logo



أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 6 من 19 < 1 11 12 13 14 15 16 17 19 > الأخيرة



look/images/icons/i1.gif رواية الجوكر والأسطورة نثرات الروح والهوى
  21-10-2021 08:44 مساءً   [40]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 23-09-2021
رقم العضوية : 90
المشاركات : 1272
الجنس :
قوة السمعة : 10
رواية الجوكر والأسطورة الجزء الثاني للكاتبة آية محمد الفصل العشرون والأخير( وعشقها ذو القلب المتبلد )بغرفة "جان"...جلس كلاً منهما على طرف الفراش إلى أن حمل "ريان" الأغطية والوسادة ليضعهما أرضاً ثم تمدد عليهما بعيداً عنه حتى لا يتمكن من رؤيته فيصيبه نوبة من الجنون،راقبه "جان" بحزن يكتسح معالم وجهه من كان يصدق بأن من كان بيوماً أقرب صديق إليه هو من ينفر منه إلى هذا الحد...تمدد "جان" على الفراش ليغلق عينيه بأستسلام تام لنوماً يهاجمه بعد ليل قضاه بعناء الفكر بما فعلته أمه، خطف "ريان" نظرة سريعة إليه وبداخله حالة من عدم الرضا لما يرأه من إستسلام سابق عن معاده، جذب هاتفه ليحاول التواصل لسارة فمرت أكثر من ساعة وهي مختفية عن عينيه، ظن ببدأ الأمر بأنها تتجول بالقصر أو ربما بغرفتها ولكن هاتفها المغلق زرع القلق بقلبه فخرج ليتأكد من أنها على ما يرام...بغرفة "فارس" ....تقلب يساراً ويميناً بأنزعاج والأخر يزفر بغضب ليرفع الغطاء عن وجهه:_هتفضل تتقلب كدا كتير؟!!!..رفع "مروان" الغطاء عن وجهه هو الأخر قائلاً بغيظ:_براحتي ولو مش عجبك نام على الأرض...تمدد "فارس" محله ببسمة برود:_دا بعدك لو حابب أنت معنديش مانع...إشتعلت عينيه بالنيران الخطيرة وخاصة بوجوده بمكان واحد مع هذا المختل، فكلما رأي أحداهما الأخر تصبح هناك مشاكل لا حصر لها...جذب "مروان" الغطاء بأكمله ليصبح "فارس" بدون فجذب "فارس" الغطاء بالقوة ليصبح الأخر دونه لتشن الحروب فيما بينهما على الغطاء حتى غفل كلا منهما ففتح "مروان" عينيه ببطء ليتأكد من غفلة الأخر فدفشه بقدميه عن الفراش ببسمة تعج بالشر...تسللت من الخارج على أطراف قدميها، وجهها مخطوف ويطغوه اللون الأصفر وكأنها قتلت قتيل منذ قليل، ولجت "سارة" لداخل القصر برجفة تسري بجميع أنحاء جسدها، كانت تتحرك ببطء وبحذر وبيديها تحتضن حقيبتها الصغيرة بطريقة مثيرة للشكوك وكأنها تحمل كنزاً ثمين لا تريد لأحداً رؤياه، صعدت الدرج حتى وصلت للغرفة التي تفترض أنها لها، كادت بفتح باب الغرفة ولكنها تخشبت محلها حينما إستمعت إليه..._"سارة"..نادها "ريان" وهو يرأها تتسلل لغرفتها بخوف وبحذر زرع الشك بقلبه، تمسكت بحقيبتها جيداً وهو تحاول بلع ريقها الجاف بصعوبة بالغة فأستدارت لتكون مقابله، تأمل ملابسها بأستغراب فقال وهو يشير لها بذهول:_كنتِ فين بالوقت دا؟!..تطلعت إليه مطولا وكأنها تبحث عن إجابة لسؤاله بعيداً عما يخطر بذهنها فقالت بأرتباك:_كنت مخنوقة شوية فنزلت أتمشى...وكادت بالدخول للغرفة ليوقفها بشك:_مخنوقة من أيه؟!..تمسكت بحقيبتها بخوف من أن يرى ما تحمله فحاولت ضبط إنفعالاتها لتستدير لتقابله من جديد ببسمة هادئة:_مفيش يا حبيبي أنا بس لسه مش أخده على المكان هنا فنزلت أتمشى شوية مش أكتر..تطلع لها بنظرات تفحص فقال بهدوء ليحاول أن يستدرج عما يحدث معها:_طيب تعالي ننزل نتمشى بالعربية شوية.._لأ مش هينفع...قالتها متسرعة وكأنها فقدت القدرة على لسانها،شعرت بالحرج لصراخها المبالغ به فقالت بهدوء:_أنا بس راجعة تعبان من المشي فخليها بكرا...شعر بأن بها شيء مختلف لا يعلمه وكأنه يخرج للمرة الأولى،أشار لها بهدوء بعدما طبع قبلة صغيرة على رأسها:_تمام، إستريحي ونتكلم بكرا..وكأنه قدم لها تصريح بالحياة فأخذت تتنفس بصورة منتظمة وعينيها تلمعان بغموض...خرج للشرفة حينما شعر بالضجر بهذا الوقت المتأخر من الليل،داعب الهواء العليل خصلات شعره الطويل لتسقطه على عينيه لتزيد من جمال وجهه ورونق جديد لشخصيته المزعجة...إقترب من السور ليقف بسكون عجيب واضعاً كلتا يديه بجيب جاكيته الرياضي ليتأمل الحدائق من أمامه بصمت، برودة الجو بالفترة المسائية وخاصة بالشتاء لم تعنيه بالكثير بعد فترة طويلة من التمارين فكان يقف بأسترخاء وكأنه بجو يكسوه الشوب والحرارة وكالنسمة العليلة كلما أتت بذكراها عليه لتسكن بزيتونية عينيه ليداثر طيفها بحنان، إبتسم "رحيم" بخفة وهو يستمع للشيء النابض بقوة بداخل صدره الصلب ليؤكد له بأنه مازال على قيد الحياة لأجلها هي،إستند بجسده على السور ليشرد بشرفتها المجاورة إليه ولكن سرعان ما إنتفض بوقفته حينما رأها غافلة على المقعد الصغير بشرفتها!!..تراقص خصلات شعرها الطويل إنصياع لنغمات الهواء البارد فتمرد على وجهها تارة وخلفها تارة أخرى، خملت رأسها حتي فلتت فعاونتها على إستعادة واعيها بعدما كادت بالسقوط،لتستعيد واعيها وهي تفرك عيناها،أغلقت شالها الصوف على صدرها حينما شعرت ببرودة الجو لتنهض عن المقعد وتتأمل الحديقة من أمامها،إستدارت تجاه غرفته فوجدته يقف بمنتصفها ويتأملها بنظرات ثابتة،إزدادت دق القلب فتفحصت حجابها بأرتباك وضيق من وجوده هنا وكأنه يخترق خصوصايتها عمداً،سحب نظراته عنها ليغادر من أمامها بهدوء،ولج لغرفته ثم أسدل سيتاره ليجلس بالداخل على المكتب القريب من فراشه جاذباً الحاسوب من أمامه ليلهي ذاته بالعمل..أما بالخارج...تأملت طيف مغادرته للمكان بمشاعر مضطربه وكأنها تشعر بالضجر لأنسحابه المفاجئ أو لتحاشيه الحديث معها،تتذكر بأنه حطم البار الخاص به لأجلها ولكنها لم تحمسه بأي من الكلمات فكل ما تفعله هى التطلع إليه بطريقة تجعله يلعن حياته ويقرر الأبتعاد عنها،لوهلة شعرت بالضيق لقلة حديثه معها كالمعتاد فكادت بالدخول لغرفتها متجاهلة إياه كالعادة ولكنها توقفت أمام باب الشرفة بأرتباك لتسحب خطواتها الثقيلة تجاه غرفته وكأنها تمشي لعدة أميال...وقفت أمام الستار تتأمل طيفه البادي لها من خلفها لتجده يعمل بتركيز،تنحنحت لتلفت إنتباهه ولكنه لم يستمع إليها فطرقت على باب الشرفة المفتوح لينتبه إليها!!..رفع عينيه بصعوبة عن حاسوبه وهو يحاول أن يكذب حدثه وما يستمع إليه حتى تلك الوهلة،رفع عينيه ببطء وبثبات رهيب لكونه حلم بشع إنتهى فور رؤياها أمامه!!،"شجن" خاصته تطرق باب غرفته!....نهض عن محله بصدمة وهو يتأملها،أما هو فوضعت يديها بجوارها بأرتباك ثم خطت للداخل بخطوات محسوبة وكأنها تقيس خطواتها للخارج فور حدوث شيئاً سيء،إقترب ليقف على مسافة حذرة منها حتى لا يشعرها بالخوف وكأنه وحش مفترس يقترب من عصفوراً صغيراً ويمنحه الأمال بكونه ليس كطبيعته المفروضة،عبثت بأصابعها لدقائق لتتحدث أخيراً قائلة بأرتباك وهي تتطلع لها متحاشية النظر بزيتونية عينيه:_أنا......آآآ...يعني أنت نفذت كلامي إمبارح وإتخلصت من الخمرة وسمحتلي أخرج مع "حنين" النهاردة فكنت جاية يعني عشان أقولك...آآآ....يعني أنا ....وتنفست بصعوبة وكأنها تهاجم أفكارها المزدحمة لتلخصها بكلمة بسيطة:_شكراً....حل أخر وثاق تمسك به ليتحكم بزمام أموره،تطلع لها بعدم تصديق لما يستمع إليه ويرأه أمام عينيه حتى وإن كانت تتهرب من نظراته ولكنها بالنهاية من طرقت بابه مهلاً هل يعني ذلك بأنها بغرفته حقاً؟!....وضعت عينيها أرضاً بأرتباك من ثباته وصمته المحجور بثقة شخصيته المهيبة لتستدير قائلة بخيبة أمل:_تصبح على خير..._إستني...قالها بلهفة حينما رأها تكاد تغادر جحيمه الذي تحول لجنة فور دخولها إليه،إستدارت ببطء وإرتباك فبداخلها لا تنكر بأشتياقها لسماع صوته المميز الحامل لأعترافات من القوة،بدى وكأنه بحيرة من أمره مما سيقوله ولكنه هاجم ذاته ليخرج صوته الهادئ:_جيبتلك حاجة وأنا راجع من بره..ضيقت عينيها بأرتباك فأعادت شعرها لخلف أذنيها بتوتر:_حاجة أيه؟!..إبتسم وهو يتشبع بتأملها فما يحدث من أمامه يصعب وصفه ولكن عليه إستغلال لحظاته جيداً،أشار لها "رحيم" بحذر على الأريكة:_أقعدي هنا وأنا ثواني وراجع.....وقفت محلها لدقائق وهي تتأمل المكان الذي يشير إليه بتوتر أنهته بخطوات تقدمه وتؤاخرها حتى جلست على أطرافه بقلق،إبتسم بسعادة تخترق قلبه قبل وجهه لينسحب من الغرفة بأكملها مستخدماً الدرج ليهبط للخارج حتى وصل لسيارته ففتحها ليحضر ما إحتفظ به هناك لأجلها...بقيت الغرفة فارغة بها فحاولت السيطرة عما يتمكن منها من خوف مبالغ فيه،نهضت لتغادر الغرفة ولكنها توقفت رغماً عنها،تقدمت لتستكشف جناحه الخاص بنظرة متفحصة حيث وجدت الغرفة يحدها الأنارة الخفيفة والذوق الرفيع،فراش ضخم للغاية ولجواره كوماد طويل باللون الفضي،خزانة عملاقة على شكل غرفة كاملة تحوى ملابسه ومتعلقاته الشخصية،غرفة واسعة للغاية تحوي أجهزة رياضية معقدة التركيب وكأنه يعد ذاته لبطولة عالمية صعبة المنال!!..على يسارها وجدت السراحة وعليها بعضاً من العطور الخاصة به وما يخصه من ساعات فخمة للغاية،طافت عينيها على صندوق أسود اللون يتوسطها بشكلاً ملفت وكأنه يحمل جواهر ثمينة!!..إقتربت منه بطريقة لا أرادية لتفتحه بفضول وخاصة لكبر حجمة،وجدته يحوى عدد من الازرار الباهظة التى بدت لها بأنها كالتراث،جابت نظراتها طول الصندوق بأشمئزاز من الثراء المبالغ به لحبيب عاش حياة بسيطة للغاية،وقعت عينيها على،جزءاً من الصندوق يحتفظ به بصندوق أخر صغير،أخرجته "شجن" لتلقي نظرة بداخله ولكن رسمت البسمات على وجهها بسعادة بأن ما يخص طفولتلها إحتفظ به بصندوق ثمين هكذا،حتى ما دونته على الأوراق..عملت الصاروخ الورقي بين يدها ودمعات السعادة تهوي دون توقف حينما تذكرت كيف كان تصالحه حينما كان يغضب من تصرفاتها...