رواية همسات بقلم العشاق الجزء الثالث من الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمد الفصل الثالثكلمات رحيم كانت تستحوذ على تفكيره بشكلٍ ملفت، فبدى شارداً للغاية، قاد سيارته بسرعات غير متساوية، وكأنه يصارع عقله الذي إستكان لحديثه وكأنه شفرة سريعة يود حلها، وصل أمام المخزن السري الخاص به، فأستقبله رجاله بتحياتٍ سارة، فُتح الباب من أمامه فأكمل خطاه للداخل ليجده مقيد أرضاً بسلسال حديدي غليظ، بحالةٍ مذرية، ووجهاً شاحب، إنحنى جان ليكون مقابله والأخر يحاول الإنتصاب بوقفته؛ ولكنه لم يستطيع فرأسه الثقيل يعيق حركته، مرر إياد يديه على أنفه بشكلٍ مقزز ليبدأ بالحديث المتقطع وبنبرة جعلها تحمل التواسلات:.خرجني من هنا.قالها وعينيه تراقبه بصورة مخيفة، بدى وكأنه مغيب عن واقعه، فأمتثل رجاله لأوامره وقيدوه حتى لا يعود لتعاطي تلك المواد المخدرة، جذب جان المقعد ليضعه مقابله ثم جلس عليه ليكون مقابله وجهاً لوجه، تمرد جسد إياد بشراسة ليحاول الهجوم عليه بأي طريقة، على عكس جان فكان هادئاً للغاية، يتابعه بنظراتٍ ساكنة، غامضة، غريبة، تحرك ذراعيه ليخرج شريط أبيض من الدواء ليلقيه بوجهه ثم حرك رأسه تجاه احد من رجاله فقدم له المياه، إرتشف إياد حبتين منهما بلهفة ظناً من أنه نوعاً من إدمانه اللعين ولكنه لم يكن سوى مسكن قوي، منح عقله إشارة وهمية بأنه تناول جرعة من المخدرات فمنح ذاته إحساسٍ بالإسترخاء، أشار بأصبعه لرجاله بالإنصرف فأنصاعوا إليه ليبدأ بالحديث بعدما راقب حالته بنظرة تفحصية:.مبسوط من حياتك؟..تطلع له إياد بنظرةٍ عدائية، فقال بهجومٍ ساخر:وأنت يهمك في أيه!، مش كنت عايز يقتلني مستاني أيه!..نهض عن مقعده ليتجه إليه، فأنحنى ليكون مقابله، فقال بصوتٍ رخيم:كان دا قراري لكن دلوقتي إتغير...مرر يديه على أرنفة أنفه بتعبٍ:وقرار جنابك أيه؟.لاحت على وجهه بسمة صغيرة، ليتحدث بجدية:قررت أديك فرصة جديدة، حياة مختلفة عن حياتك، هساعدك تكون إنسان نضيف..تطلع له لثوانيٍ إختتمها بضحكة ساخرة على ما قاله، فعقب بسخرية:لا بجد، وهتعملها إزاي دي!.ثم تصلبت عروقه ليصرخ به بعصبية:أنا عايز أخرج من المكان ال### دا..لم ترمش له جفن فأستمع إليه بهدوءٍ، حتى إنتهى من كلامه الخارج ليستكمل حديثه بثباتٍ:لو خرجت من المكان دا الحكومة هتوصلك وهتعقبك على محاولة قتلك ل يامن يعني أنت كدا كدا محكوم عليك بالسجن، بس مع إختلاف المعاني...هنا أنا بمديلك أيدي إنك تتغير وتبقى إنسان تاني غير اللي أنت نفسك تعرفه، هساعدك تقف على رجليك وتبطل الهباب دا وتعيش على إنك إنسان ساعتها بس لما تخرج من الباب دا مش هتلاقي حكومة بتطاردك ولا أي حد هيحاول ينبش في اللي فات دا وعدي ليك..تطلع له إياد بتعجب من تغيره بالحديث، نعم فمن من قوات الشر لا يرد خيراً لذاته؟!، ممن يسلك الدرب المظلم ويكره طاقة النور التي تعاهده بأن تنير دربه؟!، أراد ذلك وبشدة ولكن عزيمته كان ضعيفة، محطمة، فتح جان يديه له قائلاً ببسمة هادئة:عارف إنه قرار مش سهل بس صدقني بعد كدا مش هتندم إنك إختارته...وزع نظراته بينه وبين يديه الممدودة، فأنكمشت ملامحه بذهول ليسأله بشك:.وأيه اللي يخليني أثق فيك أو أصدقك وأنت عدو ريان وميهمكش مصلحتنا!.صحح له مفهومه الخاطئ:أنا اللي عدوه مش هو، أنا اللي بحاول أصلح اللي بينا مش أهد...وإستكمل كلماته بألم يصاحب صوته المتحشرج:.بمدلك إيدي دا لنفسي مش ليك، بحاول أقتل جوايا إحساس الذنب من نحية خالد، يمكن بمساعدتي ليك أحس إني عوضت ولو جزء بسيط من اللي فات، خالد إنتحر وأنت ماشي في طريق الموت برجليك، أنا شايفه جواك عشان كدا عايز اساعدك وأخدك لطريق بعيد عن طريقك..أثرت به كلماته بشكلٍ غير مصدق، فوجد ذاته يقدم له يديه بأستسلام لرغبته في تغير الشيطان الكامن بداخله الثائر حينما تنتهي مدة المخدر المعتوه، تشكلت البسمة على ثغر جان فشدد من ضغطه على يديه ليسرى الأمل بالأعين وكلاً منهم يترقب الخطوة القادمة...تعشق الإسترخاء بالخارج، وسط الخضرة التي تحاوطها من جميع الإتجاهات، جلست يارا على المقعد الذي يتوسط حدائق قصر رحيم زيدان تدون ملاحظاتها على دفترها الخاص ذو اللون الفيروزي المميز، تخطف نظرة للطبيعة المبهرة من حولها ثم تعود لتدوين ملحوظة تتناغم مع الاجواء التي تختبرها، على بعد مسافات قليلة منها كان هناك من يراقبها بعدما خرج ليمارس رياضة الركض بالخارج، فوقف ليستند على أحد الاشجار ليرتشف من المياه الموضوعة بالزجاجة الصغيرة التي يحملها بين يديه فتسلطت نظراته عليها، تابعها بنظرة فضولية، إتابعتها دون تصريح لها، إنكمشت ملامح يارا برعب لا مثيل له حينما إستمعت لصوتٍ نباح كلاب يصدح بقوةٍ، فنقلت عينيها تجاه الصوت لتتفاجئ بالحراس يخرجون بهم للحدائق، وكأنهم بنزهة خسائرها قلب تلك الفتاة التي تخشى الحيوانات بشتى أنواعها، صعدت على المقعد الذي كانت تعتلته، لتصرخ بهم بجنونٍ:.شيلهم من هنا أنا بخاف من الكلاب أرجوك...جذب الحارس الحبل المحاط برقبته ليسحبه للخلف قليلاً، ولكن حركة جسدها العنيفة وإشارة يدها الحادة بالدفتر إستنزفت غضبه فثار بالنبح مما أرعبها فصرخت بخوفٍ، أتى حازم الحارس الرئيسي ليسحب السلسلة للخلف مشيراً للحرس بالتراجع وبالفعل تغلبوا عليهم ليعودوا بهم للحديقة الخلفية، جلست محلها لتلتقط أنفاسها بصعوبة فتسرب لمسماعها صوت ضحكات رجولية تأتي من خلفها، نقلت نظراتها تجاه الصوت، فوجدت مروان يقف من أمامها، وضحكاته مرتفعة للغاية وكأنه كان يراقبها..إقترب منها وهو يجفف عرقه النابض على عروق رقبته أثر ركضه الشاق، فقال وهو يمنحها نظرة متفحصة:أول مرة أشوف دكتورة مرعوبة في جلدها كدا من كائن لطيف..رددت بسخرية:دا كائن لطيف!، ثم أني بني آدمة قبل ما أكون دكتورة ومن حقي أخاف ولا أيه؟..إبتسم مروان بخبث:.ولو أني أشك في موضوع دكتورة دا بس نصيحة من شاب وسيم لما تتخضي بعد كدا من أي حيوان فضائي أجري على مكان أمن متشعلقيش بالكرسي كأنك بتقدميله قربان بشري!.وغمز لها بعينيه بمكرٍ ثم تركها وولج للداخل بعد أن ودعها ببسمته الجانبية التي جعلتها تختبر إرتباك وتوتر يزوراها للمرة الأولى، فتابعته بعينيها حتى إختفى من أمامها كالظل المحبب!.بفيلا عباس صفوان...