رواية الجوكر والأسطورة الجزء الثاني للكاتبة آية محمد الفصل السابع عشر( وعشقها ذو القلب المتبلد )خرج ليتمشى معه بعد إصراراً منه بذلك، ولكن لم يتمكن من كسر حاجز الصمت المسيطر على وجه أخيه حتى بعد ما بذله لأجله، فظن بأن بخروجه معه سيتح له فرصة الحديث عما يضيق صدره ويشتت عقله بالفترة الأخيرة، زفر "فارس" بملل من صمته المبالغ به:_وبعدين بقى أنا مخرجك عشان تمشي لوحدك!!..أفاق "آدم" على كلماته فتوقف محله بحرج حينما وجد خطاها أسرع من أخيه، لحق به "فارس" ليقف أمامه بحزن لحالته المخيفة:_مالك يا "آدم" فيك أيه؟!...رسم بسمة تكاد تحتل ثغره بصعوبة، فجلس على الأستراحات المتتالية على مياه النيل ليجيبه بصوتٍ منهزم:_أنا نفسي معنديش إجابة لسؤالك دا يا "فارس"....جلس لجواره بهدوء محاولاً إستدراجه بالحديث:_أنت خايف من الأرتباط بسما؟...لوي فمه بأستنكار:_مش عارف بصراحه بس اللي حاسس بيه أننا مختلفين عن بعض، هي ليها طباعها وأنا طباعي وعاداتي مختلفة عنها تماماً...وضع يديه على قدم أخيه قائلاً بعقلنية:_إسمعني يا"آدم"،" مراد" و"رحيم" خلاص الخلافات اللي بينهم إنتهت يعني أنت معتش مجبور تكمل بالعلاقة دي...تطلع له "آدم" بنظرات تعجز عن وصف ما يشعر به فأستكمل حديثه بتحذيره الملحوظ:_بكرا كلنا هنعيش بقصر "رحيم زيدان" يعني مفيش قدامك فرصة غير النهاردة قبل كتب الكتاب، أنت لسه فيها، تقدر توقف كل دا حالا، قبل ما ترجع تندم تاني...الصمت سكن بغرفه من جديد فحتى إجابة سؤاله لم يمتلكه، لا يعلم أيود الأقتراب منها أم البعد لأميال، صدح هاتفه برنين مزعج أخرجه من شروده بها ليجدها تنير شاشة هاتفه كما تضيء،إرتبكت أصابعه على الهاتف لا يعلم لما خفق قلبه بجنون،هذا الابله الذي قابل العديد من الفتيات يفشل بالتعارف على الحب الحقيقي الذي إستعوذ على كافة أحاسيسه،رفع الهاتف ليستمع إليها بملامح أعدت بأنزعاج تهيأ لما ستقوله من مشاكستها المعتادة ولكنه تفاجأ بصراخها بأسمه بصوت مقهر يغلبه الخوف والرعب لتشرع بعده بالكلام المرتبك والغير مفهوم:_"آدم"،إلحقني أرجوك أنا خايفة أخرج ومحدش سامعني...نهض عن المقعد بصورة مفاجئة لما يستمع إليه وكأن النار مست جسده بأكمله ليسرع بالحديث:_"سما"!!....بكت بجنون لتكمل حديثه المهتز كحال جسدها الذي ينتفض كلما إقترب أحداهما من الباب:_متتخلاش عني أرجوك...أسرع بالحديث بعدما هرول تجاه سيارته السوداء المصفوفة على بعداً منهم:_أنتِ فين يا "سما"؟...على الطرق على الباب فأنخرطت بموجة من البكاء الحارق لتخبره بصعوبة عن محلها، طمنها بحديثه بأنه سيصل إليها بأقرب وقت،فأغلق هاتفه ليفتح باب سيارته سريعاً،إستوقفه"فارس" بقلق مما يبدو على ملامحه:_في أيه؟!...أجابه وهو يهم بالصعود:_معرفش،مش قادر أفهم منها حاجة غير أنها واقعة بمشكلة....أشار له"فارس" بعدما صعد لجواره:_طيب إركب أنا جاي معاك...وبالفعل صعد ليقود سيارته بأعلى سرعة للمكان المنشود وقلبه يتمرد خوفاً من بين أضلاعه وكأنه يحمل إجابة سؤال "فارس" رغماً عن صمته القاطع!....إزدردت حلقها الجاف برعباً جلي وهى ترأه يجلس أمام عينيها بثبات ونظرات تشتعل بالغضب الكفيل بالقضاء عليها...نهض "جان" عن مقعده ليقف أمامها،تخلت عنها الكلمات فقالت بأرتباك وتشتت بالكلمات:_أنت دخلت هنا إزاي؟....رُسمت بسمة المكر على وجهه ليردد بهمساً تعمد جعله مخيف قدر ما تمكن:_دا سؤال يتسأل لجان زيدان!...ثم إقترب منها أكثر حتى حاوطتها بين الحائط ويديه ليستكمل حديثه بنفس نبرة الصوت:_أنا أدخل المكان اللي أحبه وبالوقت اللي أختاره...وإنحنى ليستكمل همسه الخبيث:_وأعمل اللي أحبه...ولف معصمه حول رقبتها ليضغط عليها بالقوة قائلاً ببسمة مخيفة:_يعني تقدري تقولي أن مستحيل حد يخلصك من الموت...إحتقن وجهها بشدة جراء قبضة يديه القوية،فحاولت أن تتحرر منه وبصعوبة تمكنت لتسقط أرضاً،فزحفت بأنفاساً متقطعة...حاولت الحديث وهى ترأه يقترب منها مجدداً فقالت بكلماتٍ متقطعة:_أنت بتعمل أيه؟!!...إنخفض لمستواه ليصيح بغضب وهو يجذبها ليوقفها أمامه من جديد:_اللي كان من المفروض يتعمل مع أول محاولة ليكي لقتل "سلمى" ومع ظهورك بحياة "خالد" عشان تكوني جانبي وتحاولي تثيري إهتمامي فأرجعلك من تاني...ولطمها بالقوة مستكملاً حديثه المتعصب:_وبسببه خسرت أعز أصدقائي،ودلوقتي راجعه عايزة تفريقني عن "سلمى" تاني فحبيت أحقق وعدي ليكي عشان ما تفتكريش أني كنت بهددك بس...إبتلعت ريقها الجاف بصعوبة وهى ترأه يكاد يقتلها فقالت مدعية البكاء لتلجأ لحيلة ذكية للخروج من مقتله المحتوم:_صدقني أنا ماليش ذنب،"مايسة" هانم هي اللي طلبت مني أعمل كدا...جحظت عينيه بصدمة غلفت جسده بطبقة باردة حتى أنه شعر بأنه يتجمد كلياً،فتحررت يديه من على خصلات شعرها تدريجياً،فرك وجهه بيديه بقوة ليعد لوعيه مردداً بتعصب:_كدب،خدعة جديدة من الزبالة اللي بتعمليهم ...أشارت إليه برعب بالنفي،وهرعت لحقيبتها الصغيرة الملقاة أرضاً لتجذب الهاتف منه ثم فتحت الرسائل التي تجمع حوارهما وتسجيلاتها على رسائل (الواتساب)،ليته كان جثمان لا يعي قدر الحياة قبل أن يستمع بآذناه صوت والدته المصون وهي تشرع بكرها الشديد إلي من عشقها حد الجنون،أردت تحطيم علاقته الذي سعى إليها وإنتظارها لسنوات متتالية،لم يشفع إليه معاناته التي شهدتها بعينيها وهي ترأه يترقب عودتها بفارغ الصبر حتى أنه زهد النساء لأجلها...تعثرت خطواته وهو يتوجه للخروج بعدم إتزان وكأنه فقد التحكم بجسده كلياًّ فخرج من شقتها بصعوبة ليصل للمصعد بثبات مخادع لمن تراقبه بخوف وتراقب من عقابه المختار لتجده ينسحب بصمت...صعد لسيارته ليصل أمام المقود لدقائق يستعيد بهما عقله المفقود،يحاول تجميع معلوماته في كيفية إستعمال سيارته،أفقدته الصدمة كل ما يمتلكه ليصبح بائساً محطم،فجاب بخاطره سؤالا واحد،هل تكره الأم رؤية سعادة أبنائها حقاً؟....ضرب المقود بقوة ألمت يديه ليصرخ بجنون:_لـيه!!!....ليه بتعملي معايا كدا؟!!!...وشغل المحرك لينطلق بسرعة جنونية عودة للقصر لمواجمة من أردت تدميره ببعده عنها!!...وصلت سيارة "رحيم زيدان" للقصر فهبط منها بخطوات مسرعة تجاه الباب المقابل إليه،فوجده يهبط بمفرده دون حاجته للمساعدة،رسمت بسمة خفيفة على زاوية فمه ليردد بهمساً ساخر:_لو تعبان إسند عليا وسيبك من المظاهر...خطى "مراد" بضع خطوات ليرفع عينيه الزرقاء إليه ببسمة هادئة ممتنة عما فعله لأجله:_متقلقش عليا أنا متعود أساعد نفسي بنفسي...أشار له "رحيم" بأستسلام:_زي ما تحب...ورفع يديه ليطرق بهما طرقة خفيفة فأذا بحازم يسرع لتلبية ندائه فقال وعينيه تتفحص القصر من حوله:_كله تمام؟...أجابه "حازم" بتأكيد:_كل اللي أمرت بيه تم يا باشا،الهوانم بالمكتب السري لحضرتك من بدري...أشار له ببرود:_أوكي،روح أنت...ضيق "مراد" عينيه بأستغراب:_أيه لزمته كل دا؟!...رفع حاجبيه بأستنكار:_كسبت حربين لسه واحدة...تطلع له بعدم فهم فأبتسم "رحيم" بخبث:_أنت ناسي أن لسه ليها إبن عم،وعلى حد علمي أنه أصعب من الأتنين اللي قتلتهم يعني لازم تكون حريص...زفر بملل زهو يعيد خصلات شعره المنصاعة لتيار الهواء الليلي للخلف:_وسيادته دخلته أيه دا،أومخبئه فين؟!إحتلت المعالم الشيطانية وجهه بنجاح ليبتسم بخبث وبلهجة تفوح منها الشر قال:_لا دا تسبهولي،إعتبره هدية جوازك....تعالت ضحكات "مراد" ليضم صدره بيديه بألم مشيراً له بمعصمه:_تاني يا "رحيم"!،تاني؟!..غمز بزيتونية عينيه الساحرة:_تابوت واحد مش هيأثر على البشرية ولا أيه!..أشار له بأستسلام:_أعمل اللي يريحك،المهم دلوقتي توديني لمرأتي...وكاد بأستكمال خطاه للداخل ولكنه توقف حينما تمسك"رحيم" بذراعيه قائلاً بخفة:_مستعجل على أيه!...تطلع له بأستغراب:_لسه في مصيبة جديدة ولا أيه؟!...إبتسم "رحيم" ليضع يديه بجيب جاكيته الأسود بثقة:_والله لو أنت شايفها مصيبة فأنت من أهلها وأدرى بدا أكتر مني...صيق عينيه بعدم فهم:-هي مين!!..أتاه الرد من خلفه بغضب:_بقى أنا مصيبة يا "مراد" ماشي،دأنت حتى الدكتور قالك ساعة وتخرج وأنت قولت يا فكيكإستدار ليجد "يارا" تهبط من أحدى سيارات حرس "رحيم زيدان"،فرفع يديه على جبينه بضغطة خفيفة ليردد بذهول:_نسيت إزاي!...ردد"رحيم" بهمساً منخفض:_أنا مبنساش....