تذكرت كيف كان يتعمد الجلوس بالشرفة المجاورة لها يداعي بأنه يذاكر دروسه وكلما حاولت أن تتحدث معه لا يجيبها فكانت تقص من كشكولها ورقة وتكتب عليها أسفة ثم تصنع منها على شكل صاروخ وتلقيها علي من يجلس بشرفة بيته جوارها،إحتضنت "شجن" الورقة بحنان لطفولتها مع "فريد" من أحببته بشغف وبصدق..أزاحت دمعات عينيها فكل ما يحمله الصندوق يرتبط بذكريات عتيقة،رأت طيفه بالمرآة وهو يقف خلفها بسكون ونظرات عشق تغمرها فرحة وأمل لعودتهم،وضعت الصندوق من يدها لتغلقه سريعاً قائلة بأرتباك وحرج:_أسفه...حاولت لم الأغراض لتضعهما بالصندوق فسقطت الورقة التى تحوي كلماتها أسفل قدميه فأسرعت "شجن" لتلتقطها ثم نهضت لتكون أمامه مباشرة دون إنتباه منها،وقفت أمامه كالبلهاء فكانت قد أخبرته مسبقاً بأن ما تكرهه به عينيه التى تذكرها بماضيها بأكمله،تلك العينين التي لا تدعها تتنفس بحرية فكأنها تضيق عليها المكان لتحجرها بحقيقة "فريد"!..تطلعت للورقة بين يدها ولعينيه بشرود لترسم بسمة خفيفة على وجهها فكأن ورقتها تعبر عما قالته منذ قليل،تراجعت للخلف لتضعها بمحلها ثم أسرعت بخطواتها الأشبه للركض للعودة لغرفتها.._مش عايزة تشوفي جبتلك أيه؟...قالها وهو يتأملها كلما إبتعدت عنه مسافة فأخرى لتتوقف محلها بأنفاس مضطربه من وجودها هنا حتى أنها عنفت ذاتها لمجيئها،إستدارت لتكون بمحاذاته فأخرج من خلفه علبة كبيرة باللون الزهري جعلتها تبتسم وهي تردد بسعادة:_غزل البنات!!...وإقتربت منه لتلتقط العلبة بفرحة أنستاها بأن من يقف أمامها الشيطان المزعوم بلقبها"رحيم زيدان"...جلست على الأريكة بحماس لفتح العلبة ثم أخرجت محتواها لتتناولها بشغف وسعادة جعلت قلبه يطرب وهو يقف محله بهدوء يخشى الأقتراب فتبتعد هي،يكفي بأنها هي من تقترب منه بأرادتها،يكفي بأنها تمنحه الفرص فرصة خلف الأخرى...مذاقها الشهي جعل سعادتها تتضاعف وكأنها تحمل نوعاً خاص بعيداً عما كان يصنع،حملت العلبة ثم توجهت للخروج ثم إستدارت لتبتسم له برقة جعلت عينيها تشع ببريق ساحر:_هشكرك بكرا بصنية الرقاق اللي بتحبها...تصبح على خير..وحملت العلبة كأنها كنزاً ثمين منه وغادرت لغرفتها...رغم بساطة هديته حتى بعدما أحضر لها الجواهر والثياب الفاخمة ولكن أبسطها أعجبها فالسعادة أحياناً تكمن بأبسط الأشياء....جلس على المقعد من أمامه بقلب كاد يشق صدره بقوة ليخرج عن مكانه،ما يحدث كان من المحال تصديقه وجودها وحديثها وبسمتها لا أمراً يصعب تصديقه،أخبرته بأنها ستعد له الطعام حقاً،مرت عدة أعوام على تناوله مثل هذا الطعام فيكتفي بطعام صحي غني بالخضروات لحماية جسده وصحته جيداً ولكنه يشعر بأنه سيلتهم ما ستحضره وإن كان غير ناضج فليذهب نظامه المثالي للحفاظ على جسده للجحيم،عانقته السعادة والفرحة يوماً فجعلته كالملك...بحثت عنه بالجناح بأكمله بأنزعاج من إختفاءه المتكرر بدون ترك أي أثر خلفه،حملت هاتفها وطلبته وكعادته يتركه بالجناح...جلست "حنين" على الفراش بتذمر فرفعت يدها لتحرر حجابها، توقفت عما تفعله وتطلعت لمعصمها ببسمة مكر حينما وقعت عيناها على الساعة التى قدمها إليه، ضغطت على الزر الجانبي فأضاءت باللون الأحمر لتعطي إنذار بسيط...بغرفته الرياضية....توقف عن الركض على جهاز (الماشية) حينما أطلقت ساعته إنذار محدثة لون أحمر خفيف، إبتسم الجوكر بخبث فخفف من سرعة الجهاز حتى توقف تماماً فجذب المنشفة ليجفف قطرات العرق المبتلة على جبينه وذراعيه، ثم رفع ساعة يديه ليضغط على الزر الجانبي قائلاً بمكر:_شايفك إشتقت لي! ..تمرد الخجل على وجهها حينما إستمعت لكلماته الجريئة فقالت بهدوء مخادع:_أنت فين؟!...جلس على المقعد واضعاً قدماً فوق الأخرى بغرور:_زي ما قدىتي ترسليني عن طريق الساعة تقدري بيها توصليلي يا روحي..وأطفأ الزر ليعلو وجهه إبتسامة تسلية ليرى هل ستتمكن من إتباعه....بغرفة "منة"..كانت تتابعها بنظرات مميتة وهى تتحدث بالهاتف مع"سليم" فما أن أنهت "ريم" حديثها حتى قالت بأستغراب:_هو أنتِ ليه بتبصيلي على أني ضرتك!...ضيقت "منة" عينيها بسخرية:_معتش غيرك أنتِ اللي تكوني ضرة ليا...أغلقت عينيها بقوة وهي تتذكر تعليمات "سليم" إليها ورجائه باللي تتشاجر معها مجدداً فقالت بأبتسامة رسمتها بصعوبة:_طيب خلينا نتكلم بهدوء،أنتِ ليه مش بتحبيني؟..لوت "منة" فمها بسخط وهي تتطلع لها مطولا:_لأني بحس أنك متكبرة جداً وواخده في نفسك مقلب كدا...تعالت ضحكات "ريم" وهى تستمع لمعلومات عنها لم تستمع لها من قبل فتحكمت بذاتها بصعوبة بالغة:_بالعكس والله الطبع دا مش فيا...ثم قالت ببسمة هادئة وهي تجلس أمامها على الفراش:_طيب أيه رأيك تديني فرصة،يعني نعرف بعض أكتر يمكن أقدر أغير نظرتك ليا....ها قولتي أيه؟...تطلعت لها مطولا لتعيد تفكيرها ثم قالت بعد فترة من الصمت:_أوكي،هنشوف..إبتسمت ٠"ريم" بسعادة ولكنها تلاشت حينما قالت "منة" بتحذير:_بس لوقت أما أشوف دا أنت في حالك وأنا في حالي يعني يا نحلة لتقرصيني ولا عاوزة منك عسل...وجذبت الغطاء ثم تمددت مشيرة لها بالأبتعاد قائلة بضيق:_عن أذنك بقى كدا عشان ننام..تطلعت لها "ريم" بذهول من أمثالها العجيبة وشخصيتها الاغرب لتعلم بأن رحلة معانأتها بدأت منذ الحين...حينما ضمن بأن الجميع بغرفهم تسلل برفق لغرفتها بالأعلى، يحتفظ بالقبعة السوداء على رأسه فكانت تمنحه بطالة خاصة من الكبرياء،طرق على باب غرفتها برفق ثم ولج للداخل سريعاً....فتحت الضوء الخافت المجاور لها لترى من ولج لغرفتها بهذا الوقت المتأخر من الليل،إبتسمت "نجلاء" حينما رأت "طلعت" يجلس على المقعد المجاور لفراشها،قالت وهى تعدل من ثيابها:_أنت هنا من أمته؟!..إبتسم "طلعت" وهو يتأملها بنظرة هائمة:_مش هتفرق المهم أني جانبك...رغم تقدمها بالسن الا أن الحياء لم يترك المرأة الا حينما تتوفاها المنية،راقبها ببسمة تزين وجهه فأخيراً إجتمعى بعد فراق مرير....تفحصت الطريق من خلفه بخوف من أن يرأه أحداً فقال بضحكة صاحبة حديثه:_معشتش الأيام دي في مراهقتي...باغتها سؤالا يلحقها منذ أن إلتقت به فقالت بغيرة تفوح من لهجتها:_ولا حتى مع مراتك؟!..لم تتبدل بسمته بل إزدادت وهو يشم رائحه الغيرة تفوح من عينيها فربت على يديها بحنان:_أنتِ عارفة كويس أنا حبيتك أد أيه يا "نجلاء" فمفيش داعي أقولك أن عيوني مشفتش غيرك..أخفت فرحتها بنجاح لتستكمل حديثه الفضولي مدعية الهدوء:_طيب أنت قولتلي أن أبوك الله يرحمه كان عايز يجوزك من بنت عمك بس أنت إتجوزت واحدة تانية!!..تعالت ضحكاته بعدم تصديق لما تسأل عنه من رفود الماضي فقال بصعوبة بالحديث:_مهو بصراحه لما لقيته مصمم أني إتجوز من بنت غنية محبتش أدبس في بنت عمي فنقيت غيرها والضمان أنها من الطبقة المطلوبة...سحبت يدها منه بغضب من حديثه فتمسك بها مجدداً قائلاً:_ليه بتفتحي في دفاتر عدى عليها سنين أحنا في النهاردة اللي أنتِ معايا فيه يا "نجلاء"...إبتسمت رغماً عنها على كلماته المعسولة التى تنجح بأطفاء شعلات الماضي بضوءها القوي...وصلت"حنين" للصالة الخاصة بالرياضة،بحثت عنه مطولا حتى وحدته يقف أمامها مرتدياً ملابسه الرياضية فجعلته بمظهر جذاب للغاية،إقتربت منه بضيق من تصرفاته فقال ببسمة ثابتة وهو يتأمل تعابير وجهها:_وصلتي...لوت شفتيها بأستنكار:_وحضرتك مكنتش عايزاني أوصلك ولا أيه...جذبها إليه بصورة مفاجئه ليقربها إليه والأخرى تتطلع له بعدم تصديق،حرر حجابها لينسدل خصلات شعرها الحريري فأعاد بعضاً منه خلف آذنيها قائلاً بهمساً ساحر:_مش كنتِ حابه تتعلمي إزاي تدافعي عن نفسك؟!..أشارت له بصعوبة وهى تتطلع لبحر عينيه الأزرق،تمسك بيدها ليلبسها ما يلزم للملاكمة ثم رفع يديه أمام وجهها مشيراً لها بعينيه،لم تفهم ما يود قوله ولكنها تفهمت إشاراته فبدأت بلكمه بقوة والأخر يسد لكماتها ببراءة ليعلمها بعضاً من فنون الدفاع عن الذات...مر الليل بأكمله عليها ومازالت تجلس على مقعدها الهزاز،ترأه أمام عينيها كلما حاولت النوم،يتردد كلماته عن حبيبته إليها، يقف أمامها ويخبرها بأنه سيتزوج بها لدواعي أخلاقيه ولكن روحه وقلبه وكيانه ملك لريم الفتاة التى صرح بعشقها لها...تسللت أشعة الشمس من نافذة غرفتها لتسقط على وجهها لتحاول إخماد الحقد النابع من قلبها،كفت "هنا" عن الاهتزاز بمقعدها لتقسم على تدمير العلاقة التي يفتخر بها "سليم" بمن تدعى ريم،أعدت الخطط لتفرق بينهما،متنازلة عن باقي كلماته وتحذيره الواضح إليها فربما سترى بعينيها صدق كلماته...فتح "فارس" عينيه بتكاسل ليفزع حينما رأى ذاته يغفل أرضاً،إستدار تجاه الفراش بغضب جامح إزداد أضعافاً حينما رأه يجلس على الفراش ويرتشف قهوته قائلاً ببرود:_أتمنى تكون الليلة بأحضان الأرض عجبتك..نهض "فارس" ليجذبه بغضب:_أنت اللي زقتني؟..إبتسم "مروان" بسخرية وهو يتطلع للغرفة بأستنكار:_هو في حد تاني معانا هنا أكيد أنا اللي عملتها...جز على أسنانه وهو يتطلع له بتوعد:_ماشي أصبر عليا بس...إرتشف القهوة ببسمة ساخرة:_وأنا حيلتي غيره..حمل "فارس" حقييته ليضعها على الفراش ليخرج منها ما يناسب لأرتدائه متعمداً أن تلامس الطرف الأخر من الحقيبة اقدام "مروان" فأنسكبت القهوة على قدميه ليصرخ بألم فأبتسم الأخر بأنتصار ليحذب منشفته وملابسه متوجهاً لحمام الغرفة فأستدار قائلاً ببسمة إنتصار:_متنساش تعقم الجرح..وأغلق الباب بوجهه والأخر يشتعل غضباً بعدما صارت النتيجة تعادل فيما بينهما...فتح عينيه بصعوبة على طرقات الباب الخافتة،نهض "جان" عن الفراش ليلقي نظرة تفحص على الغرفة وبالاخص مكان "ريان" فلم يجده بالغرفة بأكملها...