شكلك لسه نايمة...وضعت عيناها أرضاً بخجل من تذكرها لنومها بين أحضانه!، إستدار "يامن" برأسه ليتفقد الباص فوجده شبه فارغ الا من بعض الأشخاص ومن ضمنهم "إياد" و"صباح" الذي تعمد تجاهلهم فأشار لفاطمة بأن تهبط وبالفعل إنصاعت له ولحقت به للباب الجانبي للباص، كان يتجمع حوله عدد من الأشخاص بأزدحام للمرور، توقف "يامن" وخلفه "فاطمة" تحمل حقيبتها بتفحص لهاتفها، لفت إنتباهها إقتراب "صباح" لتقف بجوارها و"إياد" من جانبها، إنقبض قلبها بشعوراً مخيف فوضعت يديها بتلقائية علي كتفي "يامن" الذي إستدار لها ليرى وقوفها بجواره فسحبها بقوة حتي صارت أمامه فأثار غضب من يراقبها بتوعد.رسمت البسمة علي وجه "فاطمة" علي تصرف "يامن" فبدأ قلبها يتراقص بطريقة غامضة لم تختبرها من قبل فرفعت عيناها لتتقابل مع عيناه القريبة منها بفعل ضيق المكان وإزدحامه، تطلع لها بهيام والأخرى كالفاقدة للوعي فعيناه تحيطها هالة من اللون البني الداكن كأنه تحفظ عسلية عيناه، قسمات وجهه الناطقة بالرجولة الكاملة تخجلها، تصرفاته التي تبدي قوة شخصيته تسعدها وتضمها بأمان!..تاه كلاً منهما بسحر العينين لينتبه "يامن" للسائق الذي يحاول أن يخبرهم بالهبوط للسماح لمن خلفهم بالمرور حتي هي إنصاعت لكلماته فتلون وجهها بمئات الألوان لتهبط سريعاً هرباً من التطلع له بعدما كانت هائمة بعيناه، جذب "يامن" حقيبة يدها التي سقطت منها دون أن تشعر ليبتسم علي حماقتها فلحق بها سريعاً مشيراً لها _إستني يا مجنونة.. شنطتك...لم تستمع له فكانت قد ولجت لداخل الفندق لتستعلم عن غرفتها التي تلي غرفته فأخذت المفتاح وصعدت سريعاً كأن شبحاً ما يلاحقها فأغلقت الباب خلفها بأنفاساً تعلو وتهبط من فرط خجلها، إبتسمت حينما تذكرت ما حدث فرفعت يدها لتحرر حجابها ثم وضعته علي المقعد لتقرب يدها من أنفه بأستغراب لتغلق عيناها بتأثير رائحة البرفنيوم الخاصة به التي تحيط ملابسها من أثر نومها بأحضانه!..صعد "يامن" للأعلي فأشار للعامل بأن يدخل الحقائب معاً لغرفته ليرى هذة المجنونه التي تركت حقائبها بأكملها خلفها...إستمعت لطرق غرفتها وهي غافلة بذكرياته التي تبقت معها لدقائق فقطعها طرقات الباب الذي لا يتوقف عن الطرق لتتوجه بغضب لتري من متناسية حجابها تماماً!..فتحت الباب لتجده أمامها فشهقت بخجل لرؤيته، تطلع لها بصمت إكتسح معالمه حينما رأي تلك الفاتنة من أمامها بخصلات شعرها الغجري المنسدل أمام وجهها كالشلال الذي يحمل خلفه صدفة من ماس!..نظراته جعلتها تخمن ما بها فرفعت يديها تتحسس حجابها لتركض للداخل سريعاً بصراخ حاد إختراق أذنيه فأبتسم مردداً بسخرية وهو يغلق الباب من خلفه بعدما ولج للداخل _مجنونة رسمي..بالخارج..كان هناك من يراقبه فما أن أغلق الباب علي كلياهما جعل النيران تتأجج بعين "إياد" الذي أقسم علي الأنتقام منها والحصول علي مبتغاه أما "صباح" فكادت الغيرة بأن تقتلها لتشاركه بالخطة الدانية التي ستحطمهما معاً!...بغرفة "ريم"...كانت تجلس علي الأريكة بدموع لم تتركها منذ وصولها للقصر، سلطت عيناها علي باب غرفتها الذي فتح ببطء ليطل هو من خلفه..همست بدموع تكتسحها وسعادة تغمرها_"سليم"!..وهرولت إليه ليحتضنها بلهفة فطوال طريقه للقاهرة كانا ترسم أمامه أبشع الصور لها!، رددت بدموع وهي بأحضانه_أنا كنت خايف عليك أوي من"رحيم"...رفع وجهها إليه ليزيح دموعها ببسمة زادت من وسامته_وأنا قولتلك قبل كدا متخافيش طول مأنا موجود...إبتسمت بسعادة لتحتضنه بأمان لتعود لكلماتها الحزينة_أنا خايفة "رحيم" يوصل "لنغم"..خشي أن يخبرها لما يعرفه فقال ببسمة هادئة_قولنا أيه؟!..أشارت له بأنصياع فأثمن أمنياتها بأن بكون علي ما يرام تحققت فأنصاعت لعيناها التي ذاقت الأمان فأنسابت بنوم عميق ليربت "سليم" علي خصرها بأصابعه الحنونه ولكن بعقل شارد بأتفاقه مع "رحيم زيدان"!...