إبتسم "مراد" على كلماته الخبيثة التى تمنحه نظرة دقيقة على جزء من شخصية "رحيم زيدان" الغامضة...إنكمشت ملامح وجهها بذهول حينما رأته يحمل كتفيه برباط يطوف برقبته،أسرعت إليه بلهفة وعينيها تتفحص ذراعيه بتفحص:_أنت كويس؟...تطلع لما تتطلع إليه ببسمة هادئة:_حاجة بسيطة متقلقيش...ضيقت عينيها بشك فأكدت لها بسمته الخبيثة بأنه طلق ناري وليس مجرد كسر،قطع "رحيم" الصمت قائلاً بلطف:_أكيد أنتِ راجعة تعبانه...ثم أشار للخادم بهدوء:_خد الهانم لأوضة الضيوف....إنصاع إليه فأبتسمت له بأمتنان ثم غادرت مع الخادم أما "مراد" فلحق برحيم لمكتبه بلهفة لرؤيتها...توقف "آدم" أمام المكان المنشود فهبط من سيارته بأقصى سرعة يمتلك،قصد الطريق للداخل ولكنه تفاجأ بشاب طويل القامة يسد طريقه قائلاً بطريقة عملية:_أسف المكان مقفول...تطلع له "فارس" بأستغراب بعدما إنضم ليقف جوار أخيه:_بس الأماكن دي مبتقفلش غير وش الصبح!...إرتبك الرجل بوقفته ليتحدث بهدوء بعدما أوجد حجته:_أيوا بس النهاردة محجوز،سهرة خاصة...راقبه "آدم" بصمتٍ قاتل وهو يدرس أصغر تفاصيله ليدفشه بغضب ويسرع للداخل غير عابىء بصراخه به،كاد الحارس بأن يلحقه للداخل ولكنه توقف حينما جذبه "فارس" مدعياً الهدوء ليتحدث بنبرة أثارت قلق الرجل:_إهدى كدا عشان منعملكش مشاكل..أجابه الرجل بشجاعة مصطنعة:_المشاكل دي هتكون ليكم لما أطلبكم الحكومة وألبسكم قضية سرقة أنتوا الجوز...تعالت ضحكات "فارس" ليقطعها مرة واحدة بتظرات مميتة،رفع ياقة الرجل بيديه ليجذبه إليه بقوة هامساً بسخرية:_شكلك متعرفش مين اللي وقعت معاهم،أو يمكن أنت مبتقرأش جرايد أو مجلات تهيألك من هما عيلة"زيدان" أو على الأقل تتعرف على أفرادها...إبتلع الرجل ريقه الجاف بصعوبة ليستكمل "فارس" كلماته بتحذير وبنظرات جعلت الرجل يقتل رعباً:_كدا تعجبني،خليك عاقل كدا وإدعي ربنا أن كلامك يكون صح لأنه لو غلط هتدفع التمن غالي أوي..أسرع الرجل بالحديث بخوف فقال بأرتباك:_يا باشا أنا ماليش دعوة هما اللي هددوني أني أمنع حد من الدخول وأ...لم يستمع "فارس" لباقي كلماته فهرع للداخل مسرعاً حينما تأكد حدث أخيه ليكون لصفه خشية من أن يصيبه السوء...بالداخل...نجح أحداهما بأقتناع الحارس بأن يخلي المكان بطريقة غير ملفتة مقابل مبلغ باهظ من المال،وبالفعل إستجاب إليه وشرع بذلك فما أن تأكدوا من أن المكان أصبح فارغ بهما حتى بدأوا بتحطيم الباب الذي تحتمي به...تراجعت "سما" للخلف برعب وهي تحتضن ثيابها وكأنهما أعز ما تمتلك،غزت الدموع وجهها دون راجع لتردد بصوتٍ هامس مرتعش:_يارب أحميني منهم يارب أموت أشرفلي...قالت الكلمات بدموع لا تتوقف ليحل على تفكيره طيفه الخفي فرددت بأمل خافت:_"آدم"...قالتها ببكاء وكأنها تتمسك بأخر رمق لحياتها للخروج بما تمر به،تحطم أملها مع حطام أخر ركلة للباب الذي إنهار حصونه ليجذبوها بالقوة للخارج،صرخت بجنون حينما تمسك بها أحداهما بقوة ليحرر خمارها الفضفاف من عليها فتبقت بالأسكارف الصغير الذي ترتديه أسفل خمارها الزهري،بكت بجنون وهى تحاول دفعهم بعيداً عنها ولكنهم كانوا يحكمون بقبضتهم على يديها،فكيف ستقوى على ثلاث رجال وهى بمفردها!،ورغم ذلك بذلت ما بوسعها لتحرير ذاتها مما تمر به...بحث عنها بكل مكان بالخارج حتى تسلل لمسمعه صوت صراخها وإستنجدها بأي أحد بالمكان،ركض "آدم" تجاه الصوت ليقف مصعوق محله حينما رأى من يقيد حركاتها ومن يقف أمامها يحاول تجرديها من ملابسها!...لم يشعر بذاته الا حينما وقف أمام هذا اللعين ليلكمه بقوة أسقطته على الحائط فرفعه عليه بعدما أحكم يديه حول رقبته بغضب يشتعل بحدقتي عينيه،تركها الرجلين حينما رأى صديقهم يتعرض للهجوم من شخصاً مجهول فحاولوا تحرير قبضة"آدم" المحكمة،فلكموه بأماكن متفرقة بجسده،شعر بالألم فحرر قبضته من على رقبته ليحاول الدفاع عن ذاته ليصبح منفرد بالقتال أمامهم..،تراجعت "سما" للخلف بصدمة وعدم إستيعاب لما يحدث حولها وكأنها ترى حلم مزعج أطاح بها للهاوية،قيدوه وكادوا بضربه بزجاجة الخمر الفارغة ولكن تدخل "فارس" ليحول الضربة للرجل بالزجاجة التى تهشمت على رأسه لتقتص منه فتحرر "آدم" من قيدوهم ليلكم أحداهما بغضب مميت ليجذب هذا اللعين مجدداً ليطيح به أرضاً وينقد عليه كالفريسة الصائغة لينهش به دون رحمة أو شفقة لما إرتكبه حتى فقد الوعي جراء ما تعرض له أو ربما فقد الحياة بأكملها...جذب "فارس" "آدم" بقوة:_خلاص....لم ينصاع إليه وظل يلكمه بغضبٍ وبكل ما أؤتى من قوة فصرخ به أخيه:_كفايا يا "آدم" الواد مات تحت أيدك..وأبعده عنه بصعوبة والأخر مازال يتأمله بنظرات لم تهدأ نيرانها،شهقات بكائها من أعادته لأرض واقعه لينتبه إليها،وجدها تجلس أرضاً بزاوية منفردة عنهم تتابعهما بعينيها وخوف يشق وجهها كالرعد..هبط "آدم" لمستواها ليصيح بغضب شديد:_أيه اللي جايبك الأماكن الزبالة دي!!...لم تجيبه وإكتفت بالبكاء فقط فجذبها "آدم" من ذراعيه بغضب لتقف أمامه بأنصياع وكأنها فقدت قدرتها على تحريك جسدها الثقيل:_عاملالي فيها محترمة ونازله كبارية،طيب ليه اللبس المحتشم دا ما تلبسي عريان أفضل...كلماته مثل السوط الذي جلدها بقسوة ألمتها أكثر من جرح ذراعيها الغزير حينما حاولوا رغمها على ما يريدون،إنزعج "فارس" من حديث أخيه المهين فقال بغضب:_أيه اللي بتقوله دا!.أجابه بسخرية وهو يتطلع لها:_بقول أيه يعني،أنت شايف بنفسك أحنا واقفين مع الهانم فين؟!...الحمد لله أننا مجبنهاش من شقة مفروشة..._"آدم"...تفوه بها "فارس" بحدة ليدفشه بعيداً عنها بحذم وبغضب يثور بعينيه:_أنت زودتها أوي ...وجذب خمارها الملقي أرضاً ليضعه علي كتفيها ثم أشار لها بحنان وبهدوء يتغمد قلب الفارس الغيور على نساء عائلة محبوبته!:_إمشي يا "سما"...كانت تلتزم الصمت فلم تتفوه بأي كلمة من البداية فأن أخبرته بأنها لم تكن تعلم بأنه ملعي ليلي الا بعدما أتت لهنا لما صدقها،إتبعت "فارس" للخروج فلحق بهما "آدم" بصمت ليرأها وهى تحاول إرتداء خمارها ليرى نزيف ذراعيها بوضوح،أسرع بخطاه حتى صار من يسبقهم ليقف أمامها بصدمة وهو يرفع طرف أكمام ذراعيها،وجدها تمتلك جرح عميق ومع ذلك لم تصرخ ألماً كانت تلوذ بالصمت لعلمها بخطأها الجسيم،قال بخوف عبرت عما يفيض بالقلب لها:_ محتاج خياطة...ثم أشار لفارس بلهفة:_فين أقرب مستشفي؟...إبتسم وهو يرى حبها يلمع بعين أخيه فأكمل طريقه للسيارة ببسمة هادئة:_قريبة متقلقش...تمسك بها للسيارة وهى كالدمية تتحرك معه أينما اراد وبأي مكان،فتح باب السيارة الخلفي فصعدت وصعد لجوارها...قاد "فارس" السيارة للمشفى وهو يخطف بعض النظرات بالمرآة لأخيه الذي يجلس بالخلف لجوارها،عينيه تتطلع لجرحها بلهفة،حاملاً ذراعيها بين يديه حتى تلوثت ثيابه بالدماء وهو يحاول إيقافه بالمناديل الورقية،طافت عينيه على الخاتم الذي ترتديه ليمر ذكري هذا اليوم على خاطره فأبتسم رغماً عنه حينما تذكر كيف تمت خطبتهم بسابقة لم تحدث بعهدها...توقف "فارس" أمام المشفى ليتمكنوا بعد ذلك من الصعود للطبيب الذي قام بعمله،كاد "آدم" بأن يلحق بالطبيب لداخل الغرفة ليكون لجوارها ولكنه توقف حينما تمسك به "فارس" مردداً ببسمة خبث:_أنا عرفت الأجابه على سؤالي،يعني تقدر تكتب كتابك معانا بكرا...وغمز له بعينيه ليدلف فارس خلف الطبيب وتبقى "آدم" محله بصدمة من كلمات أخيه ليسأل ذاته بذهول هل أحبها بصدق؟!..فتحت "سارة" باب المنزل بعد عدد من الطرقات المتتالية فهرولت لترى من بقلب يرجو بأن يكون معشوقها،تلاشت بسمتها تدريجياً حينما رأت من يقف أمامها فقالت بأرتباك:_"مروان"!!..بفيلا "عباس صفوان"...أخبرتها الخادمة بأن هناك من يريد رؤيتها بالأسفل ويرفض أن يخبرها بكنايته،فتوجهت"هنا" للأسفل بأستغراب لهذا الضيف الذي يرفض أن يخبر الهادمة بأسمه،وجدت من يقف ويوليلها ظهره فقالت بأستغراب:-أفندم،حضرتك طلبت تشوفني!...إستدار بوجهه أمامها لتردد بصدمة إكتسحت معالم وجهها:_"سليم"!!!...جابت الغرفة ذهاباً وإياباً والقلق ينهش قلبها عليه،فشلت "أشجان" بتهدئتها فحتى هي بحاجة لمن يهدئها بعدما تعرضت لما رأته....فتح باب الغرفة ليطل من أمامهم "مراد" فأسرعت "حنين" لأحضانه ببكاء حارق مرددة بصوتٍ بح بالبكاء:_كنت خايفة أخسرك..