تحرك تجاه الباب ليرى من الطارق ولكنه لم يجد أحداً بالخارج،كاد بأغلاق باب الغرفة ولكنه تفاجأ بظرف أبيض مطوي موضوع أمام باب غرفته،إلتقطه بأستغراب حتى أنه تفحص الخارج جيداً وحينما لم يجد أحداً ولج للداخل ليمزق الظرف فتجمد محله بصدمة حينما رأى صورة لرفيق دربه "خالد"،لمعت عيناه بالدموع قلبه ألم إخترق اضلاعه حينما عاد لتذكر ما حدث من جديد..قلب الصورة ليجد كتابات مسطرة عليها بالحبر الأسود"قتلت مرة وتقدر تقتل ألف مرة بس خليك فاكر أن ذنبه وقصته منتهتش"...ألقى الصورة من يديه على الفراش ليردد بغضب:_"ريااان"..وأبدل ثيابه ليجذب الصورة بعصبية وهبط للأسفل ليبحث عنه بغضب جامح فأكثر ما يكرهه هو عدم المواجهة فأن كان يريد قول شيئاً لما لا يقوله بوجهه مباشرة!!!..بغرفة" نجلاء "...نهض"طلعت" من جوارها بهدوء ثم خرج ليذهب من القصر بسرعة بعدما نسى ذاته وغلبه النوم لساعات متأخرة من النهار فخشى أن يرأه أحداً...هبط الدرج وهو يستدير خلفه بتراقب حتى وصل للباب المجاور للدرج،تصنم محله بصدمة حينما رأى من تتأمله بصدمة وعدم تصديق لما ترأه فردد بصدمة:_"نغم"!!!...وجده أخيراً يجلس على المائدة جوار "مراد" ومقابله يجلس "سليم" وباقي الشباب،لم يهتم كثيراً لوجود الجميع فجذب "جان" مقعد "ريان" ليوقفه أمام عينيه مشيراً له بما يحمله بغضب جامح:_فهمني أيه دااا؟!...جذب "ريان" معصمه من يديه بغضب ليدفعه بعيداً عنه:_جرب تمسكني حد تاني ومتلمش الا روحك...نهض "سليم" عن الطاولة ليقف أمامهم محاولا تهدئة الأمور فيما بينهما أما "مراد" فأكمل تناول طعامه ببرود مخيف لكلاً منهما..صرخ به "جان" بعصبية وهو يريه الكتابة خلف الصورة:_بطل شغل الجبن دا لو عايز تواجهني أنا أدامك لو حابب تقولي حاجة قولهالي في وشي بس بلاش تستخدم الطريقة الرخيصة دي...ضيق "ريان" عينيه بأستغراب وهو يلتقط الصورة الملقاة أرضاً أسفل قدميه:_طريقة أيه دي،أنت بتتكلم عن أيه؟!..تطلع "ريان" للصورة بذهول بينما أكمل "جان" حديثه بغضب:_قولتلك بلاش تستخدم الطريقة الرخيصه دي معايا أنا واثق أن أنت اللي بعتلي الصورة دي...إنكمشت ملامح "ريان" بصدمة تفوق ما رأه أضعافاً وهو يتطلع لمن تقف خلف "جان" بصدمة حاملة لسلاح ومصوبة تجاهه،إستدار "جان" تجاه ما يتطلع إليه ليتخشب محله من الصدمة هو الأخر،صرخ بها "ريان" بصدنة وهو يحاول الأقتراب منها بحذر:_"سارة"...لأ...لم تعيره إنتباهاً فكانت نظرات الكره تجاه هذا الشخص تقبع بعينيها وهي ترى أنتقام أخيها ينهش بعظامها ولكن ترى هل سيكون حافز قوي لشد الزناد تجاه هذا الشخص أم أنها ستستمع لنداء معشوقها أم لطرف ثالث غامض سيتداخل لحل الأمر فيما بينهما!...تمت


look/images/icons/i1.gif رواية الجوكر والأسطورة نثرات الروح والهوى
  21-10-2021 08:47 مساءً   [41]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 23-09-2021
رقم العضوية : 90
المشاركات : 1272
الجنس :
قوة السمعة : 10
رواية همسات بقلم العشاق الجزء الثالث من الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمدتقديم الجوكر والأسطورة الجزء الثالثترى ما المُخبأ لحنين وما الرابط الذي سيربطها برحيم زيدان؟!نقاط ضعف الجوكر والاسطورة تتركز بقلوبهم ترى من العدو الذكي الذي سيستغل ذلك جيداً وترى كيف سيكون نهايته؟هل إنتهت العداوة بين شباب عائلة "زيدان" بجمعهم تحت سقف واحد أم أن المشاكسة والعداء مستمر فيما بينهما؟هل سيتمكن سليم من حل الأمر بمفرده أم أنه سيكون عليه الاختيار؟!حياة جديدة وقصة جديدة بانضمام بطل وُلِدَ على يد إحداهن ترى من سيكون؟!..انتظروا أقوى أحداث أجزاء سلسلة الجوكر والأسطورة الجزء الثالث بعنوان همسات بقلم العشاق.اقتباس من الرواية_رحــــــــــــــــــيم... لأ....صرخ "مراد" بصوتٍ محتقن بالأهات وهو يرى ما يحدث إليه،تعالت ضحكات "عمران" الساخرة وهو يرى بعينيه معجزة تتحقق بخوف "مراد" ولهفته الزائدة على ألد أعدائه "رحيم زيدان"،جذب السكين الموضوع على الطاولة ليقترب من"رحيم" الفاقد للوعي بتسلية تتراقص بعينيه،شدد بيديه على شعره الغزير ليرفع رأسه إليه متفحصاً عروقه ثم تطلع لمراد الذي يسبه بأبشع الشتائم ليقول ساخراً:_مش معقول بعد كل دا ولسه عايش..تحرك مراد بجنون وهو يحاول حل وثاقه أو قطع الأحبال السميكة عن جسده ليلتهمه حياً فقال بعينين مخيفتان:_لو باقي على حياتك أخرج من هنا على رجليك...إبتسم "عمران" بذهول من القوة التي مازال يتحدث بها رغم قيود يديه،ترك "رحيم" محله ليشير لرجاله بخبث:_دورك جاي متقلقش بس الأول أخلص من اللي عيلتك كلها بتعمله حساب..وجذب البنزين من يد رجاله ليلقيه علي "رحيم" الغارق بدمائه،بكى "طلعت" وهو يرى إبنه ملقي أرضاً كالجثة الهامدة والأخر يحوم حوله بهلاك يحمله بيديه فقال برجاء:_"عمران" عدواتك معايا أنا مش مع أولادي...رمقه بنظرة تفوح بالغل وإستكمل ما يفعله غير عابئ به،تمردت "شجن" بجنون وهي ترى ما يحدث بمحبوبها،أرادت الصراخ ولكن فمها المكمم أعاق حركاتها،دمعاتها كانت ثائرة وحركات جسدها تحرك الأحبال بقوة وهى تحاول الصراخ،إنتبه لها "عمران" فغمز بعينيه للحارس قائلاً بسخرية:_حرام نفرق بين العشاق خاليهم يودعوا الدنيا مع بعض جايز لقائهم فوق يكون أحسن من الأرض..أنصاعوا إليه فحلوا وثاقها وأزاحوا الرباط من على فمها فصرخت بصوتها كله:_رحـــــــــــــــــــــــــــيم....دفعها عمران بالقوة عليه فهزت جسده بجنون والدموع تشق وجهها بنيران العشق المكلوم،إمتلأت ثيابها بالبنزين ولكنها لم تعبأ بشيء سواه هو،بكت حنين بتأثر وهي ترأها هكذا والأصعب حينما شعل "عمران" ولاعته ليقربها منهم ببسمة مكر، رفع "مراد" ذاته عالياً ليحل وثاق يديه بعد أن نجح بأنعكاس حركات الحبال بمهارة إكتسبها بالتدريب الشاق،رأه عمران فأسرع تجاه رحيم ليضرم النيران بعدوه الشرس فأن ضاعت تلك الفرصة من يديه لن سيتمكن من القضاء عليه أبداً،أغلقت شجن بأستسلام لموتة تضمها بين أحضان من أحببت...تخشبت يديه وهو يحاول تقريب النيران منها حتى هي طال عذابها وهي تنتظر الموت ففتحت عينيها لتجده يقف أمامها بعزة وكبرياء وفي أقل من الثانية مرر الخنجر الموضوع بجيب بنطال عمران هامساً جوار أذنيه بصوت متعب للغاية من إصابته الخطيرة:_مفيش مفر من موتك...وإنسابت الدماء من عنق هذا الحقير الذي جرأ على تحديه أولاً واللهو مع عائلته أمام عينيه وخاصة معشوقته...عودته أضرمت الذهول والصدمات للجميع فما أن تأكد من قتل هذا اللعين حتى خرت قواه فأستسلم للسقوط ولكن حال مراد بينه وبين الأرض ليسانده بقوة وكأنه يؤكد له بأن الطريق المفروض سيخطوه لجواره ولكن رحلات إنتقام الجوكر والاسطورة مازالت بالبداية !!!..رواية همسات بقلم العشاق الجزء الثالث من الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمد الفصل الأولالهدوء يغطي المكان بأكمله، صوت أنفاسها المتقطعة المصاحب بنظراتٍ متوترة يخفق من عينيها، الحيرة تسيطر عليها وكأنها وحشٍ مفترس ينهش أخر ما تبقى بقلبها الهزيل، صفعات تجلد روحها ما بين التباعد عن قتله وما بين الإضرام للقصاص من قاتل أخيها، خطواتٍ خافتة تقترب منها بحذر، ليقدم لها يديه قائلاً بلهجة سعى لجعلها أكثر حذراً بإنتقاء الكلمات المناسبة لتخضع له:سارة نزلي السلاح دا عشان خاطري...لم تنصاع لكلمات ريان المتوسلة، فاستطرد كلامه بعصبية شديدة:بلاش تضيعي نفسك عشان شخص ميستأهلش...الخوف من الموت هو أمراً محتوم، ورغم ذلك لم يشعر به من يقف أمام فوه السلاح بنظراتٍ غير عابئة بترحاب الموت، سئم من الحياة المرهقة بذكريات رفيق دربه الذي خسره نتيجة غروره الزائد وعناده المتسلط، ترقب تحرر أصابعها على زناد السلاح ليتخلص من حياته الذي أصابها اليأس وتأنيب الضمير المهلك، وكأنه كان يعبر طريق طويل بنفسٍ راضية، فتوقف بمنتصفه ليفق على أكبر عقبة بحياته، لم تكن بالحسبان، تسلل صوت بكائها لمسماعه وكأنها تطالبه بوعوده بالبقاء لجوارها، تطالبه بتنفيذ كل وعد قطعه لها بعد رحلة معاناتها هي الأخرى، استدار جان تجاه الصوت المرهف الذي إتلتقطه آذنيها، ليجدها تكبت شهقاتها بيدها، باكية بدمعات إستحوذت على تفكيره، وكأنه وجد سبب لتمسكه بالحياة!، وكأنه وجد ما يطالبه بالبقاء...سلمى محبوبة القلب وسُكنان الروح، أكسير حياته التي إختبرها الصبر مراراً وتكراراً، لوهلة إرتجف قلبه خشية من الموت بعدما كان يرحب به بصدراً رحب، فطلت من أمامه لتدفعه بعيداً عن طريقه المختار، تركزت نظرات جان عليها غير عابئ بمن تقف أمامه بسلاحٍ يكاد يخترق قلبه النابض بعشق من تقف على بعد خطوات منه، تتراقب ما يحدث بصراخ عصف ببكائها وتواسلاتها لها بالا تفعل ذلك، دموعها الصادقة إخترقت قلوب الفتيات جميعاً، حتى سليم حاول بقدر المستطاع أن يبعد جان عن الدرج حتى يتفادى الطلق الناري؛ ولكنها لم تسمح له بذلك، فكانت تصوب تجاهه بتصميم من قتله، نهض مراد عن طاولة الطعام بعد أن دفع مقعده بعصبية شديدة ليقترب من الدرج في محاولات مستميتة للسيطرة على حركات جسده التي تحكمه على التعامل مع هذا الوضع حينما يكون عرضة لصوب السلاح، أحكم على تفكيره بأنها إمرأة وأخلاقه تضع النساء والأطفال بخطوط لا يتعدها أبداً فلا يرفع يديه عليهن، وقف على مسافة معقولة منها قائلاً بثبات يخترق صوته الرجولي:.اللي بتعمليه دا غلط، ياريت تنزلي السلاح ونتكلم بالعقل...نقلت نظراتها العدوانية بالكد لتنقلها إليه، فأبتسمت بسخرية رغم تلألأ الدمعات بعينيها:الغلط دا هو اللي إرتكبه لما حرمني من أخويا الوحيد، أنا لو مقتلتوش الوقتي هعيش عمري كله في تأنيب ضمير...ومستانية أيه؟، إضغطي على الزناد وإقتليه...