ولج لداخل غرفتها المظلمة فشعل الضوء ليبحث عنها بعيناه، وقعت عيناه عليها تفترش الأرض بدموع غزيرة للغاية، إنحني "رحيم" ليجذبها لتقف أمام عيناه، وجدها هزيلة للغاية كأنها زهرة وقطفت من جذورها، نظراته كانت متفحصة للغاية والأخري عيناها تتطلع للفراغ بثبات عجيب كأنها فقدت للحياة مذاق!..خرج عن صمته أخيراً _إجهزي عشان هتخرجي معايا..رفعت "نغم" عيناها له بنظرة مطولة هادئة والأخر ينتظر رد فعل لها، خالفت ظنونه وتوجهت لخزانتها لتجذب فستانٍ دون رؤيته ثم وضعته علي الفراش بأنتظار خروجه، شيعها "رحيم" بنظرة غامضة ثم خرج علي الفور لتبدل ثيابها ثم لحقت به للخارج لتتبع خطواته للأسفل، فتح لها "الحارس" الباب الخلفي لسيارة "رحيم" فجلست دون أي نقاش، أشار "رحيم" لحازم الذي هرول إليه مسرعاً فقال بثبات مميت _لقيتها؟..أجابه ببعض الخوف _لسه بس متقلقش يا باشا هنلاقيها بأذن الله..رمقه بنظرة حادة للغاية جعلتها يرتاد رعباً ليصعد لسيارته وعيناه متعلقة به، تحركت السيارة فور صعوده ليصفن قليلاً بوالدته التي فشل بأيجادها، الضيق يتسلل لملامحه فيجعله مخيفٍ للغاية، توقفت السيارة بعد فترة أمام أحد المباني المتهالكة ففتح "رحيم" النافذة ليلقي نظرة متفحصة علي المكان، طالت بتأمله وبألم قلبه المجروح، أسرع الحارس بفنح باب السيارة ليهبط بطالته القابضة مشيراً لنغم بالهبوط فأنصاعت له بكره، طوفت المكان بنظرة إستغراب فلأول مرة تري هذا المكان ربما لو إصطحبها "يوسف" لمنزله من قبل لعلمت بأنها أمام منزل المحبوب!..صعدت خلفه للأعلي بعدما أمر الحرس بالأنتظار بالأسفل، صعد للطابق الثاني من البناية فطرق الباب بأصابعه بخفة ثم وقف جوارها بثبات، تسلل الخوف لوجهها من أن يؤذيها فكيف للشيطان بعهد الأمان!..تحولت نظراتها لصدمة حينما فُتح الباب ليطل "يوسف" من خلفه فلم يكن حاله أقل منها، إبتسم "رحيم" بغموض_مش هتقولنا إتفضلوا ولا أيه؟!..بقصر "الجوكر"...كان يجلس علي مقعده، يضم يديه معاً أمام وجهه، عيناه الصقرية مسلطة علي التابوت الموضوع أرضاً يحوي جثمان "توفيق" من أمامه، يحاوطه الحرس من كل مكان ولكن رغم عددهم الا أن وجودهم كان يتمثل بالصمت خوفاً من الأسد القابع بهدوء مخيف أمامهم ليلمح رسالة بيضاء مطوية بجيب جاكيت "توفيق" العلوي فأشار للحارس الذي جذبها له سريعاً لتلمح محتوياتها بخط يد "رحيم زيدان"."متشكر علي إهتمامك بشجن وجود يارا وحنين هيفرق معاها جداً"...كانت رسالة صريحة له بأنه تحت أنظاره، بأن قصره العملاق وما يحدث به يعلمه الأسطورة فمثل إمتلاكه لعينان بقصره يمتلك هو أيضاً ولكن بأكثر من ذلك!...بغرفة "فارس"...ولج" آدم" للداخل ليبحث عنه ليجده يجلس علي مقعده بشرود وبسمته تتسع شيئاً فشيء كأنها علي وشك إبتلاعه!..قال بهدوء _"فارس"..." فارس" بهيام_عينكٍ بحراً صافي في ليل أهوج ظمأن وشعرك أ...قطعه"آدم" بغضب _أنت يا عم كاظم الساهر..إنتفض من محله بفزع ليرمقه بنظرة غاضبة _يخربيت فقرك علي المسا، عايز أيه؟!..ربع يديه أمام صدره بضيق _في حد يكلم أخوه الكبير كدا...تعالت ضحكاته الساخرة_الكبير كبير بأفعاله ياخويا دأنا أوقات بحس إنك إبني الصغي...إنقطعت باقي كلماته حينما جُذب من تلباب قميصه ليرفعه عن الأرض بغضب جامح جعل "فارس" ينخضع له قائلاً بصوتٍ متقطع _ أخويا وحبيبي وتاج رأسي يا جدع بس بلاش المعاملة دي..تركه ليسقط مرة واحدة فلفظ أنفاسه بقوة ليزفر بغضب _هزارك بايخ..جلس "آدم" علي المقعد بضيق_لو هتهزر هسيبلك الاوضة وهمشي..جلس علي المقعد المقابل له بجدية _لا خلاص إشجيني أقصد إتكلم..زفر "آدم" بتذمر _"رحيم" عايز الخطوبة علي أخر الأسبوع..كبت ضحكاته بصعوبة _طب وأنت نازل ليه مش عشان تخطب" بسيوني" كفة..رمقها بنظرة غاضيه فعدل حديثه_أقصد"سما"..خلع جاكيت بذلته الأنيقة بغضب _بس أنا لسه مش مستريح للموضوع دا..