خرجت من حمام غرفتها تحمل (إختبار الحمل) بأرهاقٍ شديد بعد أن إستفرغت ما بجوفها، إنتظرت الدقائق المحددة لمعرفة النتيجة الحاسمة لها، بالطبع كان يتراقص قلبها فرحاً في الشكوك التي منحت لها بصيص من الأمل، وأولهما غياب عادتها الشهرية لثلاثة أيام على غير عادتها، ترقبته بحماسٍ غريب وكأنها تحمل الكارت الرابح بين يديها للأستحوذ على سليم زيدان للأبد، فكان أقصى أحلامها البقاء على عصمته يوماً أو أقل وها قد منحها القدر فرصة تعد من ذهب إليها، رغم أنه من المتوقع لفتاة مثلها تنتظر خبر حملها بدموعٍ وخوف كونها فتاة لم تتزوج بعد ولكن تلك الفتاة عقليتها مختلفة عن غيرها، وكأن الشر يصاحبها أينما كانت، إتسعت بسمتها شيئاً فشيء حينما تحقق مرادها ليحطم أمال سليم بالأبتعاد السريع عن تلك الفتاة، لاح على خاطرها أمل مخادع بأن ترأه سعيداً بخبر حملها ومنتظر لرؤية ما تحمله بأحشائها، فأخر مقابلة بينهما كانت محاطة بطبقة من التوتر بينهما، إقتحم يامن غرفتها بطريقة غير مرحب بها، فأخفت ما بيدها خلفها سريعاً قبل أن يراه، وقف أمامها بعينين تجويان غرفتها بنظراتٍ أخافتها، فقالت بحدتها المعتادة بينهما:.في حد يدخل على حد كدا!.رسم بسمة فاترة على شفتيه، ليربع يديه أمام صدره بوجومٍ تمكن من ملامح وجهه:أنا دخلت يبقى أكيد في...ثم قطع خطوتين تجاهها ليباغتها بسؤالٍ زرع القلق بقلبها:قوليلي يا هنا، أنتِ كنتِ فين إمبارح؟..سكن الإرتباك ملامح وجهها بصورة واضحة، فاستدارت سريعاً حتى لا يكشف أمرها:هكون فين يعني!.فتح أزرر قميصه لشعوره بالأختناق وخاصة حينما وجدها تلهو بلعبة جديدة سيدها اللف والدوران، فقال:شوفتك وأنتِ خارجة من قصر رحيم إمبارح!.إبتلعت ريقها الجاف بصعوبة، فردت عليه بتوتر:كنت راحة ل فاطمة..رفع حاجبيه بإستنكار:والله!، أمال فاطمة قالت إنك مرحتلهاش ليه؟!..إزدردت حلقها بإرتباكٍ وتلون وجهها يالأحمر القاتم من فرط ما ستواجهه مع أخيها، بحثت عما سيقال بدقائق متتالية إلى أن إهتدت لقول:.أنا مدخلتش إفتكرت مشوار مهم وقولت أعدي عليها وقت تاني...ضيق عينيه بسخط:والمفروض إني أصدق الكلام دا!.رفعت كتفيها بعدم مبالاة:والله تصدق ولا متصدقش دا شيء يخصك...وكادت بالمغادرة من أمامه فأستوقفها بغضب:لما أكلمك تقفي هنا وتكلميني...جذبت ذراعيها منه بالقوة:وإذا كان الكلام دا مش عاجبني هقف ليه؟.منحها نظرة ناقمة عليها فردد بأستقزاز منها:.هتفضلي طول عمرك بالأسلوب دا بس هيجي اليوم ورقبتك هتنكسر فيه يا هنا خاليكي فاكرة كلامي كويس..وتركها وغادر بعدما صفق الباب من خلفه بصوتٍ أفزعها وكلمات جلدتها بسوطٍ مخيف...هجم حرس رحيم زيدان على المكان المتخبئ به عماد، فذهل من معرفتهم لطريقه بعد كل الإحتياطات الممكنة التي إتخذها، فترك رجاله يشتبكون معهم ثم صعد لسطح المخزن القديم الذي إتخذه مخبئ إليه، ليكشف القماش الأسود عن طائرته الخاصة الذي وضعها ليومٍ هكذا، فهو يعلم قوة العدو الذي يواجهه ويأخذ حذره من الصغيرة قبل الكبيرة، حلق بالسماء بطائرته الخاصة بعد أن رمق نظراته القاتلة على السيارات التابعه لحرسه بنظرة طويلة تهلل بوعيد بالإنتقام من كليهما، رسمت على وجهه بسمة مخيفة حينما تذكر الخطة التي وضعها ليتخلص من مراد أولاً فلا يهم فشل الأولى فهناك دائماً خطط بديلة ولكن تلك المرة هل سيتمكن رحيم من إنقاذه؟!.بغرفة يارا..خطت طريق طويل معها واليوم تعد أهم جلسات العلاج بل ربما تكون أخيرهم إن حققت النتائج الكافية، لذا صممت أن يحضرها رحيم متخفياً خلف الباب المجاور لغرفتها ليستمع لما يدار بينهما، أشارت لها بالأسترخاء ثم قالت ببسمة هادئة غمضي عيونك وتخيلي إنك بمكان خطر وليكن تخيلك أن في ناس كتير حواليكي وعايزين يأذيكي، مين أكتر شخص هتتمني يكون الخلاص ليك. .رمشت شجن بجفنيها عدة مرات فأستكملت الاخرى حديثها ببسمة هادئة:دلوقتي عايزاكِ تقربي من الشخص اللي فكرتي فيه وتقوليلي شوفتي أيه أو مين هو؟!.سكنت ملامحها لتتحاول للضيق والصدمة، ففتحت عينيها لتسلطها على من يقف على مسافة قريبة منها يتأمل ما يحدث بأهتمام، جابته بنظرة طويلة جعلت قلبه يخفق بجنون وكأنها تجد السكينة بنظراتها تجاهه، وكأنه الأمان والسكن بعد معاناة بكشف تلك الحقيقة...تطلعت لها يارا بنظرات خبيثة لتجبرها على الحديث:شوفتي مين؟.لزمت الصمت لقليل من الوقت ثم قالت وعينيها تتأمل من يقف أمامها:فريد..إبتسمت يارا بمكر لتسترسل حديثها وهي تمنحه نظرة عرف مكنونها فأقترب منها:بتقولي مين؟.أجابتها بضيق من سؤالها المتكرر:قولتلك فريد.كررت سؤالها مجدداً بدقة أكثر:فريد ولا رحيم.صرخت بنفاذ صبر:الأتنين واحد...أشارت لها يارا بأنتصار:.بالظبط ودا اللي عايزاكي تتفهميه...ثم نهضت عن مقعدها لتجذب النوت الخاص بها قائلة بغرور:كدا إتخطيتي مرحلة مهمة أوي...وغادرت الغرفة تاركة الأخرى شاردة بما تفوهت به، إقترب منها ببطء حتى صار مقابلها، رفعت شجن عينيها إليه بنظرة غامضة حتى هي تجهل مكنونها، جذبها لتقف أمامه والأخرى تتطلع له بسكونٍ عجيب:كنت متأكد إنك هتتجاوزي كل دا...وقربها إليه حتى إستند بجبينه على جبينها، ليهمس بصوته الرخيم:.كنت عارف إنها مسألة وقت مش أكتر عشان تحسي بيا وبوجودي جانبك...فتح عينيه الزيتونية بتفحص لتعابير وجهها، هل مازالت تحمل المقت لقربه منها، تفاجئ بها ساكنة بين ذراعيه وكأنها تقبلت حقيقته، لم يستطيع مهاجمة أشواقه إليها فأقترب ليقتبس من رحيقها، تسارعت أنفاسها وتواثبت دقات قلبها بجنون وكأن هناك عاصفة من جليد تحيط بها، نيران فأرتباك فبرودة فتوتر، صدمة دقة قلب، أحاسيس مضرمة أصابتها فحتى جسدها لا ينصاع لحثها المدرك بالأبتعاد عنه، همست بصعوبة وهى تدفعه برفق بعيداً عنها قائلة بتذمر:.فريد!..قرع قلبه بجنون فأبتسم بسعادة لا تكفيه فقط، حملها بين ذراعيه ليدور بها مردداً بسعادة كبيرة:روحه وحياته اللي إبتدت من جديد..تعلقت برقبته ببسمة هادئة جعلته يقف محله ويتابع ما تفعله بصدمة وعدم إستيعاب لما يحدث معه!، فقالت بدلال:عايزة فرح بالمكان اللي إتربينا فيه...سكنت نظراته تجاهها بعدم إستيعاب بكونها تلك الفتاة التي رفضته من قبل، بصيص الأمل بعودتها إليه جعلت لسانه يتجمد عن الحديث!.صعد جان لغرفته بعد عودته من المخزن، فولح للداخل ليبدل ثيابه ولكن خانته قدميه وعينيه عما رأه وكأن الأعوام إنضافت فوق عمره لتجعله كهل عجوز لا يقوى على الحركة مما رأه!.علاقة جديدة، حياة أخرى، قصة منحها القدر فرصة أخرى فعادت لتخطو من جديد دون عائق يوقفها ولكن بجوارها ستنتهي قصص وتبدأ اخرى فعلى البعض الحذر والأخر الثبات بقراره المصيري ولكن ترى ما المخبئ لكلاً منهما؟!.