إحتضنها "مراد" مطولاً بأنفاس كانت تعلو صوتها كلما تبقت جوار خفق القلب العاشق لرائحتها الطيبة،يقولون أن لكل عاشق قلب ينبض وروح تحوم ورائحة مميزة يستنشقها من أحب كل شيء متعلق به فيصبح بدونها كالمتعاطي المجنون الذي يبحث عن إدمانه وهكذا هي بالنسبة له،إدمان لا علاج له سوى الأقتراب...تملك ذاته أخيراً وخاصة حينما إنتبه لوجود "شجن" وبدخول "رحيم" للغرفة هو الأخر،تعلقت عينيه الزيتونية بمن تقف بالغرفة قريبة منه ولكن تفرقهم أميال ومسافات يفشل بتقلصها مهما فعل ومهما حارب لأجلها...تباعدت "حنين" عنه بخجل شديد،ففركت أصابعها بتوتر وإرتباك،إبتسم "مراد" وهو يتأملها فتمسك بيديها متوجهاً للخروج ليشير لرحيم ببسمة هادئة:_تصبح على خير يا شريك...إبتسم "رحيم" على لقبه الجديد المضحك وكأنه شريكه بالمصائب والقتال الذي سيفتك بهم جثث لا محالة ذات مرة،إكتفى بأشارة بسيطة إليه فخرجوا من الغرفة لتتبقي من لبست ثوب الأرتباك والتوتر لوجودها معه بمفردها فأسرعت بخطواتها للخروج،وضع يديه أمامها ليسد طريقها قائلاً دون ملامستها:_مش هتعرفي تخرجي من هنا لوحدك،خاليني أساعدك..لم تنصاع إليه وخرجت من الغرفة لتجد طرق مظلمة وملتوية بطريقة غريبة،وكأنها بشق جبل وليس بمكان ما بقصره المتفرع،عادت للخلف خطوتين وكأنها إنصاعت إليه أخيراً،واضعة عينيها أرضاً بترقب لخطاه،إبتسم "رحيم" على إقتناعها الذي أتى بعد معاينة ليخرج من الغرفة بمنحنى جانبي سري فلحقت به لتجد ذاتها بالحديقة الخلفية للقصر...وقف بأنتظارها حتى خرجت فكادت بأن تكمل طريقها للقصر ليتمسك بذراعيها:_"شجن"..تطلعت ليديه بغضب فرفعهما عنها مردداً بسهو:_أسف...ثم قال بهدوء:_طيب ممكن نتكلم شوية...تطلعت له بحيرة فأشار لها على الطاولة المقربة منهم على مسافة بسيطة،جلست عليها بأرتباك وهى تترقب حديثه،تطلعت على القصر المنصوب أمامها بكبرياء بعدما جلست بمقابله ليبتسم قائلاً بهدوء:_شايفة أيه يا "شجن"؟..تطلعت له بنظرة متفحصة ثم قالت بصدق تفوه من قلبها بدون زينة للكلمات:_شايفة قبر كبير جدرانه متزينة بأجمل ما يكون ومن جواه بير غويط وريحته كلها ذنوب ومعاصي،شايفاه مجرد قبر إتدفن جواه أكتر إنسان إتمنيت كل ثانية أنه يكون عايش لحد مأنا دخلت القبر دا...وتنفست بصعوبة لتستكمل كلماتها الثقيلة على أنفاسها:_مبحسش فيه بالبهجة ولا بشوفه جميل،مش بحس بيه غير بطلوع روحي ونفسي اللي مش بقدر أخده وأنا جواه،والأصعب من كل دا لما بشوفك أنت شخصياً...ثم قالت بدموع والأخر يستمع لها بصدمة وعذاب يرهق أعتى الأجساد:_عيونك بتعذبني أكتر من المكان دا،بتعاتبني بذكريات مش عايزة أفتكرها،فكرة أن الشخص اللي بيملك العيون دي هو نفسه الشيطان اللي كرهته من كل قلبي ودعيت عليه بالموت بتعذبني،غصب عني بفتكر اللي حصل معايا ومع أخويا،غصب عني بحط إفتراضات أن لو بنت تانية غيري كانت ممكن تكون جوا السجن دا ويحصل معاها اللي أنت وقفته أنه يحصل معايا لمجرد أني"شجن"،وسؤال كتير بيلاحقني يا ترى أنت ظلمت كم حد بحياتك ويا ترى لسه هتظلم مين؟!..شعر بنيران تلتهم غرف قلبه الأربعة لتذيقه ألم يختبر مذاقه للمرة التي تعدت المليون،عانى ومازال يعاني ببحر إستنذف مهاراته ومازال يطالبه بالمزيد...خرج"رحيم زيدان" عن صمته المطول قائلاً بصوتٍ يجاهد للثبات:_أنتِ حكمتي بدون ما تسمعيني أو حتى تشوفي أنا شوفت أيه بس جاهز أخدك بجولة صغيرة كدا بحياة الشيطان اللي أنتِ شيفاه..وجذبها من معصمها بالقوة ليدلف للداخل قاصداً جناحه والأخرى تحاول جذب يدها قائلة بخوف وهى تصعد خلفه الدرج:_أنت رايح فين سيبني...أجابها دون النظر إليها وهو يفتح باب غرفته:_متخافيش يا "شجن"...ودفعها للداخل برفق ليغلق باب غرفته،إبتلعت ريقها بصعوبة وخوف من إنفردها معه بمكان واحد فقالت بصعوبة بالحديث حينما رأته يخلع جاكيته ويحرر أزرار قميصه:_أنت بتعمل أيه؟..إبتسم بألم ساخر وهو يلقي بقميصه أرضاً:_بوريكي جزء من القبر اللي أنتِ فشلتي توصفيه...جحظت عينيها مما رأته فرفعت يديها تكبت شهقات بكائها وهى تحاول إغلاق عينيها عما ترأه من إصابات مذرية تفتك بصدره وبطنه وبكتفيه العلوية وكأن هناك من مرر نصل السكين على كل شبر بهما،عينيها بكت وقلبها شهق مما رأته حتى أنها تراجعت للخلف لتسقط المزهرية من على الطاولة دون أن تعي فأنعطفت تجاه الأخر لتستقر محاصرة من الحائط ومن معاناتها التى تقف أمامها،وقف أمامها يتأمل نظراتها ببسمة ساخرة ليردد بأسى:_كنتِ عايزة تعرفي أيه اللي حولني بالشكل دا،يا ترى الأجابة كافية ولا أضيف كمان الأيام اللي قضيته بره الحبس بس بمعتقل أكبر وكلبشات أوسع...إقترب منها أكثر ليهمس جوار آذنيها بألم:_عايزة تعرفي أنا شوفت أيه هنا بالبيت دا؟..أشارت له بجنون وكأنها لم تعد تحتمل فيكفي القدر الذي رأته:_لأ، لأ...إبتسم وهو يرأها مغلقة العينين وتصرخ بهسترية به بالا يكمل حديثه فردد بصوتٍ منخفض يحمل آنين عوالم بأكملها:_أنتِ مش قادرة تبصي على جزء من معاناتي،أنا عايش معاها لحظة بلحظة وثانية بثانية وكان ممكن أتحمل أكتر من كدا عشانك يا "شجن"، عشان"فريد" اللي عرفتيه مكنش يقدر يعيش ثانية وهو شايف الحيوان دا عايش أما "رحيم" اللي قدام عيونك فدا شخص ميت،كان عايش عشان يقتص من كل حد سببله أذي ولو صغير في يوم من الأيام لحد مأنتِ رجعتي بذكرياتك ترجعي جزء من حياته فحاول أنه يغير نفسه ويرجع زي ما كان رغم الصعوبة والعقبات اللي هيشوفها بس حاول لكن أنتِ إستكتري عليه أنه يلاقي نفسه يا "شجن"،أنتِ كمان دفنتيه بالحيا وطلبتي منه أنه يخرج من التابوت اللي تحت كوم من التراب لوحده بدون مساعدة،أنتِ بتشيلي الأمل اللي ربنا زرعه برجوعك ليه يا"شجن"..وتركها وتراحع للخلف ليتطلع لها بنظرة أخيرة ثم خرج من الجناح بأكمله تاركها خلفه بحالة لا ترثي لها من الدمعات والقهر عما أصابه فجلست على المقعد بأستسلام وتفكير يكاد يفتك بها...بقصر"جان زيدان"...ولج للداخل بخطوات هادئة للغاية ليجد الجميع بالداخل،إقتربت منه والدته بقلق:_كنت فين يا حبيبي قلقتتي عليك أوي...إبتسم بألم وهو يتطلع لتمثيلها الحرفي ليتركها تتأمله بأستغراب ثم إقترب من"سلمى" ليجذبها من ذراعيها وشقيقه،تطلعت له "فاطمة" بأستغراب وهو يجذبها للخارج معه:_في أيه يا "جان" أخدني فين!..لم يجيبها وتوجه بهما للخارج،وقفت والدته أمام عينيه قائلة بذهول:_في أيه يابني وواخدهم على فين؟!..أجابها بنظرات تشع بوميض غامض:_هخرج من هنا وهما معايا مهو بصراحه أخاف أسيب أختي ليكي تدبري ليها مكيدة ولا حاجة فتبعديها هي كمان عن "يامن" ومش بعيد تكوني أنتِ اللي سلطتي الكلب دا عشان يقتله..صرخت به فاطمة بصدمة:_أيه اللي بتقوله دا أنت إتجننت..أجابها ببسمة هادئة ودموع تلمع بعينيه:_يارتني كنت مجنون وأنا بكتشف حقيقتها وخططها الدانيئة مع الزبالة دي عشان تفرق بيني وبين "سلمى"..وقعت كلماته على الجميع كالصاعقة ليشت البعض عن التفكير ولكنها بكت بحسرة والبكاء كأعتراف بجريمتها فقالت بدموع غزيرة:_أنا محبتهاش وقولتلك ألف مرة مش عايزة البنت دي وأنت رفضت تسبها..تأملتها"سلمى" بصدمة من كرهها الشديد الغير مبرر،فماذا فعلت لها حتى تنال هذا القدر الوفير من الحقد تجاهها!!...إقتربت منها "فاطمة" بصدمة:_إزاي!!،لا مش ممكن أصدق،معقول أنتِ اللي حرضتي البنت دي على "جان"!!...أجابتها بدموع:_كان غصب عني...لم يعد يحتمل سماع المزيد فجذب سلمى ليخرج بها من هذا المكان لتلحق به فاطمة بعدنا شيعت والدتها بنظرة حزينة على ما إرتكبت...توجه للصعود بسيارته للخروج من هذا المكان بأكمله ليجد من يقف أمام سيارته قائلاً ببرود:_على فين؟!..تسللت"حنين" على أطراف اصابعها لتهبط للأسفل وهى تتفحص الطريق جيداً خشية من رؤية الحرس،فرفعت صوتها الهامس بعض الشيء:_أنت فين يا صديقي الصدوق،أخرج الجو أمان...تعالت ضحكات من خرج من مخبئه ليداهمها بكلماته:_أنتِ بتحضري عفريت!!..إقتربت منها لتقدم له الطبق المغلق جيداً قائلة ببسمة واسعة:_جبتلك محشي ورق عنب بس أيه لوز اللوز مهنش عليا أنام من غير ما أجبلك العشا..تعالت ضحكات "طلعت زيدان" ليشير له بعدم تصديق:_أنتِ مش طبيعية!!...