كلماتٍ تحررت لتخترق القاعة، فتعلقت العيون بالدرج ليطل صاحبها من خلفها، هبط رحيم للأسفل بخطواتٍ راسخة، تعج بالثقة عن كلماته التي تفوه بها متجاهلاً صدمات الجميع بما قاله، هبط ليقف على مقربة منها ليسترسل حديثه الغير مكتمل بلهجة حادة بعض الشيء:إضغطي...صرخ به ريان بصدمة:رحيم!..أشار له بيديه ليصمت فتراجع للخلف قليلاً بعد أن أبعده مراد بنفسه بعد أن فهم ما يود أخيه فعله ليحسم الأمر، تركزت نظرات الجميع عليه بخوفٍ، وبالأخص شجن التي بدت تزيل الأقفال العالقة بينهما، إرتجفت اصابعها بأرتباكٍ ملحوظ ودموعها تكاد تخترق وجهها من شدة بكائها، ربع رحيم يديه أمام صدره العريض ليشرع بقول:مش قادرة صح؟.نقلت نظراتها إليه بأهتمامٍ، فأبتسم ساخراً، ليهبط أخر الدرج الفاصل بينها وبينه، ليبدو قريباً فقال بأتزانٍ يصاحبه أينما كان:بصي وراكِ يا سارة...ضيقت عينيها بذهولٍ مما يحاول فعله، فظنت بأنه يحاول سحب السلاح من يدها، تباعدت عنه قليلاً ثم تطلعت خلفها مثلما أخبرها، فوجدت ريان يقف خلف الدرج ذو الطلاء الذهبي ومن جواره كانت تقف سلمى الفتاة الهادئة التي تشاركها غرفتها وزوجة اللعين الذي تحاول قتله، رأتها تبكي بقهر، إنكسار، خوف، ترقب، قرأت كل ذلك بنظراتها المسلطة عليهماهتقدري تتحملي تأنيب ضميرك من نحيتهم؟..جائها صوته القريب، فأنتفضت محلها بفزع، إستكمل رحيم كلماته بغموض يسكن بحدقتيه:مفيش حد بيختار حياته ولا موته، القدر هو اللي بيتحكم فينا هو اللي يحدد الطريق ونهايته، خاليكي على ثقة إن بموته مش هيكون رجوع لأخوكِ ولا راحة لعذابك بالعكس النظرة السريعة اللي أخدتيها دي هتلاحقك العمر كله ما بين تجربة شبيهه ليكِ وما بين ندم على أكتر شخص كنتِ تتمنى تقضي حياتك معاه...وتطلع للفراغ بنظراتٍ تحمل نوابع الألم بين طياتها ليستكمل ما قيل:أحياناً بنضطر ننسى جزء من ماضينا عشان نقدر نكمل مع الأشخاص اللي بنحبهم حتى لو هتكون تجربة مش منصفة للبعض لكن في النهاية بنحاول!.إخترقت كلماتها حواجز قلبها لتزيح عنها الغيمة السوداء، وكأنها القى عليها تعويذة بالأنتقام غير عابئة بمن حولها، تحررت أصابعها من حول السلاح، فسقط أرضاً من يدها، فأسرع ريان بأحتضانها ليبعدها بجسده عن الدرج، بل بعيداً عن أنظار الجميع، أما جان فلم يشعر بمن حوله، وكأنه كان يعد للرحيل الذي بخسه عنه القدر، شعر برائحتها تخترق أنفه فعانته لملامسة أرض الواقع، فأفاق على وجودها بين ذراعيه، شدد جان من إحتضانها بقوة كبيرة بعدما شعر بأنه من المحتمل أن ينفصل عنها بسببٍ خارج عن إرداته؛ ولكن كالعادة يترك رحيم أسبابٍ غامضة حول مساعدته الغريبة الذي يقدمها إليهم رغم تمرده الشديد تجاههم!.صدمة عصفت بكيانها وهي تحاول إستيعاب ما تستمع إليه، وخاصة حينما إنتهى طلعت من قص الجزء المتعلق بنجلاء، بداخلها صراع بين تقبل ما تستمع إليه، نعم لم تحبذ فكرة تواجدها بنفس ذات المكان؛ ولكنها كانت تعلل بأنها ستحتمل وخاصة بوفاة والدها الذي أصبح الآن مجرد سراب!.ترقبها بأهتمام لسماع ما ستقوله ولكنها إلتزمت بالصمت لفترة طويلة زرعت القلق بداخله، فسألها بشكلٍ مباشر:.مالك يا نغم، مش فرحانه إني عايش!..تعمقت نظراتها بعينيه، وكأنها تحسم إجابتها على سؤاله، ذاك الصمت بدى بحد ذاته غير محمس لسماع ما ستقول، إلتقطت أنفاسها بصعوبة بالغة وكأنها تهيئ لذاتها القادم فقالت:وأيه اللي هيفرحني وأنا هشوفك معاها بعيوني!..ونهضت عن الأريكة لترمقه بنظرة ساخرة:حقيقة إنك لسه عايش هتفرق مع اللي انت كنت خارج من أوضتها ومخبي علينا عشان تسبها هي وإبنها يتحكموا فينا كلنا...وتركته وكادت بالرحيل ولكنها توقفت حينما نهض عن مقعده ليشير لها بغضب:أيه الهبل اللي بتقوليه دا؟..قالت دون النظر إليه ومازالت تحجر دمعاتها عن الهبوط:الحقيقة يا طلعت بيه وأهي فرصة تحقق اللي كان نفسك فيه من زمان مهو خلاص اللي كانت عائق بينكم ماتت...وتركته وتخفت من أمام عينيه والأخر بصدمة من الجريمة البشعة التي ألقتها بحقه وبحق المرأة الوحيدة التي عشقها من صمام قلبه، نعم يعلم بأن نغم مختلفة كلياً عن ريم البريئة، يعلم بأنها شرسة وعنيدة مثل أخيها تماماً ولكنه لم يتوقع منها تلك الردود القاتلة بالنسبة إليه...أسندها حتى ولج لغرفتها، فاغلق بابها ليعاونها على الجلوس على المقعد المقابل للسراحة، جسدها بأكمله يرتجف وكانها كانت تقف أسفل المياه لمدة طويلة للغاية، جذب ريان احد المقاعد ليجلس مقابلها بصمتٍ طال لدقائق معدودة درس فيهما تعبيرات وجهها، مررت يدها على ذراعيها الباردة بحركاتٍ دائرية لعلها تمنح جسدها الحرارة اللازمة لتدفئته، توترها الزائد من مواجهته وخاصة بعد ما إرتكبته منذ قليل جعلها شاردة، مغيبة عن الواقع، متناسية تماماً وجوده أمامها!.إنتظرها لترفع وجهها فيرى عينيها؛ ولكنها لم تفعل، فقرب أصابعه من وجهها ليرفعه أمامه فرفعت عينيها تلقائياً تجاهه، إنسابت الدموع دون توقف وهي تقرأ ما دون بعينيه من عتاب طويل، أجبرت لسانها على قول:أنا معرفش عملت كدا إزاي، بس صدقني حاولت وف...ضم يديه لتحاوط وجهها، مقاطعاً إياها بهمسه الخافت المقابل لها:مش عايز أسمع حاجة...ورفع طرف حجابها الغير مهندم ليضعه على كتفيها ببسمة هادئة جعلتها بحيرة من أمره، تركزت نظراته بعينيها التي تخضع لسيطرته المفروضة، فتصبح كالأسيرة التي تتبع هوسه، ود لو إقترب منها مسافة تمكنه من تعبيره عما ينبض بداخل هذا الصدر؛ ولكنه يخشى على ذاته من فتنتها، تنهد بصوتٍ مسموع ليخبرها:اللي حصل من شوية دا رد فعل طبيعي بس أنا مش عايز أخسرك يا سارة...وردد بصعوبة وكأنه يحمل بصدره ما يؤلمه لذكر رفيقه:.خالد لما إتخذ قرار الإنتحار اعتقد إنه مكنش بسبب البنت دي ولا بسبب اللي عمله جان، لأنه مقدرش يتحمل إن صاحب عمره يفكر مجرد تفكير أنه يخونه بأي شكل من الأشكال...وإختنق الدمع بعينيه التي ترفض البوح به، من فرط غيرته عليهما:يمكن لو الزمن رجع تاني مكنش هيأخد القرار دا ويمكن مكنش عرف البنت دي لو عرف إنها هتكون نهاية للي بينه وبين جان..انتفضت من شدة البكاء بين أحضانه وهو يشدد بيديه ليقربها منه وكأنه يحاول إحتوائها بداخل روحه، وخز قلبه فتماسك بقوة إعتاد عليها لكونه رجلاً لم يعهد الضعف من قبل فقال وهو يمرر يديه على خصرها بحركاتٍ جعلتها تختبر شعوراً جديد يخترق عالمها الصغير:مش عايزك تفكري في فكرة الإنتقام من جان تاني أبداً وخاصة لأننا هنكون بمكان واحد..خرجت من أحضانه لتتطلع لعينيه بدهشة، فسألته بسخط:أنت خايف عليه؟.رسم بسمة ساخرة على طرفي شفتيه ليجيبها:تفتكري لو أنا خايف عليه أيه اللي يخليني على عداء معاه كل السنين دي؟!.أخفضت نظراتها أرضاً لتستكمل بكائها بقهر، مرر يديه على خصلات شعره بتماسك وكأنه يحاول الإحتفاظ بهذا الجزء المحظور لذاته أكبر فترة ممكنة؛ ولكنه الآن مجبر على البوح به ليمنعها من إرتكاب اي شيء أحمق قد يعرض حياتها للخطر فقال:تعرفي أن خالد قبل ما يموت طلب مني طلب...تطلعت له بأهتمامٍ، فأزاحت دمعاتها بيدها لتسأله بفصولٍ:طلب أيه؟.إزدرد حلقه المرير ليبلل شفتيه الجافة:طلب مني معقبش جان ولا أحمله ذنب إنتحاره وقالي ببساطة إنه مسامحه..وإبتسم بسخرية وهو يستكمل كلماته:تخيلي بعد كل دا ومش محمله ذنب موته!..منحته نظرة متعجبة لما قاله، فمرر يديه على مقدمة أنفه ليحاول جاهداً التحكم بأعصابه:.حاولت أعمل بكلامه بس مقدرتش أحقق غير نصه أني إتغاضيت عن عقابه بالموت بس إختارت العذاب المناسب ليه، لحد دلوقتي ميعرفش بالكلام دا وأكيد بيتعذب...أغلقت عينيها بدموعٍ حارقة لروحها قبل أن تطول وجهها، فهمست بصوتٍ يكاد يكون مسموع:كان نفسي يفضل جانبي، أنا ماليش حد غيره...شدد من إحتضان يدها بين لائحة يديه القوية ليصحح لها ما قالته، ليعلمها بأنه لجوارها ليست بمفردها مثلما تزعم، مالت برأسها على كتفيه فضم رأسه فوق رأسها لتسترخي تماماً بين أحضانه...أبت سلمى أن تتركه ولو لدقائق ينفرد بها بذاته، كان قريب من الموت ويفصلهما خطوتان، باتت بتلك الدقائق تخطط لطريقة تتخلص بها من ذاتها لتلحق به بعدما تأكدت بأنها ستفعلها وستضغط على زناد السلاح ليخترق رصاصه صدر محبوبها، حرر جان يدها التي تحاوطه برفق قائلاً بهدوء:أنا كويس يا سلمى، سيبني ..عادت لتتمسك به مجدداً، قائلة بنفي:لا مش هسيبك، أنا مقدرش أعيش لحظة من غيرك مش قادرة أتخيل أني كنت هخسرك...وقالت كلماتها الأخيرة ببكاءٍ حارق، خرج صوته المستسلم فقال بيأس:وهتفرق أيه مأنا كدا كدا ميت..إبتعدت عنه لتحدجه بنظرة غاضبة:أيه اللي بتقوله دا!.أجابها ببسمة حزينة ترسم على ثغره بالكاد:.الحقيقة يا سلمى أنا ميت من جوايا، كل اللي بيحصل حواليا خالاني فقدت شغفي في الحياة مبقاش في اللي يحببني فيها، فقدان أقرب صديق بسبب عنادي وكبرياء أعمى إني أكدب وأوافق على الأتهام البشع دا ببسمة غرور وكان نتيجته موت خالد وخسارة ريان، والوقتي تكملة للعذاب عايش معاه تحت سقف أوضة واحدة ومش قادر أقوله مالك ولا احكيله عن الحقيقة..ثم تنهد بتثاقل ليخرج ما يؤخز قلبه بعدما تعمق بعينيها:.حتى أمي بتحاول تبعدني بكل الطرق عن البني أدمة الوحيدة اللي حبتها، الحاجة الوحيدة النضيفة في حياتي...ونهض من جوارها ليقف مقابل شرفة القصر، يتطلع للحدائق من أمامه بنظرة يكسوها الحزن، إتبعته لتقف خلفه قائلة بصوتٍ منكسر:تعرف أيه اللي فكرت فيه وأنا شايفاك على بعد خطوة من الموت؟.استدار ليكون مقابلها، يرمقها بنظراتٍ مهتمة لمعرفة الأجابة على سؤالها الفضولي، اتكأت بيدها على حافة المزهرية التي يصل طولها لمنتصف كتفيها، ووضعت اليد الأخرى على موضع قلبها الذي يئن:كنت بفكر بالطريقة اللي هتخليني أحصلك بيها لو جرالك حاجة، أنت بتقول إن مفيش حاجة تعيش عشانها وأنا بقولك أنا فرصتك أن يكون ليك حياة...