إعتدل"فارس" بجلسته قائلاً بجدية_إسمع يا"آدم" أنت عشت بره أكتر ما عشت بمصر شوفت بعيونك الأجانب وأسلوبهم بالحياة المتحرر زيادة عن اللزوم،" سما" بعيد عن أنها وصية عمك والكلام دا فهي اللي تقدر تصونك كويس، عمرك ما هتلاقي حد في أخلاقها ولا طيبة قلبها وأظن دا كافي ليك ولا أيه؟..أشار له "آدم" ببسمة إقتناع _كافي ...ثم زفر براحة من حديث أخيه الذي يصغره عمراً ولا يكبره حديثاً، جذب جاكيته ليضعه علي يديه قائلاً ببسمة هادئة_هروح أريح شوية..وكاد بالخروج ولكنه إستدار بتذكر_أه صحيح هو أنت كلمت "جان" علي شغل ليا!..أجابه ببسمة غرور_ياكش بس يطمر فيك..إنكمشت نظراته بغضب ليبتسم الاخر قائلاً بتوضيح_أنت بتحب شغل المعمار وكدا فبدل ما تشتغل ما حد غريب "جان" أفضل..أكد له بأشارة رأسه_كلمني وهروحله بكرا الشركة..أشار له ببسمة هادئة_بالتوفيق يا عريسنا..أشار برأسه بضيق من عدم الفائدة منه...خرجت "فاطمة" بعد دقائق من الداخل بعدما إرتدت حجابها لتجده يقف أمامها، أجابته بأرتباك _كنت عايز حاجه؟!..أخرج من خلف ظهره حقيبتها لتشهق بصدمة _هو أنا طلعت من غيرها؟!..أجابها ببسمة ساخرة_طلعتي من غير حاجات كتيرة أوي..ثم إقترب منها ببسمة ماكرة_بس شكلك وأنتِ مكسوفة وفراولة كدا حلو أوي..إرتبكت بوقفتها أمامه فاستعاد ثباته حتي لا يفقد زمام أموره، قدم لها الحقيبة فتناولتها منه ليتوجه للمغادرة وقبل أن يغلق الباب طل من خلفه ليغمز لها بغموض_بابي مفتوح لما تفتكري اللي ناقصك تعالي خديه..وأغلقه ليغادر لغرفته ببسمة تسلية، وقفت محلها بتفكير بكلماته ولكنها لم تتوصل لشيء، إحتضنت حقيبتها وجلست علي المقعد تارة تتأملها وتارة تشم عبير يدها المحتفظ برائحته وتارة هائمة بالذكرى التي تمسكت بها...مرت الدقائق عليها كالساعات ومازالت محلها حتي نهضت لتبدل ثيابها، توجهت للداخل بصدمة أخرى من عدم وجود حقيبتها، لمعت كلماته برأسها عن شيئاً ينقصه فأرتدت حجابها ثم توجهت لغرفته، طرقت الباب كثيراً ولكن دون رد، تذكرت كلماته بترك باب غرفته مفتوح فظنت بأنه خارج الغرفة لذا ظنت بأنه ترك الباب مفتوح لها، ولجت "فاطمة" للداخل تبحث عن حقيبتها فوجدتها بجوار حقيبته، كادت بجذبها ولكنها إستمعت لصوت الباب يفتح فاستدارت لتجد "يامن" يخرج من حمام الغرفة بمنشفة تتوسط خصره، لتطلع لصدره العاري بصدمة، أغلقت عيناها سريعاً بيدها وهي تصرخ بحرج _معرفش والله إنك بالأوضة، خبطت كتير وأنت مردتش فقولت انك فوق أقصد تحت...كلماتها المرتبكة جعلته يبتسم فجذبت أحد الحقائب لتسرع بجرها رغم ثقلها لتتوجه بالخروج، فتحت باب الغرفة وكادت بالرحيل ليغلق هو الباب، إستدارت لتجده أمام عيناها، خصلات شعره المبتلة تنجرف علي عيناه على غير عاداتها!، إبتسم وهو يرأها تتأمله هكذا فقال بصوتٍ منخفض _دي شنطتي أناتطلعت له "فاطمة" بأرتباك_ها؟!..أشار لها بعيناه علي ما تحمله فتطلعت أسفل قدماها لترى أنها تحمل حقيبته، شهقت بصدمة فقالت بحرج_أنا أسفة مخدتش بالي..تراجع للخلف ببسمة هادئة ليشير لها بثبات _خاليكي هنا ثواني وراجع..بقيت محلها فهي بحاجة لذلك ليعود "يامن" بعد قليل مرتدياَ سروال قصير باللون الأسود وتيشرت أبيض ضيق للغاية، كان يحمل حقيبتها بين يديه، رفعت يديها له فأشار لها ببسمة لا تليق سوي به _هوصلك لأوضتك..أشارت له دون النظر إليه فما حدث يكفي لقلبها، تقدمت أمامه ليفتح غرفتها ثم وضع حقيبتها بالداخل علي الفراش ليبتسم لها بخفة_مش عايزة حاجة تانية؟..أشارت له بخجل فاشار لها بنظرة حنان_تصبحي علي خير..قالت برقة بالغة _وأنت من أهله..وغادر "يامن" لغرفته ببسمة عشق تعرف الطريق لقلبه قبل أن ترسم علي وجهه!...بمنزل "يوسف"..جلست جوار "يوسف" يدها بيديه، ليرفع الاخري يحتضن وجهها بحزن لرؤية شحوبها _أنتِ كويسة يا "نغم"؟..أشارت له بنعم فأحتضنها بتنهيدة تكن بالكثير بداخله...أما بداخل غرفة "شجن"..كان يقف بمنتصفها بأحساس غامض يخترق صدره الصلب ليهاجم قلبه بتحدي، عيناه تتطلع لكل رمق بغرفتها كأنه يرى قطعة أثرية فريدة، أصابع يديه القوية يمررها علي كل أنشن بها كأنها يحتضنها!