رواية الجوكر والأسطورة الجزء الثاني للكاتبة آية محمد الفصل الثامن عشر( وعشقها ذو القلب المتبلد )إرتعبت أواصرها حينما رأته يقف أمامها،كشفت حقيقتها أمامه ولكن مازالت تحتفظ بالرد المناسب حسب مخططاتها الكاملة لأى فعل ستتعرض له،حافظت على ثباتها قدر ما إستطاعت لتشير له على المقعد بهدوء:_إتفضل....ضيق عينيه بأستهزاء على تعاملها السمج معه وكأنها لم تفعل شيئاً،فقال بصوتٍ تعمد جعله أكثر حدة:_أنا مش جاي عشان أقعد،أنا جيت عشان أقولك كلمتين وأتمنى أنك تفهميهم كويس أوي...تطلعت له "هنا" بأستغراب فقد ظنت بأن سبب قدومه لصالحها وإن كان فيه إنكشاف لأمر كنايتها الحقيقة فقالت بمكر :_يعني الأكيد أنك جاي عشان تصلح غلطتك اللي أنت عارف كويس عقابها هيكون أيه مع محامي زي بابي...قطع المسافة بينهما بخطاه المحلاة بالثقة ليقف أمامها ببسمة ساخرة جعلتها تقف بأرتباك،خرج صوتها بنبرته المخيفة التي تستحقها فقال بمكر:_دا قبل ما يعرف بنته المصون كانت بتخطط لأيه خلها تشتغل بمكتب "سليم زيدان" وبالأخص لو عرف أنه معرفش يربي بنته كويس أو يعترف أنها مريضة نفسية عشان تخلي راجل يتهجم عليها بأرادتها!...إزدردت ريقها الجاف بصعوبة بالغة بعدما صار على علم بما فعلته ليلحق بها ما سبق،بدى الارتباك على ملامح وجهها لتقول بكلمات متقطعة:_أيه الهبل دا!!...ثم قالت بثبات مخادع جاهدت للتحلي به:_منكرش أني كدبت عليك بأني بنت مين بس أنا حبيت أشتغل بنفسي بعيد عن فلوس بابا وسلطته...تعالت ضحكاته الساخرة فلوي فمه بأستنكار:_وليه شركتي أنا بالذات!...إنسحبت أنفاسها من مواجهته فكان يسد عليها كل طريقاً تسلكه،قالت بتوتر ملحوظ:_يعني شوفت الأعلان بتاع الوظايف وإختارت أحضر المقابلة....هز رأسه بسخرية وعدم تصديق:_أممم،لا صدقتك...رسمت الغضب على وجهها لتصرخ بعصبية مصطنعة:_تصدقني أو متصدقنيش اللي حصل حصل وإنتهى بحقيقة واحدة إنك إعتديت عليا وأنا مش هسكت يا "سليم" بيه...تحاولت نظرات عينيه لعاصفة من الرمال الواشكة على إلتهامها حياً لدرجة أنها ندمت على فعلتها مرتين، تراجعت للخلف برعب حينما تقدم ليقف أمامها دون أن يرمش له جفن ليقول بهدوء مخالف عنا يجوب بخاطره:_إسمعيني كويس وركزي في الكلام اللي هقولهولك كويس لأني مبعدش كلامي مرتين...أنا مش عارف أيه اللي في دماغك ولا أيه السبب الحقير اللي خالاكي تعملي فيا وفي نفسك كدا بس اللي أقدر أعمله حاجة واحدة بس...إبتلعت ريقها الجاف من فرط توترها قائلة بصعوبة بالحديث:_حاجة أيه دي؟!..تطلع لها بنظرة مطولة تعج بالقسوة والجفاء وكأن الكلمات ثقيلة على لسانه فيحاول جاهداً نطقها:_هتجوزك فترة وبعديها هتطلقك وكل واحد هيروح لحال سبيله...كادت برسم بسمة إنتصار على وجهها ولكنها قطعت حينما رفع إصبعيه أمام وجهها بتحذير مهلك:_بس وقسماً بالله لو "ريم" عرفت حاجة أو أي حد من عيلة "زيدان" مش هيهمني ضميري ولا مبادئي اللي بسبب "ريم" ممكن أدوس عليها وعلى نفسي أنا شحصياً...تشكل الحقد بعين "هنا" وهى ترآه يعترف بعشقه المتيم بزوجته المصون، ردد كلماته الأخيرة بنظرة كره شاملتها من رأسها لأخماص قدميها:_أظن كلامي واضح..أومأت برأسها بهدوء مصطنع ليمنحها نظرة متعصبة ثم خرج ليترك النيران تكاد تلتهمها حياً.....جلس بالداخل بأنتظارها بعدما تركت باب شقتها مفتوح،وضعت "سارة" العصير من يدها على الطاولة المقابلة لمروان لتجلس أمامه بتوتر، لم يكن حاله أقل منها فكانت تسيطر عليه حالة من الأرتباك لما سيقوله بموقفه الحساس...بدأ بالحديث متحاشياً التطلع إليها:_"سارة" أنا أسف مكنتش أعرف بعلاقتكم ولا بحبكم،صدقيني أنا أ...قطعت كلماته ببسمة هادئة تحمل ألم يكفي عالم بأكمله،ألم لا يعرفة سوى العاشق المجروح فؤاده:_متعتذرش يا "مروان" أنا اللي المفروض أعتذر أني وفقت على العلاقة دي من الأول...وبدموع تساقطت على وجهها بآنين قالت:_أنا اللي حبيت أعاقب "ريان" على تخليه عني بالسهولة دي...وزفرت بصعوبة لحاجتها للتنفس بعدما إختنق تنفسها لتستكمل كلماتها الحزينة:_كنت فاكرة أني كدا صح بس لقيتني بخسر نفسي كملت بالطريق دا وأنا بموت من القهر وأنا شايفة الأنسان الوحيد اللي حبيته واللي ماليش غيره بالدنيا بيضحي بيا بسهولة،كملت بالعلاقة دي حتى بعد ما عرفت الحادثة اللي إتعرض ليها ويمكن تكون السبب في اللي هو عمله..وأزاحت دموعها رسمة بسمة بائسة:_أنت مالكش ذنب يا "مروان"...رفع عينيه إليها بحزن على ما تشعر به تلك الفتاة فتنحنح بتوتر ومجاهدة للحديث لكسر ما تبقى بقلبه:_"ريان" مختلف يا "سارة" بيفكر في اللي حوليه أكتر ما بيفكر بنفسه...وتطلع لها بدموع تلمع بعينيه وبسمة صادقة تشرد بشخصية أخيه العظيمة:_زمان لما إتوفت ماما كان هو جانبي أنا وأخويا،وبرضو كان جانبنا لما قضى أبويا عمره كله بالشغل بره مصر حتى لما إتجوز بنت من دور عياله، فضل جانبنا وعمره ما أتخلى عني أو عن أخويا...ثم قال بألم يخرج بوضوح من لهجة صوته:_مبيحبش حد يعرف مشاكله ولا عمره فضفض ولا إشتكى همه لحد يمكن عشان كدا رفض يشاركك معاناته مع واضعه الجديد ويمكن عمل كدا لأنه عرف بأعجابي بيكِ، أيا كان السبب فهو عمل كدا مجبور....هوت الدموع على وجنتها فهي تعشقه بكل ما إمتلكت، إبتسم "مروان" برفق ليستكمل كلماته:_أنا هنا النهاردة يا "سارة" عشان أغيرلك مفهوم أخدتيه عني،أوقات القدر بيحطنا بأماكن مش لينا وبيجبرنا نكون بصورة مش بتعبر عننا،فأنا حابب أنك تنسي اللي أنا عملته وتعتبريني زي "خالد" الله يرحمه...إبتسمت بفرحة لمعت بعينيها لتمحي دمعة الحزن والآم فأشارت له برأسها وهى تزيح دموعها:_أكيد طبعاً...نهض "مروان" عن مقعده ببسمة هادئة مشيراً له بخفة:_حيث كدا بقى واجب الاخت طاعة أخوها يعني هتيجي معايا لمكانك المناسب ولا أيه؟..تلاشت بسمتها تدريجياً لتقف أمامه بحزن:_مش مكاني طول ما "ريان" مش حابب أكون موجودة فيه...أشار لها بالنفي:_مش صحيح هو أكتر واحد بيتمنى رجوعك دا صدقيني أنا بفهمه من عيونه...عبست بوجهها بأسف لتتحدث بأنكسار:_لو كلامك صحيح كان هو اللي هيكون هنا...إقترب منها بمسافة محدودة قائلاً بثبات:_أنا لسه قايلك يا "سارة" أنه بيفكر في اللي حوليه أكتر من نفسه،يعني خطوة زي دي هتكون بالنسباله صعبة عليا لأنه مفكر أني لسه في من نحيتي حاجة ليكِ فاهماني؟...أشارت له بتفهم وخجل من جرحه مجدداً فأشار لها بمكر:_ها...هتسمعي كلام أخوكِ يا بنتي ولا هتغلبيني؟..تعالت ضحكاتها بعدم تصديق على شخصيته المدهشة فقالت بصعوبة بالحديث:_حاضر،هغير هدومي بس..جذب مفاتيح سيارته ليشير لها ببسمة هادئة:_وأنا هستناكي تحت...سعدت لمنحها خصوصية كهذة فأغلقت الباب خلفه ثم ولجت لغرفتها لتستعد للعودة بقلب يخفق بجنون لرؤياه....صعد لسيارته فكاد بالخروج من حدود مملكة "زيدان" ليجد من يقف أمام سيارته ببرود يتزين بعينيه الزرقاء فقال بثبات:_على فين؟!...إنتهت "فاطمة" و"سلمى" للمتحدث فلم يكن سوى الجوكر المزعوم،خرج "جان" من سيارته بملامح كافيلة بتخمنيات "مراد" عما يحدث معه فقال بهدوء:_لو حابب تشرف أوضتك الوقتي عادي أحنا فيها بكرا من الوقتي مش هتفرق كتير ولا أيه؟!..أشار له "جان" بأستسلام عجيب زرع القلق بقلب "مراد" فأشار للخادم قائلاً بلطف:_وصل البنات لغرفهم..تطلعت "سلمى" بأرتباك لجان فأشار لها بالأطمئنان فتمسكت بذراع فاطمة لتلحق بالخادم للداخل،رفع "مراد" يديه على كتفي "جان" بشك:_كنت رايح فين؟!..إبتسم بألم:_هتفرق!..إحتضن كتفيه ببسمة هادئة:_أممم،شكل الموضوع كبير وفيها قاعدة...وجذبه ليتمشي لجواره مخرجاً تلك الكلمات التي تحرق صدره لرفيقه الغائب لسنوات عنه،أنهى "جان" حديثه ليستمع لما سيقوله مراد بحرص فقال الأخر بهدوء:_تعاملك مع الموضوع غلط يا "جان"...ضيق عينيه بغضب:_هو أيه اللي غلط؟!،بقولك أمي عايزة تفرقني عن البنت الوحيدة اللي حبيتها،عايزة تخرب حياتي بعد ما شافت أد أيه أنا إتعذبت من غيرها!!!..._والهروب من المواجهة الحل؟...قالها"مراد" بثبات وهو يتطلع لعينيه مباشرة،زفر "جان" بضيق وكأنه لم يعد يشعر بعالمه هذا بعد تلك الحقيقة الصادمة،وضع "مراد" يديه على كفه الممدود قائلاً ببسمة هادئة:_حل مشاكلك مع والدتك بهدوء،الهروب مش الحل ومتنساش أنها بالنهاية أم عمرها ما تضر أولادها..تطلع له بسخرية فقال بتوضيح:_من وجهة نظرها أن اللي عملته دا في صالحك أنت فلازم تعرف الصح من الغلط ودي بقى مهمتك أنت...أشار له بهدوء فربت على كتفيه ببسمة مرح ليخرجه مما هو به:_سيبك بقى من كل دا وركز معايا،أوعى تنسى نفسك عشان مع خطيبتك بمكان واحد فتقضيها مراجيح،مش هقدر أخلصك من أيد "رحيم" فأحترم نفسك بنفسك..