بسمة صغيرة رسمت على شفتي جان زادت من جمال وجهه الحزين، إقترب لتتقلص المسافة بينهما ليخبرها بصوته الهامس:أنتِ أكتر من فرصة يا سلمى، أنتِ الأمل الوحيد اللي بيأكدلي إني بني آدم وجوايا قلب، بينبض عشانك...تراقصت دقات قلبها المضطربة على ما إستمعت إليه من كلمات لملمت جرحها، اقترب منها كالمغيب، عينيه لا تغادر عنها، الشفتان ترتجف أمام الأخرى برجفة مثيرة تسرى بجسده، ترك لذاته دقائق ليروي حنين الشوق إليها ليتباعد سريعاً قبل أن يقذفه الطوفان لطريقٍ لم يختبره بعد..يشعر بأن هناك أمراً يخفيه عنه مراد ويحاول بقدر الإمكان إكتشاف هذا الأمر، جذب الحارس المقعد الخارجي ل رحيم زيدان ليجلس بالحديقة واضعاً قدماً فوق الأخرى ليشرد بفكره المخيف عن الأمر الغير مفهوم بسفر والدته وعودتها مع مراد بل وبموافقتها السريعة بالبقاء بالقصر وخاصة بالفترة المضطربة التي تمر بها العائلة!، هناك حلقة مفقودة لا يعلمها، نظاراته السوداء القاتمة كانت تخفي زيتونية عينيه من أشعة الشمس الحارقة، فمنحته طالة مرتبة لتكمل وسامته بصورة خاطفة للقلوب، إستند برأسه على ذراعيه ليميل قليلاً تجاه هذا الصوت الذي أصبح إدمان بالنسبة له، صوت خطواتها المتهدجة، رقيقة هي حتى بخطاها التي تلامس الأرض وكأنها تخشى عليها!.وجد شجن خاصته تقترب منه على إستحياء وأصابعها تعبث بفستانها الوردي لتخفف من حدة توترها الملحوظ، نهض عن مقعده ليستدير تجاهها بعدم تصديق، مهلاً هل تقترب منه بملأ إرادتها؟!..رفعت رأسها للأعلى قليلاً لتبدو أكثر ثباتاً، زفرت الهواء على مهلاً لتباغته بقول:الغدا جاهز...قالت كلماتها الخاطفة وأسرعت بالدخول من الباب الجانبي لمطبخ القصر، أما هو فبقى محله لثواني، يحاول ترتيب كلماتها بدهشة كبيرة تحتمه على عدم تصديق آذنيه، إتباعها رحيم ومازال يطرح الأفكار من أمامه بأحتمالية ما سيحدث، ولج للداخل ليجدها تحمل (صينية) مستديرة لتضعها على الطاولة المقابلة للمطبخ، فأقترب من المقعد ليجدها أعدت من الطعام ما أطيب وألذ، كان يظن بأنها ستعد الرقاق بقطع اللحم مثلما أخبرته بالأمس، جلس بهدوءٍ وعينيه تتنقل على الأطباق من أمامه ببسمة تشكلت على وجهه، جذبت أشجان أحد الأطباق لتضع له قطعة من المعكرونة الشهية وبعضٍ من قطع الدجاج المتبل بحرافية لطالما إمتلكتها من الصغر، قربت الطبق منه ولكنها لم تضعه أمامه فمازالت تخشاه، تحاول شكره بأبسط الطرق الممكنة بعد ما قدمه لها، جذب الطبق الموضوع على مسافة منه ليشرع بتناول طعامه بتلذذ عجيب، خالف نظامه اليومي من تناول واجبات صحية غنية بالخضروات للحفاظ على بنية جسده القوي، ولأجلها قد يخالف مئات القوانين والعقبات، شعر بأنه ليس يتناول مجرد طعام، بل تعويض عما صبره من أعوام فاقت التوقعات بتحليه بالصبر للقاء بها، إنتهى من تناول ما أمامه، فجذبت شجن قطع الرقاق الذي صنعته خصيصاً إليه لتضعه أمامه ببسمة تخشى أن تبديها...خطف نظرة إليها ليشرد بأيامٍ ماضت حينما كانت تحمل الطبق المفضل إليه لتحرص بأن يتناوله، قطع شروده صوت مراد الذي أتى من خلفه حينما هبط الدرج بعدما أبدل ثيابه ليتوجه للخروج فأقترب منه ليتفحص ما وضع أمامه بذهول:مش كنت إمبارح بتقول إن مالكش غير فى الأكل الصحي ولا أنا مش بقيت بركز!.وضع الملعقة من يديه ليجيبه بثبات ونظراته تحيط بها:أنا ليا في أي حاجة تعملها شجن...تسللت حمرة الخجل لوجهها، الآن تختبر شعوراً غريب بعيداً عن الخوف، شعوراً إختبرته من قبل ويعود الآن ليستحوذ عليها، إبتسم مراد على كلماته فغمز له بعيناه قائلاً بمكر:حقك...وأغلق جاكيته جيداً ليشير له بأصابعه:أشوفك بعدين...وتركه وتوجه للمغادرة والأخر يتابعه بنظراتٍ شك، فرفع هاتفه سريعاً ليقول دون السماع للطرف الأخر:وراه يا حازم..وأغلق الهاتف سريعاً، ليعود لتناول طعامه ولكن تلك المرة قرر الحديث:الأكل جميل تسلم أيدك...إكتفت بأشارة بسيطة إليه ثم بدأت بحمل الأطباق، فنهض رحيم ليحاول مساعدتها بحملهما، تلامست يديه معها حينما جذب نفس الطبق، فتراجعت للخلف بفزعٍ وكأن عقربة لدغتها، حتى أن الطبق الذي كانت تحمله سقط أرضاً لينكسر مصدراً صوتٍ مزعج، إبتلعت ريقها بأرتباكٍ وكادت بأن تنحني لتلملم المتحطم منه، أشار رحيم للخادم الذي أتى مسرعاً ثم قال:هو هينضفه..وبالفعل إنحنى الخادم ليلملم ما بقايا الزجاج المتناثر أما هي فأسرعت للمطبخ لتهرب من أمامه حتى تسنح لها الفرصة بألتقاط أنفاسها بعيداً عن قربه المقلق لها، إنسحب رحيم لمكتبه ببسمة صغيرة ترسم على جانبي شفتيه فمازال يؤمن بأن عليه الصعود للدرج على مهلاً ليفوز بها، إستند على مقعده بأسترخاء ليهمس بصوته المقبض:لسه الطريق طويل يا شجن..بغرفة يوسف...إبتسم آدم بسعادة وهو يستمع لحديثه عن رحلة كفاحه منذ أن بدى بالعمل وهو طفلاً صغير يا يتعدى السادسة عشر من عمره، شعر بسرعته بالحكم عليه بل إنه كسب صداقاته سريعاً بعد قضاء ليلة واحدة فقط!.قطع حديثهم المرح طرقات على باب الغرفة ففتح آدم الباب ليجد نغم في حالة لا ترثى لها، فولجت لتقف أمام زوجها لتهمس بصوتها الباكي:يوسف!.إنخلع قلبه حينما رأى عينيها المتورمة من أثر البكاء، إنسحب آدم للخارج قائلاً بلطف:أنا بره خدوا راحتكم..وتوجه للخارج ليترك لهما مساحة خاصة للحديث، ولكنه توقف محله بملامح واجمة حينما رأى سما من أمامه وعلى ما يبدو بأنها كانت متوجهة لغرفته هي الأخرى!..ولج مروان من الخارج يخفي ملامحه خلف نظارته السوداء الكبيرة وما أن تأكد بخلو الغرقة من عدوه الشريك حتى خلع نظارته ليلامس جروح عينيه بألم، وحقد ينبع بداخله لتحركه غريزته للإنتقام من هؤلاء اللعناء، خرج فارس من حمام الغرفة يرتدي منشفة حول خصره ليكمل إرتداء ملابسه بالخارج، فتفاجئ به يجلس على الفراش ويحاول تضميد جروح عينيه، إقترب ليقف أمامه فتفحص ما به بنظراتٍ ساخره ليسأله بجراءة:.مين اللي علم عليك؟.إنتبه مروان لوجوده فأرتدى نظاراته سريعاً ليجيبه بغضب وبصوتٍ متحشرج:هو مين دا اللي يقدر يعلم عليا ما تنقي كلامك!.وضع يديه خول خصره ليرمقه بأستهزاء:لا علم وعلم أوي كمان وأنت الرجولة مش أخدك غير علينا وبس..إحترقت عينيه بلهيب الغضب، فقال بعصبية:قولتلك محدش يقدر يعلم عليا، بس الحيوان دا أخدني على خوانا هو واللي معاه..إعتدل فارس بوقفته ليشير له بشراسة:.حلو نأخده أحنا على الهادي عشان يتربى صح..وتوجه للخزانة ليجذب قميصه وبنطاله بضيقٍ ملحوظ، ضيق مروان عينيه بذهولٍ، فباغته بسؤالٍ ساخر:هو مين اللي هنأخده!، متقولش إنك هتساعدني!.إرتدى بنطاله ليستدير إليه وهو يكمل إرتداء قميصه الأسود ليجيبه بخبث:أكيد هساعدك أنا محدش يعلم على عدوي غيري...إبتسم مروان بسخرية:.وجهة نظر برضو بس أنا أيه اللي يضمنلي إنك متغدورش بيا أنا مستحيل أثق بحيوان زيك، أنت نسيت اللي بينا ولا أيه؟حدجه بنظرة غاضبة:إحترم لسانك بدل ما وربي أدفنك هنا وأنت ما شاء الله مش محتاج لكمة وشك متشوه جاهز..لامس بيديه ما بوجهه بغضب، فغمز له فارس بخبث:كدا تعجبني..وتوجه للباب ليشير له بيديه ليتبعه:إستعنا على الشقا بالله...هبط من سيارته ليتوجه للقصر بعدما عاد من الشركة، كاد بصعود الدرج ولكنه توقف حينما إستمع لأخر صوت يمقته، فعلى بندائه:سليم..تمسك بصعوبة واستدار ليجدها أمام عينيه مداعية البراءة على وجهها الشيطاني، أتت لحدود مملكة زيدان رغم التحذيرات المشددة عليها بالا تفعلها، هبط ليقف مقابلها فجذبها بقوة من معصمها صارخاً بها بغضب:أنتِ أيه اللي جابك هنا..لاحت على وجه هنا بسمة خبث حينما تحقق مرادها لترى من تراقبهما بالأعلى يديه القابضة على رسغها فتبدأ بأيقاظ شكوكها تجاه ما يحدث!.بغرفة مراد...تناولت حنين المشروب الذي صنعه خصيصاً إليها فأصبحت كالأدمان بالنسبة إليها أو ربما لإنه من صنع يديه، لا تعلم ما الذي يحدث لها بوحوده أو حينما تتلامس أصابعها مع شيئاً لمسه هو من قبلها لا تعلم ما الذي يحدث لها!إنتهت من تناول المشروب ثم توجهت للأسفل، باحثة عن أشجان حتى وجدتها بالمطبخ...تسللت بخفة لتخيفها كالمعتاد، ولكن تلك المرة استدارت لتوقفها بوجومٍ شديد:.مش هتعرفي تخضيني تاني إهدي بقى...تعالت ضحكات حنين المشاكسة لتطوفها بذراعيها طابعة قبلة خاطفة على وجنتها:والله وإتنصحتي يا شوشو وبقيتي تعرفي تقفشيني..رمقتها بنظرة منزعجة، لتدفعها برفق للخلف:نفسي تعقلي لإنك تقريباً فاضلك تكة واحدة وتسكني العباسية..عبست بحجابها بهيامٍ جعلته مضحك عن قصد:وماله لو مراد هيكون معايا نروح ونسكن مع بعض إنشالله حتى نروح أبو زعبل..تعالت ضحكات شجن حتى إحمر وجهها، فتلك الفتاة ستقودها للجنون حتماً، شاركتها حنين الإبتسامة ولكن سرعان ما تلاشت حينما حاوطها ألمٍ رهيب بحلقها، وكأنها تناولت مياه نارية ألهبت حلقها، إنتقل الألم لبطنها لتتمزق بقوة جعلتها تنساب أرضاً لتحتضنها بصراخٍ إنتهى بفقدانها للوعي بعدما تسلل من فمها فقعات كثيفة وكأنها تناولت جرعة مكثفة من السم، ظنت ببدأ الأمر بأنها تمازحها كالمعتاد ولكن وجهها الأزرق جعلها تهرول إليها لتحركها بصدمة من جسدها المتصلب كالفاقدة للحياة فصرخت صرخة مداوية رجت أرجاء قصر رحيم زيدان ليتخشب على عتبة بابه من عاد من الخارج لتو حينما تحرر صوت شجن بصراخها المرتفع بأسمها:.حنيـــــــــــــــــــــــــــــــن!..ربما هناك أمراً مدبر داخل قصر رحيم زيدان للفتك بين أعمدة قصره لينهار رأساً على عقب ولكن ربما جهل بحقيقة واحدة إتحاد #الجوكر والأسطورة ليس بالامر الهين لتنفيذ مخطط هكذا ولكن ترى ما المخبئ داخل أعمدة قصر رحيم زيدان؟!.