، سمح لذاته بفتح خزانتها ليلمح هذا الصندوق الصغير ففتحه ليجد محتوياته، كل ما قدمه لها من ذكريات طفولية لمجموعة صور خاصة به، لمعت دمعة خائنة بعيناه ليحتضن كل ما أمامه بقلبٍ يرتجف لرؤياها، يا ليت هناك إتصالاً بالقلب لعلها تتمكن من سماع عشقها النابع بأواصره!..شعر بخطوات تتقدم نحوه فأزاح دمعته سريعاً ليستعيد ثباته بسرعة مخيفة، إستدار ليجد "يوسف" يقترب منه حاملاً الشاي بين يديه، تطلع له "رحيم" مطولاً قبل أن يتناول منه الكوب، إرتشفه "رحيم" ببسمة جذابة_لسه بتعمله تقيل!..إبتسم "يوسف" بتهكم _لسه فاكر...إستدار "رحيم" ليقف أمام الشرفة بألم، توقف لجواره قائلاً بهدوء_أنا مهدتش غير لما شوفت الفيديوهات اللي بعتهالي بس أنت إزاي قادر تزرع كاميرات بقصر أخوك دا؟!.إبتسم "رحيم" بتهكم_زي ما هو زارع رجالته حوليا بكل مكان وزي مأنا قادر أدمره بمكالمة تلفيون صغيرة.ضيق عيناه بذهول من هؤلاء الاشخاص فقال _ميهمنيش كل دا اللي يهمني أختي..وقف بمحاذاته قائلاً بثبات_هي هناك أو بأي مكان تحت عيوني يا "يوسف" بس لو عايزة ترجع وافق علي طلبي منك..زفر "يوسف" بحزن_اللي أنت طالبه صعب أوي يا "فريد" أنا مقدرش أتخلي عن أختي بذات وهي بالحالة دي..تمسك بيديه وبنبرة صادقة قال_مش هتتحسن غير لما معايا..أنا لازم أكون جانبها عشان تقدر تتقابلني من جديد..تطلع له بصمت ليكمل "رحيم" بهدوء_إديني الفرصة دي يا "يوسف" وأوعدك أنك مش هتندم...خرج عن صمته بقلة حيلة _وأيه المطلوب مني؟..إبتسم "رحيم" ببسمة مكر _كام لكمة لكام صورة مش أكتر...وقبل أن يستوعب كلماته لكمه بأماكن متفرقة من وجهه ليلتقط له عدد من الصور بهاتفه قائلاً ببسمة جاهد لكبتها _ألف شكر يابو نسب..رمقه" يوسف" بغضب مميت ليجذب الفازا من جواره ليهوي علي رأسه ولكن سرعان ما تفادي "رحيم" الضربة لتستقر فوق يديه فألمته ولكنه إبتسم بمكر_كدا صفيت يعني..اشار له بغرور بعدما رأي دماء ذراعيه يبلل قميصه الأبيض الفاخر _يعني حسيت ببعض الأرتياح..خرجوا معاً، فأشار لها "رحيم" بهدوء_يلا يا "نغم"..إرتعبت حينما رأت وجه "يوسف" المتورم ويد "رحيم" التي بدت لها بأنهم كانوا بعركة شديدة، وقفت تتطلع لرحيم بخوف العودة معه وتركه فهي لم تفهم بالبداية لما أتي بها إلي هنا وما السر الخفي وراء علاقته بيوسف...ربت "يوسف" علي ظهرها بحنان _روحي يا "نغم" أنا هعالج بس جروح وشي وهعملك أحلي فرح بالدنيا كلها الله يحرقه بقي اللي كان السبب..إرتعبت للغاية من رد فعل "رحيم" حتي كادت بالبكاء ولكنها تفاجأت به يبتسم ويشير لها بالخروج، شعرت بأنها لا حيلة لها بينهما لذا إنصاعت له وإتابعته للأسفل...بقصر الجوكر وبالأخص بغرفة "شجن"..زفرت "حنين" بغضب_بقالي ساعة بحاول أضحكك وأنتِ ولا أنتِ هنا شكلك كدا من النوع المقفل اللي هيتعبني...إبتسمت "أشجان" قائلة بسخرية_ بالظبط وفري بقى طاقتك الجميلة دي..."حنين" بضيق وهي تعدل من حجابها _يارب انا ناقصة مش كان كفايا عليا واحد مقعد وشايف نفسه بقوا إتنين ليه كدا يا ربي دانا عسل ودمي شربات..لم تتمالك "شجن" ذاتها فأنفجرت من الضحك علي مظهرها الطفولي، فأبتسمت حنين بسعادة لنجاحها بأخراجها مما هي به..أما بسيارته الفاخرة..كان يراقب ضحكاتها عبر شاشة هاتفه ليلامسه بأصابعه برقة ليغلق عيناه بأشتياق لضحكاته وجنونها وكل تفاصيل طفولتها المميزة...همس لذاته ببسمة غامضة_هتكوني ليا وقريب أوي يا "شجن"..ولمعت بسمته بهلاك مريب..بمكتب اللوا...تطلع لكن يجلس أمامه ليردد بذهول_الجوكر والأسطورة يشتغلوا مع بعض!..صدمة ألجمته حتي عن النطق فكيف به بتقبل هذة الاوامر وخاصة بأخبارهم..