إبتسم بتهكم على حديثه مردداً بهمساً ساخر:_يعني فضلت معاها خمس سنين وعلى سرير واحد وهجي أعملها هنا!...شاركه "مراد" الضحك ليقطعها بسؤالا طل على ذهنه على ذكر الموضوع فقال بتذكر:_قولي صحيح،أنت ليه روحت طلبت فلوس العملية من "رحيم" ومطلبتش مني!...تطلع له مطولاً ثم قال بغموض عصف بكلماته:_"رحيم" معاه ورث عيلة "زيدان" يعني من حقي أطالب بجزء من ميراثي عشان أعالج بيه زوجتي ولا أيه؟!..أجابه بأستغراب:_بس علاقتك بيه مكنتش كويسة يعني كان ممكن تطلب مني!..حك ذقنه النابتة كتهرب من سؤاله ليجيبه بتردد:_وأنت كنت عارف أني بمر بالظروف دي ومعرضتش مساعدتك من البداية بدون ما أطلب منك.شعر بعاقبة الماضي فقال بأقتناع لما إختبره لأعوام:_كلنا غلطنا،بأتمنى أننا نقدر نتغير كلنا..أشار له "جان" ونظراته على قصر "رحيم زيدان" قائلاً بسخرية:_وتجمعنا هنا الحل؟...إبتسم "مراد" بمكر،ليرفع ياقة جاكيته بغرور:_هتشوف..._أيه سر الأجتماع الليلي دا!!..صوته إنطلق ليشق تجمعهم فأستدار "جان" ليجد "رحيم" أمام أعينهم،إقترب ليقف جوارهم بهدوء فقال "مراد" بثبات:_أول واحد من العيلة إنضم وسكن أوضته عقبال الباقي لما يتجمع بكرا..قال كلماته بخبث داهي فأبتسم "رحيم" رغماً عنه حينما تذكر أول ليلة جمعته مع "مراد" بنفس الغرفة،جذب المقعد ليجلس لجوارهم متجاهلاً نزيف قلبه على ما حدث منذ قليل...مرت "يارا" من جوارهما فأوقفها "مراد" بأستغراب:_كنتِ فين بالوقت دا؟!..أجابته بمشاكسة بدت بلهجتها:_أنت جايبني هنا عشان تحبسني ولا أيه،نزلت أتمشى شوية مصر وحشتني يا جدع الله...ردد بصدمة:_جدع!!،أنتِ إتلميتي على"حنين" أمته!!..أجابته ببسمة واسعة:_من ساعة تقريباً ويعتبر بدأت بمتابعة حالة "أشجان"...نهض"رحيم" عن الطاولة حينما رأهم يقفون على مسافة منهم بملامح بدت له بالمشاجرة فأقترب منهم قائلاً بنظرات شك:_في حاجة ولا أيه؟!..أشارت له "يارا" بالنفي وبداخلها يرتجف رعباً لطالة هذا الرجل المهيب،صدح صوت توقف السيارة التي تقف من خلفهم بالمكان بأكمله فبعدما أزال "رحيم" و"مراد" الحواجز حول القصور الخمس وصاروا كالكيان الواحد وأصبحت الرؤية مرئية للجميع..هبط "مروان" من سيارته ففتحت "سارة" الباب المجاور له لتهبط هى الأخرى،ذهلت "يارا" بما رأته حتى "مروان" تطلع لها بذهول وصدمة فهي تلك الفتاة الغامضة الذي أنقذها من ترحاب الموت،وقف أمامهم بأستغراب من وجود تلك الفتاة هنا وعن صلة قرابتها من تلك العائلة،أشارت "يارا" لمراد قائلة ببسمة واسعة:_دا الشاب اللي إنقذني يا "مراد"...ثم قالت بأستغراب لوجوده هنا:_هو أنت تعرفه؟!..صمت قاطع يعم بالوجوه فقط نظرات ثائرة بين الأثنين قطعها"مراد" ببطء ساخر:_بيقولوا أنه إبن عمي..أجابه "مروان" بغضب بدي بعينيه الشرسة التى لا تنصاع لأحداً:_بيقولوا ولو أني أشك في دا.._"مروان"...صوت "رحيم" الحازم وضع الحد له فتراجع عن حديثه إليه ليتطلع ليارا قائلاً بلطف متعمداً تجاهل نظرات الجوكر الغاضب:_حمدلله على سلامتك يا أنسة...أجابته ببسمة حالمة وهي تتطلع إليه بهيام:_الله يسلمك...إستدار "مروان" برأسه لرحيم قائلاً بهدوء:_تصبح على خير..وأشار بيديه لمن تقف لجواره بشرود بمن يقف على مسافة منها:_يلا يا "سارة"...لم تستمع إليه فكانت بعالم اخر يطالبها بالقصاص لقاتل أخيها الذي يقف على بعداً منها،عاد ليقف أمامها حينما وجدها لم تلحقه ليجذب إنتباهها بصوته المنادي:_"سارة"!!!...إنتبهت إليه فأزاحت عينيها من عليه بصعوبة لتلحق به للقصر الخاص بهم بينما صعد"جان" للأعلى هو الأخر...تأملته وهو يبتعد عنها حتى تخفي من أمامها فقالت بشرود به:_مين البنت اللي معاه دا...تحولت نظرات "مراد" للغضب فأشار لها بحذم:_عارفة لو مختفتيش من قدامي هعمل فيكِ أيه؟!..هرعت للداخل بمظهر مضحك للغاية لتأكدها بما يتحدث عنه وعن ما يتمكن من فعله..وقف "مراد" لجوار "رحيم" الذي تناول كأسه من الخادم ليرتشفه بشرود بما حدث معه بالأعلى منذ قليل...أشار له "مراد" بأستغراب:_أخدت بالك من نظرات البنت اللي مع "مروان" لجان!!..تطلع له "رحيم" ببسمة خبث:_في حروب كتير هنخوضها مش مع ولاد عمك بس...وكأن بلهجته معرفة لسراً ما هكذا شعر "مراد"،حمل"رحيم" كأسه وتوجه للداخل قائلاً بثبات:_تصبح على خير...وغادر من أمامه ليتركه في حيرة مما حدث أمام عينيه منذ قليل...جلس "طلعت" على المقعد الذي يحمل أثر للغبار الساكن بالمكان المجهول ليشير إليها بهدوء وهو يتناول قهوته بتلذذ:_معقول كنتِ مخطوفة؟!..أجابته "حنين" بتأكيد:_أيوا يعني كان زماني الوقتي مشوية زي السردينة الناية على نار عالية...تعالت ضحكات "طلعت" على حديثها المرح فقال بصعوبة بالحديث:_طيب الحمد لله أنك بخير..أجابته بهيام وهي تعبث بحجابها بشرود وكأنها ترسم صورة منقذها أمام عينيها:_البركة في إبنك دايما بيتطلعلي بالوقت المناسب،أه لو تشوف وقفته ولا إزاي قتل أكتر من حد لوحده أه والله مكنش معاه حد "رحيم" جيه بالأخر...إبتسم وهو يستمع إليها فرغم أنه يعشق الهدوء ولكنه أحب تلك الفتاة ذو القلب النقي،تذكر كيف إلتقت به بالأمس حينما كان يتسلل لغرفة"نجلاء" فكادت بالصراخ ظناً من أنه لصاً فكمم فمها ليشرح لها بهدوء بأنه "طلعت زيدان" ورغم ما بذله من جهد لأقناعها لم تقتنع الا حينما جذبته لتوقفه جوار أحدي الصور القديمة التى تحمل ملامحه بالتفاصيل وحينها قررت أن يخبرها بالتفاصيل عما كان يحدث معه فذهبت معه لمكانه السري بالقصر لتستمع لما حدث إليه وبحديث مطول إستطاع كسبها لصفه وبعدم إخبار "رحيم" عن ذلك ولكنها منذ ذلك الوقت وهي تأتي كل ساعة تقريباً حاملة لأصناف عديدة من الطعام وكأنه بنزهة ما!!..عادت من شرودها لتنهض عن المقعد قائلة له ببسمة هادئة:_طيب هروح أنا قبل ما "مراد" يرجع الجناح ومش يلاقيني..أشار لها "طلعت" ببسمة هادئة:_روحي ومتنسيش اللي قولتلك عليه..رفعت يديها أمام فمها لتشير له بأنه مغلق لن تفتحه للحديث عن الأمر فأبتسم على طريقتها المضحكة لتغادر للأعلى....طرق باب الغرفة ثم فتحها ليجد أخيه يعد حقيبته والملابس من جواره بكل مكان،وضع الثياب بالحقيبة ليتطلع "ريان" لمن يقف أمامه بضيق:_كنت فين كل دا ؟!...لم يجيبه "مروان" فزفر "ريان" بغضب:_وبعدين ليه محضرتش شنطك مش عارف أننا هنكون بقصر "رحيم" بكرا...إحتفظ بصمته فأنهى "ريان" إغلاق حقيبته ليقول دون النظر إليه:_فكرة أني هكون مع الحيوان دا بأوضة واحدة كفايا عليا أوي فأبوس إيدك بلاش تعمل مشاكل وبالأخص مع "مراد" فاهمني؟..أشار له بهدوء فوضع "ريان" الحقيبة بزواية الغرفة ثم وقف أمامه بتفحص:_مقولتليش كنت فين؟!..أجابه ببسمة هادئة:_كنت بجيبلك هدية..ضيق عينيه بأستغراب:_ليا أنا!!..أشار إليه بتأكيد والبسمة تزين وجهه ليتطلع لباب الغرفة قائلاً بلهفة:_إدخلي يا "سارة"...إنصاعت لكلماته لتدلف على مهل وإن كانت خطواتها بطيئة للغاية وعينيها تجوب الأرض بخزي وحرج لوجودها هنا،رقص قلبه طرباً مع سماع إسمها ومزمار حينما طلت أمامه بما تمتلكه من سحراً خلاب يؤثر عليه بجنون،خرج"مروان" من الغرفة بهدوء ليتوجه لغرفته أما "ريان" فوقف أمامها صامتاً غير مستوعب لما يحدث أمامه ولوجودها معه بذات الغرفة،ترقبت ما سيقوله أو ردة فعل ولو صغيرة لوجودها هنا،إبتسم "ريان" وهو يتأملها بلحظات طالت عليه دون ملل فقال بهيام:_كنت عارف أنك هترجعي...تطلعت له بغضب من كلماته فقالت بسخرية:_أنا ممشتش بمزاجي اللي عملته كان السبب...أجابها بحزن تشكل على وجهه بحرافية:_عارف،وعارف كمان أد أيه أنا غلطت في حقك يا "سارة"...هوت دموعها دون توقف لتهمس بأنكسار:_أنت خاليتني أتمنى الموت على معاملاتك ليا وتضحيتك بحبي بمنتهي السهولة...أجابها ببسمة تعج بالأنين:_كان غصب عني صدقيني...ثم تمالك ذاته ليقول بنظرات محفورة بالعشق:_إديني فرصة يا"سارة" وأنا هعوضك عن كل اللي أنا عملته..رفعت عينيها إليه بنظرة مطولة.أخفته من إجابتها فقالت ببكاء:_عطيلك الفرص من زمان وهديلك لأخر يوم بعمري...رفرف قلبه عالياً ليزداد رجفة القلب فبسمته وسعادة لا تكفي العالم من حوله،تمنى لو كانت زوجته ليتمكن من ضمها لصدره ولكن لا بأس لتكن زوجته بالغد إذا...بقصر "سليم زيدان"...