look/images/icons/i1.gif رواية الجوكر والأسطورة نثرات الروح والهوى
  21-10-2021 08:48 مساءً   [42]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 23-09-2021
رقم العضوية : 90
المشاركات : 1272
الجنس :
قوة السمعة : 10
رواية همسات بقلم العشاق الجزء الثالث من الجوكر والأسطورة للكاتبة آية محمد الفصل الثانيالصراخ بأسمها إخترق آذنه فوخز قلب مراد بألم لم يعلم سببه، أسرع بخطواته ليتبع الصوت، فولج للمطبخ ليجدها تتمدد أرضاً بأهمال، في حالة لا ترثى لها، وجهها شاحب للغاية، يكسوه لون أزرق باهت، وكأنها رحبت بوسام الموت بأستسلام، تركزت نظراته عليها وقدميه ترفض الإنصياع لأوامره بالإقتراب!، قطع المسافة بينهما لينحنى تجاهها، فجذب رأسها الموضوع على قدم أشجان ليحركها بين يديه بصدمة، رأى الفقعات التي تهبط من فمها فعلم بأنها تعرضت لسمٍ قاتل، حرك رأسها بأنفعالٍ ليردد إسمها بعدم إستيعاب:.حنيـــــــــــن!..لم تستجيب مشاكسته لندائه كالمعتاد، فشعر بأضطراب قلبه الذي خفق دقاته ببطء وكأن الزمان توقف أمامه، فقد مهاراته وإحترافيته بالتعامل مع هذا الوضع، لكونه مدرب للتعامل مع كافة المصاعب، خرج رحيم من مكتبه بسرعةٍ كبيرة، حينما إستمع لصوتٍ بكاء شجن ليرى بعينيه ما يحدث أمامه، هرع تجاههم ليجد حنين تصارع الموت بمحاربتها هذا السم الفعال، والغريب بالأمر إستسلام مراد الغير متوقع، إنخفض تجاهها ليتفحص نبضها فوجدها مازالت على قيد الحياة، دفع بيديه مراد ليحركه بقوة لعله يسترد عقله فقال وهو يتفحص وجهها الأزرق الشاحب:.دا سم!، لازم تخليها تطرد الأكل اللي أكلته قبل ما يتمكن منها أكتر من كدا..وكأنه لم يستمع إليه، فكانت نظراته عليها ويديه منغمسة بين أصابعها، وكأنه فقد الحياة، إهتز جسد حنين بقوةٍ وكانه بدأ بالإستجابة لجرعة السم القاتلة التي إنسابت لإختراق جسدها بأكمله، صعق رحيم من تأخره بأنقاذها، فلكمه بقوة ليصيح بشراسة:مراد فوووق...لكمته القوية كان لها الفضل بعودة عقله للعمل، فبدأ بستعيب ما قال وما عليه فعله، حملها سريعاً بين يديه، ليتجه لحوض الإغتسال الخاص بالأطباق المجاور إليه، ضغط بيديه بقوة على صدرها، وبحركاتٍ إعتاد التدرب عليها بمعسكر عمله جعلها تستفرغ ما بجوفها، تراجعت شجن للخلف بخوف من رؤية حنين بتلك الحالة المذرية، تحولت نظراتها ل رحيم لتحدجه بنظرة غريبة، جعلته يتطلع لها بذهول من قراءة ما يجوب بعقلها، أشاح بنظراته عنها لينقذ تلك الفتاة أولاً ثم يراها، سأل الخادم المسؤول عن خدمات المطبخ بحدة:.الهانم كلت أيه من هنا؟..أجابه سريعاً والخوف يدب بحدقي عينيه من أن يتهم بما حدث:مأكلتش حاجة يا باشا هي كانت بجناحها ونازلة...أمره بوجومٍ شديد:طيب أخرج الوقتي...إنصاع لكلماته على الفور، حملها مراد ليضعها بأحد غرف الطابق الأسفل، وضعها على الفراش برفق وعينيه مازالت متعلقة بعينيها لعلها تفتحها لتنير دربه الذي أظلم بأنغلاقها، أشار له رحيم فتركها وخرج من الغرفة ليقف مقابله، فقال:.لازم نفتش جناحك أكيد الاكل المسمم لسه له أثر...أومأ برأسه بتأكيد، ليلحق به على الدرج ومن ثم إستدار لحارسه الشخصي الذي يقف أمام الغرفة الموضوع بها حنين ليأمره بحدة وبغلظة لم يعهدها من قبل:لو حد دخل جوا الأوضة دي حسابك مش هيكون غير معايا...أحنى رأسه قليلاً ليؤكد له على تنفيذه لكلماته، صعد مراد للأعلى، فولج لجناحه ليبحث جيداً عن الأطعمة التي تناولتها حنين، عاونه رحيم بالبحث ففتح البراد الصغير الموضوع بغرفته، ليخرج زجاجة عصيره المفضل، أزاح غطائها ليقربها من أنفه ثم سكب منها بأحد الاكواب ليتطلع للونها بأهتمامٍ، إنتبه له مراد فترك ما يتفحصه وإتجه إليه فجذب الزجاجة من يديه ليتفحصها هو الاخر، فأبعدها عنه مردداً بصدمة:.أنا اللي كنت مقصود مش هي!.تطلع له رحيم بنظرةٍ مطولة، ثم جذب الكأس ليقف قرب الباب، فرفع صوته الصارم:حازم..ولج يهرول للداخل فقدم له رحيم الكأس ليشدد على كلماته:إعرفلي نوع السم دا وعلاجه بأسرع وقت...جذب الكأس منه وهرع مسرعاً ليتفقده، فالدقائق قد تشكل نهاية بالنسبة لها، بدت قسمات وجه الجوكر قابضة، مخيفة للغاية، لكم درابزين الدرج بيديه ليصرخ بعصبية:.الكلب عايز يتخلص مني عشان يقدر يوصل للي عايزه...إقترب منه رحيم ليشدد على كلماته الهادئة:إهدى يا مراد، هنربيه بس نعرف الأول مين اللي بيساعده..خيم الحزن بسحابة مظلمة عليه، فمعشوقته تواجه الموت بدلاً عنه، تمنى لو كان محلها، فقلبه يئن بآهاتٍ خافتة، هبط للأسفل ليقف أمام غرفتها، يخطف النظرات السريعة إليها، فأن طالت يطرق قلبه أبواب صدره القاسي ليمزقه بقسوة على امل الخروج لإحتضانها بروحه وكيانه، إنتهى الطبيب من فصحها فخرج ليخبره بحالتها المتأخرة وأنهى حديثه بتحذيره الجلي:حالتها غير مستقرة، لأزم تتنقل مستشفى حالاً...ما كان ينقصه سماع تلك الكلمات التي دفعت الخنجر العالق بجرحه العميق، لتزيد من وجعه العميق، بدى لأول مرة عاجز عن إتخاذ قرار أو حتى التحرك، تدخل رحيم بالحديث ليوقف الطبيب عن إستكمال ما يقال:مستحيل تطلع من القصر، حياتها هتكون في خطر...قطعه الطبيب بكلماتٍ مختارة فحاله كحال من يتعامل مع شخصٍ بصرامة رحيم زيدان الذي يفرض حضوره على الجميع:بس يا باشا الهانم محتاجة آ...بتر كلماته حينما رمقه بنظرة مميتة ليشدد على حديثه:أظن إنك سمعت كلامي، أعمل اللازم والأجهزة اللي هتحتاجها رجالتي هتوفرهالك...خضع لحديثه الحازم فتركه وولج للداخل ليبدأ بعملية إنقاذها الغير مقنعة لرحيم فكان يعتمد إعتماداً كلياً على حازم لخبرته بأنواعٍ السموم وترياقها، نقل نظراته الحادة عن الطبيب المغادر ليتطلع لمراد بأستغراب، رأه هزيل، واجم الملامح، رأه ضعيفٍ ولم يعهد عنه الضعف من قبل، وضع يديه على يده الممدودة على دربزاين الدرج ليطمنه:هتبقى كويسة متقلقش...منحه نظرة غامضة، ليستقيم بوقفته:عماد دا سكته أيه؟.أجابه بثبات:للأسف مش زي أخواته...ثم قال وهو يجذب هاتفه:عامل حساب لكل حاجة، وأولهم هو تغير مكانه من فترة للتانية...زفر مراد بعصبية، فأرتفع نبرته الساخطة:الأهم من كل دا هو أنه بيتلاشى الأخطاء اللي إخواته إرتكبوها فبيحاول يتخلص مني الأول قبل ما يوصل ل حنين...جابت نظرات رحيم فناء الفصر الواسع:هنعرف اللي عملها متقلقش...شهقات خافتة أتت من خلفهم، جعلتهم يستدروا تجاه باب الغرفة، فوجدوا شجن تستند برأسها على نافذة الغرفة الخارجية، تتطلع لحنين بدموعٍ مهلكة، ترأها وهي تصارع الموت بأنفاسٍ متقطعة، الصديقة الوحيدة التي إكتسبتها فكانت خيرهن، إبتعدت عن النافذة حينما رأت الطبيب يحقنها ويقيس نبضاتها، فرأتهم من أمامها، إقتربت من مراد لتعاتبه بصوتها الباكي:.الدكتور قال أن حالتها وحشة ولازم تتنقل المستشفى ليه سايبها هنا تواجه الموت!..كاد بأن يجيبها ولكن ناب عنه رحيم:خروجها من القصر مش لصالحها..نقلت نظراتها الحاقدة إليه لتصرخ به بغضبٍ:مش في صالحها إزاي دي بتموت!..قطع المسافة بينهما ليجيبها بهدوء:المستشفى مش هتعرف تعملها حاجة علاجها دقايق ويوصل..نظرات الشك الساكنة بعينيها جعلته يتابعها بأستغراب، تغلبت على خوفها وأطالت بالنظر إليه، فربعت يدها أمام صدرها لتجيبه بسخرية:ويا ترى بقى كان العلاج دا هيكون موجود لو كانت خطتك نجحت و مراد هو اللي شرب السم مش حنين!..صعق رحيم من تهمتها الصريحة إليه بأنه من حاول التخلص من أخيه، ولكنه بدى ثابتٍ للغاية، عينيه لم تفارق عينيها، صوت إحتكاك أسنانه ببعضها كان قوي للغاية، بدى وكأنه وحشاً يصارع الأغلال التي توقفه للإنقضاض على فريسته، رفض مراد ما تمليه من تهم بشعة تجاهه فقال بأتزان:أيه اللي بتقوليه دا يا أشجان!.نقلت نظراتها تجاهه:الحقيقة، أكيد هو اللي ورا اللي حصل لحنين...رفض البقاء أكثر من نفسك فتوجه لغرفة مكتبة ليصفق الباب من خلفه، لتجوب خطاه المكان بملامح مفترسة، شرسة للغاية، يود أن يثلج صدره بالنيران التي إستحوذت عليه، إستغل مراد إنصرافه فوقف أمامها ليرسم بسمة هادئة لعلها تستمع لكلماته، فقال بثبات:رحيم مستحيل يعمل كدا يا أشجان، اللي عمل كدا أنا عارفه كويس وأعرف إزاي أجيبه وأدفعه التمن غالي...قالت بأعتراض رافضة الإصغاء إليه:.وأيه اللي يضمنلك إنه ميكونش هو، دا شيطان عايش بس عشان يأذي غيره...خلع جرفاته وكأنها تعيقه عن التنفس، فعادت كلماتها لتستحوذ عليه من جديد، أطبق على يديه بقوة حتى إبيضت يديه من فرط تصلبه فصمته عن الحديث وعدم الدفاع عن ذاته جعلته يتلوى من الغضب، فخرج من الغرفة ليتجة إليها مجدداً ليدفاع عن ذاته ولكنه وقف محله حينما إستمع لحوارها مع أخيه بصدمة من كلماتها، تطلع لها مراد بأسترابة ليسألها بشكلٍ مباشر:.معقول تكوني شايفاه بالشكل دا!..وضعت عينيها أرضاً بتهرب من اجابته، فمنحتها دموعها طاقة غريبة للحديث:كل ما احاول أنسى اللي عمله معايا وأحاول أديله فرصة جديدة بتحصل حاجة تخليني أغير رأيي فيه وأخاف منه أكتر..هز رأسه بأيماءة خفيفة، متفهمة لما تمر به من حالتها النفسية العصيبة، فقال بهدوء:يمكن اللي مريتي بيه كان صعب بس اللي أنا واثق منه أن رحيم مستحيل يعمل كدا...لم تتأثر ملامحها بما قاله، بدت غير مقروءة ومع ذلك تساءلت بأهتمامٍ:وأيه اللي يخليك واثق كدا!.لاحت على وجهه بسمة شاحبة تكاد ترسم بالكد، فأجابها بفتور:لأن رحيم زيدان لما بيكون له عدو مش بيحاربه بالأسلوب الخسيس دا، بيقتل بس وعيونه متسلطة في عين عدوه..واستطرد بحدة سيطرت على صوته الخشن:اللي عمل كدا هو إبن عم حنين مش رحيم يا أشجان...وتركها مراد وتوجه لغرفة محبوبته ليجلي مقابل لها، جذب يدها الباردة ليدفئها بين لائحة يديه، وعينيه غائرة بالدمع، يود لو تمكن من البكاء أو حتى إسقاط دمعة واحدة تخفف من وجع قلبه، ولكنه إعتاد على القوة والجفاء، قبل يدها بأنفاسه التي ذاقت الألم فأصبحت حارقة كالرماد، راقبتهم شجن من الخارج بدموع، الخوف عليها يحطمها...