رواية همسات بقلم العشاق الجزء الثالث من الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمد الفصل الرابعوكأن أحداً مزق صدره لنصفين ثم إستخرج قلبه ليصل فوه السلاح لقلبه مباشرة بأصابة صريحة، ود لو إنه لم يصعد لغرفته بذاك الوقت أو لم يتأخد رحيم القرار بأقامته بنفس الغرفة، بصعوبة بالغة حرك لسانه لينطق بترددٍ:ريان!.إنتبه لوجوده بالغرفة، ففتح عينيه بضيقٍ من إنكشاف أمره إليه، فكان يتمدد بحريته بعد أن أزاح الطرف الصناعي مستغلاً عدم وجود الأخر؛ ولكن أخر ما تمناه يحدث أمام عينيه، إرتدى ريان القدم الصناعية ليتوجه للخروج من أمامه، فتحرك تجاهه ليسأله بألمٍ واضح بنبرة صوته:أمتى حصل دا؟، وإزاي!.حدجه بنظرة قاسية، ليجيبه بلهجة جافة للغاية:ميخصكش..وخزة مؤلمة تمكنت من جان، وكأنها تقسم على الفتك به، جلس على الفراش بأستسلام ليخضع رأسه للأسفل بخيبة أمل، ما حدث لرفيقه يجعله عاجز حتى عن مواساته، العداء الذي نشب بينهم جعله بعيداً للغاية عن حياته، فأصبح العدو الغير مرحب به، إرتدى ريان حذائه ثم غادر الغرفة بعدما منحه نظرة أخيرة، غامضة، لم يتمكن جان من تفكيك معانيها، فالصدمة التي تعرض لها تكفيه لإنشغال عقله بها، شيئاً بداخله إنكسر حينما رأه هكذا، مازال يحاول إقناع ذاته بأنه عدو ولكن قلبه مازال متمسك به وكأنه لم يمتلك سواه!..ظلمات الليل الكحيل تستحوذ على قلبه فتجعله أشد ظلمة، حاول أن يغلق جفنيه ولكنه لم يستطيع النوم ولو دقائق معدودة، مازالت صورتها ترسم أمام عينيه، معاتبتها له تتردد على مسماعه، نظراتها البريئة تطالبه بالا يدنس حبها العفيف، أزاح سليم الغطاء عن جسده ثم إلتقط المئزر الرجالي ليرتديه ليتوجه لغرفتها، رفع يديه ليقربها من الباب فكاد بالطرق ولكنه كور يديه بتردد فالوقت متأخر للغاية ومن المحتمل أن تكون غارقة بأحلامها، هداه عقله بالعودة لغرفته وبالحديث معها بالغد، كاد بالتحرك لغرفته؛ ولكنه تفاجئ بها تفتح بابها وهي تزيح الدموع العالقة بأهدابها، وعلى ما يبدو بأنها تتوجه لغرفته، وقفت أمامه بأرتباكٍ فقالت بصوتٍ متقطع من فرط بكائها:.سليم!..إنصاع إلى كلماتها بكيانه وروحه، وكأن صوتها المنادي بأسمه كان الحضن الدافئ الذي عبئ فراغ الآنين، ظنت بأن صمته لكونه مازال غاضباً مما حدث صباحاً، ففركت أصابعها بحزن، لتجاهد بقولٍ:مكنش ينفع أقول كدا، أنا أسفة..تعتذر؟!، تعتذر وهو الخاطئ بحقها!، تعتذر وهو الجاني!، ترقبته نظراتها بخوفٍ من أن لا يتقبل إعتذارها، تركزت عينيها على كل إشارة ولو صغيرة قد توحي لها بالسماح بأهتمامٍ ألم قلبه، جذبها لأحضانه دون أن ينبس بكلمة واحدة قد تكون علامة على أنه اللي الخاطئ وليس هي، كم تمنى أن يمحي من قدره اللقاء بتلك الملعونة التي أقسمت على تدمير أجمل قصة عشق إختبرها، شدد بأصابعه على رأسها الموضوعه على صدره وكأنه يحمل العزم بأيقافها عن تحقيق ما ترغب به، زرعت الفرحة على وجه ريم بمسامحته لها؛ ولكن مازال هناك ما يسكن أحد زوايا قلبها بالشك تجاه تلك الفتاة الغريبة!...كانت على بعد خطوة واحدة من الموتٍ وربما كان مشهدها معه هو الأخير، منحها الله فرصة جديدة لتكمل الدرب لجواره، تنقلت عيناها على قسمات وجهه وعينيه المغلقة ببسمة عذباء تقتص من صفحات عشقها الذي دون بقلم موثوق ليحفر كل صغيرة عهدته معه، الجوكر المخيف لأكثر من عدو هو بذاته أحن شخصٍ رأته عين حنين، الفتاة البائسة التي عاشت لأجل إختبار أكثر من محاولة قتل لأجل ما تحمله من ثروة مخيفة، كم أرادت أن تستغنى عن مال العالم بأكمله لتنال عيشة هنيئة، عنت وحبست روحها وجاء مخلصها ليمنحها إحساس الأمان المفقود، إقتربت منه ببسمتها الرقيقة لتضع قبلة صغيرة على جبينه مستغلة غفلته بنوم ظنته عميق!، يشعر بها ويقرأ ما يرسم بعقل صغيرته القصيرة، ورغم ذلك إختار ان يظل غافلاً من وجهة نظرها لتستمر بالتطلع إليه فينبض قلبه بالطريقة التي تجعل جسده يؤخز بقوةٍ، تسلل لمسمعها صوتٍ لدقات خافتة على نافذة غرفتها وعلى ما يبدو لها بأنها أحجاراً صغيرة، فأبتسمت بفرحةٍ لمعرفتها صاحبها، تسللت على أطراف أصابعها لترتدي إسدال الصلاة الخاص بها ثم ألقت نظرة متفحصة على مراد لتهبط للأسفل بخطواتٍ خفيفة، فتح عينيه بأستغرابٍ لما يحدث بدون علمه، فأتبعها بخوفٍ وإرتباك مما ترتكبه تلك القصيرة...أنهت الدرج لتصل للحديقة الخلفية للقصر، فوقفت تبحث عنه بأستغرابٍ من إختفائه، خرج من خلف الأشجار ليطرق على كتفها برفق، استدارت لتجد طلعت زيدان أمام عيناها ولكن بطالة أكثر جدية مما إعتادت عليه، سألها سريعاً قبل أن تفتح فمها بثرثرتها:أيه اللي حصل دا؟.أجابته بغير مبالاة والبسمة الواسعة ترسم على وجهها:لا متشغلش بالك دي محاولة قتل على خفيف كدا بس الحمد لله أحنا لسه واقفة قدامك أهو بشحمي ولحمي...مجنونة بعض الشيء ولكنه يحب مزاحها الذي يرسم البسمة رغماً عنه على شفتيه، عاد لأسئلته الجادة:مراد عرف هو مين؟.ردت عليه بتلقائية:مفيش غير إبن عمي مش محتاج يدور كتير..ثم قالت بصوتٍ طغي الحزن عليه:.قرار الموت بالنسبلهم الحل الأمثل عشان يتخلصوا مني، والمكان الأمن هو الشعار المناسب لبابا وبين كل دا نسى إني إنسانة من لحم ودم ومن حقي اعيش حياتي ومحتاجة لوجوده جانبي أكتر من أي حاجة لكن بالنسباله إني بمكان أمان وعلى قيد الحياة أهم من أي حاجة تانية..شعر طلعت بمعانتها، فمن جهة هناك إبنته التي تمقت رؤيته حياً ومن جهة أخرى تلك الفتاة التي تعاني لفراق والدها المختار عنها، ربت على كتفيها بحنانٍ جعل البسمة تتسلل لوجهها، فأخفت دموعها سريعاً..أيه اللي بيحصل هنا دا؟!كلمات إخترقت قاعات الصمت لتلفت إنتباههم لوجود هذا الغريب، إستدارت حنين تجاه الصوت لتجد زوجها من أمام عينيها، إقترب منهم ليقف جوارهما بذهولٍ فتساءل بدهشةٍ:إنتوا تعرفوا بعض!.كاد بأن يجيبه فأوقفته حنين بتسلية:عنك يا حج..ثم استدارت لتقف مقابل مراد مشيرة له بأصابعها بغرور:كنت فاكر مثلاً أن في حاجة بتدور في القصر دا من غير معرفتي!.لاحت على شفتيه بسمة صغيرة وهو يتابع حديثها المزروع بثقة لم يكتسبها هو بذاته، أشار له طلعت بخفة:طيب هسيبكم أنا بقى وأطلع أريح مدام إتطمنت عليها..أؤمأ برأسه بخفة فغادر طلعت لمخبئه السري دون أن يرى الأعين التي تراقبه بنظراتٍ غامضة، تخفي خبثٍ داهي وكأنه يدعي عدم ملاحظته لمن يتخبأ بداخل قصره فربما لم تسنح له الفرصة بملاحظة فرق الشخصية الجديدة الذي زرعها به...بالأسفل..