رواية الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمد الجزء الأول الفصل الثامن عشر( نثرات الروح والهوى )بمكتب اللواء "حسن المهدي"...ردد الشرطي بصدمة بعدما إستمع للتعليمات _الجوكر والأسطورة مع بعض! ..مستحيل يا فندم أزاي يجيبوا العاصفة جنب الرعد أقصد النار جنب البنزين مستحيل يقبلوا يشتغلوا مع بعض !...زفر اللواء "حسين المهدي" بيأس قائلاً بحيرة _أنا نفسي معرفش أزاي قبلوا يحطوهم مع بعض فى مهمة حساسة زي دي بس الأوامر جاية من فوق وعندهم ثقة أن محدش هيقدر يخلص العملية دي غيرهم وللأسف مع بعض حاولت أقترح أنهم يحطوا واحد من الأتنين وهو هيخلص المهمة دي لكن زي ما قولتلك دي أوامر ومحدش يقدر يعترض ..ذم شفتيه بعدم إستيعاب _معتقدش المهمة هتتنفذ وهما مع بعض كدا المركز هيتحول لوفود نارية يا فندم أزاي ألد أعداء هيكونوا فريق ؟! ...حاول اللواء بأن يكون متماسك لأقصي درجة فقال ببعض الحذم _المطلوب أننا ننفذ الأوامر وبس ..ثم قال بلهجة أمر _أبعت تلغراف للجوكر قوله يرجع مصر حالا أما الأسطورة ف...قاطعه الضابط برعب _لااااا يا فندم مستحيل أوصله الخبر دا لو فيها أستقالتي من الداخلية كلها ..كبت اللواء بسمته الخافتة ليشير له بالأنصراف بعد أن أختار أن يتحمل هو تلك المهامة الشاقة ..بقصر "جان زيدان"...كانت تجلس بأنتظاره بعدما أعدت له الطعام علي المائدة، إستمعت لصوت قرع الباب فأشارت للخادمة ببسمة هادئة _إفتحي لجان..أسرعت الخادمة بوقار لها _تحت أمرك يا هانم..ولج "جان" للداخل ويديه متشبثة بمعشوقته وبسمته تنير وجهه الذي إنطفأ منذ أعوام، رفعت"مايسة" عيناها لتشير له ببسمة هادئة_الأكل جاهز يا حبيبي، إتاخرت كدا ل...بترت كلماتها بصدمة حينما رأتها تقف أمامها من جديد، ظنت أنها تتخيلها ولكن صدق حدثها حينما إقتربوا منها ليشير لها "جان" ببسمة واسعة_"سلمى" رجعت تنور حياتي من تاني يا ماما...صدمتها ألجمتها حتي عن الحديث، رفضها لهذة الزيجة منذ البداية لأختلاف طبقتهم الأجتماعية ولكنها وافقت بنهاية الأمر حتي لا تخسر إبنها وخاصة بأنها علي علم كم هو عنيد، لا تنكر سعادتها بما حدث لها فشعرت بأنها ستبتعد عنه أخيراً ولكن لا مانع من رسم دور الحزن جيداً لعلها تتمكن من خداعه لتجعله ينسي أمرها ليتزوج من فتاة ستخترها هي له، رؤياها كانت كالصاعقة، إقترب منها "جان" بأستغراب من سكونها الغريب فقال بلهفة ظاهرة_مالك يا ماما؟!..عادت لأتزانها سريعاً لتقول ببسمة مصطنعة تخفي خلفها شرور النفس المهلك_مفيش يا حبيبي أنا بس مش مصدقة المفاجأة..طوف "سلمى" بذراعيه قائلاً بعشق_أنا كنت بنفس الصدمة اللي أنتِ فيها، الحمد لله ربنا رأف بيا..صنعت البسمة بحرافية لتجذبها بأحضانها مرددة بغل متخفي بلهجة صوتها _حبيبتي حمدلله علي سلامتك يا قلبي...أجابتها "سلمى" ببسمة رقيقة وهي تربت علي كتفيها _الله يسلمك يا ماما..وإبتعدت عنها لتشير لهم "مايسة" بتحكم متين_إقعدي يا روحي عشان تتعشي مع "جان"..أجابتها سريعاً _ماليش نفس ولازم أرجع البيت أنا إستاذنت من بابا بالعافية من أول ما شافني وهو ماسك فيا ورفض يسيبني بسهولة..أضاف "جان" ببسمة مرح_أنا شاكك أنه ممكن يلغي جوازنا خصوصاً أني دخلت بصدري وقولته نخليه علي أخر الأسبوع دا.._ياريت..قالتها" مايسة" مسرعة بتلقائية تحمل حقدها الحقيقي وحينما تدركت ما تفوهت به قالت بتعديل _أقصد ياريت تأخر المدة يا "جان" انت شايف "سلمى" لسه راجعه من المستشفي محتاجة فترة راحة وأحنا كمان محتاجين نجهز حفلة كبيرة ولا أيه؟!..أشار لها بأقتناع ثم نهض ليشير لسلمى ببسمته الجذابة_يلا أوصلك..إنصاعت له وتمسكت بذراعيه ببسمة فتكت بقلبه فتطلع لها مطولاً، نظرات والدته كانت تخبئ بالكثير كأنها تتوعد بهلاك هذة العلاقة لتردد بهمس بعدما غادروا_فرح في أسبوع!،مجنونه عشان أسيبك تضيع صورتنا بالناس بالبيئة دول!..وفاحت عيناها بنظرات مخيفة للغاية ولكن تري ما مجهولها!...أنهي تدوين ملاحظاته علي أخر تصميم معماري من أمامه بعينين تجاهدان الأرهاق والنوم، نهض عن نقعد مكتبه الأبيض ليجذب جاكيته ومفاتيح سيارته متوجها للخروج، صعد "ريان" لسيارته متوجهاً للقصر، طربت آذنيه حينما علي نغمة هاتفه لينير بأسمها، رفع هاتفه ببسمة هادئة _لسه صاحيه؟!..