هبطت" منة" مسرعة حينما علمت بأمر إصابة شقيقتها لتجد الجميع بالأسفل بالأضافة لأخيها الذي وصل من الخارج لتو...رددت بهمساً متقطع حينما رأته يجلس جوار أخيه:_"فارس"!!..إنتبه إليها فأبتسم وهو يرأها تقترب لينهض عن مقعده ويكون مقابلها،بادلته النظرات وببسمة جعلت وجهها ينير بسعادة عجيبة فأشاحت عينيها عنه بصعوبة لتنتبه لشقيقتها فأسرعت لتجلس جوارها لتحتضن ذراعيها بين يديها بتفحص ودموع هبطت لرؤية كم الأصابة التي تعرضت إليها..شق صوت "سليم" حالة الصمت بينهما قائلاً بشك واضح:_ممكن حد يفهمني في أيه؟!.كاد "فارس" بأخبره بما حدث ولكن قطعه "آدم" بحديثه السريع وإشارة التحذير إليه:_مفيش حاجة حصلت،زي ما قولتلك "سما" كانت بعيد ميلاد صحبتها وإتكعبلت ووقعت على طبق مكسور...رمقه بنظرة شك جابت وجهه ليسأله بتفحص:_وأنت عرفت إزاي وأيه اللي وصلك بيها؟!..أجابه بهدوء جاهد إليه أمام شخصية بقدر دهاء "سليم":_إتصلت بيا وروحتلها وهناك عرفت اللي حصل..هز رأسه بعدم إقتناع ليشير إليه بهدوء:_تمام..ثم إستدار لمنة مشيراً له بود:_ الوقت إتاخر خدي "سما" وإطلعي عشان ترتاح شوية..أشارت له سريعاً ثم تمسكت بذراعيها لتخطو بها للأعلى بأستخدام الدرج مانحة الفارس نظرة يعبقها الحب وطيور من غرام أما "سما" فتوقفت محلها على الدرج حينما تسلل إليها صوت "آدم" حينما قال:_أحنا كمان هنرجع القصر بس متنساش يا "سليم" تحضر الورق المطلوب عشان كتب الكتاب بكرا...أشار لها ببسمة هادئة وهو يربت على كتفيه:_متقلقش مجهز كل حاجة..منحه بسمة صغيرة هو الاخر ليغادر مع أخيه أما الأخر فجلس على المقعد بحزن فعقله مازال منحسر بما حدث معه بالفترة الاخيرة...شهدت السماء على شروق يوماً مميز حيث إجتمع الشباب بأكملهم بقصر "رحيم زيدان" حيث تم عقد قرآن "سارة" و"ريان"،و"منة" وفارس" و"آدم" و"سما" بجو خالي من الأحتفالات والزينة فقط يشهد تجمع مليء بالكراهية ونظرات البعض الأنتقامية والأخر بالتوعد وخاصة حينما سيجمعهم مكان واحد....وقف الشباب جميعاً أمام الدرج ليتحدث "مراد" بنظرات مسلطة على الغرفة المتوسطة للدرج وللغرف بأكملهم:_"سليم" أنت أوضتك في النص ما بين غرف الشباب والبنات...أجابه بأستغراب وبملامح حملت الضيق:_ ليه؟!أجابه الجوكر ببسمة مكر _زي ما سمعت كدا هتمنع البنات تتعدى على ملكية الشباب والعكس صحيح..صاح بغضب:_اللي هو إزاي دا إن شاء الله!!...وضع يديه حول كتفيه مردداً بسخرية:_متغفلهاش بقي الله يرضي عنك المهمة بمنتهى السهولة..أشار له بضيق:_متنازل عنها لحد غيري شهم.._شهم في دول!! ، مفيش غيرك شهم ودا إعتراف من كل عيلة زيدان...لوى فمه بأستنكار:_أنا لا أمت للشهامة بشيء وممكن أكون أول واحد أتسحب للأوض_لا متقلقش مش هنعرفك" ريم" في اي أوضةلاحت على وجهه نظرة مكر:_حيث كدا بقي مش لاعب غير لما أعرف الأوض من بعضها عشان أعرف أنا بحرس أيه بالظبط، أفرض واحد حب يقل بأصله مش أعرف هيقل بالأوضة أنهي؟!!!...تمسك "مراد" برأسه ليرفع صوته قليلاً:_"رحيم" تعال حل المشكلة دي عشان أنا تقريباً فصلت...نهض "رحيم" عن مقعده بعدما كان يتابعهم بصمت،تلجلج الجميع بوقفتهم فقال بصوتٍ إنطلق بصداه الخاص:_أظن الكلام مفهوم ومش محتاج نعيد عليه،ياريت كل واحد يطلع لأوضته بدون كلام كتير...ما أن أنهى كلماته حتى حمل الشباب حقائبهم وصعدوا جميعاً للأعلى واحداً خلف الاخر وكلاً منهم يرمق الأخر بنظرة نارية حتى إختفوا جميعاً من أمامه حتى "مراد" توجه مع "سليم" للمكتب الخاص حينما شرع له بأن هناك أمراً هام يريد الحديث به معه...بقى "رحيم" بمحله منفرداً يتأمل الفراغ بشرود،كاد بمغادرة القصر ولكن أصوات خطوات مترددة تصل لمسمعه، خطوات ناعمة نقلت إليه تخمين بسيط لمن تهبط درج قصره الذهبي، إنتظار ولهفة عينيه جعلته كمن ينتظر الحبيب الغائب لأعوام وليس فراق دام لليل كامل!!...طلت من أمامه لتقف أعلى الدرج بأرتباك وخجل سيطر على حواسها قبل أن يخترق غرف قلبها الأربعة ليزيد خفقه بجنون،وكأنه يحثها على التقدم،يكفي ما فعلته به،على الأقل تجاهد وتحاول مراراً وتكراراً لمحو الغبار الأسود الذي يحيط بفريد حبيبها ليلبسه ثوب شيطاني تحت مسمى "رحيم زيدان"!...تسرب الهواء العليل من أحضان نوافذ القصر ليتمرد أطراف فستانها الواسع فأستجاب للمساته وكأنه يزف عروساً مزينة لمحبوبها،وقف يتأملها بصمت وعقلاً تخلى عنه بذات اللحظة المزلزلة بتاريخ حياته الأسود،المحفز بالسلاح والأنتقامات المتتالية،رأها تقف أمامه وكأنها تثبت إليه بأنها ستكون لجواره رداً على سؤاله القاسي...رُسمت البسمة على جانبي شفتيه حينما رأها ترتدي من الثياب التي إشتراها لها منذ وجودها هنا ولكنها كانت ترفض إرتداء أي شيء أحضره هو لها...رغم أن ملامحها عادية للغاية ولكن بعينيه الزيتونية كانت أثمن الجواهر التى إمتلكها بحياته بأكملها،هبطت"شجن" حتى أنهت المسافة بينهما فوقفت أمامه بمزيد من الارتباك والتوتر الملحوظ من حركتها الدائمة حينما تتمسك بطرف من فستانها وتعبث به دون توقف،إبتسم "رحيم" ليقطع هو باقي المسافة بينهما حتى صار أمام عينيها فقال بنظرات أربكتها:_صعبت عليكي فهتديني فرصة؟...إبتلعت ريقها الجاف بصعوبة لتتحاشي النظر إليه قائلة بهدوء مخادع:_لو هتبعد عن كل القرف دا مستعدة أكيد..ضيق عينيه بعدم فهم فأشارت بعينيها على موضع البار المعبئ بالخمر لتستكمل حديثها:_هتقدر؟...إبتسم بسخرية فأن تحمل ألم يكفي لأعوام من حياته لأجلها ألم يستطيع تخطي تلك العقبات من أجلها؟!!..وضع يديه بجيوب جاكيته الرمادي ليتطلع للبار بمكر:_تفتكري!...منحته نظرة متعصبة لتستدير في إستعداد للصعود بيأس من تغيره ولكنها توقفت محلها حينما إستمعت لأصوات إنكسار أكواب تتسلل إليها فأستدارت لتتأمل ما يفعله بصدمة..كان يجذب زجاجات الخمر ويلقي بها أرضاً فتنكسر محدثة صوتٍ مجلجل وعينيه تتأملها ببسمة هادئة ليجذب أخرى فأخرى حتى كاد بتحطم باره الخاص بأكمله،أتى "مراد" و"سليم" من الداخل بفزع لرؤية ما يحدث، إبتسم "مراد" وهو يتأمل ما تمكنت تلك الفتاة من فعله،كاد "سليم" بالتداخل فأوقفه "مراد" مشيراً له بثبات:_دا اللي كان لازم يحصل من زمان واللي أنا مقدرتش أعمله..شاركه "سليم" البسمة ليتركه ويستكمل طريقه فى محاولات متعسرة ليضبط إنفعالات وجهه حتى لا تشعر من تنتظره بالحديقة بشيء ولكن ترى هل سيتمكن من إيقاف تلك اللعينة من التسلل لحياته مجدداً؟!...أما بالأعلىفكانت المعارك شبه نارية وبالأخص بالغرفة التي تحوي "مروان" وفارس ولكن ترى هل سيتمكن الجوكر والاسطورة من التصدي لما سيحدث؟!...
رواية الجوكر والأسطورة الجزء الثاني للكاتبة آية محمد الفصل التاسع عشر( وعشقها ذو القلب المتبلد )لم يكن يعنيها ما يحدث حولها بالقصر فكانت وحدتها تطوف من حولها لتشعر وكأنها باتت منعزلة عن العالم بأكمله، وقفت تتأمل المياه الثائرة من أمامها، فخلعت حذائها لتلامس حبات الرمل الذهبية جلدها الناعم، جلست "نغم" أمام منسوب المياه المنخفض، فكانت تلامس المياه أطرافه، دمعاتها كانت تشاركها بكل طريق إختارته هي، وكعادتها تشعر بأنها بمفردها بهذا العالم القاسي، لم تعد تمتلك أم ولا شقيق ولا عائلة مثلما تمنت يوماً ما، كأس الأنتقام جردهم من أمان إشتقت له فظنت بأنه بأحضان من أحبته بصدق وإختاره القلب رغم الصعوبات والفروق التي تجمعهم، جعلت من ذاتها كفيفة عن الطبقة الاجتماعية التي تفرقهم وفتحت أبوابها المغلقة ليرفرف قلبها بعشقه هو!!..مر شريط حياتها من أمامها فلم يخلو يوماً عاشته هي من حسرة قلب وإنكسار وأوجاع إختبارتها، وكأنها سور من زجاج هاش يتحطم كلما مرت ذكرى إضافية أمام عينيها، شعرت وكأن روحها قد إرهقت ونفذت طاقتها الضعيفة فلم تعد مثل سابق عهدها القوي، جذبت هاتفها من حقيبة يديها فرفعته أمام عينيها بأرتباك لمجازفتها بسماع صوته بعدما صرح لها بأنتهاء العلاقة بينهما، وضعته لجوارها ثم جذبته مجدداً بتوتر وخوف من أن لا يجيبها...،إستقرت أصابعها فوق إسمه لتطلبه بخوف وتراقب لردة فعله، صدح رنين هاتف مجهول بجوارها على الشاطئ جعلها بحالة من الذهول فكلما أعادت طلب رقمه إستمعت للرنين مجدداً، نهضت "نغم" لتتبع الصوت بلهفة، بحثت بالعتمة التي إكتسحها الليل ليظلل على المياه، نهض "يوسف" من على مقعده البعيد قليلاً عنها فكان يراقبها منذ جلوسها بذات المكان، إنتهت رحلة بحثها وإنصات الآذان للصوت بوقوفها أمامه....