ربع يديه أمام صدره بنفاذ صبر وهي تقص له عن بطولاتها بالتعارف على أبيه، ومساعدتها الكريمة بأمداده الطعام الشهي رغم أنه يحرص على أن يصله كل ما يحتاج إليه عن طريق حارسه الوفي الذي كتم الخبر كما طُلب منه، أنهت حنين حديثها بتفاخر:بس يا سيدي وبقينا أصدقاء بقى وزي ما أنت شايف جاي يطمن عليا بنفسه..رفع حاجبيه بأستنكار، ليباغتها بقوله الساخر:خلصتي؟.وضعت أصبعها بفمها وهي تفكر بأن تناست شيئاً لم تذكره بعد فأختتمت حديثها ببسمة واسعة:أه..ما أن نطقت بكلماتها حتى حملها على كتفيه وكأنه يحمل (شوالٍ) من البطاطا ليصعد بها للأعلى والأخرى تحاول تلكمه بغضبٍ من ان يتركها ولكنه لم ينصاع إليها وصعد ببسمة خبث جابت وجهه الوسيم...ليس من المنصف أن تعد نفسك ماهر بتنفيذ مخططاتك وهناك من هو أحق بهذا اللقب، ترنح مقعده بقوةٍ أثار تمدده عليه براحة، عينيه الزيتونية مغلقة بقوة وبسمته الخبيثة مرسومة على شفتيه بمظهر مخيف، ثبت المقعد عن الحركة حينما إستمع لكلماتٍ حارسه الشخصي:كله تمام يا باشا، عمران بقى تحت أيدينا...فتح رحيم عينيه بنظرة قاتمة ليدقق بكلماته:مراد ميعرفش أني ورا اللي حصل مفهوم؟أشار له حازم برأسه بتأكيد:.مفهوم يا باشا..أصرفه بأشارة يديه ليخرج من غرفته، فخرج للشرفة التي تطل على حدائق قصره الواسعة، يتأمل إحتلال الشمس لعرش السماء بمظهر رباني عظيم، استدار ليستند على سور التراس بجسده ليهمس بفحيحٍ مخيف:أنا هعرف إزاي أخليك تخرج من جحرك...إنتهت كلماته ببسمة ماكرة، إنطفأت حينما سحبت لإتجاه أخر، يسحب طاقة الشر بداخله ليمنحه سلام نفسي غريب، أزاحت الستار القاتم عن باب شرفتها الزجاجي، لتفرد ذراعيها بدلالٍ بعد نومٍ عميق، خصلات شعرها الأسود منسدل بحرية على أكتفاها، بعضٍ منهم متمرد على عينيها كريش النعام الحريري الذي يحاط بطاووسه، غابت بالداخل قليلاً لتعود بسجادة صلاتها التي فرشتها مقابل الباب لتشرع بصلاتها، تابعها رحيم بنظراتٍ أشبه بالكاميرا التي تسجل ما يحدث أمامها بكافةٍ التفاصيل، أنهت شجن صلاتها ثم جلست على سجادتها لتبدأ بالتسبيح وترديد بعض الأذكار الصباحية قبل أن تستعد ليومها الجديد، إقترب بخطاه حتى قطع المسافة الكبيرة بينهما، شعرت بخطوات حذائه المميزة ذات الطابع الثابت بترك خطواتٍ محسوبة، رفعت عينيها ببطء شديد وكأنها تتمنى أن لا يكون إحساسها صائب، وجدته يقف مقابلها!.نهضت عن الأرض لتقف أمامه بالضبط لا يفصلهما سوى بابٍ زجاجي مغلق من الداخل، بطفولته كان يمتلك صورة مريحة لطالته البسيطة ونظراته المكشوفة، أما الآن يربكها حضوره المهيب الذي يجبرها على الخوف منه، نعم ازاحت حاجز خلف الأخر حتى صارت منعزلة أمامه ولكنها لا تنكر أنها حينما ترأه تنساب رغماً عنها، فحتى نظراته الثابتة تربكها، تحركت يدها تجاه مفتاح الباب فحركته بهدوءٍ لينفتح الباب من أمامه، خطت الخطوات الفاصلة بينهما لتفف مقابله بأنتظاره يتحدث أو يخبرها عن سبب زيارته، ولكنه كان شارد بعينيها مما أخجلها للغاية فتحاشت التطلع له، فرد يديه أمامه ليقدمها لها، فوزعت نظراتها بينه وبين يديه المفرودة بأرتباكٍ قاتل، إبتلعت ريقها الجاف بصعوبة، وألف قرار يدار بعقلها، وضعت يدها بين يديه ومازال يلتمس رجفة أصابعها، ظل محله لدقائق يطمن بها قلبها المرتجف لقربه، ثم تحرك تجاه الدرج المشترك لغرفته وغرفتها فحرص على ان تكون غرفتها مجاورة له من قبل حتى تكون عينيه عليها، إتابعته بدهشة وخاصة حينما توجه لسيارته، كاد السائق بأن يصعد؛ ولكنه أشار له بالإبتعاد لتوليه هو القيادة بذاته، فتح الباب لها وأعين الحرس تتابعه بصدمةٍ وعدم تصديق من فعلته رحيم زيدان بفتح بذاته الباب لامرأة!.صعدت للسيارة ومازال بالها مشغول بما يحدث، إنتصب بوقفته ليحرر ازرار جاكيته الرياضي الأسود ثم صعد لجوارها ليقود السيارة للخارج...تابعت الطريق باهتمامٍ لمعرفة إلى اين يقودها، شعر بأرتباكها فقرأ سؤالها المحير، ساد صوته الرخيم أجواء الصمت:هنفطر ونرجع...سلطت نظراتها إليه بدهشة لتباغته بقول:بس أنا لبسي مش مناسب..منحها بسمة هادئة وهو يتطلع للإسدال الرمادي الذي ترتديه:.مش هتنزلي من العربية متقلقيش..ضيقت عينيها بإستغراب ولكن لم يعنيها الامر كثيراً فمن المؤكد لها بأنه سيتجه لمكانٍ فخم يليق بسلطة رحيم زيدان الذي باتت تمقتها، بل لا تستبعد أن يخلي المكان لملابسها البسيطة، بسمة فاترة نمت على وجهه أكدت لها بأنه يسكن بعقلها ويسمع لكل شاردة وواردة تفكر بها، سحبت عينيها المتعلقة به بصعوبة لتتابع الطريق بفرحة غريبة حينما علمت بالمكان الذي سيصطحبها إليه، توقفت سيارته أمام سيارة الفلافل البسيطة، تطلع لها نظرة جعلتها تبتسم لترى أمامها فتاة صغيرة بجديلة صغيرة تتمسك بيد صبي ليقفوا أمام بائع الفلافل، إلتقط كلاً منهم شطائر الفول الساخنة فحاول الصبي مساعدتها بما تتناوله ليعنفها بضيقٍ:.سخنة يا شجن!.فركت أصبعها بألم فرمقته بغضب، جذب لقمة صغيرة ليبردها بفمه ثم قربها لها فتناولتها بضحكة طفولية مشاكسة، لتقدم له شطائرها آمرة إياه بدلال:أكلني بقى..إبتسم فريد فجذب الشطائر وأخذ يطعمها وهو تلهو لجواره، يحاول أن يلحق بها ليطعمها ما بيديه..إبتسامة ذكرياتها تلاشت مع طيفه الذي يقترب من السيارة حاملاً بين يديه الشطائر، صعد للسيارة ليقدم لها الأكياس، شردت به بذهول وهو ترى ملامح الصبي ذو العاشرة مازال مطبوع بجفنيها فرسم على وجهه!.الذكريات تستحوذ عليها بالمكان الذي كان يجمعهم كل يومٍ بالصباح قبل ذهابها للمدرسة، أما هو فالذكريات لم تتركه يوماً دون ان تصاحبه بأمل العودة لمحبوبة قلبه، جذبت الأكياس منه لتخرج الشطائر وتبدأ بتناولها سريعاً لتهرب من نظراته، وكأن ذكرياتها الطفولية منحتها إحساس بفرط حرارة الشطائر بين يدها رغم كونها محتملة، شهقت بخفة وكأنها إعتادت على ذلك، إبتسم رحيم فألتقط الشطائر الخاصة به، ليجذب لقمة صغيرة كما إعتاد ثم قربها إليها، صفنت بتوتر بيديه فمرت ثواني وهي تتطلع إليه ومن ثم تناولتها لتظل تلوكها ببطء ووجهها يكسوه حمرة طاغية، إقتطف نظرات مطولة إليها والاخرى تحاول أن تستوعب أن من يتناول شطائر الفلافل هو ذاته رحيم زيدان!.فتحت عيناها المتورمة من أثر البكاء بصعوبةٍ بالغة، إستندت نغم على الكومود لتستقيم بجلستها، دقت نجلاء على باب غرفتها ثم ولجت للداخل، رسمت معالم الضيق على ملامحها حينما تذكرت بكائها بأحضانها فظنت بأنها ستأخذها حجة لزيارتها المتكررة إليها، وضعت نجلاء كوب الينسون جوارها قائلة ببسمة هادئة:صباح الخير يا حبيبتي..