أتاه صوتها المضطرب _أنت فين يا "ريان" لحد دلوقتي؟!..تحكم بمقود السيارة ببسمة مشرقة_قلقانه عليا؟!...صمتها المطول نقل له خجلها فأبتسم قائلاً بخبث_لازم تتعودي لأن دي في العادة مواعيدي..."سارة" بملل_يعني هقضي اليوم كله كدا من غيرك؟!..تعالت ضحكاته ليقول بخبث_ودي تيجي طب دي تبقي عيبة في حقي...شددت بكلماتها بغضب _"ريان"..أجابها سريعاً _أحممم بهزر...إبتسمت بعشق يتغلغل بأواصرها، تفادي" ريان" سيارة مرت من جواره دون رؤياها!، تعجب للغاية حينما حاول أن يفعل الأضاءة الأمامية للسيارة ولكنها لم تستجيب له فكان يتفاجأ بأصوات السيارات المارة من جواره ليتمتم بغضب _أزاي دا؟!...تفادي السيارات كان يصدح بسيارته بصوتٍ مرتفع نجح الهاتف بنقله لها فقالت بذعر_في أيه يا "ريان" ؟..أجابها سريعاً وعيناه علي الطريق_مفيش حاجة متقلقيش...وفي ذات اللحظة إقتربت منه شاحنة بيضاء علي وشك بأن تعبر الطريق الأخر والرؤيا غير واضحة لديه فكاد بأن يصطدم بها ولكن سرعان ما تفادها ليصطدم بالشجرة الجانبية للطريق، صوت الصدام جعلها تصرخ بفزع _ريااااان...وحينما لم تستمع لصوته بكت بجنون وهي تلفظ أسمه بصورة جنونية...إعتدل بمقعده بألم ليجذب هاتفه رغم ما بها ليصعه علي أذنيه بثبات _متخافيش يا حبيبتي أنا كويس..أجابته ببكاء_أنت بتضحك علياا..أجابها ببسمة نجح برسمها_العربية بس اللي أتخبطت وعشان تتأكدي أنا جانب القصر هكمل الباقي مشي..وأغلق الهاتف ثم توجه للناحية الأخري من الجانب الأيسر للسيارة ليهبط منها ليتفحص جسده الذي يؤلمه ليري أنه لم يصيبه الا كدمات بسيطة لم يري جرح قدماه العلوي العميق فشعوره بألم جسده المفترق شتت شعوره بحدة ألم قدماه لأصابتها الخطيرة...توجه للقصر ليجدها بأنتظاره بفزع جعل وجهها شاحب للغاية، إقتربت منه سريعاً بلهفة _أنت كويس؟!..تأمل لهفتها ودموعها بفرحة بقلبه بدت علي معالم وجهه بحرافية_خوفتي عليا؟..تطلعت له بغضب لتضغط علي أسنانها بغيظ_أنت في أيه ولا في أيه؟!...أجابها ببسمة حالمه_أنا لو بموت وشوفت الخوف اللي في عيونك دا هيحيني يا "سارة"..تلونت وجنتها بحمرة قاتلة أاهبت حواسها قبل أن تلهب مشاعرها فخشيت بأن تغضب ربها بشيئاً تبغضه هي لذا تركته بعدما تأكدت أنه علي ما يرام ثم صعدت لغرفتها ليلحق الأخر بها متوجهاً لغرفته...ولج للداخل فتوجه للحمام الغرفة، إشاح بثيابه ليتفاجأ بنزيف قدميه العلوية، تألم للغاية فجذب الشاش الأبيض ليلفه بحرص حول جرح قدميه الغزير لا يعلم بأنه سيشكل مجهولاً غريب بقصة حبه العتيقة!..تلألأت أشعة الشمس بالأجواء لتعلن عن بداية يوماً جديد محفز بلقاء غامض وأحداثٍ مثيرة للأهتمام...طلت لتضيء ركناً من سجادتها فغمرتها شعوراً بالأمان بأن نورها سيخترق قلب إبنها الضال، أغلقت "نجلاء" عيناها وبأيمان قوي قالت _ياررب...كأنها تشكو له أوجاعها المؤلمة علي يد إبنها المتمرد، نهضت مستندة بجذعيها علي الأريكة المتهالكة لجوارها لتطوي سجاداتها ثم وضعتها علي وسادة الأريكة المطاولة لتدلف لمطبخها الصغير لصنع كوباً من الشاي ببسمة هادئة حينما تذكرت ذكريات "فريد" في هذا المنزل الصغير، عاد الحزن ليستحوذ علي ملامحها كالوحش المفترس حينما تذكرت ما أصبح عليه حالياً، هي تعلم جيداً بأنه لن يتذكر هذا المكان أبداً بعدما أزال كل ذكريات ماضيه، الماضي الذي جمعه بذاته ووالدته!..بقصر "الجوكر" وخاصة بغرفة" شجن"...رغم أن تعرفها بها لم يكن منذ فترة طويلة ولكن تعلقت كلا منهن بالأخري وخاصة "شجن" و"حنين" رأت كلا منهما في الأخر الشقيقة الودودة والصداقة المتينة، جلست جوارها فشرعت "حنين" بالحديث قائلة بلهجة جدية تعاكس مرحها المعتاد_حياتي كلها خوف، إحساس أن الموت ممكن يكون قريب منك بخطوات صعب أوي بس أنا عيشته بسنين طويلة من عمري، أكتر حاجة كانت تعباني أني اللي عايزين يتخلصوا مني عشان الفلوس دول أهلي يا "أشجان"، كان مطلوب مني أكمل حياتي وأنجح بالجامعه وأحب وأتجوز وأنا متعايشة مع الخوف دا..