الدوا جاهز يا باشا...كلماتٍ جعلتها تنتبه لوجود أحداً ما بخلفها، فاستدرات لتجد الحارس الشخصي ل رحيم زيدان يقف بزواية بعيدة عن الدرج، يتحدث للفراغ، لا مهلاً بل هناك طيف لشخصٍ يقف بالزواية المعتمة، خرج للضوء ليقف أمامها، فتفاجئت بوجوده!..نعم إعتصر قلبها من نظراته التي إكدت لها بأنه إستمع لحديثها القاسي عنه، إلتقط منه أنبول الدواء وتوجه للغرفة متعمداً أن يتجاهلها بعدما منحها نظرة جعلتها بأرتباكٍ من أمرها، ولج رحيم للغرفة ليقدم الدواء له قائلاً بثباتٍ عجيب وكأن شيئاً لم يصيبه:شربها الدوا دا وهتفوق يا مراد..إلتقط منه الأنبول بلهفة، ليقربها لصدره ومن ثم وضع ما به أسفل لسانها، ليحني رأسها قليلاً للأسفل، إستغرق الأمر أكثر من نصف ساعة حتى إستردت حنين وعيها تدريجياً، فبدأت بفتح عينيها على مهلاً، و شجن بالخارج تراقب ما يحدث من النافذة الزجاجية بأستغرابٍ، فهو بالفعل الذي أنقذها مثلما أخبرها منذ قليل!..كانت محتجزة بغرفة صغيرة للغاية، معتمة، تحبس أنفاسها فتسيطر عليها، كان تستمع لأصوات من حولها ولكنها لم تتمكن من الحديث، إخترقت رائحة البرفنيوم الخاصة به هذا الحاجز المعنوي ليشعرها بوجوده، شعرت بأحتضانه لها وصراخه بأسمها، شعرت بلمسات يديه وقبلته العاشقة لها، وكأنه فتح الباب لها لتخرج من غرفتها الضيقة لينعشها الهواء ويعيدها للحياة، فتحت حنين عينيها تدريجياً لتجده مقابلها مثلما شعرت من رائحته المميزة، خرج صوتها متقطع للغاية ولكنه مفهوم:.م ر ا د...إستقبلها ببسمة كبيرة تشكلت على وجهه الرجولي، فجذبها لأحضانه بعدم تصديق من إستعادتها، كان يظن بأنه سيفقدها مثلما فقد كل عزيز ولج لحياته القاتمة ولكن الله عوضه خيراً، إنسحب رحيم من الغرفة بلطف، حتى يترك لهما مساحتهم الخاصة، تعمد بالا يتطلع تجاه من تقف أمام الغرفة بل أكمل طريقه لمكتبه بخطواتٍ منتظمة، واثقة، تهدجت دقات قلبها وهي تلمحه يتجاهلها، عادت كلماتها لتأنبها فشعرت بالسوء لما قالته بحقه لأول مرة، أرادت أن تتبع قلبها وتتابعه لتعتذر عن طريقتها السخيفة ولكنها أردت الأطمئان على صديقتها أولاً...تأوهت من الألم ولكنها حبست تعبيراتها خلف بسمة زائفة حتى تظن من تراقبهم من الأعلى بأن هناك ما يحدث بينهما فقالت بدلال:أنا جيت أفكرك أنك وعدتني إنك هتتقدملي بشكل رسمي بس الظاهر إنك بتنسى..سحب سليم يديه بغيظ من اسلوبها الرخيص، فقال بحزم:زي ما قولتي ناسي ومش هفتكر غير بمزاجي، ولو كررتي الزيارة دي تاني هنساكِ شخصياً...إبتلعت ريقها بأرتباكٍ وظهر على ملامحها الخوف، فقال بلهجة ساخرة:.حلو أن الواحد يعرف حدوده وحدودك لو إتخطيتها تاني متتوقعيش أني أحقق اي شيء من إتفاقنا...تملكها الغضب، فقاطعته بوقاحة:لا يا حبيبي لو فاكر إنك هتخلص مني بالسهولة دي تبقى غلطان..ثم إقتربت منه لتهمس له بنبرتها الخبيثة التي كشفت عن مخططها الدانيئ منذ البداية:زي ما معاك نسخة من كاميرا المكتب باللي حصل أنا كمان معايا نسخة بس من تصوري أنا..وإبتعدت عنه لتحدجه بنظرة ماكرة وبسمتها تتسع على وجهها، صُدم سليم من إعترافها الصريح بأنها من فعلت ذلك، نعم كان يشك بالأمر ولكنها إعترفت به وكأنها تتفاخر بما فعله بها!.جز على أسنانه بغيظ بطريقة أخافتها، ليخرج صوته المتقطع:غوري من وشي...تراجعت هنا للخلف قليلاً لتضمن مساحة أمنة لها:همشي بس متنساش كلامي...وغادرت من أمامه، بعد ان منحت من تقف بالطابق العلوي بسمة خبيثة لترتدي نظاراتها السوداء وتغادر لسيارتها بخطواتٍ خليعة ودلال مبالغ به، أما سليم فوقف محله شارداً بكلماتها لتعاد تحذيرات رحيم من أمامه عنها، ترقب الفراغ التي تركته سيارتها بنظراتٍ تقزز، وكأنه يمقت الأرض التي حملتها، فلم يرى تلك التي هبطت لتقف من خلفه، استدار ليدلف للداخل فوجدها تربع يدها أمام صدرها بغضبٍ يتمرد بعينيها، فسألته بشكلٍ مباشر:.البنت دي بتعمل ايه هنا يا سليم؟.إزدرد حلقه الجاف بصعوبة ليجيبها بهدوء:كانت جاية ل فاطمة...وتوجه للدخول ولكنه توقف حينما تمسكت ريم بذراعيه، رفع عينيه تجاهها تلقائياً، فوجدها تحدجه بنظراتٍ مشككة:ولما هي جاية لفاطمة واقفة معاك ليه؟، وكنت ماسكها كدليه؟!..جذب ذراعيه منها بقوة أربكتها، ليغمغم بضيقٍ:كانت هتقع ومسكتها وبعدين دي أيه الأسئلة دي كلها أنتِ دماغك بتفكر في أيه بالظبط؟!.هزت رأسها معقبة على حديثه:هصدق اللي شافته بعيوني ولا اللي أنت بتقوله..ثم إستقامت بوقفتها المضطربة لتسأله بتوترٍ وكأنها لا تحبذ سماع الإجابة المنطقية الكاذبة:سليم أنت في حاجة مخبيها عليا؟..ثم أعادت صيغة السؤال بأرتباكٍ:في حاجة بينك وبينها!..للحظة كان سيعترف لها عما يحمله بقلبه، للحظة كان سيبوح لها بعذابه الذي يحمله بمفرده؛ ولكنه يعلم بأنها سترفض تصديقه فهو بالفعل شاركها بجريمة جسدية لا تغتفر، إستعاد ثباته ليقضي على ضعفه الذي سيفضح ما حدث ليسيطر عليه بصوته الذكوري الغليظ:قصدك أيه؟!، أنتِ واعية للي بتقوليه يا ريم؟!.كادت بالحديث فأوقفها بأشارة يديه ليصرخ بها بغضب:.يعني أي واحدة هقف معاها هيكون في بينا حاجة! أنتِ أكيد جرى لعقلك حاجة..وتركها وولج للداخل فلحقت به على أمل الحديث معه ولكنه رفض السماع إليها وصعد لغرفته ليغلق بابها بقوة بوجهها، ليستند عليه بحسرة وغضب من ذاته على ما إرتكبه بحقها وبحق ذاته...إنتظرها حتى إنتهت من قص ما يضيق صدرها، تفاجئ ببدء الأمر بأمر ابيها الذي مازال على قيد الحياة؛ ولكنه منذ أن دلف لتلك العائلة الغريبة وأصبح لا يتعجب من أي شيء يحدث فما كان أغرب من رفيق دربه الذي أصبح بقدرة قادر رحيم زيدان الذي يملك سلطة مخيفة، إستاء يوسف للغاية وهو يستمع لما قالته لأبيها، فقال بعدما فرغت من حديثها:أكيد في سبب يخليه مخبي حقيقته لكن دا ميمنعش إنك غلطتي غلط كبير يا نغم..ضيقت عينيها بذهول، لتسأله بعدم إستيعاب:أنا اللي غلطت!.رد عليها بملامح واجمة:مهما كان اللي عمله فيكي ميصحش تكلمي باباكِ بالأسلوب دا، الواحد بيتمنى أن أبوه او أمه يرجعوا للدنيا ثانية واحدة بس يبوس أيدهم ويطلب منهم السماح لاي ذنب إرتكبه في حقهم وفي المقابل أنتِ عملتي كدا!..لم تكن كلماته مرضية بالنسبة لها، توقعت ان ينحاز لصفها، أن يواسيها، فتمردت بالحديث لتصرخ بها بعصبية:.عملت أيه يا يوسف!، يعني المفروض أتصرف إزاي وأنا شايفة أبويا اللي المفروض ميت خارج من أوضة الست اللي كانت السبب في موت أمي!..وإلتقطت انفاسها، لتستكمل ببكاءٍ حارق:المفروض إني إترمى في حضنه وهو السبب في كل اللي بيحصلنا دا، ولا افرح إنه عايش وسايب الست دي وإبنها يتحكموا فينا..قطع حديثها بغضب:.إتكلمي عنها باحترام يا نغم هي ملهاش ذنب في حاجة أنتِ بنفسك سمعتي الحقيقة اللي كانت في الوصية واللي بسببها إنتهت العداوة اللي كانت بين أخوكِ ورحيم، الست دي المظلومة مش والدتك...أجابته بحدة:صدقت كل دا لم كان هو ميت لكن دلوقتي إتاكدت إنها كدبة عشان نتقبل وجودهم بالقصر...ثم تطلعت له بنظرة شك، لتقذفه بكلماتٍ كالخناجر:وبعدين أنت محروق عليهم كدليه هو أنت في صفي ولا صفهم..وإبتسمت بسخرية لتسترسل حديثها القاتل:أسفة نسيت إنها أم صاحبك المقرب ويمكن أنت إتقربت مني عشان تدخل العيلة دي كمان واهو ينوبك من الحب جانب...هوى على وجهها بصفعة قوية اوقفتها عن الحديث بعدما صرخ بصوتٍ قابض:إخرسي...ورفع يديه ليشير لها بأصبعيه أمام عينيها:كل مرة بتثبتيلي أن علاقتنا أكبر غلطة، كل مرة بتاكديلي أني صح ولأزم أنهي العلاقة دي...أشارت برأسها بالنفي خشية من أن ينهي ما بينهما بتلك الكلمة المقبضة، وخز قلبها رعباً من أن ينطقها، لم تعد تمتلك سواه وبعنادها ستفقده، تطلع لها بنظرة مطولة، غريبة، عرفت مكنونها، وكأنه يتشبع بالنظرة الحلال فيما بينهما، ليكون الوداع بكلمة ستنهي هذا العناء المفروض، إقترب يوسف منها ليقف أمامها وجهاً لوجه، نظراته المتعلقة بعيناها إنسحبت لشفتيها الملطخة بالدماء جراء صفعته، رفع يديه يزيح عنها الدماء بأطراف أصابعه ليغلق عينيه بشدة لعله يتمكن من تخليص ذاته، أرهفت آذنيها السمع لما سيقوله بأنفاسٍ مضطربة، فقال بتثاقل:.أنتِ دايماً بتوديني لطرق أنا مش حابب أمشيه..وأبعد يديه عنها قائلاً بألم:خلي بالك من نفسك...وتركها وتوجه للمغادرة، فصرخت بقوة أوقفته محله:متسبنيش يا يوسف أنا لوحدي ماليش حد غيرك...إبتسم بالم، فقال وعينيه على باب الغرفة دون أن يستدير لها:وهتفضلي لوحدك طول مأنتِ مكملة في عنادك دا...وغادر ولكن تلك المرة لم يستدير للخلف أبداً، غادر ليجد نجلاء أمام عينيه، تقف عن مقدمة الدرج، قابلته ببسمة تملأها المحبة والصفاء فقالت بود:يوسف..بادلها البسمة الهادئة ولكن تعابيرات وجهه كانت قاتمة، جعلتها تخمن بما حدث وخاصة حينما اخبرها طلعت بما حدث مع إبنته، ربتت على كتفيه بحنان:أنت كويس يا حبيبي؟.اجابها ببسمة هادئة وبكلماتٍ غريبة:هتعود أكون كويس...ثم أكمل رسالته الغامضة:.متقلقيش مش هقول لحد حاجة..وتركها وغادر من القصر أكمله، بعدما ترك لها جواب صريح بأنه لن يخبر أحداً بحقيقة طلعت، شعرت بمعانته التي نقلتها نبرة صوته المنكسر، فأتبعته نظراتها بحزن، خرجت نغم خلفه راكضة، فراته وهو يغادر، إحتضت الدرج بيدها لتسقط أرضاً تراقبه وهو يبتعد بدموعٍ وبكاء يشق القلب، إنحنت نجلاء تجاهها لتربت على ظهرها بحنان وبأعين غائرة بالدموع لأجل بكائها، تناست ما تحمله بقلبها من حقد تجاهها وإختبأت بأحضانها لتبكي بحرقة والاخرى تحتويها كأبنتها التي لم تنجبها!..وقفت أمامه بخزي، وإرتباكٍ بأختيار الكلمات التعبيرية لما حدث، عينيها الموضوعة أرضاً جعلته يخمن عما تود التحدث به، وخاصة بأبتعدها عنه طوال الفترة الماضية وتحاشيها الإحتكاك به الا قليلاً، بدأ آدم الحديث ليعفو عنها حرجها:أيدك بقت عاملة أيه؟..