ثم جلست جوارها على الفراش لتسألها بأهتمامٍ:ها طمنيني عنك الوقتي أحسن؟.بقت صامتة، ترمقها بنظراتٍ تحمل الضيق بين طياتها، شعرت نجلاء بأنها غير مرحب بها هنا فأسرعت بقول ما أتت لقوله حتى تنسحب بهدوء:بصي يا حبيبتي أنا عارفة إنك مش حابه وجودي هنا ولا بتحبيني أنا شخصياً بس أنا عايزة أقولك على حاجة وياريت تتقبلها مني..منحتها نظرة فضولية ولكنها مازالت ساكنة لتوصلها بإن حديثها لا يعانيها ورغم ذلك إستكملت نجلاء حديثها:.زمان كنت زيك كدا بس مع فرق بسيط أني كنت أنا مكان يوسف، عشت فترة صعبة أوي وكنت عارفة أنها هتكون كدا للفرق اللي كان بينه وبيني، وكنت بدعي ربنا أنه ميأثرش على علاقتنا لإني حبيته..إنكمشت ملامح نغم بضيقٍ من حديثها المريح عن والدها بحضورها وكأنها تنسى ما فعلته بوالدتها، أكملت نجلاء بأنكسار:.خوفي خالاني أتنازل عن حاجات كتيرة اوي يا بنتي، خالاني أدفع التمن غالي، بعدت وأنا فاكرة إني كدا بصون اللي في بطني بس إتنقلت من عذاب لعذاب أكبر بدفع تمنه لحد النهاردة، عذاب نظرات الناس ليكِ وأنتِ معاكِ طفل بدون زوج، وكدبة أنه مسافر وراجع والسنين تفوت ومحدش بيرجع، وجع طفل بيسأل كل يوم عن أبوه وأنتِ مش عارفة تقوليله أيه، والسؤال التاني ليه بننتقل من مكان لمكان كل دا عشان تهديد جدك إنه هيقتلني انا واللي في بطني، كنت في إختيار صعب وقررت إنهي العلاقة دي حتى لو هكسر قلبي...ثم رفعت يدها لتلامس وجهها قائلة بدموعٍ:أنا إنجبرت وبعدت إنتِ مش مجبورة يا نغم، فوقي يا بنتي وبلاش تخسري الشخص اللي بتحبيه عشان اي حد بالكون، بلاش تختبري إحساس الوحدة اللي بجد لإنها زي الموج العالي بالظبط ..وتركتها وإنسحبت للخارج، تركتها وصفعات كلماتها تفيقها على حقائق غفلت عنها، حنان نجلاء تسرب لأعماق قلبها المهجور، كلماتها أخضعتها لشيئاً لم تفكر به من قبل، ولجت ريم للداخل لتجدها تبكي دون ان ترمش عينيها، هرعت إليها فما ان رأتها حتى بكت على كتفيها لتقص لها عما حدث وبالأخص معها ومع نجلاء..بغرفة فارس..فتح فارس عينيه بإنزعاجٍ شديد حينما شعر بتثاقل على كتفيه، فتفاجئ ب مروان غافل على ذراعيه، دفعه بعيداً عنه فأستيقظ الاخر سريعاً على صوت صراخه:أنت مصدقت يالا ولا أيه؟ ، لأ بقولك أيه فوق انا ساعدتك إمبارح بمزاجي مش معنى كدا إنك تصدق القرابة اللي بينا والجو دا..فرك عينيه بيديه ليحاول الأفاقة، فقال بضيقٍ:في أيه على الصبح، هو أنا هركب كاميرات أشوف بيها تحركاتي وأنا نايم..هز كتفيه بدون مبالاة:.وماله ركب ياخويا ولا أقولك انت تنام على الأرض وأنا على السرير..تمدد مروان على الفراش بتكاسل:والله انت اللي منزعج مش أنا يبقى تنام على الأرض...وسرعان ما غفلت عينيه فدفع الوسادة بوجهه بغضبٍ:مش بكلمك أنا عامل نفسك نايم ليه؟.كاد بأن يجيبه بوقاحة ولكنه توقف حينما إستمعوا لطرقاتٍ خافتة على باب الغرفة ليخرج صوتها الرقيق من خلفه:فارس..أسرع بفتح الباب ليجدها تقف أمامه بفستانها الأزرق وحجابها الأسود، إبتسم بهيامٍ إنقطع بصراخها الغريب فتفاجئ بأنه يقف أمامها بصدراً عاري، ركض لخزانته ثم جذب القميص وكاد بأرتدائه ولكنه عاد ليقف أمامها عاري الصدر من جديد ليسألها بفضول:هو مش أحنا كتبنا الكتاب ولا انا بنسى؟أجابته منة بغضبٍ:فارس!.إرتدى القميص بنظراتٍ متعصبة والأخر يكبت الضحكات التي إنسابت رغماً عنه فقال بمشاكسة:.أيوه كدا إستري نفسك يا بيضة لتأخدي برد..تعالت ضحكات منة فرمقها فارس بغضب لتسحب ضحكتها واشارت له بخوفٍ من نظراته:هستناك تحت متتأخرش عشان عندي محاضرة..غادرت سريعاً فأنسحبت النظرات تجاه مروان ليغلق الباب من خلفها ثم توجه ليجذبه بقوةٍ من ملابسه، فقال وهو يجز على أسنانه بغضب:قولتلك ألف مرة متتدخلش بيني وبينها، أنت بتفهم بأنهي لغة؟.حرر قبضته، ليدفع يديه بقوة بعيداً عنه ليبتسم بسخرية:.بالأنجلش..تماسك فارس بصعوبة وتحرك تجاه الخزانة لينقي ما يناسبه حتى لا يتأخر عليها...صممت حنين على مراد بأن يخرجها لأي مكان منعزل عن القصر لتكون لجواره بمفردهما، فوعدها بأنه سيخرج معها بالمساء لأي مكان تختاره هي، فظلت جوار الخزانة أغلب يومها لإنتقاء ما يناسبها ليجعلها مميزة هذة الليلة..بغرفة سلمى..وضعت طبق الكعك الذي أعدته على الكومود المجاور ل سارة، فهي تحاول بشتى الطرق أن تحدثها ولو قليلاً ولكن الاخرى لا تسمح لها بذلك، تصنعت بأنها تقرأ احد الكتب حتى تتهرب من حديثها اليومي، تطلعت لها سلمى ببسمة هادئة لتقول وهي واقفة محلها:على فكرة أي حد مكانك كان هيعمل كدا وأكتر...رفعت سارة عينيها تجاهها بأستغرابٍ، فأسترسلت حديثها:.انا عارفة أن جان غلط بس صدقيني هو ندم جداً وعلى فكرة كان على علاقة بالبنت دي من قبل ما خالد يعرفها..خلعت سارة نظارتها لتشير لها بذهولٍ:انتِ إزاي قاعدة قدامي وبتعترفيلي إنه كان على علاقة ببنت وقادرة تكملي معاه!.لاحت بسمة لطيفة على وجهها لتخبرها بكلماتٍ مختصرة:اي شاب عنده ماضي، الصادق في علاقته معاكي هو اللي هيقولك الصغيرة قبل الكبيرة..وخرجت من الغرفة لتتركها صافنة للغاية بما قالته....وضع الطعام من أمامهم، فجلس على مقدمة الطاولة عباس صفوان ولجواره يامن الذي يحدج شقيقته بنظراتٍ غريبة، عبثت بطعامها بأهمال وكأنها تتصنع بتناوله، تقززها مما وضع أمامها جعلها تكبت انفها بصعوبة، إستمرت بمقاومة شعورها بالغيثان ولكنه تمكن منها بنهاية الأمر، فركضت للمرحاض لتستفرغ ما بجوفها ليلحق بها عباس بخوفٍ اما يامن فظل محله يتطلع للفراغ بنظراتٍ واجمة، تنم عن تفكيره المخيف بأمرها!...حل المساء ومازال يتجول بسيارته وهي لجواره، تشعر بأحساسٍ غريب يغزو قلبها، وكأنه بدأ بالإعتياد على وجوده لجوارها رغم أنه لم يمر سوى يومٍ تقرب به لها، ولكن قلبها تعرف على حبيبه المسبق....إنتظرها مراد بالأسفل بملل، تطلع لساعته للمرة التي لم يذكر عددها، زفر بغضب قتل لحظة رؤياها تهبط الدرج الخارجي بفستانها البنفسج الفضفاض الذي منحه إحساس وكأنها تزف برحيق الورود الخالص، قطعت المسافة فيما بينهما لتقف امامه ومازال يتطلع لها كالأبله، رفعت يدها لتشير له أمام عينيه بغرور:مش هتفتحلي الباب..لم يفهم كلماتها الا حينما هزت رأسها تجاه باب السيارة فتحرك تجاهه ليفتحه لها ببسمة زادت من وسامته القاتلة ببذلته الفاخرة، صعد لجوارها ليمنحها نظرة متفحصة عن قرب، هامساً بمكر:أيه رأيك نقضي الليلة دي بره القصر، في أوتيل مثلاً..ضيقت عينيها بخبث:أمممم، لو السهرة عجبتني أفكر..