وبدمعة ترسم بعيناها لأول مرة _كنت بنام وأنا خايفة أغمض عيوني أصحى ألاقي نفسي مت...تألم قلب "شجن" لأجلها فأكملت "حنين" حديقها ببسمة هيام _عمري ما عرفت الأمان غير لما شوفت "مراد" معرفش ليه؟!، يمكن شخصيته وحضوره المهيب اللي بيديني أحساس أن ولاد عمي مستحيل يقفوله، أو يمكن عشان حبيته، مش عارفه المهم أني بعرف أنام بدون خوف..كانت "شجن" تستمع لها بأنصات شديدة وبسمة رقيقة مرسومة غلي وجهها لتخرج عن صمتها قائلة بلهجة مصاحبة لألم لا مثيل له _قصتي تشبهلك كتير بس أنتِ كنتِ بتخافي تنامي من خوفك من الموت وأنا كنت بخاف أنام من خوفي من جوز أمي..وببكاء محطم للقلوب قالت _ نظراته القذرة لسه بتلحقني لحد دلوقتي، كنت بخاف علي نفسي منه وبحاول أخبيها باللبس الواسع اللي مكنتش بحس غير أني ماشية من غيره من نظراته القذرة دي لحد ما حصل اللي توقعته من أول يوم أمي دخلته علينا، حسيت بالوقت دا أن حياتي بتنتهي أدام عيوني وأنا عاجزة حتي عن أني أدافع عن نفسي...اللي حصل كان صعب والأصعب أن اللي يدفع التمن أكتر إنسان حبيته وصبرت علي الهم دا لما نتجوز وأسيب البيت باللي فيه...جاهدت "حنين" لفهمها فأغلب الحوار كان بطريقة مبهمة وبالكاد إستطعت جمع الخيوط وفهم ما تلقيه عليها، أكملت "شجن" بدموعها المؤنسة لها _كنت فاكرة أن مفيش وجع أصعب من اللي حصلي في صغري وخاصة لما حبسوا الأنسان الوحيد اللي حبيته واللي كان السبب في خلاصي من البلاء دا بس للأسف كل دا كان بداية لعذاب أكبر بس الفرق اللي هنا أن اللي حبيته دا هو السجان، هو اللي وعدني بالأمان والحماية وهو نفسه اللي كان بيقدمني للكلاب تنهش فيا...وأنهارت باكية لتحتضنها "حنين" بحزن فكلاً منهما كانت بحاجة لعطف الأخر، كان يراقب كلماتها القاسية عنه عبر هاتفه، كلماتها أضرمت النيران بقلبه الثائر فطلب من السائق التوجه لقسم الشرطة ومن ثم توجه لمكتبه ليخلع جاكيته متوجهاً لمقره السري بالشرطة مكانه المصاحب لأوجاع ماضيه وحاضره..بأسكندرية... وخاصة بأحد الملاهي...كانت تجلس جواره وعيناها تراقبهما بضيق لاحظه "يامن" فرفع يديه تجاهها ببسمة مكر _تحبي ترقصي؟..أشارت له "فاطمة" ببسمة خبث لينضموا للساحة علي نغمة الموسيقي الهادئة، كان الهدف مشترك بينهما لأشعال الغيرة بقلب "صباح" و"إياد" ولكن تحول الأمر لعشق روابطه تغزو القلوب!..نسو من حولهم وغامت العينين ببعضهما البعض بتناغم مثير جعل من حولهم يقسمون بأنهم أكثر من عشاق، علاقة خالدة للغاية، كانت تتحرك معه غير واعية لنظرات عيناها وملامحه المستكينة بين ذراعيه، حتي هو شعوره بأنها ملكه جعل قلبه يخفق بجنون وقسم بأنها ستكون له مهما كلفه ذلك..أما لجوارهم بداخل قلبه كانت تشعل ألف عاصفة فحتي ولو كان يحمل شك واحد في المائة أنها تفعل ذلك لأثارة غيرته وللأنتقام صار الأمر جادياً أمام عيناه لذا رأي "إياد" أن عليه التحرك اليوم قبل الغد، عليه أن يدمرها كلياً حتي وإن كان الأمر سيحطم عفتها!صوت سكون يخيم على الأرجاء،كأن المكان قد قتل من البشر جميعاً وبقى ساكناً بالهواء، أقدام تصفق بقوة تقطع الصمت برعبٍ يدب للبعض بالخارج ولكن هناك هفوت أمان بأن المنشود بالداخل وكعادته يظل بالساعات بالداخل، أسرعوا جميعاً بتحية اللواء بكل عظمة ووقار فعدد زيارته بالفترة الماضية تضاعفت لأجل الأسطورة كما يلقب، ولج لعرينه المظلم فكاد أن يتعثر ليزفر بغضب من عادته المميتة، وقعت عيناه عليه؛ فوقف يتأمله بنظرات تحمل الصدمة والذهول بأنٍ واحد.بطرف الغرفة المظلمة كان يركض على ألة الركض بقوة كأنه فهد طليق، حركات قدميه تصعب تحديدها، عضلات جسده القوية تبرز من يديه كأنها تصارع شيءٍ ما، صدره المكشوف يلوج من شدة العرق ومع ذلك لم يشعر بتعباً قط،عيناه معصوبة بقطعة قماش سوداء كأنه لم تكفيه ظلام الغرفة الدامس فقرر أن تسوده بتعمد فربما سر لقبه وقوته هو بقائه الدائم بالظلام وربما حدسه السابع بسماع أبسط الأشياء من جواره هو من جعل له بصمة قوية يرهب بها الجميع ...