ضي القمر المتوهج حاوطتهما بهالة من الحنين فألتقت العينين ببعضهما وهمسها الساحر يخترق حواجزه حينما رددت بصوتها الرقيق على مسماعه:_"يوسف"!!.. أنت هنا!!رسم بسمة تصاحبها الهموم والحزن على الحالة التي أصبحوا بها فقال بألم وبكلمات مختارة بدقة:_حاولت أكون بعيد معرفتش...إنسابت دمعاتها دون إرادة منها فتمسكت بكف يديه قائلة ببكاء:_وعمرك ما هتعرف تكون بعيد لأننا متعلقين ببعض ،أنا مش عارفة أيه اللي وصلنا للمرحلة دي بس أنا مش هتخلى عنك بسهولة لأنك اللي فاضل ليا..وإلتقطت أنفاسها بصعوبة لتتحدث من وسط دمعاتها:_أنا ماليش حد غيرك يا"يوسف"،عمر ما حد حس بيا ولا كان جانبي،عشت عمري كله في صراع ومشاكل عيلتي اللي مبتنتهيش،مشفتش يوم حلو غير لما أنت دخلت حياتي،كنت طاقة النور اللي نورت دنيتي وجاي دلوقتي وعايز تتخلى عني؟!...لمعت عينيه ببريق موحد من كأسها المؤلم بعدما إهتز كيانه وهو يستمع لرحلتها البائسة،فتح ذراعيه دون إرادة منه ليحتضنها بقوة وتملك يحارب أفكاره السابقة بالأنفصال،أزالت كلماتها أخر الحواجز بينهما فقصت له دمعاتها كم المعانأة من دونها،تلاطم الأمواج من حولهما تسابقت بزف عاشقين أحداهما من الطبقة المخملية والأخر من الطبقة الفقيرة ورغم ذلك توحد القلوب ونشأت قصة غرام خطاها قلم العشق العتيق،سكنت الكلمات بينهما فيكفي سكون الألم والحنين بين أحضان من أحببت!...طال الحضن الحنون والرابت على أحزانها فيما بينهما فأبتعدت عنه بخجل وهو تلهي ذاتها بأزاحت تلك الدمعات التي إمتزجت بين أحزانها وسعادتها لعودته،تأملها بنظرة حفظتها بداخل قلبه لعمراً لن ينتهي الا بتوقف الخفق المجنون،فأحتضن وجهها بيديه لتتطلع له رغماً عنها فقال بهيام بعينيها الزرقاء:_هفضل جانبك لحد أخر يوم بعمري يا "نغم"...إبتسمت بحياء فتمسك بيدها قائلاً ببسمة تزين وجهه الرجولي:_مش هسيب أيدك تاني أبداً حتى لو أنتِ طلبتي مني أسيبها...أشارت له بلا فكيف ستطلب منه الفراق وهو موت لها!!..إبتسم"يوسف" على إشارتها المصرحة إليه فمشى جوارها بين أحضان المياه المتمردة على أطراف الشاطئ لتصل أقدامهم أمام القصر المهيب قصر "رحيم زيدان"...قطرات المطر تهبط بدلال على ورقات الزهور النادرة ببوح القصر لتجعل الحديقة بمظهر رباني ساحر راقبته من تجلس على أحد المقاعد بحزن جلي يسود على وجهها الرقيق فيجعله معتم للغاية،فألم القلب يصعب وصفه أحيانا وقلبها الرقيق تعلق برفيق الدرب الذي عهدها منذ أن تفتحت عيناها على هذة الحياة فكان لجوارها خطوة بخطوة حتى صارة ملكه هو،وقف"سليم" يراقبها من على بعد بأرتباك فيما سيرسمه من معالم كاذبة يحاول بها إصلاح ما تلف...إقترب منها بخطوات بطيئة ليجدها تمرر يدها على ذراعيها برجفة وكأن البرد ينخر عظامها لجلوسها بالخارج في وقت هكذا، حاوطها الدفء المعطر برائحته المميزة فأستدارت "ريم" بأستغراب لتجده على مقربة منها يداثرها بجاكيته الأسود الحامل لرائحة البرفنيوم الخاصة به..الندم كان مصيرها لتسرعها بأن ترضي فضولها لتعلم إن كان يقف خلفها فتسربت رائحته إليها أم أنها كانت تتوهم ولكنها أوقعت ذاتها بهلاكها حينما باتت مقابله، العينين مقابل عيناه الطافية بطالة من الكبرياء المحطم بعشقها، الشفتين ترتجف أمام الأخرى برغبة عارمة تحطمها طباعه الخاصة بأنها يحق لها سعادة ليلة زفاف بفستان أبيض ملكي، وضع لذاتها حاجز رغم كونها زوجته وألف حاجز حينما كانت مجرد حبيبة حتى صارت زوجة له!!.. إستعاد إنتباهه فأبتعد عنها بهدوء ليجذب أحد المقاعد ثم جلس جوارها ببسمة هادئة:_قاعدة لوحدك ليه؟!....شددت من إغلاق جاكيته حول جسدها براحة عجيبة وكأنه هو من يحتضنها وليس جاكيته فحاولت إدعاء الأنزعاج من وجوده:_إتخنقت فخرجت أشم هوا..ضيق عينيه بأستغراب وهو يتفحص ساعة يديه:_بالوقت دا!...إستدارت بوجهها بعيداً عنه فأبتسم لعلمه بتذمرها من تصرفاته الأخيرة فتمسك بيديها قائلاً بهدوء:_أممم....شكلك لسه زعلانه مني...رفعت عينيها إليه بغضب ليتأكد حدثه فقالت بحزن:_أنت إتغيرت اوي يا "سليم"..إبتلع ريقه بأرتباك وهو يحاول ضبط إنفعالاته:_إتغيرت إزاي؟!...تطلعت لعينيه للحظات طويلة قطعتها بكلماتها:_حاسه أن في بينا حاجز كبير حطيته لما بتحاول تخبي عني حاجة أنا مش عارفها!!.سحب نظراته عنها ليجيبها بهدوء:_مفيش بينا حواجز يا"ريم"...ثم رسم بسمة ثابتة على طرفي وجهه ليجذبها لتقف أمامه ليقول وهو شارد بتفاصيلها:_"ريم" أنتِ بتثقي فيا؟..أشارت له بنعم فأستكمل حديثه:_ممكن تتخيلي أني أجرحك في يوم من الأيام؟..أشارت له بالنفي فأستكمل أسئلته ببسمة هائمة بعينيها:_وعارفة أنا بحبك أد أيه وعشانك ممكن أعمل أيه؟...أشارت له بنعم والخجل يتمكن منها فقال بمكر:_طيب ليه أجوابة الاسئلة دي مكنتش شافع ليا عندك،مش يمكن الفترة اللي فاتت كنت بمر فيها بظروف صعبة في شغلي مثلا فخلعتني عصبي حبتين..تطلعت له بشك فتعالت ضحكاته ليشير لها بخبث:_يعني حبتين تلاته بس بالنهاية انا مين؟...إبتسمت على ضحكاته التي غزت حيائها لتستهدف قلبها فقالت بمكر:_أنت مين؟!..وضع يديه حول خصرها ليقربها إليه مستنداً بجبينه على جبينها ليلامس كلماته وجهها:_أنا اللي شايف ستات الدنيا دي كلها شكل بعض وأنتِ المختلفة اللي فيهم،أنا اللي إنتظرت أطول فترة عدت عليا بعذاب سنين لحد ما جمعنا عقد واحد وقسيمة واحدة،عرفتي أنا مين؟!..إشتدت حمرة وجهها من فرط خجلها وهي ترأه قريب منها ويحاصرها بنظراته..._"سلـــــــــــيم"...صوت نجاتها خرج من داخل القصر لأحد شباب عائلة "زيدان" في محاولات للأستنجاد به،أغلق "سليم" عينيه بغضب مما سيخوضه بهذا القصر، تباعدت عنه سريعاً وهي تلتقط أنفاسها المنقطعة،توجه للداخل ليشير لها ببسمة مصطنعة يكبت بها غضبه الجامح منهما:_هشوف اللي بينادي وراجعلك..بالطابق الأول من القصر وخاصة بغرفة "ريان"...وقفوا جوار بعضهما بصدمة حينما وجدوا بالغرفة سرير واحد فقط فكانت توقعات الجميع بأن الغرف تحوي على سريين على الأقل،ألقي"ريان" حقيبته أرضاً بصدمة:_مش معقول!...تطلع له "جان" بنظرة ساكنه ثم تحرك ببطء تجاه الطرف الأيمن للفراش ليجلس عليه بسكون عجيب وكأنه يحمل كوارث العالم على عاتقه،سلطت نظرات "ريان" عليه بذهول من حالته وكأنه يرى شخصاً لم يعرفه من قبل،للحظة ظن بأنه سيخسر عدائه ليعلم ما به ولكنه تعمد أن يتذكر "خالد" صديقه الذي لاقي حتفه بسبب من يجلس أمامه منكوس الرأس،وضع "ريان" حقيبته أرضاً بغضب ليتحرك للجانب الأيسر بعصبية،جلس قليلاً في محاولة لأقناع ذاته ولكن سرعان ما نهض وتوجه للأسفل مردداً بغضب:_لا طبعاً مستحيل أنام كدا..وهبط للاسفل لينادي بصوته كله:_"سلـــــــــيم"....بغرفة مكتب القصر..جلس "يوسف" على المقعد المقابل للأريكة التي تحوي "رحيم" ومراد الذي بدأ بالحديث:_تفتكر الدنيا هترسى على أيه؟..إستدار إليه "رحيم" برأسه ومازالت أصابعه تلهو بطرف السكين الحاد بين يديه:_طلعوا من دقايق والنتيجة شويه وهتظهر...أشار له "مراد" ساخراً ليردد بمرح:_أحلى حاجة عملتها أنك خرجت "أشجان" و"حنين" بالوقت دا...تخلى "يوسف" عن صمته بعدما إستمع للحديث المتبادل فيما بينهما:_الفكرة مش وحشة بس إنتحارية شوية..تطلع "مراد" له بنظرة مطولة ثم تطلع لرحيم بغضب مصطنع:_مين دا؟!..إبتسم "رحيم" بتسلية على ما يحدث أمام عينيه من صراع متبادل بالمزح....بغرفة "فارس"...صعد كلا منهم الدرج والنظرات بينهما تشتعل فكادت بأحراق الأجساد حياً،دفع "مروان" باب الغرفة بقوة كادت بأسقاطه ليرمقه "فارس" بنظرة متعصبة،كان يقف كلا منهما بمقابل الأخر وكأنهما على خشبة ملاكمة وليست غرفة عادية تجمعهم،بالكاد سحبوا النظرات لتسقط على الكارثة الكبرى،السرير المتوسط للغرفة....بالأسفل...تجمع الشباب حول "سليم" الذي يحاول بشتى الطرق إخماد النيران المشتعلة بين كافة الاطراف..صاح "مروان"بغضب مميت:_أنا والحيوان دا على سرير واحد أنتوا بتهرجوا صح!! ...رمقه "فارس" بنظرة نارية وهو يشير له بتحذير:_لم لسانك بدل ما أحدفك على الدفاية اللي وراك دي...إستند " جان" على حافة الدرج ببسمة ساخرة:_بصراحه فكرة السرير الواحد دا مقلب خطير..