ثم أشارت له بضيقٍ وهي تتفحص ساعته الذي قدمها لها منذ بداية تعرفهما ولم تخلعها قط:ياريت تتحرك بقى عشان وقتي..رفع حاجبيه بسخرية:شايفك بتبتدي تقلديني ولا دا مجرد تخمين!.عدلت من حجابها بتعجرف:وليه لا..حذرها بلهجته الخشنة عن تعمد:حنين..قالت ببعض الخوف:بحاول اتعلم من بعض ما عندكم لو يضايقك خلاص خد راحتك أنا متفرغة مش ورايا حاجة...هز رأسه بعدم تصديق وهو يحرك مكابح السيارة:مجنونة..كبتت بسماتها وهي تتابع ضيقه بفرحة وضحكة تلاشت حينما وجدته يراقبها بمرآة السيارة فبدت ثابتة بعض الشيء ولكنه يعلم ما الذي تخطط له..أسندها عباس بلهفة:أنتِ كويسة يا حبيبتي؟.حاولت أن تستقيم بوقفتها ولكنها لم تستطيع فسقطت مغشي عليها أسفل قدميه، حاول أن يحملها ولكنه لم يستطيع فصرخ بهلع:يــــــامـن..ترك مقعده ليتوجه إليهم فحملها لغرفتها ثم طلب الطبيب الذي سيفشي بحقيقة مصيرها مغلق بمفتاحٍ مخفي بيدها!.خطفت النظرات إليه والأخر يدعو إنشغاله بالقيادة، إقتربت منه ببسمة رقيقة لتضع رأسها على كتفيه، إبتسم مراد وتابع قيادته بتركيز بالطريق فوجودها لجواره يعد خطراً بحادث أليم، ضيق عينيه بذهولٍ حينما وجد عدد من السيارات تتابعه، تنقلت نظراته للمرآة الأمامية فقال بثبات:حنين إنزلي تحت..لم تتفهم كلماته الا حينما دفعها بيديه أسفل قدميه وخاصة حينما ضُرب عليه طلقات نارية، صرخت حنين بخوفٍ وهو يحاول التحكم بسرعة سيارته، توقف الطلق الناري فجأة بعد أن اخبره كبيره بأنه يخشى أن تتأذي حنين، نعم سيقتلها ولكن حينما يحصل على توقعها على تنازلها بكافة أملاكها...بمهارة عالية تفادي مراد الإصطدام بالسيارتين ليسرع بقيادته، وإذ فجأة تخرج سيارة من العدم لتقطع طريقه، بكت حنين برعب، ففتح مراد تابلو السيارة ليخرج سلاحه من داخلها، ثم أشار لها بحزم:مهما حصل اوعي تخرجي من العربية فاهمه؟.تمسكت به بدموعٍ تغزو كالسيل:أنت رايح فين؟، هيقتلوك..لم يمتلك وقتٍ لمجاريتها بالحديث، فبسرعة كبيرة تفادى ذراعيها ليخرج من السيارة ثم اغلقها أتوماتكياً، إنخرط حوله كتل من التجمعات لتبدأ بينهما معركة دامية غير متساوية الاطراف، منع بها مراد أحداً من الوصول للسيارة مهما كلف الامر، أما بالداخل رجف جسدها من شدة البكاء تشاهد ما يحدث من زجاج النافذة، بقلبٍ يكاد يتوقف وهي ترأه يصارع تسعة من الرجال، أطلق مراد النيران على ثلاثة منهما ثم تشابك بالأذراع مع الباقي منهما، لكم أحدهم بقوة حتى غاب عن الوعي، فقرب الاخر منه مدته (مطواة) ليجرح ذراعيه، تألم مراد من جرح يديه ولكنه تجاهله ليقيد حركة ذراعيه ثم قربها من صدره ليطعنه اكثر من طعنة أدت لمصراعه، إستغل الأخر إنشغاله وجذب جسد حديدي من صندوق السيارة خاص بتبديل العجلات ليهوي بها على رأس مراد أكثر من مرة، تساقطت الدماء من رأسه بغزارة فسقط أرضاً بألم يتغلب على رأسه فيشعره بدوارٍ حاد، صرخت حنين بقهرٍ وهي ترى الدماء تنساب من رأسه بدون توقف، تحرك كلاهما تجاه السيارة فتوقف أحداهما حينما تمسك مراد بقدميه فمازال يحاول الدفاع عنها حتى وهو على مشارف الموت، كاد بالتغلب عليهم وخاصة بعد القضاء على أغلبهم فلم يتبقى سوى إثنين منهما ولكن خانه هذا الضعيف الذي عرف قدر نفسه ففاجئه من الخلف، حاول ان يحرر قدميه من قبضة الجوكر فجذب رفيقه الأداة ليهوى بها على كتفيه بقوة جعلته يفقد الوعي نهائياً، ومن ثم تحرك للسيارة ليكسر زجاجها بقوة بعد أن حاول فتحها ثم جذب حنين بالقوة لتصرخ بفزع بأسمه ولكن تلك المرة لم يجيبها، سحبوها بالقوة للسيارة المجاورة لجسد مراد فتشبت به صارخة بجنون:.مراد..دمائه وسكون حركته جعلت حقيقة كونه قتل تزف لقلبها التعيس فتمسكت به ببكاءٍ حارق:متسبنيش...سحبوها بالقوة تجاه السيارة رغم حركات جسدها العنيفة، فتطلعت من الشرفة لتصرخ بأخر أمل لديها:مـــــــــــــــــراد....دفعها الأخر للداخل ليقود السيارة من يجلس بالأمام سريعاً، خشية من تدخل حرس رحيم زيدان بالأمر فينتهي بهم الحال جوار من قتلوا جوار مراد ؛ ولكنهم تناسوا تماماً بأنهم من حفروا مقابرهم بأيدهم حينما تجرأوا بما فعلوه فأن كان الجوكر يلاقي مصيره فمازال الأسطورة على قيد الحياة!..
رواية همسات بقلم العشاق الجزء الثالث من الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمد الفصل الخامسشعاع الضوء يغادر مقلتيه ببطءٍ، وكأنه يودعه برسائل الظلام الراحل ليسكن بداخل أعماقه، صوتها الخافت يداعب مسمعه فيطرق بقوةٍ لعله يستجيب لندائها، غيوم شديدة السواد جابت عينيه لتستحوذ عليه تدريجياً، شعر بحركة هزت جسده وكأن هناك من يحمله ليضع برفق بسيارة تحركت سريعاً وكأنها بسباق قاسي للبقاء على قيد الحياة، إزدادت العتمة شيئاً فشيء فتزداد معها قوة الألم الذي يخترق رأسه، إنقطع الطريق ليشعر بجسده المحمول على سرير متحرك ومن ثم إخترق عالمه صوتٍ يعرفه جيداً، ليردد إسمه بحزنٍ شديد، فما كان سوى صوت رحيم الذي أوقفهم قبل الدخول لغرفة العمليات، فأنحنى مقابله ليناديه بغضبٍ شديد:.مراد، متقلقش أنا موجود...ردد بصوتٍ يكاد يكون مسموع، وكأنه يسلم مسؤولية حمايتها إليه:حنين، ح، ن، ي، ن...أخر حرف تفوه به ليسود من بعده ظلام لا نور له، غاب عن الوعي بشكلٍ مفجع، جعل الأطباء يدفعون السرير المتحرك تجاه غرفة العمليات دون سماع المزيد من تعليمات رحيم زيدان التي قد تودي بحياة الجوكر الشبه منتهية...أغلقت الممرضات الباب من خلفهم، ليبقى هو بالخارج، عينيه الزيتوتية التي تحاولت للهيب ناري متركزة على الباب المغلق من أمامه، أصابعه إنطبقت على بعضها البعض بقوة مخيفة، تراجع رحيم بخطواته للخلف ليعود بالبركان الثائر، توجه لسيارته بسرعة كبيرة، فكاد حازم بالصعود، ولكنه توقف حينما وضع رحيم يديه على كتفيه قائلاً بحزم:مش عايز حد معايا..إعترض حازم حديثه بذهول:بس آآ...رفع عينيه ليسلط نظراته عليه ليبتلع باقي كلماته بخوفٍ شديد، صعد لسيارته ليقودها كالبركان بعدما أخبره بتعليماته المشددة بأعادة مراد للقصر بعد خروجه من العمليات وتوفير الرعاية الطبية له بأحد الغرف مع توفير حراسة مشددة على غرفته لحين الإنتهاء من هذا اللعين الذي فتح الطرق للقصاص منه بالدرب الذي سيسلكه رحيم...بشتى الطرق حاول الأطباء إيقاف النزيق لإنقاذه، مىت الساعات ومازال كلاً منهم يبذل قصارى جهده حتى إستعاد مراد وعيه تدريجياً لتبدو حالته مستقرة على مدار ساعتين كاملين، نفذ حازم تعليمات رحيم وبالفعل تم نقل مراد سريعاً للقصر رغم تحذيرات الأطباء الشديدة عن خطورة حالته ولكن لم يستمع لهم أحداً، فكانوا موكلين بمهامٍ معينة وعليهم التنفيذ...