توقف عن الركض ثم هبط ليحل وثاق عيناه قائلاً دون النظر خلفه _أهلاً بسيادة اللوا ..جحظت عيناه فكيف شعر به وقدماه ساكنة أرضاً !، ألقي بقطعة القماش أرضاً فأقترب اللواء وشعل الضوء ليرمش الأسطورة كما يلقب عدة مرات لتتمكن عيناه الزبتونية من الثبات فتظهر جمالها المحاط بهالة من الرموش الكثيفة لحماية جوهر عيناه برغم أنها تحمل سكان من القسوة والجفاء ...حل الثبات على اللواء فخرج صوته بحذم _ألبس هدومك وحصلني على مكتبك ...ضيق عيناه بشك ثم قال بدهاء _ وجود حضرتك هنا فى مكاني المفضل إشارة لعملية جديدة؟ ..تراقبه اللواء قليلاً ثم قال بغموض _بالظبط وأنا عارف أنك ذكي وهتفهمها وهتفهم كمان أن وجودي هنا بيدل أنها مش أي عملية ..إبتسم بسمته الجانبية الساخرة _حضرتك عارف مفيش أي عملية صعبة بالنسبالي ..أشار له بثبات _عارف بس المرادي هيكون معاك فريق ..ضيق عيناه بأستغراب _أنا طول عمري بشتغل لوحدي ومعروف عني أني مش بحب حد يشتغل معايا ولا محتاج اي مساعدة ..وعلى حد علمي وجود حضرتك هنا لأنك عارف دا كويس ...إقترب منه اللواء قائلاً بعد وهلة من الصمت _الأوامر جيت كدا ولازم تتقبلها من بكرا هتشتغل أنت وهو كفريق كامل ..حل التعجب وجهه فتركه اللواء وكاد بالتوجه للخارج ولكن توقفت قدماه على صوته المحفز بالشك _واحد! بس حضرتك ذكرت فريق كامل ؟! ...بدأ الغضب يتسلل لعيناه ليخرج صوته بهدوء محمل بعاصفة _مين دا ؟ ...زفر اللواء بتهكم ليستدير أمام عيناه قائلاٍ بعد مدة طالت بالصمت _الجوكر ..تخشب جسده محله فقبض على معصمه بقوة كادت أن تبتر يديه،عيناه تلونت بغيوم قاتمة كادت أن تلهب المكان بأكمله ...صفعات متتالية يود بها أن يعود عدوه اللدود للمقاتلة من جديد ولكن ربما بخفايا المجهول أسراراً ما ...بالولايات المتحدة الأمريكية ...حُمل التلغراف للجوكر بوقاره الخفي، حمله الخادم وولج لساحة القصر العملاق ؛ فوقف محله ينتظر سيده حتى ينهي ما يفعله، تراقبه الخادم بنظرات سريعة والتعجب والخوف يسري على ملامحه كيف يتمكن أن يظل تلك المدة الطويلة أسفل المياه ؟! ...مرت أكثر من ثلاثون دقيقة ومازال غائم بالمياه،تسرب الخوف لملامح الخادم فأقترب من المسبح الكبير يلقي نظرة بائسة من أن يراه على قيد الحياة ففزع للغاية حينما تعالت صوت المياه فما كان الا إندفاع الجوكر لخارجها ليصعد الدرجات المندسة بالمياه للخارج، قطرات المياه تبلل جسده بأكمله،خصلات شعره تكتسح ملامح وجهه بأكملها، رفع يديه يزيح تلك الخصلات فلمعت شرارة عيناه الزرقاء كأمواج المياه كأنها أثارت ضجة بالعوالم بمسرى النهار ! ...جذب المنشفة بقوة ليضعها خلف خصره ونظراته الحادة تكتسح ذلك الخادم الذي أقترب منه وعيناه أرضاً _التلغراف دا جالك النهاردة يا باشا..وقف يجفف جسده بثبات ونظراته حادة كالسيف ليجذب بعد دقائق ما على الحامل ويشير له بالرحيل أو كأنه قدم له تذكرة للحياة ليسرع الخادم بالرحيل ...مزق الظرف بلا مبالة ليرفعه لعيناه فوقعت عيناه على عدة حروف يعرف مكمنها جيداً فربما المكمن واضح لأي ضابط سري ولكن مهلا ماذا لو كان الجوكر بذاته ؟! ...أطبق على الورقة بين يديه بحقد ليلقي بها بالمياه ومن ثم رفع قدميه لتستقر على الأريكة البحرية فتنقسم أمام تلك القوة ليخرج صوته أخيراً محمل بالوعيد:َ_القدر بيجمعني بيك لأن النهاية مكتوبة بأيدي ...ولمعت عيناه بشعاع حامل لوعد، بينهما حسابات بحاجة للتصفية وخاصة بعد حركة "مراد" الأخيرة، جذب "مراد" هاتفه ببسمة خبث ليجيبه حارسه الخاص فقال بفحيح مخيف _ساعات وهكون في مصر أنت عارف المطلوب..وأغلق الهاتف دون سماع الرد فيكفي بسمته المخيفة التي تشير للكثير...وجودهم ببلد واحدة قد تشكل خطراً كبيراً ولكن ماذا لو فرض عليهم البقاء بمنزل واحد وغرفة واحدة؟!.