تلقائياً تطلعت سما ليدها الملفوفة بشاشٍ أبيض صغير، فأجابته بتوتر:الحمد لله أحسن..أومأ برأسه بهزة بسيطة، فقالت بأحرف متقطعة:.آ، آآآ، أنا كنت جاية عشان أتكلم معاك...إقترب منها قليلاً، ليحثها على الحديث:إتفضلي سمعك..رفعت عيناها عن الارض لتتطلع له بأرتباكٍ، والدموع عرفت طريقها:أنا فعلاً مكنتش أعرف إنه ك...وقطعت كلماتها بمرارة لتستكمل ببكاء:هي صممت أحضر عيد ميلادها وأنا خرجت معاهم ومهتمتش أعرف المكان، أنا أسفة...ترقبته يتحدث ولكنه كان يستمع فقط، إلى ان قرر الحديث فقال بندم إتضح بلهجته:.أنا كمان غلطت، مكنش يصح أتكلم معاكِ بالطريقة دي..الغيرة على النساء والأعتذار عن الخطأ سمات ليست بأناس الغرب، بدت سما تزيح الافكار الخاطئة التي إتخذتها عن آدم، تلك الفترة كانت كفيلة بجعل تفكيرها يلهمها بأنه مازال يحتفظ بسمات الرجل الشرقي الغيور، تعلقها به من البداية كان إنجذاب لوسامته ولكنها الآن تعترف لذاتها بحبها الشديد له، أخفضت نظراتها عنه بخجل شديد حينما تناسته وظلت تتأمله بطريقة مخجلة، وضع آدم يديه بجيوب جاكيته الجليدي ليقترح عليها ببسمة هادىة:.أيه رايك نخرج نسهر بره..أجابته بفرحة:معنديش مانع..وتركته وتوجهت للأستعداد بسعادة تداعب وجهها الرقيق...بمكتب رحيم زيدان...ربع يديه على مكتبه ليستند برأسه عليها، مازالت تؤلمه كلماتها، مزق صفحات الصمت الذي يسطرها دخول مراد، أسند ظهرها على مقعده بثبات تحلى به بحرافية حينما رأه يدلف للداخل، جلس على المقعد المقابل للمكتب الخشبي فنهض رحيم ليجلس أمامه بعدما طلب من الخادم عبر الهاتف كوبين من القهوة لكليهما، تطلع له بهدوء فسأله بأستفسار:حنين عاملة ايه الوقتي؟.هز رأسه بخفة ليجيبه على سؤاله:.أحسن دلوقتي..رد مبتسماً:الحمد لله...تساءل مراد بأهتمامٍ:عرفت حاجة عنه..أجابه بأيماءة بسيطة من رأسه:حازم قرب يوصل لمكانه متقلقش...وضع قدمه فوق الاخرى بأسترخاء:عظيم...دقات خافتة على الباب جعلت رحيم يسمح للطارق بالولوج وما كان سوى الخادم الذي وضع أمامهم الصينية المستديرة الحاملة للاكواب، نظراتٍ غامضة تشكلت بعينيه فأوقف الخادم الذي كاد بالمغادرة بعدما تذوق فنجانه:.أنا مش بشربها سادة!..ضيق مراد عينيه بذهول:بس انت مش بتشربها غير سادة..قال وعينيه مازالت متعلقة بالخادم:مش من حقي أجرب الزيادة ولا ايه؟.دهش من طريقته الغامضة، فقدم رحيم الفنجان للخادم ليشير له بيديه على الفنجان الاخر، جذب الخادم الفنجان المقابل ل مراد ليقدمه لرحيم بأصابع مرتجفة والأخر يحدجه بنظراتٍ ثابتة، ذهل مراد مما يحدث وقد بدى الشك يعتريه، وضع الكوب عن يد الهادم على الطاولة ومن ثم سأله ببسمة مخيفة:عملت كدا ليه؟.لعق الخادم شفتيه بأرتباكٍ، ففجأه رحيم حينما نهض من محله ليرفعه على الحائط بيديه وكرر سؤاله بصوتٍ مرعب:.جاوبني...كاد بالأختناق فقال بكلماتٍ متقطعة:غصب عني يا باشا هددني يقتلني لو معملتش كدا...أسقطه أرضاً ليجذب الكوب الذي وضع به السم لمراد ثم ضغط على فكه بقوة ليجعله يرتشفه قسراً، ليسقط أرضاً بعد ان سرى السم بأنحاء جسده بأكمله، نقل مراد نظراته تجاه رحيم الغاضب:الحيوان دا مدام قدر يوصل للقصر يقدر يعمل أي حاجة..أجابه ببسمة ماكرة:مش هيلحق متقلقش..سعدت للغاية حينما علمت بأنه بالاسفل بأنتظارها، سعادتها بأنه بدأ يتعافى واول خروج إليه فضل بالذهاب إليها، هبطت فاطمة مسرعة لتقف أمامه بأبتسامة مشرقة، إحتضنها يامن ليهمس بأشتياق:وحشتيني...إبتسمت بخجل وهي تجيبه:وانت كمان وحشتني اوي..ثم جذبت يديه لتعاونه على الجلوس على الأريكة، لتسأله بفضول:طمني عليك، احسن دلوقتي؟.أومأ برأسه برضا:بقيت احسن لما شوفتك..عبثت بطرف حجابها بخجلٍ من كلماته، فقال بتذكر:هنا كانت عندك ليه شوفتها وهي خارجة من هنا بعربيتها فقولت إنها كانت عندك..ضيقت عينبها بذهولٍ:لأ بقالي فترة مشفتهاش...تملكه الشك فصفن لدقاىق والأخرى تتحدث عن اموراً متعلقة بها وحينما لاحظت شروده سألته بلهفة:أنت كويس؟.رسم بسمة صغيرة على وجهه ليجذبها بالحديث:قولتلك ايوا، المهم طمنيني عنك وعن قعدتك هنا وشريكتك بالاوضة..قال كلمته الاخيرة بسخرية فشاركته الضحك لتبدأ بالحديث عن ما حدث منذ دخولها لقصر رحيم زيدان...أمام أحد الملاهي الليلة، كانت هناك تجمعات هائلة من السيارات وعدد من الشباب يجلسون على سطحها، وبأيدهم زجاجات من الخمر يلقوها أرضاً حينما ينتهوا من شرب محتواها، تمدد أحد الشباب على سطح السيارة بأسترخاء ولجواره كانت تجلس فتاة خليعة تىتدي ملابس تظهر أكثر مما تخفي، والأخر يتقرب منها بحركاتٍ غير ساوية، إستقام بجلسته حينما رأى مروان يقف امامه ولجواره شابٍ على ما يبدو بنفس عمره، تعالت ضحكات الشاب ليسخر منه بصوته المقزز:.أيه يا حلوة جبتي بنت أختك وجيتي!.خرج مروان عن زمام اموره ليلكمه بغضبٍ قاتل، لينتقم مما فعله به بالصباح ولكن تلك المرة حينما حاول فريقه المزعوم من التجمهر حول مروان ليمنعوه من الفتك بزعيمهم تصدى لهم فارس ليترك مروان يقتص لذاته من هذا اللعين دون ان عون أو مساعدة...صعد رحيم الدرج ليتوجه لغرفته، في نفس وقت هبوط جان منحه نظرة سريعة غاضبة، ليحول تفاديه ليهبط من الجانب الأخر، علق عليه رحيم ساخراً:شايفك زعلان إني أنقذتك من الموت!.إنكمشت ملامح جان بغضب ليصعد إليه مجدداً، فوقف مقابله بضيق:لا شايفك أنت اللي مبتصدق تلاقي فرصة تظهر نفسك بطل قدام الكل...منحه بسمة ثابتة وثقة لم ينجح أحداً بالفتك به، إغتاظ جان من صمته فكاد بالهبوط ولكنه توقف على كلماته:.عصفورك حاول يهرب من عشه بس أنا رجعنه تاني لأن من مصلحة الكل إنه ميسبش عشه يمكن يتجددله جناح بدل اللي إنكسر ومعاه ترجع علاقة إنتهت من سنين...استدار جان تجاهه بصدمة من رسالته التي بدت غامضة ولكنها صريحة بالنسبة إليه، غمز له بطرف عينيه الزيتونية ثم تركه وتوجه لجناحه بخطواته الثابتة، فأخرج جان هاتفه على الفور ليتأكد بذاته من رجاله بمحاولة هرب إياد ومعاونة حراس رحيم زيدان لهم بأستعادته، جن جنونه منه فلم يخفى عليه إبرة صغيرة تدار بمملكته، ولكن ما شغل عقله هي الجزء الأخير من جملة رحيم فماذا يعني أن بجناحه الملتحم تعود علاقة إنتهت منذ أعوام أيقصد ريان!.إنسابت المياه من الصنبور من جميع الإتجاهات الدش الغريب الاطور، فبدى وكأنه يعذب شخصٍ وليس مجرد مياه للإستحمام، ولج بداخلها رحيم ليغلق عينيه بقوة وكأنه يعاقب ذاته على ما إستمع له من كلماتها القاسية، مرت الدقائق ومازال لا يشعر بقسوة المياه الباردة، وكأن كلماتها اشد عذاب منها، إستند على الزجاج المحاوط للدش بأسترخاء لتعود كلماتها لجلده من جديد...بالخارج..طرقت على باب الغرفة مراراً ولكنه لم يستمع لطرقاتها فكانت المياه صوتها اعلى من طرقاتها الرقيقة، راته وهو يدخل غرفته منذ قليل فظنت بأنه لا يريد رؤيتها فسمحت لذاتها بفح الباب ثم ولجت بخطواتٍ مرتبكة، بحثت عنه بكل مكان ولكنها لم تجده فالتقطت انفاسها براحة، وكأنها كانت مجبورة على اللقاء به، استدارت لتغادر الغرفة فتصنمت محلها بصدمة كبيرة حينما إصطدمت به فتراجعت للخلف قليلاً بخوفٍ وتوتر جعل حلقها يجف، وخاصة بما رأته، نظراته الثابتة دون ان يرمش لها جفن تجعل القلوب ترتجف رعباً، تراجعت للخلف قليلاً وهى تبتلع ريقها بصعوبة فقالت:.آآنا، كنت، آ...إقترب منها والمياه تتساقط على عينيه بشكلٍ ملفت، كالعادة إحتجزها الحائط بين احضانه فأصبحت محاصرة، خوفها النفسي جعل جسدها يرتجف بقوة، ألقى عليها نظرة متفحصة فجاهدت لإستجماع كلماتها:أنا كنت جاية أع...قطع كلماتها بصوته الساخر:جاية لحد هنا ومش خايفة من الشيطان الشرير يلتهمك!..لعقت شفتيها بلسانها من فرط الخوف فاقترب منها ليهمس بغموض:.شايفاني شيطان داخلة جحيمي برجلك ليه يا شجن؟!حاولت الإنسحاب ولكنه اوقفها حينما جذبها لتقف أمامه من جديد فتمكن منها الخوف تلك المرة فلمعت عينيها بالدموع، إستند بجبهته على جبهتها ليجيب على سؤاله بفتور:يمكن لإنك عندك ثقة إني مستحيل أذيكِ...فتحت عينيها لتتطلع له بنظرة جعلته يتعمق بها لعل زيتونية عينيه تدفعها لماضٍ حفره عشق الطفولة فيما بينهما، إقترب كالمهوس وهو يتأمل شفتيها المرتجفة، ظنت بأنه سيخلع القناع ليظهر لها وجه الشيطان الحقيقي ولكنها تفاجأت به يطبع قبلة عميقة على جبينها، ليبتعد عنها بل حررها من حصاره، هرولت لباب الشرفة حتي تعبر لشرفتها المجاورة له فمنحته نظرة أخيرة، حملت رسالة مجهولة قرأها رحيم فأبتسم لتأكده بأنه عبر منتصف الدرج الذي سيوصله بقلبها...إستعادت وعيها الكامل بتعبٍ شديد، وحلقٍ جاف للغاية فجذبت المياه من جوارها لتبلل حلقها، ولج من الخارج ليجدها تسكب المياه وتكاد تتناول ما به، فصرخ بها بجنون:حنيـــــن..تحركت حدقتيها تجاهه بأستغراب لتجده يرتشف المياه قبل ان يقدمها إليها فقالت بأرهاق وقد عادت لمزحها:يا عم خضتني، مش معقول هيسموني مرتين يعني!.إبتسم مراد وضمها لصدره بقوة ليهمس من وسط ضحكاته:.كنت هعيش من غيرك إزاي يا مجنونة!.دفعته بعيداً عنها بغضب:طب أبعد بقى لما تحترم لسانك أبقى تعالى إحضن..حملها عن الفراش لتصرخ مدعية التعب:هتوديني فين يا ابني أنا لسه مسمومه بتفاحة الكتعة خلي عندك دم..القاها بمسبح غرفته الخاص ليتطلع لها بسخرية وهي تحاول السباحة:معنديش للاسف..ثم خلع قميصه ليهبط للمسبح لتبدأ حربهم المعتادة من جديد حرب القصيرة ذات اللسان السليط والجوكر...أما بمكانٍ اخر فكانت تبدأ قصة أخرى من نوعاً أخر ترى ما الجديد بها وما الحدث الذي سيجمع الشر بالخير؟!.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 6 من 19 < 1 11 12 13 14 15 16 17 19 > الأخيرة





الكلمات الدلالية
رواية ، الجوكر ، والأسطورة ، نثرات ، الروح ، والهوى ،










الساعة الآن 07:55 AM