وضعه حازم بمساعدة بعض الحرس على فراش بغرفة الطابق الأسفل من القصر، ليحاوطه عدد من الأطباء، يعملون بجد على أن تظل حالته مستقرة...زف الخبر بأرجاء القصر، فساد الحزن على بعض الوجوه، والبعض منهم لم تمهد علاقتهم بها رابطة قوية، وكالعادة إنهارت شجن من البكاء بأحضان نجلاء خوفاً عليها، فالحقيقة المأكدة للجميع بأنه حينما سيحصل على توقيعها سيقضي عليها...ساعتين كاملتين قضاهم رحيم بالبحث عن هذا الوغد إلى أن توصل أخيراً لمكانه، وقف رحيم أمام البناء الخارجي الذي يحتمي بداخله اللعين ورجاله، يدرسه جيداً قبل أن يخطو أول خطوته، خطوة ذكاء تحسب إليه، لا يقتحم مكان لا يعرف مداخله ومخارجه جيداً...كان الظلام يستحوذ على معظم المكان، رائحة الخوف القابع بداخلها يكاد يتسرب إلى من يحاوطها، يدها كانت مقيدة بقوة حتى فمها كمم بلاصق قوي جعل صوتها غير مسموع، دموعها فقط هي التي تنساب على وجهها بدون توقف، تراقب من يقف على البار القديم بنهاية الردهة المطولة، يتناول كأسه بتلذذ عجيب وكأنه أقدم على ثروة كاملة، أردات من قلبها أن ينهي ما سيفعله بالحال فالإنتظار يقتلها أكثر مما ستلاقاه من عذابٍ مكتوب، إنتظاره إنتهى بإشارة الرجل الذي دلف من الخارج ليؤكد له بأنه أوصل العلبة المغلقة لقصر رحيم زيدان بل وحرص على أن تصل محتواها لرحيم بذاته، لا يعلم بأنه بنفس ذات المكان يقلب أخر جزء من مخططاته ضده فكما يقال الظهور الأخير للبطل وليس الرابح!.بقصر رحيم زيدان...أوصل الحارس العلبة المغلقة لسليم فقام بفتح محتواها ليجد جهاز حاسوب غريب الشكل، فتحه ليجد بث مباشر من مكانٍ مجهول المصدر، أسرع للجهاز الموضوع بالردهة ليوصل محتوياته بالأخر لينطلق الصوت بالأرجاء وبصورةٍ أكثر وضوح جذبت إنتباه الجميع فوقفوا ليتابعوا ما يحدث..حينما حصل على إشارة بأنه بث من داخل قصره شرع بتنفيذ إنتقامه لمقتل أشقائه وليكوت تذكاراً أبدي ووصمة عار لمن إختاره عمه ليكون حماية لإبنته، سُلطت الكاميرات على وجه عماد، فرفع كأس الخمر مقابلها ثم دخن سجاره بتلذذ ليشرع بالحديث المتبختر:أوه، أسف أنا عارف إنك مشغول بدفن جثة أخوك بس حبيت أوريك أجمل جزء من القصة اللي لسه منتهتش..وأشار لرجاله بتسليط الكامبرات عليها، هوت دمعاتها المختنقة وهي تحاول أن تبتلع تلك الغصة المؤلمة، جذبها أحدهم من حجابها بقوةٍ كبيرة ليلقيها أسفل أقدامه، حرر عماد فمها ليجعلها تصرخ بصوتٍ مسموع فيستلذ ما يفعله...كبتت شجن صراخاتها وهي تراقب ما يحدث بجسداً مرتجف، هوت دمعات يارا بصدمة من عدم سيطرة القانون على حقيراً هكذا، أما ريم و سارة فأدمعت أعينهم لما يروا حتى الفتيات جميعاً تمنوا لو ان تتخلص مما هي به، صاح ريان بغضبٍ شديد:مين الحيوان دا وإزاي عمل كل دا؟!أجابه سليم بحدة وعينيه على شاشة العرض:أياً كان أكيد هو اللي ورا اللي حصل لمراد...سأل آدم بأستغراب:رحيم فين؟!.أجابه مروان بيقين:إختفائه كارثة لوحدها...إنطلقت صراخات حنين بصوتٍ جزع القلوب وأرعش جسد الفتيات زعراً، صرخ جان بغضبٍ لا مثيل له:يعني أيه هنقف نتفرج كدا!.أجابه فارس بعصبية وعرقه يكاد ينفجر غيظاً لرؤية هذا الحقير يفرض قوته على فتاة عاجزة:وأيه اللي بأيدينا نعمله احنا لا نعرف مكانه ولا نقدر نتحرك...أكد سليم على حديثه بوجومٍ شديد:دا بث مباشر لما نتحرك هيكون خلص كل حاجة..على بكاء شجن فتواسلت بصوتها المرتجف:يارب...ثم قالت بأنكسار:.حنين متستحقش كل دا..ورفعت يدها على آذنيها تكبت صوت صراخ حنين الذي يمزق قلبها ومثلما يمزق قلب القابع على بعد مسافة صغيرة منهما، فتح عينيه وهو يجاهد الأغماء، صوتها القوي إستحضره من درب الموت الذي سلكه رغماً عنه.حنين..خرج إسمها واضحاً بصوته، نهض عن فراشه ليزيح عن جسده النبض والسلك العالق بصدره ليجاهد للوقوف، خرج يستند على الحائط ليصل بصعوبة لباب الغرفة المقابل لشاشة العرض ليفتك بما تبقى بفؤاده حينما رأى بعينيه حبيبته وهي تصارع بين يدي هذا اللعين الذي يجبرها على توقيع الأوراق من أمامها..بكت حنين وصوتها يجاهد بالخروج:أنت عايز مني أيه سبني في حالي..أجابها ببسمة تعج بالشرار المخيف:.متقلقيش مش هتدخل في حياتك تاني لإنها هتنتهي بعد ما توقعي على العقد دا..تراجعت برأسها للخلف برعبٍ جلي، فقرب منها الورقة والقلم لتضع توقيعها، دفعتهم بعيداً عنها لتصرخ بقوة:مش هوقع حاجة...تعلم جيداً بأنها إن وضعت توقيعها سيقتلها بدمٍ بارد إذاً فليفعل ذلك الآن ليتحسر على ذاته دون أن يطول شيئاً من ممتلكاتها ربما ستحصل على إنتقامٍ سريع بتلك الحالة، تطلع عماد للأوراق الملاقاة أرضاً ليسحب نظراته المخيفة عليها ومن ثم هوى على وجنتها بصفعات متتالية ليجذبها بقوة كبيرة لتقف أمامه صارخاً بوجهها بشماتة:لا هتمضي يا حلوة مهو خلاص اللي كنتي بتتحامي فيه خلاص بح...تو تو حساباتك غلط أو تقدر تقول كالعادة غبي، تفتكر إنك تقدر تأخد خطوة زي دي وحد فينا عايش!.صوتٍ مدها بشعور الأمان المفقود، تحركت عينيها تجاه صوته الذي إخترق قاعته السوداء، سلطت الأسلحة تجاه الصوت القادم من الظلم ليخرج للنور من أمام اعينهم، ردد عماد ببسمة ساخرة وهو يتفقد من أتى لمساعدته:رحيم زيدان!، أول مرة تمشي من غير حرس...رسمت بسمة طفيفة على جانبي شفتيه ليجيبه بثباتٍ:يمكن حبيت أموت على أيدك...إبتسم بترحاب ليشير بعينيه لرجاله، فحاوطوه من جميع الإتجاهات وفي غمض البصر إنطفئ الضوء ليعم الظلام المكان من حولهم، أخرج عماد سلاحه بخوف ثم جذب حنين ليثبت السلاح على رقبتها ويتفحص الطريق من حوله بخوف دب بقلبه، فشل الرجال بالتعرف على بعضهم بالظلام الا من عاش رفيق به فدربت قواه على التعامل والرؤية مهما كانت درجاته، إنتشالهم بسرعة كبيرة وكأنه شبحٍ مخيف، شغل عماد ضوء هاتفه ليجد أكثر من نصف رجاله أرضاً وكأن هناك عاصفة رملية إبتلعتهم، جذب الأوراق وتراجع بها للخلف فحاوطه الرجال بشكل مستطيل ليأمنوا حمايته، وضع السلاح على رأسها ليأمرها بغضب:.إمضي...إبتلعت ريقها بصعوبة بالغة ولكن لا تنكر شعورها الضئيل بالآمان لوجود رحيم، جذبت الورق ودونت توقعيها عليه فجذب الأوراق ثم سلط عليها السلاح ببسمة نصر فتكت بهجوم رحيم على رجاله، إشتبك مع من يحاولون حمايته ليحاول الوصول إليه، رأى مراد أمام عينيه ما يحدث فشعر بجسده يكاد يرتخي كلياً ليستند على الباب بضعف..