لوى "ريان" فمه بأستنكار:_والاخطر وجودي مع واحد زيك في اوضة واحدة وعلى سرير واحد فمحدش يلومني بقى على اللي ممكن يحصل...تدخلت "منة"بالحديث:_"سليم" أنا لا يمكن أكون مع مرأتك بأوضة واحدة إتصرف..أجابتها "ريم" بغضب:_وأنا اللي عيوني بتطلع قلوب عشان هكون معاكي مثلا!!..جذبت "سما" ذراع "سليم" قائلة بتذمر:_وأنا مش بحب البت نغم دي دمها بارد...كبتت "نغم" ضحكاتها لتبدو أكثر سخرية عليها:_يعني يرضيكم أقعد مع واحد وإسمه بسيوني كفة!إحتضن "سليم" رأسه بجنون ليعلو صوته بالمكان بأكمله:_بسس، إخرسوا مش عايز أسمع صوت حد...ضيقت "فاطمة" عينيها بعدم رضا وهي تتراقب حديثهم:_طيب كل واحدة هتقعد مع حد على الاقل تعرفه ليه انا مع اللي اسمها "يارا" دي أنا معرفهاش حطوني مع "سلمى" أحسن.."يارا" ببسمة هادئة:_مالها اللي اسمها "يارا" يا ست بطة أنتِ تطولي تقعدي مع دكتورة نفسوية تحل مشاكلك كلها مجاناً..وضعت "فاطمة" يدها حول خصرها لتقلد لهجتها:_بطة دي تحمريها وتحطيها على عشواية حلوة مع حد من المجانين بتوعك لكن أنا إسمي "فاطمة" يا عمري..سقط "سليم" على المقعد ليصرخ بصوت متقطع من فرط مجهوده المبذول_"مــــــــــــــــــراد""رحــــــــــــــــــــــــــيم"...وفي أقل من دقيقة خرجوا سوياً من المكتب على الصراخ المكثف بالخارج...التزم الجميع الصمت حينما خرجوا معاً فتطلع لهم" مراد" بغضب لما يحدث في أقل من دقائق من وجودهم بالقصر، حمل كلا منهم باقي حقائبه ليصعدوا للاعلى جميعاً بصمت، وقف "سليم" يتطلع للدرج بغيظ وخوف من القادم فأن كانت الدقائق الاولى هكذا فما سيحدث بعد ذلك...خرج "يوسف" من المكتب ليلحق بهما فأرتشف من قهوته بأستغراب:_هو في أيه؟!...مر "آدم" من جواره بحقائبه فأرتطم به لتنسكب القهوة على ملابسه ليصرخ به بغضب:_أنت أعمى مبتشفش!!..ألقي "آدم" بحقيبته أرضاً ليقف أمامه بعصبية:_هو مين دا الاعمى؟! وبعدين أنت مين وبتعمل هنا أيه ومين أداك الحق أنك تتكلم معايا بالطريقة دي؟!..لوي "يوسف" فمه بأستنكار :_وأنت مين أنت عشان أجاوبك من الأساس..وتطلع لمن يقف جواره بغضب:_ما تلم قريبك دا يا "رحيم" ...تطلع "مراد" "لرحيم" بنظرة فهم معناها "سليم" جيداً فتحرك تجاههم ليدفشهم معاً برفق:_على الأوضة اللي جنب أخوك..ضيق عينيه بعدم فهم:_أفندم!!..أجابه ساخراً وهو يتطلع للجوكر والاسطورة:_هنا اللي بيقل ادبه مع حد بيتحبسوا فى أوضة واحدة وعلى سرير واحد شالله تقتلوا كلكم بعض وأخلص ...وأشار له بيديه بحذم وقد اوشكت طاقته على النفاذ:_إتفضلوا معايا بهدوء..صاح "آدم" بغضب:._أنت مجنون ولا ايه يا سليم هتحبسني مع الكائن اللي معرفش عنه حاجة دا..أشار "مراد" لسليم باشارة خبيثة فحمل سليم آدم وصعد به للغرفة فقال "يوسف" بفرحة وهو يرأه محمولا:_تستاهل..إبتسم "رحيم" بمكر ليشير بيديه لحارسه الخاص فحمل "يوسف" وصعد به خلف "سليم" ليصيح بغضب:_أنت إتجننت ولا أيه نزلني أنا مش من بقيت عيلتك أنا صاحبك...وضرب كتف الحارس بغضب:_أقف يا جدع أنت بقولك..."رحيم" بلاش هزار أنا عندي شغل الصبح يخربيتك، نزلني بدل ما أطلق أختك...لم ينصاع إليه فوقف "مراد" لجوار "رحيم" بالقاعة الفارغة ليبتسم براحة وسعادة حينما غمرها بعض الهدوء،إستدار إليه الأخر قائلاً بسخرية وهو يهم بالجلوس على الأريكة:_لسه بدري لبسمة الأمل دي الطريق لسه طويل...زفر "مراد" بغضب وهو يلحق بالجلوس لجواره:_أنت على طول متشائم كدا!..إبتسم بثبات وهو يريح رأسه على طرفيها ليسترخي قليلاً:_الحقيقة مش تشائم والأعتراف بيها بيقربك من هدفك...أرخى "مراد" رأسه هو الأخر جواره مربع يديه خلف رقبته براحة:_ساعات بتمنى أن اللي حصل زمان دا يتمحي،بس للأسف الزمن مستحيل يرجع لورا...وتطلع له بملامح تنم عن الأنزعاج:_أكتر حاجة مجنناني أننا رغم المهارات اللي إكتسبناها من شغلنا وإجتهادنا الشخصي الا أننا مفكرناش ندي لبعض فرصة أو على الأقل نسمع بعض بدون تهديد أو أسلحة!!..إبتسم "رحيم" ساخراً:_أنا وأنت...والهدوء...معقول!!..تعالت ضحكات "مراد" ليشير له بمرح:_معاك حق بس على الأقل يعني كان ممكن نشوف الصح من الغلط ولا أيه؟!..إعتدل "رحيم" بجلسته ليشير له بيديه بهدوء:_يمكن أني بعدت فترة طويلة عن ربنا وعن حياتي وعن نفسي ولبست قناع شخص أنا محبتوش بس اللي أنا مأمن بيه أننا كنا مشين بطريق كله وساوس وسيطرة شيطانية يمكن كل دا كان بهدف ربنا أراده والهدف دا حصل بسببهم هما...ضيق عينيه بأستغراب ليباغته بسؤالا:_هما مين؟!..أجابه "رحيم" ببسمة ثابتة:_"حنين" و"شجن"...ران عليه صمت مطولا فيكفي شروده بذكر إسمها،إستكمل "رحيم" حديثه بثقة:_يعني أنت مش معترف أن حياتك إتغيرت بدخولها لحياتك؟!...وضعه "رحيم" بزجاجه معبأة بذكريات طفيفة وأغلقها ليطوفه حنين الماضي،رؤية الفتاة القصيرة التى إخترقت عالمه...عالم الجوكر الغامض لتصنع جواً من البهجة الخاصة بهما،جعلته يبتسم لأول مرة،تذكر أول لقاء جمعهم حينما ظنت بأنه إبن من تزوجت به كونه عجوز هرم!!،تذكر نظرات إعجابها به وهيامها بشخصيته الغامضة،نظرات خوفها وحمايتها بأي ستار يقابلها والأجمل من ذلك لسانها السليط وحديثها الذي لا يكف،حبها لتناول مشروبه الخاص ومدحها الزائد لأي فعل يقم به،تذكر أول ليلة جمعتهم كونها زوجة له،تذكر كل شاردة وواردة تجمعه بتلك القصيرة...راقب "رحيم" بسماته بخبث وهو يقرأ لحظاته الطفيفة من نظرات عينيه،إبتسم معه تارة ورأى شعاع منير من عشقها المتوج،تأجج ألم خافت صارع قلبه هو الاخر فعالم عشقه مشابه لعالم "مراد" ولكن مع حقيقة مرة وأنها لم تقبل به بعد...وكأنهن إستمعن لنداء قلوب العشاق فأذا بالسيارة تقف أمام الباب الداخلي للقصر فهبطت "حنين" ولحقت بها "شجن" حاملة بعض الحقائب الخاصة بهما،ولجوا معاً للداخل ليتفاجئوا بهم على الأريكة بأنتظارهم،توجهت "شجن" للأعلى متحاشية التطلع إليه أما "حنين" فأقتربت منهم ببسمة تنطق بسعادتها:_"مراد" قولي أنك مأكلتش لسه،جبتلك معايا بيتزا رهيبة...كان هائم بذكرياته وهي أمامه بأبتسامتها الحالمة فظن بأنها من أحدى زويا رؤياه،إنكمشت ملامحها بأستغراب وهي ترأه صامت أمامها فقط يرسم بسمة ساحرة تكاد تخدرها ببطء، نادته بلهفة:_"مراد" أنت سامعني!...كبت "رحيم" ضحكاته ليهزه برفق فأستعاد ذهنه المفقود وثباته المهيب ليستقيم بجلسته بهدوء:_أحمم... بتقولي أيه؟!..إقتربت منه بأرتباك من نظراته المسلطة على عينيها فتستهدفها للأسر،فتحت الأكياس لتخرج منها علبة مغلفة بأحكام لتضع أمامه الطعام مشيرة له بأرتباك:_بقولك جبتلك بيتزا...إبتسم وهو يتأمل نظرات إرتباكها فعاونها على فتح العلبة ليضعها جوار"رحيم" مشيراً له بأن يبدأ بالطعام،أشار له بيديه بخفة:_لا ماليش بالأكل دا ألف هنا على قلبك...غمز له "مراد" بمكر:_أسف نسيت أنك مش بتحب غير الأكل الصحي عشان جسمك...جذبت "حنين" جزءاً منها لتقدمها له ببسمة مرح:_حتة صغيرة مش هتأثر على العضلات يا عم...تناول منها "رحيم" ما تحمله ببسمة هادئة على حديثها الذي ينجح برسم الضحكات على الأوجه ليتوجه للصعود للاعلى...بغرفة "آدم"...كان يجلس على أحد المقاعد واضعاً قدماً فوق الأخرى، يتطلع بسكون عجيب لمن يطرق الباب بكل ما أوتى من قوة والغضب ينهش حدقتى عينيه ليصيح بغضب:_حد يفتح الباب دا بلاش هزار...لم يستمع إليه أحداً فعاد"يوسف" للطرق مجدداً محدثاً جلبة عظيمة:_إفتحوا الباب دا بدل ما أرتكب جناية...إبتسم "آدم" ساخراً على كلماته فخرج عن صمته قائلاً بسخرية:_أنت محبوس هنا عشان قليت ادبك بالكلام فكر تعمل الجناية بتاعتك دي وهتخش المعتقل الحقيقي......إبتلع ريقه بتوتر فترك الباب وجلس لجواره قائلاً بأهتمام:_تفتكر ممكن يعملوا كدا؟!...أجابه ببسمة ثقة:_أيه اللي تعرفه عن "رحيم زيدان" والجوكر!،لان الواضح ليا أنك علاقة من بعيد...إبتسم "يوسف" على كلماته المختصرة الموضحة لأجزاء من حياتهم ليقول بأشارة بسيطة من رأسه:_أنا معرفش غير "فريد" أو بالمعني الأصح النسخة الجديدة من "رحيم زيدان"...وموجود لصلة تانيه،" نغم" تبقى مراتيضيق"آدم" عينيه بذهول:_هو أنا فاتني كتير بالغربة!...تعالت ضحكاته ليرفع يديه بالأخرى بسخرية:_تسمع؟...أشار له ببسمة ترحاب:_أكيد،إحكي أحنا ورانا أيه يعني...شاركه الضحك:_على رأيك،إسمع يا سيدي...وشرع بقص ما حدث على مسمعه...