إنقطع بث الكاميرا التي كان يحملها الحارس لتعود بعد قليل بعد أن إنتقلت للكاميرات الموضوعه بالمكان بأكمله ومثبتة بالأسطح، عاد بصراخٍ عاصف..رحيــــــــــــــــم...صرخت حنين بأسمه رعباً بعدما حاوطها رجلين ذو أجساد ضخمة، تراجعت للخلف برعبٍ وهي ترى أحداهما يشير بنصل سكينه ليقربها منها حتى يفتك بها، أغلقت عينيها بأستسلام لمصيرها المحتوم فأذا بالدماء تلامس وجهها، فتحت عينيها بصدمه حينما رأت رحيم أمامها، يمرر سكينه على رقبة هذا اللعين ويلكم الأخر حتى سقط غارقاً بدمائه، إرتعبت من رؤيته كذلك، ليأتي من خلفه رجلاً أخر لكمه ليستحوذ على رأسه فشل حركته إستعداداً لكسرها، إنتبه رحيم لنظرات حنين إليه فأشار لها بأن تستدير لتنصاع إليه...أنهى فعلته ثم جذبها ليهرول بها سريعاً خلف هذا الحائط بنهاية الرواق، وضعت يدها على رأسها بألم جراء لكمة إبن عمها القاسية، جلست على الارض بأستسلام والدموع تستحوذ عليها كلما تذكرت ما حدث لمراد أمام عينيها، شعر بها رحيم فوقف يراقب الطريق قائلاً دون النظر إليها حتى يشتت تفكيرها:مش عايزة تعرفي مراد عمل أيه قبل ما يدخل العمليات؟..نهضت عن الأرض بلهفة وهي تجفف دمعاتها:عمل أيه؟!.شعر بحركة خافته تقترب منه فتسلل ببراعة ليجد من يختبئ خلف الحائط، مستخدماً سلاحه ليصوبه تجاههم، عاد لمحله من جديد ليملأ سلاحه بالذخيرة وعيناه تراقب الطريق جيداً:كان بيردد إسمك بطريقة مجنونة لواحد بيواجه الموت..إبتسمت بحزن به لتعود ذكريات ما حدث أمام عينيها وهي ترأه يفقد واعيه تدريجياً، وضع كاتم الصوت بسلاحه ليجذبها برفق، وقفوا خلف أحد الحوائط ليستكمل حديثه وعيناه على الطريق:عايزة ترجعيله؟.أجابته دون تردد:أكيد...إستدار إليها ببسمة تعج بالشر:يبقى متركزيش معايا وتنفذي كل اللي أطلبه منك بالحرف، تمام؟..أشارت إليه بخوف:تمام...ثم قالت ببعض المرح:طيب مش محتاج مساعده...أخرج سلاحه أمام عينيها ببسمة خبث:أعتقد أن هما اللي محتاجين...تذكرت ما فعله منذ وصوله فلوت فمها بتهكم:على رأيك...وإتبعته مثلما أشار إليها، يعلم بأنه سيواجه المخاطر للخروج بها من هنا وخاصة بوجود الكاميرات بكل المبنى فكانت تساعدهم على الوصول إليهم كلما تنقلوا للأسفل..حاصرهم مجموعة من رجال عماد ليحاصروا رحيم بعدما تجمعوا من حوله ليصنعوا بينه وبين حنين حاجز ليقترب منها أحداهما بسلاحه لينفذ تعليمات رئيسه بالقضاء عليها، تراجعت للخلف بخوف لتحاول أن تتذكر تعليمات مراد إليها في كيفية إتخاذ وضعية الدفاع، وبالفعل تمكنت من صد جميع ضرباته، تمكن رحيم من التغلب على بعضهم بأستخدام السلاح الأبيض ليقف جوارها ليراها مازالت بوضعية الدفاع، لكم الرجل بغضب شديد فكلما حاول الوصول إليها تشكل أمامه أحداهم ليمنعه فقال بأستهزأ:.برافو يا حنين بس لو فضلتي بالوضعية دي كتير هتشرفي بالقبر النهاردة...صدت لكمته بصعوبة لتجيب رحيم بأرهاق:يعني أعمل أيه؟أجابها بذهول:أهجمي مستانيه أيه!.صدت أخر لكماته لتصرخ برحيم بغضب:مراد معلمنيش غير كدا...أخرج سلاحه ليفتك بهم وبمن يقف أمامها قائلاً ببسمه تسلية:أوعدك لو خرجنا من هنا على رجلينا هعلمك أنا أزاي تهجمي علي عدوك وتستنزفي قوته...إبتلعت ريقها بصدمه لتشير له برعب:رحيم..يعلم ما تراه فكان بخطته المصون، إبتسم بمكر وهو يتأملها حتى إنه لم يكلف ذاته عناء التطلع لما ترأه، إستحوذ الخوف عليها فبكت قائلة بصوت مرتجف وهى ترى ما يحدث خلفه:أنا مش عايزة أموت، أنا حامل..ثم قالت بإستيعاب لما تعرضت له من عنفٍ شديد وبذلته من مجهود مفرط لتتفحص بطنها بجنون:حامل!.بترت كلماتها حينما تمسك بيدها قائلاً بنظرات ثابتة تطوفها الثقة التي تغلبت على مفاجأتها الغريبة:إهدي...أشارت له بأنفعال ليتطلع خلفه فشدد على كلماته:قولتلك أهدي...أشارت له بذهول لتكف عن البكاء وتقف محلها بصمت، رفع عماد يديه ليصفق بهما بدوي متتاليه ليستدير على مسمعها رحيم ليجده يقف أمام عيناه ومن خلفه عدد من الرجال المسلحين، تأمل وجهه الذي ينزف بغزارة جراء لكمات رحيم له فأبتسم بغرور، لاحظ نظراته فأشار له بغضب وهو يأشر بسلاحه بوجهه:نهايتك هتكون معاها والله أعلم يمكن تحصل أخوك..إبتسم رحيم بثبات عجيب وكأن كلماته لم تعنيه من الاساس، تخبأت حنين خلف رحيم بخوف بعدما إقترب عماد منهم قائلاً بنظرات كره:لو فاكر أني غبي زي عادل أخويا وهتقدروا عليا تبقوا أغبيه..ثم قال وهو يشير بفوه سلاحه تجاهه:بس أنا هديك فرصة، أحنا مفيش بينا عداء أنت طول عمرك أنت وأخوك بتكرهوا بعض وفرصتك جيت لحدك، أخرج من هنا وسيبها وأنا هعتبرك صديق..ترك رحيم محله ليقف أمامه وجهاً لوجه، مبتسم بثقة زرعت الإرتباك بمن يقف أمامه:أنا هخرج من هنا وحنين معايا وشوف هتوقفني إزاي؟.تعالت ضحكاته بشر وهو يتأمل عيناه فأبتسم رحيم وهو يشير له على رجاله:مش حابب تودعهم..لم يفهم كلماته الا حينما دوي صوت قنبلة نارية ليتطاير أشلائهم بالمكان، جذب رحيم حنين بعيداً حتى تتفادي هذا الانفجار الخطير والاخر يقف محله بذهول وهو يتأمل ما يحدث من أمامه بصدمة وصدمة أخري حينما رأي أعين رحيم من أمامه!..ما حدث أمام أعينهم جعلهم بصدمه وذهول مما يحدث أمامهم على شاشة العرض، وخاصة مراد وهو يستمع لما قالته حنين عن حملها المفاجئ ومن ناحية أخرى وهو يرى رحيم يواجه كل تلك المخاطر لاجل معشوقته، اما شجن فشعرت بشيئاً غامض لا ينسب للوصف بشيء، عاد تسجيل الفيديو ليوضح باقي أجزائه بتوضيح لمخاطرة جديدة خاضها رحيم مجدداً حينما جذب السلاح الموضوع أرضاً ليضعه على مقدمة رأس من يتطلع له بصدمة، ليهدده بالضغط على الزناد فأخرج الأوراق التي وقعتها حنين فقال ببسمته الشيطانية:.كنت اتمنى أخلص عليك بأيدي بس في شخص أحق مني بدا..وهوى بطرف سلاحه على وجهه ليسقط فاقداً للوعي فجذبه ليضعه بالسيارة ثم عاد ليجذب حنين المتخشب جسدها على الحائط، تتطلع للدماء المغطاة للأرض كالبحر الذي يحاول إبتلعها، أشار لها بهدوء:يلا هنخرج من هنا...تطلعت له تارة وللدماء من حولها تارة أخرى، وكأنها تحاول إستيعاب ما يحدث حولها، جذب يدها ليجبرها على إتباعه للخارج، فأتبعته كالطفل الصغير الذي لا يعرف طريق العودة، توقفت قدميها عن الحركة حينما تمسك أحداً بقدميها، فتطلعت لجوارها لتجده أحد رجال إبن عمها يحاول التشبث بأي شيء، رأته مبتور الأقدام جراء القنبلة، إرتجف جسدها فلم تحتمل ما تراه لتسقط فاقدة للوعي، فأسندها رحيم ليخرج من أعماق هذا الجحيم رابحاً كالعادة ولكنه ربما ربح شيئاً أخر أغلى من ذلك وليكن قلب أحداهما!..